النداء الثامن :( النهي عن البغي في الارض )

[زياد محمد حميدان]

النداء الثامن :] النهي عن البغي في الأرض [
] فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [{يونس 23}.
يعالج هذا النداء إحدى طبائع النفس البشرية،إذا لم تهذب بالإيمان الكامل،ذلك أن الإنسان إذا ابتلي وشدِّد عليه،وضاقت به السبل،التجأ إلى الله تعالى،وتجده يلح في التضرع والدعاء،وربما قدَّم لله تعالى الوعود بالتوبة والإنابة،وتقديم النذور،فإذا كشف الله تعالى الغمَّ،وفرَّج الكرب،رجع إلى سابق عهده،ونسي ما كان يدعو،وتحلل من وعوده،وغرته الدنيا بإقبالها وزخارفها،ولم يدر أنه يمكر به.
ومع ذلك فإننا ندرك أن التدين فطرة مركوزة في النفس البشرية،قد غطتها شواغل الدنيا،فإذا جاءت المحن كشفت عن ذلك الأصل الطيب في النفس.قال القرطبيفي هذا دليل على أن الخلق جبلوا على الرجوع إلى الله في الشدائد، وأن المضطر يجاب دعاؤه، وإن كان كافرا؛ لانقطاع الأسباب ورجوعه إلى الواحد رب الأرباب)[1].عن عروة قال: (فر عكرمة بن أبي جهل يوم الفتح، فركب البحر فأخذته الريح، فنادى باللات والعزى. فقال أصحاب السفينة: لا يجوز هاهنا أحد أن يدعو شيئا إلا الله وحده مخلصا. فقال عكرمة: والله لئن كان في البحر وحده إنه لفي البر وحده، فأسلم)[2].وقد بلغنا عن رجل ناظر ملحدا،أثناء حرب فلسطين،وأثناء الحوار أغارت طائرات اليهود،فأخذ الملحد ينادي:يا الله يا الله.
قوله تعالى:] فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ [ البغي تجاوز الحد،قال الراغب:( البغي: طلب تجاوز الاقتصاد فيما يتحرى، تجاوزه أم لم يتجاوزه، فتارة يعتبر في القدر الذي هو الكمية، وتارة يعتبر في الوصف الذي هو الكيفية، يقال: بغيت الشيء: إذا طلبت أكثر ما يجب، وابتغيت كذلك،والبغي على ضربين:
أحدهما محمود، وهو تجاوز العدل إلى الإحسان، والفرض إلى التطوع. والثاني مذموم، وهو تجاوز الحق إلى الباطل، أو تجاوزه إلى الشُبَه
وأبغيتك: أعنتك على طلبه، وبغى الجرح: تجاوز الحد في فساده، وبغت المرأة بغاء: إذا فجرت، وذلك لتجاوزها إلى ما ليس لها ، وبغت السماء: تجاوزت في المطر حد المحتاج إليهن وبغى: تكبر، وذلك لتجاوزه منزلته إلى ما ليس له ويستعمل ذلك في أي أمر كان)[3].وعن أنس t قال:] قال رسول الله r :ثلاث هن رواجع على أهلها، المكر، والنكث، والبغي، ثم تلا رسول الله r {يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم} (ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله) (فاطر الآية 42) (ومن نكث فإنما ينكث على نفسه) (الفتح الآية 10) [[4]. وعن رسول r قال:]إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلَا يَبْغِ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ[[5].وعن أبي بكرة t قال:] قال رسول الله r :لا تبغ ولا تكن باغيا، فإن الله يقول إنما بغيكم على أنفسكم[[6]. وعنه t قَالَ :]قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ[[7].
قوله تعالى:] مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا[ إنما غرَّكم وشغلكم عن الله تعالى استغراقكم،في متع الحياة الدنيا،والمتاع مبناه على الزوال والاستهلاك.وان هذا الذي غركم سيزول،وستردون إلى عالم الغيب والشهادة،وفي هذا تهديد لهم ألاَّ يغتروا بزخارف الدنيا،وأنهم سينقلبون إلى الحساب.
قوله تعالى:] ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [ بعد انقضاء الحياة الفانية،فسوف تخبرون عن إعراضكم عن شريعة الله ،ونكثكم للمواثيق التي عاهدتم الله تعالى عليها.

1) الجامع لأحكام القرآن 8/325

2) الدر المنثور 3/543

3) انظر المفردات 55

4) الدر المنثور 3/543

5) صحيح مسلم ،كتاب الجنة وصفة نعيمها،باب الصفات التي يعرف بها أهل الجنة في الدنيا 17/197 رقم 7139

6) المستدرك 2/369

7) سنن الترمذي،كتاب صفة القيامة،باب منه 9/315 رقم 2516

---

hgk]hx hgehlk :( hgkid uk hgfyd td hghvq )

[مقلد سيد متولي]

جميل جدا الله يحفظك من كل سوء

[محمد نصر]

[زياد محمد حميدان]

ألبسكم الله تاج الجمال والكمال والسعادةوالإيمان