ايميلات - قتل العقيد معمر القذافي الذي حكم ليبيا لمدة 42 عاما بيد من حديد الخميس في مسقط راسه سرت على ايدي مقاتلي المجلس الوطني الليبي الذين سيطروا على المدينة بعد اسابيع من المعارك الضارية. وجاء مقتل القذافي، الذي اعلنه المجلس الوطني الانتقالي رسميا، بعد ثمانية اشهر من انطلاق الانتفاضة ضد نظامه في فبراير الماضي وبعد شهرين من سقوط العاصمة طرابلس بايدي الثوار وتواريه عن الانظار منذ ذلك الوقت.
وقال الناطق باسم المجلس الوطني الانتقالي عبد الحفيظ غوقة في مؤتمر صحافي في بنغازي "نعلن للعالم ان القذافي قتل على ايدي الثوار"، معتبرا انها "لحظة تاريخية ونهاية الديكتاتورية والطغيان". وتابع ان نبأ مقتل القذافي البالغ من العمر 69 عاما "اكده قادتنا على الارض في سرت وهؤلاء اسروا القذافي عندما جرح في القتال في سرت" قبل ان يفارق الحياة. وقبل الاعلان رسميا عن مقتل القذافي اكد قائد في قوات النظام الليبي الجديد في سرت وتلفزيون ليبي ان العقيد الليبي اسر في سرت واصيب بجروح خطيرة، لكن قناة الليبية الموالية له سارعت الى النفي.
وصرح محمد ليث احد القادة القادمين من مصراتة (غرب سرت) لوكالة فرانس برس "لقد اعتقل القذافي واصيب بجروح خطيرة لكنه لا يزال يتنفس"، مؤكدا انه رأى بنفسه القذافي. وتمكن مصور لفرانس برس من التقاط صورة لشاشة هاتف نقال تظهر القذافي جريحا على ما يبدو خلال اسره في سرت.
والتقطت الصورة بالهاتف النقال ويظهر فيها وجه وثياب معمر القذافي مغطاة بالدماء. كما بثت قنوات فضائية صورا لجثة القذافي. واضاف غوقة خلال المؤتمر الصحافي في بنغازي "لدينا معلومات عن قافلة قصفها حلف شمال الاطلسي بينما كانت تهرب من سرت وبعض المعلومات تتحدث عن وجود ابناء للقذافي في هذه القافلة ونقوم بالتحقق من ذلك". وبعيد ذلك اعلن قيادي في المجلس الوطني الانتقالي العثور على المعتصم احد ابناء القذافي ميتا في سرت.
وقال مسؤول عسكري كبير بالمجلس الوطني الانتقالي اليوم الخميس ان مقاتلي المجلس قتلوا المعتصم ابن الزعيم الليبي المخلوع معمر القذافي في حين يحاول سيف الاسلام القذافي الفرار من مدينة سرت بعد سقوطها لكن القوات تطوقه. وقال عبد المجيد مليقطة مسؤول المجلس الوطني الانتقالي لرويترز ان المقاتلين قتلوا المعتصم حين قاومهم. واضاف ان سيف الاسلام يحاول الفرار من سرت في موكب صغير وان مقاتلي المجلس يطوقونه.
من جهته، اعلن حلف شمال الاطلسي في بيان الخميس ان طائرات للحلف قصفت آليات لقوات موالية للقذافي في حوالى الساعة 8,30 (6,30 ت غ) في ضواحي سرت. ولم يوضح الحلف الاطلسي ما اذا كان القذافي موجودا في هذه القافلة من السيارات "التي كانت تخوض عمليات عسكرية وتشكل تهديدا واضحا للمدنيين"، كما جاء في البيان. وقتل القذافي بينما كان مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي يخوضون المعركة الاخيرة ضد ما تبقى له من قوات في سرت للسيطرة على المدينة، اخر معاقله، بعد اسابيع من المعارك الضارية.
http://youtu.be/q7GSdHFnlB8 اعلن رئيس المجلس التنفيذي في المجلس الوطني الانتقالي محمود جبريل الخميس ان اعلان تحرير ليبيا سيتم في موعد اقصاه الجمعة. وقال جبريل ان "(مصطفى) عبد الجليل (رئيس المجلس الوطني الانتقالي) سيعلن اليوم او في موعد اقصاه الجمعة تحرير البلاد وسيدلي بتفاصيل عن مقتل (معمر) القذافي" الذي قضى متاثرا بجروحه في مدينة سرت بشرق طرابلس.
واضاف للصحافيين "اهنىء الشعب الليبي بهذا اليوم التاريخي وادعوه في هذه المناسبة الى وضع احقاده جانبا والاعلان بصوت واحد: ليبيا، ليبيا، ليبيا". وقتل القذافي الخميس في مسقطه سرت خلال تحريرها، وفق ما اعلنت السلطات الليبية الجديدة التي تحدثت عن "يوم تاريخي" بالنسبة الى ليبيا بعد 42 عاما من الدكتاتورية. واوضح جبريل ايضا ان "معارك تدور في وادي الاثر قرب سرت. لقد هاجم الثوار موكبا، نعتقد ان سيف الاسلام (نجل القذافي) موجود في هذا الموكب".
وتلاحق المحكمة الجنائية الدولية سيف الاسلام القذافي بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية منذ سقوط طرابلس في 23 اب/اغسطس. وكان ثوار اكدوا انهم شاهدوه في بني وليد، احد معاقل الزعيم الليبي المخلوع والذي سيطر عليه مقاتلو السلطات الجديدة الاثنين.
مقتل القذافي.. نهاية 42 عاما في السلطة
وحكم معمر القذافي الذي اعلن المجلس الوطني الانتقالي مقتله اليوم الخميس، ليبيا 42 عاما بقبضة من حديد. وقد اضطرته انتفاضة دامت ثمانية اشهر مدعومة بتدجل من حلف شمال الاطلسي على الفرار من عاصمته طرابلس في اغسطس ليحل محله المجلس الوطني الانتقالي.
واستمر القذافي (69 عاما) عميد القادة العرب والافارقة في السلطة، حتى النهاية يدعوا الى "مقاومة الصليبيين" الغربيين والانتصار على "الثوار" الذين وصفهم ب"الجرذان" وقال انهم موالون لتنظيم القاعدة. وقد اعلن اولئك "الجرذان" مقتله في سرت مسقط راسه التي كانت محاصرة منذ عدة اسابيع.
ولد القذافي على حد قوله، في السابع من يونيو 1942 تحت خيمة بدوية في صحراء سرت في عائلة رعاة فقيرة من قبيلة القذاذفة ونشأ على تربية دينية صارمة بقي وفيا لها، والتحق بالجيش في 1965. وفي السابعة والعشرين من العمر، اطاح مع احد عشر ضابطا آخر في الاول من ايلول/سبتمبر 1969، بنظام الملك الليبي المسن ادريس السنوسي الذي كان في فترة نقاهة في تركيا دون اراقة قطرة دم واحدة.
والقذافي الذي اعلن نفسه "ملك ملوك افريقيا" اصبح عميد القادة الافارقة منذ وفاة رئيس الغابون عمر بونغو في يونيو الماضي. وفرض القذافي نفسه "قائدا للثورة" وحصل على دعم الرئيس المصري جمال عبد الناصر. وفي مارس 1977، اعلن قيام "الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى" التي يتولى فيها الشعب "السلطة مباشرة" مع "مؤتمر الشعب العام" (برلمان) و"اللجنة الشعبية العامة" المكلفة تنفيذ تعليمات المؤتمر العام.
واثار القذافي استغراب من حوله لا سيما الغربيين بسبب غرابة اسلوب حياته وازيائه التقليدية وطريقته في ممارسة السلطة وتصريحاته ونظرياته المبتكرة. واتخذ القذافي قراراته في اغلب الاحيان من خيمته المتنقلة في الصحراء بحماية وحدات امنية من النساء بالزي العسكري، والتي رافقته في معظم رحلاته الى الخارج. ويكتفي القذافي بالقليل من القوت لا سيما من حليب النوق.
وقد تميز بسلوكه وتصريحاته التي اثارت ضجة ولا سيما انتقاداته لنظرائه العرب. ففي القمة العربية في 1988 ارتدى قفازا ابيض بيده اليمنى. وقال حينذاك انه لا يريد مصافحة "اياد لطخت بالدماء". ويرى القذافي ان "كتابه الاخضر" يشكل الحل الوحيد للبشرية ويؤكد ان الديموقراطية لا يمكن احلالها عبر صناديق الاقتراع، معتبرا ان "الانتخابات مهزلة".
وتحول القذافي الى احد "الد اعداء" الغرب بعد اعتداءين، الاول على طائرة تابعة لشركة بانام الاميركية انفجرت فوق بلدة لوكربي الاسكتلندية ما اسفر عن سقوط 270 قتيلا في 21 ديسمبر 1988، والثاني على طائرة تابعة لشركة اوتا الفرنسية فوق صحراء تينيري في النيجر في التاسع عشر من يوليو 1989 (170 قتيلا).
وفي تسعينات القرن الماضي تحول القذافي الذي اضعف موقعه على الساحة الدولية وخيب شركاؤه العرب اماله، الى القارة الافريقية. لكن وبعد ان ظل لعقود ينعت بانه رئيس دولة "ارهابية مارقة"، قرر التصالح مع الغرب. وفي 2003 اعلن بشكل مفاجىء تخليه عن برامجه السرية للتسلح ثم اقر بمسؤولية معنوية عن حادث لوكربي وحادث الطائرة الفرنسية ودفع تعويضات لعائلات الضحايا بهدف رفع الحظر الاقتصادي والجوي المفروض على بلاده.
واستقبل القذافي القادة الغربيين في حين خصه مسؤولون في الغرب باستقبال رسمي كما كان الحال في باريس وروما ما اثار جدلا. كما نجح القذافي في 2008 في تنقية علاقاته مع ايطاليا، القوة المستعمرة لبلاده سابقا والتي حصل منها على اعتذار عن الحقبة الاستعمارية وخمسة مليارات دولار من التعويضات. وحصل القذافي على الافراج عن عبد الباسط المقرحي الذي كان يمضي في اسكتلندا عقوبة بالسجن اثر ادانته باعتداء لوكربي، لاسباب صحية.
كما زار الرئيس السويسري هانس رودولف ميرتس ليبيا واعتذر عن توقيف احد ابناء القذافي في جنيف في 2008. واصدرت المحكمة الجنائية الدولية بحقه وابنه سيف الاسلام وصهره عبد الله السنوسي مذكرة توقيف دولية بتهمة ارتكاب "جرائم ضد الانسانية.
القذافي او اربعون سنة من التصريحات والآراء الغريبة (زاوية)
العقيد معمر القذافي زعيم الثورة الليبية وصاحب النظرية الثالثة التي طرحها في كتابه الاخضر، الذي قتل الخميس عرف بتصريحاته النارية وملاحظاته التي لا تخلو من الغرابة بدءا من تلك المتعلقة بالقومية العربية الى دعوته لاقامة "ولايات متحدة افريقية"، مرورا "برعايته" الارهاب رسميا.
فقائد ثورة الفاتح من سبتمبر (1969)، عرف اولا بازيائه المتنوعة بدءا بالوان افريقيا وانتهاء ببزاته العسكرية العديدة واوسمته.. مرورا بقمصانه الملونة وبدلاته الرسمية وقبعاته ونظارات الشمس التي تكاد لا تفارقه. وعندما بدأت الحركة الاحتجاجية في الجماهيرية العظمى، كما اختار ان يسمي ليبيا، وصف المتظاهرين المناهضين له بانهم "جرذان" و"عملاء" و"خونة" يتناولون "حبوب الهلوسة"، وتوعدهم "بالمجازر" و"بسحقهم".
قبل ذلك، ردد القذافي الكثير من الجمل التي اثارت دهشة كبيرة.. فقد تحدث مرة عن وليام "شكسبير هذا الكاتب المسرحي الكبير العربي الاصل"، موضحا امام حضور قليل الاطلاع على الارجح ان الاسم مركب من كلمتين "الشيخ زبير".
وفي القاموس الشخصي جدا لصاحب فكرة حكم الشعب للشعب عن طريق لجان شعبية، اجداد هنود اميركا يتحدرون من شمال افريقيا.. اما اميركا اصلا فقد جاء اسمها من رجل يدعى "الامير كا" الذي استولى الرحالة الاسباني اميريكو فيسبوتشي على كل منجزاته. وفي الاقتصاد توصل الى نتيجة مفادها ان سويسرا بلد "قريب" من ليبيا لكنه اقل تقدما من الجماهيرية.
وللاميركيين والسوفيات ايضا حصة من آرائه بما ان الهمبرغر هو "مزيج من الصراصير والفئران والضفادع وبواسطته تم تدمير الاتحاد السوفياتي". ويرى القذافي ايضا ان هناك نوعين من الاشخاص يجب التخلص منهم لانهم يمارسون احدى مهنتين "غير منتجتين" وهم "المحامي" و"بائع الورود". وهو خبير ايضا في الطب.. فقد قال في قمة للاتحاد الافريقي في 2003 "الايدز الايدز الايدز.. لا نسمع سوى هذا الكلام. انه ارهاب. انها حرب نفسية. الايدز فيروس هادىء واذا بقيت نظيفا فليست هناك اي مشكلة".
والرجل الذي تخلى عن كل المهام الرئاسية ليتفرغ لقيادة الثورة، يقيم في معظم الاحيان في خيمة ترافقه في كل رحلاته تقريبا.. فكان ينصبها في الصحراء الليبية تماما كما في حديقة القصر المخصص للضيوف الاجانب في باريس مثلما فعل خلال زيارة فرنسا في 2007. وخلال تلك الزيارة، شعر بالشفقة على نساء اوروبا.. قال ان "ظروف المرأة في اوروبا مأساوية. انها مضطرة في بعض الاحيان للقيام بعمل لا تريده مثل ميكانيكية او عاملة بناء". واكد انه يريد ان "ينقذ المرأة الاوروبية التي تكافح".
ومن منطلق حرصه في اغلب الاحيان على اثارة الرأي العام في الدول الغربية، لم يتردد في انتقاد فكرة الديموقراطية. ورأى مرة ان "بعض الدول يمكن ان تجد ان الديكتاتورية تناسبها اكثر". في اغسطس 2010، خلال زيارة الى روما القى محاضرتين عن الاسلام امام مئات النسوة اللواتي تم اختيارهن من الجميلات والشابات وحصلت كل واحدة منهن على ثمانين يورو. قال لهن ان "اوروبا يجب ان تعتنق الاسلام والاسلام يجب ان يصبح دين اوروبا باسرها".
ولم يفلت "اصدقاؤه" من آرائه. ففي 2005 في الجزائر، وصف الفلسطينيين "بالاغبياء" مثيرا ضحك القادة العرب بمن فيهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس. خلال القمة العربية في الجزائر في 1988، لبس كفا ابيض بيده اليمنى فقط.. والسبب هو انه لا يريد مصافحة بعض القادة الذين "لطخت ايديهم بالدماء".
وفي الثورة التونسية، رأى ان الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي هو "احسن واحد" لحكم تونس بينما قال ان الرئيس المصري حسني مبارك الذي تنحى عن السلطة تحت ضغط التظاهرات الشعبية "لا يستحق هذه البهدلة" فهو "رجل فقير ومتواضع (...) يحب" شعبه و"يشحت من اجلكم".
وقد تحول الخطاب الذي القاه في فبراير بعيد اندلاع الثورة الى موضوع للتندر وتناقله مستخدمو الانترنت في العالم عندما تحول الى اغنية على طريقة الراب بعنوان "زنقة زنقة"، بكلماته التي توعد فيها بمطاردة الثوار "بيت بيت، دار دار، شبر شبر، زنقة زنقة". وقد قال فيه "انا لست رئيسا حتى ارحل ولو كنت رئيسا لرميت الاستقالة في وجوهكم انا زعيم، انا تاريخ، انا ملك ملوك أفريقيا.. من هؤلاء الجرذان الذين يريدون تخريب ليبيا؟ علينا أن نطهر ليبيا من هؤلاء الخونة. سأقاتل حتى آخر قطرة من دمي والملايين سيتوافدون على ليبيا للدفاع عن الزعيم القائد معمر القذافي".
http://youtu.be/nUCNIIA1WKI