الإهداءات | |
ملتقى علوم القراءات والتجويد يختص بتبيان احكام التجويد ... وشروحات لعلوم القراءات الصحيحة والمتواترة ... ودروس القرآن الكريم . |
« آخـــر الــمــواضــيــع » |
كاتب الموضوع | شريف حمدان | مشاركات | 6 | المشاهدات | 3536 | | | | انشر الموضوع |
| أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
06 / 10 / 2010, 16 : 06 AM | المشاركة رقم: 1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| المنتدى : ملتقى علوم القراءات والتجويد مصطلح الإخفاء ودلالاته عند القراء الدكتور محمد عصام مفلح القضاة والدكتور أحمد محمد مفلح القضاة ملخص يعد مصطلح الإخفاء من المصطلحات التي لها أهميتها الكبيرة عند القراء والمجودين, وهو مصطلح يطلق على عدة قضايا تتعلق بكيفية الأداء, لكنها ترجع في الحقيقة إلى معنى واحد مشترك, هو تأدية الصوت الْمُخفى - سواء أكان حرفاً أم حركة- على وجه خفيّ, بحيث لا يتمكنُ الصوت في المخرج كما في الأصوات الْمُظهرة. ولأن دلالات مصطلح الإخفاء متعددة, ويمكن أن يستشكل بعض القراء- لا سيما المبتدئين- فهمها, فقد قام الباحثان باستقصاء هذه الدلالات, وتفصيل القول فيها, مع بيان كيفية أداء الإخفاء في كل منها, بحيث يسهل على القراء فهمُ الفروق الدقيقة بين دلالة وأخرى, وملاحظةُ الاختلاف بين القراء في اعتبار حروف الإخفاء, وكيفية ضبط الإخفاء في المصاحف بما يتفق والمنهجَ الْمُتَّبعَ لدى علماء الضبط. إن هذا البحث يمكن أن يُصنف ضمن البحوث الأدائية التطبيقية التي يَحتاجُ إليها كثير من القراء, لصيانةِ أدائهم عن اللحن, والرقي به إلى المستوى الرفيع من الدقة والإتقان. مقدمة الحمد لله رب العالمين, أنزل القرآن على عبده ليكون للعالمين نذيراً, وأمره أن يقرأه ويرتله كما أُنزل عليه فقال له: (ورتل القرآن ترتيلاً)[المزمل:4], وأمره باتباع قراءته كما تلقاه, فقال له: (إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه)[القيامة:17-18]. والصلاة والسلام على رسوله الأمين, الذي تلقى القرآن فقرأه وأقرأه وعلمه لأصحابه, وقام به حق القيام, وطبقه قولاً وعملاً. اللهم صلّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين, وبعد: فقد جاء علم التجويد بِجملة من القواعد النظرية التي تخدم تلاوة القرآن, وتعين على ضبط روايته كما تلقاها القراء عن شيوخهم مُشافهة ومُشامَّةً( ), فالقاعدة النظرية تضبط كيفية الرواية, وتحرُس أداءها, لأن من اعتمد على الرواية وحدها قد يعرض له النسيان, فلا يدري كيف تلقّى, حتى يسأل غيره, ولكنه إذا حفظ القاعدة رجع إليها فعرف كيف يؤدي القراءة, فالرواية لا بد منها لأنها السبيل إلى تلقي القرآن, والدراية بالقواعد النظرية لا بد منها أيضاً, لأنها السبيل إلى تثبيت الرواية, وحراستها من الضياع والنسيان. وقد كثرت قواعد التجويد كثرةً تتناسب مع الحاجة إلى بسط هذا العلم, ودقق العلماء فيها احتياطاً لكتاب الله تعالى, ورغبةً في دلالة الناس على الطريقة الصحيحة في تلاوته وترتيله, وكان من بين هذه القواعد ما يدخل تحت مصطلح الإخفاء. فالإخفاءُ مصطلح له دلالات عديدة، فهو يطلق تارةً على إخفاء التصويت بالحرف, وتارةً على إخفاء التصويت بالحركة، وحيناً على إخفاء النطق بالجملة, كما هو الحال في الاستعاذة والبسملة. وهذا البحث يهدف إلى بيانِ الأنواع التي تدخل تحت مصطلح الإخفاء جميعاً، وبيانِ كيف يتم أداؤها، ومعالجةِ العيوب التي تنتج عن النطق غير الصحيح بكل منها، بُغيةَ تقويم الألسنة, وترويضها على الأداء السليم, والتلاوة المتقنة، خصوصاً وأن هذا المصطلح قد حامت حوله إشكالاتٌ عديدةٌ، وكان لبعض القُراء آراء خاصةٌ في طريقة النطق به. والمتتبع لتلاوات القراء في وسائل الإعلام, يلاحظ عند عددٍ منهم انحرافاً عن النهج السليم في أداء بعض الأصوات القرآنية, ومنها: إخفاء النون الساكنة والتنوين, حيث يَجعلها بعض هؤلاء القراء( ) صوتاً مختلفاً تمام الاختلاف عن صوت النون المخفاة, لمبالغتهم في مباعدة اللسان عن مخرج النون, ومنها أيضاً: إخفاء الميم الساكنة, حيث يبالغ هؤلاء في انفراج الشفتين إلى الحد الذي يخرج الميم عن كونِها ميماً. وقد كان من أهداف البحث معالجة هذا الانحراف, ووضع الأمور في نصابِها, ليكون القارئ على معرفة بكيفية أداء هذه الأصوات,والنطق بِها نطقاً سليماً. والدلالاتُ التي ينطبق عليها مصطلح الإخفاءِ يمكن حصرها في القضايا التالية: 1- إخفاء الاستعاذة والبسملة, وخلاف القراء فيه. 2- إخفاء النون الساكنة والتنوين عند حروف الإخفاء الخمسة عشر. ومذهبُ أبي جعفر المدني في الإخفاء عند الغين والخاء. 3- إخفاء النون الساكنة عند الواو والياء, (ويطلق عليه الإدغام الناقص). وللقراء فيه مذهبان: مذهب خلف في الإدغام بلا غنة، ومذهب بقية القراء في الإدغام بغنة. 4- إخفاء الميم الساكنة عند الباء. (عند الإدغام الكبير والصغير). 5- إخفاء الحركات ( الاختلاس). وطريقة ضبط الإخفاء عند علماء ضبط المصاحف. وسيتم الحديث عن كل واحدة من هذه القضايا في مبحث مستقل. ونرجو الله سبحانه أن يوفق لإتمام هذا البحث, وتحقيق أهدافه, وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم, إنه سميع الدعاء. والحمد لله رب العالمين الباحثان المبحث الأول: إخفاء الاستعاذة والبسملة, وخلاف القراء فيه. وفيه مطلبان: المطلب الأول: الاستعاذة المطلب الثاني: البسملة المطلب الأول: الاستعاذة معنى الاستعاذة, وحكمُ البدءِ بِها, وصيغتُها: الاستعاذة مصدر استعاذ بمعنى طلبَ الإعاذةَ, يقال: عُذت بفلان واستعذتُ به : أي لجأتُ إليه. والاستعاذة بالله: اللجوءُ إليه, والتحصُّنُ به. والاستعاذة ليست من القرآن باتفاق العلماء, وهي مستحبةٌ عند القراءة بكل حالٍ, في الصلاة وخارجَها, على قول الجمهور, وحملوا الأمرَ الوارد في قوله تعالى:" فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْءَانَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَـنِ الرَّجِيمِ" [سورة النحل/98] على الندب. وذهب أهل الظاهر إلى أنّها واجبة. ومحلُّ الاستعاذة: قبل القراءة, ولها صِيَغ عديدة أفضلها: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. حكمُ الاستعاذة من حيث الجهرُ والإخفاءُ: ذهب أكثر القراء إلى الجهر بالاستعاذة عند افتتاح القراءة, وعند البَدء برؤوس الأجزاء, ومطالع السور. وقد جاءت الرواية بذلك عن أبي عمرو البصري أداءً من طريق أبي حمدونَ عن اليزيديِّ عنه, ومن طريق محمد بن غالبٍ عن شُجاع عنه. وروى سُلَيمٌ عن حمزةَ أنه كان يَجهر بالاستعاذة في أول الفاتحة, ويُخفيها في بقية القرآن,وكذا روى خَلَفٌ عن حمزةَ. أما خَلَّادٌ فروَى عن حمزةَ أنه كان يُجيز الوجهين؛ الجهرَ بالاستعاذة وإخفاءَها في سائر القرآن, دون إنكارٍ على مَن جهر أو أخفى. وروى إسحاقُ الْمُسَيَّبي عن نافعٍ أنه كان يُخفي الاستعاذةَ في جميع القرآن. أما بقيةُ القراء فلم ترد عنهم نصوصٌ في هذه المسألة, لكنّ المختارَ عندهم هو الجهر بالاستعاذة في سائر أحوال القراءة, إلا في الأحوال التالية: 1. إذا كان القارئ يقرأ سراً. 2. إذا كان في الصلاة. 3. إذا كان خالياً. 4. إذا كان مع جماعة يتدارسون القرآن, ولم يكن هو البادئَ في دور القراءة( ). يظهر مما تقدم أن الْمُرادَ بالإخفاء في هذا المبحث هو النطق بالاستعاذة سراً, بحيث يتلفظ القارئ بالاستعاذة بمقدار ما يُسمِع نفسَهُ. المطلب الثاني: البسملة معنى البسملة, وحُكمُ البَدء بِها, وصيغتُها: البسملة مصدر بسمل إذا قال: بسم الله. ويقال لها التسمية أيضاً. وهي مستحبة عند الابتداء بكلِّ أمر مباح, أو مأمور به( ). وحكم البدء بِها في القراءة له حالتان: الأولى: في بداية كلِّ سورة عدا سورةَ (براءة) فالبدء بها حينئذ واجبٌ عند حفصٍ عن عاصم، وخالفه بعضُ القراء كما سيرد فيما بعد. والثانية: في أجزاء السور, وهم على التخيير في ذلك. أما صيغتها فهي واحدة عند جميع القراء, وهي كما وردت في سورة النمل( )، وكما هي مُثبتةٌ في بدايات السور: " بسم الله الرحمن الرحيم ". حكم البسملة من حيث الجهرُ والإخفاءُ: للبسملة أحكام من حيث الجهرُ بِها أو إخفاؤها، سواءٌ أكان ذلك في الصلاة أم خارجَها، أما في الصلاة فالعلماءُ في ذلك على مذهبين: منهم من أخفاها, ومنهم من جهر بِها. ولكلٍّ دليلُه الذي يستند إليه من السنة،( ). وأما خارج الصلاة - وهو ما يعنينا في هذا المبحث- فإن علماء القراءة قد اختلفوا في ذلك. وهذا بيان مذاهبهم: قال أبو محمد الشاطبيُّ( ) رحمه الله ) وبَسْمَلَ بين السورتينِ بسُنـَّـــةٍ رِجالٌ نَمَوْهَا دِرْيَةً وتَحَمُّـــلَا ووَصْلُكَ بين السورتينِ فَصَاحَــةٌ وَصِلْ وَاسْكُتَنْ كُلٌّ جَلَايَاهُ حَصَّلَا أي أن مذاهب العلماء في البسملة كما يلي : قالونُ( ) المرموزُ له بالباء من قوله (بِسنةٍ), والكسائيُّ( ) المرموزُ له بالراء من قوله (رجالٌ)، وعاصمٌ( ) المرموز له بالنون من قوله (نَموها)، وابنُ كثير( ) المرموز له بالدال من قوله (دِريةً)، يَجهرون بالبسملة، وأما حمزةُ المرموز له بالفاء من كلمة (فصاحة) فيَصِل بين السورتين دون بسملة، وابنُ عامر( ) المرموز له بالكاف من (كل)، وورش( ) المرموز له بالجيم من (جلاياه)، وأبو عمرو البصري المرموز له بالحاء من (حصلا) لهم فيها وجهان: الوصلُ دون بسملة, أو السكتُ الخفيف دونَ تنفسٍ ودون بسملة. المبحث الثاني: إخفاءُ النونِ الساكنة والتنوينِ عند حروفِ الإخفاء الإخفاءُ في هذا المبحث يعني النُّطقَ بالحرف الْمُخفَى على حالٍ متوسطةٍ بين الإظهار والإدغام, أو بين التشديد والتخفيف.( ) وسنذكر هنا بعض أقوال العلماء في وصف الإخفاء, بغية استخلاص الوصف الدقيق للنطق به. يقول عبد الوهاب القرطبي( ): " وأما الإخفاء فحكمٌ يجب عند اجتماع حرفين أخذا حالاً متوسطة بين المباعدة في ذينك والمقاربة, وسُبق أحدهما بالسكون, كقوله تعالى:[من كان في الضلالة] [سورة مريم/75], [فبشرهم بعذاب أليم] [سورة آل عمران/21], [ولمن صبر] [سورة الشورى/43], وما أشبه ذلك.وحقيقته السترة, لأن المخرج يستتر بالاتصال. فالتشديد إذاً هو إدخال حرف في حرف, والإظهار هو قطع حرف عن حرف, والإخفاء هو اتصال حرف بحرف, فبالتشديد يدخل الحرف ويغيب, وبالقطع يظهر ويبين, وبالاتصال يخفى ويستتر( ). وقال الداني: ( ) " والْمُخفَى شيئان؛ حرف وحركة, فإخفاءُ الحرف نقصانُ صوته, وإخفاءُ الحركة نقصانُ تمطيطها"( ) وقال :" وأما إخفاء النون والتنوين فحقه أن يؤتى بهما لا مُظهريَن ولا مُدغمَين ، فيكون مخرجهما من الخياشيم لا غير ، ويبطل عملُ اللسان بهما ، ويمتنع التشديد لامتناع قلبهما, وذلك إذا لقيا حروفَ اللسان غير الياء والراء واللام "( ) وقال السعيدي ( ):" واعلم أن النون الساكنة إذا لقيت حرفاً من حروف الفم نفرت صوتاً من الخياشيم, فلا يكون لها حظ في الفم, ألا ترى أنك إذا قلت: منك وعنك ومن ضربك, ومن صلح, ومن شرب, ومن قرأ, وما أشبهها, لا يتحرك اللسان بِها, وتسمى حينئذ النون الخفيفة( ). وقال الدمياطي ( ): " ولْيُحترزْ أيضاً من إلصاق اللسان فوق الثنايا عند إخفاء النون, فهو خطأ أيضاً, وطريق الخلاص منه تجافي اللسان قليلاً عن ذلك"( ) وقال د. عبد الصبور شاهين: إخفاء النون الساكنة بمعنى نطقها أنفيّةً, مع وضع اللسان موضع الحرف التالي لها بشكل متزامن"( ) يُلاحظ من هذه الأقوال أن الإخفاء فيه نقصانُ صوت, وتوسطٌ بين الإدغام والإظهار, وأن خروجه يكون من الأنف- وذلك لوجود الغنة-, وأشار بعض العلماء أن على القارئ أن يُجافي اللسان قليلاً عن مخرج النون عند أداء الإخفاء, كما في النص المذكور عن الدمياطي, وستأتي مناقشة هذا الأمر. وتتفق كلمة القراء على أن النون الساكنة تُخفى عند خمسة عشر حرفاً هي: التاء والثاء والجيم والدال والذال والزاي والسين والشين والصاد والضاد والطاء والظاء والفاء والقاف والكاف. وقد جمعها ابن القاصح البغدادي( ) بقوله: تلا ثم جا دُرٌّ ذكا زاد سل شذا صفا ضاع طاب ظلَّ في قرب كامل( ) فالحرف الأول من كل كلمة في هذا البيت حرفُ إخفاءٍ, تُخفى عنده النونُ الساكنة, وكذلك التنوينُ. والبيت السائر على ألسنة الدارسين هو قولُ صاحب التحفة ( ): صف ذا ثنا كم جاد شخص قد سما دم طيباً زد في تقى ضع ظالماً ( ) مَخرج النون إن تحديد مَخرج حرف النون له أهمية كبيرة في معرفة كيفية النطق به حال إظهاره, ثم ملاحظة ما يطرأ عليه من تغيير حال إخفائه, فالمعروف أن الإظهار والإدغام والإخفاء.. ونحوها, صفاتٌ عارضةٌ, تعرض للحرف حال اتصاله بغيره من الحروف, وتزول عنه حال النطق به منفرداً. تَخرج النون الساكنة المظهرة والنون المتحركة والتنوين من طرف اللسان بالتصاقه على لثة الثنايا العليا من الداخل( ). وفي أثناء وضع طرف اللسان على لثة الثنايا العليا حال النطق بالنون, يندفع الهواء من الخيشوم عبر فتحتي الأنف, مُشكّلاً صوتَ الغنة التي ترافق النون عند التصويت بِها, ولا يمكن بِحالٍ إخراجُ النون إلا بِمرافقة صوت الغنة( ). وهذا ما دعا بعض العلماء السابقين إلى القول بأن للنون مَخرجين أحدهما من الفم, والآخر من الخياشيم ( ). علماً بأنّهم فرقوا بين النون المخفاة وغير المخفاة( ). كيفية أداء الإخفاء: حاول أحد الباحثين الأفاضل( ) رصدَ كيفية أداء القُراء للنون الْمُخفاةِ من خلال الاستماع إلى قراءة عدد من القُراء المعاصرين, ومناقشةِ بعض القراء, وتدوين ملحوظاته ثم خرج بنتيجةٍ مؤدّاها أن للقراء – قديما وحديثا - مذاهبَ في نطق النون الْمُخفاةِ, يمكن حصرها في ثلاثة هي: المذهب الأول: نقل مُعتمَد اللسان عند النطق بالنون الْمُخفاة إلى مخرج الصوت الذي بعدها, مع بقاء جريان النَّفَس من التجويف الأنفيّ, ويأخذ اللسان عند نقل معتمده الشكلَ الذي يتخذه اللسان عند النطق بالصوت الواقع بعد النون, سواء أقَرُبَ ذلك الصوتُ من النون, كما في نَحو كنتم) أم بَعُدَ, كما في: (من كان), وسواء أكان الصوت شديداً (انفجارياً), كما في المثالين, أم كان رخواً,كما في: (من شاء), و(من ذا), ونحو ذلك. المذهب الثاني: يماثل المذهب الأول إلا في نطق النون الْمُخفاة عند التاء والدال والطاء والضاد, فإنّ من يذهب هذا المذهب من القراء يُجافي طرفَ لسانه قليلاً, فلا يلصقه باللثة عند النطق بالنون الْمُخفاة قبل الأصوات المذكورة, وذلك في مثل: (كنتم) و( من دون) و (من طيبات) و( بمن ضل). المذهب الثالث: هو أن يُجافي القارئ طرف لسانه قليلاً, فلا يلصقه باللثة عند النطق بالنون الْمُخفاة مع أصوات الإخفاء الخمسة عشر كلها, فيظل طرفُ اللسان شاخصاً نَحو اللثة, غيرَ منطبق عليها, سواء أكان الصوت الذي تُخفى عنده النون من طرف اللسان أو وسطه أو أقصاه, ثم ينقل القارئُ مُعتمَد اللسان بعد انقضاء النطق بالنون الْمُخفاة إلى مخرج الصوت الذي تُخفى عنده, فأنت تجد بعضَ القراء حين ينطق نحو: ( من قال) و(من جاء) و(من ذا) ينطق النون بان يضعَ طرف لسانه تجاه اللثة غير منطبق عليها, ويدَعُ النفَس يجري من الخيشوم, ثم ينتقل إلى مخرج الصوت الذي بعد النون. إن المذهب الثالث مؤداه أن النون الْمُخفاةَ تُعد من الناحية الصوتية صوتاً واحداً يُنطق بطريقةٍ واحدةٍ, وفي المذهب الأول تتعدد صور النون الْمُخفاة, وتكون بعدد الأصوات التي تخفى عندها, أي أننا يمكن أن نلحظ خمسة عشر شكلاً من أشكال نُطق النون الْمُخفاة, تأخذُ أعضاءُ آلة النطق مع كل شكل وضعاً معيناً يَختلف عن وضعها مع الأشكال الأخرى, أو على الأقل يكون لها شكل واحد مع الأصوات التي تخرج من مَخرج واحد من أصوات الإخفاء التي تقع بعدها. أما المذهب الثاني فهو أقرب إلى المذهب الأول من هذه الناحية( ). ثم رجح المذهب الأول في نطق النون الْمُخفاة, للأسباب التالية: 1. أن أكثر القراء المعاصرين - الذين استمع إلى قراءتِهم- يعتمدونه ويلتزمون به في نطقهم. 2. موافقته لأقوال العلماء في وصف إخفاء النون. 3. ملاءمته لقوانين علم الأصوات التي تنحو نحو السهولة في النطق, والاقتصاد في الْمَجهود في أكثر الأحيان ( ). وعَوداً إلى المذاهب الثلاثة التي أوردها الباحث المذكور, وحَصَرَ أداءَ النون الْمُخفاة فيها, لنقول: إن المذهب الثالثَ- وإن كان عددٌ من العلماء والمجودين قد اعتبروه وأخذوا به ( )- يتطلبُ إبعادَ طرفِ اللسان عن لثة الثنايا العليا قليلاً, لكن هذا الإجراءَ دعا إليه حرصُ هؤلاء على النطق بالنون مُخفاةً متميزةً عن النون الْمُظهرة أو الْمُتحركة التي يتم في أدائها إلصاقُ طرف اللسان على اللثة, وتثبيتُه عليها إلى أن تؤدَّى النونُ بشكل متقن, فاقتضى التمييز بين النون الْمُخفاة وغيرها أن يبحثوا عن طريقة تؤدَّى بِها النون الْمُخفاةُ على ما جاء في وصفها وتعريفها بأنّها تكون على حالة بين الإظهار والإدغام.. فلا هي مظهرةٌ بحيث يلتصق اللسان على اللثة عند النطق بِها, ولا هي مدغمةٌ بحيث يزول التصويت بِها, بل هي بين هذا وذاك. فكانت الطريقةُ الفضلى عند هؤلاء العلماء أن يباعدوا طرفَ اللسان قليلاً عن اللثة, لتخرج النون مُخفاة. غير أن هذا الإجراءَ قاد إلى مخالفاتٍ وأخطاءٍ في الأداءِ, بدأت تبرزُ في تلاوة بعض المجودين الذين تُبَثُّ تلاوتُهم عبر الإذاعات والقنوات الفضائية, وبعض الأئمة الذين يُصَلُّون بالناس في المساجد الكبيرة, مما أدى إلى أن يأثُر الناس عنهم تلك الأخطاء, ويستمروا على القراءة بِها, كما لو كانت هي الصواب. وإن المذهب الثاني الذي فرّق بين حروف الإخفاء, فدعا إلى تجافي اللسان عند بعضها, وإلصاقِ اللسان عند بعضها- وإن قال به بعضُ الباحثين والمجودين- غير أنه لا يوجد دليل على هذه التفرقة. أما المذهب الأول فهو الطريق الصحيح في أداء النون الْمُخفاة, ولكنه يحتاج إلى قيد يضبطه, وهذا القيد هو عدم ضغط اللسان على اللثة في أثناء النطق بالنون الْمُخفاة. إذ لا يمكن التفريق بين النون الْمُخفاة وغير الْمُخفاة إلا بإلصاق اللسان على اللثة, وضغطِه عليها, للنطق بالنون المظهرة أو المتحركة, وتركِ ذلك الضغط عند النطق بالنون الْمُخفاة, مما يؤدي إلى اختلافٍ واضح بين الصوتين. إن عدم الضغط على الحرف الْمُخفَى في مخرجه يطّرد أيضاً في إخفاء الِْميم الساكنة, ويظهر أيضاً عند قلب النون الساكنة, وسيأتي بيانُ ذلك قريباً. وتجدر الإشارة إلى أن المعتمد في القراءة هو التلقي عن العلماء المتقنين وذوي الاختصاص في هذا العلم ولعل من أبرز أسباب انتشار هذه الأخطاء بين القراء الاهتمام بالصوت الجميل دون مراعاة الأحكام ، وكذلك التسجيلات التي تؤخذ من قراءة الأئمة في الصلوات دون تحرير أو مراجعة. المبحث الرابع: إخفاء النون الساكنة والتنوين عند الواو والياء (ويطلق عليه الإدغام الناقص). من المقرر في علم التجويد أن النون الساكنة والتنوين تُدغم في ستة أحرف هي الياء والراء والميم واللام والواو والنون،(يرملون). وقد قسم العلماء الإدغام إلى قسمين؛ كامل وناقص, فالإدغام الكامل يعني أن يُدغم الحرف الأول في الثاني إدغاماً كاملاً, بحيث يزول الحرف الأول ذاتاً وصفةً, والإدغام الناقص يعني أن يدغم الحرف الأول في الثاني إدغاماً ناقصاً, بحيث يزول الحرف الأول ذاتاً, ويبقى شيءٌ من صفاته. وعند إدغام النون الساكنة أو التنوين في الأحرف الستة, نجد أن النون تذهب ذاتاً وصفة إذا أُدغمت في أحرف (لم نر), أما عند إدغامها في الواو والياء فإنّها تذهب ذاتاً وتبقى صفة الغنة, كما في قوله تعالى: (من ولي, من يشاء). وقد تنبه العلماء إلى هذه القضية قديماً, فضبطوا المصاحف بطريقة تُميز بين الإدغام الكامل والإدغام الناقص, حيث جعلوا علامة الإدغام الكامل تشديد الحرف المدغم فيه, وعلامة الإدغام الناقص عدم تشديد الحرف المدغم فيه, أما الحرف المدغم فهو في الحالين مُعرّى من علامة السكون. ويمكن لأي قارئ تتبعُ هذا الضبط في المصاحف لمعرفة الفرق بين الإدغام الكامل والإدغام الناقص. وكان علماء الضبط أيضاً قد جعلوا علامة الإخفاء عدمَ تشديد حرف الإخفاء, وتعريةَ الحرف الْمُخفى من السكون, وبذلك اتفق العلماء على ضبط الإخفاء والإدغام الناقص بطريقة واحدة. بل إن كثيراً من علماء القراءات والتجويد أطلقوا على هذا الإدغام إخفاءً, وفي هذا يقول أبو عمرو الداني: " أن تُعرّى النون من علامة السكون, ويُعرّى الحرف بعدها من علامة التشديد .. فيدلُّ ذلك على أن النون لم تنقلب إلى لفظ ذلك الحرف قلباً صحيحاً, ولا أُدغمت فيه إدغاماً تاماً. وهذا كان مذهبَ شيخِنا أبي الحسن علي بن محمد بن بشر, نضر الله وجهه, في نَقْطِ ذلك, من حيث كان ضرباً من الإخفاء الذي يُعدمُ القلبُ والتشديد فيه رأساً, ولم يكن إدغاماً صحيحاً". وقال المرعشي: فهذا الإدغام شبيه بإخفائهما –أي النون الساكنة والتنوين- ويسميه بعض العلماء إخفاءً, مع أنه يثبت التشديد الناقص المبحث الخامس: إخفاء الميم الساكنة عند الباء. (في الإدغام الصغير والكبير). للميم الساكنة ثلاثة أحكام؛ يُطلق عليها الأحكام الشفوية- نظراً لأن مخرج الميم من الشفتين- تمييزاً لها عن أحكام النون الساكنة، وهذه الأحكام هي: 1- الإدغام الشفوي للميم الساكنة إذا وقعت بعدها ميم, مثل: (وَلَهُم مَّا). 2- الإخفاء الشفوي للميم الساكنة إذا وقعت بعدها باء, مثل: (تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ). 3- الإظهار الشفوي للميم الساكنة إذا وقع بعدها أحد الحروف الباقية,مثل: (لَمْ يَكُن). الإدغام الصغير والإدغام الكبير: فرّق العلماء بين الإدغام الصغير والإدغام الكبير بفرقٍ أساسيّ هو أنه: إذا كان الحرف الْمُدغَم ساكناً فالإدغام صغير, مثل: (قُلْ لِّمَن). وإذا كان متحركاً فالإدغام كبيرٌ, مثل: (وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمتِ). وهذا عامٌّ في جميع الحروف التي تُدغَم, ومنها الميم. أما الإخفاء الشفويُّ فقد عبّر عنه بعض العلماء بأنه إخفاء , وعبّر عنه بعُضهم بأنه إدغامٌ, علماً بأنّهم متفقون على أنه ليس إدغاماً بالمعنى المعروف للإدغام كما اختلف علماء التجويد والقراءات في هذا الحكم, فمنهم من جعله إظهاراً, ومنهم من جعله إخفاءً( ): فممَّن قال إنه إظهار: أبو الحسين بن المنادي ( )، وأحمد بن يعقوب التائب, ومكي القيسي . وممن قال إنه إخفاء: ابن مجاهد التميمي ، وأبو عمرو الداني, في طائفة كبيرة من العلماء. قال ابن الجزري ( ): " الوجهان صحيحان، مأخوذ بِهما، إلا أن الإخفاء أولى" وقال في المقدمة : ... وأخفين الميمَ إن تَسكُن بِغُنَّةٍ لدى باءٍ على الْمُختارِ من أَهلِ الأَدَا ويرى الصفاقسي أن الوجهين صحيحان مقروء بِهما لسائر القراء, دون ترجيح لأحدهما. وخلاصة القول في هذه المسألة: إن المقصود بإخفاء الميم هو عدم إظهارها واضحةً بينةً كما هو الحال في الميم المظهرة عند بقية الحروف، أما طريقة الإخفاء فتكون بإطباق الشفتين من غير ضغط, مع إعطاء الغنة, بحيثُ تُسمع الميم صوتاً خفياً, بخلاف الميم المظهرة. إن الطريقة التي يُشير إليها وصف أداء الإخفاء الشفوي في الكتب, هي نفسها الطريقة التي عليها أكثر القراء والمجودين. الذين يرون إطباق الشفتين من غير ضغطٍ, حتى تخرج الميم مُخفاةً متوسطةً بين الإظهار والإدغام. أما الطريقة الأخرى التي تدعو إلى جعل فرجة بين الشفتين عند النطق بالإخفاء الشفوي فهي طريقةٌ تعليمية أُريدَ منها تعليم المبتدئين دقةَ الأداء, وتحذيرهم من ضغط الشفة العليا على السفلى, ثم توسَّع فيها من نقلوها شيئاً فشيئاً, حتى أصبحنا نرى مبالغة في انفراج الشفتين, قادت إلى تحريف في طريقة أداء هذا الصوت, وبُعدٍ عن حقيقة تلاوته. المبحث السادس: إخفاء الميم المنقلبة عن النون الساكنة أو التنوين إذا وقع بعد النون الساكنة أو التنوين حرف الباء, فالقراء متفقون على قلب النون الساكنة أو التنوين ميماً, مخفاة مصحوبة بغنة بمقدار حركتين.( ) ومع أن هذا الحكم من أحكام النون الساكنة والتنوين, إلا أن الذي سّوغ وضعه بعد الإخفاء الشفوي أنّهما سواء من حيث التطبيق, فهو إخفاء شفوي من حيث النتيجة, وإن كان يُسمى(قلباً) ويُذكر مع أحكام النون الساكنة من حيث الأصل. وفي هذا يقول عبد الوهاب القرطبي: "النون الساكنة والتنوين إذا وليتهما الباء, كقوله تعالى: (من بعد ما)[سورة التوبة:117] ..(آياتٍ بينات)[سورة البقرة:99] .. فإن النون تنقلب ميماً وتصير في اللفظ كقولك: مم بعد ..كما تنقلب في عنبر ومنبر, ثم بعد قلبها ميماً يتحول اللفظ إلى الإخفاء, لأن حظ الميم إذا سكنت أمام الباء الإخفاء, وغنة النون والميم عند الباء تشتبه, فلا يوجد في اللفظ فرق بين قوله أم بظاهر من القول)[سورة الرعد:33] .. وبين قوله: (أنبتكم من الأرض)[سورة نوح:17] .. سواء كان ما قبل الباء نوناً أو ميماً, لا فرق بينهما, كله في اللفظ سواء". وقد بين العلماء أن ثمة فروقاً بين الإخفاء الشفوي والقلب, وهذه الفروق لا تُغير من جوهر الأداء شيئاً, والجدول التالي يبين هذه الفروق: القلب الإخفاء الشفوي 1- من أحكام النون الساكنة والتنوين. 1- من أحكام الميم الساكنة. 2- في الأصل نون, انقلبت ميماً. 2- في الأصل ميم. 3- فيه إخفاء الميم قولاً واحداً. 3- فيه وجهان: إخفاء الميم وإظهارها. المبحث السابع: إخفاء الحركات ( الاختلاس). إخفاء الحركات, أو الاختلاس- كما يطلق عليه علماء التجويد والقراءات- هو النطق بثلثي الحركة, وإذهاب ثلثها أو النطق بأكثر الحركة وإذهاب أقلها, وطريقة ذلك الإسراع بالنطق بالحركة, ويكون الاختلاس في الحركات الثلاث عند من وردت عنه القراءة به ومن خلال تتبع القراءات والروايات تبين أن الاختلاس يكون في الكلمات والقواعد التالية: 1- كلمات : (نعمَّا، لا تعدُّوا, يهدّي, يخصِّمون)، حيث ورد فيها اختلاس كسرة العين من (نِعِمَّا), ( )وفتحة العين من (تَعَدُّوا) وفتحة الهاء من (يَهَدِّي), وفتحة الخاء من (يَخَصِّمُونَ). فقد قرأ قالون عن نافع, وأبو عمرو البصري, وشعبة عن عاصم (نِعِمَّا) بكسر النون وإخفاء كسرة العين- أي باختلاسها_ . وقرأ قالون عن نافع(لا تَعَدُّوا) بوجهين هما: 1- اختلاس حركة العين وتشديد الدال. 2- إسكان العين وتشديد الدال وقرأ قالون عن نافع, وأبو عمرو البصري: (يَهَدِّي) بفتح الياء والهاء وتشديد الدال, مع اختلاس فتحة الهاء, ولقالون وجه آخر, هو: فتح الياء وإسكان الهاء وتشديد الدال. وقرأ قالون عن نافع, وأبو عمرو البصري(يَخَصّمُونَ) بفتح الخاء واختلاس فتحتها وتشديد الصاد, ولقالون وجه آخر هو إسكان الخاء وتشديد الصاد 2- الكلمات التي قرئت باختلاس حركة آخرها, وهي: بارئكم, يأمركم, يأمرهم, تأمرهم, ينصركم, يُشعركم. حيث وقعت في القرآن الكريم. قرأ الدوري عن أبي عمرو البصري هذه الكلمات الست حيث وقعت في القرآن الكريم بوجهين هما: أ) إسكان الهمزة من (بارئكم) والراء من الكلمات الخمس. ب) اختلاس كسرة الهمزة من (بارئكم) وضمة الراء من الكلمات الخمس. 3- كلمة " تأمنـّا " من قوله تعالى: (قَالُوا يَا أَبَانَا مَالَكَ لَا تَأْمَنّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ) [سورة يوسف:11]. حيث إن للقراء فيها طريقتين في قراءَتِها الأولى: الإشمام, بمعنى إشارة القارئ بفمه على هيئة الضم، بحيث يراه المبصر دون الأعمى، والثانية: اختلاس حركة الضمة التي كانت في الأصل على النون قبل إدغامها، فينطق بِها القارئُ ضمةً مُختلسة, تُقدّر بثلثي الحركة. 4- كلمتا "أرنا", و " أرني" حيث وقعتا كما في قوله تعالى: (وأرنا مناسكنا وتب علينا ..) [سورة البقرة:128], وقوله تعالى: (قال رب أرني أنظر إليك ..) [سورة الأعراف:143]. حيث قرأ الدوري عن أبي عمرو البصري باختلاس كسرة الراء. 5- اختلاس حركة الحرف المدغم إذا كان قبله ساكن صحيح, مثل: (خذ العفو وأمر بالعرف..) [سورة الأعراف:199], حيث يقرأ السوسي عن أبي عمرو البصري بإدغام الواو من كلمة العفو بالواو من كلمة وأمر، ويقال مثل هذا في حركة الدال من قوله تعالى: (من بعد ظلمه ..) [سورة المائدة:39]. بيَّن العلماء أن الحرف المدغم فيما بعده إذا وقع قبله حرف ساكن صحيح, فإن إدغامه يصبح صعباً في النطق, لما فيه من اجتماع الساكنين (الحرف المدغم والساكن الذي قبله), فمن أجل هذا يُلجأُ إلى الإخفاء الذي هو اختلاس حركة الحرف المدغم لتسهيل النطق. وبناء عليه لا يكون في هذه المواضع إدغام على الحقيقة, بل هو اختلاس تظهر فيه حركة الحرف المدغم, لكنها لا تكون حركة كاملة. وفي هذا المعنى يقول الشاطبي: وإدغام حرف قبله صح ساكنٌ عسيرٌ, وبالإخفاء طبّق مفصلا خذ العفو وأمر ثم من بعد ظلمه وفي المهد ثم الخلد والعلم فاشملا وهذا لمن يقرأ بالإدغام الكبير, وهو أبو عمرو البصري, من رواية السوسي عنه طريقة ضبط الإخفاء عند علماء ضبط المصاحف. ضبط المصحف من المسائل التي اهتم بِها العلماء لأهميته في إبعاد القارئ عن اللحن في قراءته للقرآن الكريم، والإخفاء من الأحكام الأساسية في التلاوة، ويحتاج إلى ضبط ليميز القارئ بينه وبين غيره من الأحكام, فكيف تم ضبط المصحف للدلالة عليه؟ ضبط إخفاء النون الساكنة والتنوين، والميم الساكنة عند حروفها: يتم ضبط النون الْمُخفاه بتعريتها عن السكون إذا وقع بعدها أحد أحرف الإخفاء التي سبق الحديث عنها، فلا تظهر علامة السكون على النون والميم الساكنتين المخفاتين, وهذا ما أكده العلماء, وعليه العمل في المصاحف المشرقية، أما التنوين فيتم ضبط التنوين المخفى بإتباع الحركتين، بحيث تكون إحدى حركتي التنوين سابقة للأخرى, مثال ذلك: ( وكأساً دهاقاً )[النبأ/34] بينما في حالة الإظهار تكون الحركتان في حالة التركيب، وذلك بأن تكون إحدى الحركتين فوق الثانية تماماً، مثال ذلك قوله تعالى: ( مفازاً حدائق ) [النبأ/31،32] وهو أيضاً ما عليه العمل في المصاحف.( ) أما حرف الإخفاء فإنه يُضبط بوضع حركته عليه من غير تشديد. ويقال مثلُ ذلك في الميم المخفاة,فإنّها تُكتب مُعرّاةً عن السكون, ويكون حرف الباء بعدها غيرَ مُشدد. أما الإدغام الناقص مثل(من يشاء) ففي ضبطه وجهان, أحدهما: أن توضع علامة السكون على الحرف المدغم (النون), ويوضع التشديد على الحرف المدغم فيه (الياء), وعلى هذا جرى العمل عند المغاربة، مثال ذلك: ( منْ يَّشآء ) والثاني: أن يُعرّى الحرف المدغم من علامة السكون, ويُعرّى الحرف المدغم فيه من علامة التشديد, فيكون كضبط الإخفاء, وعليه جرى العمل عند المشارقة، مثال ذلك: ( مَن يَشآء ). وأما القلب مثل: (أنـبئهم) ففي ضبطه قولان أحدهما: تعرية النون من السكون. والثاني: أن توضع ميم صغيرة فوق النون. وهو الذي عليه العمل. إخفاء الحركات: يشار إلى إخفاء الحركات بطريقتين إحداهما: تعرية الحرف المختلس من الشكل, والثانية: وضع نقطة فوق الحرف الذي حكمه الاختلاس، إن كان مفتوحاً, كالعين من(تعـدوا), وبوضع نقطة تحته إن كان مكسوراً, كالعين من(نعـمّا). وهو الذي عليه العمل.( ) خاتـمة البحث الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات, والصلاة والسلام على سيد المرسلين وآله وصحبه, وبعد: فقد عرض الباحثان في هذا البحث لواحد من المصطلحات الهامّة في علم التجويد والقراءة, بقصد بيان هذا المصطلح ودلالاته وما ينضوي تحته من المعاني. لبيان الكيفية الصحيحة في نطق الإخفاء كما سبق، وقد توصل الباحثان إلى النتائج التالية: 1- إن مصطلح الإخفاء يتناول عدداً كبيراً من القضايا الأدائية, التي يحتاج دارسو التجويد والقراءات القرآنية إلى فهمها وإتقان تطبيقها. وقد حصر البحث هذه القضايا, وبين كيف يتمّ أداء كل منها, لتكون القراءة على وجهها الصحيح. 2- إن عدداً من قضايا الإخفاء قد اختلف المجودون- لا سيما في هذا العصر- في كيفية أدائها وتطبيقها, وقد درس البحث هذا الخلاف, ورجّح الرأي الذي تؤيده الأدلة, وتسنده الرواية والتلقي عن العلماء المتقنين. وأبرز القضايا التي ورد فيها الخلاف قضية إخفاء النون الساكنة والتنوين, وإخفاء الميم الساكنة. وإن تطبيق الإخفاء في هاتين القضيتين بالطريقة التي رجحها البحث يؤدي إلى حسم مشكلة الانحراف والخطأ في الأداء لدى كثير من القراء والمجودين. 3- إن ضبط المصاحف يوضح إلى حد كبير مدى العلاقة بين الإخفاء الحقيقي(إخفاء النون الساكنة والتنوين) وبين الإدغام الناقص, وقد أشار البحث إلى أن من العلماء من جعل الإدغام الناقص إخفاءً. 4- إن حروف الإخفاء الحقيقي عند سائر القراء خمسة عشر حرفاً, وهي عند أبي جعفر المدني سبعة عشر حرفاً, لأنه يعد الغين والخاء من حروف الإخفاء, ويخفي النون الساكنة والتنوين عندها. 5- إن الإدغام الناقص بالنسبة للنون الساكنة والتنوين يتمُّ إذا جاء بعدها الواو أو الياء, وهذا لسائر القراء, إلا رواية خلف عن حمزة, فإنه يدغم النون الساكنة والتنوين في الواو والياء إدغاماً كاملاً, ويُسقط الغُنّة. 6- إن اختلاس الحركات سواء أكانت فتحة أم ضمة أم كسرة, يُعد نوعاً من الإخفاء, ويحتاج في ضبطه إلى المشافهة والتلقي عن العلماء المتقنين, وقد روعي في المصاحف وضع إشارات تدل على ذلك. انتهى lw'gp hgYothx ,]ghghji uk] hgrvhx التعديل الأخير تم بواسطة شريف حمدان ; 06 / 10 / 2010 الساعة 19 : 06 AM | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
06 / 10 / 2010, 41 : 12 PM | المشاركة رقم: 2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : شريف حمدان المنتدى : ملتقى علوم القراءات والتجويد اكرمكم الله وجزاكم الله خيرا | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
06 / 10 / 2010, 06 : 08 PM | المشاركة رقم: 3 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : شريف حمدان المنتدى : ملتقى علوم القراءات والتجويد
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
08 / 10 / 2010, 46 : 02 PM | المشاركة رقم: 4 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : شريف حمدان المنتدى : ملتقى علوم القراءات والتجويد | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
08 / 10 / 2010, 48 : 02 PM | المشاركة رقم: 5 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : شريف حمدان المنتدى : ملتقى علوم القراءات والتجويد | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
28 / 05 / 2013, 11 : 02 AM | المشاركة رقم: 6 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : شريف حمدان المنتدى : ملتقى علوم القراءات والتجويد | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
31 / 05 / 2013, 44 : 03 AM | المشاركة رقم: 7 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : شريف حمدان المنتدى : ملتقى علوم القراءات والتجويد الطيب وسعدت بكم كثيرا حبيبي الغالي عمر | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018