مذاهب القراء في هاء الكناية

[شريف حمدان]

بسم الله الرحمن الرحيم

( مذاهب القراء في هاء الكناية )

أسهل ما يتوصل به إلى علم القراءات القرءانية القصيدة اللامية المسماة :
" حرز الأماني ووجه التهاني " للإمام الشاطبي
وهو أبو محمد قاسم بن فيره بن خلف الرعيني الشاطبي , المولود سنة :538 هـ ,
أخذ القراءات عن أبي الحسن بن هذيل عن أبي داود بن أبي سليمان بن أبي قاسم الأموي عن أبي عمرو الداني .

نظم الشاطبي كل مسائل كتاب " التيسير في القراءات السبع "
للإمام الداني في قصيدته , فحصل له ما أمّل من النفع العميم للمسلمين , وزاد فوائد على ما في التيسير من زيادة وجوه أو أحكام أو إشارة إلى تعليل وغير ذلك مما يذكره في مواضعه , ومن ذلك باب مخارج الحروف الذي ختم به نظمه , وهو أول من استعمل الرموز في قصيدته

فقال :
( جعلت أبا جاد على كل قارئ --- دليلا على المنظوم أول أولا )
وأول من شرح قصيدة " حرز الأماني ووجه التهاني " تلميذه علم الدين السخاوي الذي تلقاها عنه , وتابعه على ذلك الشارحون , فمنهم من اقتصر ومنهم من أطال وأسهب .

وسأقدم إن شاء الله تعالى شرحا مبسطا وميسرا لأحكام هاء الكناية عند
القراء من خلال الأبيات التي خصصها الإمام الشاطبي لهذا الموضوع ,

باب هاء الكناية عند الإمام الشاطبي
خَصَّصَ الشاطبي بابا لأحكام هاء الكناية كسائر الأصول , ذكر فيه المواضع المختلف فيها بين القراء
أما الإمام الداني فذكر مواضع الخلاف مفرقة حسب ورودها أو اجتماع القراء على قراءة , أي ذكرها في فرش الحروف .
جمع الشاطبي رحمه الله أصول القراء ومذاهبهم في هاء الكناية في عشرة أبيات , فقال :

ولم يصلوا ها مضمر قبل ساكن ___ وما قبله التحريك للكل وصلا
وما قبله التسكين لابن كثيرهم ___ و فيه مهانا معه حفص أخو ولا
وسكن يؤده مع نوله و نصله ___ و نوته منها فـاعتبر صـافيا حـلا
وعنهم وعن حفص فألقه و يتقه ___ حـمى صفوه قـوم بـخلف وأنهلا
وقل بسكون القاف والقصر حفصهم ___ و يأته لدى طه بالإسكان يـجتلا
وفي الكل قصر الهاء بـان لـسانه ___ بخلف وفي طه بوجهين بـجلا
وإسكان يرضه يـمنه لـبس طـيب ___ بخلفهما والقصر فـاذكره نـوفلا
لـه الرحب والزلزال خيرا يره بها ___ و شرا يره حرفيه سكن لـيسهلا
وعى نفر أرجئه بالهمز ساكنا ___ وفي الهاء ضم لـف دعواه حـرملا
وأسكن نـصيرا فاز واكسر لغيرهم ___ وصلها جـوادا دون ريب لـتوصلا

تعريف هاء الكناية


هاء الكناية في اصطلاح القراء هي هاء الضمير المفرد الغائب المذكر
وهي زائدة على أصول الكلمة , فمثلا " نفقه " و " ينته " ليستا هاء كناية
لأنهما أصليتان في الكلمة لايمكن حذفهما .
وذلك في قوله تعالى :{ قالوا ياشعيب ما نفقه كثيرا مما تقول }هود/91
وفي قوله تعالى : { لئن لم ينته لنسفعا بالناصية } العلق /15
وكذلك الهاء في ضمير الواحدة والإثنين والجماعة نحو :
" عليها . عليهما . عليهم " ليست من باب هاء الكناية .

وهاء الكناية تتصل بالإسم وبالفعل وبالحرف
بالإسم نحو :" رسوله " في قوله تعالى:
{ وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مومنين }الأنفال /1بالفعل نحو : " يسأله " في قوله تعالى :
{ يسأله من في السماوات والارض كل يوم هو في شأن } الرحمن/29
بالحرف نحو : "فيه" في قوله تعالى :
{ ذلك الكتاب لاريب فيه هدى للمتقين } البقرة /2

وللعرب في هاء الضمير لغات أربع :
1) الضم والصلة بواو مطلقا
2) الضم من غير صلة مطلقا
3) الكسر والصلة بياء إذا وقعت الهاء بعد كسرة أو ياء ساكنة
4) الكسر من غير صلة إذا وقعت بعد كسرة أو ياء ساكنة

والأصل من هذه اللغات الضم والصلة بواو مطلقا , إذ كل هاء مكسورة
يجوز ضمها , فقد قرئ في المتواتر : { فقال لأهلهُ امكثوا } القصص/29 وطه/10
بضم الهاء في قراءة حمزة .
وقرئ : { وما أنسانيهُ إلا الشيطان أن أذكره } الكهف/ 63
{ ومن أوفى بما عاهد عليهُ الله }الفتح /10 بضم الهاء كذلك في رواية حفص .

أصول القراء في هاء الكناية

نتابع مع الإمام الشاطبي في باب هاء الكناية
ونحلل البيتين الأولين ويذكر فيهما أصول القراء . قال :
( ولم يصلوا هـا مضمر قبل ساكن _ ومـا قبله التحريك للكل وصـلا )
( وما قبله التسكين لابن كثيرهم _ و "فيه مهانا" معه حفص أخو ولا )
جمع رحمه الله أصول القراء بدقة متناهية في هذين البيتين

فهاء الضمير تأتي في القرءان على أربع حالات :
1) أن تقع الهاء بين حرفين ساكنين نحو :
{ وءاتيناه الإنجيل }المائدة/46

2) أن تقع الهاء بعدمتحرك وقبل ساكن نحو :{ على عبده الكتاب }الكهف/1
ففي الحالتين وقعت الهاء قبل حرف ساكن , فلا توصل لجميع القراء كما
أشار في الشطر الأول من البيت الأول : (ولم يصلوا ها مضمر قبل ساكن)
ولايصلها أحد سواء كان قبلها حرف ساكن أو متحرك ,
لأن الصلة في هاتين الحالتين تؤدي إلى الجمع بين ساكنين , بل تبقى الهاء على
حركتها ضمة كانت أو كسرة دون صلة , ولايرُدُّ هذا الإطلاق إلا حرف واحد في رواية
البزي في تاءاته , في قوله :{ عنه و تَّلهى } فإنه يقرأ بصلة الهاء وتشديد التاء بعدها مع المد الطويل لالتقاء الساكنين ,

والجمع بين الساكنين في مثل هذا جائز فصيح من حيث اللغة ,
لأن الأول حرف مد والثاني مدغم , فهو مثل : { الضالين }{ الحاقة } .

3) أن تقع الهاء بين حركتين نحو : { ثم أماتَـهُ و فَـأقبرَهُ و ثُـم... } عبس /21
{ وختم على سمعهِ ى وَقلبه ى وجعل على بصرِهِ ى غِشاوة } الجاثية /23
فهذا النوع يصله كل القراء بواو إذا كانت الهاء مضمومة , وبياء إذا كانت مكسورة , وهو ما أشار إليه في الشطر الثاني من البيت الأول :
( وما قبله التحريك ) أي وما تحرك ما قبله من الهاءات التي ليس بعدها ساكن ,
فكل القراء يصلونها ( للكل وصلا ) .

4) أن تقع هاء الضمير بعد ساكن وقبل متحرك نحو :
{ (اجتباه و وهدَاهُ و إلى صراط مستقيم }النحل /121,
ففي هذه الحالة اختص ابن كثير وحده من بين القراء بوصل الهاء بواو أو بياء حسب حركتها في كل القرءان دون استثناء ,وهو ماقصد بقوله :
( وما قبله التسكين لابن كثيرهم ) , وقراءة باقي القراء بترك الصلة في كل ما قبله حرف ساكن , عُلم ذلك من الضد , لأن ضد إثبات الصلة تركها . ووافق حفص ابن كثير في موضع واحد في سورة الفرقان في قوله :
{ ويخلد فيهِ ى مُهانا } /69, فوصل الهاء بياء وقبلها حرف ساكن ,

وهو معنى قوله : ( وفيه مهانا معه حفص أخو ولا ) أي ذو متابعة
لابن كثير في مذهبه , ولم يذكر موافقة هشام لابن كثير في حرفي
الأعراف والشعراء في : { أرجئه } بوصل الهاء
بواو وقبلها همزة ساكنة
لأنه سيذكره في البيتين الأخيرين المخصصين لذلك .
[ هاءات الكناية التي اختلف فيها القراء ]

نتابع مع الإمام الشاطبي في باب هاء الكناية
بعد أن ذكر أصول القراء شرع في ذكر ما وقع فيه الخلاف بين القراء
وهي عشرة ألفاظ جاءت في خمسة عشر موضعا من القرءان الكريم
استثنيت من القاعدة العامة عند القراء , أي الهاء التي وقعت يبن حرفين متحركين

اختلفوا في هذه المواضع بين صلة الهاء بواو إذا كانت مضمومة وبياء إذا
كانت مكسورة , وبين تحريكها بالحركتين من غير صلة , ويسمى اختلاسا أو قصرا , وبين إسكانها في مواضع مخصوصة .

قال رحمه الله :
( وسكن يؤده مع نوله ونصله __ و نوته منها فاعتبر صافيا حـلا )
أمر بتسكين الهاء في هذه الألفاظ الأربعة الواقعة في سبعة مواضع
للمشار إليهم بالفاء والصاد والحاء في قوله : ( فاعتبر صافيا حـلا )
وهم : " حمزة وشعبة وأبو عمرو , فتعين لمن لم يذكره التحريك لأنه ضد الإسكان
والتحريك يكون إما بصلة الهاء , أو باختلاس حركتها أي بالقصر ,

وحدد أصحاب القصر في قوله بعد ذلك :
( وفي الكل قصر الهاء بـان لسانه بخلف )
أي صاحبي الرمزين " الباء واللام " يقرآن في هذه المواضع بالقصر , وهما قالون وهشام .
وأن صاحب الرمز " اللام " اختلف عنه بين القصر والصلة ,

والمواضع التي وقعت فيها هذه الألفاظ هي :
{ يؤده }موضعان بآل عمران
/75{ نوله } { نصله } بالنساء /115
{ نوته } موضعان بآل عمران /14
وموضع بالشورى /20

فالقراء في هذه المواضع على أربع مراتب :
1) الإسكان وجها واحدا : أبو عمرو وحمزة وشعبة
2) الاختلاس قولا واحدا : قالون
3) الوجهان : الاختلاس والصلة : هشام
4)إثبات الصلة وجها واحدا : ورش والمكي وابن ذكوان وحفص والكسائي

( والله تعالى أعلم )
نتابع مع الإمام الشاطبي


بعد أن ذكر مراتب القراء في الألفاظ الأربعة السابقة قال :
( وعنهم وعن حفص فألقه )
" وعنهم " أي عن المذكورين قبلُ في البيت السابق وهم : " حمزة
وشعبة وأبو عمرو " , وعن" حفص" إسكان الهاء في{ فألقه } في سورة النمل/28 ,
فلمّا زاد حفص , صار على إسكان الهاء في { فألقه }:
عاصم بكماله وحمزة وأبو عمرو ,
فتعين للباقين التحريك , وهو إما بالصلة أو بالقصر ,

وعرفنا أصحاب القصر بمدلول قوله :
( وفي الكل قصر الهاء بـان لـسانه بخلف )
وهما قالون دون خلف , وهشام بخلف عنه , فالباقون لهم الصلة .

فترتب في : { فألقه } أربع قراءات :
1) الإسكان : أبو عمرو وعاصم وحمزة
2) القصر : قالون
3) الوجهان القصر والصلة : هشام
4) الصلة : ورش والمكي وابن ذكوان و الكسائي .

( والله تعالى أعلم )
نتابع مع الإمام الشاطبي وموضوع

" هاء الكناية "

بعد أن حدد مراتب القراء في لفظ " فألقه "
استأنف قائلا :
( ويتقه حمى صفوه قـوم بخلف وأنهلا )
أراد بذلك : { ويخش الله ويتقه } بالنور /52
وقوله : ( ويتقه ) مبتدأ وليس عطفا على ( فألقه )
والواو في ( ويتقه ) من نفس التلاوة
أي أسْكَنَ هاء { ويتقه } أبو عمرو وشعبة وخلاد بخلف عنه ,
بمدلول قوله : ( حمى صفوه قـوم بخلف ) , فهؤلاء هم أصحاب الإسكان ,
وعُلم بذلك الوجه الآخر وهو التحريك للباقين ,
وذكر الخلف عن خلاد ولم يذكره مع أصحاب القصر في قوله:
( وفي الكل قصر الهاء بان لسانه )
فعُلِمَ أن الوجه الثاني له إثبات الصلة .
ثم قال :
( وقل بسكون القاف والقصر حفصهم )
يعني أن حفصا قرأ بسكون القاف في { ويتقْهِ } وقصر حركة الهاء,

فكل القراء يكسرون القاف إلا حفصا فإنه يسكنها ,
فهم بذلك على ست مراتب :

1) الإسكان وجها واحدا : البصري وشعبة
2) الوجهان , الإسكان والصلة : خلاد
3) إسكان القاف مع القصر : حفص
4) القصر والصلة : هشام
5) القصر وجها واحدا : قالون
6) الصلة بياء وجها واحدا : ورش والمكي وابن ذكوان والكسائي وخلف .


( والله تعالى أعلم )

نتابع مع الإمام الشاطبي وهاءات الكناية المختلف فيها بين القراء

ثم قال في الشطر الثاني من البيت السابق :
( وياته لدى طه بالإسكان يـجتلا )
ويقصد بذلك : { ومن ياته مومنا } بطه / 75 ,
أخبر أن المشار إليه بالياء من ( يـجتلى ) وهو السوسي قرأ بسكون الهاء
في { ياته } فتعيّن للباقين التحريك
وهو إما بصلة الهاء بياء أو بتحريكها بالكسر دون صلة .

ثم حدد أصحاب القصر بقوله :
( وفي الكل قصر الهاء بـان لسانه ---- بخلف وفي طه بوجهين بـجلا )
أي في جميع الألفاظ المتقدمة , من قوله : ( وسكن يؤده ) إلى قوله :
( وياته لدى طه ) وهي ست كلمات المتقدمة :
" يؤده - نوله - نصله - نوته - فألقه - يتقه " قرأها المشار إليه بالباء في
(بـان ) وهو قالون كلها بقصر حركة الهاء بلا خلاف عنه ,
وقرأها هشام وهو المشار إليه باللام من قوله : ( لسانه ) كلها بوجهين ,
أحدهما : القصر كقالون , والثاني إثبات الصلة , ولايمكن أن يكون له
الإسكان لأنه لم يذكره مع أصحاب الإسكان , وقوله بخلف عائد على
هشام وحده , لأنه لو كان لهما معا لقال : " بخلفهما " .

وقوله : ( وفي طه بوجهين بـجلا )
أشار إلى أن قالون اختلف عنه في حرف طه , فقرأ بالوجهين : القصر والصلة .

فالقراء في { ياته } على ثلاث مراتب :
1)الإسكان للسوسي
2) القصر والصلة : لقالون
3) الصلة للباقين وجها واحدا وهم : ورش وابن كثير والدوري وابن عامر والكوفيون .

( والله تعالى أعلم )




نتابع مع الشاطبي ومذاهب السبعة في هاءات الكناية المختلف فيها .

بعد أن انتهى من موضع " طه " انتقل رحمه الله إلى اختلاف السبعة
في لفظ { يرضه } في سورة الزمر /7 , فقال :
( وإسكان( يرضه) يـمنه لـبس طـيب ---- بخلفهما والقصر فاذكره نوفلا )
( له الرحب ..........................)

أخبر أن المرموز له بالياء من ( يـمنه ) وهو السوسي قرأ :
{ وَإن تَشْكُرُواْ يَرْضَهْ لَكُمْ } بإسكان الهاء في الوصل دون خلاف , وأن المشار إليهما
باللام والطاء في ( لـبس طـيب ) وهما هشام و دوري أبي عمرو اختلف
عنهما بين الإسكان و التحريك , وهو إما بالقصر أو بإتمام الحركة ,

وفي قوله : ( والقصر فـاذكره نـوفلا لـه الرحب )
عيّن أصحاب القصر و هم أصحاب الرموز : الفاء والنون واللام والهمزة ,
أي حمزة وعاصم وهشام ونافع , و بذكره لهشام معهم عُرف أن الوجه
الثاني له القصر , فتعيّن للدوري في خلفه : الإسكان وإثبات الصلة ,
وتعيّن للباقين الصلة بواو .

فالقراء على خمس مراتب في : { يرضه }
1) الإسكان وجها واحدا : السوسي
2) الوجهان , الإسكان والقصر : هشام
3) الوجهان , الإسكان والصلة : الدوري
4) القصر وجها واحدا : نافع وعاصم وحمزة
5) الصلة بواو وجها واحدا : ابن كثير وابن ذكوان والكسائي .

( والله تعالى أعلم )



نتابع مع الإمام الشاطبي

قال رحمه الله :
(....... والزلزال خيرا يره بها ----- وشرا يره حرفيه سكن ليسهلا )

أمر بإسكان الهاء وصلا في الموضعين في سورة الزلزلة :
{ خيرا يره } و { شرا يره } للمشار إليه باللام في قوله : ( لـيسهلا)
وهو هشام , ولم يشر إلى شيء بعد ذلك , فعُلم أن باقي القراء يقرؤون
بالتحريك , أي بالضم والصلة بواو , وهو الأصل في هذا الباب إذا وقعت
هاء الضمير بين متحركين , وحدد موضع الحرفين في سورتهما احترازا
من حرف سورة البلد { يره أحد } لأنه ليس فيه خلاف .

فالقراء في هذين الحرفين على مرتبتين فقط :
1) الإسكان وجها واحدا : لهشام
2) الضم والصلة بواو : للباقين جميعا .


( والله تعالى أعلم )

نتابع مع الإمام الشاطبي ونصل إلى البيتين الأخيرين في هذا الباب .


قال رحمه الله :

( وعى نفر (أرجئه ) بالهمز سـاكـنا --- وفي الهاء ضم لـف دعواه حـرملا )
( وأسكن نصيرا فاز واكسر لغيرهم --- وصـلها جـوادا دون ريــب لـتوصـلا )

{ أرجئه } موضعان : في الأعراف / 111 , و الشعراء / 38 .
وقوله : ( وعى نفر { أرجئه } بالهمز ساكنا )
معنى : " وعى " : حفظ , أي حفظ المشار إليهم بمدلول (نفر) وهم :
المكي والبصري والشامي { أرجئْه } بالهمز الساكن ,

وقرأ الباقون دون همز , عُلم ذلك من الضد , وهما لغتان فصيحتان تنزّل
بهما القرءان , وقرئ بهما كذلك في قوله تعالى :
{ وءاخرون مُرْجَـوْنَ }التوبة/ 106 . {تُـرْجِي من تشاء } الأحزاب/51 .
وهي قراءة نافع وحفص والأخوين .
وقرئ : { مُـرْجَـئُونَ} { تُـرْجِئُ } وهي قراءة الباقين .
يقال : أرجأت الأمر , إذا أخّرته, وبعض العرب يقول : أرجيت , فلا يهمز ,

ثم قال :
( وفي الهاء ضم لـفّ دعواه حرملا )
فأخبر أن المشار إليهم " باللام والدال والحاء " من قوله :
( لـف دعواه حرملا ) يضمون الهاء , وهم : " هشام وابن كثير وأبو عمرو ,

ثم قال :
( وأسكن نصيرا فاز واكسر لغيرهم ) أي صاحبي الرمزين :
" النون والفاء " يسكنان الهاء وصلا , وهما : عاصم وحمزة ,
والباقون يكسرونها , وهم غير عاصم وحمزة , وغير الذين ذكر لهم الضم ,
فبقي : نافع والكسائي وابن ذكوان , فهؤلاء أصحاب الكسر ,
ثم أمر بإثبات الصلة للمشار إليهم بالجيم والدال والراء واللام في قوله :
( وصلها جـوادا دون ريب لـتوصلا ) وهم ورش وابن كثير والكسائي وهشام ,
فمن قرأ بالضم وصلها بواو , ومن قرأ بالكسر وصلها بياء ,

فتفرعت بذلك ست قراءات في { أرجه } حال الوصل ,
ثلاثة لأصحاب الهمز وثلاثة لمن لم يهمز :

1) { أرْجِـئْـهُ و }: بالهمز وضم الهاء وإثبات الصلة :للمكي وهشام.
2) { أرْجِـئْـهُ } : بالهمز وضم الهاء والقصر : للبصري .
3) { أرْجِـئْـهِ } : بالهمز وكسر الهاء والقصر : لابن ذكوان .
4) { أرْجِــهْ } : دون همز وبإسكان الهاء : لعاصم وحمزة .
5) { أرْجِــهِ ى } دون همز وبصلة الهاء بياء : لورش والكسائي .
6) { أرْجِــهِ } بكسر الهاء دون همز ودون صلة : لقالون .

( والله تعالى أعلم )
طريقة يسيرة مبتكرة لاستنباط مذاهب القراء في قراءة { أرجه }

قبل أن نتطرق لأسباب اختلاف القراء في هذه المواضع
أحببت أن أُطْلع الأخوات والإخوة الكرام المحبّين لهذا العلم الشريف
على طريقة يسيرة لاستنباط مذهب كل قارئ في قراءة { أرجـه }
من البيتين المخصصين لها ، كنت استعملتها لشرح البيتين .

ونأخذ نموذجين لذلك : قالون والمكي :

نبدأ " بقالون "
فننظر في الشطر الأول من البيت الأول ، هل ذُكر فيه ؟
( وعى نفر أرجـئه بالهمز ساكنا ) ؟ لا لم يُذكر ، لأنه لا يندرج في
مدلول " نفر " إذن = لا يهمز .
ثم الشطر الثاني من البيت الأول: ( وفي الهاء ضم لـف دعواه حـرملا )
لايوجد رمزه ، وهو" الباء " إذن = لايضم الهاء .
ثم الشطر الأول من البيت الثاني ( وأسكن نصيرا فاز واكسر لغيرهم )
نعم هنا يوجد مع أصحاب الكسر ، إذن = يكسر الهاء .
ثم الشطر الأخير : ( وصلها جـوادا دون ريب لتوصلا )
لايوجد مع أصحاب إثبات الصلة ، إذن = لايصلها .
فالنتيجة : قالون = [ لايهمز + لايضم الهاء +يكسر الهاء + يقصرها ]

ثم المكي :

أما ابن كثير فيدخل في مدلول " نفر " إذن = يهمز .
ويوجد رمزه وهو : " الدال " في الشطر الثاني من البيت الأول مع أصحاب الضم في ( دعواه ) إذن = يضم الهاء
ويوجد رمزه في الشطر الثاني من البيت الأخير مع أصحاب الصلة في ( دون ) إذن = يصل الهاء .
فالنتيجة : ابن كثير = [ يهمز + يضم الهاء + يصلها بواو ]

وهكذا مع باقي القراء واحدا واحدا بكل يُسر وسهولة .

( العلة في اختلاف القراء في هذه المواضع )

هذه المواضع التي اختلف القراء في قراءتها هي هاءات ضمير وقعت بين متحركين ،
والأصل فيها أن توصل بياء أو واو حسب حركتها .
ولكن القراء اختلفوا فيها , والسبب الأول والأساس هو ثبوت الرواية ،
أي أنهم هكذا رووها عن شيوخهم ،
لأن القراءة سنة متبعة لاتعمل بقياس عربية ولا بفشو لغة , وتعليل القراءة يأتي بعد ذلك .
وسبب اختلافهم في هذه المواضع أن أصل الهاء فيها واقعة بين ساكن فمتحرك
فالأصل :
( يؤديه - نوليه - نصليه - نوتيه - فألقيه - يتقيه - أرجيه - )
حذف منها حرف العلة وهو الياء للجازم في الفعل المضارع
والبناء في فعل الأمر ، فكلها هاءات كناية اتصلت بأفعال حذفت أواخرها للجزم بالشرط
أو بجوابه أو للأمر ، فمن وصلها فمراعاة للحال لأن الهاء واقعة بين متحركين في الحال
ولأجل تكثير حروف ذلك الضمير لكونه اسما على حرف واحد خفي ضعيف ، فقووه بالصلة .
وأما من حذف صلتها فراعى أصلها ، فهي أصلا واقعة بين ساكن فمتحرك
وهذا النوع لايصله إلا ابن كثير , ووافقه حفص في موضع واحد
ووافقه هشام في موضعين كما ذكر في البداية .

وأما من سكّن الهاء في بعض المواضع ففي ذلك وجهان :
أحدهما : أنها سكنت تنبيها على الحرف المحذوف قبلها للجزم .
الثاني : أنها سكنت لحلولها محله , أي محل الحرف الساكن المحذوف .

ولابأس من الإشارة أن هاء ( هذه ) حيثما وقعت في القرءان الكريم ,
رغم كونها ليست بهاء ضمير ، وإنما هي مبدلة من ياء ، وما قبلها دائما متحرك
فإنها تشارك هاء الضمير في الحكم من إثبات الصلة وحذفها
فتوصل بياء إذا وقعت قبل متحرك نحو : { هذه ناقة الله } .
وتحذف صلتها إذا وقعت قبل ساكن نحو : { هذه الانهار } .
قال ابن بري :
( وهاء هذه كهاء المضمر ــــــ فوصلها قبل محرك حري )

وكل ما تقدم في هاءات الكناية وهاء " هذه "
من إثبات صلتها تارة وحذفها تارة أخرى إنما هو في الوصل .
أما في الوقف فلا خلاف في حذف الصلة تخفيفا وإسكان الهاء .
والروم والإشمام جائزان في هاء الضمير بخلاف في ذلك .

والله تعالى أعلم .

أعتمدت في إعداد هذا المختصر لأحكام هاء الكناية ومذاهب القراء السبعة فيها :
- التيسير في القراءات السبع : للإمام أبي عمرو الداني .
- حرز الأماني ووجه التهاني : لأبي محمد بن أبي القاسم الأندلسي الشاطبي .
- سراج القرئ المبتدئ وتذكار المقرئ المنتهي : لأبي القاسم عثمان بن الحسن القاصح .
- إبراز المعاني من حرز الأماني : لأبي شامة الدمشقي .
- النجوم الطوالع على الدرر اللوامع : للشيخ إبراهيم المارغيني .

---

l`hif hgrvhx td ihx hg;khdm

[محمد نصر]

بارك الله فيكم عمي عبد الجواد علي هذا الموضوع الطييب

اكرمكم الله وجزاكم الله خيرا

[ابو قاسم الكبيسي]

((تقبل الله منا ومنكم صالح ألأعمال))

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً
أللـهـم إغـفـر لـه ولـوالـديـه مـاتـقـدم مـن ذنـبـهـم ومـا تـأخـر..
وقـِهـم عـذاب الـقـبـر وعـذاب الـنـار..
و أدخـلـهـم الـفـردوس ألأعـلـى مـع النـبـيـين والصديقين والـشـهـداء والـصـالـحـيـن ..
وإجـعـل دعـاءهـم مـسـتـجـاباً فـي الـدنـيـا والآخـرة ..
ووالدينا ومن له حق علينا
ألــلـهــم
آمـــــــيــــــــن. .

[شريف حمدان]

	المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد نصر

	بارك الله فيكم عمي عبد الجواد علي هذا الموضوع الطييب اكرمكم الله وجزاكم الله خيرا

سعدت بكم
وشرفت بمروركم
اخي ******
ابو حبيبه

[شريف حمدان]

	المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو قاسم الكبيسي

	((تقبل الله منا ومنكم صالح ألأعمال)) بارك الله فيك وجزاك الله خيراً أللـهـم إغـفـر لـه ولـوالـديـه مـاتـقـدم مـن ذنـبـهـم ومـا تـأخـر.. وقـِهـم عـذاب الـقـبـر وعـذاب الـنـار.. و أدخـلـهـم الـفـردوس ألأعـلـى مـع النـبـيـين والصديقين والـشـهـداء والـصـالـحـيـن .. وإجـعـل دعـاءهـم مـسـتـجـاباً فـي الـدنـيـا والآخـرة .. ووالدينا ومن له حق علينا ألــلـهــم آمـــــــيــــــــن. .

سعدت بكم
وشرفت بمروركم
اخي ******
ابو القاسم

[عمر عبدالجواد]

[شريف حمدان]

شرفت بمروركم
الطيب
وسعدت بكم كثيرا
حبيبي
الغالي
عمر