الإهداءات | |
ملتقى السيرة النبويه ملتقى خاص بسيرته ... سنته ... آل بيته ... أصحابه ... نصرته والدفاع عنه . |
« آخـــر الــمــواضــيــع » |
كاتب الموضوع | ابو الوليد البتار | مشاركات | 2 | المشاهدات | 1047 | | | | انشر الموضوع |
| أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
14 / 06 / 2009, 16 : 06 PM | المشاركة رقم: 1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| المنتدى : ملتقى السيرة النبويه يابني: هذا نبيك يأمرك بإتقان لسانهم بقلم أ.د./ ناصر أحمد سنه كاتب وأكاديمي من مصر روى الترمذي في سننه، عن"زيد بن ثابت" قال: أمرني رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ "أنأتعلم له كلمات من كتاب يهود"، قال لي: "والله ما آمن يهود على كتابي"، فما مر بينصف شهر حتى تعلمته له، قال: "فلما تعلمته كان إذا كتب إلى يهود كتبت إليهم، وإذاكتبوا له قرأت له كتابهم"[1ٍ]. وفي رواية: لما قدم رسول الله ـ صلى اللهعليه وسلم ـ المدينة، قال لي: "تعلم كتاب اليهود؛ فإني واللهما آمن اليهود على كتابي"، فتعلمته في أقل من نصف شهر. قال الترمذي: وقد روي من غيرهذا الوجه، عن زيد بن ثابت، قال: "أمرني رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن أتعلمالسريانية" [2].وفي رواية عنه قال: قال لي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: إنه يأتيني كتب من ناس لا أحب أن يقرأها أحد، فهل تستطيع أن تعلم كتاب العبرانية،أو قال: السريانية؟، فقلت: نعم، فتعلمتها في سبع عشرة ليلة. وقال ابن الاثير:"كانتترد على النبي صلى الله عليه وسلم كتب بالسريانية، فأمر زيداً، فتعلمها. وقالالذهبي:" قدم النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ و"زيد" صبيذكي نجيب، عمره إحدى عشرة سنة، فأسلم، وأمره النبي صلى الله عليه وسلم: "أن يتعلمخط اليهود، فجوّد الكتابة"، فكان "يكتب بالعربية والعبرانية والسريانية". ولما استحرّالقتل في حفظة القرآن، إبان حروب الردة، ومعركة اليمامة، فزع الفاروق "عمر بنالخطاب" إلى الخليفة "أبي بكر الصديق" راغباً منه أن يُجمع القرآن قبل أن يدركالموت أو الشهادة بقية القراء والحفاظ. وخشية أن يُقدم على عملٍ لم يفعله رسول اللهصلى الله عليه وسلم، استخار الخليفة ربه، وشاور صحبه، ثم دعا "زيداً" وقال: "إنكشاب عاقل لا نتهمك"، وأمره أن يبدأ جمع القرآن. فنهض "زيد" في جمعه، وأبلى فيهبلاءً عظيماً.. فراح يقابل ويعارض ويتحرى حتى جمع القرآن مرتباً منسقاً، يقول: "فكنتُ أتبع القرآن أجمعه من الرّقاع والأكتاف والعُسُب وصدور الرجال"[3]. وفي عظم تلك المسؤولية قال "زيد":"والله لو كلفوني نقل جبل من مكانه، لكانأهون عليَّ مما أمروني به من جمع القرآن". وفي خلافة "عثمان بن عفان" كان الإسلاميستقبل كل يوم أناس جدد، وبدأ يلوح خطر اختلاف الألسنة على القرآن، فقرر "عثمان" والصحابة الكرام وعلى رأسهم "حذيفة بن اليمان" ضرورة توحيد المصحف، فقال عثمان: "مَنْ أكتب الناس؟"، قالوا: كاتب رسول الله:"زيد بن ثابت"، قال: "فأي الناسأعربُ؟"، قالوا:"سعيد بن العاص"، وكان "سعيد" أشبه لهجة برسول الإسلام، فقال عثمان: "فليُملِ سعيد، وليكتب زيدٌ". واستنجدوا بـ"زيـد"، فجمع "زيد" أصحابه وأعوانهوجاءوا بالمصاحف من بيت أم المؤمنين "حفصة بنت عمر" رضي الله عنها، وباشروا مهمتهمالجليلة، وكانوا يجعلون كلمة "زيد" هي الحجة والفيصل. هذا ومن مناقبه ـ رضي اللهعنه ـ أنه غلب الناس بخصلتين:"القرآن والفرائض"، كما ذكر "ابن سيرين". يابني:لقد أدرك رسولك الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ "شأن اللغات"، وأهميتهافي إبلاغ دعوته للعالم، وإرسال كتبه لملوك الأرض وقياصرتها، و"الأمن" من شرالناطقين، بها فأمر "زيداً" بالإضطلاع بتعلمها، فنهض "زيد" بما كُـلـّف به، فيإخلاص لله، وحُسن نية، وطاعة لرسوله، وخدمة لدينه، وعلو همة، وعن ذكاء ونجابة،فتعلم بعض اللغات في وقت وجيز. ولقد كان "زيد" يتابع القرآن حفظاً ودراية، ويكتبالوحي لرسوله كتابة، ويتفوق في العلم والحكمة نجابة. وهاهو ـ رسولك يأمرك بإتقانلسانهم. يا بني: اقتداءً برسولك: "لقد كان لكم فيرسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر اللهكثيرا"(الأحزاب:21)سار على هذا الدرب أسلافك، فقام "حكيم آل مروان" الأمير"خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان" بجهود مقدرة، وأنشأ لجنة لترجمة الكتبالكيميائية والطبية والفلكية من اليونانية، والقبطية إلى اللغة العربية. كما عنيبهذا الشأن الخليفة العباسي "أبا جعفر المنصور"، وعندما كثرت أعداد العلماءوالمترجمين ببغداد أنشأ لهم الخليفة "هارون الرشيد" "بيت الحكمة"، ليمثل أول "مجمعللغة العربية"، وأول "أكاديمية علمية" وفق ـ ما تعرف ـ من مصطلحات معاصرة. يابني:أذكرك بالعناية الفائقة للخليفة "المأمون" بـ"بيتالحكمة"، وتوسعته لنشاطه، وإرسالة البعوث للروم وفارس والهند لاستحضار شتى المؤلفاتوالآثار اليونانية والسريانية والفهلوية (لغة فارس) والهندية، ومن ثم نقلها إلىالعربية. كما زاد من أعداد مترجميها وعلمائها، وضاعف العطاء لهم.. ذهباً (ولعل ذلكالعطاء ما قد يشغل بالك، وبال أقرانك كثيراً؟!). ولقد سعى سعيا حثيثاً لننهل ممنسبق ـ فما من ثقافة تقوم بمعزل عن غيرها من الثقافات ـ هضماً وتطويعاً ونقداً، ومنثم ملاحقة وإضافة ومشاركة، بل وريادة في مسيرة العلم والحضارة. فقام ـ أمثالك ـبجهود كبيرة ترجمت وعربت كتب "أبقراط وجالينوس" في الطب اليوناني، إلى كتاب "كليلةودمنة"، مروراً بعلوم الحساب والفلك والأدب. يا بني: رسالة دينك الخاتم ـالإسلام ـ كانت بدايتها ومدارها وديمومتها حول:"إقرأ". كما إن شهودنا الحضاري يتجليفي بسط المعرفة الحقة بشرائع وشعائر الإسلام السمحة والوسطية والواقعية، تزامنا معبسط الجناح الآخر للشهود الحضاري: العلوم والتقنية. ومساهمتنا في "صناعة المعرفة" ـالتي من فقدها فقد أسباب الحياة فضلاً عن تجديدها ـ يتأتى بالعمل المؤسسي الجاد،وتنمية القدرات وتعلم الحرف والخبرات، وإعادة الاعتبار " لفروض الكفاية".. خدمةلأوطاننا، وزيادة لأعمالنا بعد مماتنا، فبالموت تموت كل الفروق بين الناس في المالوالجاه والقوة، وتبقى فروق الأعمال التي يستمر عطاؤها لتضيف حياة جديدة لأصحابها: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو لدصالح يدعو له"[4]. يا بني:ثمة دوراتحضارية بين الأمم، فعندما تنازلت أمتنا عن دورها الرسالي الريادي الحضاري اضطلع بهآخرون، فخسرنا وخسر العالم. لكن في تسنمهم لتبؤ دورتهم الحضارية، وتحقيق نهضتهمالثقافية والعلمية، سعوا جاهدين لنقل العلوم والمعارف إلى لغاتهم، وتنوعت ـ مظاهرعنايتهم بأمر الترجمة. فنقلوا عنا، وترجموا الكثير عبر مناطق ونقاط "الإحتكاكالحضاري" في الأندلس (حيث دانت ثمانية قرون لحضارة الإسلام)، وصقلية (مكثت تحتالملسمين من 902-1091م)، وخلال نحو قرنين علي مدار الحروب الصليبية الخ. يابني:كل من أراد الأرتواء من فيض علوم حضارتنا وثقافتنا قصد مراكز إشعاعهاوإشراقها، فـ "سطعت شمس الإسلام على الغرب" واستبان نورها..هداية وهدى. فهاهو ـ فيالنصف الأول من القرن الثاني عشر الميلادي ـ "روبرت الشستري" (ت1144) يترجم معانيالقرآن الكريم لأول مرة إلى اللاتينية، كما قام بترجمة الخوارزمي في الرياضيات،وكتب أخرى في الكيمياء والفلك. كما إن من هؤلاء الذين قصدوا الأندلس في القرنالثاني عشر الميلادي: "أديلارد" الإنجليزي، و"هرمان" من كارنيثيا (شمال البندقية)،وزعيم حركة الترجمة عن العربية "جيرارد الكريموني" (1114- 1187م)، عدا أهل الأندلسمن مستعربين ويهود اختصوا بالترجمة عن العربية ونقل علومها ومعارفها. ولعلك تعلم ـبُني ـ أن نحو 17% من مفردات اللغة الإسبانية والبرتغالية من أصل عربي، فضلاً عنعشرات الآلف من المفردات الإنجليزية. يا بني: بعد طول سبات.. بدأت تعودإلينا يقظتنا وصحوتنا لنعاود النهوض من جديد. وبدأ احتكاكنا الجديد بمن تولى دفةالحضارة، وبعلومهم ولغاتهم، خاصة الفرنسية والإنجليزية والألمانية. وأضحت هناك رغبةجامحة في نقل علومهم إلينا، ولعلك تعلم أن "كلية الألسن" ـ التي تدرس وأترابك فيهاـكانت بسبب بعثة الشيخ "رفاعة الطهطاوي"(1801- 1873م) إلى باريس، وريادته ـ وأقرانهـ لحركة الترجمة والتحديث، في القرن التاسع عشر فكان كتابة الشهير: "تخليص الإبريزفي تلخيص باريز". يا بني: أُمتك المسلمة بحاجة إلى كفاءات، وقدرات مخلصة، وجهودمتجردة لله تعالى، تساهم بجدٍ وإجتهاد في رفعة وإزدهار تلك المهنة الغالية العسيرة،مهنة "من، وإلى"، أو ـ كما يقول عنها الإنجليزـ "المهنة غير المشكورة"، لكن إبغِالمثوبة أولاً وأخيراً من الله تعالى، كما فعل جدك "زيد" رضي الله عنه أول مرة. وعليك بتجديد أهدافك، وترتيب أولوياتك في الحياة، ضمن رسالتنا العامة.. تحقيقاًلكينونة ورسالة أمتنا المسلمة، وتوحدها ووحدتها لتحقيق خلافة الله تعالى فيأرضه:"إني جاعل في الأرض خليفة"(البقرة:30). فبذلكنحقق سعادتنا.. بحسن أعمالنا وتجارتنا، فمن أقوال الإمام علي رضي الله عنه:"ليسلأنفسكم ثمن إلا الجنة فلا تبيعوها إلا بها". نحن بحاجة لجهود تساهم في تقريب معانيكتاب الله تعالى، وتقديم سيرة رسوله العطرة، وشمائله المثلى بلغات متعددة ـ ومنهاما تدرس من لغة ألمانية يتحدث بها ملايين البشر. يا بني: إن تملّككمن لغتك العربية فضلاً عن لسانك الأجنبي بهما تستطيع به أن تُعبر عن معتقداتكالإسلامية، وأفكارك، ومشاعرك إزاء ما يحدث وما يستجد من أمور عالمية تمس أمتكالمسلمة. أراك به تذود عن حياض دينك وشريعتك، وتنافح عنهما، وعن رسولك محمد ـ صىالله عليه وسلم ـ مُعلم الناس الخير وهاديهم إلى سواء السبيل، ضد من يُعاديهم ويسخرمنهم، أو من يقلل من شأنهم، ويدعو للعيش بمعزل عن هديهم وصراطهم القويم، وهذا جدكالخليفة الراشد "أبو بكر الصديق" رضي الله عنه يقول:" إذا فاتكخير فأدركه، وإذا أدركك شر فأسبقه". يا بني:أرجو وأدعو الله تعالي أنأراك بارعاً مجيداً متقناً في ترجمة معاني القرآن الكريم للألمانية (فالألمان كانوامن أوائل الغربيين إقبالاً على ترجمة معاني القرآن الكريم.. دراسة واستشراقاً، بيدأن كثيراً من أعمالهم بحاجة للتنقيح والرد، وإعادة النظر، وتصحيح الصياغة... إلخ)،وتنقل إليهم وإلى لغتهم هدي الرسول المعصوم صلى الله عليه وسلم، وترد الشبهات،وتدحض المزاعم، وتفند الأضاليل، وتصول وتجول كي يستبين الحق، وتصل دعوة الله تعالىللناس كافة بالحكمة والموعظة الحسنة :"قُلْ هَذِهِ سَبِيلِيأَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَاللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ"(يوسف: 108).ويصف تعالى شأنهخيرية هذه الأمة:" كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروفوتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله"(آل عمران:110). يا بني: كما ذكرت لكآنفاً، يقول علماؤنا ثمة "فروض عين" لا تسقط عن المكلف بها، وأخرى تجري مجرى "الكفاية" إذا قام بها فرد سقطت عن الآخرين. لكن فروض الكفاية تلك تصبح شأنها شأنفروض العين فيمن اضطلع بها. لذا باتت براعة تعلم لسان قوم آخرين عندك "كفرض عين". فأريدك ـ ياولدي ـ خبيراً في التعامل مع الآخرين الذين لا يتكلمون العربية ـ مسلمينوغير مسلمين ـ فتوضح لهم أمور الدين الصحيحة، وفق مصدريه الخالدين..القرآن والسنةالمطهرة، وتبين لهم شريعة الإسلام الحقة، وتعاليمه المثلى، وأخلاقه السمحة، يقولتعالى شانه: "وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِقَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ، فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ،وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" (إبراهيم:4). كما إن أفاق الترجمة مجالاتهامتعددة، فإحياء تراثنا، ونشر روائع آدابنا وفنوننا وعلومنا وصناعاتنا، لن يتم إلامن خلال مترجمين محترفين، ومن يسلك دربهم ـ مثلك ـ من المترجمين الواعدين. يابني: إحرص على أداءالحقوق لأصحابها، ومنها حقوق عامة للناس كافة، يقول تعالى: "ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عندالله اتقاكم"(الحجرات:13).فالمتحدون في أصل بشري واحد ..المختلفون أجناساًوألواناً ولغاتاً، المتفرقون شعوباً وقبائل.. عليهم ألا يتفرقوا ولا يتخاصموا ولايذهبوا بدداً، فالغاية من جعلهم هكذا ليست التنازع والتناحر، بل التعارف والتآلف،والتعاون والتكامل وفق معيار: التقوى والعمل الصالح، وتصالح على عرف حسن، ومعرفةرشيدة..أعمال كسبية (ليست وراثية /عنصرية) يتسابق فيها الناس جميعاً مرضاة لربهم،خدمة لمجتمعاتهم وإنسانيتهم[5]. يابني: الأمريتوقف على قدراتك، واستعدادك، فلو توافرت لديك العزيمة الأكيدة لتعلم لغة ثانيةوثالثة ـ كما توافرت لجدك "زيد بن ثابت"، فتستطيع إنجاز ذلك، وبسرعة كبيرة. فعلمالألسنيات Linguistics، وفن الترجمة Translationيتم إتقانهما وحذقهما بالممارسة. فكلما مارستها، ودراست قواعدها وأصولها، ثم طبقت ذلك على النصوص المراد ترجمتها،إزدادت درايتك وخبرتك بهذا الفن والذي خطا الآن خطوات واسعة نحو حوسبته Computational linguistics . كذلك كلما درست نصوصاً مترجمة فقارنت فيما بينها ولتعرف كيف تمت ترجمتها بيناللغتين، كلما زادت خبراتك فيها، وزاد احترافك لهذا الفن، يقول لك الجاحظ: "ولا بدللترجمان من أن يكون بيانه في نفس الترجمة، في وزن علمه في نفس المعرفة. وينبغي أنيكون أعلم الناس باللغة المنقول منها والمنقولة إليها، حتى يكون منهما على سواءوغاية، ومتى وجدناه أيضاً قد تكلم بلسانين علمنا أنه قد أدخل الضيم عليهما لأن كلواحدة منهما تجذب الأخرى، وتأخذ منها، وتعترض عليها. وكيف يكون تمكن اللسان منهمامجتمعين فيه، كتمكنه إذا انفرد بالواحدة؟. وكلما كان الباب من العلم أعسر وأضيقوالعلماء به أقل كان أشد على المترجم, أجدر أن يخطئ فيه، ولن تجد البتة مترجماً يفيبواحد من هؤلاء العلماء؟. يا بني:الترجمة الجيدة ـ ذلكالفن العسيرـ ولا يمكن أن يكون إلا بصعوبة كي"تفي بنفس الغرض في اللغة الجديدةمثلما فعل النص الأصلي الفريد في لغته التي كُتب بها". ولعلها بذلك تتطلب جهداً أشقمن الجهد المبذول ابتداءً في التأليف. فهي تصاغ بتعبير طبيعي وسلس، كما إنها "الروحوالجوهر الصادق ـ وليس المعنى الحرفي ـ التي يسعى المترجم لتجسيدها في ترجمتهالخاصة". فيجب أن تخرج ترجماتك لترسل في قارئها ذات السمات والمواقف والانعكاساتالذي كانت عليه في ذهن مؤلفها ووجدانه. لذا يطالبك المختصون بالاهتمام بالمعنى،وليس بمفردات لغوية، فبرأيهم لا تبرر الترجمة وجودها إذا لم تقم بوظيفتهاالإيصالية/ التواصلية. ذلك أن المعنى الحرفي، والبحث عن عبارات جامدة مرادفة، يقتلالترجمة، ولكن روح المعنى يُحيها. وعليك أن تتذكر: أن "أفضل التراجم ليست تلك التيتسعى دوماً لتأكيد أن هذا العمل ما هو إلا ترجمة، وإنما تلك التي تُنسي القارئ أنهاترجمة، فتجعله يشعر/ يستمتع أنه ينعم النظر في ذهن مؤلفها (شأن استجابة المتلقينالأصليين) مثلما يمعن النظر في ذهن مترجمها. يا بني:ثمة معضلات في مجالالترجمة مثل: طبيعة كل لغة وخصائصها وقواعدها وجمالياتها، التضارب بين المحتوىوالشكل (المعنى والأسلوب)، الإغراب والوضوح، التعريب والترجمة، النقص/ التلخيص،والزيادة/ الإسهاب الخ. فلا تنس أن رواداً سبقوك ـ كمصطفى لطفي المنفلوطي وغيره ـقد حل هذه المعضلات فيما قدم للعربية من تراجم أدبية رائعة، بل ازداد بعضها حسناًبالترجمة، فتحسبها نتاجاً عربياً قحاً. بيد أنك تستشعر في جنباتها روحها غيرالعربية. إنهم أوجدوا "خليطاً فعالاً ومتماسكاً ومتكاملاً" من "المعنى والأسلوب". إن تمسكك بمحتوى ما تنقل إلى العربية، دون اعتبار للشكل، عمل مميز وجيد ولكنه يفتقدتألق وسحر النص الأصلي. ومن ناحية أخرى إنك إن قمت بالتضحية بالمعنى بغية الحصولعلى أسلوب جيد فستعيد إنتاج النص الأصلي بصورة مطبوعة/جامدة تخلو من إيصال ما به منرسائل. يا بني:لا يخفي عليك أن الترجمة تساهم في إثراء لغتناالعربية، كما تغني علومنا وصناعاتنا، وتنمي فيها جميعاً طاقاتها، وتمدها بمفرداتمستجدة، وترفدها بتراكيب جديدة، وبمصطلحات علمية وحضارية حديثة.. نحتاً، وتوليداً،وتعريباً، وترجمةً الخ، فتكثر معاجمنا، وتنمو ثروتنا اللغوية لنواجه حاجات العصرومتطلباته. كما ستدرك أنها تفيدك وتغني أمتك ووطنك بنتائج علمية وتطبيقية مستحدثة،وأسس وأساليب منهجية تجريبية. فكن عوناً في ذلك، وسر على الدرب، واستعن باللهتعالى، وسد ثغرة في هذا المجال أو ذاك. يا بني:ثمة جدل كبير يدور بينمعسكرين، فانظر أين تضع قدميك؟. فريق اتخذ مما يُلصق بالفصحى من دعاوي "جمود وقعودعن مواكبة التطور وصعوبة فهم قواعدها، وسبل تعلمها من الأجيال الجديدة" وسيلةلتبرير الاقتباس بداعٍ وبدون من اللغات الأجنبية وإدخال الألفاظ الجديدة حسب نطقهابلغتها الأصلية. فاللغة ـ برأيهم ليست "مقدسة"، وأنها ملك للناس يتصرفون بها كيفمايشاءون ويضعون لها قواعدها التي تعتبر غير ثابتة بل تخضع للتطور باستمرار. وعاب هذاالفريق (فريق المحدثين The Moderns) على "الكلاسيكيين" مزجهم اللغة بالدين والقوميةوربطها باعتبارات فلسفية، فأوصدوا ـ برأيهم ـ الأبواب أمام تطورها، حيث نادوا "بقدسيتها وثباتها"، لأنها وُجدت هكذا "مثالية" مبرأة من اللحن والشذوذ، فلا يجوزالمساس بها باعتبارها "وقفاً كالوحي" وليس إبداعاً بشرياً اجتماعياً. يابني: أراك تتسائل بماذا يدافع الفريق الآخر عن نفسه؟. يدافع الفريق الآخر عننفسه بقوله: ليس ثمة غضاضة من "تطوير اللغة" شريطة الاحتفاظ بسلامتها، ووفق ضوابطقواعدها، وأسس مجامعها اللغوية، كي لا تصبح كلأً مباحاً. فيمكن أن تتوالد فيهاألفاظ وتعبيرات جديدة، تؤدي لإنماء ثروتنا اللفظية، وتمكين لغتنا من القيامبوظيفتها على أكمل وجه، كدخول كلمات مثل "تلفنة "، و"تلفزة " وغيرها من كلمات لميسبق للعرب أن عرفوها ليضعوا لها الأسماء الخاصة بها. فـهم يرون أن: "توليد الألفاظسواء أحصل بطريق الوضع أم الاشتقاق أم نقل الدلالة أم الاقتراض من اللغات الأخرى،فهو مما لا تأباه طبيعة اللغة"، بل يلبي حاجات الإنسان المتجددة في حياتهم الفكريةوالمادية، وكي لا تقف اللغة ـ كما يدعي البعض ـ عاجزة أو جامدة عن مواكبة الحركةالدائبة في المجتمع الذي يحتضنها. ويزيدون أن العرب قديماً ولدّوا بالاشتقاق كلمة "دوّن " من الديوان، وهو فارسي الأصل، واشتقوا "شباك " من شبّك، ودلوا بها علىالنافذة تشبك بالحديد أو الخشب. ووضعوا بالنحت والتركيب لفظتي "بسمل " من قولهم "بسم الله الرحمن الرحيم"، و" تلاشى" من لا شيء. وأخذوا بالاقتراض من اللغات الأخرىألفاظاً كثيرة وعرّبوها بألسنتهم، وحوّلوها عن ألفاظ العجم إلى ألفاظهم فصارت عربيةمثل:"الإبريق" وهي فارسية، و"القنطار" وهي كلمة لاتينية، وغيرهما. يابني: الترجمة إثراء لغوي، وتواصل معرفي. واللغة ناموس حي يتحرك، وإذا لمترفدها بأسباب الحياة فإن عوامل الفناء قد تتغلب عليها. ولتبقي للفصحى لغة حيةمستجيبة لحاجات المتكلمين بها، فمرحباً بالتوليد والتجديد وبسط قواعدها، ولا بأس فيالاقتراض من اللغات الأخرى كلما دعت ضرورة لذلك. فالاقتراض من اللغات الأجنبيةلألفاظ لا وجود لها بمعناها القائم في اللغة العربية إنما يزيد من حيويتها. وهذا ماجعل اللغة الإنجليزية تتبوأ ـ حالياً ـ الصدارة بين لغات العالم، وتكاد تصبح لغةالتفاهم المشتركة بين شعوب العالم. وهي إنما وصلت لهذه المكانة جراء قبولها لما هوجديد واقتباسها من لغات العالم ومواكبتها للتطورات التي تحدث في مختلف الميادين. مكانة وصدارة ينبغي أيضاً للعربية ـ بروعتها وجمالها، وعبر جهود أبنائها ومحبيهاوالمنافحين عنهاـ الوصول إليها. يا بني:كما جمع "زيد" القرآن،وأعظم بها من مهمة جليلة، لتجده الآن ـ أنت وأقرانك ـ بين دفتي المصحف، إجمعوه ـ فيقلوبكم وعقولكم ليكون لكم هادياً ومرشداً ومعيناً لكم طوال حياتكم، وفي مهنتكم تلك. وأخيراً وليس آخراً لا أجد ـ يابني ـ ما أوصيك به، لتضعه نصب عينيك، خيراً من وصيةلقمان لابنه: "وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَيَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ،وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍوَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ،وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَاتُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْأَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْتَعْمَلُونَ، يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُنْ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍفَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَااللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ، يَابُنَيَّ أَقِمْ الصَّلَاةَ وَأْمُرْبِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ، ولا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِيالْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ، وَاقْصِدْفِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُالْحَمِيرِ" (لقمان:13- 19). dh fkd: i`h kfd; dHlv; fYjrhk gshkil !! | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
14 / 06 / 2009, 20 : 06 PM | المشاركة رقم: 2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : ابو الوليد البتار المنتدى : ملتقى السيرة النبويه | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
06 / 08 / 2009, 34 : 10 PM | المشاركة رقم: 3 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : ابو الوليد البتار المنتدى : ملتقى السيرة النبويه بارك الله فيكم اخي الكريم ابو الوليد اكرمكم الله وجزاكم الله خيرا | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018