20 / 03 / 2009, 00 : 05 PM | المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو ملتقى ماسي | الرتبة | | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | 12 / 12 / 2007 | العضوية: | 7 | المشاركات: | 3,751 [+] | بمعدل : | 0.61 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | 590 | نقاط التقييم: | 184 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى : ملتقى علوم القراءات والتجويد لقاء وحوار مع فضيلة الشيخ/ محمد تميم الزعبي مدرس القرآن والقراءات الصغرى والكبرى في الحرم النبوي الشريف حاوره: محمد علي الخطيب من الكويت * الشيخ عبدالعزيز محمد عيون السود أكثَرُ شيخٍ تأثَّرتُ به، واقتصرْتُ عليه. * علم القراءات فرض كفاية، وهو اليوم فرض عين. * حماس الشباب إلى الإجازات أكثرُ منه إلى الإتقان. * اختلاف القراءات اختلاف تنوُّع لا اختلاف تضاد. * أشجِّع الدورات المكثَّفة للحِفْظ؛ لأنَّها تحفظ أوقات الشَّباب، وتنشِّط فيهم الحفظ. * القراءة عن طريق القنوات الفضائيَّة لا تعلِّم القراءة. * من الخطأ أن تشغل الصغيرَ بالتَّفسير، وتضيع عليه سني حفظه الذهبية. * ما نُقِل سندٌ في قراءة القُرآن متَّصلٌ إلا بتجويد وتَحقيق للحروف. * الإتقان عند القُرَّاء الشباب في الكويت بدأ الآن يظهر. * * * * * * الشيخ/ محمد تميم الزعبي: عضو اللَّجنة العِلمية بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، وعضو لجنة الإشْراف على التَّسجيلات بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، شارك عضوًا ورئيسًا في عدَّة لجان تَحكيم دوليَّة في مسابقات حفظ القُرآن الكريم، مدرس القرآن والقراءات الصغرى والكبرى في الحرم النبوي الشَّريف، منذُ عام 1395هـ إلى يومِنا هذا، أيْ: أكثر من ثلاثين عامًا، ولا يزال الشَّيخ - حفِظه الله - يقوم بتدريس القُرآن والقِراءات وغيرِها في الحرم النَّبوي الشَّريف وفي بيته، كما تولَّى الإشراف سابقًا على دورة القِراءات التَّابعة للأمانة العامَّة للأوقاف بدولة الكويت، بارك الله في عمرِه ونفعنا به. ولأنَّ تَجربة الشيخ - طالبًا ومدرسًا - تَجربة غنية، وصُحبته لكتاب الله - حفظًا وعناية وخدمة - صحبةٌ طويلة؛ فقد اغتنمتُ - أنا العبد الفقير محمَّد علي الخطيب - زيارتَه الأخيرة لدوْلة الكويت، ونزلتُ في رحالِه، وحظِيتُ بكرم ضيافته، وكان لنا مع فضيلتِه هذا الحوار الماتِع النَّافع عن القرآن وأهْله وخاصَّته. * بطاقة تعريف بالشيخ: - الاسم: محمد تميم مصطفى عاصم الزُّعْبي، الجيلاني الحسني نسبًا. - الجنسيَّة: سوري من محافظة حِمص. - الشهادة الجامعيَّة: ليسانس من كليَّة الشَّريعة، التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميَّة بالرياض، وتخرَّج فيها عام 1398 هـ. - الشهادة العامَّة لدور الإقْراء للقُرآن الكريم والعلوم الشرعيَّة. * متى بدأتْ صحبة الشيخ محمد الزُّعبي للقُرآن الكريم؟ - ما زلت أذكُر أنِّي كنتُ في الصَّفِّ الرَّابع الابتدائي، وكنت أُطلَبُ من فصلي؛ لأطوف على جَميع فصول المدرسة لقراءة الآيات المقرَّرة فيها، وكنتُ مُولعًا بالصَّوت والتغنِّي بالقرآن، ولا أنام حتَّى أسمع إذاعة القُرآن الكريم من مصر، التي أُسِّست في عام 1958 م، وكان شيوخ القُرَّاء الكبار - مثل الشيخ مصطفى إسماعيل - يقومون بزيارات دوريَّة إلى سوريا في شهر رمضان وغيره، وتأثَّرت بأصواتِهم كثيرًا. * كيف حفِظْت القُرآن؟ هل كانت الأُسرة تُشجِّعك على حفظه؟ - حفظت القُرآن بجهد ذاتي، ومن تِلْقاء نفسي، وكنتُ أُخْفي حفظي، لا أظْهِرُه لأحدٍ، حتى والدي - رحمه الله - كان لا يعلم ذلك. * متى ختمْتَ حِفْظ القرآن الكريم وجمعت القِراءات؟ وكم كان عمرك؟ - كنتُ قد بلغتُ الثَّالثةَ عشرةَ من عمري عندما حفِظْت القُرآن الكريم برواية حفصٍ عن عاصم، وحفِظْت المنظومات المتعلِّقة بالتَّجويد والقِراءات والتَّحريرات في تلك الفترة، ثُمَّ قرأْتُ القِراءات العشْر الصُّغرى والكبرى بالإفراد، على الشَّيخ عبدالعزيز عيون السود - رحمه الله. * حدِّثني عن شيخِك الشَّيخ عبدالعزيز عيون السود - رحِمه الله. - الشيخ عبدالعزيز محمد عيون السُّود أكثر شيخٍ تأثَّرتُ به، واقتصرت عليْه من بين المشايخ؛ وذلك لأنَّ مَن يرى الشَّيخ يزهَدُ في غيره، اجتمع فيه العِلْم والصَّلاح والتقوى، ليس في عُنُقِه غيبة لأحد، ولا يتكلَّم إلاَّ في السُّنَّة، كان من بقيَّة السَّلف في الخلف، يقضي ما بين المغرب والعِشاء في الصَّلاة والدعاء، ويَجلس بعد الفجر للإقْراء، ثم يغدو إلى مَجلس الإفتاء - إذ كان أمينَه - فيجلس للفتوى، وذلك في المسجد، وكان آيةً في الحفظ؛ حفِظ القُرآن في ثمانيةٍ وعشرين يومًا، وحفِظه أخوه في ثلاثين، وكان يَحفظ حاشيةَ ابن عابدين عن ظهْر قلبٍ، ويَحفظ الشَّيءَ الكثير مِمَّا يطولُ سرْدُه. * ماذا قرأتَ على الشَّيخ عيون السُّود؟ وما الإجازات التي أخذْتَها عنه؟ - أعطاني الشَّيخ من وقْته وقلبه، حتَّى قال لي: "كل وقْتي لكَ، ودعْ لي ستَّ ساعاتٍ في اليوم فقط، فقرأتُ عليْه القُرآن الكريم بروايةِ حفص عن عاصم، و"المقدِّمة الجزرية"، و"منظومة الفوائد المحرَّرة في القِراءات العشْر من طريق الشَّاطبيَّة، والدُّرَّة" للشَّيخ محمد محمد هلال الأبياري، ثم منظومة للشَّيخ عبدالعزيز عيون السود زاد فيها على "الفوائد المحرَّرة" للأصبهاني والأزرق عن ورش، وحمزة ويعقوب من طريق الطَّيِّبة بِمنظومةٍ أوَّلُها يقول: يَقُولُ رَاجِي عَفْوِ ذِي الوَدُودِ * عَبْدُالعَزِيزِ بْنُ عُيُونِ السُّودِ ثم حفِظْت الشَّاطبية والطيِّبة، وقرأْتُ عليْه القِراءات العشْر من طريق الطيِّبة، بتحريرات الأزْميري والمتولِّي والعبيدي، وغيرها، وقد أجازني الشَّيخ عيون السود ثلاثَ مرَّات كتابةً: الأولى: إجازة بالقِراءات العشْر الكُبْرى من طريق الطَّيِّبة عام 1391هـ، والثانية: إجازة في منظومة الشَّاطبية في القِراءات السَّبع عام 1392هـ، والثَّالثة: الإجازة العامَّة لدور الإقراء والعلوم الشرعية عام 1394هـ، وهذه الإجازات كلُّها قبل دخولي الأزْهَر الشَّريف. وقد رشَّحني الشيخ عبدالعزيز محمد عيون السود لأكونَ شيخًا للقُرَّاء في مدينة حِمْص بسوريا بتاريخ 1971م. * مَن شيوخُك الذين أخذتَ عنهم غير الشيخ عيون السود؟ - قرأتُ على العلامة المقرئ الشَّيخ أبو الحسن مُحْيي الدين الكردي القُرآن الكريم، ختمةً كاملةً برواية حفص عن عاصم من طريق الشَّاطبيَّة، ثم قرأت عليه ختمةً أُخْرى بالقِراءات العشْر من طريقَيِ الشَّاطبيَّة والدُّرَّة في دمشق. وقرأتُ أيضًا على الشَّيخ عبدالفتاح السيد عجمي المرصفي، ختمة كاملةً بالقراءات العشر من طريق الطيِّبة، أتْممْتُها عام 1400هـ، ثم قرأتُ عليه كتاب "بدائع البرهان في تحريرات الطيبة" كاملاً للأزْميري وأتممتُه عام 1404 هـ، ثُمَّ قرأتُ عليه كتاب "الروض النضير" كاملاً عام 1406 هـ، وقرأت عليه "شرح ناظمة الزهر" للشَّيخ عبدالفتاح القاضي، و "شرح عقيلة أتراب القصائد" لابْنِ القاصِح، وقرأْتُ "شرح ضبط الخراز" للمارغني، و "عزو الطرق" للمتولِّي، وقراءة حمزة من طريق الطيِّبة. ثم ارتحلتُ إلى مصر عام 1401هـ؛ لطلب العلم والاستزادة في علْم القِراءات، فقرأْتُ هناك على الشَّيخ المعمَّر أحمد عبدالعزيز أحمد محمَّد الزَّيَّات ختمةً كامِلة، بالقِراءات العشْر من طريق الشَّاطبية والدُّرَّة والطيِّبة، في القاهِرة بِمصر في خَمسةٍ وعشرين يومًا، ابتدأتُ بِها في يوْم الاثنَيْن الرَّابع والعشرين من شهر الله المحرَّم عام 1401هـ، ثُمَّ قرأتُ القِراءات الأربع التي فوق العشْر بِمصر في العام الذي يليه على الشَّيخ الزيَّات. * ما زلنا في صُحبة شيوخِ شيخِنا، وحسُن أولئك رفيقًا. - ومِن شيوخي أيضًا الشَّيخ عامر السيِّد عثمان - شيخ المقارئ المصريَّة - وأجازني بالقِراءة وبِجميع كتبه، وقرأتُ على العلاَّمة الشيخ إبراهيم علي شحاتة السمَنُّودي، وأجازني بالقِراءات الأربعة عشر، وأجازني بِجميع كُتُبِه والتي تبلغ (29) كتابًا. * هل اقتصرتَ على علْم القِراءات أم طلبتَ العلوم الشَّرعيَّة الأُخْرى؟ - درستُ عِلْم الرَّسم العثماني والضَّبط وعدِّ الآي، وتلقَّيتُ العلوم الشرعيَّة: العقليَّة والنقليَّة على كِبار شيوخ زمانِنا، فدرستُ على الشَّيخ أبو السعود عبدالسلام، والشيخ محمود الحبال، والشيخ محمد المختار الشنقيطي، والشيخ علم الدين محمد ياسين محمد عيسى الفاداني، مسند العصر في مكَّة المكرَّمة، وأجازني بِجميع كُتُبِه ومروياته. وقرأتُ على العلاَّمة الإمام الشيخ عبدالله سراج الدين، شيخ حلب في جَميع العلوم بلا مُنازع - رحِمه الله تعالى - صحيحَيِ البخاري ومسلم. * ماذا تقول في بعْضِ القرَّاء الجامعين للقِراءات السَّبع أو العَشْر، ولكنَّه يَجهل ألف باء العِلْم الشَّرعي؟ وماذا تقول لهم؟ - لا ينبغي لقارئ القُرآن أن يغفل العلوم الشرعيَّة الأخرى، فينبغي أن يتعلَّم العلوم الضروريَّة التي يَحتاجها في أمر دينِه ودنياه، فيتعلَّم - كما قال الغزالي، رحِمه الله - من الفِقه ما يصلح به صلاتَه، ومن المعاملات ما يصحِّح به بيعَه وشراءَه ومعاملاتِه، ومن النَّحو ما يصلح أو يقوم به لسانَه، ويتعلَّم من كل ما يباشره من أمور الدنيا من الأمور الشَّرعيَّة، ويَختلف الغوص في أحَدِ هذه العلوم بِحسب اختصاصِه في الدنيا، وماذا تنفعُه القِراءات إذا كان جاهلاً بأحْكام صلاتِه وعِبادته ومعاملاته؟! * هل للشيخ أي مؤلفات أو برامج خاصة بالقراءة وأحكام التلاوة، مطبوعة أو تحت الطبع أو مخطوطة؟ - وفَّقني الله - سبحانه - إلى تَحقيق وضبْط كثيرٍ من متون القِراءات وشروحها، بِما لا يتَّسع المقامُ لذِكْره، أمَّا في مَجال التَّأليف فهي عديدة، من أهمِّها: كتاب "المكي والمدني في القُرآن الكريم، وأسلوب كل منهما، وموضوعاته"، وكتاب "فتح المتعالي في القِراءات العشر العوالي من طريق الشاطبيَّة والدرَّة والطيِّبة"، وقد جَمعتُ فيه كلَّ ما صحَّ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلَّم - من القِراءات، في خَمس مجلَّدات، واشتغلتُ به منذ خَمسة وعشرين عامًا. * هل من عمل علمي أو ابتِكار يَخدم كتاب الله - تعالى - كنتُ تودُّ لو قمتَ به، أو يقوم به أهلُه من المشتغلين بِخدمة كتاب الله تعالى؟ - هُناك مشاريع كثيرة لخدمة القرآن، منها: جَمع الكتب التي ألفت في القراءات، المخطوط منها والمطبوع، وهي موزَّعة بين الفهارس، ومن المشاريع المفيدة أيضًا: فتْح كلِّيَّات ومعاهد للقُرآن الكريم، وتكون القِراءة فيها على الأصول، وليس بطريقةِ المدارس والمعاهد، أي أن يقرَأَ ختمةً كاملةً مستقلَّة بنفسه، والتوجُّه الآن في العالم الإسلامي إلى هذا الطِّراز من المعاهد، وقد تمَّ فتْح بعضِها في مصر والسعودية. * ما ثَمرة عِلْم القِراءات وما ضرورتُه؟ - علم القراءات فرضُ كفايةٍ مثل سائر العلوم والفنون والصناعات التي تَحتاجها الأمة، وهو اليومَ فرْضُ عينٍ؛ لرفع الإثْم عن الأمَّة، لأنَّه لم يقم به كفايتُه والرَّغبة فيه قليلة. * ولكنِّي أرى كثيرًا من الشَّباب يتوجَّه إلى هذا العِلْم، وعندهم حماس منقَطِع النَّظير لجمع القراءات. - حماس الشباب إلى الإجازات أكثرُ منه إلى الإتْقان، وهذا فيه ما فيه، وكأنَّ صاحبَه يسعى إلى الثَّناء والسُّمعة، وعاقبةُ مَن يقرأ لغرضٍ دنيويٍّ وخيمةٌ، كما جاءت به الأحاديثُ الصحاح، هذا من ناحية، ومن ناحيةٍ أخرى فإنَّ علوَّ السَّند لا يُعْتَبر دون إتقانٍ ولُقْيا. وفي أيَّامنا صار النَّاس يركِّبون سندَ الحديث على سنَد القُرآن، ويدَّعون أنَّ بينهم وبين النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - 22 رجلاً، وهذا لا يصحُّ؛ لأنَّ سند المحدِّثين غير سند القُرآن، فالمحدِّثون يشترِطون المعاصرة ولا يشترِطون اللقيا، ولو أردت أن آخذ بأسانيد المحدِّثين لكان 21 رجلاً فقط! نعم علو السَّند له اعتِبار إذا كان محفوظًا متقنًا، وإسنادُنا إلى النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بفضل الله تعالى - مِن أعلى الأسانيد، وأغلب رجالِه مِمَّن يُشهَدُ له بأنَّه شيخُ قرَّاء زمانِه. * هذا الموضوع يقودُني إلى ظاهرة بعض القرَّاء الجامعين للقِراءات، ثم لا يتحلَّى بآداب حملة القُرآن، وتَجد سلوكَه وأخلاقه تتنافى مع أخلاقِ القُرآن؟ - العلم للعمل، وإلا صار حُجَّة على صاحبه لا له، والعِلْمُ بلا عمل لا يبلغ به ما يريد إلا إذا كان يريدُ به الدنيا، وصدقَ الشَّاعر الذي يقول: لَوْ كَانَ لِلْعِلْمِ مِنْ دُونِ التُّقَى شَرَفٌ * لَكَانَ أَشْرَفَ خَلْقِ اللَّهِ إِبْلِيسُ * هل تأثَّر أهلُك وأولادُك بك، من حيثُ طلب عِلْم القِراءات؟ - رزقني الله ولديْن ذكرَيْن وأربع بناتٍ - ولله الحمْد والمنَّة - وقد وفَّقهم الله جميعًا إلى خدمة كتابِه وحفظِه، والعناية به، وخاضُوا غِمار عدَّة مسابقات دوليَّة، وحازوا على المراكز الأولى فيها، بفضل الله تعالى. * هذا يُخالف ما يقال من أنَّ أزهد النَّاس بالعالِم أهلُه وذووه، ويُخالف ما عليه حالُ كثيرٍ من أوْلاد المشايخ؟ - أهم شيء في صلاح الأولاد توفيقُ الله وعنايتُه وهدايته، ثم الدُّعاء للأولاد، كما علَّمنا الله سبحانه، وأن يعفو الأبوانِ عن زلاَّت الأوْلاد وتقصيرهم، ليحصُل التَّوفيق والعناية الربانيَّة، وهذا لا يعني التَّهوين من شأن التَّربية والتعليم والقدوة. * قال - صلى الله عليْه وسلَّم - لعبدالله بن مسعودٍ- رضي الله عنه -: ((إنِّي أحبُّ أن أسمعَه من غيري))، فمَن من شيوخ القرَّاء يُحبُّ الشَّيخ أن يسمع؟ - عندما كنتُ صغيرًا كنتُ أستمِع لإذاعة القرآن الكريم في مصر، وأقلِّد عبدالباسط، وكنتُ أقلِّد أيضًا الحصري برواية ورْش، وتأثَّرت به كثيرًا؛ لأنَّه يحقِّق الحروف واستفدت منه، ثم الشَّيخ المنشاوي، وقد تأثَّرت به أيضًا في التَّجويد وقِراءة التَّحقيق. * هذا يذكِّرني بِمسألة التَّقليد: أكثر الحفَّاظ أو طلاَّب العِلْم يُحاول تقليد بعض مشاهير القرَّاء، هل في ذلك ضررٌ ما أو أنَّه ضروري؟ - نعم، المبتدئ لا بدَّ له أن يقلِّد شيخًا إمامًا متقِنًا محقِّقًا في القراءة، وهو ضروري مثل التَّقليد في الفقه، ولكن لا يقلِّد أيَّ قارئ، لا بدَّ أن يكون ممَّن ملك الإتْقان وحسن الأداء. * من تُحبُّ أن تستمِع لقراءتِه من مشايخ سوريا من القرَّاء؟ - القِراءة المجوَّدة اختصَّ بِها المصريُّون في أوائل هذا القرْن، وهم قلَّة لا يتجاوزون عدَدَ أصابِع اليد؛ لأنَّ قراءة التَّجويد يلزمُها معرفة بالمقامات وحسن الأداء، وممارسة طويلة، وهذا لم يتأتَّ لكثير من القرَّاء، فمصر التي يبلُغ تعدادُها ستين مليونًا، لم يخرجْ منها إلا عددٌ قليل من القرَّاء: الشيخ عبدالفتَّاح الشعشاعي، ثم محمد العيني، ثُمَّ علي محمود، ثم خلفهم محمَّد رفعت والحصري والمنشاوي، وهؤلاء يَجمعون بين تَحقيق الحروف وحسْن الأداء والمعرفة بالمقامات، أمَّا الآن فلا تكادُ تَجِدُ قارئًا، وأقصِد قراءة التَّجويد، أمَّا قراءة الحدْر فيُتْقِنها كثيرٌ من القرَّاء في العالم الإسلامي. وبِخصوص مشايخ سوريا من القرَّاء، فمنهم شيخي أبو الحسن الكرْدي، يجمع بين حسْن الأداء وجَمال الصَّوت، وإذا قرأ أخذَ بِمجامع القلوب، ولكن دون مقامات. واليوم تجِد المفتونين بالغِناء يأخذون دوراتٍ في المقامات، وصارت شغلَهم الشاغل، وأن يتعمَّد القارئ القراءة بنغم ويتعهَّده، حتى يصير غرضه من القراءة، فيأخذه النَّغم ولا يقيم الحروف، فهذا مفتون، والعياذ بالله. * ما الرَّدُّ على مَن يزعُم أنَّ القِراءات تدلُّ على وجود التَّناقض، ووقوع التَّحريف في كتاب الله؟ - إنَّ اختلاف القِراءات اختلاف تنوع لا اختِلاف تضادّ ولا تناقُض، وهذا لا يتصوَّر في كلام النَّاس، فما بالُك بكلام ربِّ النَّاس؟! وهذا الاختِلاف هو لون من ألوان الإعْجاز البلاغي في القُرآن الكريم، ولكن لا يبلغه عقْلُ مَن لا عقل له. * كثرتْ في الآونة الأخيرة ظاهرةٌ، وهي اشتِراك الشباب في معسكرات قصيرة، ويكلف الطالب فيها بِحفظ أجزاءٍ كثيرة - مثلاً خمسة أجزاء في عشرين يومًا - ما تعليق الشيخ ورأيه؟ - نعم، هناك دورات مكثَّفة، يأتي الشَّباب المدينة المنورة ويتفرَّغون للحفظ بنية الاعتِكاف في المسجد النبوي، بعضُهم ينتقِد هذا النَّشاط ويقول: هذا مِن العبثِ؛ لأنَّ القُرآن سرعان ما يتفلَّت منهم، والصَّحيح أنَّه يحفظ أوقاتَهم وينشِّط فيهم الحفظ، وحتَّى لو نسي فإنَّه يتبعه دورة لتثبيت الحِفْظ ضمن برنامج مدروس، والفائدة ملموسة من مثل هذه الدورات. * ما تقييم الشَّيخ لتجربة تعليم القِراءة عن طريق القنوات الفضائيَّة؟ - الصحيح أنَّه لا بدَّ للمتعلِّم من الجلوس واللقيا، والمشافهة للشيخ؛ لتلقِّي القرآن وتصحيح أخطائِه، وتقويم لسانه وتَحقيق الحروف. أمَّا القِراءة عن طريق القنوات الفضائية، فإنَّ فيها تغاضيًا عن عيوب القِراءة، ومجاملةً لتطييب الخاطر؛ لأنَّه يقرأ على الملأ، وهذا يختلِف عن القِراءة وحدَه على الشيخ أو في مجلِس الإقراء. * كنَّا في معهد لتحفيظ القُرآن، وكان يتنازع منهج التَّحفيظ تيَّاران أو اتِّجاهان: كان بعض المربين يؤكِّد على ضرورة أن يُرافق الحفظ الفهم والتدبُّر لكتاب الله تعالى، وفريق آخَر يقول: من الخطأ أن تشغل الصَّغير بالتَّفسير وتضيِّع عليه سني حفظِه الذهبية. فما رأي الشَّيخ - حفظه الله؟ - مَن حفِظ القُرآن أو قرأه بفَهْمٍ أو بغَيْرِ فهْم فله أجره، حتَّى العوام إذا قرؤوا يُؤجرون ولو لم يفهموا معنى ما يقرؤون، بدليل حديث الترمذي: ((مَن قرأ حرفًا ... ))، ومع هذا فإنَّ الغرض من نزول القُرآن هو الفهم والتدبُّر، أي العلم؛ لأنَّه طريق العمل به، وحبَّذا لو وضع المربُّون والمشرفون مناهجَ وقواعد ميسَّرة للتدبُّر تُرافق الحفظ، دون أن تعوقه أو تتحوَّل إلى دروس تفسير وشروح مطوَّلة، وتراعي أعمار الحفَّاظ وأحوالَهم، خاصَّة الصغار، فإنَّه ينبغي أن تستثمر مرحلة الطفولة في الحِفْظ، وأن يقدَّم على غيره، ويكون له الأوْلويَّة؛ لأنَّ الحفظ في الصغَر مثل النَّقش في الحجر، ولا يؤخَّر الحفظ؛ لأنَّ الكبير وإن كان أوفرَ عقلاً لكنَّه أكثر شغلاً، كما قال بعض أهلُ العلم. وممَّا يُفيدُه حفظ القُرآن في الصغر عل0ى أصولِه: تقويم اللسان، وضبطُ الحروف، وبلوغ الغاية من الإتقان. * قد يقول بعضُهم: إنَّ هذه الظاهرة - أي الحماس للحِفْظ وجَمع القِراءات - تُخالف فقه الأولويَّات، فالقُرَّاء والحفَّاظ كثر، أي: أوْلى بهؤلاء أن يتعلَّموا مثلاً تفسير القُرآن؛ حتَّى يردُّوا عنْه تحريف المبطلين وتأويل الضَّالين. وآخَرون يقولون: هذا العصْر عصر حاسوبٍ وتكنولوجيا التَّسجيل، حتَّى حُفِظ القُرآن الكريم في أجهِزة النقَّال، فلا حاجةَ للاشتِغال بِحِفظ القُرآن أو جَمع القراءات والأسانيد، ما ردُّ الشيخ؟ - مثل هذا الكلام كان يُقال قديمًا، وكنتُ أسمعه من بعْضِ المشايخ، يُروى أنَّه قيل لبعض العلماء: إنَّ فلانًا حفظ البخاري، فقال: زاد نسخةً من البخاري! والصَّواب: أنَّ هذا الكلام مردودٌ؛ فالقرآن الكريم ما يزال من لدُنْ تنزيلِه محفوظًا مجموعًا في السُّطور والصُّدور، والعبرة بالأخير، كما يقول ابن تيمية - رحمه الله- ولقد تلقَّى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - حروف القُرآن عن جبريل - عليه السلام - ثم تناقَل المسلمون القُرآن جيلاً من بعد جيل على الطريقة نفسِها. * بعضهم يزعُم أنَّ الاشتِغال بالقِراءات وتَحقيق الحروف والمُغالاة فيها بدعةٌ، لم يشتغل بِها السَّلف على هذه الصِّفة، فما ردُّ فضيلتكم؟ - هذا الكلام لا يصحُّ؛ لأنَّه ما نقل سندٌ للقُرآن متَّصلٌ إلا بتجويدٍ وتَحقيقٍ للحُروف، على المثال الذي نُقِلَ عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وحادثة اختِلاف عُمر - رضي الله عنْه - مع هِشام بن حكيم في القِراءة في "صحيح البخاري" مشهورة.
p,hv lu tqdgm hgado: lpl] jldl hg.ufd l]vs hgrvNk ,hgrvhxhj hgwyvn ,hg;fvn td hgpvl hgkf,d hgavdt
|
| |