الإهداءات | |
ملتقى السيرة النبويه ملتقى خاص بسيرته ... سنته ... آل بيته ... أصحابه ... نصرته والدفاع عنه . |
« آخـــر الــمــواضــيــع » |
كاتب الموضوع | دكتور محمد فخر الدين الرمادي | مشاركات | 0 | المشاهدات | 8840 | | | | انشر الموضوع |
| أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
29 / 03 / 2023, 05 : 04 AM | المشاركة رقم: 1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| المنتدى : ملتقى السيرة النبويه إِذا كُنْتُم تعلمُونَ .... فتحَ الذڪرُ الحڪيم والقرآنُ المجيد والفرقانُ المبين لأهل الذڪر ؛ مَن لديهم العلم ؛ إذ هم أهله مِن حيث البحث وحملته مِن حيث الڪشف .. فتحَ القرآن الڪريم منذ اللحظة الأولىٰ في التنزيل ومنذ اللحظة الأولىٰ في البعثة الإسلامية السماوية الخاتمة والتي خُص بها آخر المرسلين ومتمم المبتعثين وخاتم الأنبياء والمصطفين .. فتحَ ڪل أبوابَ البحث العلمي والڪشف التنقيبي علىٰ مصرعيّها في ڪافة مباحث المنظور والمشاهد والمسائل المحسوسة والملموسة والقضايا المبثوثة في ترڪيبة الإنسان وأعضاءه وخلاياه وأبحاث الڪون بڪل ما فيه من مجرات وڪواڪب ونجوم تسبح في سماء والحياة بڪافة مڪوناتها فيما يستطع عقل الإنسان وذكاءه البحث فيه والتحري عنه .. ماعدا المسائل الغيبية والتي لا يتمڪن بقواه العاقلة أو آلات البحث المستحدثة وأجهزة التنقيب المخترعة من قِبل الإنسان والتي يخترعها نتيجة تراڪم المعلومات الأولية وزيادتها واسترجاعها لحظة التفڪير في أمر بعينه وتقع تحت حواسه الخمس والتي تمڪنه أن يدرك بها الموجودات الحسية والملموسة والمرئية فيمكنه البحث فيها أما ما هو غيب تام عنه فلا يتمكن الإنسان بجميع قدراته وإمڪاناته أن يبحث فيها ڪــ ذات الله عزَّ وجلَّ والجنة والنار وما يحدث بعد الموت وما يجرى داخل القبر إلا فيما أخبرنا به من مصدر ذات مصدقية وبقدر ما أخبرنا به.. فنبه القرآن الڪريم -أولاً- فقال : {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُون}[النحل:43] ؛ ولأهمية أهل العلم في القضايا التي يحتاجها الإنسان في مسيرة حياته آڪد في سورة الأنبياء فذكر هذا الجزء مِن الآية مرة ثانية فقال : {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُون}[الأنبياء:7]. وإن ڪانت الآية الڪريمة نزلت في حق مَن سبق المسلمين بڪتاب سماوي مُنَزَل -ڪــ صحف إبراهيم وزَبور داوود والتوراة [صحف موسىٰ] وإنجيل عيسىٰ ابن مريم؛ (عليهم جميعا الصلاة والسلام)- إلا إن العبرة بعموم اللفظ وليس بخصوص السبب.، ويستفاد مما قاله الشيخ / محمود أبو دقيقة في مذكرات التوحيد: فقد ذڪر : أما الصحف فقد ورد في شأنها آثار ڪثيرة، وأرجَحُها أنها مائة [١٠٠] صحيفة، خمسون [٥٠] نزلت علىٰ شيْث ـ عليه السلام ـ وثلاثون[٣٠] نزلت على إدريس ـ عليه السلام ـ وعشرة [١٠] نزلت علىٰ إبراهيم ـ عليه السلام ـ وعشرة [١٠] علىٰ موسى ـ عليه السلام ـ والظاهر أن هذه الصحف ڪانت مُشتمِلة علىٰ مواعظ وإرشادات إلىٰ التَّحلِّي بِمَڪارِمِ الأخلاق والتَّخلِّي عن مساوئها، ولم يُعرف عنها شيء يقينًا، لعدم وجود ما يُفيد يقينًا بشأنها [ج3 ؛ ص 54]. أما نزولها فالظاهر أن جبريل ـ عليه السلام ـ هو أمين الوحي الذي بلَّغه إلىٰ الرسل ڪافة، فهو الذي حمل التوراة والإنجيل وأنزلَهما مرة واحدة علىٰ موسىٰ وعيسىٰ، وحَمَل القرآن وأنزله علىٰ الرسول محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ مُنجَّمًا أي مفرَّقًا ڪَما نصَّ عليه القرآن الڪريم، وڪلام الله -سبحانه- للبشر جاء بعدَّة طرق ذڪرها في قوله -تعالىٰ-: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا [(١)] وَحْيًا أَوْ [(٢)] مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ [(٣)] يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} [سورة الشورى:51] ، جاء في تفسير القرطبي [ج7 ص281] عند قوله -تعالىٰ-: {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [سورة الأعراف: 145] ، قال ربيع بن أنس: نَزَلتْ التَّوراة وهي سبعون وقر بعير، وأضاف الڪتابة إلىٰ نفسه العليا “كَتَبْنَا” علىٰ جِهة التشريف، إذ هي مڪتوبة بأمره ڪتبها جبريل بالقلم الذي ڪتب به الذڪر. والأفضل ترك علم ذلك لله -سبحانه وتعالىٰ شأنه-، فلا فائدة هامة من البحث فيه ، إذ قد بينت أن المسائل الغيبية لا تبحث إلا بقدر ما يأتينا نت خبر صحيح يصلح الاعتماد عليه! ... ولا يغيب عن الذهن في جزئية هذا البحث أن أول ما سمعه نبي الإسلام ورسول السلام مِن التنزيل قوله تعالىٰ : {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَق}[العلق:1] .. والآية تشير إلىٰ قرأتين ؛ الأولىٰ قراءة القرآن المجيد وهو الڪتاب المحفوظ في الصدور؛ والثانية قراءة ما في الڪون والحياة والإنسان وهو الڪتاب الذي أمام أعين الناس منشور وحولنا منظور. ثم نبه مرة ثانية بقوله تعالىٰ : {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَم}[العلق:3] {الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَم} [العلق:4] {عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم}[العلق:5] وصيغة الطلب : {اقْرَأْ} تدل علىٰ الطلب دون الأمر إذ أن صيغ الطلب في اللُغة العربية تصل إلىٰ ١٦ صيغة وڪي تُرفع صيغة الطلب إلى صيغة الأمر لابد من وجود قرينة ، فجاءت القرينة من حديث الغار في أول تنزيل قرآني بواسطة أمين السماء جبرائيل .. المَلك المڪلف بالوحي بضمه -عليه السلام- ثلاث مرات وتڪرار صيغة الطلب بـ : {اقْرَأْ} ثم جاءت قرينة آخرىٰ بقول -تعالىٰ- : فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} وفي نفس الآية تڪرر الأمر {فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [المزَّمل:20] .. فصارت القراءة فرض إذ أرتفع مجرد الطلب إلىٰ الأمر بوجود قرينة ؛ فڪلمة ﴿اقْرَأْ﴾ من الله -سبحانه وتعالى- لرسوله ليست كڪلمة (اقرأ) من بشر لبشر مثله ، وحين أقول لك: (اقرأ) فأنت تقرأ ما تعلم وأعلم، أمّا الله -سبحانه وتعالىٰ- حين يقول: ﴿اقْرَأْ﴾ فإنّه يُصدِر أمراً، وأمر الله -سبحانه وتعالىٰ-: ﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾ [البقرة: من الآية 117] وحين أمر الله -عزَّوجلَّ- رسوله بالقراءة أصبح -عليه الصّلاة والسّلام- معلّمَ القراءة وڪافة العلوم لڪلّ النّاس، وأصبح النّاس يأخذون عن علومه علىٰ مدىٰ الأزمنة المتوالية. .. وحين نزلت عليه أوّل آيةٍ في القرآن الڪريم وناداه الوحي بقوله: ﴿اقْرَأْ﴾ [العلق: من الآية1] أجاب: » ما أنا بقارئ «، و أعاد عليه سيّدنا جبريل -عليه السّلام- القولَ ثلاثاً ورسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يقول: » ما أنا بقارئ «، ([2])؛ لأنّه يفترض أن يڪون أمام القارئ ڪتاب يقرأ منه، أو أنّه يحفظ شيئاً فيتلوه. أمّا النّبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- فقد ڪان أميّاً، وإذا ڪانت الأميّة عند النّاس نقصاً في العلم وعيباً لعدم التحصيل واحتياجاً لمعلم، فإنّها عند رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- تمام الڪمال وأعلىٰ مراتب الشّرف؛ لأنّ الله -سبحانه وتعالىٰ- أراد لنبيّه ألّا يعلّمه بشر، وأن يڪون علمه -صلَّى الله عليه وسلَّم- مستمدّاً من الله -سبحانه وتعالىٰ- وحده. وحين صدر الأمر الإلهيّ إلىٰ رسوله بالقراءة أعطاه القرآن وعلومه، وأنزله علىٰ قلبه. .. هذه واحدة.. وأما الثانية {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَاب}[ص:29] ثم جاء الآية التالية : {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}[محمد:24] وطلب منا التدبر في آيات الذڪر الحڪيم فقال: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا}[النساء:82] ثم جاء أمر زائد علىٰ التدبر في قوله : {نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون}[يونس:24]. ويذڪر القرآن الڪريم دلائل وجوب وجود خالق فيقول بعد ذلك {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون}[الرعد:3]. ويؤڪد المعني في سورة: [الروم:21] وفي سورة: [الزُّمَر:42]. وفي سورة . [الجاثية:13].. وفي سورة [النحل: آية:11].ثم يأتي بصيغة الإفراد في الآية :[69] من نفس السورة . .ولعل هذه الآية هي موضع البحث في جزئية فرضية الصيام لقوله . {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ}[الروم:8] والخطاب هنا لم يخص العلماء بل ڪافة الناس فينبغي أن يتفڪروا في أنفسهم ؛ وفي ڪيفية خلقهم وهذا الإحسان في تقويم الخلق والإيجاد .. ثم جاء تنبيه آخر: {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ}[آل عمران:191].. ثم ينقلنا القرآن لأمر آخر فيقول: فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون}[الأعراف:176]. وفي سورة ص آية 29 جاء في نهايتها قوله -تعالىٰ- : {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَاب}[ص:29] فالخطاب القرآني جاء لمن يتفڪر في خلق نفسه ڪإنسان أو خلق الڪون أو خلق الحياة بمظاهرها المختلفة من حيوان بڪافة أنواعه ونبات بڪل أصنافه وحشرات وأسماك ؛ مما جعل العقاد-رحمه الله- يڪتب ڪتابا عن أن التفڪير فريضة في الإسلام؛ وهنا جاء الخطاب لِــ { أُوْلُوا الأَلْبَاب}[ص:29].. .. .. وبما أن هذا الإنسان المخلوق مادة من أعصاب وعظم ولحم وتدب فيه الحياة بواسطة أجهزة حيوية ڪالقلب والرئة ومراڪز المخ المختلفة تصلح أن نضعها في المختبر التحليلي أو المعمل الڪشفي التوضيحي ڪالأشعة؛ لذا فيمڪن أن نأخذ قطرة من دم المسلم بعد ثلاث [3] ساعات من تناوله وجبة غذائية ڪاملة مع مشروبات وتحلل مڪوناتها .. في اليوم العادي.. ثم نڪرر في شهر الصيام أخذ قطرة مِن الدم بعد تناوله وجبة السحور ثم بعد ڪل ثلاث [3] ساعات من نهار الصيام تأخذ قطرة .. يعني أربع [4] مرات في نهار الصيام (بناءً علىٰ أن عدد ساعات الصيام : 14 ساعة تقريباً) مع قياس مڪونات الدم قبيل لحظة الإفطار .. ثم بعد ثلاث ساعات من وجبة الفطور .. وڪذلك قطرة من بوله .. وقياس الوزن الجسم قبل الدخول في شهر الصيام في رمضان وبعد مرور عشرة أيام؛ يعني الثلث الأول من مرور الشهر ؛ فالثلث الثاني ؛ فالثلث الآخير.. اضف قياسات ضغط الدم وسيولته أو لزوجته في الشرايين ودقات القلب وقياس بقية الأجهزة الحيوية داخل البدن الإنساني وبعد هذه الفحوصات والتحليلات المختبرية والمعملية سيتبين بوضح تام مراد الحق -تبارك وتعالىٰ- من قوله في ڪتابه العزيز: ..{وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون}[البقرة:184].. وهذا بالنسبة للبدن؛ أما الناحية الروحية النفسية فمن الصعب قياسها بأجهزة! ونقرأ قولاً في تفسير بن عباس لآية : {وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ} مِن الْفِدْيَة {إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} إِذا كُنْتُم تعلمُونَ.. أي :" إن ڪنتم تعلمون فوائد الصوم في حياتڪم ، وحسن جزائه في آخرتڪم. ". وقال الرازي في تفسيره : أَمَّا قَوْلُهُ: { وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} فَفِيهِ وُجُوهٌ : أَحَدُهَا : أَنْ يَكُونَ هَذَا خِطَابًا مَعَ الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فَقَطْ ، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ : وَأَنْ تَصُومُوا أَيُّهَا الْمُطِيقُونَ أَوِ الْمُطَوَّقُونَ وَتَحَمَّلْتُمُ الْمَشَقَّةَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنَ الْفِدْيَةِ . وَالثَّانِي : أَنَّ هَذَا خِطَابٌ مَعَ كُلِّ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ ، أَعْنِي الْمَرِيضَ وَالْمُسَافِرَ وَالَّذِينَ يُطِيقُونَهُ ، وَهَذَا أَوْلَىٰ لِأَنَّ اللَّفْظَ عَامٌ ، وَلَا يَلْزَمُ مِنِ اتِّصَالِهِ بِقَوْلِهِ : {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ } أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ مُخْتَصًّا بِهِمْ ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ وَلَا مُنَافَاةَ فِي رُجُوعِهِ إِلَىٰ الْكُلِّ ، فَوَجَبَ الْحُكْمُ بِذَلِكَ وَعِنْدَ هَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الْإِضْمَارِ فِي قَوْلِهِ : { فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} ، وَأَنَّ التَّقْدِيرَ : فَأَفْطَرَ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ . الثَّالِثُ : أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ:{وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} عَطْفًا عَلَيْهِ عَلَى أَوَّلِ الْآيَةِ ، فَــ التَّقْدِيرُ : كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ . أَمَّا قَوْلُهُ: {إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أَيْ أَنَّ الصَّوْمَ عَلَيْكُمْ فَاعْلَمُوا صِدْقَ قَوْلِنَا -سبحانه وتعالىٰ شأنه- وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ . الثَّانِي : أَنَّ آخِرَ الْآيَةِ مُتَعَلِّقٌ بِأَوَّلِهَا ، وَالتَّقْدِيرُ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ .. وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، أَيْ أَنَّكُمْ إِذَا تَدَبَّرْتُمْ عَلِمْتُمْ مَا فِي الصَّوْمِ مِنَ الْمَعَانِي الْمُوَرِّثَةِ لِلتَّقْوَىٰ وَغَيْرِهَا مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فِي صَدْرِ هَذِهِ الْآيَةِ . الثَّالِثُ : أَنَّ الْعَالِمَ بِاللَّهِ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ فِي قَلْبِهِ خَشْيَةُ اللَّهِ عَلَى مَا قَالَ : {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [ فَاطِرٍ : 28 ] فَذَكَرَ الْعِلْمَ وَالْمُرَادُ الْخَشْيَةُ ، وَصَاحِبُ الْخَشْيَةِ يُرَاعِي الِاحْتِيَاطَ ، وَالِاحْتِيَاطُ فِي فِعْلِ الصَّوْمِ ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ : إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ اللَّهَ حَتَّى تَخْشَوْنَهُ كَانَ الصَّوْمُ خَيْرًا لَكُمْ . ". أما القاسمي فقال في تفسيره:{ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أَيْ: فَضِيلَةَ الصَّوْمِ وَفَوَائِدَهُ، أَوْ إِنْ كُنْتُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. ". وعليه إن ڪنتم :" مِنْ ذَوِي الْعِلْمِ وَالتَّمْيِيزِ ، " أَوْ كَنَّى بِالْعِلْمِ عَنِ الْخَشْيَةِ أَيْ : تَخْشَوْنَ اللَّهَ : لِأَنَّ الْعِلْمَ يَقْتَضِي خَشْيَتَهُ {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} ". والخيرية هنا لم تُعَرَف بــ :"ال" فشملت هذه اللفظة القرآنية جميع أنواع واصناف الخير التي تصيب الصائم جراء صيامه الذي ڪتبه الله -تعالىٰ- عليڪم ڪما ڪتبه علىٰ الذين من قبل المسلمين [تراجع هذه الجزئية علىٰ الموقع فقد نشرت من قبل تحت عنوان:" الصيام في الأمم السابقة".. وعلينا أن نتفق من حيث المبدأ .. أنه في بداية شهر الصيام قد تؤدي معظم التغييرات الفيسيولوجية إلىٰ صداع بدرجات متفاوتة ولڪن بتتابع ايام الشهر الڪريم يعتاد الجسم علىٰ الوضعية الجديدة ليُصبح الصوم ڪله فائدة للروح والبدن: ويجب أن نراعي أن: 1.) درجات الحرارة المرتفعة وفقدان كميات من السوائل والمعادن قد يسبب صداعاً؛ وڪذلك : 2.) نقص السكر في الدم وانخفاض مستواه عن المعدل الطبيعي في الدم؛ إذ أن خلايا الدماغ بحاجة إلىٰ السڪر بشڪل دائم والنقص المفاجئ في ڪمية السڪر في الدماغ قد يؤدي إلىٰ صداع ويشتد غالباً في الساعات الأخيرة من نهار الصيام. 3.) نقص السوائل: إذ أننا نفقد ڪمية ڪبيرة من الماء من خلال العرق أو التبول وتختلف الڪمية حسب نوع المجهود والنشاط البدني. 4.) نقص مادة الڪافيين لانقطاع شرب القهوة والشاي والشيڪولاتة وغيرها من المأڪولات والمشروبات التي تحتوي على مادة الڪافيين التي اعتدنا تناولها . 5.) اختلال في النظام الغذائي وتغيير مواعيد الوجبات ونوع الأطعمة 6.) تغير في نمط النوم نتيجة السهر وتغيير مواعيد النوم. 7.) الإجهاد: من الصيام وڪثرة العمل والتوتر 8.) عند البعض : انسحاب النيڪوتين من الجسم قد يسبب صداعا يزول مع الوقت عند تعود الجسم على الانسحاب.. ... قال البغوي: واعلم أنه لا رخصة لمؤمن مكلف في إفطار رمضان إلا لثلاثة : - أحدهم يجب عليه القضاء والكفارة و - الثاني عليه القضاء دون الكفارة و - الثالث عليه الكفارة دون القضاء .. أما الذي: - عليه القضاء والكفارة فالحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما فإنهما تفطران ، وتقضيان وعليهما مع القضاء الفدية وهذا قول ابن عمر وابن عباس وبه قال مجاهد وإليه ذهب الشافعي -رحمه الله- وقال قوم لا فدية عليهما وبه قال الحسن وعطاء وإبراهيم النخعي والزهري وإليه ذهب الأوزاعي والثوري وأصحاب الرأي ، وأما الذي : - عليه القضاء دون الكفارة فالمريض والمسافر والحائض ، والنفساء وأما الذي : - عليه الكفارة دون القضاء فالشيخ الكبير والمريض الذي لا يرجى زوال مرضه . أما الطبري فقال :" القول في تأويل قوله تعالى :{ وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون} يعني تعالى ذكره بقوله :{ وأن تصوموا } ما كتب عليكم من شهر رمضان فهو خير لكم من أن تفطروه وتفتدوا . كما حدثني[الكلام للطبري] موسى بن هارون ، قال : ثنا عمرو بن حماد ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي : { وأن تصوموا خير لكم} ومن تكلف الصيام فصامه فهو خير له . وعن ابن شهاب : { وأن تصوموا خير لكم } أي أن الصيام خير لكم من الفدية . وعن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد :{ وأن تصوموا خير لكم } إن كنتم تعلمون :" وَأَمَّا قَوْلُهُ : " إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ " ، فَإِنَّهُ يَعْنِي : إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ خَيْرَ الْأَمْرَيْنِ لَكُمْ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ، مِنَ الْإِفْطَارِ وَالْفِدْيَةِ ، أَوِ الصَّوْمِ عَلَى مَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ . ". أما ابن عاشور فقال :" وقوله :{ إن كنتم تعلمون} تذييل أي تَعْلَمون فوائدَ الصوم على رجوعه لقوله :{ وعلى الذين يطيقونه} إن كان المراد بهم القادرين أي إن كنتم تعلمون فوائد الصوم دنيا وثوابَه أُخرىٰ ، أو إن كنتم تعلمون ثوابه علىٰ الاحتمالات الأخر . و " «أَنْ» حرف شرط جازم.". :" وَجِيءَ فِي الشَّرْطِ بِكَلِمَةِ ( إِنْ ) لِأَنَّ عِلْمَهُمْ بِالْأَمْرَيْنِ مِنْ شَأْنِهِ أَلَّا يَكُونَ مُحَقَّقًا ؛ لِخَفَاءِ الْفَائِدَتَيْنِ ". ... .إذاً لا يجوز حصر مراد الحق -تبارك وتعالىٰ- في التصرف السلوڪي في الإنفاق علىٰ المسڪين ومعنىٰ الآية يشمل ڪل أنواع وأصناف الخير المتعلقة بالصيام بإضافة أمر هام أنه شهر الصبر ,, بل الصبر ڪله!. وجاء في البرهان في القرآن:" وَأَشَارَ فِي الصِّيَامِ بِقَوْلِهِ :{إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[ الْبَقَرَةِ : 184 ] إِلَىٰ سِرٍّ فِي الصِّيَامِ ، وَهُوَ حُسْنُ عَاقِبَتِهِ (في الآخرة) وَجَزِيلُ عَائِدَتِهِ (في الدنيا)". وخير ما أختم به هذا المقال ما جاء في المنار لتلميذ الإمام محمد عبده : محمد رشيد رضا.. ونصه:" وَمِنْ فَوَائِدِهِ الصِّحِّيَّةِ أَنَّهُ : - يُفْنِي الْمَوَادَّ الرَّاسِبَةَ فِي الْبَدَنِ وَلَا سِيَّمَا أَبْدَانِ الْمُتْرَفِينَ أُولِي النَّهَمِ وَقَلِيلِي الْعَمَلِ ، وَ - يُجَفِّفُ الرُّطُوبَاتِ الضَّارَّةَ ، وَ - يُطَهِّرُ الْأَمْعَاءَ مِنْ فَسَادِ الذِّرْبِ وَالسُّمُومِ الَّتِي تُحْدِثُهَا الْبِطْنَةُ ، وَ - يُذِيبُ الشَّحْمَ أَوْ - يَحُولُ دُونَ كَثْرَتِهِ فِي الْجَوْفِ وَهِيَ شَدِيدَةُ الْخَطَرِ عَلَى الْقَلْبِ ، فَهُوَ ڪَتَضْمِيرِ الْخَيْلِ الَّذِي يَزِيدُهَا قُوَّةً عَلَى الْكَرِّ وَالْفَرِّ . { وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} أَيْ :" وَ { الصِّيَامُ خَيْرٌ لَكُمْ كَمَا قَرَأَهَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ} رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.. وَإِنَّمَا هِيَ تَفْسِيرٌ ؛ أَيْ : خَيْرٌ عَظِيمٌ لِمَا فِيهِ مِنْ: - رِيَاضَةِ الْجَسَدِ وَ - النَّفْسِ وَ - تَرْبِيَةِ الْإِرَادَةِ وَ - تَغْذِيَةِ الْإِيمَانِ بِالتَّقْوَى وَ - تَقْوِيَتِهِ بِمُرَاقَبَةِ اللَّهِ تَعَالَى . قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :" صُومُوا تَصِحُّوا". [ رَوَاهُ ابْنُ السُّنِّيِّ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الطِّبِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَشَارَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إِلَى حُسْنِهِ ، وَيُؤَيِّدُهُ: " اغْزُوا تَغْتَنِمُوا وَصُومُوا تَصِحُّوا وَسَافِرُوا تَسْتَغْنُوا". [ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْهُ] . وَقَالَ بَعْضُ أَطِبَّاءِ الْإِفْرِنْجِ : إِنَّ صِيَامَ شَهْرٍ وَاحِدٍ فِي السَّنَةِ يَذْهَبُ بِالْفَضَلَاتِ الْمَيِّتَةِ فِي الْبَدَنِ مُدَّةَ سَنَةٍ . وَأَعْظَمُ فَوَائِدِهِ كُلِّهَا : - الْفَائِدَةُ الرُّوحِيَّةُ التَّعَبُّدِيَّةُ الْمَقْصُودَةُ بِالذَّاتِ ، وَهِيَ أَنْ يَصُومَ لِوَجْهِ اللَّهِ -تَعَالَىٰ- كَمَا هُوَ الْمُلَاحَظُ فِي النِّيَّةِ ، وَمَنْ صَامَ لِأَجْلِ الصِّحَّةِ فَقَطْ فَهُوَ غَيْرُ عَابِدٍ لِلَّهِ فِي صِيَامِهِ ، فَإِذَا نَوَىٰ الصِّحَّةَ مَعَ التَّعَبُّدِ كَانَ مُثَابًا كَمَنْ يَنْوِي التِّجَارَةَ مَعَ الْحَجِّ ، فَإِنَّهُ لَوْلَا الْعِبَادَةُ لَاكْتَفَىٰ بِالْجُوعِ وَالْحَمِيَّةِ ، وَآيَةُ الصِّيَامِ بِهَذِهِ النِّيَّةِ وَالْمُلَاحَظَةِ التَّحَلِّي بِتَقْوَىٰ اللَّهِ تَعَالَىٰ وَمَا يَتْبَعُهَا مِنْ أَحَاسِنِ الصِّفَاتِ وَالْخِلَالِ ، وَفَضَائِلِ الْأَعْمَالِ. ".[انتهى النقل من تفسير المنار] --------------------------------------- * (يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ) * الأربعاء، 07 رمضان، 1444هــ ~ 29 مارس 2023م HjQuXgQlE,kQ tQ,QhzA]Q hgw~Q,XlA! | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018