أنت غير مسجل في ملتقى أهل العلم . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا
Google
 
تابعونا عبر تويتر تابعونا عبر فيس بوك

الإهداءات


العودة   ملتقى أهل العلم > الملتقيات الاسلامية > ملتقى الفتاوى

ملتقى الفتاوى ملتقى خاص بالفتاوى الشرعية

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: صلاة التراويح من مسجد شيخ الإسلام | ليبيا 16 رمضان 1445 هـ (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة التراويح من مسجد شيخ الإسلام | ليبيا (آخر رد :شريف حمدان)       :: القارئ الشيخ رعد الكردي | صلاة التراويح ليلة 9 رمضان 1445 | مسجد الغانم والخرافي (آخر رد :شريف حمدان)       :: القارئ الشيخ رعد الكردي | صلاة التراويح ليلة 8 رمضان 1445 | مسجد الغانم والخرافي (آخر رد :شريف حمدان)       :: تلاوة من صلاة التراويح للدكتور المقرئ عبد الرحيم النابلسي بمسجد الكتبية الليلة 10 رمضان 1445هـ (آخر رد :شريف حمدان)       :: تلاوة ماتعة من صلاة التراويح للقارئ أحمد الخالدي (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة العشاء والتراويح من مسجد الأندلس بالرباط للقارئ أحمد الخالدي سورة مريم (آخر رد :شريف حمدان)       :: الشفع والوتر ليلة 18 رمضان 1445 هجرية - للشيخ أحمد زين العابدين - بمسجد الرحمن البحري بنزالي جانوب (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة التراويح ليلة 18 رمضان 1445 هجرية - للشيخ أحمد زين العابدين - بمسجد الرحمن البحري بنزالي جانوب (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة العشاء ليلة 18 رمضان 1445 هجرية - للشيخ أحمد زين العابدين - بمسجد الرحمن البحري بنزالي جانوب (آخر رد :شريف حمدان)      

إضافة رد
كاتب الموضوع شريف حمدان مشاركات 3 المشاهدات 5090  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 20 / 04 / 2017, 36 : 01 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
شريف حمدان
اللقب:
مدير عام الملتقى والمشرف العام
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية شريف حمدان

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
شريف حمدان متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : ملتقى الفتاوى





أحبتي في الله

مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ:

وَمَا يَجِبُ فِيهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ وَمَا يَجُوزُ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَمَا لَا يَجُوزُ:
(قَالَ): رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ ابْتَلَعَ جَوْزَةً رَطْبَةً وَهُوَ صَائِمٌ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ ابْتَلَعَ لَوَزَّةً رَطْبَةً أَوْ بِطِّيخَةً صَغِيرَةً فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّهُ مَتَى حَصَلَ الْفِطْرُ بِمَا لَا يُتَغَذَّى بِهِ أَوْ يُتَدَاوَى بِهِ عَادَةً فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ يَسْتَدْعِي كَمَالَ الْجِنَايَةِ وَالْجِنَايَةُ تَتَكَامَلُ بِتَنَاوُلِ مَا يُتَغَذَّى بِهِ أَوْ يُتَدَاوَى بِهِ لِانْعِدَامِ الْإِمْسَاكِ صُورَةً وَمَعْنًى، وَلَا تَتَكَامَلُ الْجِنَايَةُ بِتَنَاوُلِ مَا لَا يُتَغَذَّى بِهِ، وَلَا يُتَدَاوَى بِهِ؛ لِأَنَّ الْإِمْسَاكَ يَنْعَدِمُ بِهِ صُورَةً لَا مَعْنًى؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ مَشْرُوعَةٌ لِلزَّجْرِ وَالطِّبَاعُ السَّلِيمَةُ تَدْعُو إلَى تَنَاوُلِ مَا يُتَغَذَّى بِهِ وَمَا يُتَدَاوَى بِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إصْلَاحِ الْبَدَنِ فَتَقَعُ الْحَاجَةُ إلَى شَرْعِ الزَّاجِرِ فِيهِ وَلَا تَدْعُو الطِّبَاعُ السَّلِيمَةُ إلَى تَنَاوُلِ مَا لَا يُتَغَذَّى بِهِ وَلَا يُتَدَاوَى بِهِ فَلَا حَاجَةَ لِشَرْعِ الزَّاجِرِ فِيهِ إذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ: الْجَوْزَةُ الرَّطْبَةُ لَا تُؤْكَلُ كَمَا هِيَ عَادَةً وَاللَّوْزَةُ الرَّطْبَةُ تُؤْكَلُ كَمَا هِيَ عَادَةً، وَهَذَا إذَا ابْتَلَعَ الْجَوْزَةَ فَأَمَّا إذَا مَضَغَهَا، وَهِيَ رَطْبَةٌ أَوْ يَابِسَةٌ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ ذَكَرَهُ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّهُ تَنَاوَلَ لُبَّهَا وَلُبُّ الْجَوْزِ مِمَّا يُتَغَذَّى بِهِ، وَأَكْثَرُ مَا فِيهِ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ مَا يُتَغَذَّى بِهِ، وَبَيْنَ مَا لَا يُتَغَذَّى بِهِ فِي التَّنَاوُلِ، وَذَلِكَ مُوجِبٌ لِلْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ.
وَإِذَا ابْتَلَعَ إهْلِيلَجَةً فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ أَرَادَ بِهِ الدَّوَاءَ أَوْ لَمْ يُرِدْ هَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ سِمَاعَةَ وَهِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ قَالَ: لِأَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ كَمَا هِيَ لِلتَّدَاوِي عَادَةً وَالْأَصَحُّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا فَإِنَّ الْإِهْلِيلِجَةَ مِمَّا يُتَدَاوَى بِهِ فَسَوَاءٌ أَكَلَهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ أَوْ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ قُلْنَا أَنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَكَذَلِكَ إنْ أَكَلَ مِسْكًا أَوْ غَالِيَةً أَوْ زَعْفَرَانًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تُؤْكَلُ عَادَةً لِلتَّغَذِّي أَوْ لِلتَّدَاوِي.
وَذَكَرَ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَوْ أَكَلَ عَجِينًا لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّ الْعَجِينَ لَا يُؤْكَلُ عَادَةً قَبْلَ الطَّبْخِ، وَلَا يَدْعُو الطَّبْعُ إلَى تَنَاوُلِهِ وَهَكَذَا ذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ: لَوْ أَكَلَ الدَّقِيقَ أَيْضًا لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ عَجِينًا فِي فَمِهِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى جَوْفِهِ.
(قَالَ): وَلَوْ أَكَلَ حِنْطَةً يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّ الْحِنْطَةَ تُؤْكَلُ كَمَا هِيَ عَادَةً فَإِنَّهَا مَا دَامَتْ رَطْبَةً تُؤْكَلُ وَبَعْدَ الْيُبْسِ تُغْلَى فَتُؤْكَلُ وَتُقْلَى فَتُؤْكَلُ.
(قَالَ): وَلَوْ أَكَلَ طِينًا أَرْمَنِيًّا فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ ذَكَرَهُ ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى قَالَ: لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْغَارِيقُونَ يُتَدَاوَى بِهِ قَالَ ابْنُ رُسْتُمَ: فَقُلْت: لَهُ فَإِنْ أَكَلَ مِنْ هَذَا الطِّينِ الَّذِي يَأْكُلُهُ النَّاسُ قَالَ: لَا أَعْرِفُ أَحَدًا يَأْكُلُهُ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ فِي الطِّينِ الْأَرْمَنِيِّ أَيْضًا إذَا أَكَلَهُ كَمَا هُوَ إلَّا أَنْ يُسَوِّيَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ الَّذِي يُتَدَاوَى بِهِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ (قَالَ): وَمَنْ أَفْطَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِعُذْرٍ وَالشَّهْرُ ثَلَاثُونَ يَوْمًا فَقَضَى شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ، وَهُوَ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا فَعَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمٍ آخَرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} فَفِي هَذَا بَيَانٌ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْقَضَاءِ إكْمَالُ الْعِدَّةِ بِالْأَيَّامِ (قَالَ): وَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَاحِدٌ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ وَبِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ إذَا كَانَ عَدْلًا وَقَدْ بَيَّنَّا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ وَالِاسْتِحْسَانِ وَشَرْطٌ فِي الْكِتَابِ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ عَدْلًا وَالطَّحَاوِيُّ يَقُول: عَدْلًا كَانَ أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ قِيلَ مُرَادُهُ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ وَلَا يَشْتَرِطُ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ عَدْلًا فِي الْبَاطِنِ وَقِيلَ إنَّمَا لَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ مِنْ الصَّوْمِ مَا يَلْزَمُ غَيْرَهُ وَإِنَّمَا لَا يُقْبَلُ خَبَرُ الْفَاسِقِ لِتَمَكُّنِ التُّهْمَةِ وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ الْعَدَالَةِ فِيهِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَلِهَذَا يُكْتَفَى فِيهِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَخَبَرِ الْفَاسِقِ فِي بَابِ الدِّينِ غَيْرُ مَقْبُولٍ بِمَنْزِلَةِ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ.
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَالَ): وَأَمَّا عَلَى الْفِطْرِ فَلَا تُقْبَلُ إلَّا شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ إذَا كَانَ بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ وَأَشَارَ فِي بَعْضِ النَّوَادِرِ إلَى الْفَرْقِ فَقَالَ: الْمُتَعَلِّقُ بِهِلَالِ رَمَضَانَ هُوَ الشُّرُوعُ فِي الْعِبَادَةِ، وَخَبَرُ الْوَاحِدِ فِيهِ مَقْبُولٌ كَمَا لَوْ أَخْبَرَ بِإِسْلَامِ رَجُلٍ وَالْمُتَعَلِّقُ بِهِلَالِ شَوَّالٍ الْخُرُوجُ مِنْ الْعِبَادَةِ، وَذَلِكَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ كَمَا فِي الشَّهَادَةِ عَلَى رِدَّةِ الْمُسْلِمِ، وَأَشَارَ هُنَا إلَى فَرْقٍ آخَرَ فَقَالَ: الْمُتَعَلِّقُ بِهِلَالِ شَوَّالٍ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلنَّاسِ وَهُوَ التَّرَخُّصُ بِالْفِطْرِ فَيَكُونُ هَذَا نَظِيرَ الشَّهَادَةِ عَلَى حُقُوقِ الْعِبَادِ وَالْمُتَعَلِّقُ بِهِلَالِ رَمَضَانَ مَحْضُ حَقِّ الشَّرْعِ، وَهُوَ الصَّوْمُ الَّذِي هُوَ عِبَادَةٌ يُؤْخَذُ فِيهَا بِالِاحْتِيَاطِ فَلِهَذَا يُكْتَفَى فِيهِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ إذَا كَانَ بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ، وَهَذَا صَحِيحٌ عَلَى مَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُمْ يَصُومُونَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَلَا يُفْطِرُونَ إذَا لَمْ يَرَوْا الْهِلَالَ، وَإِنْ أَكْمَلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا بِدُونِ التَّيَقُّنِ بِانْسِلَاخِ رَمَضَانَ لِلْأَخْذِ بِالِاحْتِيَاطِ فِي الْجَانِبَيْنِ فَأَمَّا ابْنُ سِمَاعَةَ يَرْوِي عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إنَّهُمْ يُفْطِرُونَ إذَا أَكْمَلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ صَوْمَ الْفَرْضِ فِي رَمَضَانَ لَا يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَقَالَ: ابْنُ سِمَاعَةَ فَقُلْت لِمُحَمَّدٍ كَيْف يُفْطِرُونَ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ قَالَ: لَا يُفْطِرُونَ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ بَلْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا حَكَمَ بِدُخُولِ رَمَضَانَ وَأَمَرَ النَّاسَ بِالصَّوْمِ فَمِنْ ضَرُورَتِهِ الْحُكْمُ بِانْسِلَاخِ رَمَضَانَ بَعْدَ مُضِيِّ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفِطْرَ هُنَا مِمَّا تُفْضِي إلَيْهِ الشَّهَادَةُ لَا أَنَّهُ يَكُونُ ثَابِتًا بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ، وَهُوَ نَظِيرُ شَهَادَةِ الْقَابِلَةِ عَلَى النَّسَبِ فَإِنَّهَا تَكُونُ مَقْبُولَةً ثُمَّ يُفْضِي ذَلِكَ إلَى اسْتِحْقَاقِ الْمِيرَاثِ، وَالْمِيرَاثُ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ ابْتِدَاءً وَيَسْتَوِي إنْ شَهِدَ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ عَلَى شَهَادَةِ نَفْسِهِ أَوْ عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا مَحْدُودًا فِي الْقَذْفِ أَوْ غَيْرَ مَحْدُودٍ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بِمَنْزِلَةِ رِوَايَةِ الْأَخْبَارِ فَإِنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَقْبَلُونَ رِوَايَةَ أَبِي بَكْرَةَ بَعْدَ مَا أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ، وَإِنْ حَسُنَتْ تَوْبَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِكَذِبِهِ شَرْعًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمْ الْكَاذِبُونَ} فَإِذَا كَانَ الْمُتَّهَمُ بِالْكَذِبِ، وَهُوَ الْفَاسِقُ غَيْرَ مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ هُنَا فَالْمَحْكُومُ بِكَذِبِهِ كَانَ أَوْلَى.
فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَاحِدِ وَالْمُثَنَّى حَتَّى يَكُونَ أَمْرًا مَشْهُورًا ظَاهِرًا فِي هِلَالِ رَمَضَانَ، وَهَكَذَا فِي هِلَالِ الْفِطْرِ فِي رِوَايَةِ هَذَا الْكِتَابِ وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمُهُمَا اللَّهُ تَعَالَى قَالَ: تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ بِمَنْزِلَةِ حُقُوقِ الْعِبَادِ وَالْأَصَحُّ مَا ذُكِرَ هُنَا فَإِنَّ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ إنَّمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ ظَاهِرٌ يُكَذِّبُهُمَا، وَهُنَا الظَّاهِرُ يُكَذِّبُهُمَا فِي هِلَالِ رَمَضَانَ، وَفِي هِلَالِ شَوَّالٍ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُمَا أُسْوَةُ سَائِرِ النَّاسِ فِي الْمَوْقِفِ وَالْمَنْظَرِ وَحِدَّةِ الْبَصَرِ وَمَوْضِعِ الْقَمَرِ فَلَا تُقْبَلُ فِيهِ الشَّهَادَةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَمْرًا مَشْهُورًا ظَاهِرًا وَقَدْ بَيَّنَّا اخْتِلَافَ الْأَقَاوِيلِ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ.
(قَالَ): وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا جَامَعَ امْرَأَتَهُ نَاسِيًا فِي رَمَضَانَ فَتَذَكَّرَ ذَلِكَ، وَهُوَ مُخَالِطُهَا فَقَامَ عَنْهَا أَوْ جَامَعَهَا لَيْلًا فَانْفَجَرَ الصُّبْحُ، وَهُوَ مُخَالِطُهَا فَقَامَ عَنْهَا مِنْ سَاعَتِهِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، وَقَالَ زُفَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فِي الْوَجْهَيْنِ لِوُجُودِ جُزْءٍ مِنْ الْمُجَامَعَةِ بَعْدَ التَّذَكُّرِ وَانْفِجَارِ الصُّبْحِ إلَى أَنْ نَزَعَ نَفْسَهُ مِنْهَا، وَذَلِكَ يَكْفِي لِإِفْسَادِ الصَّوْمِ وَلَكِنَّا نَقُولُ: ذَلِكَ مِمَّا لَا يُسْتَطَاعُ الِامْتِنَاعُ عَنْهُ، وَمِمَّا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذِهِ الثَّوْبَ، وَهُوَ لَابِسُهُ فَنَزَعَهُ مِنْ سَاعَتِهِ فَهُوَ حَانِثٌ فِي الْقِيَاسِ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِوُجُودِ جُزْءٍ مِنْ اللُّبْسِ بَعْدَ الْيَمِينِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا حِنْثَ؛ لِأَنَّ مَا لَا يُسْتَطَاعُ الِامْتِنَاعُ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ يُوَضِّحُهُ أَنَّ نَزْعَ النَّفْسِ كَفٌّ عَنْ الْمُجَامَعَةِ وَالْكَفُّ عَنْ الْمُجَامَعَةِ رُكْنُ الصَّوْمِ فَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ بَعْدَ انْفِجَارِ الصُّبْحِ وَلَا بَعْدَ التَّذَكُّرِ إلَّا مَا هُوَ رُكْنُ الصَّوْمِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُفْسِدٍ لِصَوْمِهِ أَلَا تَرَى أَنْ اللُّقْمَةَ لَوْ كَانَتْ فِي فِيهِ فَأَلْقَاهَا بَعْدَ التَّذَكُّرِ أَوْ بَعْدَ انْفِجَارِ الصُّبْحِ لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ إلَّا أَنَّ زُفَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُفَرِّقُ فَيَقُولُ: الْمَوْجُودُ هُنَاكَ جُزْءٌ مِنْ إمْسَاكِ اللُّقْمَةِ فِي فِيهِ إلَى أَنْ يُلْقِيَهَا، وَذَلِكَ غَيْرُ مُفْسِدٍ لِلصَّوْمِ وَالْمَوْجُودُ هُنَا جُزْءٌ مِنْ الْجِمَاعِ، وَذَلِكَ مُفْسِدٌ لِلصَّوْمِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ: فِي النَّاسِي لَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ إذَا نَزَعَ نَفْسَهُ كَمَا تَذَكَّرَ، وَإِذَا انْفَجَرَ الصُّبْحُ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَإِنْ نَزَعَ نَفْسَهُ؛ لِأَنَّ آخَرَ الْفِعْلِ مِنْ جِنْسِ أَوَّلِهِ وَأَوَّلُ الْفِعْلِ مِنْ النَّاسِي غَيْرُ مُفْسِدٍ لِلصَّوْمِ مَعَ مُصَادِفَتِهِ وَقْتَ الصَّوْمِ فَكَذَلِكَ آخِرُهُ وَأَوَّلُ الْفِعْلِ فِي حَقِّ الَّذِي انْفَجَرَ لَهُ الصُّبْحُ عَمْدٌ مُفْسِدٌ لِلصَّوْمِ إذَا صَادَفَ وَقْتَ الصَّوْمِ فَكَذَلِكَ آخِرُهُ يُوَضِّحُهُ أَنَّ الشُّرُوعَ فِي الصَّوْمِ يَكُونُ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَاقْتِرَانُ الْمُجَامَعَةِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ فَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَفِي حَقِّ النَّاسِي شُرُوعُهُ فِي الصَّوْمِ صَحِيحٌ، وَلَمْ يُوجَدْ بَعْدَهُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ فَلِهَذَا لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ بَعْدَ مَا نَزَعَ نَفْسَهُ لَوْ أَمْنَى هَلْ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ أَمْ لَا؟ قَالَ: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ لَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ، وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الشَّهْوَةِ كَمَا لَوْ احْتَلَمَ وَلَمْ يُوجَدْ بَعْدَ التَّذَكُّرِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ إلَّا ذَلِكَ وَإِذَا أَتَمَّ الْفِعْلَ بَعْدَ التَّذَكُّرِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ عِنْدَنَا، وَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ لِوُجُودِ الْمُجَامَعَةِ بَعْدَ التَّذَكُّرِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ وَالْمُوجِبُ لِلْكَفَّارَةِ عِنْدَهُ الْجِمَاعُ الْمُعْدِمُ لِلصَّوْمِ، وَقَدْ وُجِدَ فَأَمَّا عِنْدَنَا الْمُوجِبُ لِلْكَفَّارَةِ هُوَ الْفِطْرُ عَلَى وَجْهٍ تَتَكَامَلُ بِهِ الْجِنَايَةُ، وَذَلِكَ لَمْ يُوجَدْ فِيمَا إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ، وَهُوَ مُخَالِطٌ لِأَهْلِهِ فَدَوَامَ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ شُرُوعَهُ فِي الصَّوْمِ لَمْ يَصِحَّ مَعَ الْمُجَامَعَةِ، وَالْفِطْرُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ، وَلَمْ يُوجَدْ وَلَئِنْ كَانَ الْمُوجِبُ لِلْكَفَّارَةِ الْجِمَاعَ الْمُعْدِمَ لِلصَّوْمِ فَالْجِمَاعُ هُوَ إدْخَالُ الْفَرْجِ فِي الْفَرْجِ، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ بَعْدَ التَّذَكُّرِ وَلَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إدْخَالُ الْفَرْجِ فِي الْفَرْجِ، وَإِنَّمَا وُجِدَ مِنْهُ الِاسْتِدَامَةُ، وَذَلِكَ غَيْرُ الْإِدْخَالِ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ، وَهُوَ فِيهَا لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ مَكَثَ فِي الدَّارِ سَاعَةً فَهَذَا مِثْلُهُ، وَلَوْ أَنَّهُ نَزَعَ نَفْسَهُ ثُمَّ أَوْلَجَ ثَانِيًا فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ مِنْهُ ابْتِدَاءً الْمُجَامَعَةُ بَعْدَ صِحَّةِ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ مَعَ التَّذَكُّرِ يَكُونُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، وَهَذَا عَلَى الرِّوَايَةِ الظَّاهِرَةِ فِيمَا إذَا جَامَعَ ثَانِيًا، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ صَوْمَهُ لَمْ يَفْسُدْ بِهِ ثُمَّ أَفْطَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ فَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا لِشُبْهَةِ الْقِيَاسِ فَهُنَا أَيْضًا يَقُولُ: لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ.
(قَالَ): وَلَوْ أَنَّ صَائِمًا ابْتَلَعَ شَيْئًا كَانَ بَيْنَ أَسْنَانِهِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ سِمْسِمَةً كَانَتْ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَغْلُوبٌ لَا حُكْمَ لَهُ كَالذُّبَابِ يَطِيرُ فِي حَلْقِهِ، وَإِنْ تَنَاوَلَ سِمْسِمَةً وَابْتَلَعَهَا ابْتِدَاءً فَهُوَ مُفْطِرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا يُقْصِدُ إبْطَالَ صَوْمِهِ، وَمَعْنَى هَذَا أَنَّهُ إذَا أَدْخَلَ سِمْسِمَةً فِي فَمِهِ فَابْتَلَعَهَا فَقَدْ وُجِدَ مِنْهُ الْقَصْدُ إلَى إيصَالِ الْمُفْطِرِ إلَى جَوْفِهِ، وَذَلِكَ مُفْسِدٌ لِصَوْمِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ بَاقِيًا بَيْنَ أَسْنَانِهِ فَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْقَصْدُ إلَى إيصَالِ الْمُفْطِرِ إلَى جَوْفِهِ، وَاَلَّذِي بَقِيَ بَيْنَ أَسْنَانِهِ تَبَعٌ لِرِيقِهِ، وَلَوْ ابْتَلَعَ رِيقَهُ لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ فَهَذَا مِثْلُهُ يُوَضِّحُ الْفَرْقَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ عَنْ اتِّصَالِ مَا بَقِيَ بَيْنَ أَسْنَانِهِ إلَى جَوْفِهِ خُصُوصًا إذَا تَسَحَّرَ بِالسَّوِيقِ وَمَا لَا يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّائِمَ إذَا تَمَضْمَضَ فَإِنَّهُ يَبْقَى فِي فَمِهِ بَلَّةٌ ثُمَّ تَدْخُلُ بَعْدَ ذَلِكَ حَلَقَهُ مَعَ رِيقِهِ وَأَحَدٌ لَا يَقُولُ: بِأَنَّ ذَلِكَ يُفْطِرُهُ وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ لَحْمٌ بَيْنَ أَسْنَانِ الصَّائِمِ فَابْتَلَعَهُ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ قَالَ: وَهَذَا إذَا كَانَ قَدْرُ الْحِمَّصَةِ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فَبِهَذِهِ الرِّوَايَة يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَلِيلِ الَّذِي لَا يُسْتَطَاعُ الِامْتِنَاعُ عَنْهُ وَبَيْنَ الْكَثِيرِ الَّذِي يُسْتَطَاعُ الِامْتِنَاعُ عَنْهُ ثُمَّ فِي قَدْرِ الْحِمَّصَةِ أَوْ أَكْثَرَ إذَا ابْتَلَعَهُ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَيْضًا وَعِنْدَ زُفَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُتَغَذَّى بِهِ وَلَوْ أَدْخَلَهُ فِي فِيهِ وَابْتَلَعَهُ كَانَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ فَكَذَلِكَ إذَا كَانَ بَاقِيًا بَيْنَ أَسْنَانِهِ فَابْتَلَعَهُ، وَلَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنَّهُ مُتَغَيِّرٌ، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ أَفْطَرَ بِلَحْمٍ مُنْتِنٍ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: مَا بَقِيَ بَيْنَ الْأَسْنَانِ مِمَّا لَا يُتَغَذَّى بِهِ وَلَا يُتَدَاوَى بِهِ فِي الْعَادَةِ وَلَا مَقْصُودًا فَالْفِطْرُ بِهِ لَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ كَالْفِطْرِ بِتَنَاوُلِ الْحَصَاةِ يُوَضِّحُهُ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ ابْتِدَاءً الْأَكْلُ فِي حَالَةِ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْأَكْلِ بِإِدْخَالِ الشَّيْءِ فِي فِيهِ وَإِتْمَامِهِ بِالِاتِّصَالِ إلَى جَوْفِهِ وَحِينَ أَدْخَلَ هَذَا فِي فِيهِ لَمْ يَكُنْ فِعْلُهُ جِنَايَةً عَلَى الصَّوْمِ فَتَتَمَكَّنُ الشُّبْهَةُ فِي حَقِّهِ فِي فِعْلِهِ وَالْكَفَّارَةُ تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ.
وَلَوْ أَنَّ مُسَافِرًا صَامَ فِي رَمَضَانَ عَنْ وَاجِبٍ آخَرَ أَجْزَأَهُ مِنْ ذَلِكَ الْوَاجِبِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَقَعُ صَوْمُهُ عَنْ رَمَضَانَ وَلَا يَكُونُ عَنْ غَيْرِهِ بِنِيَّتِهِ مَرِيضًا كَانَ أَوْ مُسَافِرًا، وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْمَرِيضِ نَصًّا، وَلَكِنْ أَطْلَقَ الْجَوَابَ فِي حَقِّ مَنْ كَانَ مُقِيمًا أَنَّهُ يَكُونُ صَوْمُهُ عَنْ فَرْضِ رَمَضَانَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمَرِيضِ وَالصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ إنَّمَا يُبَاحُ لَهُ التَّرَخُّصُ بِالْفِطْرِ إذَا كَانَ عَاجِزًا عَنْ الصَّوْمِ فَأَمَّا إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الصَّوْمِ فَهُوَ وَالصَّحِيحُ سَوَاءٌ فَيَكُونُ صَوْمُهُ عَنْ فَرْضِ رَمَضَانَ.
وَأَمَّا الْمُسَافِرُ إذَا نَوَى التَّطَوُّعَ فِي رَمَضَانَ فَلَا إشْكَالَ فِي قَوْلِهِمَا أَنَّهُ يَكُونُ صَوْمُهُ عَنْ فَرْضِ رَمَضَانَ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ رِوَايَتَانِ وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ الْمُسَافِرَ إنَّمَا يُفَارِقُ الْمُقِيمَ فِي التَّرَخُّصِ بِالْفِطْرِ فَإِذَا تَرَكَ هَذَا التَّرَخُّصَ كَانَ هُوَ وَالْمُقِيمُ سَوَاءً، وَصَوْمُ الْمُقِيمِ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْرَعْ فِي هَذَا الزَّمَانِ إلَّا هَذَا الصَّوْمُ فَنِيَّتُهُ جِهَةٌ أُخْرَى تَكُونُ لَغْوًا فَكَذَلِكَ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى حَرْفَانِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ أَدَاءَ صَوْمِ رَمَضَانَ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ عَلَى الْمُسَافِرِ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَلَكِنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الصَّوْمِ كَالْمُقِيمِ فِي شَعْبَانَ ثُمَّ هُنَاكَ يَتَأَدَّى صَوْمُهُ عَمَّا نَوَى فَكَذَلِكَ هُنَا، وَعَلَى هَذَا الطَّرِيقِ يَقُولُ: إذَا نَوَى التَّطَوُّعَ يَكُونُ صَوْمُهُ عَنْ التَّطَوُّعِ، وَالطَّرِيقِ الْآخَرِ أَنَّهُ مَا تَرَكَ التَّرَخُّصَ حِينَ نَوَى وَاجِبًا آخَرَ كَانَ مُؤَاخَذًا بِهِ، وَلَكِنَّهُ صَرَفَ صَوْمَهُ إلَى مَا هُوَ أَهَمُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْآخَرَ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ لَوْ مَاتَ قَبْلَ إدْرَاكِ عِدَّةٍ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ كَانَ مُؤَاخَذًا بِهِ فَيَكُونُ هُوَ مُتَرَخِّصًا بِصَرْفِ الصَّوْمِ إلَى مَا هُوَ الْأَهَمُّ فَإِنَّهُ فِي رَمَضَانَ لَوْ مَاتَ قَبْلَ إدْرَاكِ عِدَّةٍ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ لَمْ يَكُنْ مُؤَاخَذًا بِهِ، وَعَلَى هَذَا الطَّرِيقِ يَقُولُ: إذَا نَوَى التَّطَوُّعَ كَانَ صَائِمًا عَنْ الْفَرْضِ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ التَّرَخُّصَ حِينَ لَمْ يَصْرِفْ الصَّوْمَ إلَى مَا هُوَ الْأَهَمُّ عِنْدَهُ وَإِذَا تَرَكَ التَّرَخُّصَ كَانَ هُوَ وَالْمُقِيمُ سَوَاءً فَيَكُونُ صَوْمُهُ عَنْ رَمَضَانَ.
وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ هَذَا الْيَوْمَ شَهْرًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ ذَلِكَ الْيَوْمَ كُلَّمَا دَارَ إلَى تَمَامِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا مُنْذُ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ فَيَكُونُ صَوْمُهُ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَوْ خَمْسَةِ أَيَّامٍ مِنْ الشَّهْرِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى كَلَامِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ هَذَا الْيَوْمَ كُلَّمَا دَار فِي شَهْرٍ وَيَتَعَيَّنُ لَهُ الشَّهْرُ الَّذِي يَعْقُبُ نَذْرَهُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَجَرَ دَارِهِ شَهْرًا وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ يَوْمًا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ ذَلِكَ الشَّهْرَ مَتَى شَاءَ، وَهُوَ فِي سَعَةٍ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَمُوتَ؛ لِأَنَّ مَعْنَى كَلَامِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ وَقْتًا مِنْ الْأَوْقَاتِ فَيَكُونُ مُوَسِّعًا عَلَيْهِ فِي مُدَّةِ عُمْرِهِ وَحَقِيقَةُ الْفَرْقِ أَنَّ الْيَوْمَ قَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الْوَقْتِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْوَقْتُ، وَالرَّجُلُ يَقُولُ: أَنْتَظِرُ يَوْمَ فُلَانٍ أَيْ وَقْتَ إقْبَالِهِ أَوْ إدْبَارِهِ وَقَدْ يَكُونُ عِبَارَةً عَنْ بَيَاضِ النَّهَارِ عَلَى ضِدِّ اللَّيْلِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فَإِذَا قَرَنَهُ بِذِكْرِ الصَّوْمِ عَرَفْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بَيَاضُ النَّهَارِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتٌ لِلصَّوْمِ وَمِعْيَارٌ لَهُ فَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى قَرَنَ الْيَوْمَ بِالصَّوْمِ فَقَالَ: أَصُومُ هَذَا الْيَوْمَ فَحَمَلْنَاهُ عَلَى بَيَاضِ النَّهَارِ ثُمَّ ذَكَرَ الشَّهْرَ لِبَيَانِ مِقْدَارِ الْأَيَّامِ الَّتِي تَنَاوَلَهَا نَذْرُهُ وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ قَرَنَ الشَّهْرَ بِذِكْرِ الْيَوْمِ فَصَارَ مِقْدَارُ الصَّوْمِ بِذِكْرِ الشَّهْرِ مَعْلُومًا ثُمَّ ذَكَرَ الْيَوْمَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجْعَلَهُ مِعْيَارًا لِلصَّوْمِ فَعَرَفْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْوَقْتُ فَجَعَلْنَا كَأَنَّهُ قَالَ: أَصُومُ هَذَا- الشَّهْرَ وَقْتًا.
(قَالَ): وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ هَذَا الْيَوْمِ غَدًا فَإِنْ قَالَ هَذَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَلَمْ يَكُنْ أَكَلَ فِيهِ شَيْئًا فَعَلَيْهِ صَوْمُ هَذَا الْيَوْمِ، وَإِنْ قَالَ: بَعْدَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَ مَا أَكَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ غَدٍ الْيَوْمَ كَانَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ غَدًا؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْوَقْتَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْكُرَ بَيْنَهُمَا حَرْفَ الْعِطْفِ فَيَكُونُ الْمُعْتَبَرُ مِنْ كَلَامِهِ أَوَّلَ الْوَقْتَيْنِ ذِكْرًا وَيَلْغُو آخِرُ الْوَقْتَيْنِ ذِكْرًا وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا الْأَصْلَ فِي الطَّلَاقِ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ غَدًا فَهِيَ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَلَوْ قَالَ غَدًا الْيَوْمَ تَطْلُقُ غَدًا فَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى الْمُعْتَبَرُ مِنْ كَلَامِهِ ذِكْرُ الْيَوْمِ فَكَأَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ هَذَا الْيَوْمِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَلَمْ يَكُنْ أَكَلَ صَحَّ نَذْرُهُ وَإِلَّا فَلَا، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ الْمُعْتَبَرُ مِنْ كَلَامِهِ قَوْلُهُ غَدًا فَيَكُونُ مُلْتَزِمًا صَوْمَ الْغَدِ بِنَذْرِهِ وَذَلِكَ صَحِيحٌ فَإِنْ أَفْطَرَ فِي الْغَدِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ.
(قَالَ): وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ الْأَيَّامِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ صَوْمُ عَشْرَةِ أَيَّامٍ، وَفِي قَوْلِهِمَا عَلَيْهِ صَوْمُ سَبْعَةِ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّ حَرْفَ اللَّامِ حَرْفُ الْعَهْدِ، وَالْمَعْهُودُ هِيَ الْأَيَّامُ السَّبْعَةُ الَّتِي تَدُورُ عَلَيْهَا الشُّهُورُ وَالسُّنُونَ كُلَّمَا مَضَتْ عَادَتْ فَإِلَيْهَا يَنْصَرِفُ مُطْلَقُ لَفْظِهِ وَأَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ذِكْرُ الْأَلْفِ وَاللَّامِ دَلِيلُ الْكَثْرَةِ فَإِنَّمَا يَنْصَرِفُ كَلَامُهُ إلَى أَكْثَرَ مَا يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الْأَيَّامِ فِي اللُّغَةِ مَقْرُونًا بِالْعَدَدِ، وَذَلِكَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ لِمَا بَعْدَ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ الْأَلْفَ وَاللَّامَ دَلِيلُ الْكَثْرَةِ؛ لِأَنَّهُمَا لِاسْتِغْرَاقِ الْجِنْسِ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ إذَا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ صِيَامُ الشُّهُورِ فَعَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَشَرَةُ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مَا يَتَنَاوَلُهُ لَفْظُ الْجَمْعِ مَقْرُونًا بِالْعَدَدِ فَإِنَّهُ يُقَالُ: عَشَرَةُ أَشْهُرٍ أَوْ شُهُورٍ ثُمَّ يُقَالُ: لِمَا بَعْدَهُ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُهُ صَوْمُ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا بِاعْتِبَارِ الْمَعْهُودِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} وَهِيَ الَّتِي تَدُورُ عَلَيْهَا السُّنُونَ، وَإِنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ صِيَامُ شُهُورٍ فَعَلَيْهِ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّهُ أَدْنَى مَا يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الْجَمْعِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ حَرْفُ الْعَهْدِ وَلَا مَا يَدُلُّ عَلَى الْكَثْرَةِ وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ الْجُمَعِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا عَلَى عَشْرِ جُمَعٍ وَعِنْدَهُمَا عَلَى جُمَعِ الْعُمْرِ وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ جُمَعِ هَذَا الشَّهْرِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ كُلَّ جُمُعَةٍ تَمُرُّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الشَّهْرِ؛ لِأَنَّ الْجُمَعَ جَمْعُ جُمُعَةٍ، وَهُوَ اسْمٌ لِلْيَوْمِ الَّذِي تُقَامُ فِيهِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ صَوْمُ جَمِيعِ ذَلِكَ الشَّهْرِ؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ تُذْكَرُ بِمَعْنَى الْأُسْبُوعِ فِي الْعَادَةِ يَقُولُ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ لَمْ أَلْقَكَ مُنْذُ جُمُعَةٍ وَإِنَّمَا يُرِيدُ بِهِ الْأُسْبُوعَ قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْأَصَحُّ مَا ذَكَرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِالنَّذْرِ إلَّا الْقَدْرُ الْمُتَيَقَّنُ بِهِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ مِنْ مُحْتَمَلَاتِ كَلَامِهِ فَيَلْزَمُهُ الْمُتَيَقَّنُ.
وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ أَيَّامِ الْجُمُعَةِ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمُ سَبْعَةِ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّ الْأَيَّامَ اسْمُ جَمْعٍ فِيهِ يَتَبَيَّنُ أَنْ مُرَادَهُ الْأُسْبُوعُ دُونَ الْيَوْمِ الَّذِي تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ خَاصَّةً وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ جُمُعَةٍ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ قَدْ يَقَعُ عَلَى أَيَّامِ الْجُمُعَةِ السَّبْعَةِ وَقَدْ يَقَعُ عَلَى الْجُمُعَةِ بِعَيْنِهَا فَأَيُّ ذَلِكَ نَوَى عَمِلَتْ نِيَّتُهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَهَذَا عَلَى أَيَّامِ الْجُمُعَةِ سَبْعَةُ أَيَّامٍ، وَهَذَا يُؤَيِّدُ رِوَايَةَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَمْ يُعْتَبَرْ الْمُتَيَقَّنُ هُنَا وَاعْتُبِرَ مَا تَعَارَفَهُ النَّاسُ وَلَكِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنْ هُنَا ذَكَرَ الْجُمُعَةَ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهَذَا اللَّفْظِ الْيَوْمُ الَّذِي تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ لَقُيِّدَ بِذِكْرِ الْيَوْمِ فَتَرْكُ التَّقْيِيدِ هُنَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ الْأَيَّامُ السَّبْعَةُ وَفِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْيَوْمَ فَفِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ هُوَ الْمُرَادُ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْجَمْعَ إلَى الشَّهْرِ فَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ أَيَّامُ الْجُمُعَةِ الَّتِي تَدُورُ فِي الشَّهْرِ (قَالَ) وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ كَذَا كَذَا يَوْمًا فَإِنْ نَوَى عَدَدًا هُوَ مِنْ مُحْتَمَلَاتِ لَفْظِهِ كَانَ عَلَى مَا نَوَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَهُوَ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ كَذَا اسْمٌ لِعَدَدٍ مُبْهَمٍ فَقَدْ ذَكَرَ عَدَدَيْنِ مُبْهَمَيْنِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا حَرْفُ الْعِطْفِ وَأَقَلُّ عَدَدَيْنِ مُفَسَّرَيْنِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا حَرْفُ الْعِطْفِ أَحَدَ عَشَرَ فَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْعَدَدَيْنِ الْمُبْهَمَيْنِ وَلَوْ قَالَ كَذَا وَكَذَا يَوْمًا لَزِمَهُ صَوْمُ أَحَدٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ حَرْفَ الْعِطْفِ بَيْنَ الْعَدَدَيْنِ الْمُبْهَمَيْنِ وَأَقَلُّ عَدَدَيْنِ مُفَسَّرَيْنِ بَيْنَهُمَا حَرْفُ الْعِطْفِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ فَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ مُبْهَمُ كَلَامِهِ إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا آخَر (قَالَ) وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ بِضْعَةَ عَشْرَ يَوْمًا لَزِمَهُ صِيَامُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ الْبِضْعَ أَدْنَاهُ الثَّلَاثَةُ عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّهُ «لَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ} خَاطَرَ أَبُو بَكْرٍ مَعَ قُرَيْشٍ عَلَى أَنَّ الرُّومَ تَغْلِبُ فَارِسَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ إلَى أَنْ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمْ تَعُدُّونَ الْبِضْعَ فِيكُمْ فَقَالَ مِنْ الثَّلَاثِ إلَى سَبْعٍ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ زِدْ فِي الْخَطَرِ وَأَبْعِدْ فِي الْأَجَلِ» فَقَدْ بَيَّنَ أَنَّ أَدْنَى مَا يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الْبِضْعِ ثَلَاثَةٌ فَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْقَدْرُ الْمُتَيَقَّنُ فَلِهَذَا كَانَ عَلَيْهِ صِيَامُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا (قَالَ) وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْم السِّنِينَ فَهُوَ عَلَى عَشْرِ سِنِينَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْأَصْلِ الَّذِي بَيَّنَّا لَهُ وَفِي قَوْلِهِمَا إنْ نَوَى شَيْئًا فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَهُوَ عَلَى جَمِيعِ الْعُمْرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي السِّنِينَ شَيْءٌ مَعْهُودٌ فَيُحْمَلُ لَفْظُهُ عَلَى اسْتِغْرَاقِ الْجِنْسِ وَذَلِكَ جَمِيعُ عُمْرِهِ فِي حَقِّهِ (قَالَ) وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَى صَوْمُ زَمَانٍ أَوْ صَوْمِ الزَّمَانِ فَهَذَا عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّ الزَّمَانَ وَالْحِينَ يُسْتَعْمَلَانِ اسْتِعْمَالًا وَاحِدًا فَإِنَّ الرَّجُلَ يَقُولُ لِغَيْرِهِ لَمْ أَلْقَكَ مُنْذُ زَمَانٍ لَمْ أَلْقَكِ مُنْذُ حِينٍ وَلَفْظُ الْحِينِ يَتَنَاوَلُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ سَوَاءٌ قُرِنَ بِهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ أَوْ لَمْ يُقْرَنْ فَكَذَلِكَ لَفْظُ الزَّمَانِ وَإِنَّمَا حَمَلْنَا لَفْظَ الْحِينِ عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الْمُرَاد سِتَّةُ أَشْهُرٍ ثُمَّ لَفْظُ الْحِينِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَدَ بِمَعْنَى أَشْيَاءَ بِمَعْنَى الْوَقْتِ قَالَ اللَّه تَعَالَى {حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} وَالْمُرَادُ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَبِمَعْنَى أَرْبَعِينَ سَنَةٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَان حِينٌ مِنْ الدَّهْرِ} وَالْمُرَاد أَرْبَعُونَ سَنَةً وَبِمَعْنَى قِيَامِ السَّاعَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ} يَعْنِي قِيَامَ السَّاعَةِ وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِنَذْرِهِ سَاعَةً وَاحِدَةً وَلَا أَرْبَعِينَ سَنَةً؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الْآدَمِيِّ إلَى هَذِهِ الْمُدَّة الطَّوِيلَة لِلصَّوْمِ فِيهَا نَادِر فَعَرَفْنَا أَنَّ الْمُرَادَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَهُوَ الْمُتَوَسِّطُ فِي هَذِهِ الْأَعْدَادِ وَخَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَطُهَا وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ أَبَدٍ أَوْ الْأَبَدِ فَهُوَ عَلَى جَمِيعِ الْعُمْرِ؛ لِأَنَّ الْأَبَدَ مَا لَا غَايَةَ لَهُ وَلَكِنْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ زِيَادَةَ عَلَى مُدَّةِ عُمْرِهِ، وَإِنْ قَالَ صَوْمُ الدَّهْرِ فَأَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَمْ يُوَقِّتْ فِيهِ شَيْئًا وَقَالَ لَا أَدْرِي مَا الدَّهْرُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى جَعَلَا لَفْظَ الدَّهْرِ كَلَفْظِ الْحِينِ وَالزَّمَانِ وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.

ولا تنسونا من صالح الدعاء




lQh dQ[AfE tAdiA hgXrQqQhxE ,QhgX;Qt~QhvQmE:










عرض البوم صور شريف حمدان   رد مع اقتباس
قديم 29 / 04 / 2018, 39 : 08 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
طويلب علم مبتدئ
اللقب:
عضو ملتقى ماسي


البيانات
التسجيل: 21 / 01 / 2008
العضوية: 19
المشاركات: 30,241 [+]
بمعدل : 5.12 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 295
طويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the rough

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
طويلب علم مبتدئ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شريف حمدان المنتدى : ملتقى الفتاوى
بارك الله فيك اخي









عرض البوم صور طويلب علم مبتدئ   رد مع اقتباس
قديم 24 / 04 / 2020, 11 : 11 AM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
شريف حمدان
اللقب:
مدير عام الملتقى والمشرف العام
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية شريف حمدان

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
شريف حمدان متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شريف حمدان المنتدى : ملتقى الفتاوى
جزاكم الله خيرا لمروركم الطيب









عرض البوم صور شريف حمدان   رد مع اقتباس
قديم 13 / 05 / 2020, 36 : 04 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
محمد نصر
اللقب:
عضو ملتقى ماسي
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية محمد نصر


البيانات
التسجيل: 24 / 12 / 2007
العضوية: 9
المشاركات: 65,283 [+]
بمعدل : 10.99 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 6734
نقاط التقييم: 164
محمد نصر has a spectacular aura aboutمحمد نصر has a spectacular aura about

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
محمد نصر متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شريف حمدان المنتدى : ملتقى الفتاوى
بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا









عرض البوم صور محمد نصر   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لَا, الْقَضَاءُ, يَجِبُ, فِيهِ, وَالْكَفَّارَةُ:

جديد ملتقى الفتاوى


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
الحقوق محفوظة لشبكة ملتقى أهل العلم الاسلامي
اختصار الروابط

For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018