الإهداءات | |
ملتقى السيرة النبويه ملتقى خاص بسيرته ... سنته ... آل بيته ... أصحابه ... نصرته والدفاع عنه . |
« آخـــر الــمــواضــيــع » |
كاتب الموضوع | دكتور محمد فخر الدين الرمادي | مشاركات | 426 | المشاهدات | 112849 | | | | انشر الموضوع |
| أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
29 / 09 / 2021, 06 : 08 PM | المشاركة رقم: 381 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : ملتقى السيرة النبويه ﴿ « „ ٩١ ‟ » ﴾ [ ٣ . ] خُرُوجُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- إلَىٰ شِعَابِ مَكَّةَ يُصَلِّي! الْبَحْثُ الثالث(*) خُرُوجُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - إلَىٰ شِعَابِ مَكَّةَ يُصَلِّي! ما زلنا نتعايش أجواء المرحلة المكيّة؛ وهي تلك المرحلة التأسيسية الأولىٰ لمبدأ الإسلام بأفكاره وقيّمه وقناعاته ومقايسه؛ وبناء شخصية حملة الدعوة الأول بشقيها العقلي والنفسي؛ ومَن سيأتي مِن بعدهم، وما زلنا نعيش في مناخ علنية الدعوة مِن رسول الإسلام الخاتم للأنبياء والمتمم للمبتعثين وآخر المرسلين مِن رب العالمين لكافة البشر أجمعين.. و نعلم سِرية بعض افراد التكتل الإسلامي.. نبحث في زمن البعثة المحمدية الأَول؛ وبدايات الرسالة الخاتمة للبشرية: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: „ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يَكْتُمُ أَمْرَهُ فِي أَوَّلِ الْمَبْعَثِ وَيُصَلِّي فِي شِعَابِ مَكَّةَ ثَلَاثَ سِنِينَ ”[(1)]. وَ لَعَلَّ [ ممارسة أعباء ] الدَّعْوَةَ [ ومزاولة نشاطها الحركي؛ وآداء ما فُرض من بدايات أحكام عقائدية وعملية مِن تعليم مبادئ التوحيد ودارسة كيفية عبادة الواحد الأحد ] يَوْمَذَاكَ كَانَتْ مَحْصُورَةً فِي شِعَابِ مَكَّةَ [ واثناءها ما كان يحدث -أيضاً - في دار الأرقم - المدرسة الدعوية الأولى؛ والأكاديمية المحمدية الزاهرة -علىٰ جبل الصفا ] يُحِيطُ بِهَا – أي : „الدَّعْوَةَ” [ في مهدها ]- الْكَرْبُ وَالِابْتِلَاءُ؛ والاختبار والإمتحان يتلوه كرب وابتلاء واختبار بيد أنه [ يجب أن ندرك ] فِي الْقُرْآنِ الْمَكِّيِّ [ أي آيات الذكر الحكيم التي نزلت في أم القرى؛ مكةَ المكرمة ]، وَفِي أَوَائِلِ الدَّعْوَةِ، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِرَسُولِهِ - صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين }[(2)] ؛ وَقَالَ الخبير العليم:{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُون }[(3)] [(4)] !... و الآياتان تهدمان ما يدعيه بعض المستشرقين مِن خصوصية الرسالة للعرب أو لمكة وما حولها. الحال الإبتدائي : والظاهر - مع سرية الدعوة؛ والإعلان عنها فيما بعد؛ حين أُمرَ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- من قِبل صاحب الأمر والنهي سبحانه وتعالىٰ - أنه عليه السلام في بداية أمره-صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- كان يصلي أمام الكعبة مباشرة؛ وأمام أهل مكة؛ كما علمه أمين السماء المَلك جبرائيل -عليه السلام - قَالَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ: أَتَى جِبْرَائِيلُ النَّبِيَّ - صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَوَّلَ مَا أَتَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ وَلَيْلَةَ الْأَحَدِ، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ بِرِسَالَةِ اللَّهِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فَعَلَّمَهُ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ[(5)] ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ فَرَضَ اللَّهُ مِنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ بَعْدَالْإِقْرَارِ بِــ : « التَّوْحِيدِ » وَ « الْبَرَاءَةِ » مِنَ « الْأَوْثَانِ » : « الصَّلَاةُ » ، وَأَنَّ « الصَّلَاةَ » لَمَّا فُرِضَتْ عَلَيْهِ - صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَتَاهُ جِبْرَائِيلُ وَهُوَ بِأَعْلَىٰ مَكَّةَ فَهَمَزَ لَهُ بِعَقِبِهِ فِي نَاحِيَةِ الْوَادِي ، فَانْفَجَرَتْ فِيهِ عَيْنٌ ، فَــ « تَوَضَّأَ » جِبْرَائِيلُ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ « الطَّهُورُ » لِلــ « صَّلَاةِ » ، ثُمَّ «تَوَضَّأَ » رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِوَآلِهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَهُ ، ثُمَّ قَامَ جِبْرَائِيلُ فَــ «صَلَّىٰ » بِهِ ، وَ« صَلَّىٰ» النَّبِيُّ - صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بِصَلَاتِهِ ، ثُمَّ انْصَرَفَ . وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- إِلَىٰ خَدِيجَةَ - رضي الله تعالىٰ عنها وأرضاها - فَعَلَّمَهَا « الْوُضُوءَ » ، ثُمَّ صَلَّىٰ بِهَا فَصَلَّتْ بِصَلَاتِهِ[(6)] ويفهم مِن حيثيات الرواية أن تلك الحادثة تمت فيما بينهما فقط وفي بيت النبي محمد وزوجه؛ والله أعلم! وهنا فائدة : أنَّ مَن علم الرسول الخاتم كيفية « الوضوء » قبل « الصلاة »؛ وكيفية آداءها بعد ذلك هو أمين السماء جبرائيل؛ فنحن أمة تعلمت أحكام الإسلام بواسطة المصطفىٰ المجتبىٰ المحتبىٰ المرتضىٰ كما علمه المَلك المنزل من عند الله تعالىٰ-أمين السماء : جبرائيل -؛ وهذه خصوصية : - دقة التبليغ ؛ و - صحة الآداء؛ وسأعود[مُحَمَّدٌفَخْرُالدينِ؛ الرَّمَادِيُ]-بإذنه تعالى- عند الحديث عن قضية الإسراء والمعراج في مسألة الصلاة وأحكامها .. وسوف تكون هذه المسألة في ملف خاص متعلق بمعجزات نبي الهدى ورسول الرحمة -عليه الصلاة والسلام - .. هذه هي الفائدة الأولى؛ أما : الثانية : فإنه في الدين الخاتم والرسالة المتممة لا تجد مبدأً أو فكرة؛ أو قيمة أو قناعة أو مقياس كالتوحيد - مثلا ؛ في بحثنا هذا- ؛ إلا وله تطبيق عملي في كيفية التعامل معه؛ بــ معنىٰ : وجود النظرية يرافقها التطبيق العملي مباشرة؛ كـ فكرة توحيد الإله وخلع الأوثان والتطبيق العملي في كيفية عبادته -سبحانه وتعالىٰ -... وهذا ومنذ بداية البعثة وبداية التكليف. فكان -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- يصلي مع زوجه السيدة خديجة - رضي الله تعالى عنها - لقول علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه -إذ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: „ ثُمَّ إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - جَاءَ ... وَهُمَا يُصَلِّيَانِ ، فَــ قَالَ عَلِيٌّ: « يَا مُحَمَّدُ مَا هَذَا ؟ » قَالَ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: ⋘ دِينُ اللَّهِ الَّذِي اصْطَفَىٰ لِنَفْسِهِ، وَبَعَثَ بِهِ رُسُلَهُ، فَأَدْعُوكَ إِلَىٰ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَإِلَىٰ عِبَادَتِهِ، وَأَنْ تَكْفُرَ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى ⋙[ (7)]. وهنا فائدة : يتبين مِن هذه الحادثة أن السلوك - الفعل ؛ التصرف - الذي قام به النبي -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وليس الكلام أو الدعوة باللسان فقط دعت علياً إلىٰ الاستفسار والتساؤل : " لماذا يفعل ذلك ابن عمه -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ"... – وحين أجابه المصطفىٰ الهادي كما جاء عند ابن إسحاق في السيرة ؛أجاب عليٌّ بقوله :" فَــ قَالَ عَلِيٌّ : « هَذَا أَمْرٌ لَمْ أَسْمَعْ بِهِ قَبْلَ الْيَوْمِ »[(8)]. إذ لا يوجد آحد مِن أهل مكة - ذاك الوقت - يفعل ما يفعله خاتم الأنبياء -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، ويفهم مِن ذلك أيضا أن السلوك والتصرفات والأفعال تكون ابلغ مِن الحديث والكلام. وهذه فائدة خاصة لحملة الدعوة في كل عصر وزمان. [أ . ] حالةُ الصلاة أمام الكعبة : قَالَ الزُّهْرِيُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَعُمْرَانُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: « أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، وَكَانَ هُوَ وَعَلِيٌّ يَلْزَمَانِ النَّبِيَّ - صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ - صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - ، يَخْرُجُ إِلَىٰ الْكَعْبَةِ أَوَّلَ النَّهَارِ وَ يُصَلِّي صَلَاةَ الضُّحَىٰ، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ لَا تُنْكِرُهَا، وَكَانَ إِذَا صَلَّىٰ غَيْرَهَا قَعَدَ عَلِيٌّ وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ يَرْصُدَانِهِ[(9)]. فائدة: من هذه الرواية نقرأ :" وَكَانَتْ قُرَيْشٌ لَاتُنْكِرُهَا "... وهي البداية الأولىٰ الفردية؛ والظاهر هنا أنه دون دعوة علنية؛ أما إذا انتشرت هذه الظاهرة الجديدة علىٰ المجتمع المكي، وأيضا في المجتمعات الحديثة .. أي قول أو فكر فردي لا تهتم به الجهات المعنية بمراقبة ومراجعة ما يحدث في المجتمع، أما إذا أخذت صورة جماعية تنظيمية تكتلية فلا بد من وقفة من تلك الجهات المعنية ... وسأتكلم عنها في البحوث القادمة -إن الله تعالىٰ– وفي نفس المسألة؛ أي بداية أمر البعثة المحمدية الخاتمة؛ تأتي رواية نثبتها في هذا المبحث وهي : [ب . ] حالةُ الصلاة أمام الكعبة: وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي الْأَشْعَثِ الْكِنْدِيُّ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ،حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي إِيَاسِ بْنِ عُفَيِّفٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عُفَيِّفٍ وَكَانَ عُفَيِّفٌ أَخَا الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ لِأُمِّهِ أَنَّهُ قَالَ : „ كُنْتُ امْرَأً تَاجِرًا، فَقَدِمْتُ مِنًىٰ أَيَّامَ الْحَجِّ، وَكَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ امْرَأً تَاجِرًا ، فَأَتَيْتُهُ أَبْتَاعُ مِنْهُ وَأَبِيعُهُ ” ، قَالَ : „ فَبَيْنَا نَحْنُ.. إِذْ خَرَجَ رَجُلٌ مَنْ خِبَاءٍ فَقَامَ يُصَلِّي تِجَاهَ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ خَرَجَتِ امْرَأَةٌ فَقَامَتْ تُصَلِّي، وَخَرَجَ غُلَامٌ فَقَامَ يُصَلِّي مَعَهُ ”، فَقُلْتُ : „ يَا عَبَّاسُ مَا هَذَا الدِّينُ ؟، إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَا نَدْرِي مَا هُوَ ؟ ” ، فَقَالَ : „ هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ ، وَأَنَّ كُنُوزَ كِسْرَى وَقَيْصَرَ سَتُفْتَحُ عَلَيْهِ ، وَهَذِهِ امْرَأَتُهُ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ آمَنَتْ بِهِ، وَهَذَا الْغُلَامُ ابْنُ عَمِّهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ آمَنَ بِهِ ”. قَالَ عُفَيِّفٌ: „ فَلَيْتَنِي كُنْتُ آمَنْتُ يَوْمَئِذٍ فَكُنْتُ أَكُونُ ثَانِيًا” . وَتَابَعَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ وَ قَالَ فِي الْحَدِيثِ : „ إِذْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ خِبَاءٍ قَرِيبٍ مِنْهُ فَنَظَرَ إِلَىٰ السَّمَاءِ ، فَلَمَّا رَآهَا قَدْ مَالَتْ قَامَ يُصَلِّي . ثُمَّ ذَكَرَ قِيَامَ خَدِيجَةَ وَرَاءَهُ” [(10)] . ونستوضح هذه الرواية السابقة بالألفاظ وطريق آخر : " وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ خُثَيْمٍ عَنْ أَسَدِ بْنِ عَبْدَةَ الْبَجَلِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُفَيِّفٍ عَنْ عُفَيِّفٍ قَالَ :„ جِئْتُ زَمَنَ الْجَاهِلِيَّةِ إِلَىٰ مَكَّةَ فَنَزَلْتُ عَلَىٰ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ فَلَمَّا طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَحَلَّقَتْ فِي السَّمَاءِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَىٰ الْكَعْبَةِ، أَقْبَلَ شَابٌّ فــَــ رَمَىٰ بِبَصَرِهِ إِلَىٰ السَّمَاءِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْكَعْبَةَ، فَــ قَامَ مُسْتَقْبِلَهَا، فَلَمْ يَلْبَثْ حَتَّىٰ جَاءَ غُلَامٌ فَقَامَ عَنْ يَمِينِهِ، فَلَمْ يَلْبَثْ حَتَّىٰ جَاءَتِ امْرَأَةٌ فَقَامَتْ خَلْفَهُمَا، فَرَكَعَ الشَّابُّ فَرَكَعَ الْغُلَامُ وَالْمَرْأَةُ، فَرَفَعَ الشَّابُّ فَرَفَعَ الْغُلَامُ وَالْمَرْأَةُ، فَخَرَّ الشَّابُّ سَاجِدًا فَسَجَدَا مَعَهُ”. ... فَقُلْتُ : „ يَا عَبَّاسُ أَمْرٌ عَظِيمٌ ” . فَقَالَ : „ أَمْرٌ عَظِيمٌ ”. فَقَالَ : „ أَتَدْرِي مَنْ هَذَا ؟ ” فَقُلْتُ : „ لَا ”. فَقَالَ : „ هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ، ابْنُ أَخِي ... أَتَدْرِي مَنِ الْغُلَامُ ؟ ” قُلْتُ : „ لَا ”. قَالَ : „ هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. .. أَتَدْرِي مَنْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ الَّتِي خَلْفَهُمَا ؟ ” قُلْتُ : „ لَا ”. قَالَ : „ هَذِهِ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ زَوْجَةُ ابْنِ أَخِي ، وَهَذَا حَدَّثَنِي أَنَّ رَبَّكَ رَبَّ السَّمَاءِ أَمَرَهُ بِهَذَا الَّذِي تَرَاهُمْ عَلَيْهِ ، وَايْمُ اللَّهِ مَا أَعْلَمُ عَلَىٰ ظَهْرِ الْأَرْضِ كُلِّهَا أَحَدًا عَلَىٰ هَذَا الدِّينِ غَيْرَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ”[(11)]. و اختلف في أول من اسلم وكذا في أول من صلىٰ مع رسول الله -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- : «ذِكْرُ الِاخْتِلَافِ فِي أَوَّل[(12)] مَنْ أَسْلَمَ » اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَوَّلِ مَنْ أَسْلَمَ، مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَىٰ أَنَّ خَدِيجَةَ - رضي الله تعالى عنها - أَوَّلُ خَلْقِ اللَّهِ إِسْلَامًا[ (13)]، فَــ قَالَ قَوْمٌ : أَوَّلُ ذَكَرٍ آمَنَ عَلِيٌّ. رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ -عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ : أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَأَخُو رَسُولِهِ ، وَأَنَا الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ لَا يَقُولُهَا بَعْدِي إِلَّا كَاذِبٌ مُفْتَرٍ ، صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ النَّاسِ بِسَبْعِ سِنِينَ . قلت[مُحَمَّدٌفَخْرُالدينِ؛الرَّمَادِيُ]:" هذه الرواية فيها نظر ؛ ولا تعتبر؛ وراويها من أهل التشيع؛ فيسقط الاستدلال بها؛ مع حفظ مقام ودرجة الإمام علي بن أبي طالب - كرم الله تعالى وجهه - (!)". وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : „ أَوَّلُ مَنْ صَلَّى عَلِيٌّ.“ وَ قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ: „ بُعِثَ النَّبِيُّ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ، وَصَلَّىٰ عَلِيٌّ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ“ [(14)] وَقَالَ زَيْدُ بْنُ الْأَرْقَمِ : „ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- عَلِيٌّ”.[(15)] وَ الرواية عند الكامل :" قَالَ عُفَيْفٌ الْكِنْدِيُّ: كُنْتُ امْرَأً تَاجِرًا فَقَدِمْتُ مَكَّةَ أَيَّامَ الْحَجِّ فَأَتَيْتُ الْعَبَّاسَ ، فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ إِذْ خَرَجَ رَجُلٌ فَقَامَ تُجَاهَ الْكَعْبَةِ يُصَلِّي، ثُمَّ خَرَجَتِ امْرَأَةٌ تُصَلِّي مَعَهُ، ثُمَّ خَرَجَ غُلَامٌ فَقَامَ يُصَلِّي مَعَهُ. فَقُلْتُ : „ يَا عَبَّاسُ مَا هَذَا الدِّينُ ؟ ” ، فَقَالَ : „ هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ ابْنُ أَخِي، زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ وَأَنَّ كُنُوزَ كِسْرَى وَقَيْصَرَ سَتُفْتَحُ عَلَيْهِ، وَهَذِهِ امْرَأَتُهُ خَدِيجَةُ آمَنَتْ بِهِ، وَهَذَا الْغُلَامُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ آمَنَ بِهِ، وَايْمُ اللَّهِ مَا أَعْلَمُ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَحَدًا عَلَى هَذَا الدِّينِ إِلَّا هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ ! ” ، قَالَ عُفَيْفٌ: „ لَيْتَنِي كُنْتُ رَابِعًا” [(16)]. وعلىٰ هذا التساؤل: أي « ذِكْرُ الِاخْتِلَافِ فِي أَوَّلِ مَنْ أَسْلَمَ »... (!) فـــ : " أَجَابَ أَبُوحَنِيفَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ، بِالْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ - التي ذكرت في البحوث السابقة - بِأَنَّ : - أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الرِّجَالِ الْأَحْرَارِ « أَبُوبَكْرٍ »؛ وَ - مِنَ النِّسَاءِ « خَدِيجَةُ »، وَ - مِنَ الْمَوَالِي « زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ»، وَ مِنَ الْغِلْمَانِ « عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ »-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ- [(17)]. و تأتي قصة توضح المقصود : فقد ثَبَتَ فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ" مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ السُّلَمِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ : „أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ-صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فِي أَوَّلِ مَا بُعِثَ وَهُوَ بِمَكَّةَ [وفي رواية : بِــ „عُكَاظَ” [(18)] ، وَهُوَ حِينَئِذٍ مُسْتَخْفِيًا ”، فَقُلْتُ : „ مَا أَنْتَ ؟ ” ، قَالَ : ⋘ أَنَا نَبِيٌّ ⋙ . فَقُلْتُ : „ وَمَا النَّبِيُّ ؟ ” ، قَالَ : ⋘ رَسُولُ اللَّهِ ⋙ . قُلْتُ : „ آللَّهُ أَرْسَلَكَ ؟ ” ، قَالَ : ⋘ نَعَمْ ⋙ . قُلْتُ : „ بِمَ أَرْسَلَكَ ؟ ” ؛ قَالَ : ⋘ بِأَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَتَكْسِرَ الْأَصْنَامَ ، وَتَصِلَ الْأَرْحَامَ ⋙ . قَالَ : قُلْتُ : „ نِعْمَ مَا أَرْسَلَكَ بِهِ ، فَمَنْ مَعَكَ عَلَى هَذَا ؟ ” ، قَالَ : ⋘ حُرٌّ وَ عَبْدٌ ⋙ . [يَعْنِي أَبَابَكْرٍ وَ بِلَالًا ] قَالَ : فَكَانَ عَمْرٌو يَقُولُ : „ لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَأَنَا رُبُعُ الْإِسْلَامِ”. قَالَ : „ فَأَسْلَمْتُ ” . قُلْتُ : „ فَأَتَّبِعُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ” . قَالَ : ⋘ لَا ، وَلَكِنِ الْحَقْ بِقَوْمِكَ ، فَإِذَا أُخْبِرْتَ أَنِّي قَدْ خَرَجْتُ فَاتَّبِعْنِي ⋙[(19)]. و هنا يتدخل قلم الحافظ ابن كثير :". وَيُقَالُ : إِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : ⋘ حُرٌّ وَ عَبْدٌ ⋙ . اسْمُ جِنْسٍ، وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ بِــ « أَبِي بَكْرٍ » وَ « بِلَالٍ » فَقَطْ فِيهِ نَظَرٌ؛ فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ جَمَاعَةٌ قَدْ أَسْلَمُوا قَبْلَ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ وَقَدْ كَانَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ أَسْلَمَ قَبْلَ بِلَالٍ أَيْضًا، فَلَعَلَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ رُبُعُ الْإِسْلَامِ بِحَسَبِ عِلْمِهِ؛ فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا إِذْ ذَاكَ يَسْتَسِرُّونَ بِإِسْلَامِهِمْ لَا يَطَّلِعُ عَلَىٰ أَمْرِهِمْ كَثِيرُ أَحَدٍ مِنْ قَرَابَاتِهِمْ، دَعِ الْأَجَانِبَ ، دَعْ أَهْلَ الْبَادِيَةِ مِنَ الْأَعْرَابِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ[(20)]. الحالة الثانية : « خُرُوجُ عَلِيٍّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- إلَىٰ شِعَابِ مَكَّةَ يُصَلِّيَانِ » ننتقل إلىٰ حال آخر؛ إذ أن الحال الأول صلاته- عليه السلام - أمام الكعبة وعلىٰ مرأى مِن قريش؛ فقد قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ-صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-كَانَ إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، خَرَجَ إِلَىٰ شِعَابِ مَكَّةَ وَمَعَهُ عَلِيٌّ فَيُصَلِّيَانِ فَإِذَا أَمْسَيَا رَجَعَا [(21)] *.] الصَّلَاةُ في شِعَابِ مَكَّةَ [(22)] [خُرُوجُ عَلِيٍّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ-صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-إلَى شِعَابِ مَكَّةَ يُصَلِّيَانِ، وَ وُقُوفُ أَبِي طَالِبٍ عَلَى أَمْرِهِمَا] قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ-صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-كَانَ إذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ خَرَجَ إلَى شِعَابِ مَكَّةَ، وَخَرَجَ مَعَهُ « عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ » مُسْتَخْفِيًا مِنْ أَبِيهِ أَبِي طَالِبٍ. وَمِنْ جَمِيعِ أَعْمَامِهِ وَسَائِرِ قَوْمِهِ، فَيُصَلِّيَانِ الصَّلَوَاتِ فِيهَا، فَإِذَا أَمْسَيَا رَجَعَا. فَمَكَثَا كَذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَا. ثُمَّ إنَّ أَبَاطَالِبٍ عَثَرَ عَلَيْهِمَا يَوْمًا وَهُمَا يُصَلِّيَانِ، فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ-صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: „ يَا ابْنَ أَخِي مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي أَرَاكَ تَدِينُ بِهِ ؟ ” ، قَالَ : ⋘ أَيْ عَمِّ، هَذَا دِينُ اللَّهِ، وَدِينُ مَلَائِكَتِهِ، وَدِينُ رُسُلِهِ، وَدِينُ أَبِينَا إبْرَاهِيمَ- أَوْ كَمَا قَالَ-صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-- بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ رَسُولًا إلَى الْعِبَادِ، وَأَنْتَ أَيْ عَمِّ، أَحَقُّ مَنْ بَذَلْتُ لَهُ النَّصِيحَةَ، وَدَعَوْتُهُ إلَى الْهُدَى، وَأَحَقُّ مَنْ أَجَابَنِي إلَيْهِ وَأَعَانَنِي عَلَيْهِ ⋙، أَوْ كَمَا قَالَ ؛ فَــ قَالَ أَبُوطَالِبٍ: „ أَيْ ابْنَ أَخِي، إنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أُفَارِقَ دِينَ آبَائِي وَمَا كَانُوا عَلَيْهِ، وَلَكِنْ وَاَللَّهِ لَا يَخْلُصُ إلَيْكَ بِشَيْءٍ تَكْرَهُهُ مَا بَقِيتُ ” . وَذَكَرُوا أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ: „ أَيْ بُنَيَّ، مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ ؟” ، فَقَالَ : « يَا أَبَتِ، آمَنْتُ بِاَللَّهِ وَبِرَسُولِ اللَّهِ، وَصَدَّقْتُهُ بِمَا جَاءَ بِهِ، وَصَلَّيْتُ مَعَهُ لِلَّهِ وَاتَّبَعْتُهُ » . فَزَعَمُوا أَنَّهُ قَالَ لَهُ :„ أَمَا إنَّهُ لَمْ يَدْعُكَ إلَّا إلَى خَيْرٍ فَالْزَمْهُ” [(23)]. وفي رواية : وَكَانَ النَّبِيُّ-صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-إِذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ انْطَلَقَ هُوَ وَعَلِيٌّ إِلَى بَعْضِ الشِّعَابِ بِمَكَّةَ فَيُصَلِّيَانِ وَيَعُودَانِ[(24)]. وعند القاري:" كَمَا رَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ عَلَىٰ غَايَةٍ مِنَ الِاسْتِخْفَاءِ، وَكَانُوا يَسْتَخْفُونَ بِصَلَاتِهِمْ فِي الشِّعَابِ[(25)] * ] (خُرُوجُ الرَّسُولِ-صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-بِأَصْحَابِهِ إلَىٰ شِعَابِ مَكَّةَ) قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ-صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-إذَا صَلَّوْا،… ذَهَبُوا فِي الشِّعَابِ، فَاسْتَخْفَوْا بِصَلَاتِهِمْ مِنْ قَوْمِهِمْ[(26)] أما من حيث اللُغة: فــ الشِّعْبُ : انفراجٌ بين الجبلين، والجمع : شِعابٌ . والشِّعْبُ: الطريقُ. و شِعَابِ مَكَّةَ " جَمْعُ شِعْبٍ بِكَسْرِ الشِّينِ، وَهُوَ الطَّرِيقُ فِي الْجَبَلِ، وَ أَمَّا الشَّعْبُ بِالْفَتْحِ فَهُوَ مَا يُشَعَّبُ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ[(27)]. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ (يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ) ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ﴿ سنن الأنبياء؛ وسبل العلماء؛ وبساتين البلغاء؛ والأعجاز العلمي عند الحكماء في تأويل آيات الذكر الحكيم المنزل من السماء ﴾ بحوث: «السِّيرَة النَّبَوِيَّة» الشريفة؛ علىٰ صاحبها أفضل الصلوات وأتم السلامات وكامل البركات والرحمات وعلى آله وصحابته الكرام؛ وعلىٰ مَن اتبع هداه واستن طريقته والتزم سنته، (*) تكملة مَبَاحِث: ﴿„ ٦ ” ﴾ المجلد السادس مِن „ علنية الدعوة .. .. سرية التكتل “ حُرِّرَ سَنَةَ 1443 مِن السنة الْهِجْرِيَّةِ الْمُقَدَّسَةِ - هجرة سيدنا محمد رسول الله وخاتم النبيين- الأربعاء، 22 صفر، ~ 29 سبتمبر، 2021م مِن الميلاد العجيب للسيد المسيح ابن مريم العذراء البتول - عليهما السلام- الرَّمَادِيُ مِنْ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ ــــــــــــــــــــــــــــــ أعد هذا الملف : د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ؛ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِن ثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِــالدِّيَارِ المِصْرَية الْمَحْمِيَّةِ -حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى- | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
30 / 09 / 2021, 31 : 07 PM | المشاركة رقم: 382 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : ملتقى السيرة النبويه | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
19 / 10 / 2021, 28 : 07 PM | المشاركة رقم: 383 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : ملتقى السيرة النبويه ﴿«„٩٢‟»﴾ الْهِجْرَة [ ٧ ] الْمُجَلَّدُ السَّابِعُ مِنْ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ اَلْعَطِرةِ „صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَىٰ آلِهِ وَسَلَّمَ، أَزْكَىٰ صَلَوَاتِهِ، وَأَفْضَلَ سَلَامِهِ، وَأَتَمَّ تَحِيَّاتِهِ“ ؛ قَرَاءَها وَرَاجَعَها ثمَّ جَمَعَهَا فَكَتَبَهَا : د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدين بْنُ إبراهيم الرَّمَادِيُ مِنْ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ غَفَرَ اللَّهُ - سبحانه وتعالىٰ - لِوَالِدَيْهِ وَلَهُ وَمُعَلِمِيهِ وَمَشَايخِهِ وكلِ مَن له فضلٌ عليه وَجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ. *:" ﴿«„٩٢‟»﴾ " الْهِجْرَةُ " بُحُوثٌ ﴿سنن الأنبياء؛ وسبل العلماء؛ وبساتين البلغاء؛ والأعجاز العلمي عند الحكماء في تأويل آيات الذكر الحكيم المنزل من السماء﴾ :" تَمْهِيدٌ ". منذ اللحظة الأولىٰ مِن مبعثه [] وبعد حديثٍ مع القِص -ورقة بن نوفل- ؛ وفي حوار بينهما بحضور زوج النبي السيدة خديجة بنت خويلد [رضي الله عنها وأرضاها] روته لنا السيدة عائشة بنت أبي بكر [رضي الله عنها وأرضاها وعن أبيها] في صحيح البخاري.. منذ تلك اللحظة علمَ صاحبُ الرسالة العصماء: آخر المرسلين ومتمم المبتعثين وخاتم الأنبياء أنه سيخرج مِن موطنه - مكةَ - وسيغادر مسقط رأسه الشريف... فقد... * . ] انْطَلَقَتْ بِهِ [] خَدِيجَةُ [رضي الله عنها وأرضاها] حَتَّىٰ أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِالْعُزَّى -ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ-، وَكَانَ امْرَأً قَدْ تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعِبْرَانِيَّ؛ فَيَكْتُبُ مِنْ الْإِنْجِيلِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ .... فَــ قَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ : „ يَا ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنْ ابْنِ أَخِيكَ ” ؛ فَــ قَالَ لَهُ وَرَقَةُ : „ يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَىٰ ” ، فَــ أَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَبَرَ مَا رَأَىٰ .... فَــ قَالَ لَهُ وَرَقَةُ : „ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ [ﷻ] عَلَىٰ مُوسَىٰ ... يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا ... لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ « يُخْرِجُكَ » قَوْمُكَ” . فَــ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ⋘أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ!!⋙ قَالَ : „ نَعَمْ؛ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ .... وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا " [.(1).] . بيد أن الواقع الفعلي لِمَا حدث في المرحلة المكية لمَن أمن بالدين الجديد عقيدةً؛ أي أن الإله واحد أحد فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد؛ فلا تصح أن تكون له صاحبة ولا يجوز أن يكون له ولد... وله سبحانه الأمر والنهي... ومَن أمن بالإسلام منهاجاً في الحياة وطريقة خاصة من العيش وطراز معين من الحياة ونظاماً لا يشبهه آخر... أقول(الرَّمَادِيُ ) الواقع الفعلي يظهر أنه سيكون لهم - رضوان الله تعالىٰ عليهم أجمعين - نصيب من مقولة القص : « وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ » :" إِذْ « يُخْرِجُكَ » قَوْمُكَ " . * . ] وَاسْتَبْعَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُخْرِجُوهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ سَبَبٌ يَقْتَضِي الْإِخْرَاجَ، لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ الَّتِي تَقَدَّمَ مِنْ خَدِيجَةَ وَصْفُهَا[.(2).]. ثُمَّ اسْتَدَلَّتْ عَلَىٰ مَا أَقْسَمَتْ عَلَيْهِ مِنْ نَفْيِ ذَلِكَ أَبَدًابِأَمْرٍ اسْتِقْرَائِيٍّ وَصَفَتْهُ بِأُصُولِ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ؛ لِأَنَّ الْإِحْسَانَ إِمَّا إِلَىٰ الْأَقَارِبِ أَوْ إِلَىٰ الْأَجَانِبِ، وَإِمَّا بِالْبَدَنِ أَوْ بِالْمَالِ، وَإِمَّا عَلَىٰ مَنْ يَسْتَقِلُّ بِأَمْرِهِ أَوْ مَنْ لَا يَسْتَقِلُّ، وَذَلِكَ كُلُّهُ مَجْمُوعٌ فِيمَا وَصَفَتْهُ بِهِ . فَــ قَالَتْ خَدِيجَةُ : - „ كَلَّا ...”؛ ثم أقسمت: - „ وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا ”؛ - „ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ ”؛ - „ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ ”؛ - „ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ ”؛ - „ وَتَقْرِي الضَّيْفَ ”؛ - „ وَتُعِينُ عَلَىٰ نَوَائِبِ الْحَقِّ ”[.(3).] وَ فِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ: - „ وَتُؤَدِّي الْأَمَانَةَ ”؛[.(4).] وَ قَدِ اسْتَدَلَّ ابْنُ الدُّغُنَّةِ بِمِثْلِ تِلْكَ الْأَوْصَافِ عَلَىٰ أَنَّ أَبَابَكْرٍ لَا يُخْرَجُ[.(5).]. وهذا ما سأبحثه في ورقة البحث القادمة ... وهي المسألة التي اصطلح عليها « الهجرة » ... و هي لغةً: * . ] ( هَجَرَ ) الْهَاءُ وَالْجِيمُ وَالرَّاءُ يَدُلُّ عَلَىٰ قَطِيعَةٍ وَقَطْعٍ[.(6).]، * . ] قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: وَأَصْلُ الْمُهَاجَرَةِ عِنْدَ الْعَرَبِ : خُرُوجُ الْبَدَوِيِّ مِنْ بَادِيَتِهِ إِلَىٰ الْمُدُنِ؛ يُقَالُ : هَاجَرَ الرَّجُلُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ كَلُّ مُخْلٍ بِمَسْكَنِهِ مُنْتَقِلٍ إِلَىٰ قَوْمٍ آخَرِينَ بِسُكْنَاهُ[.(7).]، فَقَدْ هَاجَرَ قَوْمَهُ . وَسُمِّيَ الْمُهَاجِرُونَ مُهَاجِرِينَ لِأَنَّهُمْ تَرَكُوا دِيَارَهُمْ وَمَسَاكِنَهُمُ الَّتِي نَشَئُوا بِهَا لِلَّهِ، وَلَحِقُوا بِدَارٍ لَيْسَ لَهُمْ بِهَا أَهْلٌ وَلَا مَالٌ حِينَ هَاجَرُوا إِلَىٰ الْمَدِينَةِ؛ فَكُلُّ مَنْ فَارَقَ بَلَدَهُ مِنْ بَدَوِيٍّ أَوْ حَضَرِيٍّ أَوْ سَكَنَ بَلَدًا آخَرَ، فَهُوَ مُهَاجِرٌ وَ الْاسْمُ مِنْهُ :« الْهِجْرَةُ »[.(8).]. قال الله عزَّوجلَّ : { وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً }[.(9).] [.(10).] . * . ] ( الهُجْرَة ) بالكسر [الْهِجْرَةُ] والضمّ[.(11).] ؛ الْهُجْرَةُ : أي الْخُرُوجُ مِنْ أَرْضٍ إِلَىٰ أَرْضٍ[.(12).]أخرىٰ[.(13).] ومن فعل ذلك فقد هاجَر[.(14).]. وَالْمُهَاجِرُونَ : الَّذِينَ ذَهَبُوا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُشْتَقٌّ مِنْهُ[.(15).] . * . ] وَهَاجَرَ الْقَوْمُ مِنْ دَارٍ إِلَىٰ دَارٍ : تَرَكُوا الْأُولَىٰ لِلثَّانِيَةِ، كَمَا فَعَلَ الْمُهَاجِرُونَ حِينَ هَاجَرُوا مِنْ مَكَّةَ إِلَىٰ الْمَدِينَةِ[.(16).]. * . ] قَالَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ- { وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً }[.(17).] وَ كُلُّ مَنْ أَقَامَ مِنَ الْبَوَادِي بِمَبَادِيِهِمْ وَمَحَاضِرِهِمْ فِي الْقَيْظِ وَلَمْ يَلْحَقُوا بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَتَحَوَّلُوا إِلَىٰ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي أُحْدِثَتْ فِي الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ ، فَهُمْ غَيْرُ مُهَاجِرِينَ ، وَلَيْسَ لَهُمْ فِي الْفَيْءِ نَصِيبٌ وَيُسَمَّوْنَ الْأَعْرَابَ[.(18).. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْهِجْرَتَانِ : - هِجْرَةٌ إِلَى الْحَبَشَةِ وَ - هِجْرَةٌ إِلَىٰ الْمَدِينَةِ . وَالْمُهَاجَرَةُ مِنْ أَرْضٍ إِلَىٰ أَرْضٍ : تَرْكُ الْأُولَىٰ لِلثَّانِيَةِ[.(19).] . قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ : الْهِجْرَةُ هِجْرَتَانِ : إِحْدَاهُمَا الَّتِي وَعَدَ اللَّهُ عَلَيْهَا الْجَنَّةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَىٰ :{ إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ }[.(20).] . فَكَانَ الرَّجُلُ يَأْتِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَدَعُ أَهْلَهُ وَيترك مَالَهُ وَلَا يَرْجِعُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَيَنْقَطِعُ بِنَفْسِهِ إِلَىٰ مُهَاجَرِهِ[.(21).]. * . ] المُهاجَرَة في الأصل مُصارَمةُ الغَيرِ ومُتارَكَتُه قال الله - عزَّوجلَّ - : { وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًارَّحِيمًا }[.(22).] [.(23).]. * . ] وعند الأصوليين يوجد لديهم تعريف للدار؛ وبسقوط الدولة العثمانية سقط معها هذا التعريف: ولا يغرنك ما قالت به فرقة خارجة سميت في وسائل الإعلام بـ : داعش... فــ في قَوْلُهُ تَعالى : { وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ }[.(24).]الخروجُ من دارِ الكُفر إلى دارِ الإيمان قال الله - عزَّ وجلَّ - : " ومن يُهاجِرْ في سبيل الله يَجِدْ في الأرضِ مُرَاغَماً كثيراً وسَعَةً "[.(25).].و الهِجْرَتان قال الله عزَّ وجلَّ : " ومن يُهاجِرْ في سبيل الله يَجِدْ في الأرضِ مُرَاغَماً كثيراً وسَعَةً "[.(26).] :هِجرَةٌ إلىٰ الحبَشَة وهِجرَةٌ إلىٰ المدينة وهذا هو المُراد من الهِجْرَتَيْن إذا أُطلِقَ ذِكرُهما ... قاله ابنُ الأثير . و المُهاجَرَةُ[.(27).]من أرضٍ إلىٰ أرض[.(28).]: تَرْكُ الأولىٰ للثانية ، وذو الهِجْرَتَيْن من الصَّحابة : مَن هاجَرَ إليْهما[.(29).]. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ سلسلة بحوث ﴿سنن الأنبياء؛ وسبل العلماء؛ وبساتين البلغاء؛ والأعجاز العلمي عند الحكماء في تأويل آيات الذكر الحكيم المنزل من السماء﴾ „أبحاث تمهيدية لمستقبل أمة غائبة ‟ د. مُحَمَّدُالرَّمَادِيُّ بِـ ثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِـ مِصْرَ الْمَحْمِيَّةِ- حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى– Dr. MUHAMMAD ELRAMADY حُرِّرَ في يوم الثلاثاء : 13 من شهر ربيع الأول 1442 من هجرة سيدنا محمد رسول الله وخاتم النبيين ~ الموافق 19 من شهر أكتوبر عام 2021 من الميلاد العجيب للسيد المسيح ابن مريم العذراء البتول - عليهما السلام-. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ ". الْهِجْرَةُ" ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ *(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)* -*-* | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
19 / 10 / 2021, 08 : 08 PM | المشاركة رقم: 384 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : ملتقى السيرة النبويه ﴿«„٩٣‟»﴾ محاولة الصديق للهجرة [٧ ] الْمُجَلَّدُ السَّابِعُ مِنْ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ؛ " الْهِجْرَةُ " الْبَابُ الْأَوَّلُ : محاولة الصديق للهجرة عَزْمَ الصِّدِّيقِ عَلَىٰ الْهِجْرَةِ إِلَىٰ الْحَبَشَةِ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- كَمَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ ،حِينَ ضَاقَتْ عَلَيْهِ مَكَّةُ ، وَأَصَابَهُ فِيهَا الْأَذَىٰ ، وَرَأَىٰ مِنْ تَظَاهُرِ قُرَيْشٍ عَلَىٰ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ مَا رَأَى ، اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْهِجْرَةِ ، فَأَذِنَ لَهُ ، فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مُهَاجِرًا ، حَتَّى إِذَا سَارَ مِنْ مَكَّةَ يَوْمًا أَوْيَوْمَيْنِ ، لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ ؛ أَخُو بَنِي الْحَارِثِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ الْأَحَابِيشِ . قَالَ الْوَاقِدِيُّ: اسْمُهُ الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ أَحَدُ بَنِي بَكْرٍ مِنْ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ. وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ: ابْنُ الدَّغِنَةِ اسْمُهُ مَالِكٌ ؛ فَــ قَالَ : إِلَىٰ أَيْنَ يَاأَبَا بَكْرٍ ؟ [1] و رَوَىٰ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَاً تَفَرِّدَ بِهِ ، وَفِيهِ زِيَادَةٌ حَسَنَةٌ [2] ، فَقَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ [3] قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتْ : لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ [قَطُّ] إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا وَيَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَرَفَيِ النَّهَارِ: بُكْرَةً وَعَشِيًّا [4]، فَلَمَّا ابْتُلِيَ الْمُسْلِمُونَ [5] خَرَجَ أَبُوبَكْرٍ مُهَاجِرًا قِبَلَ أَرْضِ الْحَبَشَةِ ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَرْكَ الْغَمَادِ ، لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَّةِ وَهُوَ سَيِّدُ الْقَارَّةِ ،[6] قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ ؟ قَالَ: أَخْرَجَنِي قَوْمِي[7] ، وَآذَوْنِي ، وَضَيَّقُوا عَلَيَّ[8] ، فَأُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِي الْأَرْضِ وَأَعْبُدَ رَبِّي[9] قَالَ: وَلِمَ ؟[10] ، إِنَّ مِثْلَكَ [ يَا أَبَا بَكْرٍ ] لَا يَخْرُجُ [11] ؛ [ وَلَايُخْرَجُ مِثْلُهُ ] ، فَوَاللَّهِ إِنَّكَ لَــ - تَزِينُ الْعَشِيرَةَ[12] [13] ، وَ - تَفْعَلُ الْمَعْرُوفَ [14] - تُكْسِبُ الْمَعْدُومَ ، وَ - تَصِلُ الرَّحِمَ ، وَ - تَحْمِلُ الْكَلَّ ، وَ - تَقْرِي الضَّيْفَ ، وَ - تُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، ارْجِعْ فَإِنَّكَ فِي جِوَارِي [15] . وَأَنَا لَكَ جَارٌ [16]، فَارْجِعْ فَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبِلَادِكَ [17]. فَرَجَعَ وَارْتَحَلَ ابْنُ الدَّغِنَّةِ مَعَ أَبِي بَكْرٍ [18]،حَتَّى إِذَا دَخَلَ مَكَّةَ [19] فَطَافَ [ابْنُ الدَّغِنَةِ عَشِيَّةً] فِي أَشْرَافِ قُرَيْشٍ ، وقَامَ ابْنُ الدَّغِنَةِ ... فَقَالَ لَهُمْ : يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ [20] ، إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَا يُخْرَجُ مِثْلُهُ وَلَا يَخْرُجُ ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلًا يُكْسِبُ الْمَعْدُومَ ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ ، وَيَحْمِلُ الْكَلَّ ، وَيَقْرِي الضَّيْفَ ، وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ! [21]، إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ ابْنَ أَبِي قُحَافَةَ فَلَا يَعْرِضْ لَهُ أَحَدٌ إِلَّا بِخَيْرٍ [22] ، [فَلَمْ تُكَذِّبْ قُرَيْشٌ بِجِوَارِ ابْنِ الدَّغِنَةِ ] ، قَالَتْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا -: فَكَفُّوا عَنْهُ [23]. فَأَنْفَذَتْ قُرَيْشٌ جِوَارَ ابْنِ الدَّغِنَّةِ [24]، وَقَالُوا لَهُ : مُرْ أَبَا بَكْرٍ [فَلْــ ] يَعْبُدْ رَبَّهُ فِي دَارِهِ ، فَلْيُصَلِّ [ فِيهَا ] وَلْيَقْرَأْ مَا شَاءَ ، وَلَا يُؤْذِينَا بِذَلِكَ ، وَلَا يَسْتَعْلِنُ بِهِ ، فَإِنَّا نَخْشَىٰ أَنْ يُفْتَنَ أَبْنَاؤُنَا وَنِسَاؤُنَا . فَقَالَ ذَلِكَ [ ابْنُ الدَّغِنَةِ ] لِأَبِي بَكْرٍ . فَلَبِثَ [ أَبُو بَكْرٍ ] يَعْبُدُ رَبَّهُ [ فِي دَارِهِ ] وَ لَا يَسْتَعْلِنُ بِالصَّلَاةِ وَ لَا الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ دَارِهِ [25 ] ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ ، فَابْتَنَىٰ مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ وَ بَرَزَ ،فَيُصَلِّي فِيهِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ [26 ]، قَالَتْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا -: وَكَانَ لِأَبِي بَكْرٍ مَسْجِدٌ عِنْدَ بَابِ دَارِهِ فِي بَنِي جُمَحَ ، فَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ ، وَكَانَ رَجُلًا رَقِيقًا ، إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ اسْتَبْكَىٰ [27]. فَيَتَقَصَّفُ عَلَيْهِ [ فَيَتَقَذَّفُ عَلَيْهِ ] نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ [ 28 ] ؛ قَالَتْ : فَيَقِفُ عَلَيْهِ الصِّبْيَانُ وَالْعَبِيدُ وَالنِّسَاءُ ، يَعْجَبُونَ لِمَا يَرَوْنَ مِنْ هَيْئَتِهِ [ 29 ] ، وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ ، [وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً] فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَكَادُ يَمْلِكُ دَمْعَهُ حِينَ يَقْرَأُ [ 30] [الْقُرْآنَ]، فَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ . قَالَتْ عَائِشَةُ زَوْجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ و - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا -: فَمَشَى رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَىٰ ابْنِ الدَّغِنَّةِ ، وَأَرْسَلُوا إِلَيه ، فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ [ 31 ]، فَقَالُوا لَهُ : [ إِنَّا كُنَّا أَجَرْنَا أَبَا بَكْرٍ بِجِوَارِكَ عَلَىٰ أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ ، فَقَدْ جَاوَزَ ذَلِكَ ، فَابْتَنَىٰ مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ ، فَأَعْلَنَ فِي الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ فِيهِ ، وَإِنَّا قَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتَتِنَ أَبْنَاؤُنَا وَنِسَاؤُنَا ، فَانْهَهُ ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَىٰ أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ ، فَعَلَ ، وَإِنْ أَبَىٰ إِلَّا أَنْ يُعْلِنَ ذَلِكَ ، فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْكَ ذِمَّتَكَ ، وأَنْ يَرُدَّ عَلَيْكَ جِوَارَكَ ،فَإِنَّا قَدْ كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لِأَبِي بَكْرٍ الِاسْتِعْلَانَ . و أضافوا: إِنَّكَ لَمْ تُجِرْ هَذَا الرَّجُلَ لِيُؤْذِيَنَا ، إِنَّهُ رَجُلٌ إِذَا صَلَّىٰ وَقَرَأَ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ يَرِقُّ ، وَكَانَتْ لَهُ هَيْئَةٌ وَنَحْوٌ ، فَنَحْنُ نَتَخَوَّفُ عَلَىٰ صِبْيَانِنَا وَنِسَائِنَا وَضُعَفَائِنَا أَنْ يَفْتِنَهُمْ ، فَأْتِهِ فَمُرْهُ بِأَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ ، فَلْيَصْنَعْ فِيهِ مَا شَاءَ [32]. قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا -: فَمَشَىٰ ابْنُ الدَّغِنَةِ إِلَيْهِ [33]...فَأَتَىٰ ابْنُ الدَّغِنَّةِ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ : قَدْ عَلِمْتَ الَّذِي عَقَدْتُ لَكَ عَلَيْهِ ، فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ ، وَإِمَّا أَنْ تَرُدَّ إِلَيَّ ذِمَّتِي ، فَإِنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ الْعَرَبُ أَنِّي أُخْفِرْتُ فِي رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ [34 ] فَقَالَ : يَا أَبَا بَكْرٍ إِنِّي لَمْ أُجِرْكَ لِتُؤْذِيَ قَوْمَكَ ، وَقَدْ كَرِهُوا مَكَانَكَ الَّذِي أَنْتَ بِهِ ، وَتَأَذَّوْا بِذَلِكَ مِنْكَ ، فَادْخُلْ بَيْتَكَ فَاصْنَعْ فِيهِ مَا أَحْبَبْتَ [ 35 ] قَالَ أَبُوبَكْرٍ: [ فَإِنِّي ] أَرُدُّ إِلَيْكَ جِوَارَكَ وَأَرْضَىٰ بِجِوَارِ اللَّهِ - تعالىٰ- ... وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ [ 36]. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ؛ قَالَ : لَقِيَهُ - يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ - حِينَ خَرَجَ مِنْ جِوَارِ ابْنِ الدَّغِنَةِ سَفِيهٌ مِنْ سُفَهَاءِ قُرَيْشٍ ، وَهُوَ عَامِدٌ إِلَىٰ الْكَعْبَةِ ، فَحَثَا عَلَىٰ رَأْسِهِ تُرَابًا ، فَمَرَّ بِأَبِي بَكْرٍ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ... أَوِ... الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : أَلَا تَرَى مَا يَصْنَعُ هَذَا السَّفِيهُ ؟ ، فَقَالَ: أَنْتَ فَعَلْتَ ذَلِكَ بِنَفْسِكَ . وَهُوَ- يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ - يَقُولُ : أَيْ رَبِّ ، مَا أَحْلَمَكَ ! أَيْ رَبِّ ، مَا أَحْلَمَكَ ! أَيْ رَبِّ ، مَا أَحْلَمَكَ!. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ *(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ) الثلاثاء، 13 ربيع الأول، 1443هــ ~* 19 أكتوبر، 2021 م الرَّمَادِيُّ | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
09 / 11 / 2021, 54 : 05 PM | المشاركة رقم: 385 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : ملتقى السيرة النبويه ﴿«„٩٤‟»﴾: الْهِجْرَةُ الْأُولَىٰ إلَىٰ أَرْضِ الْحَبَشَة ِ! أحداث العام: 6 قبل الهـجرة الشريفة ~ 616 بعد الميلاد العجيب ما زلنا عزيز(تــ)ـي القارئــ(ــة)مِن خلال هذه البحوث نتعايش معاً فترة العهد المكي ؛ بما تحمل هذه الفترة في صميمها مِن صخب الرفض التام لما يدعو إليه خاتم الأنبياء وآخر المرسلين ومتمم المبتعثين [(1)]، ويظهر لنا مِن بين جوانبها ارتفاع درجة الاضطهاد ؛ وما آل إليه حال المستضعفين من زيادة مقدار التعذيب لمَن أمن بالله رباً واحداً ؛ وسبب الرفض والتعذيب مِن قِبل مشركي مكة وعبَّاد أوثانها وإن كان أمام أعينهم ليل نهار البيت العتيق .. والذي هو : { أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِين }[(1)] .. سبب الرفض أنهم لا يريدون الإيمان بإله واحد أحد ؛ وسبب التعذيب لأوائل مَن أمن بمحمد رسول الله [ (2)] هو قضية الأمر الإلٰهي بفعل أو قول ؛ وهذا شق ، أما الثاني : فهو النهي عن فعل أو قول أو تصرف ؛ قضية الأوامر والنواهي ؛ أي قضية التكليف مِن قِبل الخالق مبدع الإنسان وهو سبحانه القائل : { لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم} [(2)] لكنهم كما يحدث في بعض الأزمنة يُغَلِبون الهوىٰ ؛ ويحتكمون لرغباتهم وشهواتهم فيترتب علىٰ ذلك ما اثبته القرآن الكريم فنطق يقول : { ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِين } [(3)] ثم يأتي الاستثناء : { إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُون }[(4)] ... اليوم -بمشيئته وعونه وتوفيقه - أكملُ الحديث عن مفصل هام يربط بين روابط العهد المكي ومراحله وبين بداية روابط العهد المدني ومراحله .. هذا المفصل الهام : وهو «الهجرة » . ﴿ ١ ﴾ قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمَّا رَأَىٰ رَسُولُ اللَّهِ [(3)] مَا يُصِيبُ أَصْحَابَهُ مِنْ الْبَلَاءِ ، وَمَا هُوَ فِيهِ مِنْ الْعَافِيَةِ ، بِمَكَانِهِ مِنْ اللَّهِ [ ﷻ ] وَمِنْ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ ،وَأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَىٰ أَنْ يَمْنَعَهُمْ مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنْ الْبَلَاءِ[(5)] فلم يخل أحد من المسلمين الذين ارتقوا إلىٰ درجة المؤمنين مِن أَذِيّةٍ لحقته، ولكن كل ذٰلك ضاع سدًى تلقاء ثباتهم وعظيم إيمانهم، فإنهم لم يُسلِموا لغرض دنيوي يرجون حصوله فيسهل إرجاعهم، ولكن وفقهم الله [ ﷻ ] لإدراك حقيقة الإيمان فرأوا كل شيء دونه سهلاً. ﴿ ٢ ﴾ إشَارَةُ رَسُولِ اللَّهِ [ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ] عَلَىٰ أَصْحَابِهِ بِالْهِجْرَةِ[(6)] رأىٰ المشركون ضعفهم عن مقاومة المسلمين بالبرهان، فــ تحولوا إلىٰ سياسة القوة التي اختارها قوم إبراهيم عندما عجزوا عنه حيث قالوا: { حَرّقُوهُ وَانصُرُواْ ءالِهَتَكُمْ }[(7)] .. أما هؤلاء فازدادوا بالأذىٰ علىٰ كل مَن أسلم رجاء صدّهم عن اتّباع الرسول [عليه الصلاة والسلام]، ولم يتركوا باباً إلا ولجوه، فقال [عليه الصلاة والسلام] لأصحابه: «تفرقوا في الأرض، فإن الله سيجمعكم » ، فسألوه عن الوجه فأشار إلىٰ الحبشة. ". لذا فــ :" عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ] زَوْجِ النَّبِيِّ [ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ] أَنَّهَا قَالَتْ : „لَمَّا ضَاقَتْ عَلَيْنَا مَكَّةُ ، وَأُوذِيَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ [ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ] وَفُتِنُوا ، وَرَأَوْا مَا يُصِيبُهُمْ مِنَ الْبَلَاءِ وَالْفِتْنَةِ فِي دِينِهِمْ ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ [ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ] لَا يَسْتَطِيعُ دَفْعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ [ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ] فِي مَنَعَةٍ مِنْ قَوْمِهِ وَعَمِّهِ ، لَا يَصِلُ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا يَكْرَهُ مَمَّا يَنَالُ أَصْحَابَهُ ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ [ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ] : « إِنَّ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ مَلِكًا لَا يُظْلَمُ أَحَدٌ عِنْدَهُ ، فَالْحَقُوا بِبِلَادِهِ حَتَّىٰ يَجْعَلَ اللَّهُ لَكُمْ فَرَجًا وَمَخْرَجًا مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ » . فَخَرَجْنَا إِلَيْهَا أَرْسَالًا حَتَّىٰ اجْتَمَعْنَا بِهَا ، فَنَزَلْنَا خَيْرَ دَارٍ إِلَىٰ خَيْرِ جَارٍ أَمِنَّا عَلَىٰ دِينِنَا ، وَلَمْ نَخْشَ مِنْهُ ظُلْمًا ”. وفي رواية ثانية عَنْها أنها قَالَتْ :" لَمَّا أُمِرْنَا بِالْخُرُوجِ إِلَىٰ الْحَبَشَةِ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ [ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ] حِينَ رَأَى مَا يُصِيبُنَا مِنَ الْبَلَاءِ : « الْحَقُوا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ فَإِنَّ بِهَا مَلِكًا لَا يُظْلَمُ عِنْدَهُ أَحَدٌ ، فَأَقِيمُوا بِبِلَادِهِ حَتَّىٰ يَجْعَلَ اللَّهُ مَخْرَجًا مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ ». فَــ : „ قَدِمْنَا عَلَيْهِ فَاطْمَأْنَنَّا فِي بِلَادِهِ ”. الْحَدِيثَ . [(8)]". ﴿ ٣ ﴾ فعند ذلك تجهزَ ناسٌ للخروج من ديارهم وترك أموالهم فراراً بدينهم كما أشار [عليه الصلاة والسلام]، وهذه هي أول هجرة مِن مكة، وعدّة أصحابها عشرة رجال وخمس نسوة: فَخَرَجَ : - عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ بن أبي العاص بن أمية ومَعَهُ امرأته : رُقَيَّةُ ابْنَةُ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - [(9)]، قَالَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ فِي" تَارِيخِهِ " : قَالَ : حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، قَالَ : „ أَوَّلُ مَنْ هَاجَرَ إِلَىٰ اللَّهِ بِأَهْلِهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ“ قَالَ : سَمِعْتُ النَّضْرَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا حَمْزَةَ يَعْنِي أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، يَقُولُ: „ خَرَجَ عُثْمَانُ بِرُقَيَّةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ [ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] إِلَىٰ الْحَبَشَةِ ، فَأَبْطَأَ خَبَرُهُمْ ، فَقَدِمَتِ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ ، فَقَالَتْ : „ يَا مُحَمَّدُ قَدْ رَأَيْتُ خَتَنَكَ وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ “، فَقَالَ :« عَلَىٰ أَيِّ حَالٍ رَأَيْتِهِمَا » . قَالَتْ : „ رَأَيْتُهُ حَمَلَ امْرَأَتَهُ عَلَىٰ حِمَارٍ مِنْ هَذِهِ الدَّبَّابَةِ ، وَهُوَ يَسُوقُهَا“ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ [ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ]: « صَحِبَهُمَا اللَّهُ ، إِنَّ عُثْمَانَ أَوَّلُ مَنْ هَاجَرَ بِأَهْلِهِ بَعْدَ لُوطٍ . « [(10)]. و - أبو سلمة بْنُ عَبْدِالْأَسَدِ بن هلال بن عبدالله بن عمر الْمَخْزُومِيُّ ؛ ومعه زوجه أُم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم [ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ ] ، و - أخوه لأمهِ أبو سَبْرة بن أبي رُهْم بْنِ عَبْدِالْعُزَّى الْعَامِرِيُّ ، وزوجه أم كلثوم، و - عامر بن ربيعة حَلِيفُ آلِ الْخَطَّابِ وزوجه ليلىٰ بِنْتُ أَبِي حَثْمَةَ الْعَدَوِيَّةُ ، وَ - أَبُو حُذَيْفَةَ وَلَدُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِشَمْسٍ وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ سَهْلَةُ بنت سُهَيل بْنِ عَمْرٍو؛ أحد بني عامر بن لؤي، فَوَلَدَتْ لَهُ بِالْحَبَشَةِ مُحَمَّدًا ، و - عبدالرحمٰن بن عوف بن عبدعوف بن عبد بن الحارث بن زهرة ، و - عثمان بن مظعون، و - من بني عبدالدار بن قصي : مصعب بن عمير بن هاشم بن عبدمناف بن عبدالدار [ الْعَبْدَرِيُّ ] ، و - سُهَيْل بن البيضاء ، وَهُوَ سُهَيْلُ بْنُ وَهْبٍ بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة الْحَارِثِيُّ ، وَ - الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ بن خويلد بن أسد ؛ من بني أسد بن عبدالعزى بن قصي ، وجُلّهم من قريش، وكان عليهم ــــ فيما روىٰ ابن هشام ــــ عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح[(11)] ، وَغَيْرُهُمْ تَمَامَ عَشَرَةِ رِجَالٍ ؛ وهذا ما قال به ابن هشام :" فكان هؤلاء العشرة أول من خرج من المسلمين إلىٰ أرض الحبشة ". وَقِيلَ : أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا وَأَرْبَعُ نِسْوَةٍ ، وَكَانَ مَسِيرُهُمْ فِي رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسٍ مِنَ النُّبُوَّةِ ، وَهِيَ السَّنَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ إِظْهَارِ الدَّعْوَةِ ، فَأَقَامُوا شَعْبَانَ وَشَهْرَ رَمَضَانَ[(12)] ، فَكَانُوا أَوَّلَ مَنْ هَاجَرَ إِلَىٰ الْحَبَشَةِ . فساروا علىٰ بركة الله، ولما انتهوا إلىٰ البحر، استأجروا سفينة أوصلتهم إلىٰ مقصدهم، فأقاموا آمنين من أذًىٰ يلحق بهم من المشركين، ولم يبق مع النبي [عليه الصلاة والسلام] إلا القليل . ثُمَّ خَرَجَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، وَتَتَابَعَ الْمُسْلِمُونَ إِلَىٰ الْحَبَشَةِ. ثُمَّ سَمَّىٰ ابْنُ إِسْحَاقَ جَمَاعَتَهُمْ ، وَقَالَ : „ فَكَانَ جَمِيعُ مَنْ لَحِقَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ ، أَوْ وُلِدَ بِهَا ، ثَلَاثَةً وَثَمَانِينَ رَجُلًا ، فَعَبَدُوا اللَّهَ وَحَمِدُوا جِوَارَ النَّجَاشِيِّ ”. وهنا يطرح السؤال نفسه : إى أين يذهبون!؟ ؛ وكيف يغادون موطنهم ومكان معاشهم وأرض أجدادهم وأبائهم وذويهم وتجاراتهم ويتركون بيوتهم وأهليهم وناسهم!؟... فتصاحبهم حالة رفض كامل مِن مَن يعيشون معهم في مكة من أقاربهم وجيرانهم ... رفض لما يعتقدونه ويؤمنون به وضاقت عليهم السبل ... فهل لم يتبقَ أمامهم سوىٰ المغادرة القَصْرية وترك خلفهم ما كانوا يستعملونه!؟. فــ [ إشَارَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَىٰ أَصْحَابِهِ بِالْهِجْرَةِ[(13)] ] هذه المسألة : « الهجرة » صاحبت الكثير من أنبياء الله تعالىٰ ؛ وتحتاج إلىٰ تسليط الضوء عليها وأضعها - مِن بعد إذنه ومشيئته - في ملاحق السيرة النبوية! أمام التعذيب والاضطهاد وعدم مقدرة المسلمين علىٰ حماية أنفسهم ... في هذه الأجواء المشحونة برفض وغضب واستهزاء واستنكار وإهانة وتعذيب وضرب أختار الرسول الأعظم مكاناً بما لديه من معلومات سابقة عن الحاكم وعن الأرض ؛ فيقول ؛ كما قَالَ الْبَكَّائِيُّ ؛ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: قَالَ [عليه الصلاة والسلام]، لَهُمْ : « لَوْ خَرَجْتُمْ[(14)] إلَىٰ أَرْضِ الْحَبَشَةِ فَإِنَّ بِهَا[(15)]("فِيهَا") مَلِكًا لَا يُظْلَمُ عِنْدَهُ أَحَدٌ ، وَهِيَ أَرْضُ صِدْقٍ ، حَتَّىٰ يَجْعَلَ اللَّهُ لَكُمْ فَرَجًا [(16)](وَمَخْرَجًا) مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ ».[(17)]". فائدة : الظاهر بوضوح - كضوء الشمس في رابعة النهار - لما قاله القائد الأعلى للمسلمين الأوائل ؛ أنه [عليه الصلاة والسلام]، يملك قدراً عالياً من الوعي السياسي وفهماً عميقا صحيحاً لما يحيط بمنطقة مكة سواء شمالها أو جنوبها أو حين يترك شبة جزيرة العرب ومغادرتها بحراً إلىٰ المنطقة المقابلة لها وتقع في قارة آخرىٰ(!) ويتكلمون لغة آخرىٰ غير لغتهم ؛بل ويدينون بدين سابق علىٰ ما يدينون هم به - « „ النصرانية ‟» أو ما يحلو للبعض منهم بتسمية « „ المسيحية ‟» ولا مشاحة في استخدام المصطلح! ؛ فمسألة الوعي الصحيح المبني علىٰ معلومات موثقة يترتب عليهما فهم جيد للواقع إثناء التعامل مع الحدث ..نحتاجها اليوم كما احتاجها النبي [عليه السلام]! فَخَرَجَ عِنْدَ ذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ [ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ] إلَىٰ أَرْضِ الْحَبَشَةِ ، مَخَافَةَ الْفِتْنَةِ ، وَفِرَارًا إلَىٰ اللَّهِ بِدِينِهِمْ ، فَكَانَتْ أَوَّلَ هِجْرَةٍ كَانَتْ فِي الْإِسْلَامِ[( 18)]. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ *(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)* الثلاثاء، 04 ربيع الثاني، 1443 الهجري~ 09 نوفمبر، 2021م من الميلاد العجيب. [٧] الْمُجَلَّدُ السَّابِعُ مِنْ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ؛" الْهِجْرَةُ ؛ الباب الثاني، أعد هذاالملف :د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ؛ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِن ثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِــالدِّيَارِ المِصْرَية الْمَحْمِيَّةِ- حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى- | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
10 / 11 / 2021, 45 : 01 AM | المشاركة رقم: 386 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : ملتقى السيرة النبويه | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
11 / 11 / 2021, 17 : 05 PM | المشاركة رقم: 387 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : ملتقى السيرة النبويه الْهِجْرَةُ الثَّانِيَةُ [ ٣ . ] الْبَابُ الثَّالِثُ: ﴿ ذِكْرُ الْهِجْرَةِ الثَّانِيَةُ إلَىٰ أَرْضِ الْحَبَشَةِ ﴾ - أحداث العام: 6 قبل الهـجرة الشريفة ~ 616 بعد الميلاد العجيب : تمهيد: اليوم .. الأمةُ الإسلاميةُ ؛ وهم الذين يعلنون إسلامهم ثم لا يتقيدون بأوامر الله - تعالىٰ في سماه وتقدست اسماه - ونواهيه ؛ ولا يتبعون النبي الرسول - صلوات الله وسلامه وبركاته عليه وآله ومَن التزم القرآن منهاجاً والسنة المحمدية نبراساً - وهي - هذه الأمة - تزيد علىٰ المليار و 700 مليون - بمجموعها - وليس بافرادها -انظر لحال غالب بلاد المسلمين- ؛ فهناك ثلة تعلم أوامره وتنفذها وتخشى عقابه فتبتعد عن ما نهى على قدر الطاقة وبما فيهم من استطاعة - لذا تحتاج الأمة بمجموعها إلىٰ إعادة النظر بعمق مع التأني بـ قراءة صحيحةٍ وبوعي واستنارة لتلك النصوص الشرعية - ونكتفي كــ مرحلة أولى بــ آيات الأحكام وهي لا تزيد عن خمس مائة [500] آية كريمة - من الكتاب الكريم والذكر الحكيم والفرقان المبين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ؛ لقوله تعالىٰ: { .. وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيز } [*] { لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيد }[(1)] ؛ مع إعادة الربط المحكم بين الكتاب العزيز - وخاصة آيات الأحكام - وبين السنة النبوية المحمدية ؛ ويرافقهما السيرة العطرة - وخاصة أحاديث الأحكام - باعتبارها الطريقة المثلىٰ لأحداث النبوة وتسلسل أحكام الرسالة ؛ ويجاور هذا الاهتداء بسيرته العطرة باعتبارها الكيفية العملية لأحداث الرسالة ؛ يرافق هذا سيرة الشخصيات المحورية التي كانت مع.. وحول الرسول الكريم - رضوان الله تعالىٰ عليهم أجمعين - ... كي تَخْرُج الأمةُ الإسلامية مِن كبوتها وتفيق من غيبوبتها ؛ وتعود خير أمة أخرجت للناس .. وَنِعْمَ مَا قَالُوا : „ لِكُلِّ جَوَادٍ كَبْوَةٌ ” ، وَ : „ لِكُلِّ صَارِمٍ نَبْوَةٌ ” ، وَ لَا غَرْوَ فَــ : „ لِكُلِّ عَالِمٍ هَفْوَةٌ ”» ... و الخروج منهما - أعني الكبوة؛ وهي الْكَبْوَةُ : أي الْوَقْفَةُ كَوَقْفَةِ الْعَاثِرِ ، أَوِ الْوَقْفَةُ عِنْدَ الشَّيْءِ يَكْرَهُهُ الْإِنْسَانُ [(2)] ؛ والغيبوبة - والخروج مِن هذا المأزق نحتاج لدراسة واعية لمثل تلك الشخصية المحورية: أمثال: ﴿ „ جعفر بن أبي طالب ”﴾ رضوان الله تعالى عليه .. فلنستمع إليه : -*-* الرواية من بدايتها : [ إرْسَالُ قُرَيْشٍ إلَىٰ الْحَبَشَةِ فِي طَلَبِ الْمُهَاجِرِينَ إليها ] قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمّا رَأَتْ قُرَيْشٌ أَنّ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَمِنُوا ، وَاطْمَأَنّوا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ ، وَأَنّهُمْ قَدْ أَصَابُوا بِهَا دَارًا وَقَرَارًا ، ائْتَمَرُوا بَيْنَهُمْ أَنّ يَبْعَثُوا فِيهِمْ مِنْهُمْ رَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ جَلْدَيْنِ إلَىٰ النّجَاشِيّ، فَيَرُدّهُمْ عَلَيْهِمْ ؛ لِيَفْتِنُوهُمْ فِي دِينِهِمْ ، وَيُخْرِجُوهُمْ مِنْ دَارِهِمْ ، الّتِي اطْمَأَنّوا بِهَا وَأَمِنُوا فِيهَا ، فَبَعَثُوا : „ ١ ” عَبْدَاللهِ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، وَ „ ٢ ” عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ، وَ جَمَعُوا لَهُمَا : « أ » هَدَايَا لِلــ : ﴿ ١ ﴾: نّجَاشِيّ وَلِــ : ﴿ ٢ ﴾: بَطَارِقَتِهِ، ثُمّ بَعَثُوهُمَا إلَيْهِ فِيهِمْ. -* ﴿ « „ أَبُوطَالِبٍ يَحُضّ النّجَاشِيّ على حسن جوارهم، والدّفع عنهم ” » ﴾ فَقَالَ أَبُوطَالِبٍ - حِينَ رَأَى ذَلِكَ مِنْ رَأْيِهِمْ وَمَا بَعَثُوهُمَا فِيهِ - أَبْيَاتًا لِلنّجَاشِيّ يَحُضّهُ على حسن جوارهم، والدّفع عنهم: أَلَا لَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ فِي النّأْيِ جَعْفَرٌ * وَعَمْرٌو وَأَعْدَاءُ الْعَدُوّ الْأَقَارِبُ وَهَلْ نَالَتْ أَفْعَالُ النّجَاشِيّ جَعْفَرًا ... وَأَصْحَابَهُ أَوْ عَاقَ ذَلِكَ شَاغِبُ تَعَلّمْ- أَبَيْتَ اللّعْنَ- أَنّك مَاجِدٌ ... كَرِيمٌ فَلَا يَشْقَى لَدَيْك الْمُجَانِبُ تَعَلّمْ بِأَنّ اللهَ زَادَك بَسْطَةً ... وَأَسْبَابَ خَيْرٍ كُلّهَا بِك لَازِبُ وَأَنّك فَيْضٌ ذُو سِجَالٍ غَزِيرَةٍ ... يَنَالُ الْأَعَادِي نَفْعَهَا والأقارب - * * * * قال ابن إسحاق: حدثني محمد بن مسلم الزّهْرِيّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِالرّحْمَنِ ابن الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيّ ، عَنْ أُمّ سَلَمَةَ بِنْتِ أَبِي أُمَيّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ زَوْجِ رَسُولِ اللهِ - صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - ، قَالَتْ: « „ لَمّا نَزَلْنَا أَرْضَ الْحَبَشَةِ ، جَاوَرْنَا بِهَا خَيْرَ جَارٍ : ﴿ « „ النّجَاشِيّ ” » ﴾ : « أ » : أَمِنّا عَلَى دِينِنَا ، وَ : « ب : عَبَدْنَا اللهَ - تَعَالَىٰ - ، « „ ج : لَا نُؤْذَىٰ، وَ « „ د » : لَا نَسْمَعُ شَيْئًا نَكْرَهُهُ ، فَــ لَمّا بَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا، ائْتَمَرُوا بَيْنَهُمْ أَنْ يَبْعَثُوا إلَىٰ النّجَاشِيّ فِينَا رَجُلَيْنِ مِنْهُمْ جَلْدَيْنِ، وَأَنْ يُهْدُوا لِلنّجَاشِيّ هَدَايَا مِمّا يُسْتَطْرَفُ مِنْ مَتَاعِ مَكّةَ، وَكَانَ مِنْ أَعْجَبِ مَا يَأْتِيهِ مِنْهَا الْأُدْمُ، فَجَمَعُوا لَهُ أُدْمًا كَثِيرًا، وَلَمْ يَتْرُكُوا مِنْ بَطَارِقَتِهِ بِطْرِيقًا إلّا أَهْدَوْا لَهُ هَدِيّةً، ثُمّ بَعَثُوا بِذَلِكَ عَبْدَاللهِ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ ابن الْمُغِيرَةِ ، وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَأَمَرُوهُمَا بِأَمْرِهِمْ، وَ قَالُوا لَهُمَا :„ ادْفَعَا إلَىٰ كُلّ بِطْرِيقٍ هَدِيّتَهُ قَبْلَ أَنْ تُكَلّمَا النّجَاشِيّ فِيهِمْ، ثُمّ قَدّمَا إلَىٰ النّجَاشِيّ هَدَايَاهُ، ثُمّ سَلَاهُ أَنْ يُسَلّمَهُمْ إلَيْكُمَا قَبْل أَنْ يُكَلّمَهُمْ ” . قَالَتْ: « „ فَخَرَجَا حَتّىٰ قَدِمَا علىٰ النجاشى ، وَنَحْنُ عِنْدَهُ بِخَيْرِ دَارٍ عِنْدَ خَيْرِ جَارٍ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْ بِطَارِقَتِهِ بِطْرِيقٌ إلّا دَفَعَا إلَيْهِ هَدِيّتَهُ قَبْل أَنْ يُكَلّمَا النّجَاشِيّ، وَ ﴿ « „ إحكام المقالة ضد المهاجرين المسلمين ” » ﴾ : قَالَا لِكُلّ بِطْرِيقٍ مِنْهُمْ: „ إنّهُ قَدْ : „ * ” : ضَوَى إلَىٰ بلد الملك مِنّا : „ ١ ” : غِلْمَانٌ „ ٢ ” : سُفَهَاءُ، „ ٣ ” : فَارَقُوا دِينَ قَوْمِهِمْ، وَ „ ٤ ” : لَمْ يدخلوا فى دينكم، و „ ٥ ” : جاؤا بِدِينِ مُبْتَدَعٍ، لَا نَعْرِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتُمْ، وَقَدْ „ بَعَثَنَا إلَى الْمَلِكِ فِيهِمْ أَشْرَافَ قَوْمِهِمْ، لِيَرُدّهُمْ إلَيْهِمْ، فَإِذَا كَلّمْنَا الْمَلِكَ فِيهِمْ ” ؛ فَــ : „ أَشِيرُوا عَلَيْهِ بِأَنْ يُسَلّمَهُمْ إلَيْنَا، وَلَا يُكَلّمَهُمْ ” : فَإِنّ : „ قومهم أعلىٰ بهم عينا، وأعلم بما عابوا عَلَيْهِمْ ” ، فَقَالُوا لَهُمَا: „ نَعَمْ ” . ثُمّ إنّهُمَا قَدّمَا هَدَايَاهُمَا إلَىٰ النّجَاشِيّ فَقَبِلَهَا مِنْهُمَا، ثُمّ كَلّمَاهُ، فَــ قَالَا لَهُ : „ أَيّهَا الْمَلِكُ، إنّهُ قَدْ ضَوَىٰ إلَىٰ بَلَدِك مِنّا غِلْمَانٌ سُفَهَاءُ، فَارَقُوا دِينَ قومهم، ولم يدخلوا فى دينك، وجاؤا بِدِينٍ ابْتَدَعُوهُ، لَا نَعْرِفُهُ نَحْنُ، وَلَا أَنْت، وَقَدْ بَعَثَنَا إلَيْك فِيهِمْ أَشْرَافُ قَوْمِهِمْ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَعْمَامِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ: لِتَرُدّهُمْ إلَيْهِمْ، فَهُمْ أَعْلَىٰ بِهِمْ عَيْنًا، وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ، وَعَاتَبُوهُمْ فِيهِ ” . قَالَتْ: « „ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَبْغَضَ إلَىٰ عبدالله بن أبي ربيعة وعمرو بن الْعَاصِ مِنْ أَنْ يَسْمَعَ كَلَامَهُمْ النّجَاشِيّ ” » . قَالَتْ: فَقَالَتْ بَطَارِقَتُهُ حَوْلَهُ: „ صَدَقَا أَيّهَا الْمَلِكُ، قَوْمُهُمْ أَعْلَىٰ بِهِمْ عَيْنًا، وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ ، فَأَسْلِمْهُمْ إلَيْهِمَا، فَلْيَرُدّاهُمْ إلَى بِلَادِهِمْ وَقَوْمِهِمْ ” . قَالَتْ: فَغَضِبَ النّجَاشِيّ، ثُمّ قَالَ: « لَاهَا اللهِ ، ﴿ « „ قول النجاشي الملك العادل ” » ﴾ : ﴿ ١ ﴾ إذَنْ لَا أُسْلِمُهُمْ إلَيْهِمَا ، وَ ﴿ ٢ ﴾ لَا يَكَادُ قَوْمٌ جَاوَرُونِي ، وَ ﴿ ٣ ﴾ نَزَلُوا بِلَادِي، وَ ﴿ ٤ ﴾ اخْتَارُونِي عَلَى مَنْ سِوَايَ ، حَتّى أَدْعُوَهُمْ ، فَــ ﴿ ٥ ﴾ أَسْأَلَهُمْ عَمّا يَقُولُ هَذَانِ فِي أَمْرِهِمْ ، فَــ إِنْ كَانُوا كَمَا يَقُولَانِ ، أَسْلَمْتهمْ إلَيْهِمَا ، وَ رَدَدْتُهُمْ إلَى قَوْمِهِمْ ، وَإِنْ كَانُوا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ منعتهم منهما ، وأحسنت جوارهم ما جاورونى. ﴿ « „ حوار بين النجاشى وبين المهاجرين ” » ﴾ إحْضَارُ النَّجَاشِيِّ الْمُهَاجِرِينَ ، وَسُؤَالُهُ لَهُمْ عَنْ دِينِهِمْ ، وَجَوَابُهُمْ عَنْ ذَلِكَ: « ١ . » المقطع الأول : إحْضَارُ النَّجَاشِيِّ الْمُهَاجِرِينَ ، وَسُؤَالُهُ لَهُمْ عَنْ دِينِهِمْ ، وَجَوَابُهُمْ عَنْ ذَلِكَ « ١ . ١ . » المشهد الأول : ثُمَّ أَرْسَلَ إلَىٰ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَاهُمْ ، فَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولُهُ اجْتَمَعُوا ، ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ:« مَا تَقُولُونَ لِلرَّجُلِ إذَا جِئْتُمُوهُ » « ١ . ٢ . » المشهد الثاني: قَالُوا : نَقُولُ: « وَاَللَّهِ مَا عَلِمْنَا ، وَمَا أَمَرَنَا بِهِ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَائِنًا فِي ذَلِكَ مَا هُوَ كَائِنٌ ». فَلَمَّا جَاءُوا ، وَقَدْ « ١ . ٣ . » المشهد الثالث: دَعَا النَّجَاشِيُّ أَسَاقِفَتَهُ ، فَــ نَشَرُوا مَصَاحِفَهُمْ حَوْلَهُ سَأَلَهُمْ فَقَالَ لَهُمْ : « ١ . ٤. » المشهد الرابع : مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي قَدْ فَارَقْتُمْ فِيهِ قَوْمَكُمْ ، وَلَمْ تَدْخُلُوا ( بِهِ ) فِي دِينِي ، وَلَا فِي دِينِ أَحَدٍ مِنْ هَذِهِ الْمِلَلِ ؟ قَالَتْ : فَكَانَ الَّذِي كَلَّمَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ( رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ ) ، فَقَالَ لَهُ « ١ . ٥. » المشهد الخامس: أَيُّهَا الْمَلِكُ ، لم يقل له يا صاحب السمو والرفعة ولم يقل له يا جلالة الملك المعظم .. ولكن ناداه بصفته ... المشهد الخامس اقسمه إلى عناوين؛ استمع إلى قول جعفر بقلبك وعقلك وليس بأذنيك « ١ .» العنوان الأول : كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ كيف يا سيدنا جعفر!: ألستم أهل الحرم ! ألستم أصحاب رحلة الشتاء والصيف ! ألستم الذي أطعمكم ربكم من جوع وأمنكم من خوف ! .. أستمع إليه : كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ : « ١ . » نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ ، وَ « ٢ . » نَأْكُلُ الْمَيْتَةَ ، وَ « ٣ . » نَأْتِي الْفَوَاحِشَ ، وَ « ٤ . » نَقْطَعُ الْأَرْحَامَ ، وَ « ٥ . » نُسِيءُ الْجِوَارَ ، وَ « ٦ . » يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ ، فَــ كُنَّا عَلَىٰ ذَلِكَ ، حَتَّىٰ بَعَثَ اللَّهُ إلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا : صِفه لنا يا سيدنا جعفر : « ١ . » نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَ « ٢ . » صِدْقَهُ وَ « ٣ . » أَمَانَتَهُ وَ « ٤ . » عَفَافَهُ ، فَــ إلى ما يدعوكم يا جعفر: دَعَانَا إلَىٰ اللَّهِ لِــ « ١ . » نُوَحِّدَهُ وَ « ٢ . » نَعْبُدَهُ ، وَ « ٣ . » نَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ وَ بناءً على التوحيد والعبادة والخلع بما يأمركم يا جعفر !: « * » أَمَرَنَا بِــ « ١ . » صِدْقِ الْحَدِيثِ ، وَ « ٢ . » أَدَاءِ الْأَمَانَةِ ، وَ « ٣ . » صِلَةِ الرَّحِمِ ، وَ « ٤ . » حُسْنِ الْجِوَارِ ، وَ « ٥ . » الْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ ، وَ وبما ينهاكم يا جعفر !: « ١ . » نَهَانَا عَنْ الْفَوَاحِشِ ، وَ « ٢ . » قَوْلِ الزُّورِ ، وَ « ٣ . » أَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ ، وَ « ٤ . » قَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ ؛ وَ ثم بماذا أمركم : « * » أَمَرَنَا أَنْ : « ١ . » نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ ، « ٢ . » لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ، وَ « * » أَمَرَنَا بِـ « ٣ . » الصَّلَاةِ وَ « ٤ . » الزَّكَاةِ وَ « ٥ . » الصِّيَامِ – قَالَتْ ( أم سلمة ) : فَعَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الْإِسْلَامِ – فَــ فكيف كان تصرفكم - يا جعفر - تجاه حزمة هذه المفاهيم ؛ وكتلة تلك المقاييس ومجموع تلك القناعات ؛ وهذه القيم العالية : « ١ . » صَدَّقْنَاهُ وَ « ٢ . » آمَنَّا بِهِ ، وَ « ٣ . » اتَّبَعْنَاهُ عَلَىٰ مَا جَاءَ بِهِ مِنْ اللَّهِ ، فَــ « ٤ . » عَبَدْنَا اللَّهَ وَحْدَهُ ، فَــ « ٤ . ١ . » لَمْ نُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا ، وَ : « ٥ . » حَرَّمْنَا مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا ، وَ « ٦ . » أَحْلَلْنَا مَا أَحَلَّ لَنَا ، فماذا كان رد فعل قومكم يا سيدنا جعفر!: فَــ « * » عَدَا عَلَيْنَا قَوْمُنَا ، فَــ ماذا فعلوا بكم يا جعفر ! : « ١ . » عَذَّبُونَا ، وَ « ٢ . » فَتَنُونَا عَنْ دِينِنَا ، لِــ « ٣ . » يَرُدُّونَا إلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَىٰ ، وَ « ٤ . » أَنْ نَسْتَحِلَّ مَا كُنَّا نَسْتَحِلُّ مِنْ الْخَبَائِثِ ، فَــ ماذا ستفعلون يا جعفر !: « ١ . » لَمَّا قَهَرُونَا وَ « ٢ . » ظَلَمُونَا وَ « ٣ . » ضَيَّقُوا عَلَيْنَا ، وَ « ٤ . » حَالُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ دِينِنَا ، ماذا ستفعلون يا جعفر !: « ١ . » خَرَجْنَا إلَىٰ بِلَادِكَ ، وَ « ٢ . » اخْتَرْنَاكَ عَلَىٰ مَنْ سِوَاكَ ؛ وَ « ٣ . » رَغِبْنَا فِي جِوَارِكَ ، وَ « ٤ . » رَجَوْنَا أَنْ لَا نُظْلَمَ عِنْدَكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ . ******** بلاغة الفصحاء... وحكمة الحكماء .. وبرهان الأذكياء .. وحجة النبهاء .. وفصاحة العلماء : قَالَتْ ( أم سلمة ) : فَــ ماذا فعل اصحمة النجاشي الحبشي أمام تلك البلاغة والحكمة والبرهان والحجة والفصاحة : قَالَ لَهُ النَّجَاشِيُّ : « هَلْ مَعَكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ عَنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ؟ » قَالَتْ : فَــ قَالَ لَهُ جَعْفَرٌ :« نَعَمْ »؛ فَــ قَالَ لَهُ النَّجَاشِيُّ « فَاقْرَأْهُ عَلَيَّ » ، قَالَتْ : فَقَرَأَ عَلَيْهِ صَدْرًا مِنْ سورة مريم:{ كهيعص } ماذا كان رد فعل الملك النصراني النجاشي!: قَالَتْ : فَــ : « ١ . » بَكَىٰ وَاَللَّهِ النَّجَاشِيُّ حَتَّىٰ اخْضَلَّتْ لِحْيَتُهُ ، وَ « ٢ . » بَكَتْ أَسَاقِفَتُهُ حَتَّىٰ أَخْضَلُّوا مَصَاحِفَهُمْ ، حِينَ سَمِعُوا مَا تَلَا عَلَيْهِمْ . ثُمَّ قَالَ ( لَهُمْ ) النَّجَاشِيُّ : « إنَّ هَذَا وَاَلَّذِي جَاءَ بِهِ عِيسَى لَيَخْرُجُ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ ، انْطَلِقَا ،فَلَا وَاَللَّهِ لَا أُسْلِمُهُمْ إلَيْكُمَا ، وَلَا يُكَادُونَ . ". [ * . ] الْوِشَايَةُ .. وَالسِّعَايَةُ: قَالَتْ ( السيدة الجليلة أم سلمة :" هند " راوية الحديث وشاهدة المواقف كلها ) : فَلَمّا خَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ، قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ :" وَاَللهِ لَآتِيَنّهُ غَدًا عَنْهُمْ بِمَا أَسْتَأْصِلُ بِهِ خَضْرَاءَهُمْ ". قَالَتْ: فَقَالَ لَهُ عَبْدُاللهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ- وَكَانَ أَتْقَى الرّجُلَيْنِ فِينَا :" لَا نَفْعَلُ؛ فَإِنّ لَهُمْ أَرْحَامًا، وَإِنْ كَانُوا قَدْ خَالَفُونَا ". قَالَ :" وَاَللهِ لَأُخْبِرَنّهُ أَنّهُمْ يزعمون أن عيسىٰ بن مَرْيَمَ عَبْدٌ " ، قَالَتْ: ثُمّ غَدًا عَلَيْهِ مِنْ الْغَدِ، فَــ قَالَ لَهُ :" أَيّهَا الْمَلِكُ، إنّهُمْ يَقُولُونَ فى عيسىٰ بن مَرْيَمَ قَوْلًا عَظِيمًا، فَأَرْسِلْ إلَيْهِمْ فَسَلْهُمْ عَمّا يَقُولُونَ فِيهِ " . قَالَتْ: «„ فَأَرْسَلَ إلَيْهِمْ، لِيَسْأَلَهُمْ عَنْهُ ”» . قَالَتْ: «„ وَلَمْ يَنْزِلْ بِنَا مِثْلُهَا قَطّ ”» . فَــ اجْتَمَعَ الْقَوْمُ، ثُمّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ: «„ مَاذَا تَقُولُونَ فى عيسىٰ بن مَرْيَمَ إذَا سَأَلَكُمْ عَنْهُ؟ ”» . قَالُوا: «„ نَقُولُ - وَاَللهِ - [فيه] مَا قَالَ اللهُ، وَمَا جَاءَنَا بِهِ نَبِيّنَا، كَائِنًا فِي ذَلِكَ مَا هُوَ كَائِنٌ ”» . قَالَتْ: «„ فَلَمّا دَخَلُوا عَلَيْهِ ”» ، قَالَ لَهُمْ: „ مَاذَا تَقُولُونَ فى عيسىٰ ابن مريم؟ ” . قالت: «„ فقال [له] جعفر ابن أَبِي طَالِبٍ: «„ نَقُولُ فِيهِ الّذِي جَاءَنَا بِهِ نبيّنا - صلّى الله عليه وسلم - : هُوَ : «„ ١ ”» عَبْدُ اللهِ ؛ وَ : «„ ٢ ”» رَسُولُهُ، وَ : «„ ٣ ”» رُوحُهُ، وَ : «„ ٤ ”» كَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلَىٰ مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ. قَالَتْ: «„ فَضَرَبَ النّجَاشِيّ بِيَدِهِ إلَىٰ الْأَرْضِ، فَأَخَذَ مِنْهَا عُودًا ”» ، ثُمّ قَالَ: „ وَاَللهِ مَا عَدَا عِيسَىٰ ابْنَ مَرْيَمَ مَا قُلْتَ هَذَا الْعُودَ ” ، ثم اصدر النجاشي أوامره : « „ ١. “» الأمر الأول : وجه كلامه إلىٰ بطارقته واساقفته قَالَتْ: «„ فَتَنَاخَرَتْ بَطَارِقَتُهُ حَوْلَهُ حِينَ قَالَ مَا قَالَ ”» ، فَــ قَالَ: „ وَإِنْ نَخَرْتُمْ وَاَللهِ، « „ ٢. “» الأمر الثاني لـلنجاشي : اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ شُيُومٌ بِأَرْضِي ‟ - وَالشّيُومُ: الْآمِنُونَ- « „ ٣. “» الأمر الثالث لــلنجاشي : مَنْ سَبّكُمْ غرم، ثم قال: مَنْ سَبّكُمْ غَرِمَ، ثُمّ قَالَ: « „ ٤. “» الأمر الرابع لــلنجاشي : مَنْ سَبّكُمْ غَرِمَ مَا أُحِبّ أَنّ لِي دَبَرًا مِنْ ذَهَبٍ، وَأَنّي آذَيْت رَجُلًا مِنْكُمْ- ‟. قَالَ ابْنُ هشام: ويقال: دبرى مِنْ ذَهَبٍ. وَيُقَالُ فَأَنْتُمْ سُيُومٌ، وَالدّبَرُ - بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ: الْجَبْلُ - « „ ٥. “» الأمر الخامس لــلنجاشي : „ رُدّوا عَلَيْهِمَا هَدَايَاهُمَا، فَلَا حَاجَةَ لى بها، فو الله مَا أَخَذَ اللهُ مِنّي الرّشْوَةَ حِينَ رَدّ عَلَيّ مُلْكِي، فَآخُذَ الرّشْوَةَ فِيهِ، وَمَا أَطَاعَ النّاسَ فِيّ فَأُطِيعَهُمْ فِيهِ. قَالَتْ: „ فَخَرَجَا مِنْ عنده مقبوحين، مردودا عليهما ما جاآ بِهِ، وَأَقَمْنَا عِنْدَهُ بِخَيْرِ دَارٍ، مَعَ خَيْرِ جار ". (يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَى) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ „ أبحاث تمهيدية لمستقبل أمة غائبة “ سلسلة بحوث: ﴿ سنن الأنبياء؛ وسبل العلماء؛ وبساتين البلغاء؛ والأعجاز العلمي عند الحكماء في تأويل آيات الذكر الحكيم المنزل من السماء ﴾ أبحاث السيرة المحمدية العطرة علىٰ صاحبها أفضل السلامات وكامل الصلوات وعظيم الرحمات والتبريكات! د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِنْ ثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِـ مِصْرَ الْمَحْمِيَّةِ - حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى - حُرِّرَ في يوم الخميس : 06 من شهر ربيع ثان 1443 من هجرة سيدنا محمد رسول الله وخاتم النبيين ومتمم المبتعثين ~ الموافق 11 من شهر نوفمبر عام 2021 من الميلاد العجيب للسيد المسيح ؛ الرسول ابن مريم العذراء البتول - عليهما السلام -. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
12 / 11 / 2021, 56 : 11 AM | المشاركة رقم: 388 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : ملتقى السيرة النبويه [ ٧ ] الْمُجَلَّدُ السَّابِعُ مِنْ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ؛ („ و صَلَّى اللَّهُ عَلَىٰ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ، أَزْكَى صَلَوَاتِهِ وَأَتَمَّ تَحِيَّاتِهِ ، وَأَفْضَلَ سَلَامِهِ ، وَعَلَىٰ آلِهِ وَسَلِّمَ تَسْلِيمًا كَثِيراً “) " الْهِجْرَةُ " " -*-*- الْهِجْرَةُ الثَّانِيَةُ - أحداث العام: 6 قبل الهـجرة الشريفة ~ 616 بعد الميلاد العجيب -*-*- *(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)* ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ „ أبحاث تمهيدية لمستقبل أمة غائبة “ سلسلة بحوث: ﴿ سنن الأنبياء؛ وسبل العلماء ؛ وبساتين البلغاء؛ والأعجاز العلمي عند الحكماء في تأويل آيات الذكر الحكيم المنزل من السماء ﴾ أبحاث السيرة المحمدية العطرة علىٰ صاحبها أفضل السلامات وكامل الصلوات وعظيم الرحمات والتبريكات! ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِنْ ثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِـ مِصْرَ الْمَحْمِيَّةِ -حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى– حُرِّرَ في يوم الجمعة: ٧ من شهر ربيع الثاني ١٤٤٣ من هجرة سيدنا محمد رسول الله وخاتم النبيين ومتمم المبتعثين ~ الموافق ١٢ من شهر نوفمبر عام ٢٠٢١ من الميلاد العجيب للسيد المسيح ؛ الرسول ابن مريم العذراء البتول - عليهما السلام -. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
12 / 11 / 2021, 46 : 02 PM | المشاركة رقم: 389 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : ملتقى السيرة النبويه ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــتنبيه: هذه البحوث تخص موقع :"ملتقى أهل العلم"؛ فلا تنقل إلا بإذن خاص من إدارة الموقع! ﴿ « „ ٩٦‟ » ﴾ [ ٧ ] " الْمُجَلَّدُ السَّابِع .." [ ٤ ] الْبَابُ الرَّابِعُ : [ " مُقَاطَعَةُ " قُرَيْشٍ لِـ بَنِي هَاشِمٍ وَ بَنِي الْمُطّلِبِ: ] أحداث سَنَةَ سَبْعٍ[(1)] مِنْ الْبَعْثَةِ التَّمْهِيدُ لِــ الْمُقَاطَعَةِ : صحيفة مقاطعة قريش لبني هاشم: أ . ) المقاطعة القُرشية لبني هاشم ؛ وبني عبدالمطلب في شِعبِ أبي طالب حدثتْ في مرحلةٍ مهمةٍ مِن مراحل الدعوة وفق التسلسلِ الزمني بين مفاصل وروابط أحداث السيرة النبوية [خاصة العهد المكي]، إذ أن هناك : * . ] سيرة محمديّة تبدء من عهد أبي البشر آدم -عليه السلام؛ وعلى رسولنا الصلاة والسلام والبركات والإنعام- مرواً بكافة السادة الأنبياء والمرسلين السابقين على خاتم الأنبياء وآخر المرسلين ومتمم المبتعثين ].. وتكلمتُ عنها ... وآخرىٰ * . ] سيرة نبويّة تبدء من لحظة إثبات نبوته ووقت تبليغه بالرسالة -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- ... وتحتاجان -السيرة النبوية العطرة بــ جزئيها الكبيرين: السيرة النبوية العطرة قبل بعثته.. والسيرة النبوية بدءً من البعثة- منا لدراسة تفصيلية منهجية علمية إدراكية فهمية كي لا نقع في أخطاء كما يحدث الأن ومنذ زمن... ممن تلحف بوشاح الإسلام دون فهمه؛ وارتدي ***ابه دون إدرك وفهم صحيحيين؛ والأحداث المتوالية والمتلاحقة والمتشابكة إثناء فترة بعثة النبي محمد -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-تُظهر للمتتبع الفاحص الدارس بوضوح مدىٰ الجهد والصبر والبذل والعطاء الذي قدمه النبي الكريم -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-والثلة الصالحة من صحابته -رضوان الله تعالى عليهم- كما أنها أحكام شرعية عملية ودروس وعبر مستفادة يحتاجها حامل الدعوة [ لا استخدم لفظ "الداعية" [كما نسمع في وسائل الإعلام وعلى منصات التواصل الإجتماعي؛ وتقديم شيخ جليل للدرس فوق المنابر]؛ إذ أن الآية القرآنية تخبر عنه -صلى الله عليه وآله وسلم- فتقول: { وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ... } [(2)] ؛ ومَن يأتي مِن بعده -عليه السلام- فهو يحمل ما دعا إليه المصطفى المجتبى المحتبى المرتضى] ... أكمل : إذ شكلت هذه المقاطعة حدثاً مفصلياً في :" التاريخ(!) الإسلامي " لتوثيق فترة بدايات الدعوة الإسلامية، وذلك لإظهار دين الله -تعالى- على يد نبيه-صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، وذلك لما احتوته مِن إظهار التعنت القُرشي في البقاء علىٰ الجاهلية؛ والتمسك بتقاليد الأباء وعادات الأجداد وما توارثوه عبر الأجيال -وهذا مازال يحدث في بعض الأماكن بصور متعددة أو مختلفة- ؛ فقد كان : سبب وجود تلك المقاطعة في الأساس : - هدم الدين الجديد الذي بعثه الله -تعالى- لهداية البشرية جمعاء ، و - الضغط على أوائل المسلمين لتسليم نبيهم : - للقتل . و وما نجم عن المقاطعة مِن أحداث وحيثيات صبَّت في إعداد وبناء وتخريج الفئة الصادقة والمؤمنة الصابرة علىٰ الأذىٰ في سبيل نشر الدين ... وهذا لم تتوقعه أو تفهمه قُريش. و * . ] قبل الخوض في أسباب المقاطعة القُرشية لابد من البحث في الظروف التي تطلبت واستدعت أو فرضت وحتمت علىٰ قريش الاتفاق لــ إقرار مقاطعة بني هاشم ؛ وذلك لأن أي فعلٍ ذي نتائج سلبية وقوية في طبيعتها لا تصدر عفواً لمجرد أمر بسيط ؛ أي لابد من إيراد المقدمات التي قدمتها قُريش للرسول -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- والتي في نظرهم كانت عروضاً مجزية ومغرية -حسب تصورهم الضيق - إلا أن الرفض الذي كان يقابلهم أدىٰ إلىٰ عجزهم عن استحداث عرض جديد مغرٍ يقبله النبي المرسل مِن قِبل السماء -وهذا في حقيقة أمره- أو أنه مثل أي رجل منهم يقبل ما يقدمونه مع ما تبدل وتعدل من وُصفه بالصادق الأمين ... وكذبا وزوراً في زعمهم بعد التبليغ ، فاضطروا إلىٰ أسلوب الحصار أو المقاطعة للإجبار بالقوة حتىٰ يترك نبي الدين الجديد -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-رسول الإسلام - الذي كُلف أن ينشره من فوق سبع سماوات. ب . ) أما المقدمات المغرية التي قدمتها قريش للرسول -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- والتي في نظرهم كانت عروضاً مجزية إلا أن الرفض الذي كان يقابلهم أدىٰ إلىٰ عجزهم عن تقديم المزيد أو ما يجعله -عليه السلام- في ظنهم يَقبل بتلك العروض ، فاضطروا إلىٰ أسلوب الحصار أو المقاطعة للإجبار بالقوة حتىٰ يترك النبي -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- دعوته التي كُلف أن ينشرها من فوق سبع سماوات ... عرضَ كفارُ قريش علىٰ الرسول الكريم -الرجل وليس النبي الرسول- أن : [ أ . ] يزوجوه أفضل النساء، و [ ب . ] ينصبوه عليهم ؛ فيصير ملكاً، و أن : [ ج . ] يعطوه ما شاء من المال حتىٰ يترك سب آلهتهم ... ــــــــــــــــــــــــــــ وهنا نفهم أن العروض الثلاثة موجه إلى رجل وتغابوا عن أنه رسول مرسل ونبي يبلغ رسالة ربه؛ فالحديث من طرفهم عن ذكر - رجل - يرغب في النساء .. ويرغب في أن يصير ملكاً يتحكم ويأمر وينهي وأنه يصير أغناهم مالا وجاهٍ.. وهنا يبرز للمتابع لهذا الجزء من الأحداث ضيق أفق المعاند لدين الله -تعالى- وكانت المفاجأة هي الرفض.. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ إلا أن النبي محمد -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- رفض تلك العروض وامتنع عن قبولها، فحاولوا منعه بطريقة آخرىٰ ... و الجدير بالذكر أنهم -قريش- اتخذوا عدة وسائل وأساليب وطرق ؛ فــ [ * . ] شكوه إلىٰ أبي طالب؛ عمه الشفيق عليه والشقيق لأبيه عبدالله بن عبدالمطلب، و [ * . ] عرضوا علىٰ أبي طالب إن هو أعطاهم ابن أخيه محمداً -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أن يعطوه أنهد فتىٰ في قريش : عمارة بن الوليد، ويقوموا بــ [ * . ] قتل محمد [النبي/الرسول -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- ] وتعويضه بعمارة ... إلا أن قُريش لم تدرك الحقيقة الكامنة في نفس الرسول الكريم وما يستحوذ على عقله وفؤاده ولبه وقلبه وفهمه وإدراكه ووعيه ألا وهو :" تبليغ رسالة السماء " الأخيرة والخالدة التي بُعث لينشرها للعالم اجمع ، بشكل : «„ ملفتٍ للنظر ». وهذا العرض الملفت للنظر هو ما اثار حفيظتهم وأغضبهم ... لذا استمرت العروض القُرشية للنيل من محمد -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- [(3)]. ــــــــــــــــــــــــ وهذا أيضاً غاب عن حملة الدعوة اليوم.. إذ أن البحث هو تبليغ رسالة السماء للناس كافة.. في مشارق الأرض ومغاربها.. وانظر .. يوجد في القارة الأورُبية ما يقترب من خمسين مليون مسلم من أصول تركية وعربية وافغانية (آسيوية أفريقية) تسكن منذ سنوات تلك القارة العجوز ولا تجد حركة تبليغ الإسلام بشكله الصحيح وفق سيرته وهديه -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- بل تجد جماعة سياحية تسمى نفسها التبليغ والدعوة لا تحسن لغة القارة: من فرنسية وإيطالية وألمانية تجوب القارة شمالا وجنوباً تعني نفسها بحمل الدعوة دون طريقته وهديه -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أو دون إحسان لغة القوم؛ وليست الإنجليزية وحدها هي لغة القارة أو فريق يوزع قرآن مترجم في الساحات والميادين دون عرض ونقاش أو محاورة غير المسلم وهناك ايضاً الجماعات الآخرى.. اقول (الرمادي): وهذا ليس تقليل من شأن المسلم الذي يريد رفع شأن الإسلام.. في بلاد الغرب أو العرب أو عند العجم.. ولكن ما ينزعج إليه المرء هو غياب الطريقة الشرعية النبوية في حمل الدعوة وتبليغها بشكل ملفت للنظر . ولعل قابل الايام يكون فيه الخير الوفير.. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات! ـــ ولعل ما أفشل الكثير من الحركات الإسلامية بغض النظر عن ثوبها أو دثارها أو وشاحها أنها -الحركات الإسلامية- لم تستطع أن تقدم الإسلام في القرن الواحد والعشرين بشكل ملفت للنظر.. أو ما يسميه البعض -تجاوزا من طرفي- تجديد الخطاب الديني . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ إلا أن مساعيهم -صناديد قريش- جميعها باءت بالفشل. وقد كان موقف أبي طالب [آحدىٰ الشخصيات المحورية في حياة النبي-عليه السلام-؛ ستوجد كملف كامل في نهاية البحوث -بمشيئته تعالى ذكره ومن بعد إذنه وبفضله وكرمه ملاحق - ] في وجه المشركين من قُريش موقفاً محموداً مشكوراً، فقد منع الرسول الكريم، -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-من أن تطاله قُريش بأذىٰ.. فزاد ذلك من قوة محمد -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-للمضي فيما بعث من أجله، عند ذلك [ * . ] اجتمعت قُريش ورأت أنه لابد مِن الضغط الفعلي والمؤثر، إذ إن ما سبق كان مجرد محاولات مادية بالإغراء بــ المال أو النساء أو المُلك.. والتأثير باللسان؛ ولابد من القوة لتغيير الواقع الذي كان الرسول سائراً فيه من الدعوة إلىٰ الله -تعالى-. * . ] زادت حدة المواجهة بين قُريش والرسول-صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- ومن وقف معه فــ قد أورد ابن إسحاق في أسباب المقاطعة :"... فلما سمعت قريش بذلك ورأوا منه الجد وأيسوا منه، فأبدوا لبني عبدالمطلب الجفا. فــ قَالَ مُوسَىٰ بْنُ عُقْبَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ :" ثُمَّ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ اشْتَدُّوا عَلَىٰ [(4)] الْمُسْلِمِينَ كَأَشَدِّ مَا كَانُوا ، حَتَّى بَلَغَ الْمُسْلِمِينَ الْجُهْدُ ، وَاشْتَدَّ عَلَيْهِمُ الْبَلَاءُ ، وَاجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ فِي مَكْرِهَا أَنْ يَقْتُلُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- عَلَانِيَةً ، فَلَمَّا رَأَى أَبُو طَالِبٍ عَمَلَ الْقَوْمِ جَمَعَ بَنِي عَبْدِالْمُطَّلِبِ ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُدْخِلُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- شِعْبَهُمْ ، وَأَمَرَهَمْ أَنْ يَمْنَعُوهُ مِمَّنْ أَرَادُوا قَتْلَهُ، فَاجْتَمَعُوا عَلَى ذَلِكَ، مُسْلِمُهُمْ وَكَافِرُهُمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ فَعَلَهُ حَمِيَّةً(!) ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَعَلَهُ إِيمَانًا وَيَقِينًا، فَلَمَّا عَرَفَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ الْقَوْمَ قَدْ مَنَعُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-وَأَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ ، اجْتَمَعَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قُرَيْشٍ ، أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ عَلَى أَنْ يَتَعَاقَدُوا عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطّلِبِ وَبَنِي عَبْدِمَنَافٍ أَنْ لَا يُبَايِعُوهُمْ ، وَلَا يُنَاكِحُوهُمْ وَلَا يُكَلّمُوهُمْ وَلَا يُجَالِسُوهُمْ ، وَلَا يَدْخُلُوا بُيُوتَهُمْ ، حَتّى يُسَلّمُوا إلَيْهِمْ رَسُولَ اللّهِ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- لِلْقَتْلِ ، وَكَتَبُوا -فِي مَكْرِهِمْ- بِذَلِكَ صَحِيفَةً وَعُهُودًا وَمَوَاثِيقَ ، لَا يَقْبَلُوا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ أَبَدًا صُلْحًا ، وَلَا تَأْخُذُهُمْ بِهِمْ رَأْفَةٌ ، حَتَّى يُسْلِمُوهُ لِلْقَتْلِ . وَعَلّقُوهَا فِي سَقْفِ الْكَعْبَةِ [(5)] وانطلق بهم - بَنِي عَبْدِالْمُطَّلِبِ - أبو طالب... رَوَى مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ قُرَيْشًا أَظْهَرُوا لِبَنِي عَبْدِالْمُطَّلِبِ الْعَدَاوَةَ وَالشَّتْمَ ، فَجَمَعَ أَبُوطَالِبٍ رَهْطَهُ ، فَقَامُوا بَيْنَ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ يَدْعُونَ اللَّهَ عَلَىٰ مَنْ ظَلَمَهُمْ مِن قومهم لهم وفي قطيعتهم أرحامهم ، واجتماعهم على محاربتهم ، وتناولهم بسفك دمائهم... وَ قَالَ أَبُوطَالِبٍ : " اللهم إِنْ أَبَىٰ قَوْمُنَا إِلَّا الْبَغْيَ عَلَيْنَا فَعَجِّلْ نَصْرَنَا، وَحُلْ بَيْنَهُمْ، وَبَيْنَ الَّذِي يُرِيدُونَ مِنْ قَتْلِ ابْنِ أَخِي، ثُمَّ دَخَلَ بِآلِهِ الشِّعْبَ [(6)]. ثم أقبل إلىٰ جمع قُريش وهم ينظرون إليه وإلىٰ أصحابه، فقال أبوطالب:" ندعو برب هذا البيت علىٰ القاطع المنتهك للمحارم ... والله لتنتهين عن الذي تريدون أو لينزلنَّ اللهُ بكم في قطيعتنا بعض الذي تكرهون ". فــ أجابوه:" إنكم يا بني عبدالمطلب، لا صلح بيننا ولا رحم إلا علىٰ قتل هذا الصبي السفيه"[(7)]. كانت قُريش مصرة علىٰ قتل [التصفية الجسدية بعد أن فشلوا في التشوية المعنوي] الرسول -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- على الرغم من محاولة أبي طالب السابقة بمنعهم. *.] ويقول ابن إسحاق في روايةٍ : " فلما قدم عمرو بن العاص، وعبدالله بن أبي ربيعة إلىٰ قُريش وأخبراهم بالذي قاله النجاشي لمحمد -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه اشتد وجدهم، وآذوا النبي -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-وأصحابه أذى شديداً، وضربوهم في كل طريق، وحصروهم في شعبهم"[(8)] ، إلا أن ابن هشام قد أورد عدة أسباب للمقاطعة القرشية في روايته عن ابن إسحاق، حيث جاء في الرواية أنه لما : " رأت قُريش أن أصحاب رسول الله-صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قد ذهبوا إلى الحبشة وأن النجاشي قد منع من لجأ إليه... و هنا اعتمدُ ما :" قَالَه ابْنُ هِشَامٍ عَنْ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ : " فَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قَدْ نَزَلُوا بَلَدًا أَصَابُوا مِنْهُ أَمْنًا وَقَرَارًا ، وَأَنَّ النَّجَاشِيَّ قَدْ مَنَعَ مَنْ لَجَأَ إِلَيْهِ مِنْهُمْ[(9)]، وَعَادَ إِلَيْهِمْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَعَبْدُاللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ مِنَ عند النَّجَاشِيِّ بِمَا يَكْرَهُونَ مِنْ مَنْعِ الْمُسْلِمِينَ عَنْهُمْ وَأَمْنِهِمْ عِنْدَهُ[(10)] ... وَ أَسْلَمَ حَمْزَةُ عَمّهُ ... وَ أَنَّ عُمَرَ بن الخطاب قَدْ أَسْلَمَ من بعده ، فَــ كَانَ هُوَ وَحَمْزَةُ -رضي الله تعالى عنهما- مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابِهِ ... وَأَنَّ الْمُسْلِمِينَ قَوُوا بِإِسْلَامِ حَمْزَةَ وَعُمَرَ[(11)] ، وَجَعَلَ الْإِسْلَامُ يَفْشُو فِي الْقَبَائِلِ[(12)] ، وَيَزِيدُ[(13)] ، أجمعوا علىٰ قتل رسول الله -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-[(14)] . ولعلها تكون خطوة أخيرة ... وسبقتها آخرى : فَاجْتَمَعُوا وَأْتَمَرُوا فِي أَنْ يَكْتُبُوا كِتَابًا يَتَعَاقَدُونَ فِيهِ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي عَبْدِالْمُطَّلِبِ[(15)]. *.] وأورد مضمون روايتا ابن إسحاق وابن هشام العديد من المصادر التاريخية ، فقد اجتمعت في جميع الروايات أسباب المقاطعة القرشية لبني هاشم كما جاءت عند ابن إسحاق وابن هشام لكن مع أختلاف الرواة كموسى ابن عقبة والزهري وابن إسحاق[(16)] . *. ] المقاطعة القُرشية وقعت لسبب مباشر ... و لــ أسباب غير مباشرة. أما *. ] السبب المباشر فيقع في سعي قُريش الدائم لــ : - « قَتل الرسول » -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- و : - « التخلص منه نهائياً »؛ و هذا ما تم بالفعل الإتفاق عليه -لاحقاً- وسأتعرض لهذه المفصلية من سيرته العطرة في قابل البحوث - إن شاء الله تعالى ويسر لي البحث - فـ... كانت المقاطعة لكي يعاني القوم من التعب والأذىٰ فبذلك يتخلوا عن نصرة النبي الكريم فيقوموا بقتله . أما : *. ] الأسباب غير المباشرة للمقاطعة فتتلخص بما يلي : *. ] إدراك قُريش أن ما تقوم به من أذىٰ للمسلمين لن يحول دون إقبال الناس علىٰ الإسلام... إذ رأت أن بني هاشم يقومون بحماية النبي -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فلا تستطيع أن تصل لما تريد ، لذلك قررت أن توقع علىٰ بني هاشم عقوبة قاسية لتجبر بني هاشم علىٰ التخلي عن موقفهم في حماية النبي -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-وتضطرهم إلىٰ تسليمه أو الكف عن نصرته[(17)] ، ولأن قريش شعرت بخطورة الموقف الذي ينتظرها نتيجة فشلها في منع الرسول الكريم -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- من مواصلة الدعوة[(18)] . * أضف ما هو مهم للغاية نتيجة تسلسل الأحداث بشكل لم تتوقعه قريش مثل : ١ . ] إسلام عمر بن الخطاب ... وحمزة بن عبدالمطلب. فــ قد قال أبوجعفر الطبري : „ وأسلم عمر بن الخطاب - رحمه الله -، فلما أسلم وكان رجلا : جلداً ؛ جليداً ؛ منيعاً، وكان قد أسلم قبل ذلك حمزة بن عبدالمطلب ” [(19)] ، وكان لإسلامهما الأثر الكبير في وهن ألم بنفوس قُريش ، وايضاً في إرتفاع نفسية مَن أسلم قبلهما، إذ كانت لهما منزلة مرموقة ومكانة مهيبة في صفوف قريش ، وبإسلامهما قويت شوكة الإسلام ، وبإسلامهما سوف يتشجع مَن هو خائف في إعلان إسلامه. ٢ . ] حماية النجاشي للمسلمين الذين ذهبوا إليه ، وما تبع ذلك من فشل „ السفارة ” القُرشية في تسليم من عنده من المسلمين. فــ كان لهذا الأثر الكبير في تدعيم القوة الإسلامية ... أي أنه أصبح للإسلام يدٌ قوية خارج شبه جزيرة العرب في الحبشة ، عند النجاشي الملك العادل الذي لا يظلم عنده أحد كما وصفه النبي -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- ٣ . ] أرادت قُريش محاصرة بني هاشم في الشِّعب ومقاطعتهم من أجل التضييق عليهم، مما يدفعهم إلىٰ تسليم الرسول -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- هذا من وجهة رأي قُريش- حتىٰ يظهروا أن أقارب الرسول -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- هم من خذلوه ودفعوه إليهم لقتله أي أن الرفض للرسول -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قد بدأ منهم -أتباعه-(!) للخلاص من الأذى والإرهاق بسببه. ٤ . ] تغيير ميزان القوىٰ في قُريش حيث أن هذا الدين الجديد إذا ما نجح فسوف يسيطر به الرسول -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- علىٰ زمام الأمور، وسوف تكون الامتيازات لبني هاشم لانتماء النبي -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- إليها وإبعاد سواهم وهذا ما كان يخشاه مشركو قُريش. إذ أن سلطة الجاة والسلطان والقوة المادية والمالية لقُريش ستزول وستآؤل لبني هاشم ولمحمد -الرجل- ولأتباعه دونهم. ٥ . ] انتشار الإسلام في القبائل[(20)] لكن الإسلام كان لا يزال في تلك المرحلة في مراحله „ المبكرة ” ، لكن ما أراد أن يوصله الطبري وابن كثير ومن قبلهم ابن إسحاق وأيضا ابن عبدالبر، عندما أوردوا أن الإسلام أخذ يفشو في القبائل، وقامت قريش وكتبت صحيفة أو اتفقوا على مقاطعة بني هاشم، و لعل المقصود بذلك هو : „ الجهر ” بالقرآن، خاصة أن قبل تلك الفترة كانوا يتذاكرون القرآن وأمور الدين : „ سراً ”و : „ خفية ”، ويؤيد ذلك ما جاءت به رواية تقي الدين المقريزي الذي قال : " فلما أسلم عمر -رضي الله عنه- قاتل قريشاً حتىٰ صلىٰ عندها ، وصلىٰ معه المسلمون، وقد قووا بإسلامه وإسلام حمزة -رضي الله عنهما-، و: „ جهروا ” بالقرآن ولم يكونوا قبل ذلك يقدرون أن يجهروا به ، ففشا الإسلام وكثر المسلمون ". [(21)] تَذْكرُ لنا المصادر المعتمدة عن السيرة النبوية[(22)] : " أَسْلَمَ حمزة عَمُّهُ وَجَمَاعَةٌ كَثِيرُونَ ، وَفَشَا الْإِسْلَامُ فَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- يَعْلُو وَالْأُمُورُ تَتَزَايَدُ ، أَجْمَعُوا عَلَىٰ أَنْ يَتَعَاقَدُوا عَلَىٰ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ وَبَنِي عَبْدِمَنَافٍ : أَنْ : 1.]- „ لَا يُبَايِعُوهُمْ ” شَيْئًا ، وَ 2.] - : „ لَا يَبْتَاعُوا مِنْهُمْ ” ، 3.]- : „ لَا يَنْكِحُوا إِلَيْهِمْ ” وَ 4.] - : „ لَا يُنْكِحُوهُمْ ” [لَا يُنْكِحُوا : „ الزواج” من بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ ] ، وَ 5.] - : „ لَا يُكَلِّمُوهُمْ ” ، وَ 6.] - : „ لَا يُجَالِسُوهُمْ ” ... حَتَّى يُسَلِّمُوا إِلَيْهِمْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- ، وَكَتَبُوا بِذَلِكَ صَحِيفَةً [(23)] „ مكان صحيفة المقاطعة ” وَعَلَّقُوهَا فِي : - : „ سَقْفِ الْكَعْبَةِ ” فَلَمَّا اجْتَمَعُوا لِذَلِكَ كَتَبُوا فِي صَحِيفَةٍ ، ثُمَّ تَعَاهَدُوا وَتَوَاثَقُوا عَلَى ذَلِكَ ، ثُمَّ عَلَّقُوا الصَّحِيفَةَ فِي : - „ جَوْفِ الْكَعْبَةِ ” (قَالَ الْوَاقِدِيُّ : وَكَانَتِ الصَّحِيفَةُ مُعَلَّقَةً فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ) ؛ تَوْكِيدًا عَلَى أَنْفُسِهِمْ[(24)] -*-*- ولإتمام هذه الجزئية من البحث : ذهبتْ بعض المصادر إلىٰ أن الصحيفة لم تكن معلقة في الكعبة ، وإنها كانت عند - „ أم الجلاس بنت مخربة الحنظلية ” ؛ خالة أبي جهل [(25)] . و قد ذكر أنها عند - „ أختها ” „ أم أبي جهل ” ؛ وهي „ أسماء ابنة مخربة التميمية ” ؛ أو - „ طعيمة بن عدي ”[(26)] . و الأقرب للصحة فإن مكانها في الكعبة؛ وذلك لأنه عندما تم نقض الصحيفة أمام الناس وجد أنها في الكعبة[(27)] " كَاتِبُ الصَّحِيفَةِ " يُقَالُ : كَتَبَهَا : " مَنْصُورَ بْنَ عِكْرِمَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِمَنَافِ بْنِ عَبْدِالدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ[(28)]، وَ يُقَالُ بل : " النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ، ويزعمون : فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ-صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-فَــ شُلَّ بَعْضُ أَصَابِعِهِ . وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ : كَانَ الَّذِي كَتَبَ الصَّحِيفَةَ : " طَلْحَةُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ الْعَبْدَرِيُّ . وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ : " مَنْصُورُ بْنُ عِكْرِمَةَ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ الَّذِي شُلَّتْ يَدُهُ ، فَمَا كَانَ يَنْتَفِعُ بِهَا ، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَقُولُ بَيْنَهَا : انْظُرُوا إِلَى مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ . وَ الصّحِيحُ أَنَّهُ : " بَغِيضُ بْنُ عَامِرِ بْنِ هَاشِمٍ فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللّهِ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-فَشُلّتْ يَدُهُ[(29)]. - „ ما آل إليه مصير كاتب الصحيفة ” : هناك „ زعم ” كما ورد في النصوص السابقة أنه شُلت يده بعد دعاء النبي عليه ؛ وكنتُ قد تكلمتُ سابقاً كثيراً بأن الزعم الوارد في تلك النصوص لا يرتفع لدرجة التأكيد !.. فيبقىٰ كما هو : „أنهم يزعمون ” فَــ انْحَازَ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ مُؤْمِنُهُمْ وَكَافِرُهُمْ إِلَّا أبا لهب -لعنه الله- ، فَإِنَّهُ ظَاهَرَ قُرَيْشًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وَبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ [(30)]. " حُبِسٌ فِي شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ" : وَحُبِسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وَمَنْ مَعَهُ فِي الشِّعْبِ: شِعْبِ أبي طالب لَيْلَةَ هِلَالِ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ مِنَ الْبَعْثَةِ ؛ وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنَ الشِّعْبِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ[(31)] فَلَبِثَ بَنُو هَاشِمٍ فِي شِعْبِهِمْ ثَلَاثَ سِنِينَ[(32)] ، وَبَقُوا مَحْبُوسِينَ وَمَحْصُورِينَ مُضَيَّقًا عَلَيْهِمْ جِدًّا مَقْطُوعًا عَنْهُمُ الْمِيرَةُ وَالْمَادَّةُ نَحْوَ ثَلَاثِ سِنِينَ ، حَتَّى بَلَغَهُمُ الْجَهْدُ وَاشْتَدَّ عَلَيْهِمُ الْبَلَاءُ ، وَقَطَعُوا عَنْهُمُ الْأَسْوَاقَ ، فَلَا يَتْرُكُوا لَهُمْ طَعَامًا يَقَدَمُ مَكَّةَ وَلَا بَيْعًا إِلَّا بَادَرُوهُمْ إِلَيْهِ فَاشْتَرَوْهُ ؛ يُرِيدُونَ بِذَلِكَ أَنْ يُدْرِكُوا سَفْكَ دَمِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- ... وَ سُمِعَ أَصْوَاتُ صِبْيَانِهِمْ بِالْبُكَاءِ مِنْ وَرَاءِ الشِّعْبِ[(33)]. وَكَانَ أَبُو طَالِبٍ إِذَا أَخَذَ النَّاسُ مَضَاجِعَهُمْ ، أَمَرَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-فَاضْطَجَعَ عَلَى فِرَاشِهِ ؛ حَتَّى يَرَى ذَلِكَ مَنْ أَرَادَ بِهِ مَكْرًا وَاغْتِيَالًا لَهُ ، فَإِذَا نَوَّمَ النَّاسُ ، أَمَرَ أَحَدَ بَنِيهِ أَوْ إِخْوَتِهِ أَوْ بَنِي عَمِّهِ فَاضْطَجَعَ عَلَى فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وَأَمَرَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَأْتِيَ بَعْضَ فُرُشِهِمْ فَيَنَامَ عَلَيْهِ[(34)]، وَ هُنَاكَ عَمِلَ أبو طالب قَصِيدَتَهُ اللَّامِيَّةَ الْمَشْهُورَةَ ، وَأَوَّلُهَا : جَزَى اللَّهُ عَنَّا عَبْدَ شَمْسٍ وَنَوْفَلًا * عُقُوبَةَ شَرٍّ عَاجِلًا غَيْرَ آجِلِ[(35)] " نَقْضُ الصّحِيفَةِ ": وَكَانَتْ قُرَيْشٌ فِي ذَلِكَ بَيْنَ رَاضٍ وَكَارِهٍ[(36)]... عن عروة بن الزبير قال: فَلَمَّا كَانَ رَأْسُ ثَلَاثِ سِنِينَ ، تَلَاوَمَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي عَبْدِمَنَافٍ ، وَمِنْ بني قُصَيٍّ ، وَرِجَالٌ مِنْ سِوَاهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ وَلَدَتْهُمْ نِسَاءٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ ، وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ قَطَعُوا الرَّحِمَ ، وَاسْتَخَفُّوا بِالْحَقِّ ، وَاجْتَمَعَ أَمْرُهُمْ مِنْ لَيْلَتِهِمْ عَلَى نَقْضِ مَا تَعَاهَدُوا عَلَيْهِ مِنْ[(37)] الْغَدْرِ وَالْبَرَاءَةِ مِنْهُ[(38)] . فَسَعَى فِي نَقْضِ الصَّحِيفَةِ أقوام من قريش - مَنْ كَانَ كَارِهًا لَهَا ، وَكَانَ الْقَائِمُ في أمر ذَلِكَ هِشَامُ بْنُ عَمْرِو بن ربيعة بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَبِيبِ بن جذيمة بْنِ نَصْرِ بْنِ مَالِكٍ بن حسل بن عامر بن لؤي ، مَشَى فِي ذَلِكَ إِلَى الْمُطْعِمِ بْنِ عَدِيّ وَجَمَاعَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَأَجَابُوهُ إِلَى ذَلِكَ(*) ، ثُمَّ أَطْلَعَ اللَّهُ -تعالى- رَسُولَهُ -عليه السلام- عَلَى أَمْرِ صَحِيفَتِهِمْ ، وَأَنَّهُ أَرْسَلَ عَلَيْهَا " الْأَرَضَةَ " فَأَكَلَتْ جَمِيعَ مَا فِيهَا مِنْ جَوْرٍ وَقَطِيعَةٍ وَظُلْمٍ إِلَّا ذِكْرَ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- ، فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ عَمَّهُ ، فَخَرَجَ إِلَى قُرَيْشٍ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ ابْنَ أَخِيهِ قَدْ قَالَ كَذَا وَكَذَا ، فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا خَلَّيْنَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ ، وَإِنْ كَانَ صَادِقًا رَجَعْتُمْ عَنْ قَطِيعَتِنَا وَظُلِمْنَا .. قَالُوا : قَدْ أَنْصَفْتَ ، فَأَنْزَلُوا الصَّحِيفَةَ ، فَلَمَّا رَأَوُا الْأَمْرَ كَمَا أَخْبَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ازْدَادُوا كُفْرًا إِلَى[(39)] كُفْرِهِمْ ، فَــ قَالَ أُولَئِكَ النَّفَرُ مِنْ بَنِي عَبْدِالْمُطَّلِبِ : إِنَّ أَوْلَى بِالْكَذِبِ وَالسِّحْرِ غَيْرَنَا ، فَكَيْفَ تَرَوْنَ ، فَإِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الَّذِي اجْتَمَعْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ قَطِيعَتِنَا أَقْرَبُ إِلَى الْجِبْتِ وَالسِّحْرِ مِنْ أَمْرِنَا ، وَلَوْلَا أَنَّكُمُ اجْتَمَعْتُمْ عَلَى السِّحْرِ ، لَمْ تَفْسَدْ صَحِيفَتُكُمْ وَهِيَ فِي أَيْدِيكُمْ ؛ طَمَسَ اللَّهُ مَا كَانَ فِيهَا مِنَ اسْمِهِ ، وَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ بَغْيٍ تَرَكَهُ ، أَفَنَحْنُ السَّحَرَةُ أَمْ أَنْتُمْ ؟ ! فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ النَّفَرُ مِنْ بَنِي عَبْدِمَنَافٍ ، وَبَنِي قُصَيٍّ ، وَرِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَلَدَتْهُمْ نِسَاءٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ ؛ مِنْهُمْ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ وَالْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ وَزُهَيْرُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَزَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِوَهُشَامُ بْنُ عَمْرٍو وَكَانَتِ الصَّحِيفَةُ عِنْدَهُ ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ فِي رِجَالٍ مِنْ أَشْرَافِهِمْ وَوُجُوهِهِمْ : نَحْنُ بُرَآءُ مِمَّا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ . فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ لَعَنَهُ اللَّهُ : هَذَا أَمْرٌ قُضِيَ بِلَيْلٍ . وَ أَنْشَأَ أَبُو طَالِبٍ يَقُولُ الشِّعْرَ فِي شَأْنِ صَحِيفَتِهِمْ ، وَيَمْتَدِحُ النَّفَرَ الَّذِينَ تَبَرَّؤُوا مِنْهَا ، وَنَقَضُوا مَا كَانَ فِيهَا مِنْ عَهْدٍ ، وَيَمْتَدِحُ النَّجَاشِيَّ[(40)] قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : إِنَّمَا كَانَتْ هِجْرَةُ الْحَبَشَةِ بَعْدَ دُخُولِهِمْ إِلَى الشِّعْبِ عَنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- لَهُمْ فِي ذَلِكَ[(41)] . فَاللَّهُ أَعْلَمُ . " معجزة النبي " : وَبَعَثَ اللَّهُ عَلَىٰ صَحِيفَتِهِمُ " الْأَرَضَةَ " ، فَلَحَسَتْ كُلَّ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ ، وَيُقَالُ : كَانَتْ مُعَلَّقَةً فِي سَقْفِ الْبَيْتِ فَلَمْ تَتْرُكِ اسْمًا لِلَّهِ فِيهَا إِلَّا لَحَسَتْهُ ، وَبَقِيَ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ شِرْكٍ وَظُلْمٍ وَقَطِيعَةِ رَحِمٍ . ثُمّ أَطْلَعَ اللّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- رَسُولَهُ عَلَىٰ أَمْرِ وَالَّذِي صَنَعَ بِصَحِيفَتِهِمْ وَأَنّهُ أَرْسَلَ عَلَيْهَا الْأَرَضَةَ[(42)] ... و هناك رواية آخرى : فَأَكَلَتْ جَمِيعَ مَا فِيهَا مِنْ جَوْرٍ وَقَطِيعَةٍ وَظُلْمٍ إلّا ذِكْرَ اللّهِ -عَزّ وَجَلّ- فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ عَمّهُ ، فَذَكَرَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- لِأَبِي طَالِبٍ فَــ قَالَ أَبُو طَالِبٍ : لَا وَالثَّوَاقِبِ ، مَا كَذَبَنِي . فَانْطَلَقَ يَمْشِي بِعِصَابَتِهِ مِنْ بَنِي عَبْدِالْمُطَّلِبِ ، حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ وَهُوَ حَافِلٌ مِنْ قُرَيْشٍ ، فَلَمَّا رَأَوْهُمْ عَامِدِينَ لِجَمَاعَتِهِمْ ، أَنْكَرُوا ذَلِكَ ، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنْ شِدَّةِ الْبَلَاءِ فَأَتَوْهُمْ لِيُعْطُوهُمْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فَتَكَلَّمَ أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ : قَدْ حَدَثَتْ أُمُورٌ بَيْنَكُمْ لَمْ نَذْكُرْهَا لَكُمْ ، فَأْتُوا بِصَحِيفَتِكُمُ الَّتِي تَعَاهَدْتُمْ عَلَيْهَا ، فَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ صُلْحٌ . وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ ، خَشْيَةَ أَنْ يَنْظُرُوا فِي الصَّحِيفَةِ قَبْلَ أَنْ يَأْتُوا بِهَا ، فَأَتَوْا بِصَحِيفَتِهِمْ مُعْجَبِينَ بِهَا ، لَا يَشُكُّونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- مَدْفُوعٌ إِلَيْهِمْ ، فَوَضَعُوهَا بَيْنَهُمْ ، وَقَالُوا : قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَقْبَلُوا ، وَتَرْجِعُوا إِلَى أَمْرٍ يَجْمَعُ قَوْمَكُمْ ، فَإِنَّمَا قَطَعَ بَيْنِنَا وَبَيْنَكُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ ، جَعَلْتُمُوهُ خَطَرًا لِهَلَكَةِ قَوْمِكُمْ وَعَشِيرَتِكُمْ وَفَسَادِهُمْ . فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ : إِنَّمَا أَتَيْتُكُمْ لِأُعْطِيَكُمْ أَمْرًا لَكُمْ فِيهِ نَصَفٌ ؛ إِنَّ ابْنَ أَخِي قَدْ أَخْبَرَنِي وَلَمْ يَكَذِبْنِي ، أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنْ هَذِهِ الصَّحِيفَةِ الَّتِي فِي أَيْدِيكُمْ ، وَمَحَا كُلَّ اسْمٍ هُوَ لَهُ فِيهَا ، وَتَرَكَ فِيهَا غَدْرَكُمْ وَقَطِيعَتَكُمْ إِيَّانَا ، وَتَظَاهُرَكُمْ عَلَيْنَا بِالظُّلْمِ ، فَإِنْ كَانَ الْحَدِيثُ الَّذِي قَالَ ابْنُ أَخِي[(43)] كَمَا قَالَ ، فَأَفِيقُوا ، فَوَاللَّهِ لَا نُسْلِمُهُ أَبَدًا حَتَّى نَمُوتَ مِنْ عِنْدِ آخِرِنَا ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي قَالَ بَاطِلًا ، دَفَعْنَاهُ إِلَيْكُمْ ، فَقَتَلْتُمُوهُ أَوِ اسْتَحْيَيْتُمْ . قَالُوا : قَدْ رَضِينَا بِالَّذِي تَقُولُ . فَفَتَحُوا الصَّحِيفَةَ ، فَوَجَدُوا الصَّادِقَ الْمَصْدُوقَ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَخْبَرَ خَبَرَهَا ، فَلَمَّا رَأَتْهَا قُرَيْشٌ كَالَّذِي قَالَ أَبُو طَالِبٍ قَالُوا : وَاللَّهِ إِنْ كَانَ هَذَا قَطُّ إِلَّا سِحْرٌ مِنْ صَاحَبِكُمْ ، فَارْتَكَسُوا ، وَعَادُوا بِشَرِّ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ كُفْرِهِمْ ، وَالشِّدَّةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وَعَلَى رَهْطِهِ ، ازْدَادُوا كُفْرًا إلَىٰ كُفْرِهِمْ[(44)]. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ : فَأَقَامُوا عَلَى ذَلِكَ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ، حَتَّى جَهِدُوا ، وَلَمْ يَصِلْ إِلَيْهِمْ شَيْءٌ إِلَّا سِرًّا ، مُسْتَخْفِيًا بِهِ مَنْ أَرَادَ صِلَتَهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ ، وَقَدْ كَانَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ فِيمَا يَذْكُرُونَ لَقِيَ حَكِيمَ بْنَ حِزَامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ مَعَهُ[(45)] غُلَامٌ يَحْمِلُ قَمْحًا ، يُرِيدُ بِهِ عَمَّتَهُ خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ ، وَهِيَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهُ فِي الشِّعْبِ ، فَتَعَلَّقَ بِهِ ، وَ قَالَ : أَتَذْهَبُ بِالطَّعَامِ إِلَى بَنِي هَاشِمٍ ؟ ! وَاللَّهِ لَا تَذْهَبُ أَنْتَ وَطَعَامُكَ حَتَّى أَفْضَحَكَ بِمَكَّةَ . فَجَاءَهُ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَسَدٍ فَقَالَ : مَا لَكَ وَلَهُ ؟ فَقَالَ : يَحْمِلُ الطَّعَامَ إِلَى بَنِي هَاشِمٍ . فَقَالَ لَهُ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ : طَعَامٌ كَانَ لِعَمَّتِهِ عِنْدَهُ ، بَعَثَتْ إِلَيْهِ ، أَتَمْنَعُهُ أَنْ يَأْتِيَهَا بِطَعَامِهَا ؟ ! خَلِّ سَبِيلَ الرَّجُلِ . قَالَ : فَأَبَى أَبُو جَهْلٍ -لَعَنَهُ اللَّهُ- حَتَّى نَالَ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ ، فَأَخَذَ لَهُ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ لَحْيَ بِعِيرٍ ، فَضَرَبَهُ بِهِ فَشَجَّهُ ، وَوَطِئَهُ وَطْئًا شَدِيدًا وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ قَرِيبٌ يَرَى ذَلِكَ ، وَهُمْ يَكْرَهُونَ أَنْ يَبْلُغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ --صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابَهُ فَيَشْمَتُوا بِهِمْ [(46)]... - „ الدعوة إلى الإسلام في مرحلة المقاطعة والحصار ” : وَفي ضوء تأزم الأوضاع على المقاطعين داخل الشعب استمر الرسول -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- بالدعوة إلى الله علىٰ الرغم من الأذى والجهد الذي أصاب بني هاشم وبني عبدالمطلب عامة والمسلمين خاصة... قال ابن إسحاق: وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- عَلَىٰ ذَلِكَ يَدْعُو قَوْمَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا ، وَسِرًّا وَجِهَارًا ، مُنَادِيًا بِأَمْرِ اللَّهِ -تَعَالَى- ، لَا يَتَّقِي فِيهِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ[(47)] . وهذا دليل على الجانب الذي مارسه الرسول -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- في الدعوة إلى الله، و يعطي درساً لــ " حملة الدعوة " إلى الله كي يستمر في دعوته مهما كانت الصعوبات والعقبات، لأن ذلك قمة الصبر والجهاد في سبيل الله[(48)]. إلا أن قريشاً في ظل ذلك أخذوا يهمزون ويلمزون النبي -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-في الطريق فقد تتابع نزول الوحي[(49)] على النبي -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- داخل الشعب ... قال ابن إسحاق:...فَجَعَلَتْ قُرَيْشٌ حِينَ مَنَعَهُ اللَّهُ مِنْهَا ، وَقَامَ عَمُّهُ وَقَوْمُهُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي عَبْدِالْمُطَّلِبِ دُونَهُ ، وَحَالُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا أَرَادُوا مِنَ الْبَطْشِ بِهِ يَهْمِزُونَهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ وَيُخَاصِمُونَهُ ، وَجَعَلَ الْقُرْآنُ يَنْزِلُ فِي قُرَيْشٍ بِأَحْدَاثِهِمْ ، وَفِيمَنْ نَصَبَ لِعَدَاوَتِهِ ، مِنْهُمْ مَنْ سَمَّى لَنَا ، وَمِنْهُمْ مَنْ نَزَلَ فِيهِ الْقُرْآنُ فِي عَامَّةٍ مَنْ ذَكَرَ اللَّهُ مِنَ الْكُفَّارِ[(50)] . فَــ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَبَا لَهَبٍ وَنُزُولَ السُّورَةِ فِيهِ وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ بن وهب بن حذافة بن جمح إذا رأى رسول الله -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- همزه ولمزه، وَنُزُولَ قَوْلِهِ تَعَالَى يفضحه[(51)] { وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ }[(52)] السُّورَةِ بِكَمَالِهَا فِيهِ وَالْعَاصَ بْنَ وَائِلٍ وَنُزُولَ قَوْلِهِ تَعَالَى { أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا }[(53)] فِيهِ ، وَأَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ وَقَوْلَهُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- : لَتَتْرُكَنَّ سَبَّ آلِهَتِنَا ، أَوْ لَنَسُبُّنَّ إِلَهَكَ . وَنُزُولَ قَوْلِ اللَّهِ فِيهِ { وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ }[(54)] وَالنَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : عَلْقَمَةُ بْنُ كَلَدَةَ قَالَهُ السُّهَيْلِيُّ وَجُلُوسَهُ بَعْدَ النَّبِيِّ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فِي مَجَالِسِهِ ، حَيْثُ يَتْلُو الْقُرْآنَ وَيَدْعُو إِلَى اللَّهِ ، فَيَتْلُو عَلَيْهِمُ النَّضْرُ شَيْئًا مِنْ أَخْبَارِ رُسْتُمَ وَأَسْفَنْدِيَارَ وَمَا جَرَى بَيْنَهُمَا مِنَ الْحُرُوبِ فِي زَمَنِ الْفُرْسِ ، ثُمَّ يَقُولُ : وَاللَّهِ ، مَا مُحَمَّدٌ بِأَحْسَنَ حَدِيثًا مِنِّي ، وَمَا حَدِيثُهُ إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ، اكْتَتَبَهَا كَمَا اكْتَتَبْتُهَا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى { وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا }[(55)] وَقَوْلَهُ[(56)] { وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ } [(57)]. ثم :" رجع بنو هاشم وبنو المطلب إلى مكة، وحصل الصلح برغم من أبي جهل عمرو بن هشام. وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الشِّعْبِ . قَالَ ابْنُ عَبْدِالْبَرِّ : بَعْدَ عَشَرَةِ أَعْوَامٍ مِنَ الْمَبْعَثِ ، وَ مَاتَ أبو طالب بَعْدَ ذَلِكَ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ ، وَ مَاتَتْ خديجة بَعْدَهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ، وَقِيلَ : غَيْرُ ذَلِكَ [(58)] . ـــــــــــــــــــــــــــــــ الرجاء؛ مع الشكر : يراجع ما كتبته زنشره موقع ملتقى أهل العلم عن السيدة الجليلة "خديجة بنت خويلد! تحت عنوان: النجوم المضيئة والدرر البهيجة المنثورة على طريق السيدة خديجة ؛ صاحبة النسب والحسب والشرف والجمال والمال . السيدة الطاهرة « خديجة بنت خويلد » https://www.ahlalalm.org/vb/showthread.php?t=123175 ـــــــــــــــــــــــــــــــ ذكرتُ في مطلع هذا البحث أن المقاطعة تمت في السنة السابعة مِن البعثة المحمدية ؛ و إتماماً لهذه الجزئية أكمل البحث والمراجعة تحت أضواء بحث للدكتور سعادة إذ يقول تحت عنوان : „ زمن المقاطعة ” : عند الحديث عن زمن المقاطعة القُرشية خلصت الدراسة [لــ د. علاء الدين كامل سعادة] إلىٰ ثلاث : „ 3 ” آراء حول تاريخ وقوعها . فــ قد جاء عند ابن سعد أن : [ 1 ] المقاطعة حدثت سنة 7 للبعثة (... حصروا بني هاشم في شعب أبي طالب ليلة هلال المحرم سنة سبع [ 7 ] من حين تنبئ رسول الله، صلى الله عليه وسلم) [(59)] ووافقه في ذلك كل من البيهقي وابن عبدالبر وابن سيد الناس والمقريزي وعمر بن فهد. وجاء : [ 2 ] الرأي الثاني يقول بأن المقاطعة حدثت سنة [ 6 ] للبعثة. فقد أورد اليعقوبي (ثم حصرت قريش رسول الله وأهل بيته من بني هاشم وبني المطلب ابن عبدمناف في الشعب الذي يقال له شعب بني هاشم بعد ست [ 6 ] سنين من مبعثه) [(60)] . أما : [ 3 ] الرأي الثالث فقد جاء في رواية واحدة أوردها المسعودي، فقال عما حدث في سنة [ ٤٦ ] لعمر النبي (وفي سنة ست وأربعين كان حصار قريش للنبي صلى الله عليه وسلم وبني هاشم للنبي وبني عبدالمطلب في الشعب) [(61)] ، وبما أن المسعودي أورد أنه في سنة [ ٤١ ] لعمر النبي الكريم بعث نبياً فتكون المقاطعة حدثت سنة [ ٥ ] للبعثة. إن التباين في الروايات الثلاثة السابقة : - بين الأولى والثانية سنة واحدة أما - الثالثة فتتباين عن الثانية بسنة واحدة وعن الأولى بسنتين، و - بتدقيق الملاحظة يُرى أن رواية ابن سعد جاءت بسند في حين أن روايتي اليعقوبي والمسعودي لم توردا سنداً، لهذا بالإضافة إلى موافقة عدد من المؤرخين السابقين لرواية ابن سعد وإيرادها في كتبهم، و - زيادة في التوضيح فإن هناك حادثة تاريخية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمقاطعة القرشية، ولها تأثير كبير وفعال في مجريات المقاطعة ألا وهي : „ الهجرة إلى الحبشة ” : فــ قد تباينت الآراء كذلك في وقتها : - أهي معاصرة للمقاطعة أم : - هي قبلها : - أو بعدها، فــ قد جاء عدد من المؤرخين وأوردوا أن : „ الهجرة إلى الحبشة ” ؛ كانت قبل „ المقاطعة القرشية ” : „ أخبرنا محمد بن عمر، أخبرنا يونس بن محمد الظفري عن أبيه عن رجل من قومه قال: وأخبرنا عبيدالله بن العباس الهذلي عن الحارث بن الفضيل قالا:.. وكان مخرجهم -إلى الحبشة- في: [ رجب من السنة الخامسة ] من حين نبأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم ” ؛ [(62)] و بناء على رواية ابن سعد هذه تكون : „ المقاطعة ” ؛ حدثت بعد سنتين [ ٢ ] من „ الهجرة إلى الحبشة ” ؛ وكذلك أورد اليعقوبي الهجرة إلى الحبشة قبل المقاطعة لكن [ دون ذكر تاريخ ] سنة الهجرة إلى الحبشة، وكذلك فعل الطبري والبيهقي وابن عبدالبر، (وذكر الواقدي أن الهجرة الثانية كانت سنة خمس من المبعث) [(63)] . وأورد ابن هشام حديثه عن الهجرة إلى الحبشة بعد أن انتهى من عرض المقاطعة القرشية، أي أنه استناداً لابن هشام تكون الهجرة إلى الحبشة حدثت بعد المقاطعة القرشية إلا أن البلاذري وازن بين ما سبق (قالوا: ولما رد النجاشي عَمْرَا وعبدالله بن أبي ربيعة المخزومي إلى قريش بغير ما أرادوا وحقق رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقه وأسلم، ازدادوا على من بالشعب غيظاً وحنقاً) [(64)] يستفاد من هذه الرواية للبلاذري أن الحصار والمقاطعة كانتا واقعتين على الرسول وبني هاشم وبني عبدالمطلب، إلا أنهما ازدادتا فعلياً عندما رجع عمرو بن العاص وعبدالله بن أبي ربيعة وذلك إثر فشل : „ السفارة ” ؛ القرشية للنجاشي، و جاء في إمتاع الأسماع للمقريزي أن الهجرة الأولى كانت قبل المقاطعة، وأن الثانية كانت أثناء المقاطعة ورجعت بعد خروج المسلمين من الشِّعب[(64)] لكن الحلبي صاحب السيرة الحلبية وافق بين ذلك كله بشأن زمن المقاطعة في أنها السنة السابعة للبعثة ثم يذهب الحلبي ويحلل أن ذهاب عمرو بن العاص كان بعد الهجرة الثانية أي بعد دخول بني هاشم وبني عبدالمطلب إلى الشعب[(65)] ، و لعل رواية ابن سعد أقرب للصحة أن الهجرة كانت السنة الخامسة للبعثة واشتدت المقاطعة التي بدأت في السنة السابعة للبعثة على المقاطَعين[(66)]. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ (*) أما بشأن حركة المعارضين للمقاطعة القرشية من حيث بدايتها، ونموها، وتطورها أيضا، فقد جاء ابن إسحاق برواية مفصلة لذلك الأمر من جوانب الحركة وتفاصيلها و أورد هذه الرواية عن ابن إسحاق : السهيلي والأصبهاني والطبري في حين جاء عمر بن فهد وابن شاكر الكتبي وابن الأثير برواية مشابهة لرواية ابن إسحاق في مضمونها، و أما رواية ابن إسحاق فيقول فيها: (ثم أنه قام في نقض الصحيفة التي تكاتبت فيها قريش على بني هاشم وبني المطلب نفر من قريش، ولم يبل أحد فيها بلاء أحسن ببلاء من هشام ابن عمرو بن ربيعة بن الحارث بن خبيب بن خزيمة بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي. وذلك أنه كان ابن أخي نضلة بن هاشم بن عبدمناف لأمه. وكان عمرو ونضلة أخوين لأم. وكان هشام لبني هاشم واصلا. وكان ذا شرف في قومه...ثم أنه مشى إلى زهير بن أبي أمية بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم، وكانت أمه عاتكة بنت عبدالمطلب، فقال لزهير: "قد رضيت أن تأكل الطعام وتلبس الثياب وتنكح النساء وأخوالك حيث قد علمت؟ لا يباعون ولا يباع منهم، ولا ينكحون ولا ينكح إليهم، ولا يأمنون ولا يؤمن عليهم.أما أني أحلف بالله، لو كانوا أخوال أبي الحكم بن هشام، ثم دعوته إلى مثل ما دعاك إليه منهم ما أجابك إليه أبدا". قال:"ويحك، فما أصنع؟ أنا رجل واحد". قال، فقال: "قد وجدت ثانيا". قال: "ومن هو؟" قال: "أنا أقوم معك".فقال له زهير: "أبغنا ثالثا". قال: فذهب إلى المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف، فقال له:"يا مطعم، قد رضيت أن تهلك بطن من بني عبد مناف،وأنت شاهد على ذلك، موافق عليه؟ أما والله، لئن أمكنتموهم من هذه لتجدنهم إليها سراعا منكم" فقال: "ويحك، فما أصنع؟ إنما أنا رجل". فقال: "قد وجدت ثانيا". قال:"فمن هو؟" قال:"أنا". فقال:"أبغنا ثالثا". قال: "قد فعلت". قال:"ومن هو؟" قال: "زهير بن أبي أمية". قال: "فأبغنا رابعا، يتكلم معنا". قال: فذهب إلى أبي البختري بن هشام، فذكر قرابتهم وحقهم، فقال:"وهل معك من أحد يعين على هذا؟" قال: "نعم المطعم بن عدي وزهير ابن أبي أمية"، فقال: "أبغنا خامسا"، فذهب إلى زمعة بن الأسود بن المطلب ابن أسد فكلمه وذكر له قرابتهم وحقهم فقال له زمعة: "هل معك على هذا الأمر الذي تدعوني إليه من أحد" فقال: نعم، ثم سمى له القوم. فتواعدوا عند حطم الحجون ليلا بأعلى مكة، فاجتمعوا هناك وأجمعوا أمرهم وتعاهدوا على القيام في الصحيفة حتى ينقضوها. فقال زهير: "أنا أبدؤكم. فأكون أولكم". فلما أصبحوا، غدوا على أنديتهم. وغدا زهير بن أبي أمية في حلة له، فطاف بالبيت سبعا، ثم أقبل على الناس فقال: يا أهل مكة، نأكل الطعام ونشرب الشراب ونلبس الثياب وبنو هاشم وبنو المطلب هلكى لا يباعون ولا يباع منهم، ولا ينكحون ولا ينكح إليهم؟ والله لا أذق طعاما ولا شرابا حتى تشق هذه الصحيفة الظالمة القاطعة: فقال أبو جهل: كذبت والله،- وهو في ناحية المسجد،- لا تشق هذه الصحيفة: فقال زمعة بن الأسود: بل أنت والله أكذب، ما رضينا كتابتها حين كتبت: فقال أبو البختري: صدق زمعة بن الأسود، لا نرضى بما كتب فيها، ولا نعرفه: فقال المطعم بن عدي: صدقتما وكذب من قال غير ذلك، نبرأ إلى الله عز وجل منها، ومما كتب فيها. وقال هشام بن عمرومثل ما قالوا في نقضها وردها: فقال أبو جهل: هذا أمر قضي بليل تشور فيه، يعنى بغير هذا المكان. وأبو طالب جالس في ناحية المسجد يرى ما يصنع القوم...) [(67)]. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ [ ٧ ] الْمُجَلَّدُ السَّابِعُ مِنْ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ؛ قَرَاءَها وَرَاجَعَها ثمَّ جَمَعَهَا فَكَتَبَهَا : د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِنْ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ غَفَرَ اللَّهُ - سبحانه وتعالىٰ - لِوَالِدَيْهِ وَلَهُ وَمُعَلِمِيهِ وَمَشَايخِهِ وكلِ مَن له فضلٌ عليه وَجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ. « ذكر بعثة النبي - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - والدعوة في مكة » ". " أحداث سَنَةَ سَبْعٍ مِنْ الْبَعْثَةِ ". [ ٤ ] الْبَابُ الرَّابِعُ : [ مُقَاطَعَةُ قُرَيْشٍ لِبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطّلِبِ ] بُحُوثٌ ﴿ سنن الأنبياء؛ وسبل العلماء؛ وبساتين البلغاء؛ والأعجاز العلمي عند الحكماء في تأويل آيات الذكر الحكيم المنزل من السماء ﴾ *(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)* „ أبحاث تمهيدية لمستقبل أمة غائبة “ سلسلة بحوث: ﴿ سنن الأنبياء؛ وسبل العلماء؛وبساتين البلغاء؛ والأعجاز العلمي عند الحكماء في تأويل آيات الذكر الحكيم المنزل من السماء ﴾ أبحاث السيرة المحمدية العطرة علىٰ صاحبها أفضل السلامات وكامل الصلوات وعظيم الرحمات والتبريكات! د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِنْ ثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِـ مِصْرَ الْمَحْمِيَّةِ -حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى– حُرِّرَ في يوم الجمعة: ٧ من شهر ربيع الثاني ١٤٤٣ من هجرة سيدنا محمد رسول الله وخاتم النبيين ومتمم المبتعثين ~الموافق ١٢ من شهر نوفمبر عام ٢٠٢١ من الميلاد العجيب للسيد المسيح ؛ الرسول ابن مريم العذراء البتول - عليهما السلام -. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ تنبيه: هذه البحوث تخص موقع :"ملتقى أهل العلم"؛ فلا تنقل إلا بإذن خاص من إدارة الموقع! | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
12 / 11 / 2021, 55 : 02 PM | المشاركة رقم: 390 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : ملتقى السيرة النبويه : ﴿ « „ ٩٧ ‟ » ﴾" [ ٥ ] الْبَابُ الْخَامِسُ: الــمَسِيرُ إِلَىٰ „الطَّائِفُ‟ -*-*-*-*- [ ٧ ] الْمُجَلَّدُ السَّابِعُ مِنْ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ؛ و „ صَلَّى اللَّهُ عَلَىٰ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ، أَزْكَى صَلَوَاتِهِ وَأَتَمَّ تَحِيَّاتِهِ ، وَأَفْضَلَ سَلَامِهِ ، وَعَلَىٰ آلِهِ وَسَلِّمَ تَسْلِيمًا كَثِيراً “ | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018