الرسالة الخامسة : عذراً ...قلبي معتكف
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
كيف الحال الآن يا إخوتاه ؟؟؟ هل أنت معنا في مركب الإيمان ؟ إلى رمضان نحن عباد للرحمن ، يا إخوتاه من سيتعلم معنا كيف يمضي لربه خطوة خطوة ؟؟؟ من سيسبق إلى الله ؟ من سيعليها فوق كل الذاتيات والعوائق : إني ذاهب إلى ربي سيهدين .
ما زلت أراكم تحتاجون إلى عمل أكثر ... ما زالت الهمم ليست على الأمل المنشود .
لكن حسن الظن بربنا أن سيبلغ هذا المشروع الآفاق ؛ لتعبيد خلقه له سبحانه .
هل أثر فيكم الحمد لله ؟ هل ذقتم حلاوة : اللهم لك الحمد كله وإليك يرجع الأمر كله .
تعالوا إلى لذة أخرى ربما لا تدانيها لذة .
يقول ابن القيم : " ومن خلقت فيه قوة العلم والمعرفة فلذته باستعمال قوته وصرفها الى العلم ، ومن خلقت فيه قوة الحب لله والانابة اليه والعكوف بالقلب عليه والشوق اليه والأنس به فلذته ونعيمه استعمال هذه القوة فى ذلك " [ الفوائد : ص74 ]
تعالوا نتعلم ( اعتكاف القلب ) على محبة الله تعالى ، على ذكره وإجلاله وتعظيمه ، وهذه حقيقة الإنابة إلى الله . " مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ " وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ " [ ق :33 ] ولابد للقلب من معتكف ، فهناك من يعكف على الدنيا ، متى أتزوج ؟ أريد عملا يدر عليَّ أموالا كثيرة ؟ أريد الانتهاء من دراستي لأبلغ مركزا مرموقا ، أريد الانتقال إلى مستوى معيشي أفضل ، أريد أن نصيف هذا العام في مكان مختلف .... أريد .... فالقلب عاكف على الدنيا، مشغول بحطامها ، وهذه الدنيا كالتماثيل التي كان قوم سيدنا إبراهيم يعكفون عليها ، فعند كلٍ منا تمثال يعكف عليه - للأسف - لو لم يعكف القلب على الله تعالى .
قال ابن القيم : ومن لم يعكف قلبه على الله وحده عكف على التماثيل المتنوعة كما قال إمام الحنفاء لقومه :" مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ " [ الأنبياء : 52 ] فاقتسم هو وقومه حقيقة العكوف فكان حظ قومه العكوف على التماثيل ، وكان حظه العكوف على الرب الجليل .... فتعلق القلب بغير الله واشتغاله به والركون إليه عكوف منه على التماثيل التي قامت بقلبه وهو نظير العكوف على تماثيل الأصنام ولهذا كان شرك عباد الأصنام بالعكوف بقلوبهم وهممهم وإرادتهم على تماثيلهم فإذا كان في القلب تماثيل قد ملكته واستعبدته بحيث يكون عاكفا عليها فهو نظير عكوف الأصنام عليها ولهذا سماه النبي عبدا لها ودعا عليه بالتعس والنكس فقال " تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش [رواه البخاري ] " [ الفوائد : ص196 ]
فائدة اليوم :
قالت امرأة فرعون : " رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ " [ التحريم : 11 ] فطلبت كون البيت عنده قبل طلبها أن يكون في الجنة فإنَّ الجار قبل الدار .
ونريد أن نتعلم اليوم عبادة التبتل : أي الانقطاع والخلوة بالله تعالى .
قال الله جل وعلا : " وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا " [المزمل :8 ]
وقد كان النبي قبل البعثة يحب الخلوة بالله .
قالت أمنا عائشة : " ثم حبب إليه الخلاء وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه - وهو التعبد الليالي ذوات العدد - قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك " [ متفق عليه ]
الواجب العملي :
اعتكف في مسجد ، اخلُ بربك وأغلق عليك غرفتك لمدة لا تقل مثلا عن نصف ساعة ، وعليك فيها بكثرة المناجاة والدعاء والتضرع ، تكلم معه عسى أن يطهر قلبك .
ويمكن الاستفادة بهذه المحاضرة :
إن رقة القلوب وخشوعها وانكسارها لخالقها وبارئها منحة من الرحمن وعطية من الديان تستوجب العفو والغفران، وتكون حرزاً مكيناً وحصناً حصيناً مكيناً من الغي والعصيان. ما رق قلب لله عز وجل إلا كان صاحبه سابقاً إلى الخيرات مشمراً في الطاعات والمرضاة. ما رق قلب لله عز وجل وانكسر إلا وجدته أحرص ما يكون على طاعة الله ومحبة الله، فما ذُكّر إلا تذكر، ولا بُصّر إلا تبصر، و ما دخلت الرقة إلى القلب إلا وجدته مطمئنا بذكر الله يلهج لسانه بشكره والثناء عليه سبحانه وتعالى، وما رق قلب لله عز وجل إلا وجدت صاحبه أبعد ما يكون عن معاصي الله عز وجل. فالقلب الرقيق قلب ذليل أمام عظمة الله وبطش الله تبارك وتعالى. ما انتزعه داعي الشيطان إلا وأنكسر خوفاً وخشية للرحمن سبحانه وتعالى. ولا جاءه داعي الغي والهوى إلا رعدت فرائص ذلك القلب من خشية المليك سبحانه وتعالى. القلب الرقيق صاحبه صدّيق وأي صدّيق. القلب الرقيق رفيق ونعم الرفيق. ولكن من الذي يهب رقة القلوب وانكسارها؟
ومن الذي يتفضل بخشوعها وإنابتها إلى ربها ؟
رجاء :
انشطوا يا إخوة ويا أخوات أكثر في متابعة المشروع ونشره ، تذكروا هذه العبارة المُرة من النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تسودوا وجهي " [رواه ابن ماجه وصححه الألباني ] وأنا أقولها اقتداء بحبيبي صلى الله عليه وسلم .........
hgvshgm (5 ) " u`vh W >> rgfd luj;t "!! ggYsju]h] gvlqhk !