أنت غير مسجل في ملتقى أهل العلم . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا
Google
 

الإهداءات


العودة   ملتقى أهل العلم > الملتقيات العامة > الملتقى العام

الملتقى العام المواضيع العامة التي لا يريد كاتبها أن يدرجها تحت تصنيف معين .

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: من آداب الدعاء وشروطه وأسباب إجابته ... (آخر رد :السليماني)       :: تأملات في خلق الإبل رؤية علمية وقرآنية كتاب الكتروني رائع (آخر رد :عادل محمد)       :: القدر المستحب في ختم القرآن .... (آخر رد :السليماني)       :: شرح رسالة العبودية ... الشيخ الدكتور يوسف الغفيص حفظه الله (آخر رد :السليماني)       :: حصريا : الشيخ / محمد عبدالوهاب الطنطاوى - القمر والرحمن والانشقاق - أحمد حسين أبوزيد - أمسية من المسجد الكبير بقرية الروضة مركز فارسكور دمياط الاثنين 5شوال1415هـ- 6مارس 1995م. (آخر رد :مهاودي سليمان)       :: معلومات مهمة عن الرافضة أعداء الأمة ... (آخر رد :السليماني)       :: وصايا النبي صلى الله عليه وسلم في الزهد في الدنيا ... (آخر رد :السليماني)       :: من تسجيلاتنا النادرة للقارئ الشيخ / أحمد أحمد نعينع - الجن والمزمل - قرآن الجمعة من مسجد الامام الحسين - الجمعة 16جمادأول 1420هـ - 27 أغسطس 1999م (آخر رد :رفعـت)       :: لأول مرة نلتقى مع فضيلة القارئ الشيخ / محمد عبدالوهاب الطنطاوى - القصص + الانسان - السنبلاوين 18-5-2007 (آخر رد :رفعـت)       :: حصريا باذن الله تعالى نقدم لكم الختمة القرآنية اعتبارا من يوم الثلاثاء الموافق 14 ذو الحجة 1446هـ - 10 يونيه 2025م (آخر رد :رفعـت)      

إضافة رد
كاتب الموضوع شريف حمدان مشاركات 2 المشاهدات 969  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 20 / 04 / 2017, 49 : 12 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
شريف حمدان
اللقب:
مدير عام الملتقى والمشرف العام
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية شريف حمدان


البيانات
التسجيل: 26 / 01 / 2008
العضوية: 38
العمر: 66
المشاركات: 191,714 [+]
بمعدل : 30.18 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 19422
نقاط التقييم: 791
شريف حمدان is a splendid one to beholdشريف حمدان is a splendid one to beholdشريف حمدان is a splendid one to beholdشريف حمدان is a splendid one to beholdشريف حمدان is a splendid one to beholdشريف حمدان is a splendid one to beholdشريف حمدان is a splendid one to behold

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
شريف حمدان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : الملتقى العام





أحبتي في الله

.صَدَقَةُ الْفِطْرِ:

(الْأَصْلُ) فِي وُجُوبِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَرَضَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَلَى كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ وَصَاعًا مِنْ شَعِيرٍ» وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْعَدَوِيِّ وَيُقَالُ الْعَبْدَرِيُّ الَّذِي بَدَأَ بِهِ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْبَابَ فَقَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَدُّوا عَنْ كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ» وَحَدِيثُ «ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ خَطَبَ بِالْبَصْرَةِ فَقَالَ: أَدَّوْا زَكَاةَ فِطْرِكُمْ فَنَظَرَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ فَقَالَ: مَنْ هُنَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قُومُوا رَحِمكُمْ اللَّهُ فَعَلِّمُوا إخْوَانَكُمْ فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا فِي هَذَا الْيَوْمِ أَنْ نُؤَدِّيَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ» ثُمَّ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَخَذَ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَقَالَ: أَنَّهَا فَرِيضَةٌ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَاجِبِ وَالْفَرِيضَةِ، وَعِنْدَنَا هِيَ وَاجِبَةٌ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَهَا بِدَلِيلٍ مُوجِبٍ لِلْعَمَلِ غَيْرِ مُوجِبٍ عِلْمَ الْيَقِينِ، وَهُوَ خَبَرُ الْوَاحِدِ وَمَا يَكُونُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ يَكُونُ وَاجِبًا فِي حَقِّ الْعَمَلِ، وَلَا يَكُونُ فَرْضًا حَتَّى لَا يَكْفُرَ جَاحِدُهُ إنَّمَا الْفَرْضُ مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ مُوجِبٍ لِلْعِلْمِ، وَقِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} أَيْ تَطَهَّرَ بِأَدَاءِ زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَصَلَّى صَلَاةَ الْعِيدِ بَعْدَهُ ثُمَّ سَبَبُ وُجُوبِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ رَأْسٌ يُمَوِّنُهُ بِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِ قَالَ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَدُّوا عَمَّنْ تُمَوِّنُونَ» وَحَرْفُ عَنْ لِلِانْتِزَاعِ مِنْ الشَّيْءِ فَيُحْتَمَلُ أَحَدُ وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ سَبَبًا يُنْتَزَعُ مِنْهُ الْحُكْمُ أَوْ مَحَلًّا يَجِبُ عَلَيْهِ ثُمَّ يُؤَدِّي عَنْهُ، وَبَطَلَ الثَّانِي لِاسْتِحَالَةِ الْوُجُوبِ عَلَى الْعَبْدِ وَالْكَافِرِ فَتَعَيَّنَ الْأَوَّلُ؛ وَلِأَنَّهُ يَتَضَاعَفُ بِتَضَاعُفِ الرُّءُوسِ فَعُلِمَ أَنَّ السَّبَبَ هُوَ الرَّأْسُ، وَإِنَّمَا يَعْمَلُ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ، وَهُوَ وَقْتُ الْفِطْرِ، وَلِهَذَا يُضَافُ إلَيْهِ فَيُقَالُ: صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَالْإِضَافَةُ فِي الْأَصْلِ، وَإِنْ كَانَ إلَى السَّبَبِ فَقَدْ يُضَافُ إلَى الشَّرْطِ مَجَازًا فَإِنَّ الْإِضَافَةَ تَحْتَمِلُ الِاسْتِعَارَةَ فَأَمَّا التَّضَاعُفُ بِتَضَاعُفِ الرُّءُوسِ لَا يَحْتَمِلُ الِاسْتِعَارَةَ ثُمَّ هِيَ عِبَادَةٌ فِيهَا مَعْنَى الْمُؤْنَةِ وَلِهَذَا لَا يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِهِ كَمَالُ الْأَهْلِيَّةِ وَمَعْنَى الْمُؤْنَةِ يُرَجِّحُ الرَّأْسَ فِي كَوْنِهِ سَبَبًا عَلَى الْوَقْتِ.
وَاذَا كَانَ الْوُجُوبُ فِي وَقْتِ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَهُوَ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ يُسْتَحَبُّ أَدَاؤُهُ كَمَا وَجَبَ قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَى الْمُصَلَّى لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يَأْمُرُهُمْ أَنْ يُؤَدُّوا صَدَقَةَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجُوا إلَى الْمُصَلَّى وَقَالَ: اغْنُوهُمْ عَنْ الْمَسْأَلَةِ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ» وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا أَدَّى قَبْلَ الْخُرُوجِ تَفَرَّغَ قَلْبُ الْفَقِيرِ عَنْ حَاجَةِ الْعِيَالِ فَتَفَرَّغَ لِأَدَاءِ الصَّلَاةِ، وَقِيلَ فِي يَوْمِ الْفِطْرِ يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ سِتَّةُ أَشْيَاءَ أَنْ يَغْتَسِلَ وَيَسْتَاكَ وَيَتَطَيَّبَ وَيَلْبَسَ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ وَيُؤَدِّيَ فِطْرَتَهُ وَيَتَنَاوَلَ شَيْئًا ثُمَّ يَخْرُجَ إلَى الْمُصَلَّى (قَالَ): وَعَلَى الْمُسْلِمِ الْمُوسِرِ أَنْ يُؤَدِّيَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ نَفْسِهِ أَمَّا اشْتِرَاطُ الْإِسْلَامِ فَلِأَنَّ فِي آخِرِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ «: مِنْ الْمُسْلِمِينَ» وَقَالَ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ طُهْرَةٌ لِلصَّائِمِينَ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ» وَقَالَ: عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الصَّوْمُ مَحْبُوسٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ حَتَّى تُؤَدَّى زَكَاةُ الْفِطْرِ؛ وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ فَلَا تَجِبُ إلَّا عَلَى مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِثَوَابِهَا، وَهُوَ الْمُسْلِمُ، وَأَمَّا اشْتِرَاطُ الْيَسَارِ فَقَوْلُ عُلَمَائِنَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ مَلَكَ قُوتَ يَوْمِهِ وَزِيَادَةً بِقَدْرِ مَا يُؤَدِّي زَكَاةَ الْفِطْرِ فَيُؤَدِّي زَكَاةَ الْفِطْرِ؛ لِأَنَّهُ ذُكِرَ فِي آخَرِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «غَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ»؛ وَلِأَنَّهُ وَاجِدٌ لِمَا يَتَصَدَّقُ بِهِ فَضْلًا عَنْ حَاجَتِهِ فَيَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ كَالْمُوسِرِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ تُشْبِهُ الْكَفَّارَةَ دُونَ الزَّكَاةِ حَتَّى لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا الْحَوْلُ وَفِي الْكَفَّارَةِ يُعْتَبَرُ تَيْسِيرُ الْأَدَاءِ دُونَ الْغِنَى فَكَذَلِكَ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ.
(وَلَنَا) قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا صَدَقَةَ إلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنَى» وَلِأَنَّ الْفَقِيرَ مَحِلُّ الصَّرْفِ إلَيْهِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ كَاَلَّذِي لَا يَمْلِكُ إلَّا قُوتَ يَوْمِهِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَا يَرِدُ بِمَا لَا يُفِيدُ فَلَوْ قُلْنَا بِأَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ غَيْرِهِ وَيُؤَدِّي عَنْ نَفْسِهِ كَانَ اشْتِغَالًا بِمَا لَا يُفِيدُ وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ ثُمَّ اُنْتُسِخَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إنَّمَا الصَّدَقَةُ مَا كَانَتْ عَنْ ظَهْرِ غِنًى أَوْ مَا أَبْقَتْ غِنًى» أَوْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ «أَمَّا غَنِيُّكُمْ فَيُزَكِّيهِ اللَّهُ وَأَمَّا فَقِيرُكُمْ فَيُعْطِيهِ اللَّهُ أَفْضَلَ مِمَّا أَعْطَى» ثُمَّ الْيَسَارُ الْمُعْتَبَرُ لِإِيجَابِ زَكَاةِ الْفِطْرِ أَنْ يَمْلِكَ مِائَتِي دِرْهَمٍ أَوْ مَا يُسَاوِي مِائَتِي دِرْهَمٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ الَّتِي تَغْلِبُ النَّقْرَةُ فِيهَا عَلَى الْغِشِّ فَضْلًا عَنْ حَاجَتِهِ وَيَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْيَسَارِ أَحْكَامٌ ثَلَاثَةٌ حُرْمَةُ أَخْذِ الصَّدَقَةِ وَوُجُوبُ زَكَاةِ الْفِطْرِ وَالْأُضْحِيَّةُ.
وَكَمَا يُؤَدِّي عَنْ نَفْسِهِ فَكَذَلِكَ يُؤَدِّي عَنْ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ؛ لِأَنَّ رَأْسَ أَوْلَادِهِ فِي مَعْنَى رَأْسِهِ فَإِنَّهُ يُمَوِّنُهُمْ بِوِلَايَتِهِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ هَذَا يُؤَدِّي عَنْ مَمَالِيكِهِ لِلْخِدْمَةِ لِأَنَّهُ يُمَوِّنُهُمْ بِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِمْ الْقِنُّ وَالْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ فَإِنَّ وِلَايَتَهُ عَلَيْهِمْ لَا تَنْعَدِمُ بِالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ إنَّمَا تَسْتَحِيلُ الْمَالِيَّةُ بِهَذَا وَلَا عِبْرَةَ لِلْمَالِيَّةِ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ وَلَا مَالِيَّةَ فِيهِمْ مَا خَلَا مُكَاتَبِيهِ فَإِنَّهُ لَا يُؤَدِّي عَنْهُمْ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ عَلَيْهِمْ قَدْ اخْتَلَّتْ بِسَبَبِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّ الْمُكَاتِبَ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ فِي حَقِّ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ وَحُكِيَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ يُؤَدِّي عَنْهُمْ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَدُّوا عَنْ كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ»، وَقَالَ «: الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» وَلَكِنَّا نَسْتَدِلُّ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَدُّوا عَمَّنْ تُمَوِّنُونَ» وَهُوَ لَا يُمَوِّنُ الْمُكَاتَبَ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُؤَدِّي زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ جَمِيعِ مَمَالِيكِهِ إلَّا الْمُكَاتَبِينَ لَهُ.
وَلَيْسَ عَلَى الْمُكَاتَبِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا عَنْ مَمَالِيكِهِ إلَّا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنَّهُ يَجْعَلُ الْمُكَاتَبَ مَالِكًا لِكَسْبِهِ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ الْمَمْلُوكَ مِنْ أَهْلِ مِلْكِ الْمَالِ إذَا مَلَكَهُ الْمَوْلَى، وَعِنْدَنَا الْمَمْلُوكُ مَالٌ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ مِلْكِ الْمَالِ لِلتَّضَادِّ بَيْنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَبَيْنَ الْمَمْلُوكِيَّةِ، وَالْمُكَاتَبُ لَيْسَ بِمَالِكٍ لِكَسْبِهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ شَرْطَ الْوُجُوبِ الْغِنَى، وَذَلِكَ لَا يَثْبُتُ بِدُونِ حَقِيقَةِ الْمِلْكِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ إبَاحَةُ الْأَخْذِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ كَسْبٌ (قَالَ): وَيُؤَدِّي الْمُسْلِمُ عَنْ مَمْلُوكِهِ الْكَافِرِ عِنْدَنَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: لَا يُؤَدِّي عَنْهُ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَنْبَنِي عَلَى أَصْلٍ وَهُوَ أَنَّ الْوُجُوبَ عِنْدَنَا عَلَى الْمَوْلَى عَنْ عَبْدِهِ فَتُعْتَبَرُ أَهْلِيَّةُ الْمَوْلَى وَعِنْدَهُ الْوُجُوبُ عَلَى الْعَبْدِ ثُمَّ يَتَحَمَّلُ الْمَوْلَى عَنْهُ فَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْعَبْدِ أَهْلًا لِلْوُجُوبِ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَسْتَدِلُّ لِإِثْبَاتِ هَذَا الْأَصْلِ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَرَضَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَلَى كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ»؛ وَلِأَنَّهَا طُهْرَةٌ لِلصَّائِمِ، وَوُجُوبُ الصَّوْمِ عَلَى الْعَبْدِ وَقِيلَ صَدَقَةُ الْفِطْرِ لِلصَّوْمِ كَسُجُودِ السَّهْوِ لِلصَّلَاةِ، وَالسُّجُودُ يَجِبُ عَلَى الْمُصَلِّي لَا عَلَى غَيْرِهِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: قَبُولُ الصَّوْمِ وَالْفَلَاحُ وَالنَّجَاةُ مِنْ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ.
(وَلَنَا) قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «أَدُّوا عَمَّنْ تُمَوِّنُونَ» فَإِنَّمَا الْوُجُوبُ عَلَى مِنْ خُوطِبَ بِالْأَدَاءِ وَجَعَلَهُ بِمَنْزِلَةِ النَّفَقَةِ وَنَفَقَةُ الْمَمْلُوكِ عَلَى الْمَوْلَى فَكَذَلِكَ صَدَقَةُ الْفِطْرِ عَنْهُ ثُمَّ هَذِهِ الصَّدَقَةُ وَاجِبَةٌ بِاعْتِبَارِ مِلْكِهِ فَكَانَتْ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً كَزَكَاةِ الْمَالِ عَنْ عَبْدِ التِّجَارَةِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ حَالَ الْعَبْدِ دُونَ حَالِ فَقِيرٍ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْفَقِيرَ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ، وَالْعَبْدُ لَا فَإِذَا لَمْ تَجِبْ عَلَى الْفَقِيرِ الَّذِي لَا يَمْلِكُ شَيْئًا فَلَأَنْ لَا تَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ أَوْلَى، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُخَاطَبُ بِالْأَدَاءِ بِحَالٍ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ الَّذِي لَهُ مَالٌ فَإِنَّهُ يُخَاطَبُ بِالْأَدَاءِ بَعْدَ الْبُلُوغِ إذَا لَمْ يُؤَدِّهِ عَنْهُ وَلِيُّهُ وَحَرْفُ عَلَى فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِمَعْنَى حَرْفِ عَنْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ} أَيْ عَنْ النَّاسِ وَلَا مُعْتَبَرَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الرَّضِيعِ وَلَا صَوْمَ عَلَيْهِ وَعَلَى سَبِيلِ الِابْتِدَاءِ فِي الْمَسْأَلَةِ لَنَا حَدِيثُ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَمِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «أَدُّوا عَنْ كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ مَجُوسِيٍّ» وَهُوَ نَصٌّ وَلَكِنَّهُ شَاذٌّ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ السَّبَبَ رَأْسٌ يُمَوِّنُهُ بِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ بِكُفْرِ الْمَمْلُوكِ وَإِسْلَامِهِ وَلَا يُؤَدِّي الْكَافِرُ عَنْ مَمْلُوكِهِ الْمُسْلِمِ أَمَّا عِنْدَنَا؛ فَلِأَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى الْمَوْلَى وَالْمَوْلَى لَيْسَ بِأَهْلٍ لَهُ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى تَحَمُّلُ الْمَوْلَى عَنْ عَبْدِهِ يَسْتَدْعِي أَهْلِيَّةَ أَدَاءِ الْعِبَادَةِ وَالْكَافِرُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لَهُ، وَالْوُجُوبُ عَلَى الْعَبْدِ عِنْدَهُ بِاعْتِبَارِ تَحَمُّلِ الْمَوْلَى الْأَدَاءَ عَنْهُ فَإِذَا انْعَدَمَ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمَمْلُوكِ لَمْ يَجِبْ أَصْلًا (قَالَ): وَإِذَا كَانَ لِلْوَلَدِ الصَّغِيرِ مَالٌ أَدَّى عَنْهُ أَبُوهُ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَكَذَلِكَ يُضَحِّي عَنْهُ مِنْ مَالِهِ اسْتِحْسَانًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْحِيَلِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يُؤَدِّي مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَلَوْ أَدَّى مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ ضَمِنَ وَكَذَلِكَ الْخِلَافُ فِي الْوَصِيِّ إلَّا أَنَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى الْوَصِيُّ لَا يُؤَدِّي عَنْهُ أَصْلًا وَالْقِيَاسُ مَا قَالَا؛ لِأَنَّهَا زَكَاةٌ فِي الشَّرِيعَةِ كَزَكَاةِ الْمَالِ فَلَا تَجِبُ عَلَى الصَّغِيرِ؛ وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ وَالصَّبِيُّ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِوُجُوبِ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْوُجُوبَ يَنْبَنِي عَلَى الْخِطَابِ وَاسْتَحْسَنَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَا: فِيهَا مَعْنَى الْمُؤْنَةِ بِدَلِيلِ الْوُجُوبِ عَلَى الْغَيْرِ بِسَبَبِ الْغَيْرِ فَهُوَ كَالنَّفَقَةِ وَنَفَقَةُ الصَّغِيرِ فِي مَالِهِ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ ثُمَّ هَذِهِ طُهْرَةٌ شَرْعِيَّةٌ فَتُقَاسُ بِنَفَقَةِ الْخِتَانِ وَهَذَا؛ لِأَنَّا لَوْ لَمْ نُوجِبْ عَلَيْهِ احْتَجْنَا إلَى الْإِيجَابِ عَلَى الْأَبِ فَكَانَ فِي الْإِيجَابِ فِي مَالِهِ حِفْظُ حَقِّ الْأَبِ وَهُوَ إسْقَاطٌ عَنْهُ، وَمَالُ الصَّبِيِّ يَحْتَمِلُ حُقُوقَ الْعِبَادِ، وَبِهِ فَارَقَ الزَّكَاةَ ثُمَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَمَا يُؤَدَّى عَنْ الصَّغِيرِ مِنْ مَالِهِ فَكَذَلِكَ عَنْ مَمَالِيكِ الصَّغِيرِ يُؤَدَّى مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يُؤَدَّى عَنْ مَمَالِيكِهِ أَصْلًا وَالْمَعْتُوهُ وَالْمَجْنُونُ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الصَّغِيرِ.
وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْأَبَ إنَّمَا يُؤَدِّي عَنْ ابْنِهِ الْمَعْتُوهِ وَالْمَجْنُونِ إذَا بَلَغَ كَذَلِكَ فَأَمَّا إذَا بَلَغَ مُفِيقًا ثُمَّ جُنَّ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَلَا مِنْ مَالِ وَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وُلِدَ مَجْنُونًا بَقِيَ مَا كَانَ وَاجِبًا بِبَقَاءِ وِلَايَتِهِ فَأَمَّا إذَا بَلَغَ مُفِيقًا فَقَدْ سَقَطَ عَنْهُ لِزَوَالِ وِلَايَتِهِ فَلَا يَعُودُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ عَادَتْ الْوِلَايَةُ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى السَّبَبُ رَأْسٌ يُمَوِّنُهُ بِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ بِالْجُنُونِ الْأَصْلِيِّ.
وَالطَّارِئِ (قَالَ): وَلَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ أَوْلَادِهِ الْكِبَارِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: إنْ كَانُوا زَمْنَى مُعْسِرِينَ فَعَلَيْهِ الْأَدَاءُ عَنْهُمْ وَإِنْ كَانُوا أَصِحَّاءَ مُعْسِرِينَ فِي عِيَالِهِ فَلَهُ فِيهِ وَجْهَانِ، وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَدُّوا عَمَّنْ تُمَوِّنُونَ» وَهُوَ يُمَوِّنُ وَلَدَهُ الزَّمِنَ وَالْمُعْسِرَ وَأَصْحَابُنَا قَالُوا: بِأَنَّ السَّبَبَ رَأْسٌ يُمَوِّنهُ بِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِ لِيَكُونَ فِي مَعْنَى رَأْسِهِ وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى أَوْلَادِهِ الزَّمْنَى إذَا كَانُوا كِبَارًا وَبِدُونِ تَقَرُّرِ السَّبَبِ لَا يَثْبُتُ الْوُجُوبُ (قَالَ): وَلَا يُؤَدِّي الْجَدُّ عَنْ نَوَافِلِهِ الصِّغَارِ وَإِنْ كَانُوا فِي عِيَالِهِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ عَلَيْهِ الْأَدَاءَ عَنْهُمْ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ وَهَذِهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ يُخَالِفُ الْجَدُّ فِيهَا الْأَبَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلَا يُخَالِفُ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ: أَحَدُهَا: وُجُوبُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالثَّانِي التَّبَعِيَّةُ فِي الْإِسْلَامِ وَالثَّالِثُ جَرُّ الْوَلَاءِ وَالرَّابِعُ الْوَصِيَّةُ لِقَرَابَةِ فُلَانٍ وَجْهُ رِوَايَةِ الْحَسَنِ أَنَّ وِلَايَةَ الْجَدِّ عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ وِلَايَةٌ مُتَكَامِلَةٌ، وَهُوَ يُمَوِّنُهُمْ فَيَتَقَرَّرُ السَّبَبُ فِي حَقِّهِ وَوَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ وِلَايَةَ الْجَدِّ مُنْتَقِلَةٌ مِنْ الْأَبِ إلَيْهِ فَهُوَ نَظِيرُ وِلَايَةِ الْوَصِيِّ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ السَّبَبَ إنَّمَا يَتَقَرَّرُ إذَا كَانَ رَأْسُهُ فِي مَعْنَى رَأْسِ نَفْسِهِ بِاعْتِبَارِ الْوِلَايَةِ، وَذَلِكَ لَا يَتَقَرَّرُ فِي حَقِّ الْجَدِّ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ وِلَايَتِهِ بِوَاسِطَةٍ وَوِلَايَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ ثَابِتَةٌ بِدُونِ الْوَاسِطَةِ.
(قَالَ): وَلَا يُؤَدِّي الزَّوْجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ زَوْجَتِهِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ عَنْهَا لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «أَدُّوا عَمَّنْ تُمَوِّنُونَ» وَهُوَ يُمَوِّنُ زَوْجَتَهُ وَمِلْكُهُ عَلَيْهَا نَظِيرُ مِلْكِ الْمَوْلَى عَلَى أُمِّ وَلَدِهِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ الْفِرَاشُ وَحِلُّ الْوَطْءِ فَكَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ عَنْ أُمِّ وَلَدِهِ فَكَذَلِكَ عَنْ زَوْجَتِهِ.
(وَلَنَا) أَنَّ عَلَيْهَا الْأَدَاءَ عَنْ مَمَالِيكِهَا وَمَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ مِنْ غَيْرِهِ لَا يَجِبُ عَلَى الْغَيْرِ الْأَدَاءُ عَنْهُ وَهَذَا؛ لِأَنَّ نَفْسَهَا أَقْرَبُ إلَيْهَا مِنْ نَفْسِ مَمَالِيكِهَا ثُمَّ النَّفَقَةُ عَلَى الزَّوْجِ بِاعْتِبَارِ الْعَقْدِ فَلَا يَكُونُ مُوجِبًا لِلصَّدَقَةِ كَنَفَقِهِ الْأَجِيرِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ فِي الصَّدَقَةِ مَعْنَى الْعِبَادَةِ وَهُوَ مَا تَزَوَّجَهَا لِيَحْمِلَ عَنْهَا الْعِبَادَاتِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ مُجَرَّدَ الْمُؤْنَةِ بِدُونِ الْوِلَايَةِ الْمُطْلَقَةِ لَا يَنْهَضُ سَبَبًا وَبِعَقْدِ النِّكَاحِ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَيْهَا الْوِلَايَةُ فِيمَا سِوَى حُقُوقِ النِّكَاحِ بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ فَإِنَّ لِلْمَوْلَى عَلَيْهَا وِلَايَةٌ مُطْلَقَةٌ بِسَبَبِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ فَإِنْ أَدَّى الزَّوْجُ عَنْ زَوْجَتِهِ بِأَمْرِهَا جَازَ، وَإِنْ أَدَّى عَنْهَا بِغَيْرِ أَمْرِهَا لَمْ يَجُزْ فِي الْقِيَاسِ كَمَا لَوْ أَدَّى عَنْ أَجْنَبِيٍّ، وَيَجُوزُ اسْتِحْسَانًا فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الزَّوْجَ هُوَ الَّذِي يُؤَدِّي فَكَانَ الْأَمْرُ مِنْهَا ثَابِتًا بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ فَيَكُونُ كَالثَّابِتِ بِالنَّصِّ (قَالَ): وَلَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ أَبَوَيْهِ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ قُرَابَتِهِ وَإِنْ كَانُوا فِي عِيَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِمْ؛ وَلِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ فَهُوَ كَمَنْ تَبَرَّعَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى الْغَيْرِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ عَنْهُمْ بِاعْتِبَارِهِ.
(قَالَ): وَيُؤَدِّي صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَنْ نَفْسِهِ حَيْثُ هُوَ، وَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَبْعَثَ بِصَدَقَتِهِ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ لِحَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «مَنْ نَقَلَ عُشْرَهُ وَصَدَقَتَهُ عَنْ مِخْلَافِ عَشِيرَتِهِ إلَى غَيْرِ مِخْلَافِ عَشِيرَتِهِ فَعُشْرُهُ وَصَدَقَتُهُ فِي مِخْلَافِ عَشِيرَتِهِ» وَأَمَّا عَنْ رَقِيقِهِ فَإِنَّمَا يُؤَدِّي صَدَقَةَ الْفِطْرِ حَيْثُ هُوَ وَإِنْ كَانُوا فِي بَلَدٍ آخَرَ، وَحَكَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ فَقَالَ: يُؤَدِّي عَنْهُمْ حَيْثُ هُمْ، وَجَعَلَهُ قِيَاسَ زَكَاةِ الْمَالِ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُنَاكَ مَوْضِعُ الْمَالِ لَا مَوْضِعَ صَاحِبِهِ فَهُنَا كَذَلِكَ، وَوَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى الْمَوْلَى فِي ذِمَّتِهِ، وَرَأْسُ الْمَمَالِيكِ فِي حَقِّهِ كَرَأْسِهِ فَكَمَا أَنَّ فِي أَدَاءِ الصَّدَقَةِ عَنْ نَفْسِهِ يُعْتَبَرُ مَوْضِعُهُ فَكَذَلِكَ عَنْ مَمَالِيكِهِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ جُزْءٌ مِنْ الْمَالِ حَتَّى يَسْقُطَ بِهَلَاكِ الْمَالِ، وَهُنَا لَا يَسْقُطُ بِهَلَاكِ الْمَمَالِيكِ بَعْدَ الْوُجُوبِ عَلَى الْمَوْلَى.
(قَالَ): رَجُلَانِ بَيْنَهُمَا مَمْلُوكٌ لِلْخِدْمَةِ لَا يَجِبُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَدَقَةُ الْفِطْرِ عَنْهُ عِنْدَنَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَجِبُ عَلَيْهِمَا، وَهُوَ بِنَاءٌ عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فَإِنَّ عِنْدَهُ الْوُجُوبَ عَلَى الْعَبْدِ، وَهُوَ كَامِلٌ فِي نَفْسِهِ، وَعِنْدَنَا الْوُجُوبُ عَلَى الْمَوْلَى عَنْ عَبْدِهِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَمْلِكُ مَا يُسَمَّى عَبْدًا فَإِنَّ نِصْفَ الْعَبْدِ لَيْسَ بِعَبْدٍ، وَعَلَى سَبِيلِ الِابْتِدَاءِ هُوَ يَسْتَدِلُّ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَدُّوا عَمَّنْ تُمَوِّنُونَ» وَهُمَا يُمَوِّنَانِهِ فَإِنَّ نَفَقَتَهُ عَلَيْهِمَا فَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ عَنْهُ.
(وَلَنَا) أَنَّ السَّبَبَ رَأْسٌ يُمَوِّنُهُ بِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِ وَلَا وِلَايَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَهُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ وَبِمُجَرَّدِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ لَا يَكُونُ عَلَيْهِ وُجُوبُ الصَّدَقَةِ فَإِنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ بِاعْتِبَارِ مِلْكِ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ، وَلَا تَجِبُ الصَّدَقَةُ مَا لَمْ يَتَقَرَّرْ السَّبَبُ وَهُوَ رَأْسٌ يُمَوِّنُهُ بِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِ (قَالَ): فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَمَالِيكُ لِلْخِدْمَةِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَجِبُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَدَقَةُ الْفِطْرِ عَنْهُمْ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الصَّدَقَةُ فِي حِصَّتِهِ إذَا كَانَ كَامِلًا فِي نَفْسِهِ حَتَّى إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا خَمْسَةُ أَعْبُدٍ يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الصَّدَقَةُ عَنْ عَبْدَيْنِ، وَمَذْهَبُ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مُضْطَرِبٌ ذَكَرَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ هَذَا الْكِتَابِ كَقَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَوْلَهُ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَرَّ عَلَى أَصْلِهِ فَإِنَّهُ لَا يَرَى قِسْمَةَ الرَّقِيقِ جَبْرًا فَلَا يَمْلِكُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يُسَمَّى عَبْدًا وَمُحَمَّدٌ مَرَّ عَلَى أَصْلِهِ فَإِنَّهُ يَرَى قِسْمَةَ الرَّقِيقِ جَبْرًا وَبِاعْتِبَارِ الْقِسْمَةِ مِلْكُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْبَعْضِ مُتَكَامِلٌ وَكَذَلِكَ مَذْهَبُ أَبِي يُوسُفَ إنْ كَانَ قَوْلُهُ كَقَوْلِ مُحَمَّدٍ، وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَعُذْرُهُ أَنَّ الْقِسْمَةَ تَنْبَنِي عَلَى الْمِلْكِ فَأَمَّا وُجُوبُ الصَّدَقَةِ فَيَنْبَنِي عَلَى الْوِلَايَةِ لَا عَلَى الْمِلْكِ حَتَّى تَجِبَ الصَّدَقَةُ عَنْ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ، وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وِلَايَةٌ مُتَكَامِلَةٌ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الرُّءُوسِ.
(قَالَ): فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا جَارِيَةٌ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَيَاهُ ثُمَّ مَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ فَلَا صَدَقَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ الْأُمِّ لِمَا بَيَّنَّا فَأَمَّا عَلَى الْوَلَدِ يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَدَقَةٌ كَامِلَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى تَجِبُ عَلَيْهِمَا صَدَقَةٌ وَاحِدَةٌ عَنْهُ وَلَا رِوَايَةَ فِيهِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَمُحَمَّدٌ يَقُولُ: الْأَبُ أَحَدُهُمَا فِي الْحَقِيقَةِ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأُولَى مِنْ الْآخَرِ فَجَعَلْنَاهَا عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا يَرِثَانِهِ مِيرَاثَ ابْنٍ وَاحِدٍ وَأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: هُوَ ابْنٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِكَمَالِهِ؛ لِأَنَّ الْبُنُوَّةَ لَا تَحْتَمِلُ التَّجْزِيءَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَرِثُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِيرَاثَ ابْنٍ كَامِلٍ فَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْهُ صَدَقَةٌ كَامِلَةٌ.
(قَالَ): وَلَيْسَ عَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ فِي مَمَالِيكِ التِّجَارَةِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَجِبُ وَهُوَ بِنَاءٌ عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي بَيَّنَّا فَإِنَّ عِنْدَهُ الْوُجُوبَ عَلَى الْعَبْدِ وَزَكَاةَ التِّجَارَةِ عَلَى الْمَوْلَى فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ وُجُوبَ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَلَى الْعَبْدِ وَعِنْدَنَا الْوُجُوبُ عَلَى الْمَوْلَى كَزَكَاةِ التِّجَارَةِ فَلَا يَجْتَمِعُ زَكَاتَانِ عَلَى مِلْكٍ وَاحِدٍ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ.
(قَالَ): وَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ صَدَقَةَ نَفْسِهِ وَمَمَالِيكِهِ فَيُعْطِيَهَا مِسْكِينًا وَاحِدًا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «اغْنَوْهُمْ عَنْ الْمَسْأَلَةِ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ» وَالْإِغْنَاءُ يَحْصُلُ بِصَرْفِ الْكُلِّ إلَى وَاحِدٍ فَوْقَ مَا يَحْصُلُ بِالتَّفْرِيقِ؛ وَلِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْقَدْرُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ وَصِفَةُ الْفَقْرِ فِي الْمَصْرُوفِ إلَيْهِ، وَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ بِالتَّفْرِيقِ، وَالْجَمْعِ فَجَازَ الْكُلُّ وَهَذَا بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ فَإِنَّهُ لَوْ صَرَفَ الْكُلَّ إلَى مِسْكَيْنِ وَاحِدٍ جُمْلَةً لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ فِي الْمَصْرُوفِ إلَيْهِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهِ صُورَةً وَمَعْنًى (قَالَ): فَإِنْ أَعْطَى قِيمَةَ الْحِنْطَةِ جَازَ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ حُصُولُ الْغِنَى وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالْقِيمَةِ كَمَا يَحْصُلُ بِالْحِنْطَةِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَجُوزُ، وَأَصْلُ الْخِلَافِ فِي الزَّكَاةِ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الْأَعْمَشُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: أَدَاءُ الْحِنْطَةِ أَفْضَلُ مِنْ أَدَاءِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى امْتِثَالِ الْأَمْرِ وَأَبْعَدُ عَنْ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ فِيهِ، وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: أَدَاءُ الْقِيمَةِ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى مَنْفَعَةِ الْفَقِيرِ فَإِنَّهُ يَشْتَرِي بِهِ لِلْحَالِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، وَالتَّنْصِيصُ عَلَى الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ كَانَ؛ لِأَنَّ الْبِيَاعَاتِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِالْمَدِينَةِ يَكُونُ بِهَا فَأَمَّا فِي دِيَارِنَا الْبِيَاعَاتُ تُجْرَى بِالنُّقُودِ، وَهِيَ أَعَزُّ الْأَمْوَالِ فَالْأَدَاءُ مِنْهَا أَفْضَلُ.
(قَالَ): وَمَنْ مَاتَ مِنْ مَمَالِيكِهِ وَوَلَدِهِ لَيْلَةَ الْعِيدِ فَلَا صَدَقَةَ عَلَيْهِ عَنْهُمْ، وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ الصُّبْحِ فَالصَّدَقَةُ وَاجِبَةٌ عَنْهُمْ.
وَلَا خِلَافَ أَنَّ وُجُوبَ الصَّدَقَةِ يَتَعَلَّقُ بِالْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ: وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي وَقْتِ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عِنْدَنَا وَقْتُ الْفِطْرِ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ، وَعِنْدَهُ وَقْتُ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ اللَّيْلَةِ الَّتِي يُهِلُّ بِهَا هِلَالُ شَوَّالٍ حُجَّتُهُ لِإِثْبَاتِ هَذَا الْأَصْلِ أَنَّ حَقِيقَةَ الْفِطْرِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَكَذَلِكَ انْسِلَاخُ شَهْرِ رَمَضَانَ يَكُونُ عَنْ رُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّالٍ، وَذَلِكَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَحُجَّتُنَا مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَنْهَاكُمْ عَنْ صَوْمِ يَوْمَيْنِ يَوْمٌ تُفْطِرُونَ فِيهِ مِنْ صَوْمِكُمْ وَيَوْمٌ تَأْكُلُونَ فِيهِ لَحْمَ نُسُكِكُمْ»؛ وَلِأَنَّ حَقِيقَةَ الْفِطْرِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ كَمَا يَكُونُ فِي هَذَا الْيَوْمِ كَذَلِكَ فِيمَا قَبْلَهُ، وَالْفِطْرُ مِنْ رَمَضَانَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِمَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِمَا تَقَدَّمَ، وَذَلِكَ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّ فِيمَا تَقَدَّمَ كَانَ يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ فِي هَذَا الْوَقْتِ، وَفِي هَذَا الْيَوْمِ يَلْزَمُهُ الْفِطْرُ، وَهَذَا الْيَوْمُ يُسَمَّى يَوْمَ الْفِطْرِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْفِطْرُ مِنْ رَمَضَانَ فِيهِ لِيَتَحَقَّقَ هَذَا الِاسْمُ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ تَجِبُ فِيهِ الْجُمُعَةُ، وَتُؤَدَّى فِيهِ لِيَتَحَقَّقَ هَذَا الِاسْمُ فِيهِ إذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ كُلُّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ الْكُفَّارِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ فَعَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْوُجُوبِ جَاءَ، وَهُوَ مُسْلِمٌ وَكُلُّ مَنْ يُولَدُ لَيْلَةَ الْفِطْرِ فَعَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهُ جَاءَ وَقْتَ الْوُجُوبِ، وَهُوَ مُنْفَصِلٌ وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِهِ وَمَمَالِيكِهِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ جَاءَ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَهُوَ مَيِّتٌ وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْهُمْ فَعَلَيْهِ الصَّدَقَةُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْوُجُوبِ جَاءَ، وَهُوَ حَيٌّ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ بَعْدَ مَا وَجَبَتْ لَا تَسْقُطُ بِمَوْتِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ هُنَاكَ جُزْءٌ مِنْ الْمَالِ وَبِهَلَاكِهِ يَفُوتُ مَحَلُّ الْوَاجِبِ، وَهُنَا الصَّدَقَةُ تَجِبُ فِي ذِمَّةِ الْمُؤَدِّي فَبِمَوْتِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ لَا يَفُوتُ مَحَلُّ الْوَاجِبِ فَلِهَذَا لَا تَسْقُطُ حَتَّى رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْأَمَالِي أَنَّ مَنْ قَالَ: لِعَبْدِهِ إذَا جَاءَ يَوْمَ الْفِطْرِ فَأَنْتَ حُرٌّ فَعَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَتَقَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَا تَسْقُطُ بِهِ الصَّدَقَةُ الْوَاجِبَةُ عَنْهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْوُجُوبِ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِأَدَاءِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَى الْمُصَلَّى» وَالْمَقْصُودُ بِهَذَا الْأَمْرِ الْمُسَارَعَةُ إلَى الْأَدَاءِ لَا التَّأْخِيرُ عَنْ وَقْتِ الْوُجُوبِ (قَالَ) وَاذَا مَرَّ وَقْتُ الْفِطْرِ وَفِي يَدِ الرَّجُلِ مَمْلُوكٌ قَدْ اشْتَرَاهُ وَفِي الْبَيْعِ خِيَارٌ لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَإِنَّمَا الصَّدَقَةُ عَلَى مَنْ يَسْتَقِرُّ لَهُ الْمِلْكُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ زُفَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى مَنْ لَهُ مِلْكُ الْعَبْدِ وَقْتَ الْوُجُوبِ هُوَ يَقُولُ هَذِهِ مُؤْنَةٌ بِسَبَبِ الْمِلْكِ فَتَكُونُ نَظِيرَ النَّفَقَةِ وَالنَّفَقَةُ تَجِبُ عَلَى مَنْ لَهُ الْمِلْكُ وَقْتَ الْوُجُوبِ فَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ وَزُفَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: الْوِلَايَةُ لِمَنْ لَهُ الْخِيَارُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَوُجُوبُ الصَّدَقَةِ بِاعْتِبَارِ الْوِلَايَةِ عَلَى الرَّأْسِ.
(وَلَنَا) أَنَّ الْبَيْعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ إذَا تَمَّ يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ حَتَّى يَسْتَحِقَّ الزَّوَائِدَ الْمُتَّصِلَةَ وَالْمُنْفَصِلَةَ وَإِذَا فُسِخَ عَادَ إلَى قَدِيمِ مِلْكِ الْبَائِعِ فَحُكْمُ الْمِلْكِ وَالْوِلَايَةِ مَوْقُوفٌ فِيهِ فَكَذَلِكَ مَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ وَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِسَبَبِ الْمِلْكِ مُقَابَلٌ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ بِسَبَبِ الْمِلْكِ وَهُوَ الزَّوَائِدُ فَكَمَا تَوَقَّفَ حُكْمُ اسْتِحْقَاقِهِ فَكَذَلِكَ حُكْمُ الِاسْتِحْقَاقِ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّ النَّفَقَةَ لَا تَحْتَمِلُ التَّوَقُّفَ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ لِحَاجَةِ الْمَمْلُوكِ لِلْحَالِ فَإِذَا جَعَلْنَاهَا مَوْقُوفَةً مَاتَ الْمَمْلُوكُ جُوعًا فَلِأَجْلِ الضَّرُورَةِ اعْتَبِرْنَا فِيهِ النَّفَقَةَ لِلْحَالِ بِخِلَافِ الصَّدَقَةِ وَكَذَلِكَ الْخِلَافُ فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ إنْ كَانَ اشْتَرَاهُ لِلتِّجَارَةِ.
(قَالَ): فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْعِ خِيَارٌ إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى مَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ فَإِنْ قَبَضَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَصَدَقَتُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَالِكًا لَهُ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَقَدْ تَقَرَّرَ مِلْكُهُ بِقَبْضِهِ وَإِنْ أُتْلِفَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ فَلَا صَدَقَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَمَّا الْبَائِعُ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا وَقْتَ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْبَاتَّ يُزِيلُ مِلْكَهُ وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَلِأَنَّ الْبَيْعَ انْفَسَخَ مِنْ الْأَصْلِ بِهَلَاكِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَنْعَدِمُ بِهِ مِلْكُهُ مِنْ الْأَصْلِ وَوُجُوبُ الصَّدَقَةِ بِحُكْمِ الْمِلْكِ وَلَمْ يَبْقَى لِمُلْكِهِ حُكْمٌ حِين انْفَسَخَ الْبَيْعُ مِنْ الْأَصْلِ وَإِنْ لَمْ يَمُتْ وَرَدَّهُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِعَيْبٍ أَوْ خِيَارِ رُؤْيَةٍ فَصَدَقَتُهُ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ انْفَسَخَ مِنْ الْأَصْلِ بِالرَّدِّ قَبْلَ الْقَبْضِ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ وَعَادَ إلَى قَدِيمِ مِلْكِ الْبَائِعِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ انْفِسَاخَ الْبَيْعِ هُنَاكَ بَعْدَ الْهَلَاكِ كَفَوَاتِ الْقَبْضِ الْمُسْتَحِقِّ بِالْعَقْدِ فَلَا يَظْهَرُ حُكْمُ مِلْكِ الْبَائِعِ فِي حَالِ قِيَامِهِ فَإِنْ رَدَّهُ بَعْدَ الْقَبْضِ بِعَيْبٍ أَوْ خِيَارِ رُؤْيَةٍ فَصَدَقَتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ وَوِلَايَتَهُ كَانَتْ تَامَّةً وَقْتَ الْوُجُوبِ لِكَوْنِهِ قَابِضًا فَوَجَبَتْ الصَّدَقَةُ عَلَيْهِ ثُمَّ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ بِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْ الْعَيْنِ كَمَا لَا يَسْقُطُ بِهَلَاكِهِ فِي يَدِهِ.
(قَالَ) فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ شِرَاءً فَاسِدًا فَمَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ فَصَدَقَتُهُ عَلَى الْبَائِعِ سَوَاءٌ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ وَفُسِخَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ بِنَفْسِهِ فَبَقِيَ مِلْكُ الْبَائِعِ بَعْدَهُ كَمَا كَانَ قَبْلَهُ وَاذَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ فَزَوَالُ مِلْكِ الْبَائِعِ كَانَ مَقْصُورًا عَلَى الْحَالِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ إنَّمَا تَمَّ الْآنَ، وَالْمَوْهُوبُ فِي هَذَا نَظِيرُ الْمُشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا (قَالَ): فَإِنْ مَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ، وَهُوَ مَقْبُوضٌ فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي فَصَدَقَتُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَالِكًا وَقْتَ الْوُجُوبِ، وَتَقَرَّرَ مِلْكُهُ بِتَعَذُّرِ فَسْخِ الْبَيْعِ، وَإِنْ رَدَّهُ فَصَدَقَتُهُ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ عَادَ إلَى قَدِيمِ مِلْكِهِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ، وَإِنْ كَانَ قَابِضًا مَالِكًا وَقْتَ الْوُجُوبِ وَلَكِنَّ يَدَهُ وَمِلْكَهُ مُسْتَحِقُّ الرَّفْعِ عَنْهَا شَرْعًا فَإِذَا رُفِعَ صَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِخِلَافِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحِقِّ الرَّفْعِ عَلَيْهِ وَلَكِنَّهُ يَرْفَعُهُ بِاخْتِيَارِهِ.
(قَالَ): وَاذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَلَيْسَ عَلَى الْمَوْلَى فِيهِ زَكَاةُ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ لِفِطْرٍ وَلَا تِجَارَةٍ أَمَّا زَكَاةُ الْفِطْرِ؛ فَلِأَنَّ السَّبَبَ رَأْسٌ يُمَوِّنُهُ بِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فِيمَا مَضَى، وَأَمَّا زَكَاةُ التِّجَارَةِ؛ فَلِأَنَّهُ مَا كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بَلْ كَانَ كَالْخَارِجِ مِنْ مِلْكِهِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْعَبْدُ آبِقًا فَوَجَدَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ تَاوِيًا فِي السَّنِينِ الْمَاضِيَةِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ عَنْهُ زَكَاةُ فِطْرٍ وَلَا التِّجَارَةُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مَغْصُوبًا مَجْحُودًا أَوْ مَأْسُورًا؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ فِي حُكْم التَّاوِي وَيَدُهُ مَقْصُورَةٌ عَنْهُ.
(قَالَ): وَإِذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَقَدْ كَانَ قَبْلَ الْكِتَابَةِ لِلتِّجَارَةِ لَمْ يَعُدْ إلَى مَالِ التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّ بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ صَارَ فَاسِخًا لِنِيَّةِ التِّجَارَةِ فِيهِ فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لِتَصَرُّفَاتِهِ فَلَا يَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا بِفِعْلٍ هُوَ تِجَارَةٌ، وَعَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْهُ إذَا مَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ؛ لِأَنَّ الْمَمْلُوكَ فِي الْأَصْلِ لِلْخِدْمَةِ حَتَّى يَجْعَلَهُ لِلتِّجَارَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ، وَقَدْ كَانَ اشْتَرَاهُ لِلتِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ مَا صَارَ فَاسِخًا لِنِيَّةِ التِّجَارَةِ فِيهِ فَإِنَّهُ بِالْإِذْنِ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَحِلًّا لِتَصَرُّفَاتِهِ.
(قَالَ): وَاذَا لَمْ يُخْرِجْ الرَّجُلُ صَدَقَةَ الْفِطْرِ فَعَلَيْهِ إخْرَاجُهَا، وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ إلَّا عَلَى قَوْلِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ فَإِنَّهُ يَقُولُ: تَسْقُطُ بِمُضِيِّ يَوْمِ الْفِطْرِ؛ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ اخْتَصَّتْ بِأَحَدِ يَوْمَيْ الْعِيدِ فَكَانَتْ قِيَاسَ الْأُضْحِيَّةِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ أَيَّامِ النَّحْرِ.
(وَلَنَا) أَنَّ هَذِهِ صَدَقَةٌ مَالِيَّةٌ فَلَا تَسْقُطُ بَعْدَ الْوُجُوبِ إلَّا بِالْأَدَاءِ كَزَكَاةِ الْمَالِ، وَلَا نَقُولُ: الْأُضْحِيَّةُ تَسْقُطُ بَلْ يَنْتَقِلُ الْوَاجِبُ إلَى التَّصَدُّقِ بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ إرَاقَةَ الدَّمِ لَا تَكُونُ قُرْبَةً إلَّا فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ أَوْ مَكَان مَخْصُوصٍ فَأَمَّا التَّصَدُّقُ بِالْمَالِ قُرْبَةٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ.
وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ جَوَازَ التَّعْجِيلِ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ إلَّا فِي بَعْضِ النُّسَخِ فَإِنَّهُ قَالَ: لَوْ أَدَّى قَبْلَ يَوْمِ الْفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ بِيَوْمَيْنِ جَازَ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عِنْدَنَا أَنَّ تَعْجِيلَهُ جَائِزٌ لِسَنَةٍ وَلِسَنَتَيْنِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ مُتَقَرِّرٌ، وَهُوَ الرَّأْسُ فَهُوَ نَظِيرُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ بَعْدَ كَمَالِ النِّصَابِ وَعَلَى قَوْلِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ لَا يَجُوزُ تَعْجِيلُهُ أَصْلًا كَالْأُضْحِيَّةِ، وَكَانَ خَلَفُ بْنُ أَيُّوبَ يَقُولُ: يَجُوزُ تَعْجِيلُهُ بَعْدَ دُخُولِ شَهْرِ رَمَضَانَ لَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَلَا فِطْرَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ، وَكَانَ نُوحُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ يَقُولُ: يَجُوزُ تَعْجِيلُهُ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْهُ.
(قَالَ): وَيَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ إلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ وَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَجُوزُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ فِي رِوَايَةٍ قَالَ: كُلُّ صَدَقَةٍ مَذْكُورَةٌ فِي الْقُرْآنِ لَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ يَجُوزُ دَفْعُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ إلَيْهِمْ، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: كُلُّ صَدَقَةٍ وَاجِبَةٌ بِإِيجَابِ الشَّرْعِ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ مِنْ الْعَبْدِ لَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ دَفْعُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ إلَيْهِمْ، وَيَجُوزُ دَفْعُ الْكَفَّارَاتِ وَالنُّذُورِ إلَيْهِمْ وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: كُلُّ صَدَقَةٍ هِيَ وَاجِبَةٌ لَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَيْهِمْ فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ دَفْعُ الْكَفَّارَاتِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ دَفْعُ التَّطَوُّعَاتِ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقِيسُ هَذَا بِزَكَاةِ الْمَالِ بِعِلَّةِ أَنَّهَا صَدَقَةٌ وَاجِبَةٌ فَإِنَّ الصَّدَقَةَ الْمَالِيَّةَ صِلَةٌ وَاجِبَةٌ لِلْمَحَاوِيجِ الْمُنَاسِبِينَ لَهُ فِي الْمِلَّةِ فَلَا يَمْلِكُ صَرْفَهَا إلَى غَيْرِهِمْ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ أَنْ يَتَقَوَّى بِهِ عَلَى الطَّاعَةِ، وَيَتَفَرَّغَ عَنْ السُّؤَالِ لِإِقَامَةِ صَلَاةِ الْعِيدِ، وَلَا يَحْصُلُ هَذَا الْمَقْصُودُ بِالصَّرْفِ إلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ كَمَا لَا يَحْصُلُ بِالصَّرْفِ إلَيَّ الْمُسْتَأْمَنِينَ فَكَمَا لَا يَجُوزُ صَرْفُهَا إلَيْهِمْ فَكَذَلِكَ إلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ.
(وَلَنَا) أَنَّ الْمَقْصُودَ سَدُّ خَلَّةِ الْمُحْتَاجِ، وَدَفَعَ حَاجَتِهِ بِفِعْلٍ هُوَ قُرْبَةٌ مِنْ الْمُؤَدِّي وَهَذَا الْمَقْصُودُ حَاصِلٌ بِالصَّرْفِ إلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنَّ التَّصَدُّقَ عَلَيْهِمْ قُرْبَةٌ بِدَلِيلِ التَّطَوُّعَاتِ؛ لِأَنَّا لَمْ نُنْهَ عَنْ الْمَبَرَّةِ لِمَنْ لَا يُقَاتِلُنَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} الْآيَةُ بِخِلَافِ الْمُسْتَأْمَنِ فَإِنَّهُ مُقَاتِلٌ وَقَدْ نُهِينَا عَنْ الْمَبَرَّةِ مَعَ مَنْ يُقَاتِلُنَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ} الْآيَةُ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَجُوزَ صَرْفُ الزَّكَاةِ إلَيْهِمْ إنَّمَا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ فِيهِ بِالنَّصِّ، وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذٍ «خُذْهَا مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَرُدَّهَا فِي فُقَرَائِهِمْ» وَالْمُرَادُ بِهِ الزَّكَاةُ لَا صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَالْكَفَّارَاتُ إذْ لَيْسَ لِلسَّاعِي فِيهَا وِلَايَةُ الْأَخْذِ فَبَقِيَ عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ.
(قَالَ): وَفُقَرَاءُ الْمُسْلِمِينَ أَحَبُّ إلَيَّ؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ الْخِلَافِ؛ وَلِأَنَّهُمْ يَتَقَوَّوْنَ بِهَا عَلَى الطَّاعَةِ وَعِبَادَةِ الرَّحْمَنِ، وَالذِّمِّيُّ يَتَقَوَّى بِهَا عَلَى عِبَادَةِ الشَّيْطَانِ.
(قَالَ): وَاذَا كَانَ لِلرَّجُلِ دَارٌ وَخَادِمٌ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ؛ لِأَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ؛ وَلِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ فَإِنَّ الدَّارَ تَسْتَرِمُّ وَالْخَادِمُ يَسْتَنْفِقُ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْهُمَا فَهُمَا يَزِيدَانِ فِي حَاجَتِهِ وَلَا يُغْنِيَانِهِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَجِبُ إلَّا عَلَى الْغَنِيِّ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهَا لِلْإِغْنَاءِ كَمَا قَالَ: أَغْنَوْهُمْ وَلَا يُخَاطَبُ بِالْإِغْنَاءِ مَنْ لَيْسَ يُغْنِي فِي نَفْسِهِ.
(قَالَ): وَإِذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ فَتَعَلَّقَتْ رَقَبَتُهُ بِالدَّيْنِ وَمَوْلَاهُ مُوسِرٌ فَعَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ؛ لِأَنَّهُ يُمَوِّنُهُ بِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِ وَبِسَبَبِ الدَّيْنِ تُسْتَحَقُّ مَالِيَّتُهُ وَمَالِيَّةُ مَنْ يُؤَدِّي عَنْهُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ لِلْوُجُوبِ كَمَا فِي وَلَدِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَبِسَبَبِ الْإِذْنِ فِي التِّجَارَةِ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِلْخِدْمَةِ؛ لِأَنَّ شُغْلَهُ بِنَوْعٍ مِنْ خِدْمَتِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ الْمُسْتَغْرِقُ عَلَى الْمَوْلَى فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ عَلَيْهِ يَنْفِي غِنَاهُ وَلَا صَدَقَةَ إلَّا عَلَى الْغَنِيِّ.
(قَالَ): فَإِنْ اشْتَرَى الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ عَبِيدًا فَلَيْسَ عَلَى الْمَوْلَى عَنْهُمْ صَدَقَةُ الْفِطْرِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَاهُمْ لِلتِّجَارَةِ، وَفِي الْأَمَالِي عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إنْ كَانَ اشْتَرَاهُمْ لِلْخِدْمَةِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْمَوْلَى فِي ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ فَعَلَى الْمَوْلَى صَدَقَةُ الْفِطْرِ عَنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِرِقَابِهِمْ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لِكَسْبِهِ وَرَقَبَتِهِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا تَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى صَدَقَةُ الْفِطْرِ عَنْهُمْ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ رِقَابَهُمْ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى صَدَقَةُ الْفِطْرِ عَنْهُمْ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِمَا أَنَّ دَيْنَ الْعَبْدِ لَا يَمْنَعُ مِلْكَ الْمَوْلَى فِي كَسْبِهِ كَمَا لَا يَمْنَعُ مِلْكَهُ فِي رَقَبَتِهِ.
(قَالَ): وَزَكَاةُ الْفِطْرِ فِي الْعَبْدِ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ عَلَى مَالِكِ الرَّقَبَةِ وَارِثًا كَانَ أَوْ مُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ تَقَرَّرَ السَّبَبُ فِي حَقِّهِ فَأَمَّا الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ فَحَقُّهُ فِي الْمَنْفَعَةِ لَا فِي الرَّقَبَةِ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمُسْتَعَارُ وَالْمُؤَاجَرُ تَجِبُ الصَّدَقَةُ عَلَى الْمَالِكِ دُونَ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ، وَكَذَلِكَ عَبْدُ الْوَدِيعَةِ تَجِبُ الصَّدَقَةُ عَنْهُ عَلَى الْمُودِعِ فَإِنَّ يَدَ الْمُودِعِ كَيَدِهِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ فِي عُنُقِهِ جِنَايَةٌ عَمْدًا أَوْ خَطَأً؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ وَوِلَايَتَهُ لَا يَزُولُ بِهَذَا السَّبَبِ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ تَجِبُ الصَّدَقَةُ عَنْهُ عَلَى الرَّاهِنِ إذَا كَانَ عِنْدَهُ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ وَفَضْلُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يُزِيلُ مِلْكَ الرَّقَبَةِ وَلَا يُوجِبُ فِيهَا حَقًّا لِلْمُرْتَهِنِ إنَّمَا حَقُّ الْمُرْتَهِنِ فِي الْمَالِيَّةِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ لِإِيجَابِ الصَّدَقَةِ وَفِي الْإِمْلَاءِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَيْسَ عَلَى الرَّاهِنِ أَنْ يُؤَدِّيَ الصَّدَقَةَ عَنْهُ حَتَّى يَفُكَّهُ فَإِذَا فَكَّهُ أَعْطَاهَا لِمَا مَضَى، وَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَفُكَّهُ فَلَا صَدَقَةَ عَنْهُ عَلَى الرَّاهِنِ وَجَعَلَهُ كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ.
بَقِيَ الْكَلَامُ فِي بَيَانِ الْقَدْرِ الْوَاجِبِ مِنْ الصَّدَقَةِ وَذَلِكَ مِنْ الْبُرِّ نِصْفُ صَاعٍ فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا وَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى صَاعٌ وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ صَاعًا مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ وَالتَّقْدِيرُ بِنِصْفِ صَاعٍ شَيْءٌ أَحْدَثَهُ مُعَاوِيَةُ بِرَأْيِهِ عَلَى مَا قَالَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ حَتَّى قَدِمَ مُعَاوِيَةُ مِنْ الشَّامِ فَقَالَ: لَا أَرَى إلَّا مُدَّيْنِ مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ يَعْدِلُ صَاعًا مِنْ طَعَامِكُمْ هَذَا وَأَكْثَرُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّ الْآثَارَ فِيهِ قَدْ اخْتَلَفَتْ وَالْأَخْذُ بِالِاحْتِيَاطِ فِي بَابِ الْعِبَادَاتِ وَاجِبٌ وَالِاحْتِيَاطُ فِي إتْمَامِ الصَّاعِ وَقَاسَهُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ لِعِلَّةِ أَنَّهُ أَحَدُ الْأَنْوَاعِ الَّتِي تَتَأَدَّى بِهَا صَدَقَةُ الْفِطْرِ.
(وَلَنَا) حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صَغِيرٍ كَمَا رَوَيْنَا فِي أَوَّلِ الْبَابِ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَعَنْ كُلِّ اثْنَيْنِ صَاعًا مِنْ بُرٍّ» فَاَلَّذِي رَوَى الصَّاعَ كَأَنَّهُ سَمِعَ آخِرَ الْحَدِيثِ لَا أَوَّلَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ «وَعَنْ كُلِّ اثْنَيْنِ» وَالتَّقْدِيرُ مِنْ الْبُرِّ بِنِصْفِ صَاعٍ مَذْهَبُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ حَتَّى قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ: إنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَدَاءُ نِصْفِ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ دَعْوَاهُ أَنَّهُ رَأْيُ مُعَاوِيَةَ وَنَقِيسُهُ عَلَى كَفَّارَةِ الْأَذَى لِعِلَّةِ أَنَّهَا وَظِيفَةُ الْمِسْكَيْنِ لِيَوْمٍ وَفِي كَفَّارَةِ الْأَذَى نَصٌّ فَإِنَّ «كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَا الصَّدَقَةُ فَقَالَ: ثَلَاثَةُ آصُعَ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ».
وَلَيْسَ الْبُرُّ نَظِيرَ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ فَإِنَّ التَّمْرَ وَالشَّعِيرَ يَشْتَمِلُ عَلَى مَا لَيْسَ بِمَأْكُولٍ، وَهُوَ النَّوَى وَالنُّخَالَةُ وَعَلَى مَا هُوَ مَأْكُولٌ فَأَمَّا الْبُرُّ مَأْكُولٌ كُلُّهُ فَإِنَّ الْفَقِيرَ يُمْكِنُهُ أَكْلُ دَقِيقِ الْحِنْطَةِ بِنُخَالَتِهِ بِخِلَافِ الشَّعِيرِ، وَقَدْ بَيَّنَّا تَفْسِيرَ الصَّاعِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ وَزْنًا هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- وَقَالَ ابْنُ رُسْتُمَ: عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَيْلًا حَتَّى قَالَ: قُلْت: لَهُ لَوْ وَزَنَ الرَّجُلُ مَنَوَيْنِ مِنْ الْحِنْطَةِ وَأَعْطَاهُمَا الْفَقِيرَ هَلْ تَجُوزُ مِنْ صَدَقَتِهِ؟ فَقَالَ: لَا فَقَدْ تَكُونُ الْحِنْطَةُ ثَقِيلَةَ الْوَزْنِ، وَقَدْ تَكُونُ خَفِيفَةً فَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ نِصْفُ الصَّاعِ كَيْلًا وَجْهُ قَوْلِهِ أَنَّ الْآثَارَ جَاءَتْ بِالتَّقْدِيرِ بِالصَّاعِ، وَهُوَ اسْمٌ لِلْمِكْيَالِ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَنَّ الْعُلَمَاءَ حِينَ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ الصَّاعِ أَنَّهُ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ أَوْ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ فَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى التَّقْدِيرِ بِمَا يَعْدِلُ بِالْوَزْنِ فَإِنَّمَا يَقَعُ عَلَيْهِ كَيْلُ الرَّطْلِ فَهُوَ وَزْنُهُ.
(قَالَ): وَدَقِيقُ الْحِنْطَةِ كَالْحِنْطَةِ وَدَقِيقُ الشَّعِيرِ كَعَيْنِهِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَجُوزُ الْأَدَاءُ مِنْ الدَّقِيقِ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ فِي الصَّدَقَاتِ يُعْتَبَرُ عَيْنُ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ.
(وَلَنَا) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَدُّوا قَبْلَ خُرُوجِكُمْ زَكَاةَ فِطْرِكُمْ فَإِنَّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ أَوْ دَقِيقِهِ»؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ سَدُّ خَلَّةِ الْمُحْتَاجِ وَإِغْنَاؤُهُ عَنْ السُّؤَالِ كَمَا قَالَ صَاحِبُ الشَّرْعِ وَحُصُولُ هَذَا بِأَدَاءِ الدَّقِيقِ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ أَعْجَلُ لِوُصُولِ مَنْفَعَتِهِ إلَيْهِ، وَعَلَى هَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ: أَدَاءُ الدَّقِيقِ مِنْ أَدَاءِ الْحِنْطَةِ وَأَدَاءُ الدِّرْهَمِ أَفْضَلُ مِنْ أَدَاءِ الدَّقِيقِ؛ لِأَنَّهُ أَعْجَلُ لِمَنْفَعَتِهِ.
وَأَمَّا مِنْ الزَّبِيبِ يَتَقَدَّرُ الْوَاجِبُ بِنِصْفِ صَاعٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ يَتَقَدَّرُ بِصَاعٍ، وَهُوَ رِوَايَةُ أَسَدِ بْنِ عَمْرٍو وَالْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَوَجْهُهُ أَنَّ الزَّبِيبَ نَظِيرُ التَّمْرِ فَإِنَّهُمَا يَتَقَارَبَانِ فِي الْمَقْصُودِ وَالْقِيمَةِ فَكَمَا يَتَقَدَّرُ مِنْ التَّمْرِ بِصَاعٍ فَكَذَلِكَ مِنْ الزَّبِيبِ وَقَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ الْآثَارِ «أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ» وَجْهُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الزَّبِيبَ نَظِيرُ الْبُرِّ فَإِنَّهُ مَأْكُولٌ فَكَمَا يَتَقَدَّرُ مِنْ الْبُرِّ بِنِصْفِ صَاعٍ لِهَذَا الْمَعْنَى فَكَذَلِكَ مِنْ الزَّبِيبِ وَالْأَثَرُ فِيهِ شَاذٌّ وَبِمِثْلِهِ لَا يَثْبُتُ التَّقْدِيرُ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، وَيَحْتَاجُ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ إلَى مَعْرِفَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ صَحِيحًا لَاشْتَهَرَ لِعِلْمِهِمْ بِهِ.
وَإِنْ أَرَادَ الْأَدَاءَ مِنْ سَائِرِ الْحُبُوبِ أَعْطَى بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَقَدْ بَيَّنَّا جَوَازَ أَدَاءِ الْقِيمَةِ عِنْدَنَا، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي سَائِرِ الْحُبُوبِ نَصٌّ عَلَى التَّقْدِيرِ فَالتَّقْدِيرُ بِالرَّأْيِ لَا يَكُونُ وَكَذَا مِنْ الْأَقِطِ يُؤَدِّي بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ عِنْدَنَا، وَقَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَتَقَدَّرُ مِنْ الْأَقِطِ بِصَاعٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ لَا أُحِبَّ لَهُ الْأَدَاءَ مِنْ الْأَقِطِ وَإِنْ أَدَّى فَلَمْ يَتَبَيَّنْ لِي وُجُوبُ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ رُوِيَ «أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ» وَبِهِ أَخَذَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ الْأَقِطُ: كَانَ قُوتًا لِأَهْلِ الْبَادِيَةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَمَا أَنَّ الشَّعِيرَ وَالتَّمْرَ كَانَا قُوتًا فِي أَهْلِ الْبِلَادِ وَأَصْحَابُنَا قَالُوا: الْحَدِيثُ شَاذٌّ لَمْ يُنْقَلْ فِي الْآثَارِ الْمَشْهُورَةِ وَبِمِثْلِهِ لَا يَجُوزُ إثْبَاتُ التَّقْدِيرِ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى فَيَبْقَى الِاعْتِبَارُ بِالْقِيمَةِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ قِيمَةَ نِصْفِ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِيمَا هُوَ مَنْصُوصٌ لَا تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ حَتَّى لَوْ أَدَّى نِصْفَ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ تَبْلُغُ قِيمَتُهُ قِيمَةَ نِصْفِ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ فِي اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ هُنَا إبْطَالُ التَّقْدِيرِ الْمَنْصُوصِ فِي الْمُؤَدَّى، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ فَأَمَّا مَا لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْمَنْصُوصِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ إذْ لَيْسَ فِيهِ إبْطَالُ التَّقْدِيرِ الْمَنْصُوصِ وَسَوِيقُ الْحِنْطَةِ كَدَقِيقِهَا؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ مِنْهُ نِصْفُ صَاعٍ لِمَا بَيَّنَّا فِي الدَّقِيقِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

ولا تنسونا من صالح الدعاء




>wQ]QrQmE hgXtA'XvA:










عرض البوم صور شريف حمدان   رد مع اقتباس
قديم 03 / 05 / 2017, 01 : 05 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
محمد نصر
اللقب:
عضو ملتقى ماسي
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية محمد نصر


البيانات
التسجيل: 24 / 12 / 2007
العضوية: 9
المشاركات: 65,897 [+]
بمعدل : 10.32 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 6810
نقاط التقييم: 164
محمد نصر has a spectacular aura aboutمحمد نصر has a spectacular aura about
معلوماتي ومن مواضيعي
رقم العضوية : 9
عدد المشاركات : 65,897
بمعدل : 10.32 يوميا
عدد المواضيع : 8538
عدد الردود : 57359
الجنس : الجنس : ذكر
الدولة : الدولة : saudi arabia


التوقيت

الإتصالات
الحالة:
محمد نصر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شريف حمدان المنتدى : الملتقى العام
بارك الله فيكم
وتقبل الله منكم صالح الاعمال
اللهم بلغنا رمضان









عرض البوم صور محمد نصر   رد مع اقتباس
قديم 03 / 05 / 2017, 40 : 05 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
ابراهيم عبدالله
اللقب:
المراقب العام للملتقى
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية ابراهيم عبدالله


البيانات
التسجيل: 28 / 01 / 2008
العضوية: 92
المشاركات: 26,598 [+]
بمعدل : 4.19 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 2876
نقاط التقييم: 104
ابراهيم عبدالله will become famous soon enoughابراهيم عبدالله will become famous soon enough

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
ابراهيم عبدالله غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شريف حمدان المنتدى : الملتقى العام
جزاك الله خيرا وبارك فيك
اخى ******
لاحرمنا الله منكم









عرض البوم صور ابراهيم عبدالله   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
.صَدَقَةُ, الْفِطْرِ:

جديد الملتقى العام


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
الحقوق محفوظة لشبكة ملتقى أهل العلم الاسلامي
اختصار الروابط

For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018