إلى رحمة الله وغفرانه أبا اسامة

[الملتقى]

وصلني عبر البريد



الحمدلله وحده ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. أمابعد :

فها نحن نفضنا أيدينا من تراب قبر أخينا الشيخ/ عائض بن مسفر الشمراني رحمه الله .. وأسأل الله تعالى أن يجعل قبره روضةً من رياض الجنة .. وأن يرحم ضعفه وعوزه وأن يجبر كسره على انقطاع عمله وأن يعوضه الفردوس الأعلى من الجنة ..

كم هو ثقيل على نفس الإنسان أن تفارق من ألفت مرآه .. وكم هو عسير عليها أن تفارق من تحب .. ولكن ها هي الدنيا أولها ضعف وآخرها انقطاع إلا من عمل صالح ..

عرفته من خلال العمل ذا أمانة وديانة .. ابتسامته لا تفارق محياه .. وحرصه على عموم الخير همٌّ لا يتعداه .. محبوب لمن حوله .. ساعٍ بدأب إلى ما ينفع الدعوة إلى الله تعالى ..

درس طالبًا في كلية الهندسة وتخرج منها .. إلا أن العلم الشرعي كان يستهويه ويستميل فؤاده فأخذ عن شيخه وشيخ الجنوب (د.سعد بن سعيد الحجري – حفظه الله -) وآثر العمل في الولايات الدينية .. عضوًا في جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. إمامًا وخطيبًا لجامع إسكان الحرس الوطني بديراب .. مشرفًا على دار التحفيظ النسائية فيه ..

بدأت معرفتي به في عام 1416هـ حين دعاني أحد الإخوة لحضور كلمة يلقيها أخي ****** أبو أسامة .. وكانت موجهة للشباب الذين كانوا يبحثون عن السعادة في مكانها الصحيح .. في طريق الاستقامة على طاعة الله ولزوم مراضيه .. فكانت بداية اللقاء وإذا بي أجده المبتسم المحبوب ذا العبارة الرصينة والكلمة الصادقة – أحسبه - .

ورد في المعجم الكبير للطبراني عن أبي رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم: من غسل ميتاً فكتم عليه غفر له أربعون كبيرة.، قال الحافظ ابن حجر في كتابه الدراية في تخريج أحاديث الهداية: إسناده قوي، وضعف هذه الرواية الشيخ الألباني .. وروى الحاكم في المستدرك عن أبي رافع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من غسل ميتاً فكتم عليه غفر له أربعين مرة، ومن كفن ميتا كساه الله من سندس وإستبرق الجنة، ومن حفر لميت قبراً وأجنّه فيه أجري له من الأجر كأجر مسكن إلى يوم القيامة. هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وأقره على ذلك الذهبي في التلخيص، وصححه أيضاً الألباني، (هكذا بلفظ أربعين في نسخة المستدرك المطبوعة، والمصادر الحديثية التي عزت إليه).

أقيمت لذلك الشاب النشيط في الدعوة إلى الله الدورات التدريبية المتتالية في تجهيز الأموات بدءًا من الاحتضار وحتى يوارى التراب .. كم تجمهر الراغبون في الخير للأخذ عنه في هذا الباب الذي قل سالكوه علمًا وعملاً .. فأقام الدروس العلمية والعملية في جوامع الرياض الكبرى كجامع الراجحي وجامع البواردي وخرَّج عددًا ليس باليسير من خيرة الشباب لسد احتياج البلد في هذا الباب العظيم .. بل تلقى عنه عدد من الفضلاء وطلبة العلم في باب التطبيق العملي .. ثم كان من أوائل من عمل على إخراج مادة مرئية مسجلة لتلك الدورات فشاعت وانتشرت على مستوى المملكة وخارجها ..

سألته ذات مرة بعد أن أصابته إعاقة في رجله اليسرى إثر مرض نادر في الأعصاب بدأ به وهو يخطب الجمعة في أحد مساجد الجنوب هل كانت سببًا في الحد من نشاطك الدعوي فحدثني أنه بعد إصابته تلقى دعوةً من جمعية إحياء التراث الإسلامي بدولة الكويت .. يقول رحمه الله أنه وصلت الطائرة التي تقله وأنه أُنزل منها على كرسي متحرك لبعد المسافة وحين دخل صالة القدوم وجد مندوب الجمعية يحمل لوحة باسمه – كما هو المعتاد – ففوجيء كثيرًا بحالة الشيخ وتلعثم واعتذر لكونهم كلفوه رحمه الله ما لم يطق فقال له – وأشار إلى لسانه – (أنا سأشرح لكم بهذا وليس بهذه – وأشار إلى رجله -) .

فوجئنا في صبيحة أحد الأيام بتعب يعتري أخانا وتعرق شديد وارتفاع في درجة الحرارة ولم يطق الصبر عليها فغادر العمل وراجع المستشفى ثم دخل في غيبوبة تامة مدة ليست باليسيرة وأدخل العناية المركزة وحار الأطباء في حاله وبقي تحت رعايتهم حتى تحسنت حالته وفارق العناية المركزة فزرته لأجده شاحب الوجه منهك الجسد يتحدث إليَّ بصعوبة بالغة يحمد الله تعالى ويثني عليه ويوصي بالحرص على العمل الصالح والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. وفي ضحى هذا اليوم الثلاثاء فجعنا بخبر وفاته وانتهاء زمن مهلته وانتقاله إلى الدار الآخرة فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله .. وأسأله سبحانه أن يأجرنا في مصيبتنا وأن يخلف لنا خيرًا منها ..

سمعت منه وعنه .. وقرأت له عددًا من القصص المتنوعة في ذلك المجال .. منها:
1) سألناه عن تغسيل تارك الصلاة بأن العلماء قالوا بأنه لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين بل يحفر له حفرة في البرية ويرمى فيها ويكبس بالتراب، والسؤال هل تطبقون ذلك عملياً أم أن في ذلك إحراج ؟
فأجاب: بأنه قبل ثلاثة أسابيع (وقتها) جاء أب بولده الشاب إلى المغسلة وقبل أن نشرع في تغسيله أخبرنا بأن ابنه لا يصلي وأنا أبرِّي ذمتي لذمتك يا شيخ !!، فما كان من المغسلين إلا أن قالوا له خذ ولدك فلا نغسله ولا نكفنه ولا نصلي عليه بل ادفنه في البرية. وفعلاً أخذ الأب ابنه ودفنه في البرية ولم يدفنه في مقابر المسلمين.
وأخبر الشيخ عائض الشمراني رحمه الله أنه يحصل هذا مرات وليست المرة الأولى .

2) أخبر مرة أن أبناءً جاؤوا بأبيهم (الميت) لكي يتم تغسيله ! لكن الغرابة تكمن في أنه لم يسلموا للمغسلة تصريح دفن من الشرطة وإثبات الوفاة من المستشفى (من الباب للطاقة) فقال الشيخ: وضعتُ أباهم على المغسلة ونظرت إليه فإذا هو ليس فيه علامات للوفاة معروفة كميلان أرنبة الأنف يميناً أو يساراً، فقام وأمسك بأنفه ودلكها بصورة سريعة (لأن الأنف كما يقول الشيخ له اتصال قوي بالروح وسرعة استجابة ولذلك يغمى الشخص سريعاً إذا ضُرِب في أنفه) فأفاق الأب من غيبوبته وأمره بالمكوث في مكانه، وقام بإبلاغ الشرطة بالواقعة، فتبين في نهاية المطاف أن الأبناء ظنوا أن والدهم قد مات بينما هو داخل في غيبوبة، ولأنهم يجهلون إمارات الوفاة في الإنسان ظنوا أن والدهم قد مات فعلاً، والشيخ ظن المسألة أن فيها جناية ورغبة من الأبناء في التخلص من أبيهم.

3) من القصص أن الشيخ ذكر كيفية تغسيل المقصوص بحد السيف، وقد سبق له تغسيل مقصوص، فقال بأن رقبته تغور في جسده وتختفي تماماً، وطريقة تغسيل المقصوص كالتالي:
يؤتى بالرأس فيثبت في الجسد، ثم تؤتى بخرقة طويلة فتوضع فوق الرأس ثم يدلى بطرفاها إلى أسفل الإبطين وتمر منهما ثم ترجع إلى الرأس ثم تعمل عقدة وبذلك يتم تثبيت الرأس ثم يغسل بصورة طبيعية.

4) من الأمور التي ذكرها الشيخ فترة احتضار الإنسان فقال بأن أقلها لحظة وأكثرها يومان !!.

5) ذكر الشيخ بأنه حضر إلى أحد المحتضرين من كبار السن الذين يعرفهم فقال المحتضر بأنه يرى ناسًا ما هم بأناس !!، فهذه – والله أعلم - ملائكة الموت قد جاءت إليه.

6) ذكر الشيخ بأن للجنائز مواسم كأيام الاختبارات وإجازة الصيف فتقل الجنائز وتكثر في أوقات معروفة من العام.

7) كان الشيخ يستعصي عليه تغسيل من فيه مرض الإيدز، فكانوا يلبسون القفازات ويحتاطون أشد الحيطة من انتقال المرض من الميت إليهم، حتى أثبت لهم أحد الأطباء بأن مرضى الإيدز يموت مرضهم معهم مباشرة والحمد لله فلا عدوى بعدها، وأثبت هذا الطبيب ذلك عملياً فحضر إلى مغسلة الراجحي في فرصة من الفرص وغسل رجلاً مصاباً بالإيدز بيده مباشرة بدون حائل أو لبس للقفازات، فاطمئنوا إلى مثل هذه الحالات ألا خوف من تغسيلها.

8) ذكر الشيخ مأساة خاصة بمغسلي الأموات إذ الناس ينفرون منهم ولا يجالسونهم، فيقول أجلس على العشاء في العرس على صحن لوحدي ولا أحد يجالسني لأني مغسل للأموات .

هذه كلمات يسيرة كتبتها وخواطر سريعة رتبتها منها المقول ومنها المنقول .. ما أردت إلا أن أكون سببًا في الدعاء له بالرحمة والمغفرة والعتق من النار .. وإلا فالعزاء ثم العزاء ثم العزاء فيه أن نذكر موت أزكى البرية وخير البشرية محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم القائل (من أصيب بمصيبة فليذكر مصيبته فيَّ...) الحديث ..

أسأل الله تعالى أن يغفر لأخي أبي أسامة وأن يرفع درجته في المهديين وأن يخلفه في عقبه في الغابرين .. كما أسأله سبحانه أن يجمعنا ووالدينا وإياه في در المقامة إخوانًا على سرر متقابلين إنه جواد كريم بر رحيم ، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين .
وكتبه
أخوكم/ حـمد بن سـليمان الحـقيل – إمام وخطيب جامع الفردوس بالرياض .

---

Ygn vplm hggi ,ytvhki Hfh hshlm

[ابو الوليد البتار]

وأسأله سبحانه أن يأجرنا في مصيبتنا وأن يخلف لنا خيرًا منها ..

رحم الله الشيخ وادخله فسيح جنانه

جزاك الله خيرا اخي الفاضل الملتقى

[الملتقى]

	المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو الوليد البتار

	وأسأله سبحانه أن يأجرنا في مصيبتنا وأن يخلف لنا خيرًا منها .. رحم الله الشيخ وادخله فسيح جنانه جزاك الله خيرا اخي الفاضل الملتقى

مشكور اخوي وبارك الله فيك

[مزنه]

الله اغفر له وتقبله في عليين

جزاك الله خير اخي بالله