ملتقى أهل العلم - الموقف الثاني:ابتلاؤه بالاكل من الشجرة

الموقف الثاني :] ابتلاؤه بالأكل من الشجرة [
] وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ [ {البقرة 35}.
وقال تعالى:] وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ [ {الأعراف 19}.
جاء هذا النداء الربانيّ لآدم u بعد أن أمر الحق سبحانه الملائكة بالسجود،فسجدوا جميعا إلا إبليس أبى واستكبر.
قوله تعالى:] وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ [ السكون: ثبوت الشيء بعد تحرك، ويستعمل في الاستيطان نحو: سكن فلان مكان كذا، أي: استوطنه، واسم المكان مسكن، والجمع مساكن، والسكن: السكون وما يسكن إليه،والسكن: النار التي يسكن بها، والسكنى: أن يجعل له السكون في دار بغير أجرة، وسكان السفينة: ما يسكن به، والسكين سمي لإزالته حركة المذبوح [1].
قال القرطبي:(في قوله تعالى: (اسكن) تنبيه على الخروج، لأن السكنى لا تكون ملكا، ولهذا قال بعض العارفين: السكنى تكون إلى مدة ثم تنقطع، فدخولهما في الجنة كان دخول سكنى لا دخول إقامة)[2].
قوله تعالى:] أَنْتَ وَزَوْجُكَ [ حواء عليها السلام،وتقدم في النساء خلقها من ضلع آدم u
قوله تعالى:] الْجَنَّةَ [ البستان ملتف الشجر،سمي بذلك لأنه يستر من يدخل فيه،وأصل الكلمة من الجَنِّ وهو الستر،ومنه الجنين والجنّ والمجنون والمجن.واختلف في هذه الجنة أفي السماء أم في الأرض؟ولكلٍّ أدلنه.
قوله تعالى:] وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا [ الرغد : الواسع من العيش، الهنيء الذي لا يعنِّي صاحبه، يقال: أرغد فلان: إذا أصاب واسعا من العيش الهنيء، كما قال امرؤ القيس بن حجر:

بينما المرء تراه ناعما يأمن الأحداث في عيش رغد [3]

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:(الرغد سعة العيش)[4].
قوله تعالى:] وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ [ نهيا عن الأكل من شجرة معينة في الجنة،لا دليل من القرن أو السنة على تعيينها،وقد تُكُلِّف في تعيينها،بلا دليل.
قال بعض أرباب المعاني قوله:(ولا تقربا) إشعار بالوقوع في الخطيئة والخروج من الجنة، وأن سكناه فيها لا يدوم، لأن المخلد لا يحظر عليه شيء ولا يؤمر ولا ينهى. والدليل على هذا قوله تعالى (إني جاعل في الأرض خليفة){البقرة: 30} فدل على خروجه منها [5].
قوله تعالى:] فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ[ الظلم كوضع الشيء في غير موضعه،وهو هنا مخالفة أمر الحق سبحانه.

1) انظر المفردات 236

2) الجامع لأحكام القرآن 1/299

1) جامع البيان 1/267

2) جامع البيان 1/268 والدر المنثور 1/106

3) الجامع لأحكام القرآن 1/304