ملتقى أهل العلم - قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ ؟ سبحان الله انه عليك هين

السلام عليكم ورحمه الله

قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ ؟ سبحان الله انه عليك هين

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:
أخواتي الزوجات المتأخرين عن الإنجاب لسبب وحكمة من الله.
حتى لو قالوا الأطباء أن فيكم عقماً ، وأن الإنجاب مستحيل.
فقد خلقنا الله من قبل ولم نك شيئاً ، هكذا أمر الله إذا أراد شيئاً إنما يقول له كن فيكون بأمره سبحانه.
فلا عزيز على رب الكون ومدبره.
إن الله يفرح بإلحاح العبد إليه وتضرعه وسؤاله ، ويستحي سبحانه أن يرد دعاء الداعِ حياءاً يليق بالله جل في علاه.
في هذا الموضوع سأتطرق إلى أمر مهم جداً.
لا يجهله الكثير ، ولكن ننساه أو نغفل عنه ، فنبحث عن الأسباب وننسى مسبب الأسباب.
إليكم هذه القصة التي يرويها لنا ربنا سبحانه في كتابه المحكم الحكيم.
إنها قصة نبي الله زكريا عندما كبر وتقدم في السن حتى وهن عظمه وضعف جسده وأصبح رأسه مشتعلاً بالبياض من كثرة الشيب في رأسه ، وفوق كل هذا كانت امرأته عاقراً أي عقيم لا تنجب وهي عجوز وعاقر فكيف بالله لو كانت في أحدنا لتوقف عن الدعاء واستسلم لهذا الأمر.
ونسي أن الله لا يعجزه مثقال ذرة في الأرض ولا في السمآء. سبحانه ما أكرمه ولكن من يسأله؟
إليكم القصة بكلام رب الأرباب في سورة مريم:

( كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا (5) يرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ) سورة مريم
انظروا كيف تضرع زكريا عليه السلام إلى ربه رغم مافيه من كبر وتقدم في السن وضعف في الجسد ووهن في العظام وكانت امرأته عجوز عاقراً !
ومع هذا انظروا كيف توسل إلى الله وشرح حاله ولم يقنط ولم ييأس
أشرح حالتك لله وفضفض له همّك وغمّك ، توسل إليه ، تكلم مع الله فهو يسمع كلامك
ناجه وقل ياااارب إنك تعلم حالي ومآلي وتعلم حاجتي ، ثم اشرح حالك وفضفض لربك.
أليس الله أولى أن نفضفض له ونناجيه؟ بلى والله
ولا تقول /
يا الله يا الله يا الله ولا تسمي حاجتك
يجب أن تشرح حالك لربك
ألستم تشرحون حالكم لمدراءكم وآباءكم عند طلب أي حاجة من حوائج الدنيا؟
يا أختي لا تقطعوا رجاءكم بربكم ، فهو قادر على كل شيء ولا يعجزه شيء سبحانه.

ودعونا نعود إلى نبي الله زكريا
وماذا حصل له بعد هذا الدعاء المخلص من قلب مؤمن بالله يعلم أنه رغم كل الظروف ورغم كل اليأس فإن الرجاء لا ينقطع بالله عز وجل.
اسمعوا إلى كلام الملائكة له بعد أن بشرهم ربهم باستجابة دعاءه!!
((7) يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا (8) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (9) قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا )) سورة مريم
_______
وكذلك قصة نبي الله إبراهيم عندما دخلوا عليه الملائكة فقرب لهم عجلاً سميناً فلم تصل إليه أيديهم فخاف منهم ، فقالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم
كما أخبرنا تعالى في كتابه:
((28) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (29) فأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ ) الذاريات
إنها قصة مشابهه فإبراهيم عليه السلام كان شيخاً كبيراً وكانت زوجته عاقراً
ورزقهم الله
وقد وردت في سورة أخرى كما قال تعالى:
((53) قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (54) قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (55) قالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ (56) قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ )) الحجر
نعم إنه لا يقنط من رحمة ربه إلا الضالون فلا تكونوا منهم.

أحبتي الزوجات ، اسأل الله أن يرزقكم الذرية الصالحة الناصحة البارة بكم.
لا تقطعوا رجاءكم بالله
لا تقطعوا رجاءكم بالله
لا تقطعوا رجاءكم بالله
وعليه توكلوا وهو الرزاق ذو القوة المتين
وافعلوا الأسباب الأخرى ، ولكن اجعلوا الله أولى الرجاء
ولا تتعلقوا بالطب وحده ، فمسبب الأسباب يسمع ويرى
ومن دعاه يجيبه كما قال تعالى ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) البقرة
علقوا قلوبكم ورجاءكم بالله وحده
وتوكلوا عليه وخذوا بالأسباب