ملتقى أهل العلم

ملتقى أهل العلم (https://www.ahlalalm.org/vb/index.php)
-   الملتقى العام (https://www.ahlalalm.org/vb/forumdisplay.php?f=55)
-   -   السعداء والتعساء (https://www.ahlalalm.org/vb/showthread.php?t=21825)

أم نيره 05 / 09 / 2009 31 : 02 PM

السعداء والتعساء
 



إن البحث عن السعادة والتفتيش عنها مطلب كل إنسان فمن منا لا يريد أن يعيش سعيداً فرِحاً مسروراً؟
ولو جمعك مجلس مع الناس وسألت من فيه من السعيد؟
فإنك ستسمع أجوبةً متعددةً ومتنوعةً ومختلفةً.
فأحدهم يقول: السعيد من عنده مال والآخر يقول: إن السعيد هو صاحب المنصب والجاه وثالث يقول: إنهم أهل الفن والطرب...إلى غير ذلك من الأجوبة المختلفة...
والذي يحدد السعادة وكيفية تحقيقها تجده يفني عمره في تحصيل ما يظنه سبباً للسعادة،


ولاحظ معي أخي الكريم وأختي الكريمة أن الحديث عن السعادة كثُر وازداد فهذه دورة عن أسباب السعادة وهذه ندوة عن طرق السعادة وهذا إعلان عن الحياة السعيدة وقد أحببت أن أنبه نفسي المقصرة إلى مفتاح عظيم من مفاتيح السعادة بل هو أعظم شيء يناله العبد في الدنيا...
إن السعادة الحقيقية التي يُحصلها العبد في الدنيا:


السعادة في طاعة الله - تعالى -، فالطاعات من أعظم سبُل تحقيق السعادة والعكس أيضا صحيح فالمعاصي تجعل العبد مهموماً حزيناً كئيباً وإن كانت عنده أموال الدنيا وسرُّ المسألة أن الطاعة توجب القرب من الرب - سبحانه - فكلما اشتد القرب قوي الأنس والمعصية توجب البعد من الرب وكلما ازداد البُعد قويت الوحشة...
فمن الناس من يظن أن أهل الفن والطرب في سعادة وإنما هُم في شقاءٍ عظيم وإن أطلقوا الابتسامات والضحكات ولو كان بإمكانك أن تشق صدر أحدهم وتسأل قلبه هل أنت سعيد؟
فستجد فيه بحراً لا ساحل له من الأحزان والهموم لأنه سلكوا طريق المعصية للوصول إلى السعادة واعلم تماما بأنهم لن يصلوا إليها أبداً...
وقد أجمع السائرون إلى الله أن القلوب لا تُعطى مناها حتى تصل إلى مولاها ولا تصل إلى مولاها حتى تكون صحيحة سليمة ولا تكون صحيحة سليمة حتى ينقلب داؤها فيصير نفس دوائها ولا يصح لها ذلك إلا بمخالفة هواها فهواها مرضها وشفاؤها مخالفته فإن استحكم المرض قتل أو كاد.
وكما أن من نهى النفس عن الهوى كانت الجنة مأواه فكذا يكون قلبه في هذه الدار في جنة عاجلة لا شبه نعيم أهلها نعيما ألبتة بل التفاوت الذي بين النعيمين كالتفاوت الذي بين نعيم الدنيا والآخرة وهذا أمر لا يُصدّق به إلا من باشر قلبه هذا وهذا...
ولا تحسب أن قوله - تعالى -(إن الأبرار لفي نعيم. وإن الفجار لفي جحيم) مقصور على نعيم الآخرة وجحيمها فقط بل في دورهم الثلاثة هم كذلك أعني: دار الدنيا ودار البرزخ ودار القرار فهؤلاء في نعيم وهؤلاء في جحيم.
وهل النعيم إلا نعيم القلب؟
وهل العذاب إلا عذاب القلب؟
وأي عذاب أشد من الخوف والهم والحزن وضيق الصدر، وإعراضه عن الله والدار الآخرة وتعلقه بغير الله وانقطاعه عن الله بكل وادٍ منه شُعبة؟
وكل شيء تعلق به وأحبه من دون الله فإنه يسومه سوء العذاب.
فكل من أحب شيئا غير الله عُذب به ثلاث مرات في هذا الدار فهو يعذب به قبل حصوله حتى يحصل فإذا حصل عُذب به حال حضوره بالخوف من سلبه وفواته والتنغيص والتنكيد عليه وأنواع من العذاب في هذه المعارضات فإذا سُلبه اشتد عليه عذابه؛ فهذه ثلاثة أنواع من العذاب في هذه الدار.
وأما في البرزخ فعذاب يقارنه ألم الفراق الذي لا يرجو عَوْدَه وألم فوات ما فاته نم النعيم العظيم باشتغاله بضده وألم الحجاب عن الله وألم الحسرة التي تُقطع الأكباد فالهم والغم والحسرة والحزن تعمل في نفوسهم نظير ما تعمل الهوام والديدان في أبدانهم بل عملها في النفوس دائم مستمر حتى يردها الله إلى أجسادها فحينئذ ينتقل العذاب إلى نوع أدهى وأمر.
فأين هذا من نعيم من يرقص قلبه طربا وفرحا وأُنساً بربه واشتياقا إليه وارتياحا بحبه وطمأنينة بذكره؟
حتى يقول بعضهم في حال نزعه: واطرباه، ويقول الآخر: إن كان أهل الجنة في مثل هذا الحال إنهم لفي عيش طيب، ويقول الآخر: مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا لذيذ العيش فيها وما ذاقوا أطيب ما فيها.
ويقول الآخر: لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف.
ويقول الآخر: إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة.
فيا من باع حظه الغالي بأبخس الثمن وغُبن كل الغبن في هذا العقد وهو يرى أنه قد غُبن إذا لم يكن لك خبرة بقيمة السلعة فسل المقومين.
فيا عجبا من بضاعة معك الله مشتريها وثمنها جنة المأوى والسفير الذي جرى على يديه عقد التبايع وضمن الثمن عن المشتري هو الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقد بعتها بغاية الهوان...
فلنجتهد في تحصيل السعادة ولنتقرب إلى الله - تعالى -بما شرع فلا شك أن العبادة من أسباب السعادة والمعاصي من أسباب ذهابها.
فاللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ونعوذ بك اللهم من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وضَلَع الدَّيْن وغلبة الرجال.
- نقلت في هذه المقال عباراتٍ عن العلامة الإمام شيخ الإسلام ابن قيم الجوزية من كتابه العظيم الداء والدواء -

أختكم ام نيرة الغالية

محمد نصر 05 / 09 / 2009 15 : 03 PM

بارك الله فيكي اختنا الفاضله ام نيره

اكرمكي الله وجزاكي الله خيرا

أم نيره 05 / 09 / 2009 52 : 04 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد نصر (المشاركة 127631)
بارك الله فيكي اختنا الفاضله ام نيره

اكرمكي الله وجزاكي الله خيرا

ربنايبارك فيك على مرورك الطيبالذى عطر الصفحة :23sd:

طويلب علم مبتدئ 05 / 09 / 2009 29 : 06 PM

الله يجزيك خير الاخت ام نيرة بارك الله فيك

أم نيره 05 / 09 / 2009 35 : 06 PM

شرفنى مرورك شيخنا الفاضل طويلب علم

ابو قاسم الكبيسي 05 / 09 / 2009 02 : 08 PM

((أللهم بارك لنا في رمضان وأجعل أيامه علينا من خير ألأيام))
((تقبل ألله منا ومنكم الصيام والقيام وجعلنا ممن تعتق

رقابهم في هذه ألأيام))

بارك الله فيكي و جزاك الله خيرا أختي الفاضلة


أم نيرة

اللـهـم اغـفـر لـها ولـوالـديـها مـاتـقـدم مـن ذنـبـهـم ومـا تـأخـر..
وقـِهـم عـذاب الـقـبـر وعـذاب الـنـار..
و أدخـلـهـم الـفـردوس الأعـلـى مـع النـبـيـين والصديقين والـشـهـداء والـصـالـحـيـن ..
واجـعـل دعـاءهـم مـسـتـجـابا فـي الـدنـيـا والآخـرة ..
ووالدينا ومن له حق علينا
الــلـهــم آمـــــــيــــــــن. .

أم نيره 06 / 09 / 2009 22 : 07 AM

شرفنى مرورك اخى الطيب ابو قاسم وجزاك الله خير على الدعاء ولك بالمثل


For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة ملتقى أهل العلم الاسلامي

اختصار الروابط