![]() |
مِـرْآةُ الْتَّـوْحِيـدِ * مِـرْآةُ الْتَّـوْحِيـدِ * للإمام ابن القيم الجوزية رحمه الله التوحيد ألطفُ شيء ، وأنزهُهُ، وأنظفه ، وأصفاه ، فأدنى شيء يخدِشُه ويدنِّسه ويؤثِّرُ فيه ، فهو كأبيض ثوبٍ يكون ؛ يؤثِّر فيه أدنى أثر ، وكالمرآة الصافية جداً أدنى شيء يؤثر فيها، ولهذا تُشوِّشُه اللحظة واللفظة والشهوة الخفية ، فإن بادر صاحبه وقَلعَ ذلك الأثر بضده ، وإلا : استحكم وصارَ طبعاً يتعسر عليه قلعه. وهذه الآثار والطبوع التي تحصل فيه : منها ما يكون سريع الحصول سريع الزوال ، ومنها ما يكون سريع الحصول بطيء الزوال ، ومنها ما يكون بطيء الحصول سريع الزوال ، ومنها ما يكون بطيء الحصول بطيء الزوال ، ولكن من الناس من يكون توحيده كبيراً عظيماً ، ينغمرُ فيه كثيرٌ من تلك الآثار ، ويستحيل فيه بمنزلة الماء الكثير الذي يخالطه أدنى نجاسة أو وسخ، فيتغير به صاحب التوحيد الذي هو دونه ، فيخلطُ توحيده الضعيف بما خلط به صاحبُ التوحيدِ العظيمِ الكثير توحيده ، فيظهر تأثيره فيه ما لم يظهر في التوحيد الكثير. وأيضاً فإن المحلَّ الصافي جداً يظهر لصاحبه ممّا يدنِّسهُ مالا يظهر في المحل الذي لم يبلغْ في الصفاءِ مبلغه ، فيتدارَكُه بالإزالة دونَ هذا ؛ فإنه لا يشعر به . وأيضاً فإن قوة الإيمان والتوحيد ؛ إذا كانت قويةً جداً أحالت المواد الرديئة وقهرتها ، بخلاف القوة الضعيفة . وأيضاً فإن صاحب المحاسن الكثيرة والغامرة للسيئات لَيُسامح بما لا يُسامح به من أتى مثل تلك السيئات ، وليست له مثل تلك المحاسن(1) كما قيل : وإذا ****** أتى بذنب واحد ... جاءت محاسنه بألف شفيع وأيضاً فإن صدق الطلب ، وقوة الإرادة ، وكمال الانقياد يحيل تلك العوارض والغواشي الغريبة إلى مقتضاه وموجبه ، كما أن الكذب وفساد القصد وضعف الانقياد يحيلُ الأقوال والأفعال الممدوحة إلى مقتضاه وموجَبِهِ ، كما يشاهد ذلك في الأخلاط الغالبة وإحالتها لصالح الأغذية إلى طبعها . (1) والقاعدة في اعتبار ذلك : سلامة المنهج ، وصفاء العقيدة . *من كتاب الفوائد لابن قيم الجوزية رحمهُ اللهُ تعالى . |
جزاك الله خيرا واثابك الجنة |
بارك الله فيك اخي ****** ابو الوليد |
وفيك اللهم بارك اخي طويلب انت والاخ ابوقاسم شكر الله لكم مروركم الطيب |
For best browsing ever, use Firefox. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة ملتقى أهل العلم الاسلامي