ملتقى أهل العلم - ليتنا نتمهل قبل اصدار الأحكام على الهيئة ...!

ليتنا نتمهل قبل اصدار الأحكام على الهيئة الويل كل الويل إن أخطأ فلان، سواء كان فعله ذاك بقصد أو بدون قصد، فالأمر في كلتا الحالتين سيان، إذ سرعان ما سنعمد لإرسال اللعنات عليه تترى، نفعل ذلك دون تثبت، بل ودون الخوف من وقوعنا في خطأ غير متعمد، فنحن على الأغلب نحارب بعضنا البعض، لنحارب بدورنا، ونتهم لنتهم، أما إن حدث ووقع طيفنا في خطأ بين، فسيجد من أمامه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، بل من أسفل قدميه وأعلى رأسه العذر كل العذر، وسنحوله بأريحية من متهم لبريء، ونحول البريء إلى متهم، فإن يخطئ فلان فوضع مستهجن، إما أن يخطئ ظلنا فأمر له تفسيراته ومبرراته، هذه هي الأفكار التي تحتويني وأنا أتابع الألسنة التي تحاول جاهدة النيل من عمل وجهد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المملكة العربية السعودية.. إلى حد يخيل للمتابع أنها صفدت خلف قفص الاتهام.
ولأني أعتقد أن الواجب يحتم بيان بعض الحقائق التي تتعلق بأعضاء ومهام " هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" ارتأيت الإشارة هنا إلى بعض منها، ومن أراد الاستزادة فعليه العروج إلى كتاب "الإصلاح الاجتماعي/ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية " فقد يجد فيه ارتواءه.
لقد كان عهد "الملك خالد "رحمه الله، العهد الذي عمدت فيه البلاد إلى توحيد أعمال الحسبة في المملكة العربية السعودية في مؤسسة واحدة تحت اسم "الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" أما رئيسها فقد تم تعيينه مباشرة من قبل الملك خالد، الذي منحه -رحمه الله - رتبة وزير،وجاء عهد "خادم الحرمين الشريفين الملك فهد" رحمه الله، ليقوم بتوجيه الأمر لتطوير هذه المؤسسة، ولتصبح جهازا مستقلا يرتبط مباشرة برئيس مجلس الوزراء أما تعيين رئيسه، فقد استمر الأمر على ما كان في عهد الملك خالد.
إن اهتمام الدولة بهذا الجهاز كان نابعا من نص النظام الأساسي للحكم في السعودية، فعلى سبيل المثال نجد الأمر الملكي رقم 90، الصادر بتاريخ 1412هـ، أشار إلى أن من واجبات الدولة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما جاء في المادة (22) من النظام، ما نصه: (تحمي الدولة عقيدة الإسلام، وتطبق الشريعة، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتقوم بواجب الدعوة) ومن المهام المناطة بهذا الجهاز والتي حددها ولاة الأمر في البلاد، أذكر هنا بعضا منها:
(مراقبة الأسواق العامة والطرقات والحدائق وغير ذلك من الأماكن والحيلولة دون وقوع المحرمات).
ثم عمدت المادة لتوضيح المحرمات المقصودة في نص المادة، فكان مما ذكرت الآتي:
-صنع المسكرات أو ترويجها أو تعاطيها، ويتم ذلك بالتعاون مع جهات الاختصاص الأمنية وبالاشتراك مع الجهات المعنية.
-منع دواعي ارتكاب الفواحش "مثل الزنا واللواط والقمار" أو إدارة البيوت أو الأماكن لارتكاب المنكرات والفواحش.
-أعمال السحر والشعوذة والدجل لأكل أموال الناس بالباطل.
ثم لضمان أداء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لواجباتها على الوجه الأكمل، نص نظامها الصادر عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء السعودي، في مادته ( 7) أنه يتم اختيار رئيس وأعضاء هذا الجهاز، والمفتشين والمحققين، ورؤساء الأقسام الدينية، والمشرفين والمساعدين العاملين فيه،من ذوي المؤهلات العلمية المناسبة، والمشهود لهم بحسن السمعة ونقاء السيرة، ومن الأكفاء في هذا المجال لضمان حسن تعاملهم مع المواطنين وغيرهم من المقيمين والزائرين مسلمين وغير مسلمين.
وقد ذكر الرئيس الحالي للهيئة في السعودية الشيخ إبراهيم الغيث، أن التوظيف في هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سيكون مقصورا على خريجي الجامعات.. كما صدر قرار ملكي بإنشاء معهد عال يهتم بشؤون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يتبع جامعة" أم القرى" في مكة المكرمة، لدعم الهيئة بكفاءات متخصصة ومؤهلة في هذا المجال..كما أن أعضاءه يوجهون لدورات تدريبية يقفون من خلالها على كيفية زيادة كفاءاتهم.
أعتقد أن الواجب يحتم علينا أن نراجع أنفسنا، عندما نفكر في المساس بإنجازات هذا الجهاز الخيرِّ، فنحن ولله الحمد نثق بديننا الذي جعل من وجود فئة تعنى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمعات الإسلامية مطلبا شرعيا، كما أننا نثق بولاة الأمر في بلادنا، الذين، وتنفيذا لمقاصد الشريعة الإسلامية، أولوا هذا الجهاز جل اهتمامهم، وما الحرص على تعيين رئيس هذه الهيئة على مرتبة وزير، إلا دليل على عظم أهميتها.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن أي إذن للتفتيش، عندما يصدر يكون شاملا لكل من الشرطة وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهما- معا - المناط بهما التفتيش على أي موقع مشتبه فيه،وهذا التنظيم يتوافق ونص المادة (22) المشار إليه آنفا، يا ليتنا كمواطنين نعتز بمواطنتنا، نكلف أنفسنا عناء الرجوع لموقع الحسبة الإلكتروني، للوقوف على نشاطه وإنجازاته، يا ليتنا ندرك حاجة هذا القطاع وأمثاله لدعمنا المعنوي، ويا ليتنا نتمهل في إصدار أحكامنا على هذه الهيئة أو على الأجهزة الأمنية التي تلازمها في نشاطها