ملتقى أهل العلم

ملتقى أهل العلم (https://www.ahlalalm.org/vb/index.php)
-   الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح (https://www.ahlalalm.org/vb/forumdisplay.php?f=51)
-   -   من الأخلاق المستفادة من غزوة أحد (الصبر) (https://www.ahlalalm.org/vb/showthread.php?t=112312)

طويلب علم مبتدئ 13 / 03 / 2017 49 : 05 AM

من الأخلاق المستفادة من غزوة أحد (الصبر)
 
من الأخلاق المستفادة من غزوة أحد
(الصبر)

مواقف الصبر في هذه الغزوة أكثر من أن تقع تحت حَصْر؛ فهي مواقف كثيرة ومُتتابِعة، من أول الغزوة إلى آخرها، ولنأخذ بعض النماذج:
• بعد المعركة أَقبَلت صفيَّة بنت عبدالمطلب إلى أرض القتال، وطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الزُّبير أن يمنعها؛ شفقةً بها، حتى لا ترى جثةَ أخيها حمزة، أسد الله وأسد رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد مُثِّل بها.

فقال لها ابنها الفارس المِغوار الزبير بن العوام: يا أمه، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن ترجعي، قالت: ولِمَ؟ وقد بلغني أن قد مُثِّل بأخي، وذلك في الله، فما أرضانا بما كان من ذلك! لأحتَسِبنَّ ولأصبِرنَّ إن شاء الله، فلما جاء الزبير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك، قال: ((خلِّ سبيلَها))، فأتته، فنظرت إليه، فصلَّت عليه، واسترجعت، واستغفرت له[1].

هذا الموقف يُظهِر لنا الصبرَ الصادر عن الإيمان بالله والرضا بقضائه، كما يُوضِّح شفقة النبي صلى الله عليه وسلم حين أراد مَنْع عمَّته من رؤية جُثمان أخيها، وقد أصابه ما أصابه؛ حرصًا منه على عدم إيذاء مشاعرها وإحزانها برؤية مِثْل هذا المشهد الفظيع، فلما اطمأنَّ إلى صلابة إيمانها، وأنها صابرة مُحتَسِبة، ولن يَصدُر عنها ما يسوء، سمَح لها برؤيته.

• مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة من بني دينار، وقد أصيب زوجُها وأخوها وأبوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأُحُد.

فلما انتهَوا لها قالت: فما فعَل رسول الله؟ قالوا: خيرًا يا أم فلان، هو بحمد الله كما تُحبِّين، قالت: أَرونِيه حتى أنظر إليه! فأُشير لها إليه، حتى إذا رأته قالت: كلُّ مصيبة بعدك جَللٌ[2].

والجلل من الأضداد، يكون من القليل والكثير، والمقصود هنا القليل؛ أي: إن كلَّ مصيبة تَصغُر طالما أنك بخير.

وهذا الموقف يَدُل على صَبْر شديد في موقف عصيب، بالإضافة إلى دَلالته على الحبِّ العظيم للنبي صلى الله عليه وسلم في قلوب أصحابه.

• النَّهي عن قَتْل النَّفس والانتحار واستعجال الموت: من الأوامر الشرعية التي تُعظِّم جانبَ الصبر في نُفوس الناس، ومن القصص العجيبة في ذلك قصة قزمان، وهي في الصحيحين:
فعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركون، فاقتتلوا، فلما مال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عسكره، ومال الآخرون إلى عسكرهم، وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يدعى قزمان، لا يَدَع لهم شاذَّة ولا فاذَّة إلا اتَّبعها يَضرِبها بسيفه.

فقيل: ما أجزأ منا اليوم أحدٌ كما أجزأ فلان! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أمَا إنه من أهل النار)).

فقال رجل من القوم: أنا صاحبُه، قال: فخرج معه كلما وقف وقف معه، وإذا أسرع أسرع معه، قال: فجُرِح الرجل جُرْحًا شديدًا، فاستعجل الموتَ، فوضع نَصْل سيفه بالأرض وذُبَابه بين ثَدْيَيه، ثم تَحامَل على سيفه، فقتَل نَفْسَه، فخرج الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أشهد أنك رسول الله، قال: ((وما ذاك؟))، قال: الرجل الذي ذكرت آنفًا أنه من أهل النار، فأَعظَم الناس ذلك، فقلت: أنا لكم به، فخرجت في طلبه، ثم جُرِح جرحًا شديدًا، فاستعجَل الموتَ فوضع نَصْل سيفه في الأرض وذُبابَه بين ثدييه ثم تَحامَل عليه فقتل نفسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: ((إن الرجل يعمل عملَ أهل الجنَّة فيما يبدو للناس، وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عملَ أهل النار فيما يبدو للناس، وهو من أهل الجنة))[3].

وجاء في بعض الروايات أنه "أثبتته الجراحة، فاحتُمِل إلى دار بني ظفر، فجعل رجال من المسلمين يقولون: والله لقد أبليت اليوم يا قزمان فأبشِر، قال: بمَ أَبشِر؟ فو الله إن قاتلتُ إلا على أحساب قومي، ولولا ذلك ما قاتلتُ، فلما اشتدت عليه جراحته، أخذ سهمًا من كنانته فقطع رواهشَه فنزفه الدمُ فمات"[4].

لقد تأكَّد خروج قزمان عن الشرعية والمنهج الحق وكونه في النار من وجهين:
الأول: كونه قاتَل عصبيةً لقومه، وهذا يَقدَح في جانب الإخلاص، وفي هذا ردٌّ على دُعاة القومية والوطنية، ومَن يزعمون أن الشهيد هو من يموت في سبيل وطنه.

الثاني: انتحاره واستعجاله الموت وعدم صبره.


For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة ملتقى أهل العلم الاسلامي

اختصار الروابط