ملتقى أهل العلم

ملتقى أهل العلم (https://www.ahlalalm.org/vb/index.php)
-   الملتقى العام (https://www.ahlalalm.org/vb/forumdisplay.php?f=55)
-   -   الديكتاتورية الفكرية (https://www.ahlalalm.org/vb/showthread.php?t=12512)

طويلب علم مبتدئ 19 / 12 / 2008 13 : 09 PM

الديكتاتورية الفكرية
 
يهاجم كثير من الكتاب والمثقفين وأهل الفكر من مختلف الاتجاهات ما تعانيه بعض بلاد العرب والمسلمين من الاستبداد والتسلط الذي تمارسه حكوماتها، حيث تتخذ قراراتها دون اكتراث بآراء وتطلعات عامة الشعب الذين تؤثر فيهم هذه القرارات.

في واقع الأمر فإن هذا النوع من التسلط والاستبداد، ولنسمه الديكتاتورية الإدارية، ليس قاصراً على الحكومات، فعالمنا العربي والإسلامي يعاني من التسلط والاستبداد الإداري في مناحٍ شتى وعلى مختلف المستويات، فقد تمارس الأم هذا التسلط على أولادها، وقد يمارسه الأب على أسرته، وقد يمارسه المدير على مرؤوسيه، والمسؤول على من هم تحت ولايته، ناهيك عما تمارسه بعض الأنظمة والحكومات على مواطنيها.

ولئن كان هذا النوع الخطير من الاستبداد مرفوضاً، فإن هناك نوعاً آخر من الاستبداد والديكتاتورية لا يقل خطورة عنه، إنه نوع يتمثل في فرض بعض أهل الفكر والثقافة والإعلام وصايتهم على عقول الناس وأفكارهم، وذلك بمحاولة فرض آرائهم وقناعاتهم على الجمهور، ومقابلة كل من يخالفهم بالسخرية والتنقص والتسفيه، ولنا أن نسمي هذا النوع بالديكتاتورية الفكرية.

إن الديكتاتورية الفكرية أصل أصيل للديكتاتورية الإدارية، فإن المسؤول أو الحاكم الذي يتخذ قراراته دون رجوع إلى من هم تحت ولايته، لا يفعل ذلك إلا لأنه يرى آراءهم لا قيمة لها وأنه أوتي من الحكمة ما لم يؤت غيره، ولسان حاله يقول: {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى} [سورة غافر: 29].

إن خطورة الديكتاتورية الفكرية تظهر في كونها تؤثر على أفكار وعقول من تمارس عليهم، مما يترك آثاراً كبيرة على حاضرهم ومستقبلهم حيث تصبح نظرتهم للأمور أحادية قاصرة، بينما الديكتاتورية الإدارية تكون مؤقتة تزول بزوال سلطة الأب أو المسؤول أو الحاكم ولا يكون لها غالباً سلطان على عقول الناس.

من المفارقات العجيبة أن بعض الدعاة والمربين ممن ينتقدون ويهاجمون الديكتاتورية الإدارية يمارسون في بيوتهم أو دعوتهم نوعاً من أنواع الديكتاتورية الفكرية حيث لا مجال للرأي الآخر، وحيث النقاش والحوار ممنوع.

وأعجب من ذلك أن نرى بعض الكتاب وأصحاب القلم الذين هم من أشد المهاجمين للديكتاتورية الإدارية، والمتحمسين في الوقت نفسه للديمقراطية الغربية، والداعين لها بوصفها تمثل حكم الأغلبية الذي مهما يكن به من عيوب فهو أفضل من تسلط فرد أو فئة، نراهم يكتبون كتابات أحادية تصادم المزاج العام للأغلبية في بلادنا وتعاكس قيمها، فتأتيهم الرسائل من المشايخ وأهل العلم وطلبته وعامة الناس في الرد عليهم وتفنيد ما في كلامهم، فيسفهونها ويسفهون أصحابها ويصفوهم بقلة العلم والفهم، وهذه صورة كريهة من صور الديكتاتورية الفكرية.

لئن كان التصدي للطغيان والاستبداد الإداري مطلوباً، فإن التخلص من الاستبداد الفكري مطلوب كذلك، ولا ينبغي لمن يحترم قلمه ويحترم قراءه أن يهاجم نوعاً من الاستبداد بينما هو واقع في آخر، ولمثل هذا نقول ما قاله المتوكل الليثي:

يـا أَيُّـها الرَجُـلُ المُعَـلِّمُ غَـيرَهُ
تَصِفُ الدَّواءَ لِذي السَّقامِ وَذي الضَّنا
وَتَـراكَ تُصـلِحُ بالرشـادِ عُقولَنا
فابـدأ بِنَفسِـكَ فانهَـها عَن غَيِّها
فَهُنـاكَ يُقبـَلُ ما تَقـولُ وَيُهتَدي
لا تَنـهَ عَـن خُلُـقٍ وَتـأتيَ مِثلَهُ

*****

هَلا لِنَفسِكَ كانَ ذا التَعليمُ
كيما يَصحّ بِهِ وَأَنتَ سَقيمُ
أَبَداً وَأَنتَ مِن الرَّشادِ عَديمُ
فَإِذا اِنتَهَت عَنهُ فأنتَ حَكيمُ
بِالقَولِ منك وَينفَعُ التعليمُ
عارٌ عَلَيكَ إِذا فعلتَ عَظيمُ


منقول

ابو الوليد البتار 19 / 12 / 2008 54 : 10 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

ابراهيم عبدالله 20 / 12 / 2008 15 : 05 PM

بارك الله فيك وجزاك خيرا

كريم القوصي 21 / 12 / 2008 35 : 12 AM

بارك الله فيك اخي الكريم طويلب

جزاك الله خيرا وجعله الله في ميزان حسناتك


For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة ملتقى أهل العلم الاسلامي

اختصار الروابط