![]() |
«بحوث التفسير والتأويل لآيات التنزيل» «سنن الأنبياء ؛ و سبل العلماء ؛ و بساتين البلغاء ؛ و الإعجاز العلمي عند الحكماء في تفسير و تأويل نصوص الوحي و آيات الذكر الحكيم و ألفاظ القرآن المجيد و كلام الفرقان المبين المنزل من السماء » «بحوث التفسير والتأويل لآيات التنزيل»... " الرسالة الإسلامية.. و البعثةالمحمدية .. " „أبحاث تمهيدية لمستقبل أمة زاهرة.. ذات حضارة ‟ ** ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [ آية 30؛ سورةالنمل27] ﴿سنن الأنبياء ؛ و سبل العلماء ؛ و بساتين البلغاء ؛ والأعجاز العلمي عند الحكماء في تأويلآيات الذكر الحكيم المنزل من السماء ﴾ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَبِهِ نَسْتَعِينُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا فَتَحَ بِهِ أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا وَأَقَامَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ قَالُوا : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا. * * * * [ 2 ] و في الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ (مرفوعاً):« مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَقَدْ أَدْرَجَ النُّبُوَّةَ بَيْنَ جَنْبَيْهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُوحَى إِلَيْهِ ».(*) [ 3 ] وَالْحَدِيثُ الصَّحِيحُ:« أَهْلُ الْقُرْآنِ هُمْ أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ». [علي بن سلطان محمد القاري، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، دار الفكر، سنة النشر: 1422هـ / 2002م ](**) **** * * * * [5] : « خرجَ علَينا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ أليسَ تَشهدونَ أن لا إلَهَ إلَّا اللَّهَ وأنِّي رسولُ اللَّهِ قالوا : بلَى قالَ : إنَّ هذا القرآنَ طَرفُهُ بيدِ اللَّهِ وطرفُهُ بأيديكُم فتمسَّكوا بِهِ فإنَّكُم لن تضلُّوا ولن تَهْلِكوا بعدَهُ أبدًا» . [رواه : أبو شريح العدوي خويلد بن عمرو؛ انظر عند : المنذري؛ في : الترغيب والترهيب ؛ (ج : (1)؛ ص: (60)؛ الحديث : إسناده جيد ] مقدمة « سنن الأنبياء ؛ و سبل العلماء ؛ و بساتين البلغاء ؛ والأعجاز العلمي عند الحكماء في تأويل و تفسير آيات الذكر الحكيم المنزل من السماء» إمامُ المفسّرين أبو جعفر محمد بن جرير الطبري -رضي الله عنه- يقول :" إِنّي لأعجبُ مَمنْ قرأ القرآن ولم يعلَم تأويلَه ، كيف يلتذُّ بقراءته؟". [المرجع : مقدمة تحقيق كتاب "جامع البيان عن تأويل آي القرآن" ؛ للإمام الطبري ، بقلم محمود محمد شاكر؛ الكتاب حققه العلامة أحمد شاكر ]. ولعل هذا الأثر من أقوال إمام المفسرين ابن جرير الطبري -رحمه الله- ؛ مِن الأسباب التي دعتني إلى الإهتمام بهذا العلم ولوازمه ومتعلقاته ، فـ بدأت علىٰ الفور في التشمير عن ساعد الجد لـ يكون هذا لـ نفسي عبرة ولـ عقلي زاد الطريق في فهم آيات الذكر الحكيم ، ولـ روحي مخزونا موفورا لـ إدراك معنىٰ الحياة ومغزىٰ التكليف وحتمية الحساب .. ومن ثم نوال رضوان الله سبحانه وتعالى، فـ القرآن الكريم ؛ كلام رب العرش العظيم ، يحتاج منا ؛ نحن أهله وناسه ورجاله وحراسه ، لـ تطبيق عملي في الحياة الدنيا وفق منهجية القدوة العليا والإسوة الحسنىٰ ؛ الهادي لـ أوضح السبل والدال علىٰ أيسر الطرق ؛ المعصوم من الخطأ والزلل؛ صلوات الله عليه وآله وسلم وليس فقط للسماع والطرب كما نلاحظه عند البعض . هذه هي البداية ... كما وارجو من القراء الكرام ؛ لمن يريد المتابعة والمراجعة والتصويب مع التحقيق ، أن لا يبخل عليَّ بـ النصح والتصحيح كي تتم الفائدة ... ولا أدعي أنني صاحب علم بـقدر ما أنا ناقل له مع إعمال عقلي وإنقداح فكري في نقول وأقوال السادة العلماء ،مع إطالة التفكر وعميق التبصر في آراء فحول كل علم ، وما أكثر علوم القرآن ومناهل العرفان ، وإعتماد ما أظنه يساعد علىٰ تبيان المعنىٰ والإرشاد إلىٰ المقصود ، كما أعتمد علىٰ صحيح الرواية وإرجاع القول إلىٰ قائله ؛ فمن بركة القول أن يرد إلىٰ صاحبه ، والتنبيه علىٰ الضعيف أو الموضوع من الأحاديث التي قد نذكرها في توضيح المراد ، لذا قد تكون لي عودة لـ نفس المقال إذا ما حصلتُ الصواب . -*-*- الهامش: (*) وعند مراجعة التخريج وجدتُ: " مَنْ قرأَ القُرآنَ فَقَدْ اسْتَدْرَجَ النُّبوَّةَ بَيْنَ جَنْبَيْهِ ، غَيْرَ أنَّهُ لا يُوحَى إليه ، لا يَنبغِي لِصاحِبِ القرآنِ أنْ يَجِدَ مع مَنْ وجَدَ ، ولا يَجْهَلْ مع مَنْ جَهِلَ وفي جَوْفِهِ كلامُ اللهِ تعالى .". رواه : عبدالله بن عمرو؛ أخرجه الطبراني (13 / 649) (14575)، والحاكم (2028)، والبيهقي في :" شعب الإيمان" (2591) باختلاف يسير. 1.] انظر عند : الألباني في : ضعيف الترغيب؛ (865)؛ الحديث : ضعيف. 2.] وعنده؛ أعني : الألباني ؛ في: السلسلة الضعيفة؛ (5118) ؛ الحديث : ضعيف . (**) :" إنَّ للَّهِ أَهْلينَ منَ النَّاس قالوا : يا رسولَ اللَّهِ ، مَن هُم ؟؛ قالَ :« هُم أَهْلُ القرآنِ ، أَهْلُ اللَّهِ وخاصَّتُهُ » . ". - رواه: أنس بن مالك؛انظر عند: الوادعي؛ في : الصحيح المسند (78)؛ الحديث: صحيح. - انظر : الزرقاني؛ في: مختصر المقاصد : (227)| الحديث : صحيح. - نظر عند شعيب الأرناؤوط؛ في : تخريج المسند: (13542)؛ الحديث : حسن - انظر عند : الألباني؛ في : صحيح الترغيب (1432)؛ صحيح. - انظر: الألباني؛ في: صحيح ابن ماجه : (179)؛ الحديث : صحيح. -*-*- وجيد هنا أن أذكر بأن ما يقوله البعض : "مَن قرأ رُبْعَ القرآنِ ,فقد أُوتِيَ رُبُعَ النُّبُوَّةِ ,ومَن قرأ ثُلُثَ القرآنِ ,فقد أُوتِىَ ثُلُثَ النُّبُوَّةِ ، ومَن قرأ ثُلُثَيِ القرآنِ, فقد أُوتِيَ ثُلُثَيِ النُّبُوَّةِ ، ومَن قرأ القرآنَ فقد أُوتِيَ النُّبُوَّةَ ". نُسب إلى : أبوأمامة الباهلي؛ انظر عند: الألباني؛ في المصدر : السلسلة الضعيفة؛ (476) ؛ الحديث : موضوع. وقريب من ذلك :" من قرأ ثلثَ القرآنِ أُعْطِيَ ثلثَ النبوةِ . . . إلى أن قال : ومن قرأ القرآنَ كلَّه أُعْطِيَ النبوةَ كلَّها ". نسب إلى : عبدالله بن عمر؛ انظر عند: الذهبي ؛ في : ميزان الاعتدال؛ ( ج: ( 3) ؛ ص: (368)؛ الحديث : باطل وضلال". :" مَن قرَأ ثلثَ القرآنِ أُعطي ثلثَ النبوةِ ، ومَن قرَأ نصفَ القرآنِ أُعطي نصفَ النبوةِ ، ومَن قرَأ ثلثَيه أُعطي ثلثَيِ النبوةِ ، ومَن قرَأه كلَّه أُعطي النبوةَ كلَّها ويقالُ له يومَ القيامةِ اقرَأْ وارقَ بكلِّ درجةٍ حتى ينجزَ ما معه منَ القرآنِ ويقالُ له : اقبِضْ فيَقبِضُ فيقالُ : هل تدري ما في يدَيكَ ؟ في يدَيكَ اليُمنى الخلدُ وفي الأخرى النعيمُ ". 1.] رواه : أبو أمامة الباهلي؛ أنظر عند : البوصيري؛ في : إتحاف الخيرة المهرة ؛ (ج: ( 6 ) ؛ ص: (333)؛ الحديث : ضعيف ". وعند موضوعات ابن الجوزي : (ج: (1 ) ؛ ص: ( 412)؛ الحديث : لا يصح 2.] رواه : عبدالله بن عمر؛ انظر: الخطيب البغدادي؛ في : تاريخ بغداد ؛ (ج: (12 )؛ ص: ( 441)؛ الحديث : باطل. -**-**- *(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)* السبت، 03 صفر، 1443هــ ~ 11 سبتمبر، 2021م -*-* :د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ؛ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِن ثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِــالدِّيَارِ المِصْرَية الْمَحْمِيَّةِ- حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى- -*-* |
رد: «بحوث التفسير والتأويل لآيات التنزيل» |
[3 : تأويل ، مقدمة التفسير ] ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [ 3 ؛ تأويل ، مقدمة التفسير ] 2 .* ] مقدمة التفسير ذكر الحق تبارك وتعالى كلمة " التأويل "؛ ثم ذكر كلمة " التفسير " ، ثم جاءت كلمة " الترتيل " ، وبمراجعة النص القرآني وجدتُ قوله تعالى : ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةًۚ كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَۖ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ﴾ [ 25 : الفرقان؛ آية 32 ] فيورد الطبري في جامعه قول مَن قال بأن مَعْنَى التَّرْتِيلِ : التَّبْيِينُ وَالتَّفْسِيرُ ، وذِكْرَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : منهم ابْنُ زَيْدٍ،قَالَ : فَسَّرْنَاهُ تَفْسِيرًا، وَقَرَأَ: ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾.[تفسير الطبري : جامع البيان عن تأويل آي القرآن، محمد بن جرير الطبري، دار المعارف، دون ذكر سنة النشر] *** ثم ذكر ابن كثير قول قَتَادَة : ﴿ وَبَيَّنَّاهُ تَبْيِينًا ﴾ .[ تفسير ابن كثير، إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي، دار طيبة، سنة النشر:1422هـ/ 2002م] فجاءت ثلاث كلمات تعبر عن معنى حقيقي أراده سبحانه وتعالى الا وهو تدبر القرآن وفهمه ليترتب على الفهم والعلم عمل، و إلا فما الداعي لهذا الجهد في العلم والدرس والفهم !!؟. *** الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَ أَحْسَنَ تَفْسِيرًا ﴾[25: الفرقان ؛ آية : 33 ] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَلَا يَأْتِيكَ يَا مُحَمَّدُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِمَثَلٍ يَضْرِبُونَهُ إِلَّا جِئْنَاكَ مِنَ الْحَقِّ، بِمَا نُبْطِلُ بِهِ مَا جَاءُوا بِهِ، وَأَحْسَنَ مِنْهُ تَفْسِيرًا . عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: ﴿ وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ ﴾[الفرقان: 33 ]، قَالَ : الْكِتَابُ بِمَا تَرُدُّ بِهِ مَا جَاءُوا بِهِ مِنَ الْأَمْثَالِ الَّتِي جَاءُوا بِهَا وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا . وَعَنَى بِقَوْلِهِ : ﴿ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ﴾[الفرقان: 33 ]؛ وَأَحْسَنَ مِمَّا جَاءُوا بِهِ مِنَ الْمَثَلِ بَيَانًا وَتَفْصِيلًا . وَ بِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا -أي الطبري- فِي ذَلِكَ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَقُولُ :" أَحْسَنُ تَفْصِيلًا ". و أيضاً الضَّحَّاكَ . وعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ "بَيَانًا ".[ تفسير الطبري: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، محمد بن جرير الطبري، دار المعارف، دون ذكر سنة النشر] *** ومالَ إلى ما ذهب إليه الطبري الإمامُ البغوي فقال :﴿ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ﴾ أَيْ : بَيَانًا وَ تَفْصِيلًا ... وَ " التَّفْسِيرُ " تَفْعِيلٌ، مِنَ الْفَسْرِ، وَ هُوَ كَشْفُ مَا قَدْ غُطِّيَ ". [ تفسير البغوي، الحسين بن مسعود البغوي، دار طيبة، دون ذكر سنة النشر] * * * * * * وَ التَّفْسِيرُ : الْبَيَانُ وَالْكَشْفُ عَنِ الْمَعْنَى، وَالْمُرَادُ هُنَا كَشْفُ الْحُجَّةِ وَ الدَّلِيلِ.[التحرير والتنوير، محمد الطاهر ابن عاشور، دار سحنون، دون ذكر سنة النشر ] * * * * * وقال سبحانه :﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴾[ سورةطه؛ 123 ]، وقال سبحانه :﴿ لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾[ سورة الأنبياء؛ 10 ] . فــ القرآنُ الكريم كتابُ الله الذي أُنزل على رسولِه الكريم -عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم- هدى ورحمة ونوراً وعصمة وفضلاً منه ونعمة، فلا سبيل لصلاح حال هذه الأمة واستقامتها وعزتها وكرامتها، وقوتها ووحدتها، وانتفاضها ونهضتها، وتقدمها وسيادتها إلا بالتمسك بهذا الكتاب المبين .[د. أحمد بن محمد الشرقاوي ؛ المقصد السني في تفسير آية الكرسي] قال ابن مسعود -رضي الله عنه- :" مَنْ أَرَادَ الْعِلْمَ فَلْيُثَوِّرِ الْقُرْآنَ " ؛ أَيْ لِيُنَقِّرْ وَ يُفَكِّرْ فِي مَعَانِيهِ وَ تَفْسِيرِهِ وَ قِرَاءَتِهِ، وَ مِنْهُ حَدِيثُ عَبْدِاللَّهِ :" أَثِيرُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّ فِيهِ عِلْمَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ" .[ابن الأثير؛ مجدالدين أبي السعادات المبارك بن محمد، النهاية في غريب الحديث والأثر ]. وفي رواية أخرى :" فليؤثر القرآن؛ فإن فيه علم الأولين والآخرين " .[ السمرقندي؛ بحر العلوم، مقدمه المصنف ] وعند الهيثمي : وَعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:" مَنْ أَرَادَ الْعِلْمَ فَلْيُثَوِّرِ الْقُرْآنُ، فَإِنَّ فِيهِ عِلْمَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ " ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِأَسَانِيدَ، وَرِجَالُ أَحَدِهَا رِجَالُ الصَّحِيحِ." [ مجمع الزاوئد ومنبع الفوائد، نورالدين علي بن أبي بكر الهيثمي، مكتبة القدسي، سنة النشر: 1414هـ / 1994م]. وجاء عند القرطبي؛ محمد بن أحمد الأنصاري في تفسيره :" وَالثَّوْرُ : وَاحِدُ الثِّيرَانِ . وَ الثَّوْرُ : السَّيِّدُ مِنَ الرِّجَالِ. وَ الثَّوْرُ الْقِطْعَةُ مِنَ الْأَقِطِ . وَ الثَّوْرُ : الطُّحْلُبُ، وَ ثَوْرٌ : جَبَلٌ . وَ ثَوْرٌ : قَبِيلَةٌ مِنَ الْعَرَبِ . وَ فِي الْحَدِيثِ : وَ وَقْتُ الْعِشَاءِ مَا لَمْ يَغِبْ ثَوْرُ الشَّفَقِ يَعْنِي انْتِشَارَهُ، يُقَالُ : ثَارَ يَثُورُ ثَوْرًا وَثَوَرَانًا إِذَا انْتَشَرَ فِي الْأُفُقِ، وَ فِي الْحَدِيثِ :"مَنْ أَرَادَ الْعِلْمَ فَلْيُثَوِّرِالْقُرْآنَ " ، قَالَ شَمِرٌ : تَثْوِيرُ الْقُرْآنِ : قِرَاءَتُهُ وَ مُفَاتَشَةُ الْعُلَمَاءِ بِهِ ." وروي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه قال :" ما من شيء إلا وعلمه فى القرآن غير أن آراء الرجال تعجز عنه " .[ السمرقندي ؛ بحر العلوم ، مقدمه المصنف ]. ومما يظهر لي [الرمادي من الْإِسْكَنْدَرِيَّة]: أن القرآن العظيم ؛ وإن نزل بلسان عربي مبين إلا أنه يحتاج إلى بيان وكشف عن المعنى وتفصيل ، وهذا ما نراه وضوح الشمس في رابعة النهار في يوم لا غيوم فيه ولا أمطار حين شمر العلماء عن ساعد الجد ، فنجد - والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ونقرأ هذا التراث الندي الثري والذي لا مثيل له عند بقية القبائل والأمم وبقية شعوب أهل الأرض ؛ نقرأ عن علوم عدة و فنون شتى تتعلق بالقرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة العطرة - وقد نذكرها في موضعها ؛ إن شاء الله تعالى . ** ** ** ** أَحَدُهَا : كَمَالُ فَضِيلَةِ الْمُصَنِّفِ؛ فَإِنَّهُ لِقُوَّتِهِ الْعِلْمِيَّةِ يَجْمَعُ الْمَعَانِيَ الدَّقِيقَةَ فِي اللَّفْظِ الْوَجِيزِ، فَرُبَّمَا عَسُرَ فَهْمُ مُرَادِهِ، فَقَصَدَ بِالشَّرْحِ ظُهُورَ تِلْكَ الْمَعَانِي الْخَفِيَّةِ؛ وَمِنْ هُنَا كَانَ شَرْحُ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ تَصْنِيفَهُ أَدَلَّ عَلَى الْمُرَادِ مِنْ شَرْحِ غَيْرِهِ لَهُ . وَ ثَانِيهَا : قَدْ يَكُونُ حَذَفَ بَعْضَ مُقَدِّمَاتِ الْأَقْيِسَةِ أَوْ أَغْفَلَ فِيهَا شُرُوطًا اعْتِمَادًا عَلَى وُضُوحِهَا، أَوْ لِأَنَّهَا مِنْ عِلْمٍ آخَرَ ؛ فَيَحْتَاجُ الشَّارِحُ لِبَيَانِ الْمَحْذُوفِ وَ مَرَاتِبِهِ. وَ ثَالِثُهَا : احْتِمَالُ اللَّفْظِ لِمَعَانٍ ثَلَاثَةٍ؛ كَمَا فِي الْمَجَازِ وَ الِاشْتِرَاكِ وَ دَلَالَةِ الِالْتِزَامِ؛ فَيَحْتَاجُ الشَّارِحُ إِلَى بَيَانِ غَرَضِ الْمُصَنِّفِ وَ تَرْجِيحِهِ . وَقَدْ يَقَعُ فِي التَّصَانِيفِ مَا لَا يَخْلُو مِنْهُ بَشَرٌ مِنَ السَّهْوِ وَالْغَلَطِ أَوْ تَكْرَارِ الشَّيْءِ، وَحَذْفِ الْمُهِمِّ، وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ فَيَحْتَاجُ الشَّارِحُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى ذَلِكَ. وَ إِذَا عُلِمَ هَذَا فَنَقُولُ : إِنَّ الْقُرْآنَ إِنَّمَا أُنْزِلَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ فِي زَمَنِ أَفْصَحِ الْعَرَبِ؛ وَ كَانُوا يَعْلَمُونَ ظَوَاهِرَهُ وَ أَحْكَامَهُ؛ أَمَّا دَقَائِقُ بَاطِنِهِ فَإِنَّمَا كَانَ يَظْهَرُ لَهُمْ بَعْدَ الْبَحْثِ وَ النَّظَرِ مِنْ سُؤَالِهِمُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْأَكْثَرِ كَسُؤَالِهِمْ لَمَّا نَزَلَ: ﴿ وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ﴾[سورةالْأَنْعَامِ : آية 82 ]، فَقَالُوا : أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ! فَفَسَّرَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِــ ﴿الشِّرْكِ ﴾، وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾[ لُقْمَانَ : آية 13 ]. وَكَـسُؤَالِ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- عَنِ الْحِسَابِ الْيَسِيرِ فَقَالَ : " ذَلِكَ الْعَرْضُ، وَمَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ ". وَكَــقِصَّةِ عَدِيّ ِبْنِ حَاتِمٍ فِي الْخَيْطِ الَّذِي وَضَعَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا سَأَلُوا عَنْ آحَادٍ لَهُ مِنْهُ . وَلَمْ يُنْقَلْ إِلَيْنَا عَنْهُمْ تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ وَتَأْوِيلُهُ بِجُمْلَتِهِ؛ فَنَحْنُ نَحْتَاجُ إِلَى مَا كَانُوا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ، وَ زِيَادَةٍ عَلَى مَا لَمْ يَكُونُوا مُحْتَاجِينَ إِلَيْهِ مِنْ أَحْكَامِ الظَّوَاهِرِ لِقُصُورِنَا عَنْ مَدَارِكِ أَحْكَامِ اللُّغَةِ بِغَيْرِ تَعَلُّمٍ؛ فَنَحْنُ أَشَدُّ النَّاسِ احْتِيَاجًا إِلَى التَّفْسِيرِ . وَ مَعْلُومٌ أَنَّ تَفْسِيرَهُ يَكُونُ بَعْضُهُ مِنْ قَبِيلِ بَسْطِ الْأَلْفَاظِ الْوَجِيزَةِ وَ كَشْفِ مَعَانِيهَا، وَ بَعْضُهُ مِنْ قَبِيلِ تَرْجِيحِ بَعْضِ الِاحْتِمَالَاتِ عَلَى بَعْضٍ لِبَلَاغَتِهِ وَ لُطْفِ مَعَانِيهِ؛ وَ لِهَذَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْ قَانُونٍ عَامٍّ يُعَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهِ عَلَيْهِ وَ يُرْجَعُ فِي تَفْسِيرِهِ إِلَيْهِ مِنْ مَعْرِفَةِ مُفْرَدَاتِ أَلْفَاظِهِ وَ مُرَكَّبَاتِهَا وَ سِيَاقِهِ وَ ظَاهِرِهِ وَ بَاطِنِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَهْمِ وَ يَدِقُّ عَنْهُ الْفَهْمُ . وَبَيْنَ أَقْدَاحِهِمْ حَدِيثٌ قَصِيرٌ * هُوَ سِحْرٌ وَ مَا سِوَاهُ كَلَامُ وَ فِي هَذَا تَتَفَاوَتُ الْأَذْهَانُ، وَتَتَسَابَقُ فِي النَّظَرِ إِلَيْهِ مُسَابَقَةَ الرِّهَانِ، فَمَنْ سَابَقَ بِفَهْمِهِ، وَ رَاشَقَ كَبِدَ الرَّمْيَةِ بِسَهْمِهِ وَ آخَرُ رَمَى فَأَشْوَى، وَخَبَطَ فِي النَّظَرِ خَبْطَ عَشْوَا - كَمَا قِيلَ . وَأَيْنَ الدَّقِيقُ مِنَ الرَّكِيكِ، وَأَيْنَ الزُّلَالُ مِنَ الزُّعَاقِ![الزركشي؛بدر الدين محمد بن عبدالله ،البرهان في علوم القرآن، دار المعرفة، سنة النشر: 1410هـ / 1990م ] *** والتزمُ [مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ؛ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ] بشرط القرطبي في تفسيره حين يقول :" وَشَرْطِي فِي هَذَاالْكِتَابِ : إِضَافَةُ الْأَقْوَالِ إِلَى قَائِلِيهَا، وَالْأَحَادِيثِ إِلَى مُصَنِّفِيهَا؛ فَإِنَّهُ يُقَالُ : مِنْ بَرَكَةِ الْعِلْمِ أَنْ يُضَافَ الْقَوْلُ إِلَى قَائِلِهِ. وَ كَثِيرًا مَا يَجِيءُ الْحَدِيثُ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَ التَّفْسِيرِ مُبْهَمًا، لَا يَعْرِفُ مَنْ أَخْرَجَهُ إِلَّا مَنَ اطَّلَعَ عَلَى كُتُبِ الْحَدِيثِ، فَيَبْقَى مَنْ لَا خِبْرَةَ لَهُ بِذَلِكَ حَائِرًا، لَا يَعْرِفُ الصَّحِيحَ مِنَ السَّقِيمِ، وَ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ عِلْمٌ جَسِيمٌ، فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، وَ لَا الِاسْتِدْلَالُ حَتَّى يُضِيفَهُ إِلَى مَنْ خَرَّجَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ، وَ الثِّقَاتِ الْمَشَاهِيرِ مِنْ عُلَمَاء ِالْإِسْلَامِ. وَنَحْنُ [محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي] نُشِيرُ إِلَى جُمَلٍ مِنْ ذَلِكَ فِي هَذَا الْكِتَابِ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ. وَأَضْرِبُ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ قَصَصِ الْمُفَسِّرِينَ، وَ أَخْبَارِ الْمُؤَرِّخِينَ، إِلَّا مَا لَابُدَّ مِنْهُ وَ لَا غِنًى عَنْهُ لِلتَّبْيِينِ؛ وَاعْتَضْتُ مِنْ ذَلِكَ تَبْيِينَ آيِ الْأَحْكَامِ، بِمَسَائِلَ تُسْفِرُ عَنْ مَعْنَاهَا، وَ تُرْشِدُ الطَّالِبَ إِلَى مُقْتَضَاهَا؛ فَضَمَّنْتُ كُلَّ آيَةٍ تَتَضَمَّنُ حُكْمًا أَوْ حُكْمَيْنِ فَمَا زَادَ، مَسَائِلَ نُبَيِّنُ فِيهَا مَا تَحْتَوِي عَلَيْهِ مِنْ أَسْبَابِ النُّزُولِ وَ التَّفْسِيرِ الْغَرِيبِ وَ الْحُكْمِ؛ فَإِنْ لَمْ تَتَضَمَّنْ حُكْمًا ذَكَرْتُ مَا فِيهَا مِنَ التَّفْسِيرِ وَالتَّأْوِيلِ، هَكَذَا إِلَى آخَر ِالْكِتَابِ. جَعَلَهُ اللَّهُ خَالِصًا لِوَجْهِهِ، وَ أَنْ يَنْفَعَنِي بِهِ و َوَالِدَيَّ وَ مَنْ أَرَادَهُ بِمَنِّهِ؛ إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاءِ، قَرِيبٌ مُجِيبٌ؛ آمِينَ.[تفسير القرطبي الْجَامِعِ لِأَحْكَامِ الْقُرْآنِ، وَالْمُبَيِّنِ لِمَا تَضَمَّنَهُ مِنَ السُّنَّةِ وَآيِ الْفُرْقَانِ ؛ محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي؛ دار الفكر؛ دون ذكر سنة النشر . ] **** وَ سَمَّيْتُهُ بِــ : «سنن الأنبياء ؛ و سبل العلماء ؛ و بساتين البلغاء ؛ و الإعجاز العلمي عند الحكماء في تفسير و تأويل نصوص الوحي و آيات الذكر الحكيم و ألفاظ القرآن المجيد الكريم و كلام الفرقان المبين المنزل من السماء » واختصرته بــ : «بحوث التفسير والتأويل لآيات التنزيل» -*-*-*-*-*-* *(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)* الأحد، 04 صفر، 1443هــ ~ 12 سبتمبر، 2021م د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ؛ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِن ثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِــالدِّيَارِ المِصْرَية الْمَحْمِيَّةِ- حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى- |
رد: «بحوث التفسير والتأويل لآيات التنزيل» ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [ آية 30؛ سورة النمل 27] [ 1 مقدمة التفسير ؛ تأويل ] « سنن الأنبياء ؛ وسبل العلماء ؛ و بساتين البلغاء ؛ و الأعجاز العلمي عند الحكماء في تأويل وتفسير آيات الذكر الحكيم المنزل من السماء» مقدمة التفسير؛ لفظة تَأْوِيلِ : إمامَ المفسّرين أبو جعفر محمد بن جرير الطبري -رضي الله عنه- يقول: «إِنّي لأعجبُ مَمنْ قرأ القرآن ولم يعلَم تأويلَه، كيف يلتذُّ بقراءته؟». [ المرجع : مقدمة تحقيق كتاب"جامع البيان عن تأويل آي القرآن" ؛ للإمام الطبري ؛ بقلم محمود محمد شاكر؛ بتحقيق العلامة أحمد شاكر ] الآيات الكريمات التي ذكر فيها لفظة " التأويل " عبارة " تأويل " وردت 15 مرة في المصحف الشريف [ 1 . ، 2 . ] « هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ » . [ آية 7؛ سورة آل عمران 3 ]. [ 3 . ] « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ۖ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا » . [ آية 59؛ سورة النساء4 ] [ 4 . 5 . ] « وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(52) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ ۚ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ۚ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ » (53) . [ الآيتان 52 ؛ 53؛ سورةالاعراف 3 ] [ 6 . ] « بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۖ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ » . [ الآية39 ؛ سورة يونس 10 ] [ 7 . ) « وَكَذَٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَىٰ أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ » . [ الآية 6 ؛ سورة يوسف 12 ] [ 8 . ] « وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًاۚ وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِۚ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ». [ الآية 21 ؛ سورة يوسف 12 ] [ 9 . ] « وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ ۖ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ۖ وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ ۖ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِۖ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ » . [ الآية 36 ؛ سورة يوسف12 ] [ 10 . ] « قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَاۚ ذَٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي ۚ إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ » . [ الآية 37 ؛ سورة يوسف 12 ] [ 11 . ؛ 12 . ] « وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ۖ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ(43)قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ ۖ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ(44)وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ » . [الآيات 43 ؛ 44 و 45 ؛ سورة يوسف 12 ] [ 13 . ؛ 14 . ] « وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ۖ وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ۖ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ۚإِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ »(100)رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ » .[ الآيتان 100 ؛ 101 ؛ سورة يوسف 12 ] [ 15 . ] « وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا » . [ الآية35 ؛ سور ة الإسراء 17 ] [ 16. ] « قَالَ هَٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَۚ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا » .[ الآية 78 ؛ سورة الكهف 18 ] [ 17 . ] « وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ۚ ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا » . [ الآية 82 ؛ سور ة الكهف 18 ] ثم بالرجوع إلى المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم وجدتُ أن اللفظ ورد :«17 »مرة، على النحو التالي : " تأويل " و " تأويلاً " ، و " تأويله " ، و هذا ما أثبته عند الترقيم . [ عبدالباقي ؛ محمد فؤاد ، المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم دار الحديث ، القاهرة ـ الطبعة الأولى ؛ 1406 هـ ~ 1986 م ] ** ** ** ** ** ** |
رد: «بحوث التفسير والتأويل لآيات التنزيل» عبارة " تفسير " عثر عليها في المصحف الشريف ( 1 ) آية بذلك حصرت لفظة التأويل و التفسير في محكم الذكر الحكيم بسردها كما جاءت ، [1.* ] « وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ». [ الآية 33 ؛سورةالفرقان25] ** ** *** ** ** ثم سنأتي لتفسيرها وفق رأي العلماء في موضعها ؛ إن شاء الله السميع العليم . ** ** ** ** ** *** ?الرَّمَادِيُ من الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ *(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)* الأربعاء، 08 صفر، 1443هــ ~ 15 سبتمبر،2021م |
رد: «بحوث التفسير والتأويل لآيات التنزيل» 7 . * ] التفسير والتأويل بمعنى،أم يختلفان؟ اختلف العلماء: هل التفسير و التأويل بمعنى ،أم يختلفان؟ فــ - ذهب قوم يميلون الى العربية إلى أنهما بمعنى ، وهذا قول جمهور المفسرين المتقدمين . و - ذهب قوم يميلون الى الفقه الى اختلافهما ، فــ قالوا: التفسير: إخراج الشيء من مقام الخفاء الى مقام التجلى. و التأويل: نقل الكلام عن وضعه فيما يحتاج في إثباته الى دليل .. لولاه ما ترك ظاهر اللفظ، فهو مأخوذ من قولك : " آل " الشيء الى كذا ،أي صار إليه.[ ابن الجوزي ] |
3 . ) نشأة التفسير وتطوره! 3 . ) نشأة التفسير وتطوره : نزل القرآن الكريم بلغه العرب ، وعلى أساليبهم في الكلام ، وفي ذلك يقول الحق تبارك وتعالى :« وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ »[ سورة إبراهيم ، الاية 4 ] . لذلك كان الصحابة الكرام يفهمون القرآن في جملته ، أي بالنسبة لظاهره وأحكامه، أما فهمه تفصيلا ، ومعرفة دقائقه بحيث لا يغيب عنهم منه شئ فقد تفاوتوا في ذلك ، بسبب اختلافهم في العلم بلغتهم ، وبمعرفة أسباب النزول ، فكانوا يرجعون إلى النبي -صلى الله عليه وآله سلم- فيما لم يفهموه فيفسره لهم ؛ لذا فقد أثر عنه -صلى الله عليه وآله سلم- عدد كبير من الاحاديث تتناول تفسير القرآن . وبعد وفاة النبي -صلى الله عليه وآله سلم- اشتهر عدد كبير من الصحابة بالتفسير، وقد عد منهم السيوطي في " الاتقان " [*] : [ 1 ] أبا بكر ، و [ 2 ] عمر ، و [ 3 ] عثمان ، و [ 4 ] علي ، و [ 5 ] ابن مسعود ، و [ 6 ] ابن عباس ، و [ 7 ] أبي بن كعب ، و [ 8 ] زيد بن ثابت ، و [ 9 ] أبا موسى الاشعري ، و [ 10 ] عبدالله بن الزبير -رضي الله عنهم أجمعين- . ــــــــــــــــــــــــــــــــ مرجع : [*] [السيوطي؛ جلال الدين عبدالرحمن بن أبي بكر، الإتقان في علوم القرآن، دار الكتاب العربي، سنة النشر: 1419هـ / 1999م ] اقتبسنا الكلام في هذا الفصل من كتاب " التفسير والمفسرون؛ الذهبي؛ الدكتور محمد حسين، التفسير والمفسرون، صفحة 16 . ـــــــــــــــــــــــــــــــ |
[ 4 ] مصادر التفسير في عهد الصحابة ! [ 4 ] مصادر التفسير في عهد الصحابة : 1- القران الكريم : نفسه حيث أن آياته يفسر بعضها بعضا ، وما أُجمل في موضع منه قد يبين في موضع آخر ، فمن ذلك تفسير قوله تعالى في سورة المؤمن "غافر ؛ 40" ، الاية ( 28 ) :« وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْۖ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ ۖ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) « وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ » بأنه العذاب الادنى المعجل في الدنيا ، لقوله تعالى في آخر السورة، الاية ( 77 ) : « فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ(77) » . [سورة المؤمن "غافر ؛ 77 ] 2- السنة النبوية الشريفة : فقد فسر النبي -صلى الله عليه وسلم- كثيرا من آيات القران، قال تعالى في سورة النحل ، الاية ( 44 ) : « وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44)» ، والذي يرجع إلى كتب الحديث يجدها حافلة بأبواب التفسير المأثور عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ، من ذلك ما رواه الترمذي ، وابن حبان في " صحيحه " عن ابن مسعود قال ، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:« الصلاة الوسطى ؛ صلاة العصر » [ 4 ] ، وقد اعتمد كثير من مؤلفي التفسير على الحديث في تفسره ، فسمي هذا النوع بالتفسير بــ " المأثور " ، ومنها تفسير ابن كثير. 3- أقوال الصحابة : كان الصحابة -رضوان الله عليهم- إذا لم يجدوا التفسير في القران ، ولم يسمعوه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، رجعوا في ذلك إلى اجتهادهم لانهم عاينوا نزول القران ، ولانهم كانوا من خُلص العرب ، يعرفون عاداتهم والالفاظ ومعانيها ، ومناحي العرب في كلامهم ، ومعتمدين في ذلك على الشعر الذي هو ديوان العرب كما يقول عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- . وقد كان الصحابي الجليل ابن عباس صاحب النصيب الاكبر من ذلك، فقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه دعا له فقال : " اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل " [ 5 ] ولذلك لقب بـ " ترجمان القرآن " . **** ** ** ** |
[ 5 . ] مدراس التفسير على عهد الصحابة! [ 5 . ] مدراس التفسير على عهد الصحابة : فتح الله على المسلمين كثير من بلاد العالم ، وتوزع الصحابة في البلاد المفتوحة ، وحملوا معهم علومهم وجلس إليهم كثير من التابعين يتتلمذون عليهم ، فقامت في هذه البلاد مدارس علمية أساتذتها الصحابة وتلاميذها التابعون ، واشتهرت من بين هذه المدارس ثلاث هي : 1 - مدرسة مكة المكرمة : أستاذها الصحابي الجليل ابن عباس ، و تلاميذها : سعيد بن جبير ، ومجاهد، وعكرمة ، وطاوس ، وعطاء . 2 - مدرسة المدينة المنورة : أستاذها الصحابي أبي بن كعب ، و تلاميذها : زيد بن أسلم ، وأبي العالية، ومحمد بن كعب القرظي . 3 - مدرسة العراق : أستاذها الصحابي عبدالله بن مسعود ، و تلاميذها : علقمة ، ومسروق، والاسود ، ومرة ، وعامر ، والحسن ، وقتادة . و قد أضيف للتفسير في هذا العهد أقوال التابعين ، وبدأ الخلاف يظهر فيه ، كما بدأ يتسرب إليه الروايات الاسرائيليات بسبب رجوع بعض المفسرين لاهل الكتابين : اليهود والنصارى . [الذهبي؛ المفسرون ؛ صفحة 17 ] |
رد: «بحوث التفسير والتأويل لآيات التنزيل» 8 . ) تدوين التفسير : قال صاحب فتح الباري، العسقلاني:" فَمِمَّا حَدَثَ [ 1 ] تَدْوِينُ الْحَدِيثِ ثُمَّ [ 2 ] تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ ثُمَّ [ 3 ] تَدْوِينُ الْمَسَائِلِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُوَلَّدَةِ عَنِ الرَّأْيِ الْمَحْضِ ثُمَّ [ 4 ] تَدْوِينُ مَا يَتَعَلَّقُ بِأَعْمَالِ الْقُلُوبِ ، فَــ أَمَّا الْأَوَّلُ فَأَنْكَرَهُ عُمَرُ وَأَبُو مُوسَى وَطَائِفَةٌ وَرَخَّصَ فِيهِ الْأَكْثَرُونَ وَ أَمَّا الثَّانِي فَأَنْكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ كَالشَّعْبِيِّ ، وَ أَمَّا الثَّالِثُ فَأَنْكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَطَائِفَةٌ يَسِيرَةٌ ، وَكَذَا اشْتَدَّ إِنْكَارُ أَحْمَدَ لِلَّذِي بَعْدَهُ " [العسقلاني؛ أحمد بن علي بن حجر، فتح الباري شرح صحيح البخاري،دار الريان للتراث، سنة النشر: 1407هـ / 1986م] . تدوين التفسير : على عهد التابعين مع بداية القرن الثاني للهجرة ، بدأ المسلمون بتدوين علومهم ، بعد أن كانوا يعتمدون على الرواية في حفظها وتبليغها ، وأصدر الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز ( ت :101 هـ ) أمره لعماله في الافاق بجمع حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وكان التفسير بابا من أبواب الحديث ، ولم يفرد له أول الامر تأليف خاص يفسر القرآن سورة سورة من مبدئه إلى منتهاه ، ثم انفصل التفسير تدريجيا عن الحديث ، وبدأت تظهر المحاولات الاولى للتأليف في تفسير القرآن تمثلت بـ - كتب " غريب القران " التي تناولت ألفاظه فقط كـ كتب الرؤاسي ( ت : 170 هـ ) والكسائي ( ت : 189 هـ ) والفراء ( ت : 207 هـ ) ، ثم ظهرت التفاسير الاولى التي تناولت السور والايات كـ - تفسير ابن ماجه ( ت : 273 هـ ) و - ابن جرير الطبري ( ت : 310 هـ) ، و - ابن المنذر النيسابوري ( ت : 318 هـ ) و - ابن أبي حاتم (ت : 327 هـ ) . و تناولت هذه التفاسير الاولى غريب الالفاظ ، وإيراد ما ورد من الحديث وأقوال الصحابة والتابعين في تفسير بعض الايات . **** ** ** ** ** ** أنواع التفسير : كانت المحاولات الاولى للتفسير تعتمد على المأثور من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وما نقل عن السلف ، ثم تدرج التفسير بعد ذلك لتدوين العلوم العقلية إضافة للتفسير النقلي ، وبدأ هذا الجانب يتضخم شيئا فشيئا متأثرا بالمعارف العامة ، والعلوم المتنوعة ، والاراء المتشعبة ، والعقائد المتباينة ، وامتزج كل ذلك بالتفسير وتحكمت الاصطلاحات العلمية والعقائد المذهبية بـ عبارات القرآن الكريم ، وظهرت آثار الثقافات والفلسفات في تفاسير القرآن ، وراح كل من برع في فن من الفنون يفسر القرآن على الفن الذي برع فيه : * التفاسير اللُغوية : فاللُغوي ، والنحوي يهتم بجانب الاعراب ووجوهه، والنحو ومسائله وفروعه وخلافياته ، ويكثر من الشواهد والشعرية كما فعل الزجاج ، والواحدي في " السبط " وأبو حيان في " البحر المحيط " . * التفاسير العقلية : ومنهم من عني في تفسيره بأقوال الحكماء والفلاسفة ، يذكر شبههم والرد عليهم ، كما فعل الفخرالرازي في تفسيره " مفاتيح الغيب " . . . * التفاسير الفقهية : وهي التي عني مؤلفوها باستنباط الاحكام الفقهية من أدلتها ، وإيراد الفروع الفقهية كل وفق مذهبه مع الرد على من خالفه من أصحاب المذاهب الاخرى كما فعل - الجصاص الحنفي في " أحكام القران " ، و - القرطبي المالكي في تفسيره " الجامع لاحكام القران ". * التفاسير التاريخية : وهي التي عني مؤلفوها بالقصص ، وأخبار الامم السابقة ، كما فعل - الثعلبي و - الخازن . * تفاسير الفرق : وهي التي وضعها أصحاب الفرق والعقائد المتباينة، محاولين تأويل كلام الله حسب مذاهبهم ، كما فعل - الرماني ، و - الجبائي ، و - القاضي عبدالجبار ، و - الزمخشري . * تفاسير المتصوفة : وهي التي قصد مؤلفوها نواحي الترغيب والترهيب، واستنباط الاسرار الباطنية والاشارت الرمزية ، كما فعل - ابن عربي ، و - أبو عبدالرحمن السلمي . . . [الذهبي؛ التفسير والمفسرون؛ صفحة 18 ] ** ** ** ** **** |
رد: «بحوث التفسير والتأويل لآيات التنزيل» التفسير بالمأثور : التفسير بالمأثور - أو التفسير النقلي - هو تفسير القرآن بما جاء في القرآن نفسه من تبيان لبعض آياته، وبما أثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين رضوان الله تعالى عليهم أجمعين . و قد كان هذا النوع من التفاسير أولها ظهورا كما تدرج خلال تطور هذا العلم من : - الرواية في عصر الصحابة والتابعين إلى - التدوين في القرن الثاني، لانالحديث كان أول ما اهتم العلماء بتدوينه، ثم لما انفصل التفسير عن الحديث وأفرد بتأليف خاص كان أول ما ظهر فيه : - صحيفة علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، ثم ظهرت أجزاء في التفسير كــ ـ - جزء أبي روق، و - أجزاء محمد بن ثور عن ابن جريج [ 1 :السيوطي،الاتقان 2 / 88 . ]، ثم ظهر التأليف الموسوعي في التفسير الذي جمع أصحابه فيه كل ما روي من التفسير المأثور كـــ - تفسير ابن جرير الطبري، و توسع أصحابها في النقل وأكثروا منه بالاسانيد المتصلة حتى استقاض . ثم وجد بعد ذلك أقوام دونوا التفسير بالمأثور بدون ذكر الاسانيد، وأكثروا من نقل الاقوال بدون التفرقة بين الصحيح وغيره، مما أفقد الثقة بها، وبخاصة عن ابن عباس وعلي بن أبي طالب، حتى نقل عن الامام الشافعي قوله :" لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلا شبيه بمائة حديث " [السيوطي،الاتقان 2 / 189 . ( * ) / صفحة 19 / ] و هو عدد لا يكاد يذكر أمام ما يروى عن ابن عباس في التفسير، وهذا يدل على مبلغ ما دخل في التفسير بالمأثور من الروايات الموضوعة والاسرائيلية، و لقد كانت كثرة المرويات أكبر عامل في صرف همة العلماء إلى البحث والتمحيص، والنقد والتعديل والتجريح، وترجع أسباب الضعف في رواية التفسير بالمأثور إلى كثرة الوضع، ودخول الاسرائيليات . * أماالوضع فقد كان مصدره أهل البدع والاهواء والفرق، والاقوام الذين دخلوا في الاسلام ظاهرا وهم يبطنون الكفر بقصد الكيد له وتضليل أهله، فوضعوا الروايات الباطلة في تفسير القرآن ليصلوا إلى أغراضهم، فكثرت الروايات، و ضمن مؤلفوا التفاسير هذه الروايات في كتبهم دون تحرٍ منهم لصحة أسانيدها، لان منهجهم في التأليف كان إيراد كل ما ورد من الروايات في الاية الواحدة تاركين أمر تمحيصها لثقافة القارئ . و لقد بذل المحدثون في هذه الفترة جهودا جبارة في مقاومة الوضع وتمييز الصحيح من الروايات عن غيره، و وضعوا في ذلك التصانيف، و أنشأوا علم مصطلح الحديث، و وضعوا قواعد دقيقة جدا لمعرفة الصحيح من غيره، حتى ميزوا الصحيح من الموضوع فحفظ الله بهم دينه ( وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) [آية 21؛ يوسف 12] ** ** ** ** التفسير و الاسرائيليات : * وأما الاسرائيليات : فيمكن تعريفها بـ : " أنها الروايات المأخوذة عن اليهود والنصارى في أخبار أممهم السابقة وقصص أنبيائهم، وإن كان الجانب اليهودي هو الذي اشتهر أمره، وغلب على الجانب النصراني بسبب أغلبية اليهود في ذلك الوقت واختلاطهم مع المسلمين في بلادهم، ولقد نزل القرآن بموضوعات وردت في التوراة والانجيل، كـــ - قصة آدم عليه السلام ونزوله إلى الارض، و - قصة موسى عليه السلام مع قومه اليهود، و - قصة عيسى عليه السلام وأمه مريم، كل ذلك ورد في القرآن الكريم موجزا يقتصر على ذكر العظة والعبرة من قصصهم دون التعرض لتفاصيل قصصهم، وقد وجد المسلمون تفصيل هذا الايجاز عند أهل الديانات السابقة بما لا يتعارض مع شريعتهم، فلجاوا إليهم، واقتبسوا منهم، دون تحر ٍ منهم لصحة هذه الاخبار . ـــــــ مراجع : ( 1 ) السيوطي،الاتقان 2 / 88 . ( 2 ) السيوطي،الاتقان 2 / 189 . ـــــــــ وقد أخبر الله تعالى في القرآن أن أهل الكتاب قد حرفوا كتبهم فقال :" يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ " [آية 13: المائدة 5] " ( 1 ) و قال :" فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًاۖ فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ " [آية 79: البقرة 2] " ( 2 ) . كما بين النبي صلى الله عليه وسلم لاصحابه الموقف الواجب اتخاذه تجاه أهل الكتاب فــ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ وَيُفَسِّرُونَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَ لَا تُكَذِّبُوهُمْ ، وَقُولُوا : آمَنَّا بِاللَّهِ وَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ " . [ الحديث السادس 6 ] ( 3 ) ولكن المسلمين تساهلوا في الاخذ عن أهل الكتاب وهكذا دخلت الاسرائيليات في كتب التفسير، وكانت مصادر الاسرائيليات تدور حو ل أربعة أشخاصهم : ( 1 ) عبدالله بن سلام، و ( 2)كعب الاحبار، و ( 3) وهب بن منبه، و ( 4) عبدالملك بن عبدالعزيز بن جريح . ** ** ** **** الاسرائيليات و أثرها في التفسير بـــ المأثور: قسم العلماء الاسرائيليات إلى ثلاثة أقسام : ( الاول ) مقبول وهو ما علم صحته بالنقل الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك كـــ - تعيين اسم الخصر عليه السلام، إذ ورد فيه حديث صحيح عند البخاري في صحيحه، في كتاب التفسير، أو - ما كان له شاهد من الشرع يؤيده . و (الثاني ) مسكوت عنه : و هو ما لم يعلم صحته و لا كذبه، و هذا القسم تجوز حكايته للعظة والعبرة، و لا نؤمن بصدقه و لا كذبه امتثالا لامر رسول الله صلى ا لله عليه وسلم:" لا تصدقوا أهل الكتاب و لا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله و ما أنزل إلينا . " [الحديث السادس 6 ] و (الثالث) مرفوض : و هو ما علم كذبه لتناقضه مع شريعتنا أو مخالفته للعقل، و لا يصح تصديقه و لا قبوله و لا روايته، و إذا رواه المفسر في تفسيره و جب عليه بيانه . و قد كان لهذه الاسرائيليات أثرسئ في التفسير، إذ أدخلت فيه كثيرا من القصص الخيالي المخترع، و الاخبار المكذوبة، و هذا ما دفع العلماء لمقاومتها، وإخضاعها لمعايير نقد الرواية، وموازين الشريعة لتمييز المقبول من المردود . و بسبب هذه الاسرائيليات تفاوتت الثقة في كثير من التفاسير التي وضعها كبار الائمة . ** ** ** ** ** أشهر من بين هذه الكتب ثمانية، تفاوتت قيمتها عند الامة بين القبول والرفض، وسنذكرها مع تبيان قيمة كل واحد منها : 1 - جامع البيان؛ لـ ابن جرير الطبري ( ت 310 هـ ) ( 4 ) : وهو من أقدم التفاسير وأشهرها، كما يعتبر المرجع الأول عند المفسرين بالنقل والعقل، نظرا لما فيه من الروايات والاستنباطات، و ترجيح بعضها على بعض، ويقع في ثلاثين جزئا من الحجم الكبير، و هو مطبوع، و تقوم دار المعرفة في بيروت بنشره، كما قام العلامة أحمد شاكر -رحمه الله- بتحقيق نصفه واخترته المنية قبل إتمامه . 2 - بحر العلوم؛ لـ السمرقندي ( ت 373 هـ ) ( 5 ) : صاحبه هو الامام أبوالليث نصر بن محمد بن إبراهيم، الفقيه الحنفي المعروف بإمام الهدى، و هو تفسير لطيف مفيد لكنه يذكر الروايات مجردة عن أسانيدها، دون ترجيح، و قد خرج أحاديثه قاسم بن قطلوبغا ( ت 854 هـ ) ، وهذا التفسير مخطوط في ثلاث مجلدات كبار بدار الكتب المصرية . ـــــ مراجع : ( 1 ) سورة النساء ( 4 ) ،الاية ( 46 ) . ( 2 ) سورة البقرة ( 2 ) ،الاية ( 79 ) . ( 3 ) حديث صحيح أخرجه البخاري في كتاب التفسير من صحيحه . وعَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي نَمْلَةَ الْأَنْصَارِيّ ُأَنَّ أَبَاهُ أَبَا نَمْلَةَ الْأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ : أَنَّهُ بَيْنَا هُوَ جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ وَمُرَّ بِجِنَازَةٍ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ هَلْ تَتَكَلَّمُ هَذِهِ الْجِنَازَةُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" اللَّهُ أَعْلَمُ " ، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ : إِنَّهَا تَتَكَلَّمُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" مَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا تَصْدِّقُوهُمْ وَ لَا تُكَذِّبُوهُمْ، وَ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ، فَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لَمْ تُصَدِّقُوهُ وَ إِنْ كَانَ حَقًّا لَمْ تُكَذِّبُوهُ " . ( 4 ) الذهبي، التفسير والمفسرون 1 / 205 . ( 5 ) حاجي خليفة،كشف الظنون 1 / 324 . ــــــ 3 - الكشف والبيان لـ الثعلبي - أو الثعالبي - ( ت 427 هـ ) ( 1 ) : صاحبه أبو إسحاق أحمد بن إبراهيم النيسابوري المقرئ، المفسر، الحافظ، الواعظ، رأس التفسير والعربية، قال ابن خلكان :" وصنف التفسير الكبير ا لذي فاق غيره من التفاسير "، و قد ذكر الثعالبي في مقدمته لتفسيره منهجه ومصادره وأسانيدها إلى من يروي عنه، واكتفى بذلك عن ذكر الاسانيد أثناء الكتاب وهو كتاب حافل بالاسرائيليات دون التنبيه عليها، و يوجد منه مخطوط غير كامل فيمكتبة الازهر ينتهي عند أواخر سورة الفرقان . 4 - معالم التنزيل؛ لـ البغوي ( ت 516 هـ ) ( 2 ) : صاحبه أبو محمد الحسين بن مسعود، الفراء، البغوي، الفقيه الشافعي، المحدث، وقد وصف الخازن هذا التفسير فقال :" من أجل المصنفات في علم التفسير وأعلاها، وأنبلها وأسناها، جامع للصحيح من الاقاويل، عار عن الشبه والتصحيف والتبديل، محلى بالاحاديث النبوية . " ، و قال عنه ابن تيمية في أصول التفسير :" و البغوي تفسيره مختصر من الثعلبي، لكنه صان تفسيره عن الاحاديث الموضوعة و الاراء المبتدعة " ، و سئل في فتاواه عن أي التفاسير أقرب إلى الكتاب والسنة : الزمخشري أم القرطبي أم البغوي؟ ف أجاب :" و أما التفاسير الثلاثة المسؤول عنها، فأسلمها من البدعة والاحاديث الضعيفة البغوي . " . و قد طبع هذا التفسير مؤخرا بدار المعرفة في بيروت في ( 4 ) مجلدات بتحقيق خالد العك و مروان سوار . 5 - المحرر الوجيز؛ لـ ابن عطية ( ت 546 هـ) : ( 3 ) مؤلفه أبو محمد عبدالحق بن غالب بن عطية الاندلسي المغربي الغرناطي، الحافظ، القاضي، من بيت علم وأدب، قال عنه أبو حيان :" أجل من صنف في علم التفسير، وأفضل من تعرض فيه للتنقيح والتحرير " ، و يقارن بين تفسيره وتفسير الزمخشري فيقول :" وكتاب ابن عطية أنقل وأجمع وأخلص، وكتاب الزمخشري ألخص وأغوص " . وقد طبع من هذا التفسير الجزء الاول في القاهرة، ولا يزال الباقي مخطوطا، وهو يقع في عشرة مجلدات كبار يوجد منه أجزاء بدار الكتب المصرية . 6 - تفسير القرآن العظيم؛ لـ ابن كثير ( ت 774 هـ ) . 7 - الجواهر الحسان لـ الثعالبي ( ت 876 هـ ) . مؤلفه أبو زيد عبدالرحمن بن محمد بن مخلوف الجزائري المغربي المالكي، الامام الحجة، العالم، الزاهد الورع، وقد اعتمد في تفسيره على تفسير ابن عطية وأبي حيان وزاد عليهما، وهو يذكر الروايات المأثورة بدون أسانيدها، وإذا ذكر الاسرائيليات تعقبها بالنقد والتمحيص . و قد طبع ا لكتاب في الجزائر في أربعة أجزاء . 8 - الدر المنثور لـ السيوطي ( ت 911 هـ ) . اختصر السيوطي في هذا التفسير كتابا مسندا ألفه قبله هو " ترجمان القرآن " جمع فيه بضعة عشر ألف حديث ما بين مرفوع وموقوف بأسانيدها . ثم رأى حذف أسانيدها والاقتصار على متونها فقط وذكر من خرجها، فوضع الدر المنثور، وهو حافل بالاحاديث دون ما تمييز بين صحيحها وسقيمها ويقتصر من بين سائر الكتب المذكورة سابقا على الحديث دون غيره، وهو يحتاج لجهود كبيرة في الحكم على أحاديثه، وقد طبع بدار المعرفة في بيروت في ست مجلدات كبار . ـــــــــ مراجع : ( 1 ) ياقوت الحموي، معجم الادباء 5 / 37 . ( 2 ) الذهبي، التفسير والمفسرون 1 / 234 . ( 3 ) أبو حيان،البحر المحيط 1 / 10 . ـــــ |
التَّفْسِيرُ ! 10 ) . علم التفسير قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : التَّفْسِيرُ: عِلْمٌ يُعْرَفُ بِهِ : - فَهْمُ كِتَابِ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَ - بَيَانُ مَعَانِيهِ ، وَ - اسْتِخْرَاجُ أَحْكَامِهِ وَحِكَمِهِ ، وَاسْتِمْدَادُ ذَلِكَ مِنْ : - عِلْمِ اللُّغَةِ وَ - النَّحْوِ وَ - التَّصْرِيفِ وَ - عِلْمِ الْبَيَانِ وَ - أُصُولِ الْفِقْهِ وَ - الْقِرَاءَاتِ ، وَ يَحْتَاجُ لِمَعْرِفَةِ : - أَسْبَابِ النُّزُولِ وَ - النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ. [ الزركشي ؛ بدر الدين محمد بن عبدالله ،البرهان في علوم القرآن ، دار المعرفة ، سنة النشر: 1410هـ ~ 1990م ] ** ** ** ** وَقَالَ أَبُو حَيَّانَ ؛ التَّفْسِيرُ : عِلْمٌ يُبْحَثُ فِيهِ عَنْ : - كَيْفِيَّةِ النُّطْقِ بِأَلْفَاظِ الْقُرْآنِ وَ - مَدْلُولَاتِهَا وَ - أَحْكَامِهَا الْإِفْرَادِيَّةِ وَالتَّرْكِيبِيَّةِ وَ - مَعَانِيهَا الَّتِي تُحْمَلُ عَلَيْهَا حَالَةُ التَّرْكِيبِ وَ - تَتِمَّاتٍ لِذَلِكَ . فَقَوْلُه : " عِلْمٌ ": جِنْسٌ . وَ قَوْلُه : " يُبْحَثُ فِيهِ عَنْ كَيْفِيَّةِ النُّطْقِ بِأَلْفَاظِ الْقُرْآنِ " : هُوَ عِلْمُ الْقِرَاءَةِ . وَ قَوْلُه : "وَمَدْلُولَاتِهَا " أَيْ: مَدْلُولَاتِ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ ، وَهَذَا مَتْنُ عِلْمِ اللُّغَةِ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي هَذَا الْعِلْمِ . وقَوْلُه: "وَأَحْكَامِهَا الْإِفْرَادِيَّةِ وَالتَّرْكِيبِيَّةِ " : هَذَا يَشْمَلُ عِلْمَ التَّصْرِيفِ وَالْبَيَانِ وَالْبَدِيعِ . وَ قَوْلُه : " وَمَعَانِيهَا الَّتِي تُحْمَلُ عَلَيْهَا حَالَةُ التَّرْكِيبِ " : يَشْمَلُ مَا دَلَالَتُهُ بِالْحَقِيقَةِ، وَمَا دَلَالَتُهُ بِالْمَجَازِ ، فَإِنَّ التَّرْكِيبَ قَدْ يَقْتَضِي بِظَاهِرِهِ شَيْئًا ، وَيَصُدُّ عَنِ الْحَمْلِ عَلَيْهِ صَادٌّ ، فَيُحْمَلُ عَلَى غَيْرِهِ ، وَهُوَ الْمَجَازُ . وَ قَوْلُه: "وَتَتِمَّاتٍ لِذَلِكَ ": هُوَ مِثْلَ مَعْرِفَةِ النَّسْخِ ، وَسَبَبِ النُّزُولِ ، وَقِصَّةٍ تُوَضِّحُ بَعْضَ مَا أُبْهِمَ فِي الْقُرْآنِ ، وَنَحْوَ ذَلِكَ . |
رد: «بحوث التفسير والتأويل لآيات التنزيل» |
رد: «بحوث التفسير والتأويل لآيات التنزيل» بارك الله فيك اخونا على هذا الطرح الرائع |
رد: «بحوث التفسير والتأويل لآيات التنزيل» بارك الله فيك أخي على هذا الطرح الرائع |
عرفان بالجميل! اقتباس:
"الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات" الأخ الكريم العزيز / طالب علم... أسعدني مروركم المبارك.. وتشرفتُ بمراجعتكم لما كتبت؛ وهذه شهادة تقدير تلزمني الإحسان ! أخوكم: محمدفخرالدين 12 صفر 1443 هــ. |
رد: «بحوث التفسير والتأويل لآيات التنزيل» https://www.faroukmisr.net/images/alla.gif |
8 . ) المشاركة رقم (10) : ملحق : ( 1 . ) ملحق : 8 . ) المشاركة رقم (10) : ملحق : ( 1 . ) التفسير بالرواية الذي يعتمد على مصادر التفسير المأثور الأربعة :
- اللغة العربية و وقوفه على - أسباب النزول و - درايته بالناسخ والمنسوخ و - العام والخاص و - غير ذلك من علوم القرآن.. إلى جانب رجوعه إلى التفسير بالمأثور الذي يعد المرجع الأساسي للمفسر. ــــــــــــــــــــــــــــــ د. أحمد بن محمد الشرقاوي؛ أستاذ مشارك بجامعة الأزهر، وكلية التربية للبنات عنيزة؛ القصيم؛ 11 شوال 1423هـ (مع تصرف يسير من طرفي) |
11 بيان حقيقة التأويل ؛ لغة واصطلاحاً » مقدمة التفسير ؛ 11 . * : بيان حقيقة التأويل ؛ لغة واصطلاحاً « » سنن الأنبياء؛ و سبل العلماء؛ و بساتين البلغاء؛ والأعجاز العلمي عند الحكماء في تأويل وتفسير آيات الذكر الحكيم المنزل من السماء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ 11 . * ] بَيَانِ حَقِيقَةِ التَّأْوِيلِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ « » الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَبِهِ نَسْتَعِينُ ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ العلي العظيم ، الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ بَعَثَهُ اللَّهُ -تَعَالَى- بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا فَتَحَ بِهِ أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا وَأَقَامَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ قَالُوا : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، -صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا- . * * * عَنْ عُثْمَانَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- :« خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ » . [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ] . و الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ « مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَقَدْ أَدْرَجَ النُّبُوَّةَ بَيْنَ جَنْبَيْهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُوحَى إِلَيْهِ » . وَ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ « أَهْلُ الْقُرْآنِ هُمْ أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ » . [علي بن سلطان محمد القاري ، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ، دار الفكر ، سنة النشر: 1422هـ / 2002م ] * * * * وقال إياس بن معاوية : « مثل من يقرأ القرآن ومن يعلم تفسيره أو لا يعلم ، مثل قوم جاءهم كتاب من صاحب لهم ليلا ، وليس عندهم مصباح ، فتداخلهم لمجىء الكتاب روعة لا يدرون ما فيه ، فإذا جاءهم المصباح عرفوا ما فيه » . * * * * « التَّأْوِيلُ » وَ أَصْلُهُ مِنَ الْأَوَّلِ وَهُوَ الرُّجُوعُ ، فَكَأَنَّهُ صَرَفَ الْآيَةَ إِلَى مَا تَحْتَمِلُهُ مِنَ الْمَعَانِي . وَقِيلَ : مِنَ الْإِيَالَةِ ، وَهِيَ السِّيَاسَةُ كَأَنَّ الْمُؤَوِّلَ لِلْكَلَامِ سَاسَ الْكَلَامَ ، وَوَضَعَ الْمَعْنَى فِيهِ مَوْضِعَهُ . قال الفيروز آبادي في " القاموس المحيط " أول : « أول الكلام تأويلا وتأوله : دبره وقدره وفسره ، والتأويل : عبارة الرؤيا » . فكأن المؤول أرجع الكلام إلى ما يحتمله من المعاني . قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ : « وَأَصْلُ التَّأْوِيلُ مِنْ آلَ الشَّيْءُ إِلَى كَذَا إِذَا صَارَ إِلَيْهِ ، وَرَجَعَ يَئُولُ أَوْ لَا ، وَأَوَّلْتُهُ أَنَا صَيَّرْتُهُ إِلَيْهِ » ، وَ مِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ : وَلَسْتُ بِذِي رَثْيَةٍ إِمَّرٍ* * إِذَا قِيدَ مُسْتَكْرَهًا أَصْحَبَا وَالرَّثْيَةُ : وَجَعُ الْمَفَاصِلِ ، وَالْإِمَّرُ : بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ مَفْتُوحَةً بَعْدَهَا رَاءٌ ، هُوَ الَّذِي يَأْتَمِرُ لِكُلِّ أَحَدٍ ؛ لِضَعْفِهِ . فهُوَ « تَفْعِيلٌ مِنْ آلَ يَئُولُ إِلَى كَذَا إِذَا صَارَ إِلَيْهِ ، فَالتَّأْوِيلُ التَّصْيِيرُ ، وَأَوَّلْتُهُ تَأْوِيلًا إِذَا صَيَّرْتُهُ إِلَيْهِ ، قَالَ : وَتَأَوَّلَ وَهُوَ مُطَاوعُ أَوَّلْتُهُ » . وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ : « التَّأْوِيلُ تَفْسِيرُ مَا يَئُولُ إِلَيْهِ الشَّيْءُ » ، وَ « قَدْ أَوَّلْتُهُ وَتَأَوَّلْتُهُ بِمَعْنًى » ، قَالَ الْأَعْشَى : عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ تَأَوَّلُ حُبَّهَا * * تَأَوُّلَ رِبْعِيِّ السِّقَابِ فَأَصْحَبَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ : تَأَوُّلُ حُبِّهَا أَيْ : تَفْسِيرُهُ وَمَرْجِعُهُ ، أَيْ إِنَّ حُبَّهَا كَانَ صَغِيرًا فِي قَلْبِهِ فَلَمْ يَزَلْ يَشِبُّ حَتَّى أَصْحَبَ فَصَارَ قَدِيمًا ، كَهَذَا السَّقْبِ الصَّغِيرِ لَمْ يَزَلْ يَشِبُّ حَتَّى صَارَ كَبِيرًا مِثْلَ أُمِّهِ وَصَارَ لَهُ ابْنٌ يَصْحَبُهُ ، وَالسَّقْبِ ؛ بِفَتْحِ السِّينِ ، وَلَدُ النَّاقَةِ أَوْ سَاعَةَ يُولَدُ أَوْ خَاصٌّ بِالذَّكَرِ . * * * * يقول الشنقيطي في قَوْلُهُ تَعَالَى :« وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ » [ سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ ] ، - يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّأْوِيلِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ « التَّفْسِيرُ وَإِدْرَاكُ الْمَعْنَى » ، وَ - يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ « حَقِيقَةُ أَمْرِهِ الَّتِي يَئُولُ إِلَيْهَا » ثم يقول : « وَ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَيَانِ أَنَّ كَوْنَ أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ هُوَ الْغَالِبُ فِي الْقُرْآنِ . يُبَيِّنُ أَنَّ ذَلِكَ الِاحْتِمَالَ الْغَالِبَ هُوَ الْمُرَادُ ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ عَلَى الْأَغْلَبِ أَوْلَى مِنَ الْحَمْلِ عَلَى غَيْرِهِ » . وَإِذَا عَرَفْتَ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ الْغَالِبَ فِي الْقُرْآنِ إِطْلَاقُ التَّأْوِيلِ عَلَى حَقِيقَةِ الْأَمْرِ الَّتِي يَئُولُ إِلَيْهَا كَقَوْلِهِ :" هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ " [سورة يوسف: 12 ؛ آية 100] ، وَ قَوْلِهِ :" هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ " [ الآية 52 ؛ سورة الاعراف : 3] ، وَ قَوْلِهِ :" بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ " [ سورة يونس : 10 ؛ الآية39]، وَ قَوْلِهِ :" ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا " [ 4 سورة النساء ؛ آية 59] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ . [ أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، محمد الأمين بن محمد بن المختار الجنكي الشنقيطي ، دار الفكر ، سنة النشر: 1415هـ / 1995م ] ** ** ** أَمَّا التَّأْوِيلُ فِي اصْطِلَاحِ خَلِيلِ بْنِ إِسْحَاقَ الْمَالِكِيِّ الْخَاصِّ بِهِ فِي " مُخْتَصَرِهِ " ، فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ « اخْتِلَافِ شُرُوحِ " الْمُدَوَّنَةِ " فِي الْمُرَادِ عِنْدَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ »، وَأَشَارَ لَهُ فِي " الْمَرَاقِي " بِقَوْلِهِ : وَالْخَلْفُ فِي فَهْمِ الْكِتَابِ صَيَّرَ * * إِيَّاهُ تَأْوِيلًا لَدَى الْمُخْتَصَرِ وَالْكِتَابُ فِي اصْطِلَاحِ فُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ" الْمُدَوَّنَةُ " [ أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ، محمد الأمين بن محمد بن المختار الجنكي الشنقيطي ، دار الفكر ، سنة النشر: 1415هـ / 1995م ]**** وَالتَّأْوِيلُ فِي كَلَامِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ : « هُوَ صَرْفُ اللَّفْظِ عَنِ الْاحْتِمَالِ الرَّاجِحِ إِلَى الْاحْتِمَالِ الْمَرْجُوحِ لِدَلَالَةٍ تُوجِبُ ذَلِكَ . وَهَذَا هُوَ التَّأْوِيلُ الَّذِي يَتَنَازَعُ النَّاسُ فِيهِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأُمُورِ الْخَبَرِيَّةِ وَالطَّلَبِيَّةِ . [ شرح العقيدة الطحاوية ، علي بن علي بن محمد بن أبي العز الدمشقي ، مؤسسة الرسالة ، سنة النشر: 1417هـ / 1997م ] فَالتَّأْوِيلُ الصَّحِيحُ مِنْهُ : الَّذِي يُوَافِقُ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، وَمَا خَالَفَ ذَلِكَ فَهُوَ التَّأْوِيلُ الْفَاسِدُ . [ شرح العقيدة الطحاوية ، علي بن علي بن محمد بن أبي العز الدمشقي ، مؤسسة الرسالة ، سنة النشر: 1417هـ / 1997م ] وَذُكِرَ فِي " التَّبْصِرَةِ " أَنَّ نُصَيْرَ بْنَ يَحْيَى الْبَلْخِيَّ رَوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ حَمَّادِ بْنِ أَبِي يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ -رَحِمَهُمُ اللَّهُ- : أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْآيَاتِ وَالْأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى مَا يُؤَدِّي ظَاهِرُهُ إِلَى التَّشْبِيهِ ؟ فَــ قَالَ : نُمِرُّهَا كَمَا جَاءَتْ ، وَنُؤْمِنُ بِهَا ، وَلَا نَقُولُ : كَيْفَ وَكَيْفَ . وَيَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْمَعْنَى الْفَاسِدَ الْكُفْرِيَّ لَيْسَ هُوَ ظَاهِرَ النَّصِّ وَلَا مُقْتَضَاهُ ، وَأَنَّ مَنْ فَهِمَ ذَلِكَ مِنْهُ فَهُوَ لِقُصُورِ فَهْمِهِ وَنَقْصِ عِلْمِهِ ، وَإِذَا كَانَ قَدْ قِيلَ فِي قَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ : وَكَمْ مِنْ عَائِبٍ قَوْلًا صَحِيحًا * * وَآفَتُهُ مِنَ الْفَهْمِ السَّقِيمِ عَلَيَّ نَحْتُ الْقَوَافِي مِنْ أَمَاكِنِهَا * * وَمَا عَلَيَّ إِذَا لَمْ تَفْهَمِ الْبَقَرُ ، فَكَيْفَ يُقَالُ فِي قَوْلِ اللَّهِ ، الَّذِي هُوَ أَصْدَقُ الْكَلَامِ وَأَحْسَنُ الْحَدِيثِ ، وَهُوَ الْكِتَابُ الَّذِي أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ، [ هُودٍ : 1 ] . إِنَّ حَقِيقَةَ قَوْلِهِمْ إِنَّ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ هُوَ الْكُفْرُ وَالضَّلَالُ ، وَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ بَيَانٌ لِمَا يَصْلُحُ مِنَ الْاعْتِقَادِ ، وَلَا فِيهِ بَيَانُ التَّوْحِيدِ وَالتَّنْزِيهِ ؟ ! هَذَا حَقِيقَةُ قَوْلِ الْمُتَأَوِّلِينَ . وَالْحَقُّ أَنَّ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ فَهُوَ حَقٌّ ، وَمَا كَانَ بَاطِلًا لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ . وَالْمُنَازِعُونَ يَدَّعُونَ دَلَالَتَهُ عَلَى الْبَاطِلِ الَّذِي يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ ! فَــ يُقَالُ لَهُمْ : هَذَا الْبَابُ الَّذِي فَتَحْتُمُوهُ ، وَإِنْ كُنْتُمْ -تَزْعُمُونَ- أَنَّكُمْ تَنْتَصِرُونَ بِهِ عَلَى إِخْوَانِكُمُ الْمُؤْمِنِينَ فِي مَوَاضِعَ قَلِيلَةٍ حَقِيقَةً ، فَقَدْ فَتَحْتُمْ عَلَيْكُمْ بَابًا لِأَنْوَاعِ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُبْتَدِعِينَ ، لَا تَقْدِرُونَ عَلَى سَدِّهِ ، فَإِنَّكُمْ إِذَا سَوَّغْتُمْ صَرْفَ الْقُرْآنِ عَنْ دَلَالَتِهِ الْمَفْهُومَةِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ ، فَمَا الضَّابِطُ فِيمَا يَسُوغُ تَأْوِيلُهُ وَمَا لَا يَسُوغُ ؟ فَإِنْ قُلْتُمْ : مَا دَلَّ الْقَاطِعُ الْعَقْلِيُّ عَلَى اسْتِحَالَتِهِ تَأَوَّلْنَاهُ ، وَإِلَّا أَقْرَرْنَاهُ ! قِيلَ لَكُمْ : وَبِأَيِّ عَقْلٍ نَزِنُ الْقَاطِعَ الْعَقْلِيَّ ؟ فَإِنَّ الْقِرْمِطِيَّ الْبَاطِنِيَّ يَزْعُمُ قِيَامَ الْقَوَاطِعِ عَلَى بُطْلَانِ ظَوَاهِرِ الشَّرْعِ ! وَيَزْعُمُ الْفَيْلَسُوفُ قِيَامَ الْقَوَاطِعِ عَلَى بُطْلَانِ حَشْرِ الْأَجْسَادِ ! وَيَزْعُمُ الْمُعْتَزِلِيُّ قِيَامَ الْقَوَاطِعِ عَلَى امْتِنَاعِ رُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَعَلَى امْتِنَاعِ قِيَامِ عِلْمٍ أَوْ كَلَامٍ أَوْ رَحْمَةٍ بِهِ تَعَالَى ! ! وَبَابُ التَّأْوِيلَاتِ الَّتِي يَدَّعِي أَصْحَابُهَا وُجُوبَهَا بِالْمَعْقُولَاتِ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تَنْحَصِرَ فِي هَذَا الْمَقَامِ . وَيَلْزَمُ حِينَئِذٍ مَحْذُورَانِ عَظِيمَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ لَا نُقِرَّ بِشَيْءٍ مِنْ مَعَانِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ حَتَّى نَبْحَثَ قَبْلَ ذَلِكَ بُحُوثًا طَوِيلَةً عَرِيضَةً فِي إِمْكَانِ ذَلِكَ بِالْعَقْلِ ! وَكُلُّ طَائِفَةٍ مِنَ الْمُخْتَلِفِينَ فِي الْكِتَابِ يَدَّعُونَ أَنَّ الْعَقْلَ يَدُلُّ عَلَى مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ ، فَيَؤُولُ الْأَمْرُ إِلَى الْحَيْرَةِ . الْمَحْذُورُ الثَّانِي : أَنَّ الْقُلُوبَ تَنْحَلُّ عَنِ الْجَزْمِ بِشَيْءٍ تَعْتَقِدُهُ مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ . إِذْ لَا يُوثَقُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ هُوَ الْمُرَادُ ، وَالتَّأْوِيلَاتُ مُضْطَرِبَةٌ ، فَيَلْزَمُ عَزْلُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَنِ الدَّلَالَةِ وَالْإِرْشَادِ إِلَى مَا أَنْبَأَ اللَّهُ بِهِ الْعِبَادَ ، وَخَاصَّةُ النَّبِيِّ هِيَ الْإِنْبَاءُ ، وَالْقُرْآنُ هُوَ النَّبَأُ الْعَظِيمُ . وَلِهَذَا نَجِدُ أَهْلَ التَّأْوِيلِ إِنَّمَا يَذْكُرُونَ نُصُوصَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لِلِاعْتِضَادِ لَا لِلِاعْتِمَادِ ، إِنْ وَافَقَتْ مَا ادَّعَوْا أَنَّ الْعَقْلَ دَلَّ عَلَيْهِ ، وَإِنْ خَالَفَتْهُ أَوَّلُوهُ ! وَهَذَا فَتْحُ بَابِ الزَّنْدَقَةِ ، نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ . [ شرح العقيدة الطحاوية ، علي بن علي بن محمد بن أبي العز الدمشقي ، مؤسسة الرسالة ، سنة النشر: 1417هـ / 1997م ] **** معنى التفسير : التَّفْسِيرُ : تَفْعِيلٌ مِنَ الْفَسْرِ وَهُوَ الْبَيَانُ وَالْكَشْفُ ، تَقُولُ : فَسَرْتَ الشَّيْءَ بِالتَّخْفِيفِ أَفْسُرُهُ فَسْرًا وَفَسَّرْته بِالتَّشْدِيدِ ، أُفَسِّرُهُ تَفْسِيرًا إِذَا بَيَّنْته ، وَيُقَالَ هُوَ مَقْلُوبٌ السَّفَرِ . تَقُولُ : أَسْفَرَ الصُّبْحُ : إِذَا أَضَاءَ . وَأَصْلُ الْفَسْرِ نَظَرُ الطَّبِيبِ إِلَى الْمَاءِ لِيَعْرِفَ الْعِلَّةَ ، فــ قِيلَ : مَأْخُوذٌ مِنَ التَّفْسِرَةِ وَهِيَ اسْمٌ لِمَا يَعْرِفُ بِهِ الطَّبِيبُ الْمَرَضِ . وَاخْتُلِفَ فِي التَّفْسِيرِ وَالتَّأْوِيلِ . التفسير في اللغة هو الايضاح والتبيين ، ومنه قوله تعالى في سورة الفرقان ، آية ( 33 ) : ( ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا ) ، أي بيانا وتفصيلا ، وهو مأخوذ من الفسر أي الابانة والكشف . قال الفيروز آبادي : " الفسر : البيان ، وكشف المغطى ، والتفسير : كشف المراد عن اللفظ المشكل " . قال صاحب فتح الباري :": التَّفْسِيرُ تَفْعِيلٌ مِنَ الْفَسْرِ وَهُوَ الْبَيَانُ ، تَقُولُ : فَسَرْتُ الشَّيْءَ بِالتَّخْفِيفِ أَفْسِرُهُ فَسْرًا ، وَفَسَّرْتُهُ بِالتَّشْدِيدِ أُفَسِّرُهُ تَفْسِيرًا إِذَا بَيَّنْتَهُ . وَ أَصْلُ الْفَسْرِ نَظَرُ الطَّبِيبِ إِلَى الْمَاءِ لِيَعْرِفَ الْعِلَّةَ . وَ قِيلَ : هُوَ مِنْ فَسَرَتِ الْفَرَسَ إِذَا رَكَضْتَهَا مَحْصُورَةً لِيَنْطَلِقَ حَصْرُهَا . وَ قِيلَ هُوَ مَقْلُوبٌ مِنْ سَفَرَ كَجَذَبَ وَجَبَذَ ، تَقُولُ : سَفَرَ إِذَا كَشَفَ وَجْهَهَ ، وَ مِنْهُ أَسْفَرَ الصُّبْحُ إِذَا أَضَاءَ . وَ اخْتَلَفُوا فِي التَّفْسِيرِ وَالتَّأْوِيلِ ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَطَائِفَةٌ : هُمَا بِمَعْنًى . وَ قِيلَ : التَّفْسِيرُ بَيَانُ الْمُرَادِ بِاللَّفْظِ ، وَالتَّأْوِيلُ هُوَ بَيَانُ الْمُرَادِ بِالْمَعْنَى ، وَ قِيلَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا غَيْرُ ذَلِكَ ." ثُمَّ تُسَمَّى " الْعَاقِبَةُ " تَأْوِيلًا لِأَنَّ الْأَمْرَ يَصِيرُ إِلَيْهَا ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :« فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا » ، وَتُسَمَّى حَقِيقَةُ الشَّيْءِ الْمُخْبَرِ بِهِ تَأْوِيلًا ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ يَنْتَهِي إِلَيْهِ ، وَ مِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :« هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ » ، فَمَجِيءُ تَأْوِيلِهِ مَجِيءُ نَفْسِ مَا أَخْبَرَتْ بِهِ الرُّسُلُ مِنَ الْيَوْمِ الْآخِرِ ، وَالْمَعَادِ وَتَفَاصِيلِهِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ . وَيُسَمَّى " تَعْبِيرُ الرُّؤْيَا " تَأْوِيلَهَا بِالِاعْتِبَارَيْنِ ، فَإِنَّهُ تَفْسِيرٌ لَهَا وَهُوَ عَاقِبَتُهَا وَمَا تَئُولُ إِلَيْهِ ، وَقَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ :« يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ » . أَيْ حَقِيقَتُهَا وَمَصِيرُهَا إِلَى هَاهُنَا . وَتُسَمَّى " الْعِلَّةُ الْغَائِيَّةُ وَالْحِكْمَةُ الْمَطْلُوبَةُ بِالْفِعْلِ " تَأْوِيلًا ؛ لِأَنَّهَا بَيَانٌ لِمَقْصُودِ الْفَاعِلِ وَغَرَضِهِ مِنَ الْفِعْلِ الَّذِي لَمْ يَعْرِفِ الرَّائِي لَهُ غَرَضَهُ بِهِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْخَضِرِ لِمُوسَى بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ لَهُ الْحِكْمَةَ الْمَقْصُودَةَ بِمَا فَعَلَهُ مِنْ تَخْرِيقِ السَّفِينَةِ وَقَتْلِ الْغُلَامِ وَإِقَامَةِ الْجِدَارِ بِلَا عِوَضٍ :« سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا » ، فَلَمَّا أَخْبَرَهُ بِالْعِلَّةِ الْغَائِيَّةِ الَّتِي انْتَهَى إِلَيْهَا فِعْلُهُ قَالَ :« ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا » ، فَــ التَّأْوِيلُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُرَادُ مِنْهُ حَقِيقَةُ الْمَعْنَى الَّذِي يَئُولُ اللَّفْظُ إِلَيْهِ ، وَهِيَ الْحَقِيقَةُ الْمَوْجُودَةُ فِي الْخَارِجِ ، فَــ إِنَّ الْكَلَامَ نَوْعَانِ : - خَبَرٌ وَ - طَلَبٌ ، فَــ تَأْوِيلُ الْخَبَرِ هُوَ الْحَقِيقَةُ ، وَتَأْوِيلُ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ هُوَ نَفْسُ الْمَوْعُودِ وَالْمُتَوَعَّدِ بِهِ ، وَتَأْوِيلُ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ صِفَاتِهِ الْعُلَى وَأَفْعَالِهِ نَفْسُ مَا هُوَ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ ، وَمَا هُوَ مَوْصُوفٌ بِهِ مِنَ الصِّفَاتِ الْعُلَى ، وَتَأْوِيلُ الْأَمْرِ هُوَ نَفْسُ الْأَفْعَالِ الْمَأْمُورِ بِهَا ، قَالَتْ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- :« كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ » ، يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ . فَــ هَذَا التَّأْوِيلُ هُوَ فِعْلُ نَفْسِ الْمَأْمُورِ بِهِ . فَــ هَذَا هُوَ التَّأْوِيلُ فِي كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ . [ ابن قيم الجوزية ؛ أبو عبدالله محمد بن أبي بكر ، مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة ، دار الحديث ، سنة النشر: 1422هـ / 2001م ] **** وأما التفسير في الاصطلاح ، فقد عرفه أبو حيان النحوي ( ت 754 هـ ) في " البحر المحيط " بأنه :" علم يبحث عن كيفية النطق بالفاظ القرآن ، ومدلولاتها ، وأحكامها الافرادية والتركيبية ، ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب ، وتتمات لذلك " . و التأويل في الاصطلاح : تفسير الكلام وبيان معناه ، سواء أوافق ظاهره أو خالفه ، و هذا ما يعينه ابن جرير الطبري بقوله في تفسيره :" القول في تأويل قوله تعالى كذا وكذا ... " ، وبقوله :" اختلف أهل التأويل في هذه الاية " ونحو ذلك ، فــ إن مراده التفسير . و فرق بعض العلماء بين التفسير والتأويل . بعد هذا التجوال بين آراء العلماء أقفُ أمام ماقاله أثير الدين أبو عبد الله محمد بن يوسف الأندلسي في تفسيره الكبير مذهولا إذ يقول :" وَقَدْ آنَ أَنْ نَشْرَعَ فِيمَا قَصَدْنَا وَنُنْجِزَ مَا بِهِ وَعَدْنَا ، وَنَبْدَأَ بِرَسْمٍ لِعِلْمِ التَّفْسِيرِ ، فَإِنِّي لَمْ أَقِفْ لِأَحَدٍ مِنْ عُلَمَاءِ التَّفْسِيرِ عَلَى رَسْمٍ لَهُ " ثم يعقب بقوله :" التَّفْسِيرُ فِي اللُّغَةِ الِاسْتِبَانَةُ وَالْكَشْفُ ، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ :" وَمِنْهُ يُقَالُ لِلْمَاءِ الَّذِي يَنْظُرُ فِيهِ الطَّبِيبُ تَفْسِرَةٌ ، وَكَأَنَّهُ تَسْمِيَةٌ بِالْمَصْدَرِ لِأَنَّ مَصْدَرَ فَعَّلَ جَاءَ أَيْضًا عَلَى تَفْعِلَةٍ نَحْوَ جَرَّبَ تَجْرِبَةً وَكَرَّمَ تَكْرِمَةً ، وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ فَعَّلَ التَّفْعِيلَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى " وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا " ، وَ يَنْطَلِقُ أَيْضًا التَّفْسِيرُ عَلَى التَّعْرِيَةِ لِلِانْطِلَاقِ ، قَالَ ثَعْلَبٌ: تَقُولُ : فَسَّرْتُ الْفَرَسَ عَرَّيْتُهُ لِيَنْطَلِقَ فِي حَصْرِهِ ، وَهُوَ رَاجِعٌ لِمَعْنَى الْكَشْفِ فَكَأَنَّهُ كَشَفَ ظَهْرَهُ لِهَذَا الَّذِي يُرِيدُهُ مِنْهُ مِنَ الْجَرْيِ . وَ أَمَّا الرَّسْمُ فِي الِاصْطِلَاحِ : فَيقُولُ الأندلسي:" التَّفْسِيرُ عِلْمٌ يُبْحَثُ فِيهِ عَنْ كَيْفِيَّةِ النُّطْقِ بِأَلْفَاظِ الْقُرْآنِ وَمَدْلُولَاتِهَا وَأَحْكَامِهَا الْإِفْرَادِيَّةِ وَالتَّرْكِيبِيَّةِ وَمَعَانِيهَا الَّتِي تُحْمَلُ عَلَيْهَا حَالَةُ التَّرْكِيبِ وَتَتِمَّاتٍ لِذَلِكَ " . فَـ قَوْلُه :" عُلِمٌ " : هُوَ جِنْسٌ يَشْمَلُ سَائِرَ الْعُلُومِ ، وَ قَوْلُه :" يُبْحَثُ فِيهِ عَنْ كَيْفِيَّةِ النُّطْقِ بِأَلْفَاظِ الْقُرْآنِ " : هَذَا هُوَ عِلْمُ الْقِرَاءَاتِ ، وَ قَوْلُه :" وَمَدْلُولَاتِهَا " : أَيْ مَدْلُولَاتِ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ وَهَذَا هُوَ عِلْمُ اللُّغَةِ الَّذِي يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي هَذَا الْعِلْمِ ، وَ قَوْلُه :" وَأَحْكَامِهَا الْإِفْرَادِيَّةِ وَالتَّرْكِيبِيَّةِ " : هَذَا يَشْمَلُ عِلْمَ التَّصْرِيفِ وَعِلْمَ الْإِعْرَابِ وَعِلْمَ الْبَيَانِ وَعِلْمَ الْبَدِيعِ وَمَعَانِيهَا الَّتِي تُحْمَلُ عَلَيْهَا حَالَةُ التَّرْكِيبِ ، شَمِلَ بُقُولِهِ الَّتِي ( تُحْمَلُ عَلَيْهَا ) مَا لَا دَلَالَةَ عَلَيْهِ بِالْحَقِيقَةِ وَمَا دَلَالَتُهُ عَلَيْهِ بِالْمَجَازِ ، فَإِنَّ التَّرْكِيبَ قَدْ يَقْتَضِي بِظَاهِرِهِ شَيْئًا وَيَصُدُّ عَنِ الْحَمْلِ عَلَى الظَّاهِرِ صَادٌ ، فَيَحْتَاجُ لِأَجْلِ ذَلِكَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى غَيْرِ الظَّاهِرِ وَهُوَ الْمَجَازُ ، وَقَوْلُه :" وَتَتِمَّاتٍ لِذَلِكَ " : هُوَ مَعْرِفَةُ النَّسْخِ وَسَبَبِ النُّزُولِ وَقِصَّةٍ تُوَضِّحُ بَعْضَ مَا انْبَهَمَ فِي الْقُرْآنِ وَنَحْوَ ذَلِكَ ." . [ التفسير الكبير المسمى البحر المحيط ، أثير الدين أبو عبد الله محمد بن يوسف الأندلسي ، دار إحياء التراث العربي ، دون ذكر سنة النشر] * * * قال شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَحْمَدَ ابْنُ تيمية :" لَفْظَ " التَّأْوِيلِ " قَدْ صَارَ بِسَبَبِ تَعَدُّدِ الِاصْطِلَاحَاتِ لَهُ ثَلَاثُ مَعَانٍ : أَحَدُهَا : أَنْ يُرَادَ بِالتَّأْوِيلِ حَقِيقَةُ مَا يَئُولُ إلَيْهِ الْكَلَامُ وَإِنْ وَافَقَ ظَاهِرَهُ . وَهَذَا هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي يُرَادُ بِلَفْظِ التَّأْوِيلِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :" هَلْ يَنْظُرُونَ إلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ " ، وَ مِنْهُ قَوْلُ عَائِشَةَ :" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ : سُبْحَانَك اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ " . وَ الثَّانِي : يُرَادُ بِلَفْظِ التَّأْوِيلِ : التَّفْسِيرُ وَالْبَيَانُ وَهُوَ اصْطِلَاحُ كَثِيرٍ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ وَلِهَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ - إمَامُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ - : إنَّ " الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ " يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَ الْمُتَشَابِهِ فَإِنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ تَفْسِيرَهُ وَبَيَانَ مَعَانِيهِ وَهَذَا مِمَّا يَعْلَمُهُ الرَّاسِخُونَ . وَ مِنْهُ بِهَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ابْنِ عَبَّاسٍ :" اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ " . وَ قَوْلُ ابْنِ جَرِيرٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الْعُلَمَاءِ ، الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : كَذَا وَكَذَا أَيْ : تَفْسِيرُهُ وَبَيَانُهُ . وَ قَوْلُ عَائِشَةَ الثَّابِتُ فِي الصَّحِيحِ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ :" سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي" ، يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ ، تَعْنِي يَمْتَثِلُهُ وَيَعْمَلُ بِهِ ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ . وَ الثَّالِثُ : هُوَ مَعْنَاهُ الْمُتَعَارَفُ فِي اصْطِلَاحِ الْأُصُولِيِّينَ ، أَنْ يُرَادَ بِلَفْظِ " التَّأْوِيلِ " صَرْفُ اللَّفْظِ عَنْ ظَاهِرِهِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُهُ إلَى مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ لِدَلِيلِ مُنْفَصِلٍ يُوجِبُ ذَلِكَ . وَ هَذَا التَّأْوِيلُ لَا يَكُونُ إلَّا مُخَالِفًا لِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ وَيُبَيِّنُهُ . وَتَسْمِيَةُ هَذَا تَأْوِيلًا لَمْ يَكُنْ فِي عُرْفِ السَّلَفِ وَإِنَّمَا سَمَّى هَذَا وَحْدَهُ تَأْوِيلًا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ الْخَائِضِينَ فِي الْفِقْهِ وَأُصُولِهِ وَالْكَلَامِ وَظَنَّ هَؤُلَاءِ أَنَّ قَوْله تَعَالَى " وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلَّا اللَّهُ " ، يُرَادُ بِهِ هَذَا الْمَعْنَى ثُمَّ صَارُوا فِي هَذَا التَّأْوِيلِ عَلَى طَرِيقَيْنِ : - قَوْمٌ يَقُولُونَ : إنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ . وَ - قَوْمٌ يَقُولُونَ : إنَّ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ يَعْلَمُونَهُ وَكِلَا الطَّائِفَتَيْنِ مُخْطِئَةٌ . فَــ إِنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ - أَوْ أَكْثَرِهَا وَعَامَّتِهَا - مِنْ بَابِ تَحْرِيفِ الْكَلِمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ مِنْ جِنْسِ تَأْوِيلَاتِ الْقَرَامِطَةِ وَالْبَاطِنِيَّةِ . وَهَذَا هُوَ التَّأْوِيلُ الَّذِي اتَّفَقَ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا عَلَى ذَمِّهِ وَصَاحُوا بِأَهْلِهِ مِنْ أَقْطَارِ الْأَرْضِ وَرُمُوا فِي آثَارِهِمْ بِالشُّهُبِ . وَحَاصِلُ تَحْرِيرِ مَسْأَلَةِ التَّأْوِيلِ عِنْدَ أَهْلِ الْأُصُولِ أَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْ ثَلَاثِ حَالَاتٍ بِالتَّقْسِيمِ الصَّحِيحِ : الْأُولَى : أَنْ يَكُونَ صَرْفُ اللَّفْظِ عَنْ ظَاهِرِهِ بِدَلِيلٍ صَحِيحٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ، وَهَذَا هُوَ التَّأْوِيلُ الْمُسَمَّى عِنْدَهُمْ بِالتَّأْوِيلِ الصَّحِيحِ ، وَالتَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّابِتُ فِي الصَّحِيحِ :" الْجَارُ أَحَقُّ بِصَقْبِهِ" ، فَإِنَّ ظَاهِرَهُ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ لِلْجَارِ ، وَحَمْلُ الْجَارِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى خُصُوصِ الشَّرِيكِ الْمُقَاسِمِ حَمْلٌ لَهُ عَلَى مُحْتَمَلٍ مَرْجُوحٍ ، إِلَّا أَنَّهُ دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ الْمُصَرِّحُ بِأَنَّهُ إِذَا صُرِّفَتِ الطُّرُقُ وَضُرِبَتِ الْحُدُودُ ، فَلَا شُفْعَةَ . الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ : أَنْ يَكُونَ صَرْفُ اللَّفْظِ عَنْ ظَاهِرِهِ لِأَمْرٍ يَظُنُّهُ الصَّارِفُ دَلِيلًا وَلَيْسَ بِدَلِيلٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ، وَهَذَا هُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَهُمْ بِالتَّأْوِيلِ الْفَاسِدِ ، وَالتَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ ، وَمَثَّلَ لَهُ الشَّافِعِيَّةُ ، وَالْمَالِكِيَّةُ ، وَالْحَنَابِلَةُ بِحَمْلِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَة رَحِمَهُ اللَّهُ ، الْمَرْأَةَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" أَيُّمَا امْرَأَةٍ نُكِحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ، بَاطِلٌ" عَلَى الْمُكَاتَبَةِ ، وَالصَّغِيرَةِ ، وَحَمْلِهِ أَيْضًا رَحِمَهُ اللَّهُ ، لِمِسْكِينٍ فِي قَوْلِهِ : سِتِّينَ مِسْكِينًا عَلَى الْمُدِّ ، فَأَجَازَ إِعْطَاءَ سِتِّينَ مُدًّا لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ . الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ : أَنْ يَكُونَ صَرْفُ اللَّفْظِ عَنْ ظَاهِرِهِ لَا لِدَلِيلٍ أَصْلًا ، وَهَذَا يُسَمَّى فِي اصْطِلَاحِ الْأُصُولِيِّينَ لَعِبًا ، كَقَوْلِ بَعْضِ الشِّيعَةِ :" إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً " [ البقرة 2 ؛67 ] ، يَعْنِي عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، وَأَشَارَ فِي " مَرَاقِي السُّعُودِ " إِلَى حَدِّ التَّأْوِيلِ ، وَبَيَانِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ بِقَوْلِهِ مُعَرِّفًا لِلتَّأْوِيلِ . حَمْلٌ لِظَاهِرٍ عَلَى الْمَرْجُوحِ * * وَاقْسِمْهُ لِلْفَاسِدِ وَالصَّحِيحِ إِلَى أَنْ قَالَ : صَحِيحُهُ وَهُوَ الْقَرِيبُ مَا حَمَلَ * * مَعَ قُوَّةِ الدَّلِيلِ عِنْدَ الْمُسْتَدِلِّ وَغَيْرُهُ الْفَاسِدُ وَالْبَعِيدُ * * وَمَا خَلَا فَلَعِبًا يُفِيدُ فَجَعْلُ مِسْكِينٍ بِمَعْنَى الْمُدِّ * * عَلَيْهِ لَائِحُ سِمَاتِ الْبُعْدِ كَحَمْلِ امَرْأَةٍ عَلَى الصَّغِيرَةِ * * وَمَا يُنَافِي الْحُرَّةَ الْكَبِيرَةَ وَحَمْلُ مَا وَرَدَ فِي الصِّيَامِ * * عَلَى الْقَضَاءِ مَعَ الِالْتِزَامِ وَقَدْ صَنَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ كِتَابًا فِي الرَّدِّ عَلَى هَؤُلَاءِ وَسَمَّاهُ : " الرَّدُّ عَلَى الزَّنَادِقَةِ والجهمية فِيمَا شَكَّتْ فِيهِ مِنْ مُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ وَتَأَوَّلَتْهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ " فَعَابَ أَحْمَدُ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ يُفَسِّرُونَ الْقُرْآنَ بِغَيْرِ مَا هُوَ مَعْنَاهُ . وَلَمْ يَقُلْ أَحْمَدُ وَلَا أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ : إنَّ الرَّسُولَ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ مَعَانِيَ آيَاتِ الصِّفَاتِ وَأَحَادِيثِهَا وَلَا قَالُوا : إنَّ الصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ لَمْ يَعْرِفُوا تَفْسِيرَ الْقُرْآنِ وَمَعَانِيهِ . كَيْفَ ؟ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِتَدَبُّرِ كِتَابِهِ قَالَ تَعَالَى :" كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ " ، وَلَمْ يَقُلْ : بَعْضَ آيَاتِهِ وَقَالَ :" أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ " ، وَقَالَ :" أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ " ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ فِي النُّصُوصِ الَّتِي تُبَيِّنُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يَتَدَبَّرَ النَّاسُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ وَأَنَّهُ جَعَلَهُ نُورًا وَهُدًى لِعِبَادِهِ وَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُفْهَمُ مَعْنَاهُ . * * * * * التَّأْوِيلُ فِي اصْطِلَاحِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ أَمَّا التَّأْوِيلُ فِي اصْطِلَاحِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ وَالسَّلَفِ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ فَمُرَادُهُمْ بِهِ مَعْنَى التَّفْسِيرِ وَالْبَيَانِ . وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ جَرِيرٍ وَغَيْرِهِ :" الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى كَذَا وَكَذَا " ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ :" فِيمَا تَأَوَّلَتْهُ مِنَ الْقُرْآنِ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ " ، فَــ أَبْطَلَ تِلْكَ التَّأْوِيلَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَهُوَ تَفْسِيرُهَا الْمُرَادُ بِهَا وَهُوَ تَأْوِيلُهَا عِنْدَهُ ، فَهَذَا التَّأْوِيلُ يَرْجِعُ إِلَى فَهْمِ الْمُؤْمِنِ وَيَحْصُلُ فِي الذِّهْنِ وَالْأَوَّلُ يَعُودُ إِلَى وُقُوعِ حَقِيقَتِهِ فِي الْخَارِجِ . وَ أَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ وَالْجَهْمِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ فَمُرَادُهُمْ بِالتَّأْوِيلِ صَرْفُ اللَّفْظِ عَنْ ظَاهِرِهِ ، وَهَذَا هُوَ الشَّائِعُ فِي عُرْفِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ وَالْفِقْهِ . وَلِهَذَا يَقُولُونَ :" التَّأْوِيلُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ " . وَ التَّأْوِيلُ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ هُوَ الَّذِي صَنَّفَ فِي تَسْوِيغِهِ وَإِبْطَالِهِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ ، فَمَنْ صَنَّفَ فِي إِبْطَالِ التَّأْوِيلِ عَلَى رَأْيِ الْمُتَكَلِّمِينَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَالشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّينِ ابْنُ قُدَامَةَ ، وَقَدْ حَكَى غَيْرُ وَاحِدٍ إِجْمَاعَ السَّلَفِ عَلَى عَدَمِ الْقَوْلِ بِهِ . وَمِنَ التَّأْوِيلِ الْبَاطِلِ تَأْوِيلُ أَهْلِ الشَّامِ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمَّارٍ :" تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ " ، فَقَالُوا :" نَحْنُ لَمْ نَقْتُلْهُ إِنَّمَا قَتَلَهُ مَنْ جَاءَ بِهِ حَتَّى أَوْقَعَهُ بَيْنَ رِمَاحِنَا " ، وَ هَذَا التَّأْوِيلُ مُخَالِفٌ لِحَقِيقَةِ اللَّفْظِ وَظَاهِرِهِ فَإِنَّ الَّذِي قَتَلَهُ هُوَ الَّذِي بَاشَرَ قَتْلَهُ لَا مَنِ اسْتَنْصَرَ بِهِ ، وَ لِهَذَا رَدَّ عَلَيْهِمْ مَنْ هُوَ أَوْلَى بِالْحَقِّ وَالْحَقِيقَةِ مِنْهُمْ فَقَالُوا: " أَفَيــَكُونُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ هُمُ الَّذِينَ قَتَلُوا حَمْزَةَ وَالشُّهَدَاءَ مَعَهُ لِأَنَّهُمْ أَتَوْا بِهِمْ حَتَّى أَوْقَعُوهُمْ تَحْتَ سُيُوفِ الْمُشْرِكِينَ !؟ " . وَ مِنْ هَذَا قَوْلُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ لَمَّا رَوَى حَدِيثَ عَائِشَةَ :" فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ، فَـ زِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ " ، فَــ قِيلَ لَهُ :" فَمَا بَالُ عَائِشَةَ أَتَمَّتْ فِي السَّفَرِ ؟ " ؛ قَالَ :" تَأَوَّلَتْ كَمَا تَأَوَّلَ عُثْمَانُ " ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّ عَائِشَةَ وَعُثْمَانَ تَأَوَّلَا آيَةَ الْقَصْرِ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهَا وَإِنَّمَا مُرَادُهُ أَنَّهُمَا تَأَوَّلَا دَلِيلًا قَامَ عِنْدَهُمَا اقْتَضَى جَوَازَ الْإِتْمَامِ فَعَمِلَا بِهِ ، فَكَانَ عَمَلُهُمَا بِهِ هُوَ تَأْوِيلُهُ ، فَإِنَّ الْعَمَلَ بِدَلِيلِ الْأَمْرِ هُوَ تَأْوِيلُهُ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَأَوَّلُ قَوْلَهُ تَعَالَى :« فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ »، بِامْتِثَالِهِ بِقَوْلِهِ :" سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي " ، فَــ كَأَنَّ عَائِشَةَ وَعُثْمَانَ تَأَوَّلَا قَوْلَهُ تَعَالَى: « فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ » ، فَإِنَّ إِتْمَامَهَا مِنْ إِقَامَتِهَا ، وَ قِيلَ : تَأَوَّلَتْ عَائِشَةُ أَنَّهَا أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنَّ أُمَّهُمْ حَيْثُ كَانَتْ فَكَأَنَّهَا مُقِيمَةٌ بَيْنَهُمْ ، وَأَنَّ عُثْمَانَ كَانَ إِمَامَ الْمُسْلِمِينَ فَحَيْثُ كَانَ فَهُوَ مَنْزِلُهُ ، أَوْ أَنَّهُ كَانَ قَدْ عَزَمَ عَلَى الِاسْتِيطَانِ بِمِنًى أَوْ أَنَّهُ كَانَ قَدْ تَأَهَّلَ بِهَا ، وَمَنْ تَأَهَّلَ بِبَلَدٍ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ الْمُسَافِرِ ، أَوْ أَنَّ الْأَعْرَابَ كَانُوا قَدْ كَثُرُوا فِي ذَلِكَ الْمَوْسِمِ فَأَحَبَّ أَنْ يُعَلِّمَهُمْ فَرْضَ الصَّلَاةِ وَأَنَّهَا أَرْبَعُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ التَّأْوِيلَاتِ الَّتِي ظَنَّاهَا أَدِلَّةً مُقَيِّدَةً لِمُطْلِقِ الْقَصْرِ أَوْ مُخَصِّصَةً لِعُمُومِهِ وَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا ضَعِيفَةً . وَالصَّوَابُ هَدْيُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ كَانَ إِمَامَ الْمُسْلِمِينَ وَعَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ فِي حَيَاتِهِ وَمَمَاتِهِ ، وَقَدْ قَصَرَتْ مَعَهُ وَلَمْ يَكُنْ عُثْمَانُ لِيُقِيمَ بِمَكَّةَ وَقَدْ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا رَخَّصَ فِي الْإِقَامَةِ بِهِ لِلْمُهَاجِرِينَ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِمْ ثَلَاثًا ، وَالْمُسَافِرُ إِذَا تَزَوَّجَ فِي طَرِيقِهِ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ حُكْمُ الْإِقَامَةِ بِمُجَرَّدِ التَّزَوُّجِ مَا لَمْ يُزْمِعِ الْإِقَامَةَ . وَ بِالْجُمْلَةِ فَالتَّأْوِيلُ الَّذِي يُوَافِقُ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ النُّصُوصُ وَجَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ هُوَ التَّأْوِيلُ الصَّحِيحُ وَغَيْرُهُ هُوَ الْفَاسِدُ . [ ابن قيم الجوزية ؛ أبو عبدالله محمد بن أبي بكر ، مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة ، دار الحديث ، سنة النشر: 1422هـ / 2001م ] * *** *فضيلة علم التفسير : وَقَدْ قَالَ أَبُو عَبْدِالرَّحْمَنِ السلمي : حَدَّثَنَا الَّذِينَ كَانُوا يُقْرِئُونَنَا الْقُرْآنَ ؛ عُثْمَانُ بْنُ عفان وَعَبْدُاللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُمْ قَالُوا :" كُنَّا إذَا تَعَلَّمْنَا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ آيَاتٍ لَمْ نُجَاوِزْهَا حَتَّى نَتَعَلَّمَ مَا فِيهَا مِنْ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ " قَالُوا :" فَتَعَلَّمْنَا الْقُرْآنَ وَالْعِلْمَ وَالْعَمَلَ جَمِيعًا ". وَ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : مَا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةً إلَّا وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يُعْلَمَ فِي مَاذَا نَزَلَتْ وَمَاذَا عُنِيَ بِهَا . وَقَدْ قَالَ تَعَالَى :" أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ " وَتَدَبُّرُ الْكَلَامِ إنَّمَا يُنْتَفَعُ بِهِ إذَا فُهِمَ . وَقَالَ :" إنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ " . [ تقي الدين ابن تيمية ، مجموع فتاوى ابن تيمية ، الآداب والتصوف ، تفسير سورة هود ، مسألة تفسير قوله تعالى :" وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها "، مجمع الملك فهد ، سنة النشر: 1416هـ/1995م ، انظر أيضاً : [ السيوطي ؛ جلال الدين عبدالرحمن بن ابي بكر ، الإتقان في علوم القرآن،دار الكتاب العربي ، سنة النشر : 1419هـ / 1999م ]. * .*.* .*وَ اخْتَلَفُوا فِي التَّفْسِيرِ وَالتَّأْوِيلِ . قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَطَائِفَةٌ : هُمَا بِمَعْنًى ؛ وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ قَوْمٌ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا آخَرُونَ ، حَتَّى بَالَغَ ابْنُ حَبِيبٍ النَّيْسَابُورِيُّ فَقَالَ : قَدْ نَبَغَ فِي زَمَانِنَا مُفَسِّرُونَ لَوْ سُئِلُوا عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ التَّفْسِيرِ وَالتَّأْوِيلِ مَا اهْتَدَوْا إِلَيْهِ . فَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْهَرَوِيُّ : التَّأْوِيلُ رَدُّ أَحَدِ الْمُحْتَمَلَيْنِ إِلَى مَا يُطَابِقُ الظَّاهِرَ ، وَالتَّفْسِيرُ كَشْفُ الْمُرَادِ عَنِ اللَّفْظِ الْمُشْكِلِ . وَحَكَى صَاحِبُ النِّهَايَةِ أَنَّ التَّأْوِيلَ نَقْلُ ظَاهِرِ اللَّفْظِ عَنْ وَضْعِهِ الْأَصْلِيِّ إِلَى مَا يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ لَوْلَاهُ مَا تُرِكَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ ، وَقِيلَ التَّأْوِيلُ إِبْدَاءُ احْتِمَالِ اللَّفْظِ مُعْتَضَدٌ بِدَلِيلٍ خَارِجٍ عَنْهُ ، وَمَثَّلَ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :" لَا رَيْبَ فِيهِ " قَالَ مَنْ قَالَ لَا شَكَّ فِيهِ فَهُوَ التَّفْسِيرُ وَمَنْ قَالَ لِأَنَّهُ حَقٌّ فِي نَفْسِهِ لَا يَقْبَلُ الشَّكَّ ، فَهُوَ التَّأْوِيلُ كَذَا فِي الْفَتْحِ .[ سنن الترمذي تحفة الأحوذي، محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري ، دار الكتب العلمية ، دون ذكر سنة النشر] وَ قَالَ الرَّاغِبُ : التَّفْسِيرُ أَعَمُّ مِنَ التَّأْوِيلِ ، وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْأَلْفَاظِ وَمُفْرَدَاتِهَا ، وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِ التَّأْوِيلِ فِي الْمَعَانِي وَالْجُمَلِ ، وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ ، وَالتَّفْسِيرُ يُسْتَعْمَلُ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا . وَ قَالَ غَيْرُهُ : التَّفْسِيرُ بَيَانُ لَفْظٍ لَا يَحْتَمِلُ إِلَّا وَجْهًا وَاحِدًا ، وَالتَّأْوِيلُ تَوْجِيهُ لَفْظٍ مُتَوَجِّهٍ إِلَى مَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهَا ، بِمَا ظَهَرَ مِنَ الْأَدِلَّةِ . وَ قَالَ الْمَاتُرِيدِيُّ : التَّفْسِيرُ الْقَطْعُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ اللَّفْظِ هَذَا ، وَالشَّهَادَةُ عَلَى اللَّهِ أَنَّهُ عَنَى بِاللَّفْظِ هَذَا ، فَإِنْ قَامَ دَلِيلٌ مَقْطُوعٌ بِهِ فَصَحِيحٌ ، وَإِلَّا فَتَفْسِيرٌ بِالرَّأْيِ ، وَهُوَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ . وَالتَّأْوِيلُ : تَرْجِيحُ أَحَدِ الْمُحْتَمِلَاتِ بِدُونِ الْقَطْعِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى اللَّهِ . وَ قَالَ أَبُو طَالِبٍ التَّغْلِبِيُّ : التَّفْسِيرُ بَيَانُ وَضْعِ اللَّفْظِ إِمَّا حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا ، كَتَفْسِيرِ الصِّرَاطِ بِالطَّرِيقِ ، وَالصَّيِّبِ بِالْمَطَرِ . وَالتَّأْوِيلُ : تَفْسِيرُ بَاطِنِ اللَّفْظِ ، مَأْخُوذٌ مِنَ الْأَوَّلِ وَهُوَ الرُّجُوعُ لِعَاقِبَةِ الْأَمْرِ ، فَالتَّأْوِيلُ إِخْبَارٌ عَنْ حَقِيقَةِ الْمُرَادِ ، وَالتَّفْسِيرُ إِخْبَارٌ عَنْ دَلِيلِ الْمُرَادِ; لِأَنَّ اللَّفْظَ يَكْشِفُ عَنِ الْمُرَادِ ، وَالْكَاشِفُ دَلِيلٌ ، مِثَالُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :" إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ " [ الْفَجْرَ : 4 ] ؛ تَفْسِيرُهُ : أَنَّهُ مِنَ الرَّصْدِ ، يُقَالَ : رَصَدْتُهُ رَقَبْتُهُ ، وَالْمِرْصَادُ مِفْعَالٌ مِنْهُ . وَتَأْوِيلُهُ : التَّحْذِيرُ مِنَ التَّهَاوُنِ بِأَمْرِ اللَّهِ ، وَالْغَفْلَةِ عَنِ الْأُهْبَةِ ، وَالِاسْتِعْدَادِ لِلْعَرْضِ عَلَيْهِ . وَقَوَاطِعُ الْأَدِلَّةِ تَقْتَضِي بَيَانَ الْمُرَادِ مِنْهُ عَلَى خِلَافِ وَضْعِ اللَّفْظِ فِي اللُّغَةِ . وَقَالَ الْأَصْبِهَانِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ : اعْلَمْ أَنَّ التَّفْسِيرَ فِي عُرْفِ الْعُلَمَاءِ كَشْفُ مَعَانِي الْقُرْآنِ وَبَيَانُ الْمُرَادِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِحَسَبِ اللَّفْظِ الْمُشْكَلِ وَغَيْرِهِ ، وَبِحَسَبِ الْمَعْنَى الظَّاهِرِ وَغَيْرِهِ . وَالتَّأْوِيلُ أَكْثَرُهُ فِي الْجُمَلِ . وَالتَّفْسِيرُ : إِمَّا أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي غَرِيبِ الْأَلْفَاظِ ، نَحْوَ الْبَحِيرَةِ وَالسَّائِبَةِ وَالْوَصِيلَةِ ، أَوْ فِي وَجِيزٍ يَتَبَيَّنُ بِشَرْحٍ نَحْوَ : أَقِيمُوا الصَّلَاةَ ، وَآتَوُا الزَّكَاةَ ، وَإِمَّا فِي كَلَامٍ مُتَضَمِّنٍ لِقِصَّةٍ لَا يُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ إِلَّا بِمَعْرِفَتِهَا كَقَوْلِهِ : " إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ " التَّوْبَةِ : 37 ] . وَقَوْلُهُ : وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى "[ الْبَقَرَةِ : 189 ] . وَ أَمَّا التَّأْوِيلُ : فَإِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ مَرَّةً عَامًا ، وَمَرَّةً خَاصًّا نَحْوَ : الْكُفْرُ الْمُسْتَعْمَلُ تَارَةً فِي الْجُحُودِ الْمُطْلَقِ ، وَتَارَةً فِي جُحُودِ الْبَارِئِ عَزَّ وَجَلَّ خَاصَّةً . وَالْإِيمَانُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي التَّصْدِيقِ الْمُطْلَقِ تَارَةً ، وَفِي تَصْدِيقِ الْحَقِّ أُخْرَى . وَإِمَّا فِي لَفْظٍ مُشْتَرِكٍ بَيْنَ مَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ ، نَحْوَ لَفْظِ ( وَجَدَ ) الْمُسْتَعْمَلُ فِي الْجِدَّةِ وَالْوَجْدِ وَالْوُجُودِ . وَ قَالَ غَيْرُهُ : التَّفْسِيرُ يَتَعَلَّقُ بِالرِّوَايَةِ وَالتَّأْوِيلِ يَتَعَلَّقُ بِالدِّرَايَةِ . وَ قَالَ أَبُو نَصْرٍ الْقُشَيْرِيُّ : التَّفْسِيرُ مَقْصُورٌ عَلَى الِاتِّبَاعِ وَالسَّمَاعِ ، وَالِاسْتِنْبَاطُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالتَّأْوِيلِ . وَ قَالَ قَوْمٌ : مَا وَقَعَ مُبِينًا فِي كِتَابِ اللَّهِ وَمُعَيَّنًا فِي صَحِيحِ السُّنَّةِ سُمِّيَ تَفْسِيرًا ، لِأَنَّ مَعْنَاهُ قَدْ ظَهَرَ وَوَضَحَ ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَعَرَّضَ إِلَيْهِ بِاجْتِهَادٍ وَلَا غَيْرِهِ ، بَلْ يَحْمِلُهُ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي وَرَدَ لَا يَتَعَدَّاهُ . وَ التَّأْوِيلُ : مَا اسْتَنْبَطَهُ الْعُلَمَاءُ الْعَالِمُونَ لِمَعَانِي الْخِطَابِ ، الْمَاهِرُونَ فِي آلَاتِ الْعُلُومِ . وَ قَالَ قَوْمٌ مِنْهُمُ الْبَغْوَيُّ وَالْكَوَاشِيُّ : التَّأْوِيلُ : صَرْفُ الْآيَةِ إِلَى مَعْنَى مُوَافِقٍ لِمَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا ، تَحْتَمِلُهُ الْآيَةُ ، غَيْرَ مُخَالِفٍ لِلْكِتَابِ وَالسَّنَةِ مِنْ طَرِيقِ الِاسْتِنْبَاطِ . وَ قَالَ بَعْضُهُمْ : التَّفْسِيرُ فِي الِاصْطِلَاحِ عِلْمُ نُزُولِ الْآيَاتِ وَشُؤُونِهَا وَأَقَاصِيصِهَا ، وَالْأَسْبَابِ النَّازِلَةِ فِيهَا ، ثُمَّ تَرْتِيبِ مَكِّيِّهَا وَمَدَنِيِّهَا ، وَمُحَكِّمِهَا وَمُتَشَابِهِهَا ، وَنَاسِخِهَا وَ مَنْسُوخِهَا ، وَخَاصِّهَا وَعَامِّهَا ، وَمُطْلِقِهَا وَمُقَيَّدِهَا ، وَمُجَمِّلِهَا وَمُفَسَّرِهَا ، وَحَلَالِهَا وَحَرَامِهَا ، وَوَعْدِهَا وَوَعِيدِهَا ، وَأَمْرِهَا وَنَهْيِهَا ، وَعِبَرِهَا وَأَمْثَالِهَا . * * *شَرَفُ عِلْمِ التَّفْسِيرِ. وَأَمَّا شَرَفُهُ فَلَا يَخْفَى ، قَالَ تَعَالَى : يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا [ الْبَقَرَةِ : 269 ] . أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ ، مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :" يُؤْتِي الْحِكْمَةَ " قَالَ : الْمَعْرِفَةُ بِالْقُرْآنِ ، نَاسِخُهُ وَمَنْسُوخُهُ ، وَمُحْكَمُهُ وَمُتَشَابِهُهُ ، وَمُقَدَّمُهُ وَمُؤَخَّرُهُ ، وَحَلَالُهُ وَحَرَامُهُ ، وَأَمْثَالُهُ . وَ أَخْرَجَ ابْنِ مَرْدَوَيْهِ ، مِنْ طَرِيقِ جُوَيْبِرٍ ، عَنِ الضَّحَّاكِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، مَرْفُوعًا : " يُؤْتِي الْحِكْمَةَ " ؛ قَالَ : الْقُرْآنَ . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : يَعْنِي تَفْسِيرَهُ ، فَإِنَّهُ قَدْ قَرَأَهُ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ. وَ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ :" يُؤْتِي الْحِكْمَةَ " ؛ قَالَ : قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَالْفِكْرَةُ فِيهِ . وَ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ مِثْلَهُ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، وَأَبِي الْعَالِيَةِ ، وَقَتَادَةَ. وَ قَالَ تَعَالَى :" وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ " [ الْعَنْكَبُوتِ : 43 ] . أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، قَالَ :" مَا مَرَرْتُ بِآيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَا أَعْرِفُهَا إِلَّا أَحْزَنَتْنِي ، لِأَنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ :" وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ". وَ أَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ : مَا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةً إِلَّا وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ تُعْلَمَ فِيمَ أُنْزِلَتْ وَمَا أَرَادَ بِهَا . وَ أَخْرَجَ أَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :" الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَلَا يُحْسِنُ تَفْسِيرَهُ ، كَالْأَعْرَابِيِّ يَهُذُّ الشِّعْرَ هَذًّا . وَ أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا : أَعْرِبُوا الْقُرْآنَ وَالْتَمِسُوا غَرَائِبَهُ . وَ أَخْرَجَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ :" لِأَنْ أُعْرِبَ آيَةً مِنَ الْقُرْآنِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْفَظَ آيَةً ". وَ أَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :" لَوْ أَنِّي أَعْلَمُ إِذَا سَافَرْتُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً أَعْرَبْتُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لَفَعَلْتُ ". وَ أَخْرَجَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ ، قَالَ : قَالَ عُمَرُ :" مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَأَعْرَبَهُ ، كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ أَجْرُ شَهِيدٍ ". قُلْتُ : مَعْنَى هَذِهِ الْآثَارِ عِنْدِي إِرَادَةُ الْبَيَانِ وَالتَّفْسِيرِ ، لِأَنَّ إِطْلَاقَ الْإِعْرَابِ عَلَى الْحُكْمِ النَّحْوِيِّ اصْطِلَاحٌ حَادِثٌ ، وَلِأَنَّهُ كَانَ فِي سَلِيقَتِهِمْ لَا يَحْتَاجُونَ إِلَى تَعَلُّمِهِ . ثُمَّ رَأَيْتُ ابْنَ النَّقِيبِ جَنَحَ إِلَى مَا ذَكَرْتُهُ ، وَقَالَ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْإِعْرَابَ الصِّنَاعِيَّ ، وَفِيهِ بُعْدٌ . وَقَدْ يَسْتَدِلُّ لَهُ بِمَا أَخْرَجَهُ السِّلَفِيُّ فِي الطُّيُورِيَّاتِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا :" أَعْرِبُوا الْقُرْآنَ يَدُلَّكُمْ عَلَى تَأْوِيلِهِ " ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ التَّفْسِيرَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ ، وَأَجَلُّ الْعُلُومِ الثَّلَاثَةِ الشَّرْعِيَّةِ . قَالَ الْأَصْبَهَانِيُّ : أَشْرَفُ صِنَاعَةٍ يَتَعَاطَاهَا الْإِنْسَانُ تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ. بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ شَرَفَ الصِّنَاعَةِ إِمَّا بِشَرَفِ مَوْضُوعِهَا مِثْلَ الصِّيَاغَةِ ، فَإِنَّهَا أَشْرَفُ مِنَ الدِّبَاغَةِ ، لِأَنَّ مَوْضُوعَ الصِّيَاغَةِ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ ، وَهُمَا أَشْرَفُ مِنْ مَوْضُوعِ الدِّبَاغَةِ الَّذِي هُوَ جِلْدُ الْمَيْتَةِ . وَإِمَّا بِشَرَفِ غَرَضِهَا مِثْلَ صِنَاعَةِ الطِّبِّ ، فَإِنَّهَا أَشْرَفُ مِنْ صِنَاعَةِ الْكُنَاسَةِ ، لِأَنَّ غَرَضَ الطِّبِّ إِفَادَةُ الصِّحَّةِ ، وَغَرَضَ الْكُنَاسَةِ تَنْظِيفُ الْمُسْتَرَاحِ . وَ إِمَّا لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا كَالْفِقْهِ ، فَإِنَّ الْحَاجَةَ إِلَيْهِ أَشَدُّ مِنَ الْحَاجَةِ إِلَى الطِّبِّ ، إِذْ مَا مِنْ وَاقِعَةٍ فِي الْكَوْنِ فِي أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ إِلَّا وَهِيَ مُفْتَقِرَةٌ إِلَى الْفِقْهِ ، لِأَنَّ بِهِ انْتِظَامُ صَلَاحِ أَحْوَالِ الدُّنْيَا وَالدِّينِ ، بِخِلَافِ الطِّبِّ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ بَعْضُ النَّاسِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ . إِذَا عُرِفَ ذَلِكَ فَصِنَاعَةُ التَّفْسِيرِ قَدْ حَازَتِ الشَّرَفَ مِنَ الْجِهَاتِ الثَّلَاثِ. أَمَّا مِنْ جِهَةِ الْمَوْضُوعِ فَلِأَنَّ مَوْضُوعَهُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي هُوَ يَنْبُوعُ كُلِّ حِكْمَةٍ ، وَمَعْدِنُ كُلِّ فَضِيلَةٍ ، فِيهِ نَبَأُ مَا قَبِلَكُمْ ، وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ ، لَا يَخْلُقُ عَلَى كَثْرَةِ الرَّدِّ ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ . وَ أَمَّا مِنْ جِهَةِ الْغَرَضِ : فَلِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ هُوَ الِاعْتِصَامُ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ، وَالْوُصُولُ إِلَى السَّعَادَةِ الْحَقِيقِيَّةِ الَّتِي لَا تَفْنَى . وَ أَمَّا مِنْ جِهَةِ شِدَّةِ الْحَاجَةِ : فَلِأَنَّ كُلَّ كَمَالٍ دِينِيٍّ أَوْ دُنْيَوِيٍّ عَاجِلِيٍّ أَوْ آجِلِيٍّ ، مُفْتَقِرٌ إِلَى الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْمَعَارِفِ الدِّينِيَّةِ وَهِيَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى الْعِلْمِ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى . ***** يتبع بإذنه سبحانه وتعالى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِنْ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ) السبت، 06 شوال، 1443هــ ~ 07 مايو، 2022م |
11 .* ] فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَمَا أَحْسَنُ طُرُقِ التَّفْسِيرِ 11 .* ] فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَمَا أَحْسَنُ طُرُقِ التَّفْسِيرِ فَالْجَوَابُ إِنَّ أَصَحَّ الطُّرُقِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُفَسَّرَ الْقُرْآنُ بِالْقُرْآنِ فَمَا أُجْمِلَ فِي مَكَانٍ فَإِنَّهُ قَدْ فُسِّرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَإِنْ أَعْيَاكَ ذَلِكَ فَعَلَيْكَ بِالسُّنَّةِ فَإِنَّهَا شَارِحَةٌ لِلْقُرْآنِ وَمُوَضِّحَةٌ لَهُ بَلْ قَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ كُلُّ مَا حَكَمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ مِمَّا فَهِمَهُ مِنَ الْقُرْآنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :" إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا " [ النِّسَاءِ 105 ] ، وَقَالَ تَعَالَى :" وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ " [ النَّحْلِ 44 ] ، وَقَالَ تَعَالَى :" وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ " [ النَّحْلِ : 64 ] . وَلِهَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ " ، يَعْنِي : السُّنَّةَ وَالسُّنَّةُ أَيْضًا تَنْزِلُ عَلَيْهِ بِالْوَحْيِ كَمَا يَنْزِلُ الْقُرْآنُ إِلَّا أَنَّهَا لَا تُتْلَى كَمَا يُتْلَى الْقُرْآنُ وَقَدِ اسْتَدَلَّ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ عَلَى ذَلِكَ بِأَدِلَّةٍ كَثِيرَةٍ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذَلِكَ وَالْغَرَضُ أَنَّكَ تَطْلُبُ تَفْسِيرَ الْقُرْآنِ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ تَجِدْهُ فَمِنَ السُّنَّةِ ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ ؛ " بِمَ تَحْكُمُ ؟ " ، قَالَ :" بِكِتَابِ اللَّهِ "، قَالَ :" فَإِنْ لَمْ تَجِدْ ؟ " ، قَالَ :" بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ " ، قَالَ :" فَإِنْ لَمْ تَجِدْ " ، قَالَ :" أَجْتَهِدُ بِرَأْيِي " . قَالَ فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَدْرِهِ ، وَقَالَ :" الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ لِمَا يَرْضَى رَسُولُ اللَّهِ " وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمَسَانِدِ وَالسُّنَنِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَوْضِعِهِ وَحِينَئِذٍ إِذَا لَمْ نَجِدِ التَّفْسِيرَ فِي الْقُرْآنِ وَلَا فِي السُّنَّةِ رَجَعْنَا فِي ذَلِكَ إِلَى أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُمْ أَدْرَى بِذَلِكَ لِمَا شَاهَدُوا مِنَ الْقَرَائِنِ وَالْأَحْوَالِ الَّتِي اخْتُصُّوا بِهَا وَلِمَا لَهُمْ مِنَ الْفَهْمِ التَّامِّ وَالْعِلْمِ الصَّحِيحِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ لَا سِيَّمَا عُلَمَاؤُهُمْ وَكُبَرَاؤُهُمْ كَالْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَالْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ وَعَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . قَالَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ ؛ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ : قَالَ عَبْدُاللَّهِ يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ :" وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ مَا نَزَلَتْ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلَّا وَأَنَا أَعْلَمُ فِيمَنْ نَزَلَتْ وَأَيْنَ نَزَلَتْ وَلَوْ أَعْلَمُ مَكَانَ أَحَدٍ أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللَّهِ مِنِّي تَنَالُهُ الْمَطَايَا لَأَتَيْتُهُ " . وَقَالَ الْأَعْمَشُ أَيْضًا ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ :" كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا إِذَا تَعَلَّمَ عَشْرَ آيَاتٍ لَمْ يُجَاوِزْهُنَّ حَتَّى يَعْرِفَ مَعَانِيَهُنَّ وَالْعَمَلَ بِهِنَّ " كما ذكرتُ ذلك من قبل . فــ قَالَ أَبُو عَبْدِالرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ حَدَّثَنَا الَّذِينَ كَانُوا يُقْرِئُونَنَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَقْرِئُونَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانُوا إِذَا تَعَلَّمُوا عَشْرَ آيَاتٍ لَمْ يَخْلُفُوهَا حَتَّى يَعْمَلُوا بِمَا فِيهَا مِنَ الْعَمَلِ فَتَعَلَّمْنَا الْقُرْآنَ وَالْعَمَلَ جَمِيعًا . وَمِنْهُمُ الْحَبْرُ الْبَحْرُ عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ وَبِبَرَكَةِ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ حَيْثُ قَالَ :" اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ " . وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ قَالَ ؛ قَالَ عَبْدُاللَّهِ يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ :" نِعْمَ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ ابْنُ عَبَّاسٍ ". ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ دَاوُدَ عَنْ إِسْحَاقَ الْأَزْرَقِ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ :" نِعْمَ التُّرْجُمَانُ لِلْقُرْآنِ ابْنُ عَبَّاسٍ ". ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ بُنْدَارٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ عَنِ الْأَعْمَشِ بِهِ كَذَلِكَ . فَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذِهِ الْعِبَارَةَ وَقَدْ مَاتَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ عَلَى الصَّحِيحِ وَعُمِّرَ بَعْدَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ سِتًّا وَثَلَاثِينَ سَنَةً فَمَا ظَنُّكَ بِمَا كَسَبَهُ مِنَ الْعُلُومِ بَعْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَقَالَ الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ اسْتَخْلَفَ عَلِيٌّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَلَى الْمَوْسِمِ فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَرَأَ فِي خُطْبَتِهِ سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَفِي رِوَايَةٍ سُورَةَ النُّورِ فَفَسَّرَهَا تَفْسِيرًا لَوْ سَمِعَتْهُ الرُّومُ وَالتُّرْكُ وَالدَّيْلَمُ لَأَسْلَمُوا . وَلِهَذَا غَالِبُ مَا يَرْوِيهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ السُّدِّيُّ الْكَبِيرُ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُود وَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَكِنْ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ يَنْقُلُ عَنْهُمْ مَا يَحْكُونَهُ مِنْ أَقَاوِيلِ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّتِي أَبَاحَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ قَالَ :" بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ " ؛ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِاللَّهِ ؛ وَلِهَذَا كَانَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَمْرٍو يَوْمَ الْيَرْمُوكِ قَدْ أَصَابَ زَامِلَتَيْنِ مِنْ كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَكَانَ يُحَدِّثُ مِنْهُمَا بِمَا فَهِمَهُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ . الإسرائيليات : وَلَكِنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الْإِسْرَائِيلِيَّةَ تُذْكَرُ لِلِاسْتِشْهَادِ لَا لِلِاعْتِضَادِ فَإِنَّهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا مَا عَلِمْنَا صِحَّتَهُ مِمَّا بِأَيْدِينَا مِمَّا يَشْهَدُ لَهُ بِالصِّدْقِ فَذَاكَ صَحِيحٌ . وَالثَّانِي مَا عَلِمْنَا كَذِبَهُ بِمَا عِنْدَنَا مِمَّا يُخَالِفُهُ وَالثَّالِثُ مَا هُوَ مَسْكُوتٌ عَنْهُ لَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَلَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَلَا نُؤْمِنُ بِهِ وَلَا نُكَذِّبُهُ وَتَجُوزُ حِكَايَتُهُ لِمَا تَقَدَّمَ وَغَالِبُ ذَلِكَ مِمَّا لَا فَائِدَةَ فِيهِ تَعُودُ إِلَى أَمْرٍ دِينِيٍّ وَلِهَذَا يَخْتَلِفُ عُلَمَاءُ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي هَذَا كَثِيرًا وَيَأْتِي عَنِ الْمُفَسِّرِينَ خِلَافٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ كَمَا يَذْكُرُونَ فِي مِثْلِ هَذَا أَسْمَاءَ أَصْحَابِ الْكَهْفِ وَلَوْنَ كَلْبِهِمْ ، وَعِدَّتِهِمْ وَعَصَا مُوسَى مِنْ أَيِّ الشَّجَرِ كَانَتْ وَأَسْمَاءَ الطُّيُورِ الَّتِي أَحْيَاهَا اللَّهُ لِإِبْرَاهِيمَ وَتَعْيِينَ الْبَعْضِ الَّذِي ضُرِبَ بِهِ الْقَتِيلُ مِنَ الْبَقَرَةِ وَنَوْعَ الشَّجَرَةِ الَّتِي كَلَّمَ اللَّهُ مِنْهَا مُوسَى إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا أَبْهَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ مِمَّا لَا فَائِدَةَ فِي تَعْيِينِهِ تَعُودُ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ فِي دُنْيَاهُمْ وَلَا دِينِهِمْ وَلَكِنَّ نَقْلَ الْخِلَافِ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ جَائِزٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى ( سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا " [ الْكَهْفِ : 22 ] ،نُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ عَرَضْتُ الْمُصْحَفَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ثَلَاثَ عَرَضَاتٍ مِنْ فَاتِحَتِهِ إِلَى خَاتِمَتِهِ أُوقِفُهُ عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ مِنْهُ وَأَسْأَلُهُ فَقَدِ اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ عَلَى الْأَدَبِ فِي هَذَا الْمَقَامِ وَتَعْلِيمِ مَا يَنْبَغِي فِي مِثْلِ هَذَا فَإِنَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَ عَنْهُمْ بِثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ ضَعَّفَ الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَسَكَتَ عَنِ الثَّالِثِ فَدَلَّ عَلَى صِحَّتِهِ إِذْ لَوْ كَانَ بَاطِلًا لَرَدَّهُ كَمَا رَدَّهُمَا ثُمَّ أَرْشَدَ عَلَى أَنَّ الِاطِّلَاعَ عَلَى عِدَّتِهِمْ لَا طَائِلَ تَحْتَهُ فَقَالَ فِي مِثْلِ هَذَا ( قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ، فَإِنَّهُ مَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ إِلَّا قَلِيلٌ مِنَ النَّاسِ مِمَّنْ أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَلِهَذَا قَالَ ( فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا ، أَيْ لَا تُجْهِدْ نَفْسَكَ فِيمَا لَا طَائِلَ تَحْتَهُ وَلَا تَسْأَلْهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا رَجْمَ الْغَيْبِ فَهَذَا أَحْسَنُ مَا يَكُونُ فِي حِكَايَةِ الْخِلَافِ أَنْ تَسْتَوْعِبَ الْأَقْوَالَ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ وَأَنْ تُنَبِّهَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْهَا وَتُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَتَذْكُرَ فَائِدَةَ الْخِلَافِ وَثَمَرَتَهُ لِئَلَّا يَطُولَ الْنِزَاعُ وَالْخِلَافُ فِيمَا لَا فَائِدَةَ تَحْتَهُ فَتَشْتَغِلُ بِهِ عَنِ الْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ فَأَمَّا مَنْ حَكَى خِلَافًا فِي مَسْأَلَةٍ وَلَمْ يَسْتَوْعِبْ أَقْوَالَ النَّاسِ فِيهَا فَهُوَ نَاقِصٌ إِذْ قَدْ يَكُونُ الصَّوَابُ فِي الَّذِي تَرَكَهُ أَوْ يَحْكِي الْخِلَافَ وَيُطْلِقُهُ وَلَا يُنَبِّهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْأَقْوَالِ فَهُوَ نَاقِصٌ أَيْضًا فَإِنْ صَحَّحَ غَيْرَ الصَّحِيحِ عَامِدًا فَقَدْ تَعَمَّدَ الْكَذِبَ أَوْ جَاهِلًا فَقَدْ أَخْطَأَ وَكَذَلِكَ مَنْ نَصَبَ الْخِلَافَ فِيمَا لَا فَائِدَةَ تَحْتَهُ ، أَوْ حَكَى أَقْوَالًا مُتَعَدِّدَةً لَفْظًا وَيَرْجِعُ حَاصِلُهَا إِلَى قَوْلٍ أَوْ قَوْلَيْنِ مَعْنًى فَقَدْ ضَيَّعَ الزَّمَانَ وَتَكَثَّرَ بِمَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ فَهُوَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ [ قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِذَا سُئِلَ عَنِ الْآيَةِ فِي الْقُرْآنِ قَالَ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَكَانَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَإِنْ لَمْ يَكُنِ اجْتَهَدَ بِرَأْيِهِ . فَصْلٌ إِذَا لَمْ تَجِدِ التَّفْسِيرَ فِي الْقُرْآنِ وَلَا فِي السُّنَّةِ وَلَا وَجَدْتَهُ عَنِ الصَّحَابَةِ فَقَدْ رَجَعَ كَثِيرٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ فِي ذَلِكَ إِلَى أَقْوَالِ التَّابِعِينَ كَــ " مُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ " فَإِنَّهُ كَانَ آيَةً فِي التَّفْسِيرِ كَمَا قَالَ مُحَمَّدُ بْ عَنْهَا . وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ ، حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ عَنْ عُثْمَانَ الْمَكِّيِّ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ رَأَيْتُ مُجَاهِدًا سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ وَمَعَهُ أَلْوَاحُهُ قَالَ فَيَقُولُ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ اكْتُبْ حَتَّى سَأَلَهُ عَنِ التَّفْسِيرِ كُلِّهِ . وَلِهَذَا كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ إِذَا جَاءَكَ التَّفْسِيرُ عَنْ مُجَاهِدٍ فَحَسْبُكَ بِهِ . وَكَـ " سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ " وَ " عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ " وَ " عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ " وَ " الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ " وَ " مَسْرُوقِ بْنِ الْأَجْدَعِ وَ " سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ " وَ " أَبِي الْعَالِيَةِ " وَ " الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ " وَ" قَتَادَةَ " وَ" الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ " وَغَيْرِهِمْ مِنَ التَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فَتُذْكَرُ أَقْوَالُهُمْ فِي الْآيَةِ فَيَقَعُ فِي عِبَارَاتِهِمْ تَبَايُنٌ فِي الْأَلْفَاظِ يَحْسَبُهَا مَنْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ اخْتِلَافًا فَيَحْكِيهَا أَقْوَالًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ يُعَبِّرُ عَنِ الشَّيْءِ بِلَازِمِهِ أَوْ بِنَظِيرِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنُصُّ عَلَى الشَّيْءِ بِعَيْنِهِ وَالْكُلُّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمَاكِنِ فَلْيَتَفَطَّنِ اللَّبِيبُ لِذَلِكَ وَاللَّهُ الْهَادِي . وَقَالَ شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ وَغَيْرُهُ أَقْوَالُ التَّابِعِينَ فِي الْفُرُوعِ لَيْسَتْ حُجَّةً فَكَيْفَ تَكُونُ حُجَّةً فِي التَّفْسِيرِ ؟ يَعْنِي أَنَّهَا لَا تَكُونُ حُجَّةً عَلَى غَيْرِهِمْ مِمَّنْ خَالَفَهُمْ وَهَذَا صَحِيحٌ أَمَّا إِذَا أَجْمَعُوا عَلَى الشَّيْءِ فَلَا يُرْتَابُ فِي كَوْنِهِ حُجَّةً فَإِنِ اخْتَلَفُوا فَلَا يَكُونُ بَعْضُهُمْ حُجَّةً عَلَى بَعْضٍ وَلَا عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ وَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إِلَى لُغَةِ الْقُرْآنِ أَوِ السُّنَّةِ أَوْ عُمُومِ لُغَةِ الْعَرَبِ أَوْ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ فَأَمَّا تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ بِمُجَرَّدِ الرَّأْيِ فَحَرَامٌ لِمَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ حَيْثُ قَالَ : سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ": مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ أَوْ بِمَا لَا يَعْلَمُ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ " . وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ ، مِنْ طُرُقٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ بِهِ . وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُسَدَّدٍ ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بِهِ . وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ . وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا عَنْ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ الْيَرْبُوعِيِّ عَنْ شَرِيكٍ ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بِهِ مَرْفُوعًا . وَلَكِنْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلَائِيُّ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَوَقَفَهُ . وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ بَكْرٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ قَوْلِهِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ جُنْدُبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :" مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ فَقَدْ أَخْطَأَ " . وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي حَزْمٍ الْقُطَعِيُّ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ غَرِيبٌ وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي سُهَيْلٍ . وَفِي لَفْظٍ لَهُمْ " مَنْ قَالَ فِي كِتَابِ اللَّهِ بِرَأْيِهِ فَأَصَابَ فَقَدْ أَخْطَأَ " ، أَيْ لِأَنَّهُ قَدْ تَكَلَّفَ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ وَسَلَكَ غَيْرَ مَا أُمِرَ بِهِ فَلَوْ أَنَّهُ أَصَابَ الْمَعْنَى فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَكَانَ قَدْ أَخْطَأَ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ الْأَمْرَ مِنْ بَابِهِ كَمَنْ حَكَمَ بَيْنَ النَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ وَإِنْ وَافَقَ حُكْمُهُ الصَّوَابَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَكِنْ يَكُونُ أَخَفَّ جُرْمًا مِمَّنْ أَخْطَأَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهَكَذَا سَمَّى اللَّهُ الْقَذَفَةَ كَاذِبِينَ فَقَالَ ( فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ " [ النُّورِ : 13 ] ، فَالْقَاذِفُ كَاذِبٌ وَلَوْ كَانَ قَدْ قَذَفَ مَنْ زَنَى فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِمَا لَا يَحِلُّ لَهُ الْإِخْبَارُ بِهِ وَلَوْ كَانَ أَخْبَرَ بِمَا يَعْلَمُ لِأَنَّهُ تَكَلَّفَ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلِهَذَا تَحَرَّجَ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ عَنْ تَفْسِيرِ مَا لَا عِلْمَ لَهُمْ بِهِ كَمَا رَوَى شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ قَالَ : قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :" أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي ؛ وَأَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي إِذَا قُلْتُ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا لَا أَعْلَمُ ". وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ ؛ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصَّدِيقَ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ " وَفَاكِهَةً وَأَبًّا " [ عَبَسَ 31 ] ، فَقَالَ :" أَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي ؛ وَأَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي إِذَا أَنَا قُلْتُ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا لَا أَعْلَمُ " مُنْقَطِعٌ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ أَيْضًا حَدَّثَنَا يَزِيدُ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَرَأَ عَلَى الْمِنْبَرِ " وَفَاكِهَةً وَأَبًّا " [ عَبَسَ 31 ] ، فَقَالَ :" هَذِهِ الْفَاكِهَةُ قَدْ عَرَفْنَاهَا ؛ فَمَا الْأَبُّ !!؟ " ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ فَقَالَ :" إِنَّ هَذَا لَهُوَ التَّكَلُّفُ يَا عُمَرُ ". وَقَالَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَفِي ظَهْرِ قَمِيصِهِ أَرْبَعُ رِقَاعٍ فَقَرَأَ " وَفَاكِهَةً وَأَبًّا " فَقَالَ :" مَا الْأَبُّ !!؟ " ، ثُمَّ قَالَ :" إِنَّ هَذَا لَهُوَ التَّكَلُّفُ فَمَا عَلَيْكَ أَلَّا تَدْرِيَهُ " . وَهَذَا كُلُّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِنَّمَا أَرَادَا اسْتِكْشَافَ عِلْمِ كَيْفِيَّةِ الْأَبِّ وَإِلَّا فَكَوْنُهُ نَبْتًا مِنَ الْأَرْضِ ظَاهِرٌ لَا يُجْهَلُ لِقَوْلِهِ :" فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا وَعِنَبًا " ، الْآيَةَ [ عَبَسَ 27 28 ] وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنْ آيَةٍ ، لَوْ سُئِلَ عَنْهَا بَعْضُكُمْ لَقَالَ فِيهَا فَأَبَى أَنْ يَقُولَ فِيهَا . إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ . وعَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ " يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ " [ السَّجْدَةِ 5 ] ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ :" فَمَا يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ " [ الْمَعَارِجِ 4 ] ؟ ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ :" إِنَّمَا سَأَلْتُكَ لِتُحَدِّثَنِي !!" ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :" هُمَا يَوْمَانِ ذَكَرَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ ؛ اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِمَا ، فَكَرِهَ أَنْ يَقُولَ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا لَا يَعْلَمُ . وَقَالَ أَيْضًا ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ : جَاءَ طَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ إِلَى جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ فَسَأَلَهُ عَنْ آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ ؟ ، فَقَالَ أُحَرِّجُ عَلَيْكَ إِنْ كُنْتَ مُسْلِمًا إِلَّا مَا قُمْتَ عَنِّي أَوْ قَالَ أَنْ تُجَالِسَنِي . وَقَالَ مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ إِنَّهُ كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ تَفْسِيرِ آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ قَالَ إِنَّا لَا نَقُولُ فِي الْقُرْآنِ شَيْئًا . وَقَالَ اللَّيْثُ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ إِنَّهُ كَانَ لَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا فِي الْمَعْلُومِ مِنَ الْقُرْآنِ . وَقَالَ شُعْبَةُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنْ آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَقَالَ :" لَا تَسْأَلْنِي عَنِ الْقُرْآنِ وَسَلْ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ " ، يَعْنِي : عِكْرِمَةَ . وَقَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ قَالَ كُنَّا نَسْأَلُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَكَانَ أَعْلَمَ النَّاسِ فَإِذَا سَأَلْنَاهُ عَنْ تَفْسِيرِ آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ سَكَتَ كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْ . وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ لَقَدْ أَدْرَكْتُ فُقَهَاءَ الْمَدِينَةِ وَإِنَّهُمْ لَيُعَظِّمُونِ الْقَوْلَ فِي التَّفْسِيرِ مِنْهُمْ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَنَافِعٌ . وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، قَالَ مَا سَمِعْتُ أَبِي تَأَوَّلَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ قَطُّ . وَقَالَ أَيُّوبُ وَابْنُ عَوْنٍ وَهِشَامٌ الدَّسْتُوائِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ سَأَلْتُ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيَّ ، عَنْ آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَقَالَ ذَهَبَ الَّذِينَ كَانُوا يَعْلَمُونَ فِيمَ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ فَاتَّقِ اللَّهَ وَعَلَيْكَ بِالسَّدَادِ . وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا مُعَاذٌ ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ إِذَا حَدَّثْتَ عَنِ اللَّهِ فَقِفْ حَتَّى تَنْظُرَ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ . حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ كَانَ أَصْحَابُنَا يَتَّقُونَ التَّفْسِيرَ وَيَهَابُونَهُ . وَقَالَ شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ قَالَ قَالَ الشَّعْبِيُّ وَاللَّهِ مَا مِنْ آيَةٍ إِلَّا وَقَدْ سَأَلْتُ عَنْهَا وَلَكِنَّهَا الرِّوَايَةُ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ ، قَالَ اتَّقُوا التَّفْسِيرَ فَإِنَّمَا هُوَ الرِّوَايَةُ عَنِ اللَّهِ . فَهَذِهِ الْآثَارُ الصَّحِيحَةُ وَمَا شَاكَلَهَا عَنْ أَئِمَّةِ السَّلَفِ مَحْمُولَةٌ عَلَى تَحَرُّجِهِمْ عَنِ الْكَلَامِ فِي التَّفْسِيرِ بِمَا لَا عِلْمَ لَهُمْ بِهِ فَأَمَّا مَنْ تَكَلَّمَ بِمَا يَعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ لُغَةً وَشَرْعًا فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ وَلِهَذَا رُوِيَ عَنْ هَؤُلَاءِ وَغَيْرِهِمْ أَقْوَالٌ فِي التَّفْسِيرِ وَلَا مُنَافَاةَ لِأَنَّهُمْ تَكَلَّمُوا فِيمَا عَلِمُوهُ وَسَكَتُوا عَمَّا جَهِلُوهُ وَهَذَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ فَإِنَّهُ كَمَا يَجِبُ السُّكُوتُ عَمَّا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ فَكَذَلِكَ يَجِبُ الْقَوْلُ فِيمَا سُئِلَ عَنْهُ مِمَّا يَعْلَمُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى " لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ " [ آلِ عِمْرَانَ : 187 ، وَلِمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ مِنْ طُرُقٍ مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ أُلْجِمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ . فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ " حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَثْمَةَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِيِّ حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ :" مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفَسِّرُ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا آيًا تُعَدُّ عَلَّمَهُنَّ إِيَّاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ " ، ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ الْطَرَسُوسِيِّ عَنْ مَعْنِ بْنِ عِيسَى عَنْ جَعْفَرِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ هِشَامٍ ، بِهِ . فَإِنَّهُ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ غَرِيبٌ وَجَعْفَرٌ هَذَا هُوَ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ الْقُرَشِيُّ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ الْبُخَارِيُّ لَا يُتَابَعُ فِي حَدِيثِهِ وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْفَتْحِ الْأَزْدِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَتَكَلَّمَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ مِمَّا لَا يُعْلَمُ إِلَّا بِالتَّوْقِيفِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى مِمَّا وَقَّفَهُ عَلَيْهَا جِبْرِيلُ وَهَذَا تَأْوِيلٌ صَحِيحٌ لَوْ صَحَّ الْحَدِيثُ فَإِنَّ مِنَ الْقُرْآنِ مَا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِعِلْمِهِ وَمِنْهُ مَا يَعْلَمُهُ الْعُلَمَاءُ وَمِنْهُ مَا تَعْلَمُهُ الْعَرَبُ مِنْ لُغَاتِهَا وَمِنْهُ مَا لَا يُعْذَرُ أَحَدٌ فِي جَهْلِهِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِيمَا قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ قَالَ : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ التَّفْسِيرُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ وَجْهٌ تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ مِنْ كَلَامِهَا وَتَفْسِيرٌ لَا يُعْذَرُ أَحَدٌ بِجَهَالَتِهِ وَتَفْسِيرٌ يَعْلَمُهُ الْعُلَمَاءُ ، وَتَفْسِيرٌ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ . قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُهُ فِي حَدِيثٍ فِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ الْحَارِثِ يُحَدِّثُ عَنِ الْكَلْبِيِّ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ حَلَالٌ وَحَرَامٌ لَا يُعْذَرُ أَحَدٌ بِالْجَهَالَةِ بِهِ وَتَفْسِيرٌ تُفَسِّرُهُ [ الْعَرَبُ وَتَفْسِيرٌ تُفَسِّرُهُ الْعُلَمَاءُ وَمُتَشَابِهٌ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنِ ادَّعَى عِلْمَهُ سِوَى اللَّهِ فَهُوَ كَاذِبٌ . وَالنَّظَرُ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ فِي إِسْنَادِهِ هُوَ مِنْ جِهَةِ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيِّ فَإِنَّهُ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ لَكِنْ قَدْ يَكُونُ إِنَّمَا وَهِمَ فِي رَفْعِهِ وَلَعَلَّهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ . خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، أَخْبَرَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ ، سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :" خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ " . وَأَقْرَأَ أَبُو عَبْدِالرَّحْمَنِ فِي إِمْرَةِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَتَّى كَانَ الْحَجَّاجُ قَالَ : وَذَاكَ الَّذِي أَقْعَدَنِي مَقْعَدِي هَذَا . وَقَدْ أَخْرَجَ الْجَمَاعَةُ هَذَا الْحَدِيثَ سِوَى مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبٍ السُّلَمِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ . وَحَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ أَفْضَلَكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ . وَهَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طُرُقٍ عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ كَمَا رَوَاهُ شُعْبَةُ وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَلَيْهِ فِيهِ ، وَهَذَا الْمَقَامُ مِمَّا حُكِمَ لِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فِيهِ عَلَى شُعْبَةَ ، وَخَطَّأَ بُنْدَارٌ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ فِي رِوَايَتِهِ ذَلِكَ عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقَالَ : رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ مِنْ أَصْحَابِ سُفْيَانَ عَنْهُ بِإِسْقَاطِ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ ، وَرِوَايَةُ سُفْيَانَ أَصَحُّ فِي هَذَا الْمَقَامِ الْمُتَعَلِّقِ بِصِنَاعَةِ الْإِسْنَادِ ، وَفِي ذِكْرِهِ طُولٌ لَوْلَا الْمَلَالَةُ لَذَكَرْنَاهُ ، وَفِيمَا ذُكِرَ كِفَايَةٌ وَإِرْشَادٌ إِلَى مَا تُرِكَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَالْغَرَضُ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ :" خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ " ، وَهَذِهِ مِنْ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُتَّبِعِينَ لِلرُّسُلِ ، وَهُمُ الْكُمَّلُ فِي أَنْفُسِهِمُ ، الْمُكَمِّلُونَ لِغَيْرِهِمْ ، وَذَلِكَ جَمْعٌ بَيْنَ النَّفْعِ الْقَاصِرِ وَالْمُتَعَدِّي ، وَهَذَا بِخِلَافِ صِفَةِ الْكُفَّارِ الْجَبَّارِينَ الَّذِينَ لَا يَنْفَعُونَ ، وَلَا يَتْرُكُونَ أَحَدًا مِمَّنْ أَمْكَنَهُمْ أَنْ يَنْتَفِعَ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : ( الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ " [ النَّحْلِ : 88 ] ، وَكَمَا قَالَ تَعَالَى :" وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ " [ الْأَنْعَامِ : 26 ] ، فِي أَصَحِّ قَوْلَيِ الْمُفَسِّرِينَ فِي هَذَا ، وَهُوَ أَنَّهُمْ يَنْهَوْنَ النَّاسَ عَنِ اتِّبَاعِ الْقُرْآنِ مَعَ نَأْيِهِمْ وَبُعْدِهِمْ عَنْهُ ، فَجَمَعُوا بَيْنَ التَّكْذِيبِ وَالصَّدِّ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى " فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا " [ الْأَنْعَامِ : 157 ] ، فَهَذَا شَأْنُ الْكُفَّارِ ، كَمَا أَنَّ شَأْنَ خِيَارِ الْأَبْرَارِ أَنْ يَكْمُلَ فِي نَفْسِهِ وَأَنْ يَسْعَى فِي تَكْمِيلِ غَيْرِهِ كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ ، وَكَمَا قَالَ [ اللَّهُ ] تَعَالَى :" وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ " [ فُصِّلَتْ : 33 ] ، فَجَمَعَ بَيْنَ الدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ سَوَاءٌ كَانَ بِالْأَذَانِ أَوْ بِغَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الدَّعْوَةِ مِنْ تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ ، وَعَمِلَ هُوَ فِي نَفْسِهِ صَالِحًا ، وَقَالَ قَوْلًا صَالِحًا ، فَلَا أَحَدَ أَحْسَنُ حَالًا مِنْ هَذَا . وَقَدْ كَانَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ الْكُوفِيُّ أَحَدُ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ وَمَشَايِخِهِمْ - مِمَّنْ رَغِبَ فِي هَذَا الْمَقَامِ ، فَقَعَدَ يُعَلِّمُ النَّاسَ فِي إِمَارَةِ عُثْمَانَ إِلَى أَيَّامِ الْحَجَّاجِ قَالُوا : وَكَانَ مِقْدَارُ ذَلِكَ الَّذِي مَكَثَ فِيهِ يُعَلِّمُ الْقُرْآنَ سَبْعِينَ سَنَةً ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَآتَاهُ اللَّهُ مَا طَلَبَهُ وَدَامَهُ . آمِينَ . قَالَ الْبُخَارِيُّ ، رَحِمَهُ اللَّهُ : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ :" أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ :" إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ " ، فَقَالَ :" مَا لِي فِي النِّسَاءِ مِنْ حَاجَةٍ " . فَقَالَ رَجُلٌ :" زَوِّجْنِيهَا قَالَ : [ أَعْطِهَا ثَوْبًا ، قَالَ : لَا أَجِدُ ، قَالَ : أَعْطِهَا وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ ، فَاعْتَلَّ لَهُ ، فَقَالَ ] مَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ . قَالَ : كَذَا وَكَذَا . فَقَالَ :" قَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ ". وَهَذَا الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَى إِخْرَاجِهِ مِنْ طُرُقٍ عَدِيدَةٍ ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ أَنَّ الَّذِي قَصَدَهُ الْبُخَارِيُّ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ تَعَلَّمَ الَّذِي تَعَلَّمَهُ مِنَ الْقُرْآنِ ، وَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعَلِّمَهُ تِلْكَ الْمَرْأَةَ ، وَيَكُونَ ذَلِكَ صَدَاقًا لَهَا عَلَى ذَلِكَ ، وَهَذَا فِيهِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ ، وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ مِثْلُ هَذَا صَدَاقًا ؟ أَوْ هَلْ يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ ؟ وَهَلْ هَذَا كَانَ خَاصًّا بِذَلِكَ الرَّجُلِ ؟ وَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ ؟ أَبِسَبَبِ مَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ ؟ كَمَا قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ نُكْرِمُكَ بِذَلِكَ . أَوْ بِعِوَضِ مَا مَعَكَ ، وَهَذَا أَقْوَى ، لِقَوْلِهِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ : فَعَلِّمْهَا وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَرَادَهُ الْبُخَارِيُّ هَاهُنَا وَتَحْرِيرُ بَاقِي الْخِلَافِ مَذْكُورٌ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ وَالْإِجَارَةِ ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.[ تفسير ابن كثير، إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي ، دار طيبة ، سنة النشر: 1422هـ / 2002م ] " . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ . * (يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ) * . --------------------------------------- (د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِنْ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ) السبت، 06 شوال، 1443هــ ~ 07 مايو، 2022م |
فَصْلٌ فِي شُرُوطِ التَّأْوِيلِ » مقدمة التفسير ؛ 12 : شروط التأويل « » سنن الأنبياء ؛ و سبل العلماء؛ و بساتين البلغاء؛ و الأعجاز العلمي عند الحكماء في تأويل وتفسير آيات الذكر الحكيم المنزل من السماء » ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فَصْلٌ فِي شُرُوطِ التَّأْوِيلِ : وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِوَضْعِ اللُّغَةِ أَوْ عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ أَوْ عَادَةِ صَاحِبِ الشَّرْعِ . وَكُلُّ تَأْوِيلٍ خَرَجَ عَنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَبَاطِلٌ . وَقَدْ فَتَحَ الشَّافِعِيُّ الْبَابَ فِي التَّأْوِيلِ فَقَالَ : الْكَلَامُ قَدْ يُحْمَلُ فِي غَيْرِ مَقْصُودِهِ . وَيُفْصَلُ فِي مَقْصُودِهِ . وَقَدْ اخْتَلَفَتْ الْآرَاءُ فِي التَّأْوِيلِ ، وَمَدَارُهُمْ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ ، فَيُضَعَّفُ التَّأْوِيلُ لِقُوَّةِ ظُهُورِ اللَّفْظِ ، أَوْ لِضَعْفِ دَلِيلِهِ أَوْ لَهُمَا . [ بدر الدين بن محمد بهادر الزركشي ، البحر المحيط ؛ فقه ، دار الكتبي ، سنة النشر: 1414هـ/1994م ، رقم الطبعة: ط1 ] وَقَسَّمَ شَارِحُ " اللُّمَعِ " تَأْوِيلَ الظَّاهِرِ إلَى ثَلَاثِهِ أَقْسَامٍ : أَحَدُهَا : تَأْوِيلُهُ عَلَى مَعْنًى يُسْتَعْمَلُ فِي ذَلِكَ كَثِيرًا ، فَهَذَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى إقَامَةِ الدَّلِيلِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ ، وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِاللَّفْظِ مَا حُمِلَ عَلَيْهِ. وَ الثَّانِي : تَأْوِيلُهُ عَلَى مَعْنًى لَا يُسْتَعْمَلُ كَثِيرًا ، فَهَذَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى أَمْرَيْنِ : أَحَدُهُمَا : بَيَانُ قَبُولِ اللَّفْظِ لِهَذَا التَّأْوِيلِ فِي اللُّغَةِ . وَ الثَّانِي : إقَامَةُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ هُنَا يَقْتَضِيهِ . وَ الثَّالِثُ : حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى مَعْنًى لَا يُسْتَعْمَلُ أَصْلًا ، فَلَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ دَلِيلُ التَّأْوِيلِ أَقْوَى مِنْ دَلِيلِ . قَالَ : وَهَلْ يَجُوزُ التَّأْوِيلُ بِالْقِيَاسِ ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ ، ذَكَرَهَا فِي الْإِرْشَادِ : أَحَدُهَا : الْمَنْعُ . وَ الثَّانِي : وَهُوَ الصَّحِيحُ : الْجَوَازُ ، لِأَنَّ مَا جَازَ التَّخْصِيصُ بِهِ جَازَ التَّأْوِيلُ بِهِ ، كَأَخْبَارِ الْآحَادِ . وَ الثَّالِثُ : بِالْجَلِيِّ دُونَ الْخَفِيِّ ، وَقَدْ جَرَتْ عَادَةُ الْأُصُولِيِّينَ بِذِكْرِ ضُرُوبٍ مِنْ التَّأْوِيلَاتِ هَاهُنَا كَالرِّيَاضَةِ لِلْأَفْهَامِ لِيَتَمَيَّزَ الصَّحِيحُ مِنْهَا عَنْ الْفَاسِدِ ، حَتَّى يُقَاسَ عَلَيْهَا وَيَتَمَرَّنَ النَّاظِرُ فِيهَا . [ بدر الدين بن محمد بهادر الزركشي ، البحر المحيط ؛ فقه ، دار الكتبي ، سنة النشر: 1414هـ/1994م ، رقم الطبعة: ط1 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ * (يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ) * --------------------------------------- (د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِنْ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ) السبت، 06 شوال، 1443هــ ~ 07 مايو، 2022م |
[ 13 . ] طلب تفسيره وتأويله واجب أو كيفية تعلم القرآن والعمل به » مقدمة التفسير ؛ 13 : تطلب تفسيره وتأويله واجب أو كيفية تعلم القرآن والعمل به « » سنن الأنبياء ؛ و سبل العلماء؛ و بساتين البلغاء؛ و الأعجاز العلمي عند الحكماء في تأويل وتفسير آيات الذكر الحكيم المنزل من السماء » ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ 13 . ] طلب تفسيره وتأويله واجب أو كيفية تعلم القرآن والعمل به جاء في بَابِ السُّؤَالِ عَنِ الْفِقْهِ ؛ عَنْ أَبِي عَبْدِالرَّحْمَنِ - يَعْنِي السُّلَمِيَّ . قَالَ : حَدَّثَنَا مَنْ كَانَ يُقْرِئُنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَأْخُذُونَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ آيَاتٍ ، فَلَا يَأْخُذُونَ فِي الْعَشْرِ الْأُخْرَى حَتَّى يَعْلَمُوا مَا فِي هَذِهِ مِنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ . قَالَ : فَيُعَلِّمُنَا الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ . [رَوَاهُ أَحْمَدُ ، وَفِيهِ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ ، اخْتَلَطَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ] . [ مجمع الزاوئد ومنبع الفوائد نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي ، مكتبة القدسي سنة النشر: 1414هـ / 1994م ] جاءت رواية :" يقرؤون على النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات " . [ السمرقندي ؛ بحر العلوم، مقدمه المصنف ] عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته :" أيها الناس قد بين الله لكم في محكم كتابه ما أحل لكم وما حرم عليكم فأحلوا حلاله وحرموا حرامه وآمنوا بمتشابهة واعملوا بمحكمه واعتبروا بأمثاله " . لا يمكن أن يحل حلاله ويحرم حرامه إلا بعد ما يعلم تفسيره ولأن الله تعالى أنزل القرآن هدى للناس وجعله حجة على جميع الخلق لقوله تعالى " وأوحى إلى هذا القرءان لأنذركم به ومن بلغ " [الأنعام 19] فلما كان القرآن حجة على العرب والعجم ثم لا يكون حجة عليهم إلا بعد أن يعلموا تفسيره وتأويله فدل ذلك على أن " طلب تفسيره وتأويله واجب " ، ولكن لا يجوز لأحد أن يفسر القرآن برأيه من ذات نفسه ما لم يتعلم أو يعرف وجوه اللغة وأحوال التنزيل لأنه روي في الخبر عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار " ، وروى أبو صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار " ، وعن ابن مجاهد قال قال رجل لأبي أنت الذي تفسر القرآن برأيك فبكى أبي ثم قال :" إني إذا لجرئ لقد حملت التفسير عن بضعة عشر رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم " ، وِعَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ :" وَفَاكِهَةً وَأَبًّا " [ عبس 31 ] ، فقال :" لا أدري ؛ ما الأب !؟ " ، فقيل له :" قل من ذات نفسك يا خليفة رسول الله " ، قال :" فَقَالَ : أَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي وَأَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي إِذَا قُلْتُ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا لَا أَعْلَمُ " . [ السمرقندي ؛ بحر العلوم، مقدمه المصنف ] " وَرَوَى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ " وَفَاكِهَةً وَأَبًّا " ، ثُمَّ قَالَ :" كُلُّ هَذَا قَدْ عَرَفْنَا فَمَا الْأَبُّ ؟ " ، ثُمَّ رَفَضَ عَصًا كَانَتْ بِيَدِهِ وَقَالَ : هَذَا [ وَاللَّهِ ] لَعَمْرُ اللَّهِ التَّكَلُّفُ ، وَمَا عَلَيْكَ يَا ابْنَ [ أَمِّ ] عُمَرَ أَنْ لَا تَدْرِيَ مَا الْأَبُّ ، ثُمَّ قَالَ : اتَّبِعُوا مَا تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ ، وَمَا لَا [ تَبَيَّنَ ] فَدَعُوهُ .[ تفسير الحسين بن مسعود البغوي ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ * (يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ) * --------------------------------------- (د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِنْ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ) السبت، 06 شوال، 1443هــ ~ 07 مايو، 2022م |
بحث التفسير ﴿ بِسْمِ اللَّهِ ﴾ ﴿ بحث التفسير ﴾ قال -تعالىٰ- :{ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ }[ {89} [سورة النحل] وقال سبحانه : { فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى } {123} [سورة طه ] وقال -تعالىٰ- { لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ } {10}[ سورة الأنبياء فالقرآن الكريم كتاب الله الذي أُنزل على رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم هدى ورحمة ونوراً وعصمة وفضلاً منه ونعمة ، فلا سبيل لصلاح حال هذه الأمة واستقامتها وعزتها وكرامتها ، وقوتها ووحدتها ، وانتفاضها ونهضتها ، وتقدمها وسيادتها إلا بالتمسك بهذا الكتاب المبين .[د. أحمد بن محمد الشرقاوي؛ المقصد السني في تفسير آية الكرسي] - قال ابن مسعود -رضي الله عنه- « „ من أراد العلم فليثر القرآن ” » ؛ وفي رواية أخرى « „ فليؤثر القرآن فإن فيه علم الأولين والآخرين ” » ؛ [المصدر السمرقندي ؛ بحر العلوم، مقدمه المصنف] و - روي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه قال « „ ما من شيء إلا وعلمه فى القرآن غير أن آراء الرجال تعجز عنه ” » ؛ [المصدر السمرقندي ؛ بحر العلوم، مقدمه المصنف] - عن عطاء بن السائب عن أبي عبدالرحمن السلمي قال حدثنا من كان يقرئنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم « „ أنهم كانوا يقرؤون على النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات فلا يأخذون في العشر الأخرى حتى يعلموا ما فيها من العلم والعمل ” » ؛ [المصدر السمرقندي ؛ بحر العلوم، مقدمه المصنف] - عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته « „ أيها الناس قد بين الله لكم في محكم كتابه ما أحل لكم وما حرم عليكم فأحلوا حلاله وحرموا حرامه وآمنوا بمتشابهة واعملوا بمحكمه واعتبروا بأمثاله ” » ؛ لا يمكن أن يحل حلاله ويحرم حرامه إلا بعد ما يعلم تفسيره ولأن الله تعالى أنزل القرآن هدى للناس وجعله حجة على جميع الخلق لقوله تعالى { وأوحى إلى هذا القرءان لأنذركم به ومن بلغ } [الأنعام 19] فلما كان القرآن حجة على العرب والعجم ثم لا يكون حجة عليهم إلا بعد أن يعلموا تفسيره وتأويله فدل ذلك على أن طلب تفسيره وتأويله واجب ولكن لا يجوز لأحد أن يفسر القرآن برأيه من ذات نفسه ما لم يتعلم أو يعرف وجوه اللغة وأحوال التنزيل لأنه روي في الخبر عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال « „ من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار ” » ؛ و - روى أبو صالح عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال « „ من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار ” » ؛ - عن ابن مجاهد قال قال رجل لأبي أنت الذي تفسر القرآن برأيك فبكى أبي ثم قال « „ إني إذا لجرئ لقد حملت التفسير عن بضعة عشر رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم ” » ؛ - وروى عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- أنه سئل عن قوله تعالى : { وفكهة وأبا } [عبس 31] فقال: « „ لا أدري ما الأب ” » ؛ فقيل له : „ قل من ذات نفسك يا خليفة رسول الله ” » ؛ قال: « „ أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في القرآن بما لا أعلم ” » [السمرقندي] ثم أبدأ مِن بعد إذنه وبتوفيقه وسداده وعونه ورضاه بــ 1. ) « „ الإستعاذة ” » ؛ 2. ) « „ سورة الفاتحة ” » ؛ |
رد: «بحوث التفسير والتأويل لآيات التنزيل» جزاك الله خيرا |
رد: «بحوث التفسير والتأويل لآيات التنزيل» ملحق مشاركة رقم 23 *:" ملحق [ المشاركة رقم: (23) ] ". » مقدمة التفسير ؛١٤ : ﴿ بِسْمِ اللَّهِ ﴾ ﴿ بحث التفسير ﴾ » سنن الأنبياء ؛ و سبل العلماء؛ و بساتين البلغاء؛ و الأعجاز العلمي عند الحكماء في تأويل وتفسير آيات الذكر الحكيم المنزل من السماء » " مَنْ أَرَادَ الْعِلْمَ فَلْيُثَوِّرِ الْقُرْآنَ ". *:" ملحق [ المشاركة رقم: (23) ] ". .. أصلُ العلمِ القرآنُ الكريم، المنزل بواسطة أمين السماء جبريل -عليه السلام- من رب العزة -سبحانه وتعالى- علىٰ قلب أيمن السماء والأرض نبي الإسلام ورسول رب العالمين للأنام؛ فحفظته الصحابة الكرام؛ وبلغته إلينا كما نزل.. فــ مَن يريد العلم النافع، فليتوسَّع في تفسير كتاب الله -عز وجل-، وهذا كما قال عبدالله بن مسعود[(*)] -رضي الله عنه-:« „ مَنْ أَرَادَ الْعِلْمَ فَلْيُثَوِّرِ الْقُرْآنَ فَإِنَّ فِيهِ عِلْمَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ ” » . و معنى تثوير القرآن؛ أي: *.] كثرة تدبُّره،[ إذ لا يتحقّق ذلك للمُؤمن إلاّ بتدبّر القُرآن،] و *.] تكرار التأمُّل فيه؛ لــ لاهتداء بهداياته. " [الحث علىٰ التوسع في علم التفسير؛ محمد بن علي بن جميل المطري؛ 15/5/2019 م - 11/9/1440 هــ ] . - :لغةً: " مادة ثار يثور ثورة، من حيث اللُغة، تفيد : " الهياج و " حدَّة الغضب؛ تقول: ثار الدخان والغبار وغيرهما، يثور ثورًا وثورانًا: ظهر وسطع.. و - تثوير الأرض: تقليبها للزرع والحرث. فــ في التنـزيل قوله تعالىٰ: { وَأَثَارُوا الأَرْضَ } [الروم:9] أي قلبوها للزراعة والحرث؛ و في الحديث -كما في الصحيحين- جاءه رجل من أهل نجد ثائر الرأس -أي منتشر شعر الرأس- يسأله الإيمان؛ وكل ما استخرجته أو هجته، فقد أثرته. وثوَّرتُ الأمر: بحثته؛ وثوَّر القرآن: بحث عن معانيه وعن علمه ومقاصده... "[ إسلام ويب؛ مقدمات في القرآن؛ تثوير القرآن؛ 17/09/2016.] فـ - التَثْوير لغةً مصدر ثَوَّرَ، ونقول ثوَّر الأمر: أي بحثه واستقصىٰ مضامينه، و - ومن الدقة في التعبير أن اقول :" جاء في الأثر ". عن عبدالله بن مسعودرضي الله عنه، قال:" « „ مَنْ أَرَادَ عِلْمَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ فَلْيُثَوِّرِ الْقُرْآنَ ” » ؛ وقد قال :" ابن عطية في التفسير: “وتثوير القرآن: - مناقشته و - مدارسته و - البحث فيه، وهو ما يعرف به”. - قال بعض أهل العلم: تثوير القرآن قراءته ومفاتشة العلماء في تفسيره ومعانيه. ". [ إسلام ويب؛ مقدمات في القرآن؛ تثوير القرآن؛ 17/09/2016.] - إن الثورة التي -نحن المسلمين- بحاجة إليها اليوم، هي ثورة القراءة والعلم والفهم والاستيعاب والإدراك، وليس فقط النقل مِن مصدر مجهول بواسطة وسائل التواصل الإجتماعي -وما أكثرها الأن- عبر الشبكة العنكبوتية دون التدقيق والتحقيق والتصحيح والمراجعة؛ وفي السابق كان القول باللسان على أذن الناس وكان محدود.. وما يحدث ويجري في العديد من المناطق ذات الأكثرية المسلمة يؤكد ما أرميه إليه.. و - مِن ثَمَّ العمل والتطبيق؛ إنها ثورة "تثوير القرآن" وتفعيله بعد أن أصبح مهجورًا بكثير من أنواع الهجران: { وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا } [الفرقان:30] - لقد هجرنا القرآن أولاً بهجر قراءتنا له؛ وهذا أبسط أنواع الهجران. - ثم هجرناه ثانيًا بهجر التفكر والتدبر في معانيه ومقاصده ومراميه، فشغلتنا الحروف والألفاظ، عن المعاني والأهداف. - ثم هجرناه ثالثًا بالاشتغال والاهتمام بآيات الأحكام فحسب، وتركنا - وربما أعرضنا - عن الاشتغال بآيات الأنفس والآفاق، والآخلاق والآداب.. وآيات الإعجاز العلمي والإعجاز الإجتماعي.. ونحوهما. - ثم هجرناه رابعًا بتطويعه لأغراض عارضة، وإسقاط معانيه الأصلية الواسعة الشاملة، علىٰ قضايا ظرفية آنية فانية. ويُلَخِّصُ أنواع الهجران هذه، العمل ببعض آيات الكتاب وترك العمل بالبعض الآخر؛ ولا نقول هنا في حق بعض المسلمين الغافلين، ما قاله -سبحانه- في حق اليهود الظالمين: { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ } [البقرة:85]". لأن حسن الظن بالمسلمين واجب شرعًا، لكنه التنبيه والتذكير والنصح.. وحسن مراجعة حالنا في الواقع المعاش اليوم. لقد آن للمسلم المعاصر -وقد بلغ الإنسان مِن العلم ما بلغ، وامتلك مِن أدوات البحث ووسائله ما امتلك- مع تقدم في مجالات العلم المدني والحياتي.. آن للمسلم أن يثوِّر القرآن، ليستخرج منه معانيه الكلية، وأهدافه السامية، ليضبط بها سير وجهته، ويحدد مِن خلالها وجهة مقصده؛ وهذا علىٰ مستوى الفرد، والأمر علىٰ مستوى الأمة آكد وأوجب. ثم إن المسلمين اليوم، بقدر ما هم بحاجة إلىٰ تثوير القرآن، ليفهموا آيات الله المسطورة، فــ هم بحاجة أيضًا -لا تقل عن الحاجة الأولىٰ- إلىٰ تثوير البصائر، ليروا آيات الله المنشورة، ليكون ذلك تصديقًا لما هو مسطور، وتفعيلاً لما هو مقروء؛ وليتحقق فيهم قول الله -سبحانه-: { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد } [فُصِّلَت:53] ". إذاً لزم علىٰ المسلم قراءة كتاب الله المحفوظ في الصدور [القرآن الكريم؛ الذكر الحكيم؛ الفرقان المبين].. هذا أولاً.. وقراءة كتاب الحياة والإنسان الذي هو في الكون منشور.. :" فالتثوير يعني التحريك.. والتقليب.. والتنقيب.. والتنقير في الأرض، والبحث.. والتفتيش.. والاستقصاء.. والاستنباط في النص، وكلها معانٍ متضمنة للحركة، باعثةٌ عليها، وهذا ما نرمي إليه بتثوير القراءة: أن تكون -القراءة- متضمنة للحركة؛ بأن يُعمِل القارئ بعض الأدوات والآليات في النص فيخرجه من سكونه وسباته، وباعثةٌ عليها؛ بأن تُثيْر في نفسه تساؤلات واستفسارات تدفعانه للبحث والقراءة أكثر. ". [السعيد] :" لماذا علينا أن نثوِّر ما نقرأ؟ بتثوير النص تكون قراءتنا تثويرية، أي فهمية استيعابية فكرية عقلية تنويرية إدراكية مستقبلية.. وهي القراءة التي يُترجَّى منها ويعوُّل عليها في إنتاج المعرفة وإحداث العلم وتجديد الفكر وزيادة الفهم وتكوين العقل الصحيح وبناء الرأي الصريح، وهي التي تصنع العقليات العالية والنفوس السامية. يقول الأستاذ العلامة محمد محمد أبو موسىٰ: “مَن أراد أن يخرج قومه مِن ظلمات التخلُّف إلىٰ أنوار التقدُّم، ومِن ظلمات الجهل إلىٰ نور العلم، ومِن ظلمات الظلم إلىٰ أضواء العدل، ومِن ظلمات الفزع والخوف إلىٰ رحاب الأمن والطمأنينة، ومِن ظلمات الفقر والعوز إلىٰ الغنىٰ والقوة، مَن أراد ذلك فليقرأ وليتِحْ لقومه أن يقرءوا، إن الشعاع الأول لإخراج الناس مِن الظلمات إلىٰ النور هو القراءة”." مصداقاً لقوله تعالىٰ: { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَق } [العلق:1] .. { اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَم } [العلق:3]. فالخروج والخلاص في القراءة، فما هي هذه القراءة؟ ما شكلها.. وماهيتُها؟ ولماذا لم نخرج مِن هذه الظلمات.. ونحن نقرأ منذ عقود وقرون؟ إن هذه القراءة التي قصدها أستاذنا أبو موسىٰ ليست ككُلِّ القراءات الأخرىٰ، لا هي قراءة : - تباهي وتفاخر، هَمُّ صاحبها أن يظهر بمظهر المثقَّف العارف والعالِم الفطِن، و - لا قراءة تسلية أو متعة لا تحصِّل علماً ولا تزيد فهماً، و - لا قراءةٌ لدفع الملل وقتل الوقت لا تجدي نفعاً ولا تترك أثراً في نفس صاحبها، و - لا قراءة عقلٍ ميت وقلبٍ غافل، و -" لا قراءة نطلبها بأوقات الفراغ أو قراءةٌ محسوبة علىٰ الكماليات والهِوايات. - هذه القراءة .. قراءةٌ يُراد بها تحصيلُ علمٍ ودفْع جهلٍ وإنشاء معرفة جديدة في صرح العلوم وفتح آفاق عديدة في الفهم والفكر، قراءة تثير فينا الدهشة والسؤال والحيرة، تثير فينا طلباً أكثر وتزوداً أغزر من العلوم والمعارف، وجماعُ هذا الأمر في تثوير ما نقرأ بعد معونة الله وتوفيقه. وهي من أصعب القراءات وأشدُّها على النفس في البدايات ولا يرتادُها إلا من رُزِق حُب العلم والمعرفة وشُغِف بطلبهما. تتطلَّب من صاحبها صبراً وجهداً وطاقة، ولا يصبر عليها إلا من رُزِق حبَّ القراءة، ومن كان همَّهُ إخراج الناس من الظلمات إلى النور. ومن صبر عليها نال الكثير ولا يسعنا المقام ويضيق بنا الوقت عن بسط القول في هذا الباب ومن شاء فليراجع ما كتبه العلماء وقاله الأدباء، ويكفينا أن نعرِّض بقول يسير، فنقول: إن أهل هذه القراءة أهل علمٍ، تتجلى عليهم أنوار المعرفة، ويُخصَّون دون غيرهم بفهم وعلم، وتُفتَح لهم من الأبواب ويُكشف لهم من الأسرار ما لا يكون لغيرهم، فيكونون منارةً لمن بعدهم وضياءً وكنزاً لمعاصريهم، ولبْنَةً وحجراً في ثقافة الأمة وحضارتها.. " . [السعيد] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ - في إحصائية صدرت مؤخراً تبين أن كل 40 عربياً مِن المحيط إلىٰ الخليج يقرأون كتاباً واحداً في العام.. وفي مقابلهم يقرأ إسرائيلي واحد [40] كتاباً في العام.. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ :" كيف نثوِّر القراءة؟ تثوير القراءة، أي تثويرُ ما نقرأ، ويكون التثوير باستعمال آلياتٍ وأدوات عدَّة كـ - التفكُّر و - التدبُّر و - التنبُّه و - البحث الدقيق و - التأمل العميق و - التساؤل و - التكرار و - المباحثة و - المدارسة و - المحاورة و - إشغال الفكر و - إعمال النَّظر. فكلُّ واحدة من هذه الأدوات والآليات لها شأنٌ ودورٌ -بعد توفيق الله ومعونته- في تنمية المعرفة وتوسيع العلم وبسط الفهم، وبها تتولَّد الأفكار وتتجلىٰ الأنوار، ويخرج النص عن سكونه فتُبعَث فيه الحياة وتدبُّ فيه الحركة والنشاط فيُستخرج منه نصاً جديداً ويتولَّد منه فهماً حديثاً. القراءة كالولادة، فيكون مِن الكتاب كتاباً ومِن النص نصاً ومِن المعنىٰ معنىً آخر، ومِن الفهم القديم فهم جديد، مِن رحمٍ واحد تخرج وتتولَّد وتتكاثر هذه الفهوم والعلوم. ولا يُحسِن فِعْلُ ذلك ويتقنه إلا أصحاب الألباب السليمة والعقول اليقظة والنفوس الحيّة. ومناطُ هذه الأفعال والأعمال وصلاحها وانعدام فسادها وانتفاء ضررها يكون: بــ - صدق التطلُّب و - التزوُّد و - إخلاص النية، و - امتلاك عقل حي متيقِّظ و - نفس شغوفة صبورة. واجب علينا أن نتعلَّم كيف نقرأ، وأن نتعلَّم كيف نثوُّر ما نقرأ، وأن نتعلَّم كيف نستفيد ممَّا نقرأ، إن تعلمنا هذا وأتقناه نكون قد خطونا خطوتنا الأولىٰ في طريق إنشاء المعرفة وبناء الحضارة. " القارئ المثوِّر: والمثوّر لما يقرأ هو الذي لا يكتفِ بظاهر النص، إنَما يتغلغل إلىٰ باطنه، يفتِشُ وينقِّب، ويعيد ويكرِّر، ويوسِّع دائرة بحثه ونطاق دراسته، فيغترف من أعينٍ متعدِّدة وينظر في الأقوال المتنوِّعة والآراء المشكَّلة، فتكون لهُ مادةٌ غزيرة في الباب الواحد، يُعمِل فيها أدوات المعرفة وآليات الفهم مع إحسان التأمُّل وإجادة التفكُّر واستنفار الطاقة وصدق المجاهدة، فيستخرج بتوفيق الله-السميع العليم- خبايا المعرفة ودقائق العلم مِن ظاهر الكتاب وباطنه، ويسدُّ الثغرات ويملأ الفراغات ويكمل المنقوص في الكتاب والمادة ويزيد في الكتابة والتأليف فيما سكت عنه المؤلف، وإن لم يكن له هذا، كانت له عصارةٌ نتاج هذا الصنيع تغذي العقل والفكر، ويكسَبُ بها فهماً جديداً ورأياً سديداً. والقارئ المثوّر ينال مِن لذَّة تحصيل المعرفة ومتعة بسط الفهم وجلال إنتاج العلم وتجلّي أنوار العلم الشيء الكثير والكم الوفير ما لا يمكن وصفه ويستحيل شرحه، يعرفه من عاشه وخبره. بــ هذه القراءة، نحصِّل العلوم ونصنع العقول وننتج المعارف ونحيِّي النفوس. بهذه الأفعال تُبنىٰ الحضارات وتقوم الأمم وتتقدم الدول وتترقّىٰ الشعوب، فــ هلّا تنبَّهنا وتيقظَّنا، فعملنا فأتقنَّا فوصلنا ونجحنا وما هذا بالعسير المستحيل وهو علىٰ الله يسير إن أُخلِصتِ النية وصُحِّحت المقاصد وهُذِّبت الغايات. ". . [السعيد] - نسأل الله أن يجعلنا ممن { .. أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا } [الفتح:26] - اللهمَّ فَقِّهْنا في الدين، وعلِّمنا التفسير، وازقنا طاعتك، وطاعة رسولك، والعمل بكتابك، وسنة نبيِّك.________________________________________ [(*)] (ابن مسعود؛ ابن أم عبد) عبدالله بن مسعود بن حبيب بن شمخ بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر؛ أخو عتبة؛ أمه أم عبد بنت ود بن سواء؛ أبوه مسعود بن غافل؛ والد عبدالرحمن و عامر. التخريج: - [رواه: مرة بن شراحيل؛ انظر: البوصيري في: إتحاف الخيرة المهرة (1 /190)؛ الحديث :موقوف ]. [الدرر] - [رواه أحمد بن حنبل في كتاب : الزهد (٨٥٦): حدثنا عبدالله، حدثنا عبيدالله بن عمر، قال يحيى بن سعيد، عن شعبة، حدثني أبو إسحاق، عن مرة قال: قال عبدالله بن مسعود:" « من أراد العلم فليثور القرآن؛ فإن فيه علم الأولين والآخرين». ]؛ - مصنف ابن أبي شيبة (٣٠٦٤١): ( 35839) حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن مرة ، عن عبدالله ، قال: « من أراد العلم فليقرأ القرآن فإن فيه علم الأولين والآخرين » . - المعجم الكبير للطبراني (٨٦٦٤-٨٦٦٥-٨٦٦٦): حدثنا بشر بن موسى ، حدثنا خلف بن الوليد ، أخبرنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن مرة ، عن ابن مسعود ، قال: « من أراد خير الأولين والآخرين فليثور القرآن ، فإن فيه خير الأولين والآخرين » . حدثنا محمد بن النضر الأزدي ، حدثنا معاوية بن عمرو ، حدثنا زهير ، عن أبي إسحاق ، عن مرة ، قال : قال عبدالله: « من أراد علما فليثور القرآن ، فإنه خير الأولين وخير الآخرين ». حدثنا أبو خليفة ، حدثنا محمد بن كثير ، حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن مرة ، عن عبدالله ، قال: « من أراد العلم فليثور القرآن ، فإن فيه علم الأولين والآخرين » . - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (٧/ ١٦٥): عن عبدالله بن مسعود قال: « من أراد العلم فليثور القرآن، فإن فيه علم الأولين والآخرين » . - رواه الطبراني بأسانيد، ورجال أحدها رجال الصحيح. - المطالب العالية (٣١٠٠): قال مسدد: حدثنا يحيى عن شعبة، ثنا أبو إسحاق عن مرة، قال: قال عبدالله: « من أراد العلم فليؤثر القرآن، فإن فيه علم الأولين والآخرين ». - البيهقي في الشعب ( 1960) من طرق عن إبي إسحاق عن مرة عن ابن مسعود قال: « من أراد خير الأولين والآخرين فليثور القرآن فإن فيه خير الأولين والآخرين ». و في لفظ: « من أراد علما فليقرأ القرآن فإن فيه خير الأولين والآخرين ». و في لفظ آخر: « من أراد علما فليثور القرآن فإنه خير الأولين وخير الآخرين ». و سنده صحيح . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ * (يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ) * --------------------------------------- (د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِنْ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ) الأحد، 07 شوال، 1443هــ ~ 08 مايو، 2022م:" |
رد: «بحوث التفسير والتأويل لآيات التنزيل» : مسألة الإستعاذة سنبدأ بمسألة الإستعاذة -إن شاء الله- .... |
رد: «بحوث التفسير والتأويل لآيات التنزيل» قال تعالى ذكره وجلَّ قدره : « فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّه ِمِن َالشَّيْطَان ِالرَّجِيم ِ» [ النحل: 98 ] وقال -سبحانه وتعالى- : « وَإِمَّا يَنْزَغَنَّك َمِن َالشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِۖ إِنَّه ُهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ » [ فصلت: 36] |
رد: «بحوث التفسير والتأويل لآيات التنزيل» وَقَالَ عَنْ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- « أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ » [ البقرة : 67 ] |
رد: «بحوث التفسير والتأويل لآيات التنزيل» [ 1 . ] الآيات القرآنية التي ورد فيهاالمسألة الأولى الجذر « عوذ » ، العين والواو والذال و الصيغة القرآنية [1] : [ 1 . * ] عُذْتُ « وَقَالَ مُوسَىٰ إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ » [ 40 غافر : 27 ] « وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ » [ 44 الدخان : 20] [ 2 . * ] أَعُوذُ « وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ۖ قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا ۖ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ » [ 2 البقرة : 67 ] « قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ۖ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۖ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ(46) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ ۖ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ » [ 11 هود : 46 - 47] وعن مريم أنها :« قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَٰنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا » [19 مريم : 18] « وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) و « وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ » [ 23 المؤمنون : 97 - 98 ] « قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ » [113 الفلق : 1] « قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ » [114 الناس : 1] [ 3 . * ] يَعُوذُونَ « وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا » [72 : الجن : 6 ] [ 4 . * ] أُعِيذُهَا « فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَىٰ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَىٰ ۖ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ » [3 آل عمران : 36] [ 5 . * ] اسْتَعِذْ « وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ » [7 الأعراف : 200 ] « فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ » [ 16 النحل : 98] « إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۙ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ ۚ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ » [ 40 غافر : 56 ] « وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ » [41 فصلت : 36] هذا كله لأن مولانا سبحانه وتعالى قال :" إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ » [ 16 النحل : 99 – 100] ***** [ 6 . * ] مَعَاذَ « وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ » [12 يوسف : 23 ] « قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ » [ 12 : يوسف : 79 ] ـــــــــــ [ 1 ] وفق ترتيب المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم ، عبدالباقي ؛ محمد فؤاد ، دارالحديث ، القاهرة ، الطبعة الأولى 1406هـ ~ 1986م . |
رد: «بحوث التفسير والتأويل لآيات التنزيل» [ 2 . ] المسألة الثانية : الِاسْتِعَاذَةُ لُغة التفسير و التأويل لــ آيات التنزيل [ 1 . ] « الِاسْتِعَاذَةُ » لقوله تَعَالَى -ذكره وجل قدره- :« فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ » [ النَّحْلِ : 98 ] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ الِاسْتِعَاذَةِ الإمام القرطبي في تفسيره قال :" وَفِيهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً "و ذكرها ؛ أما صاحب كتاب النشر في القراءت العشر ؛ أبوالخير محمد بن محمد الدمشقي المعروف بـ ابن الجزري ، فجعلها من عدة وجوه سنتعرض لها ، بيْدَ أني بدأتُ في عرضها باسلوب آخر فـ : تعريفها : الِاسْتِعَاذَةُ لغة : - الالتجاء و - الاعتصام و - التحصُّن . وهذا ما جاء في لسان العرب ؛ فقد قال العلامة ابن منظور ؛ هي :" الالتجاء والاعتصام والتحصن " . وهي مصدر الفعل استعاذ أي : طلب العوذ والعياذ . [ ابن منظور ؛ لسان العرب ، دار صادر ، سنة النشر: 2003م ] تَأْوِيلُ قَوْلِهِ : « أَعُوذُ » يتفق القرطبي فى مقدمة تفسيره عند القول في الإستعاذة حين تحدث في المسألة التَّاسِعَةُ و أبو جعفر ؛ في مَعْنَى الِاسْتِعَاذَةِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فيقَولَا : الِاسْتِعَاذَةُ : الِاسْتِجَارَةُ . وَالقرطبي يزيد :" التَّحَيُّزُ إِلَى الشَّيْءِ ، عَلَى مَعْنَى الِامْتِنَاعِ بِهِ مِنَ الْمَكْرُوهِ " . ** وقولهم : " معاذ الله " أَي أَعوذ بالله معاذاً . فقوله : « أعوذ » مشتق من العَوْذ ، و له معنيان أحدهما : « الالتجاء و الاستجارة » ، و « التحيز إلى الشيء » ، على معنى الامتناع به من المكروه . و من الأمثلة العربية التي تشهد لهذا المعنى : 1 . ) يقال : عذت بفلان واستعذت به [ ابن الجزري له رأي في هذا القول سنفصله في موضعه ] ؛ أي لجأت إليه ، و هو عياذي ؛ أي ملجئي . 2 . ) وفي حديث حذيفة : › تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ عَرْضَ الْحَصِيرِ عَوْدًا عَوْدًا ‹ [1]. بالدال ، قال ابن الأَثير : وروي [ بالذال المعجمة ] كــ أَنه استعاذ من الفتن . و الثاني: « الالتصاق » ومن الأمثلة العربية التي تشهد لهذا المعنى : 1. ) يقال : « أطيب اللحم عوذه » ، و هو ما التصق منه بالعظم ، قال ثعلب : قلت لأَعرابي : ما أَطيب اللحم؟ ، قال : عُوَّذُه . 2 . ) ويقولون لكلِّ أنثى إذا وضعت : عائذ . وتكون كذا سبعةَ أيّام ، و إنّما سمِّيت لما ذكرناه من ملازمة ولِدها إيّاها ، أو ملازمتها إيّاه . 3 . ) وناقة عائذ : عاذ بها ولدها . 4 . ) ومُعَوَّذُ الفرس : موضع القلادة . ــــــــــــــــــــ [ راجع ما كتبه الشيخ إسلام منصور عبدالحميد ] ** يُقَالُ : عُذْتُ بِفُلَانٍ وَاسْتَعَذْتُ بِهِ ؛ أعُوذ عَوْذاً وعِيَاذاً ومَعاذاً: أَيْ لاذ فيه ولَجَأَ إِلَيْهِ . وَهُوَ عِيَاذِي ؛ أَيْ مَلْجِئِي . وَأَعَذْتُ غَيْرِي بِهِ وَعَوَّذْتُهُ بِمَعْنًى [واحدٍ]. ومعاذَ اللهِ أَي عياذاً بالله . قال الله عز وجل :« مَعَاذَ الله أَن نأْخذ إِلا مَن وجدَنا متاعنا عنده » [سورة يوسف ؛ آية : 79 ] ؛ أَي نعوذ بالله معاذاً أَن نأْخذ غير الجاني بجنايته . ** وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ " الِاسْتِعَاذَةِ وَالتَّعَوُّذِ " وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُمَا وَالْكُلُّ بِمَعْنًى . فقولهم معاذ الله أي أعوذ بالله مَعَاذاً و العُوذة والمَعَاذَةُ والتَّعْوِيذ كله بمعنى واحد ، وبه سُمِّيت « قُلْ أعوذ بِرَبّ الفَلَق » و « قُلْ أعوذ برب الناس » = المُعوِّذَتَين . وَ مِنْهُ الْحَدِيثُ ... › إِنَّمَا قَالَهَا تَعَوُّذًا ‹ [2] ، أَيْ إِنَّمَا أَقَرَّ بِالشَّهَادَةِ لَاجِئًا إِلَيْهَا وَمُعْتَصِمًا بِهَا لِيَدْفَعَ عَنْهُ الْقَتْلَ ، وَلَيْسَ بِمُخْلِصٍ فِي إِسْلَامِهِ . وَ مِنْهُ الْحَدِيثُ ... " عَائِذٌ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ " ، أَيْ أَنَا عَائِذٌ وَمُتَعَوِّذٌ ، كَمَا يُقَالُ مُسْتَجِيرٌ بِاللَّهِ ، فَجَعَلَ الْفَاعِلَ مَوْضِعَ الْمَفْعُولِ ، كَقَوْلِهِمْ : سِرٌّ كَاتِمٌ ، وَمَاءٌ دَافِقٌ . وَ مَنْ رَوَاهُ " عَائِذًا " بِالنَّصْبِ جَعَلَ الْفَاعِلَ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ ، وَهُوَ الْعِيَاذُ . وَ فِي حَدِيثِ الْحُدَيْبِيَةِ ..." وَمَعَهُمُ الْعُوذُ الْمَطَافِيلُ" يُرِيدُ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ . وَ الْعُوذُ فِي الْأَصْلِ : جَمْعُ عَائِذٍ وَهِيَ النَّاقَةُ إِذَا وَضَعَتْ ، وَبَعْدَ مَا تَضَعُ أَيَّامًا حَتَّى يَقْوَى وَلَدُهَا ـ كما ذكرت سابقاً ـ. وَ مِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ :" فَأَقْبَلْتُمْ إِلَيَّ إِقْبَالَ الْعُوذِ الْمَطَافِيلِ " و المَعاذ المصدرُ، والمكان، والزمان: أي لَقد لَجأت إلى مَلْجأ ولُذْت بِمَلاذٍ . [ ابن الأثير ، النهاية في غريب الحديث والأثر، مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد ، المكتبة العلمية دون ذكر سنة النشر] * * * وَ يُقَالُ : عَوْذٌ بِاللَّهِ مِنْكَ ؛ أَيْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ ؛ قَالَ الرَّاجِزُ : قَالَتْ وَفِيهَا حَيْدَةٌ وَذُعْرُ * * عَوْذٌ بِرَبِّي مِنْكُمْ وَحُجْرُ وَالْعَرَبُ تَقُولُ عِنْدَ الْأَمْرِ تُنْكِرُهُ : حُجْرًا لَهُ ، بِالضَّمِّ ، أَيْ دَفْعًا ، وَهُوَ اسْتِعَاذَةٌ مِنَ الْأَمْرِ . وَالْعَوْذَةُ وَالْمُعَاذَةُ وَالتَّعْوِيذُ كُلُّهُ بِمَعْنًى .وَأَصْلُ أَعُوذُ : أَعْوُذُ نُقِلَتِ الضَّمَّةُ إِلَى الْعَيْنِ لِاسْتِثْقَالِهَا عَلَى الْوَاوِ فَسَكَنَتْ . « عوذ » ، العين والواو والذال أصلٌ صحيح يدلُّ على الالتجاء إلى الشَّيء ، ثم يُحمَل عليه كلُّ شيء لصق بشيءٍ أو لازَمَ . *** والعُوذةُ والمَعَاذَةُ والتَّعْوِيذُ : الرُّقية يُرْقى بها الإِنسان من فزع أَو جنون لأَنه يعاذ بها . وعَوَّذْت فلاناً بالله وأَسمائه وبالمُعَوِّذتين ؛ إِذا قلت أُعيذك بالله وأَسْمائه من كل ذي شر وكل داء وحاسد وحَيْنٍ . ــــــــــــــــــــــــــــ [ راجع ما كتبه د. السيد العربى بن كمال] ـــــــــــــــــــــــــــ يكمل ابن جرير الطبري فيقول :" وَتَأْوِيلُ قَوْلِ الْقَائِلِ : « أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ » أَسْتَجِيرُ بِاللَّهِ - دُونَ غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ خَلْقِهِ - مِنَ الشَّيْطَانِ أَنْ يَضُرَّنِي فِي دِينِي ، أَوْ يَصُدَّنِي عَنْ حَقٍّ يَلْزَمُنِي لِرَبِّي . فيكون معنى أعوذ: ألجأ وألوذ. ** |
رد: «بحوث التفسير والتأويل لآيات التنزيل» الهوامش [1] الحديث ذكره مسلم في صحيحه باب بَيَانِ أَنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا وَأَنَّهُ يَأْرِزُ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْن „: عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ أَيُّكُمْ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَذْكُرُ › الْفِتَنَ ‹ فَقَالَ قَوْمٌ نَحْنُ سَمِعْنَاهُ فَقَالَ لَعَلَّكُمْ تَعْنُونَ فِتْنَةَ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَجَارِهِ قَالُوا أَجَلْ قَالَ تِلْكَ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَ لَكِنْ أَيُّكُمْ سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَذْكُرُ › الْفِتَنَ الَّتِي تَمُوجُ مَوْجَ الْبَحْرِ ‹ ، قَالَ حُذَيْفَةُ فَأَسْكَتَ الْقَوْمُ فَقُلْتُ أَنَا قَالَ أَنْتَ لِلَّهِ أَبُوكَ قَالَ حُذَيْفَةُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ › : تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا ، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ ، حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا ؛ فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ، وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ ‹ ، قَالَ حُذَيْفَةُ وَحَدَّثْتُهُ أَنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا يُوشِكُ أَنْ يُكْسَرَ قَالَ عُمَرُ أَكَسْرًا لَا أَبَا لَكَ فَلَوْ أَنَّهُ فُتِحَ لَعَلَّهُ كَانَ يُعَادُ قُلْتُ لَا بَلْ يُكْسَرُ وَحَدَّثْتُهُ أَنَّ ذَلِكَ الْبَابَ رَجُلٌ يُقْتَلُ أَوْ يَمُوتُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالْأَغَالِيطِ قَالَ أَبُوخَالِدٍ فَقُلْتُ لِسَعْدٍ يَا أَبَا مَالِكٍ مَا أَسْوَدُ مُرْبَادًّا قَالَ شِدَّةُ الْبَيَاضِ فِي سَوَادٍ قَالَ قُلْتُ فَمَا الْكُوزُ مُجَخِّيًا قَالَ مَنْكُوسًا . وَ لَمَّا قَدِمَ حُذَيْفَةُ مِنْ عِنْدِ عُمَرَ جَلَسَ فَحَدَّثَنَا فَقَالَ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمْسِ لَمَّا جَلَسْتُ إِلَيْهِ سَأَلَ أَصْحَابَهُ أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي › الْفِتَنِ ‹ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي خَالِدٍ وَلَمْ يَذْكُرْ تَفْسِيرَ أَبِي مَالِكٍ لِقَوْلِهِ مُرْبَادًّا مُجَخِّيًا . وَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ مَنْ يُحَدِّثُنَا أَوْ قَالَ أَيُّكُمْ يُحَدِّثُنَا وَفِيهِمْ حُذَيْفَةُ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْفِتْنَةِ قَالَ حُذَيْفَةُ أَنَا وَسَاقَ الْحَدِيثَ كَنَحْوِ حَدِيثِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ رِبْعِيٍّ وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ قَالَ حُذَيْفَةُ حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالْأَغَالِيطِ وَقَالَ يَعْنِي أَنَّهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. [ صحيح مسلم ] |
رد: «بحوث التفسير والتأويل لآيات التنزيل» مفردات الحديث : › الْفِتَنُ ‹ أَيِ : الْبَلَايَا وَالْمِحَنُ ، وَقِيلَ : الْعَقَائِدُ الْفَاسِدَةُ وَالْأَهْوَاءُ الْكَاسِدَةُ ، وَفِي نُسْخَةٍ : عَوْذًا عَوْذًا بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ ، أَيْ : نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ عَوْذًا بَعْدَ عَوْذٍ ، قَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ -رَحِمَهُ اللَّهُ- : وَمَنْ رَوَاهُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ فَمَعْنَاهُ سُؤَالُ الِاسْتِعَاذَةِ مِنْهَا ، كَمَا يُقَالُ : غُفْرًا غُفْرًا أَيْ : نَسْأَلُكَ أَنْ تُعِيذَنَا مِنْ ذَلِكَ وَأَنْ تَغْفِرَ لَنَا . وَ قَوْلُهُ : ( " أَسْوَدَ مِرْبَادًّا " ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَبِالدَّالِ الْمُشَدَّدَةِ : مِنِ ارْبَادَّ كَاحْمَارَّ ، أَيْ صَارَ كَلَوْنِ الرَّمَادِ ، مِنَ الرُّبْدَةِ لَوْنٌ بَيْنَ السَّوَادِ وَالْغَبَرَةِ ، وَهُوَ حَالٌ أَوْ مَنْصُوبٌ عَلَى الذَّمِّ ، ( كَالْكُوزِ ) ، أَيْ : يُشْبِهُ الْآخَرُ الْكُوزَ حَالَ كُوخٍ ( " مُجْخِيًّا " ) بِضَمِّ مِيمٍ وَسُكُونِ جِيمٍ وَخَاءٍ مَكْسُورَةٍ وَيَاءٍ آخِرَ الْحُرُوفِ مُشَدَّدَةٍ وَقَدْ تُخَفَّفُ ، وَ فِي النِّهَايَةِ : وَرُوِيَ بِتَقْدِيمِ الْخَاءِ عَلَى الْجِيمِ أَيْ مَائِلًا مَنْكُوسًا ، مُشَبِّهًا مَنْ هُوَ خَالٍ مِنَ الْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ بِكُوزٍ مَائِلٍ لَا يَثْبُتُ فِيهِ شَيْءٌ وَلَا يَسْتَقِرُّ ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ : ( " لَا يَعْرِفُ " ) أَيْ : هَذَا الْقَلْبُ ( " مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا ) ، وَالْمَعْنَى : لَا يَبْقَى فِيهِ عِرْفَانُ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ ، وَلَا إِنْكَارُ مَا هُوَ مُنْكَرٌ ( " إِلَّا مَا أُشْرِبَ " ) أَيِ : الْقَلْبُ ( " مِنْ هَوَاهِ " ) ، أَيْ : فَيَتْبَعُهُ طَبْعًا مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ كَوْنِهِ مَعْرُوفًا أَوْ مُنْكَرًا شَرْعًا . هَذَا مُجْمَلُ الْكَلَامِ ، وَتَفْصِيلُهُ مَا ذَكَرَهُ شُرَّاحُ الْكَنْزِ فِي هَذَا الْمَقَامِ . قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ : أَيْ حَتَّى يَصِيرَ جِنْسُ الْإِنْسِ عَلَى قِسْمَيْنِ : قِسْمٌ ذُو قَلْبٍ أَبِيٍّ كَالصَّفَا ، وَذُو قَلْبٍ أَسْوَدَ مُرْبَدًّا . قَالَ الْمُظْهِرُ : الضَّمِيرُ فِي يَصِيرُ لِلْقُلُوبِ أَيْ : تَصِيرُ الْقُلُوبُ عَلَى نَوْعَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَبْيَضُ ، وَ ثَانِيهُمَا : أَسْوَدُ . قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : الصَّفَا : الْحِجَارَةُ الصَّافِيَةُ الْمَلْسَاءُ ، وَأُرِيدَ بِهِ هُنَا النَّوْعُ الَّذِي صَفَا بَيَاضُهُ ، وَعَلَيْهِ نَبَّهَ لِقَوْلِهِ أَبْيَضُ ، وَإِنَّمَا ضُرِبَ الْمَثَلُ بِهِ ; لِأَنَّ الْأَحْجَارَ إِذَا لَمْ تَكُنْ مَعْدِنِيَّةً لَمْ تَتَغَيَّرْ بِطُولِ الزَّمَانِ ، وَلَمْ يَدْخُلْهَا لَوْنٌ آخَرُ ، لَا سِيَّمَا النَّوْعَ الَّذِي ضُرِبَ بِهِ الْمَثَلُ فَإِنَّهُ أَبَدًا عَلَى الْبَيَاضِ الْخَالِصِ الَّذِي لَا يَشُوبُهُ كَدَرَةٌ ، وَإِنَّمَا وَصَفَ الْقَلْبَ بِالرُّبْدَةِ ; لِأَنَّهُ أَنْكَرَ مَا يُوجَدُ مِنَ السَّوَادِ ، بِخِلَافِ مَا يَشُوبُهُ صَفَاءٌ وَتَعْلُوهُ طَرَاوَةٌ مِنَ النَّوْعِ الْخَالِصِ . |
رد: «بحوث التفسير والتأويل لآيات التنزيل» وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ : وَمَعْنَى عَوْدًا عَوْدًا أَيْ تُعَادُ ، عند شرح مسلم ، قال النووي :" هَذَانِ الْحَرْفَانِ مِمَّا اخْتُلِفَ فِي ضَبْطِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ .. أَظْهَرُهَا وَأَشْهَرُهَا عُودًا عُودًا بِضَمِّ الْعَيْنِ وَبِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَ الثَّانِي بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَبِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْضًا وَ الثَّالِثُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَ لَمْ يَذْكُرْ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ غَيْرَ الْأَوَّلِ وَأَمَّا الْقَاضِي عِيَاضٌ فَذَكَرَ هَذِهِ الْأَوْجُهَ الثَّلَاثَةَ عَنْ أَئِمَّتِهِمْ وَاخْتَارَ الْأَوَّلُ أَيْضًا قَالَ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا أَبُوالْحُسَيْنِ بْنُ سَرَّاجٍ فَتْحَ الْعَيْنِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ قَالَ وَمَعْنَى تُعْرَضُ أَنَّهَا تُلْصَقُ بِعَرْضِ الْقُلُوبِ أَيْ جَانِبهَا كَمَا يُلْصَقُ الْحَصِيرُ بِجَنْبِ النَّائِمِ وَيُؤَثِّرُ فِيهِ شِدَّةُ الْتِصَاقهَا بِهِ" [ شَرْحِ مُسْلِمٍ ] . |
رد: «بحوث التفسير والتأويل لآيات التنزيل» حَدِيثٌ [2] عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَرَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهُ غَنَمٌ لَهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ قَالُوا : › مَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا لِيَتَعَوَّذَ مِنْكُمْ ‹ فَقَامُوا فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا غَنَمَهُ فَأَتَوْا بِهَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَنْزَلَ اللَّهُ -تَعَالَى-:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ „ . (سنن الترمذي تحفة الأحوذي ، محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري دار الكتب العلمية ، دون ذكر سنة النشر ) |
رد: «بحوث التفسير والتأويل لآيات التنزيل» التفسير والتأويل لــ جاء في محكم آيات التنزيل المسألة الثالثة : الإستعاذة اصطلاحاً : [ 1 . ] « الِاسْتِعَاذَةُ » الْقَوْلُ فِي تَأْوِيل ِالِاسْتِعَاذَةِ سنستخدم في الصفحات القادمات العديد من الكلمات تطلق العلماء لفظ : " مصطلح " عليها، لذا يقول الدكتور الوالد أحمد عمر هاشم :" لكل علم من العلوم أو فن من الفنون اصطلاحات خاصه به والتعرف عليها أمر من الأهمية لمكان بحيث يجب على كل باحث معرفته والوقوف عليه ". [ المرجع : هاشم ؛ د. أحمد عمر ؛ قواعد أصول الحديث ؛ ص 19 ، دون تاريخ ، دون ذكر اسم المطبعة . ] تعريف الاصطلاح :. 1 . ) عرّف التهانوي الاصطلاح بقوله : " هو العرف الخاص " . وهو عبارة عن " اتفاق قوم على تسمية شيء باسم بعد نقله عن موضوعه الأول ، لمناسبة بينهما ، كالعموم والخصوص ، أو لمشاركتها في أمر ، أو مشابهتهما في وصف أو غيرها " . 2 . ) وذهب أبوالبقاء الكفوي إلى : " أن الاصطلاح يُستعمل غالباً في العلم الذي تُحصّل معلوماته بالنظر والاستدلال " . ــــــــــــــــــــــــــــ [ المرجع : القرعاوي ؛ د. سليمان بن صالح ؛ مصطلحات علوم القرآن ؛ ص 3 ، الطبعةالثانية ، الدمام : مطابع دار الثقافة العربية ، 1428هـ . ] *** الإستعاذة اصطلاحاً: هي لفظ يحصل به الالتجاء إلى الله تعالى ، والاعتصام والتحصن به من الشيطان الرجيم. ومعناها : اللهم أعذني من الشيطان الرجيم. فهي خبر لفظاً ، ولفظها لفظ الخبر، ودعاءٌ معنى ، ومعناه الإنشاء ، أي : اللهم أعذني من الشيطان الرجيم وهي ليست من القرآن بالإجماع . |
رد: «بحوث التفسير والتأويل لآيات التنزيل» المسألة الرابعة : الِاسْتِعَاذَةُ شرعاً ***** بحث :" التفسير و التأويل لــ آيات التنزيل " [ 1 . ] « الِاسْتِعَاذَةُ » الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ الِاسْتِعَاذَةِ أما شرعاً: وهي المسألة الرابعة : العوذ : الالتجاء إلى الغير والتعلق به. يقال: عاذ فلان بفلان ، ومنه قوله تعالى :« أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ » ( البقرة : 67 ) ، « وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون » ( الدخان : 20 ) ، « قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ » ( الفلق : 1 ) ، « إني أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ » ( مريم : 18 ) . وأعذته بالله أعيذه . قال : « إني أعيذها بك » ( آل عمران : 36 ) ، وقوله : « معاذ الله » ( يوسف: 79 ) ، أي : نلتجئ إليه ونستنصر به أن نفعل ذلك ، فإن ذلك سوء نتحاشى من تعاطيه . والعوذة : ما يعاذ به من الشيء ، ومنه قيل : للتميمة والرقية : عوذة ، وعوذه : إذا رقاه. ** |
رد: «بحوث التفسير والتأويل لآيات التنزيل» ومعنى: اللهم إني أعوذ بك: أي ألوذ والتجيء ، والعياذ والمعاذ والملجأ ما سكنت إليه تقية عن محذور . قال القرطبي في المسألة الأولى :" أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالِاسْتِعَاذَةِ عِنْدَ أَوَّلِ كُلِّ قِرَاءَةٍ فَقَالَ تَعَالَى :« فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ » [ النَّحْلِ : 98 ] أَيْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَقْرَأَ ؛ فَأَوْقَعَ الْمَاضِيَ مَوْقِعَ الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ : وَإِنِّي لَآتِيكُمْ لِذِكْرِي الَّذِي مَضَى مِنَ* * الْوُدِّ وَاسْتِئْنَافِ مَا كَانَ فِي غَدِ أَرَادَ مَا يَكُونُ فِي غَدٍ . وَقِيلَ : فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ ، وَأَنَّ كُلَّ فِعْلَيْنِ تَقَارَبَا فِي الْمَعْنَى جَازَ تَقْدِيمُ أَيِّهِمَا شِئْتَ ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى : « ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى » [ النَّجْمِ : 8 ] الْمَعْنَى فَتَدَلَّى ثُمَّ دَنَا ؛ وَمِثْلَهُ :« اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ » [ الْقَمَرِ : 1 ] وَهُوَ كَثِيرٌ . فماذا تعني صيغة الأمر التي وردت في الآية الكريمة :" َاسْتَعِذْ " !؟ . |
رد: «بحوث التفسير والتأويل لآيات التنزيل» فـ بــ الرجوع إلى اللغة العربية وجد أن الصيغة التي وضعت للأمر لغةً هي صيغة " أفعل " أو ما يقوم مقامها وهو اسم الفعل مثل :" هات " ، و" تعال " ، والمضارع المقرون بلام الأمر مثل :" لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ ۖ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا " [ 65 الطلاق : 7 ] و :" الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ " [24 النور : 2] . فهذه هي الصيغة التي وضعت في اللغة العربية للأمر ولا توجد هناك صيغة غيرها ، ولم يضع الشارع ـ سبحانه وتعالىٰ ـ اصطلاحاً شرعياً لصيغة الأمر بل ما وضع لغة هو المعتبر شرعاً . *** [ النبهاني ، محمد تقي الدين ، الشخصية الإسلامية ، الجزء الثالث ، بحث أقسام الكتاب والسنة ، صيغة الأمر ، ص 204 ، القدس الطبعة الثانية ، 1372 هـ ~ 1953م ] |
رد: «بحوث التفسير والتأويل لآيات التنزيل» بيد أن صيغة الأمر ترد لستة عشر معنى :" الأول : الإيجاب ، الثاني : الندب ، الثالث : الارشاد ، الرابع : الاباحة ، الخامس التهديد أي التخويف ، السادس : الامتنان على العباد ، السابع: الاكرام بالمأمور ، الثامن : التسخير ، التاسع : التعجيز ، العاشر : الاهانة ، الحادي عشر : التسوية ، الثاني عشر : الدعاء ، الثالث عشر : التمني ، الرابع عشر : الاحتقار ، الخامس عشر : التكوين ، السادس عشر : الخبر " [ هامش رقم 1/ الإستعاذة شرعاً ] . ******* صيغة الأمر موضوعة لغة للدلالة على الطلب وليست موضوعة للوجوب ولا للندب ولا للإباحة ولا للتعجيز .. ولا لغيرها من المعاني المذكورة بل موضوعة لمجرد الطلب ليس غير . ودلالتها على معنىٰ من المعاني المذكورة فإنما بدلالتها على الطلب مع قرينة تبين المراد *** |
رد: «بحوث التفسير والتأويل لآيات التنزيل» صيغة الأمر التي وردت في الآية الكريم علقت بــ الفاء .. فــ قال في البحر المحيط : " فَأَمَّا مَا عُلِّقَ بِالْفَاءِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :" إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَــــ اغْسِلُوا " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ۚ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَٰكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ " [المائدة : 6] " فَإِذَا وَجَدْت الْمَاءَ فَأَمْسِسْهُ جِلْدَك " . قَالَ أَبُوالْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ : فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ عَلَى وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ ؛ لِأَنَّ الْفَاءَ لِلتَّعْقِيبِ ، وَالثَّانِي : لَا يَقْتَضِيهِ . قَالَ : وَالصَّحِيحُ : هُوَ الْأَوَّلُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الْفَاءَ لِلتَّعْقِيبِ ، وَلَوْ خُلِّينَا وَالظَّاهِرَ فِي قَوْلِهِ :" إذَا وَجَدْت الْمَاءَ فَأَمْسِسْهُ جِلْدَك " ، لَعَمِلْنَا بِهِ ، لَكِنْ صِرْنَا إلَى أَدِلَّةٍ أُخْرَى ." [بدر الدين بن محمد بهادر الزركشي البحر المحيط ، دار الكتبي ، سنة النشر: 1414هـ/1994م ، رقم الطبعة: ط1 ] *** قلتُ(الرمادي) :" وهذا ينطبق على هذه المسألة " . |
For best browsing ever, use Firefox. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة ملتقى أهل العلم الاسلامي