ملتقى أهل العلم

ملتقى أهل العلم (https://www.ahlalalm.org/vb/index.php)
-   ملتقى الفتاوى (https://www.ahlalalm.org/vb/forumdisplay.php?f=53)
-   -   مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة. (https://www.ahlalalm.org/vb/showthread.php?t=34317)

أبو عادل 29 / 10 / 2010 10 : 11 AM

مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة.
 
http://www.sheekh-3arb.net/3atter/sa...s/image162.gif


من مواسم الطّاعة العظيمة العشر الأول من ذي الحجة ، التي فضّلها الله تعالى على سائر أيام العام ؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر . قالوا ولا الجهاد في سبيل الله !! قال : ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء ) أخرجه البخاري 2/457 .

وعنه أيضا ،ً رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من عمل أزكى عند الله عز وجل ، ولا أعظم أجراً من خير يعمله في عشر الأضحى . قيل : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل ، إلا رجل خرج بنفسه وماله ، فلم يرجع من ذلك بشيء ) رواه الدارمي 1/357 وإسناده حسن كما في الإرواء 3/398 .
فهذه النصوص وغيرها تدلّ على أنّ هذه العشر أفضل من سائر أيام السنة من غير استثناء شيء منها ، حتى العشر الأواخر من رمضان . ولكنّ ليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة ، لاشتمالها على ليلة القدر ، التي هي خير من ألف شهر . انظر تفسير ابن كثير 5/412
فينبغي على المسلم أن يستفتح هذه العشر بتوبة نصوح إلى الله ، عز وجل ، ثم يستكثر من الأعمال الصالحة ، عموما ، ثم تتأكد عنايته بالأعمال التالية :

http://www.sheekh-3arb.net/islam//Li...ent/item16.gif

1- الصيام

فيسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة . لأن النبي صلى الله عليه وسلم حث على العمل الصالح في أيام العشر ، والصيام من أفضل الأعمال . وقد اصطفاه الله تعالى لنفسه كما في الحديث القدسي : " قال الله : كل عمل بني آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به " أخرجه البخاري 1805
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة . فعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر . أول اثنين من الشهر وخميسين " أخرجه النسائي 4/205 وأبو داود وصححه الألباني في صحيح أبي داود 2/462 .
http://www.sheekh-3arb.net/islam//Li...ent/item16.gif

2- الإكثار من التحميد والتهليل والتكبير:

فيسن التكبير والتحميد والتهليل والتسبيح أيام العشر . والجهر بذلك في المساجد والمنازل والطرقات وكل موضع يجوز فيه ذكر الله إظهاراً للعبادة ، وإعلاناً بتعظيم الله تعالى .
ويجهر به الرجال وتخفيه المرأة
قال الله تعالى : ( ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ) الحج/28 . والجمهور على أن الأيام المعلومات هي أيام العشر لما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما : ( الأيام المعلومات : أيام العشر )
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد ) أخرجه احمد 7/224 وصحّح إسناده أحمد شاكر .
وصفة التكبير : الله أكبر ، الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر ولله الحمد ، وهناك صفات أخرى .
والتكبير في هذا الزمان صار من السنن المهجورة ولاسيما في أول العشر فلا تكاد تسمعه إلا من القليل ، فينبغي الجهر به إحياء للسنة وتذكيراً للغافلين ، وقد ثبت أن ابن عمر وأبا هريرة رضي الله عنهما كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما ، والمراد أن الناس يتذكرون التكبير فيكبر كل واحد بمفرده وليس المراد التكبير الجماعي بصوت واحد فإن هذا غير مشروع .
إن إحياء ما اندثر من السنن أو كاد فيه ثواب عظيم دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم : ( من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي فإن له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً ) أخرجه الترمذي 7/443 وهو حديث حسن لشواهده .

http://www.sheekh-3arb.net/islam//Li...ent/item16.gif

3- أداء الحج والعمرة :

إن من أفضل ما يعمل في هذه العشر حج بيت الله الحرام ، فمن وفقه الله تعالى لحج بيته وقام بأداء نسكه على الوجه المطلوب فله نصيب - إن شاء الله - من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ).

http://www.sheekh-3arb.net/islam//Li...ent/item16.gif

4- الأضحية :

ومن الأعمال الصالحة في هذا العشر التقرب إلى الله تعالى بذبح الأضاحي واستسمانها واستحسانها وبذل المال في سبيل الله تعالى .
فلنبادر باغتنام تلك الأيام الفاضلة ، قبل أن يندم المفرّط على ما فعل ، وقبل أن يسأل الرّجعة فلا يُجاب إلى ما سأل .
http://alamuae.com/gallery/data/media/123/0466.gif

أبو عادل 29 / 10 / 2010 15 : 11 AM

رد: مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة.
 
http://img828.imageshack.us/img828/3...115534zynq.gif

أطفالنا وعشر ذي الحجة
عادل بن سعد الخوفي

بسم الله الرحمن الرحيم

جاء عن ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَدِّبِ ابْنَكَ فَإِنَّكَ مَسْؤُولٌ عَنْهُ: مَاذَا أَدَّبْتَهُ، وَمَاذَا عَلَّمْتَهُ؟ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ بِرِّكَ وَطَوَاعِيَتِهِ لَكَ" [1] ، وقال بعض العلماء: "اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَسْأَل الْوَالِدَ عَنْ وَلَدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَبْل أَنْ يَسْأَل الْوَلَدَ عَنْ وَالِدِهِ" [2] .

لقد كان دَيدَنُ السلف الصالح في تربيتهم لأولادهم: بناء معتقدهم، وتنمية مهاراتهم وقدراتهم، وتحصينهم ضد الشهوات والشبهات، وتأهيلهم للأعمال الجليلة، والواجبات الشرعية، والسلوكيات الحميدة، وقد وردت النصوص في تأكيد ذلك وبيانه. جاء عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ قَالَتْ: "أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ الَّتي حَوْلَ الْمَدِينَةِ "مَنْ كَانَ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، وَمَنْ كَانَ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ). فَكُنَّا بَعْدَ ذَلِكَ نَصُومُهُ وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا الصِّغَارَ مِنْهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَنَذْهَبُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهَا إِيَّاهُ عِنْدَ الإِفْطَارِ". [3] .

هكذا كانوا، وهكذا ينبغي لنا أن نكون مع أطفالنا في خير أيام الدنيا؛ عشر ذي الحجة، يقول صلى الله عليه وسلم: "ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشرة" قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل الله، إلاّ رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء". [4] .

وقال صلى الله عليه وسلم: "ما من أيام أعظم عند الله، ولا أحب إليه من العمل فيهن، من هذه العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد". [5] .

قال الإمام ابن حجر: "الْمُرَادَ أَنَّ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْعَشْرِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ أَيَّامِ السَّنَةِ سَوَاءٌ كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَمْ لَا، وَيَوْمُ الْجُمُعَةِ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ الْجُمُعَةِ فِي غَيْرِهِ لِاجْتِمَاعِ الْفَضْلَيْنِ فِيهِ". [6] .

فهل ترى من النَّجابة في شيء أن نُفوِّتَ أياماً عظيمة كهذه الأيام دون أن ننقش من آثارها على أولادنا، فيشب أحدهم وقد اعتاد القيام بشعائر الإسلام، وتمرَّس على واجباته ومستحباته، ونشأ وقد وقَرَ في قلبه عظمة ما نُعظِّمه، وصارت أعظم الأشياء عنده ما نعتقده، متين المعتقد، سليم القلب، طاهر اللسان، شاباً صالحاً، وعضواً نافعاً في المجتمع؟!
إننا لنُحَقِّقَ هذه الخِصال مع أطفالنا في أعظم الأيام عند الله، ينبغي أن تكون لنا خُطوات أسرية إيمانية مدروسة، نست***ُ بها رحمة الكريم المنَّان، ونؤكِّد فيها التقارب معهم، ونرسم أهدافاً سامية يسعى الجميع إلى تحقيقها في دنياه لعمارة آخرته وبنائها.

الخطوة الأولى (لفت الانتباه):


وذلك بطباعة حديث الإمام البخاري، وحديث الإمام أحمد، وقول الإمام ابن حجر -رحمهم الله- التي ذُكرت مطلع هذا المقال، بصورة واضحة، وتعليقها في غرفة الجلوس، أو في مكان بارز في البيت؛ ليتمكن الجميع من قراءتها.. ولو أمكن إعلان جائزة مناسبة لمن يحفظها من أفراد الأسرة، لكان هذا جميلاً.

الخطوة الثانية ( التهيئة النفسية):


حيث تجتمع الأسرة في حلقة حول الأب، أو غيره من أفراد الأسرة، لبيان عظمة هذه الأيام العشر، فقد ذكرها الله تعالى في كتابه: (وَالْفَجْر وَلَيَالٍ عَشْرٍ) [7] ، وجاءت الأحاديث وأقوال السلف في فضلها [8] ، وأنها أعظم أيام الدنيا، وقد حثَّ نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم- على العمل الصالح فيها، وأمر بكثرة التهليل والتكبير، ثم فيها يوم عرفة، ويوم النحر، واجتمعت فيها أمهات العبادة: الحج، والصدقة، والصيام، والصلاة. [9] .

يتم عرض هذا كله بأسلوب مشوِّق يتناسب مع الفئة العمرية لأفراد الأسرة، وبمزيد من المراعاة لفُهُوم الأطفال فيها.

الخطوة الثالثة (التعرف إلى أَعْمال العَشر):


دلَّت النصوص من الكتاب والسنَّة وأقوال أهل العلم على استحباب الإكثار من الأعمال الصالحة في هذه العشر، ومن ذلك:

أولاً: أداء الصلوات المفروضة على وجهها الأكمل، بأدائها على وقتها، والتبكير لها، وإتمام ركوعها وسجودها، وتحقيق خشوعها، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "سَأَلْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا". [10] .

ثانياً: التقرب إلى الله بالإكثار من قراءة القرآن، والصدقات، وإعانة المحتاجين، والتوبة والاستغفار، وصلاة النوافل، وأداء السنن الرواتب، وصلاة الضحى، والوتر، وقيام الليل، فقد جاء عن سعيد بن جبير قال: "لا تطفئوا سرجكم ليالي العشر". [11] ، كناية عن القراءة والقيام.

ثالثاً: صيام ما تيسر من أيام هذه العشر؛ فهو داخل في جنس الأعمال الصالحة، وآكدها صيام يوم عرفة لغير الحاج، قال صلى الله عليه وسلم: "صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِى قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِى بَعْدَهُ". [12] .

رابعاً: الإكثار من التهليل، والتكبير، والتحميد، لقوله صلى الله عليه وسلم: "فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد". [13] ، كما أنه يُستحَبّ التكبير المطلق في البيت، والسوق، والعمل، إلا ما دلَّت النصوص على كراهة الذكر فيه، قال تعالى: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ). [14] ، وصفته: (الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد) [15] ،"قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ أَيَّامُ الْعَشْرِ ... وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا" [16] .

خامساً: ومن أعظم الأعمال في هذه العشر حج بيت الله الحرام، وقصد بيته لأداء المناسك لمن تيسر له، قال صلى الله عليه وسلم: "الحج المبرور ليس له جزاء إلاّ الجنة". [17] . وقال صلى الله عليه وسلم: "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه". [18] .

سادساً: ومن الأعمال الجليلة في هذه العشر المباركة؛ ذبح الأضاحي تقرباً لله، فإنه: "صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده، وسمّى وكبّر، ووضع رجله على صِفَاحِهِما". [19] .

الخطوة الرابعة (الجانب التطبيقي التربوي):


1- تشجيع الأطفال على حفظ الذكر المطلق في أيام العشر، وكذا حفظ شيء من نصوص فضائل الأعمال فيها، من خلال إعلان مسابقة لذلك وجوائز حسية ومعنوية، فإن لذلك أثره الكبير في صياغة عقلية الطفل واهتماماته في المستقبل، قال إبراهيم بن أدهم: "قال لي أبي: يا بني، اطلبِ الحديث، فكلما سمعت حديثاً وحفظته فلك درهم. فطلبت الحديث على هذا". [20] .

2- اعتياد الصغير للعبادة سبب في محبتها وإلْفها، فتكون سهلة ميسورة حين كِبَره، كيف وهو يرى والديه جعلا أعمال العشر برامج تطبيقية عملية في حياتهم، يذكِّرون بالصلاة على وقتها، ويُرَدِّدُون على مسمعه كلمات الأذان، ويُرَطِّبُون أسماعه بترداد التكبير المطلق، ويصطحبونه لإيصال الصدقات وإعانة المحتاجين، يُعَرِّفونه بالسنن الرواتب وأجورها، ويُعوِّدونه صيام جزء – ولو يسيراً جداً – من اليوم.
3- الجلسات الحوارية الأسرية الهادئة لها أثرها البالغ في حياة الطفل، ولو كانت إحداها في شرح معاني مفردات التهليل والتحميد والتكبير، وشيء من دلالات أسماء الله وصفاته، وبيان الحكمة من الصلاة، والصوم، وإعانة المحتاجين، وأثر أيام العشر، ويوم عرفة على العباد، لكان في ذلك ترسيخ لمحبة الله سبحانه، وتعظيمه، وتوقيره، وقدره حق قدره، وترسيخ محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسبب في أن ترتبط نفس الطفل بمولاه سبحانه، وتنمو روحه وتَسْلَمُ فِطرتَه، ويبقى مستظلاً بظلها، يعيش معناها في كِبَره شيئاً فشيئاً.

4- استثمار المزايا العظيمة التي ذكرها صلى الله عليه وسلم للعمل الصالح في هذه الأيام العشر، لتبيان أن الله جعلها أمام عبيده؛ ليتقربوا إليه، فتزيد حسناتهم، وتُحطّ سيئاتهم، فيفوزوا بجنة عرضها السموات والأرض. ما أنها تدل على محبة الله لعباده المؤمنين، وأن قَدْرَ الموَحِّد عند الله عظيماً؛ فلا يجوز تخويفه، أو رفع السلاح في وجهه، أو التنابز معه بالألقاب الفاحشة، فقد نظر ابن عمر -رضي الله عنه- يوماً إلى الكعبة فقال: "ما أعظمك وأعظم حرمتك، والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك". [21] .

5- في الأضحية إحياء لسنة أبينا إبراهيم عليه السلام، وفيها تذكير بقصَّة الفداء والتضحية والتقرب إلى الله، وفيها هدي نبينا -صلى الله عليه وسلم- يوم العيد، وحين إلقاء الوالدين على أطفالهم قصة نبي الله إبراهيم مع ابنه إسماعيل؛ إذ أصبح يوم فداء إسماعيل وإنقاذه من الذبح عيدًا للمسلمين يُسمَّى بعيد الأضحى، يذبح فيه المسلمون الذبائح تقربًا إلى الله، وتخليدًا لهذه الذكرى، تبقى هذه القصة مؤثرة في عقولهم ووجدانهم، يعيشون حياة أبطالها، يستمعون بشغفٍ إليها، ويتقمَّصون ما فيها من حِكَم أو دلالات، وينسجون لنفوسهم خيالات واسعة بين أحداثها، فيؤمنوا بما دلَّت عليه، وتفتح لهم ملكة التفكير للتعبير والإبداع النافع.

أطفالنا، أكبادنا تمشي على الأرض، أمانة في أعناقنا، يتعلَّمون خلال سِنِيِّ حياتهم مَعَنا ما يُعينهم على القيام بأدوارهم المستقبلية، تارة بالتقليد والمحاكاة، وتارة بالمحاولة والخطأ، وتارة بما اعتادوا عليه؛ فإنه من المعروف أن الطفل يتأثر بوالديه، وهذا الأثر يبقى لفترة طويلة، قد تمتد طوال عمره، وقِيَم الوالدين والأخوة تنتقل للأطفال بصورة مباشرة بحسب مجريات الحياة اليومية ومستجداتها، ولذا فعلى الوالدين إشباع أطفالهم بمنظومة قيمية، ومعرفية، وروحانية، ومهارية؛ تجعلهم مؤمنين بربهم، صالحين في أنفسهم، بَنَّائين في مجتمعهم.


----------------------------------
[1] : تحفة المودود لابن القيم رحمه الله. ص 137
[2] : تحفة المودود لابن القيم رحمه الله. ص 139
[3] : رواه مسلم رحمه الله.
[4] : رواه البخاري رحمه الله.
[5] : أخرجه الإمام أحمد. وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح.
[6] : فتح الباري، ج: 2 ص: 534.
[7] : سورة الفجر: 1/2، قال ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف: إنها عشر ذي الحجة. قال ابن كثير:" وهو الصحيح" تفسير ابن كثير8/413.
[8] : حديث الإمام البخاري، وحديث الإمام أحمد، وقول الإمام ابن حجز -رحمهم الله- التي ذُكرت مطلع هذا المقال.
[9] : نيل الأوطار.
[10] : متفق عليه.
[11] : سير أعلام النبلاء.
[12] : رواه مسلم رحمه الله.
[13] : أخرجه الإمام أحمد. وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح.
[14] : سورة الحج: 28.
[15] : قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في اللقاء الشهري "يسن للإنسان في عشر ذي الحجة أن يكثر من التكبير فيقول: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد. وبعض العلماء يقول: تكبر ثلاثاً فتقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، والأمر في هذا واسع".
[16] : ذكره البخاري رحمه الله في صحيحه.
[17] : متفق عليه.
[18] : متفق عليه.
[19] : رواه البخاري ومسلم.
[20] : شرف أصحاب الحديث.

[21] : رواه الإمام الترمذي، وحسنه (2032).


المصدر.

أبو عادل 29 / 10 / 2010 16 : 11 AM

رد: مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة.
 
أقبلت تعدو ... فاستعدوا ..
عادل بن عبد العزيز المحلاوي


بسم الله الرحمن الرحيم

مع علو شأن هذه العشر ومكانتها السامقة في الشرع المطهر , وعظمة ثواب العمل الصالح فيها , و أنه أكثر ثواباً من وقوعه في غيره من الأيام , ومع ذا نرى ضعفاً عند جمهور المسلمين , وتكاسلاً عن العمل الصالح , وانصرافاً عن الجد والاجتهاد , وتباطئاً عن الاندفاع له , ولاشك أن لهذا أسباباً سأذكر بعضها في هذا المقال , حتى نبتعد عنها , ونغتنم هذا الموسم أعظم اغتنام , فمن هذه الأسباب :

الذنوب والمعاصي


فكم حرمت الذنوب من طاعة , وكم حالة بين العبد وبين قربة , أليس كثير من المسلمين قد عرفوا فضلها, وتبينت لهم مكانتها فلٍما هذا التكاسل عن العمل الصالح ؟
إن الجواب معروف : وهو الذنوب والمعاصي الحائل بين العبد وبين رحمة الله (ومن رحمته التوفيق للعمل الصالح )
وقد نزلت بك عشر مباركة , فجدد التوبة فيها للتأهل لطاعة الله تعالى , واعلم أن للذنوب أثر كبير في الحرمان , جاء رجل إلى الحسن البصري رحمه الله , وقال له يا أبا سعيد : أجهز طهوري لقيام الليل فلا أقوم ! فقال له الحسن : قيدتك ذنوبك .

فالذنوب سبب لكل حرمان من الطاعة فالحذر الحذر منها , وتأمل في حال المستقيمين على الطاعة , كيف أنهم بين صوم وصلاة وذكر ودعاء , وأنت محروم من هذا الخير , ولو فتشت لعلمت أنما أُتيت من قٍبل نفسك , فجدد التوبة اليوم وانظر إلى ألثر العظيم لها .

الجهل بفضل الموسم

مع انتشار الخير ووصوله لأصقاع الدنيا , بفضل الله بما سخر من وسائل الإعلام إلا أنه تبقى طائفة من المسلمين في جهل كبير عن فضل هذه الموسم , أو أنهم لم يعرفوا قدر هذا الموسم حق المعرفة , فلذا حصل التفريط منهم , وهنا يأتي واجب الدعاة إلى الله في مساجدهم عن طريق الخطب والدروس والمحاضرات للتنويه بفضل هذا الموسم وعظيم مكانته عند الله تعالى حتى تندفع النفوس لفعل الخير في هذا الموسم المبارك (ومن دل على هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه)


طول الأمل

إن من أعظم الأمور المهلكة للمرء طول الأمل , واستبعاد الموت , مما يجعل الإنسان يسوّف في العمل الصالح , ولا يسارع إليه , ويظن أنه بإمكانه التعويض فيهلك أيما هلاك , ويفرط في مواسم الخير , ولو نظر نظرة إنصاف وعدل لوجد أن الأمر أسرع من كل شئ , قال عون بن عبدا لله رحمه الله: ( كم من مستقبل يوماً لا يستكمله ! ومنتظر غداً لا يبلغه، لو تنظرون إلى الأجل ومسيره، لأبغضتم الأمل وغروره)
وإذا تأملت في سيرة السلف العطرة وجدت عندهم من قصر الأمل ما يجعلهم يبادرون الأوقات كلها في الطاعة , فضلاً عن مواسم الخير قال معروف لرجل صلّ بنا الظّهر , فقال :إن صليت بكم الظهر لم أصلّ بكم العصر , فقال :و كأنك تؤمل أن تعيش إلى العصر, نعوذ بالله من طول الأمل .
هذا سعيد بن جبير كان إذا دخلت عليه العشر لا يكاد يُقدر عليه من شدة اجتهاده واغتنامه لها .
تذكر ياصاحب الأمل الطويل أن أمر حياتك وموتك ليس بيدك وإنما هو بيد الله تعالى , وكم تعرف ممن كان يعيش في صحة وعافية خطفه الموت على حين غٍره , فاحمد الله أن بلغت هذا الموسم , وجد واجتهد في العمل الصالح

ومن الأسباب أيضاً :


ندرة المعين

إنه مع وجود الخير في المجتمع , وكثرة الطائعين من أتباع هذا الدين العظيم , إلا أن الانصراف عن الطاعة في هذا الموسم هو السمة البارزة لجمهور المسلمين , وللإجماع أثره في فعل الطاعة ولذا جاءت نصوص الشرع بالأمر بالجماعة لكثير من لطاعات مما يكون سبباً لتسهيلها , ولذا من النصح في البيوت وللأهل التعاون على الطاعة , ومن النصح للمسلمين المعاونة على الطاعة ونشر الخير بينهم , تأمل في حال من سبق وكيف كانوا يتعاونون على الطاعة .
عن أبي عثمان النهدي قال تضيفت أبا هريرة سبعا فكان هو وامرأته وخادمه يعتقبون الليل أثلاثا يصلي هذا ثم يوقظ هذا ويصلي هذا ثم يوقظ هذا ( سير أعلام النبلاء 2/609 )
وكان الحسن بن صالح وأخوه عليّ و أمهما يتعاونون على العبادة بالليل وبالنهار قياما وصياما فلما ماتت أمهما تعاونا على القيام والصيام عنهما وعن أمهما فلما مات علي قام الحسن عن نفسه وعنهما وكان يقال للحسن حية الوادي يعني لا ينام بالليل . ( أنظر حلية الأولياء 7/ 328)
فاجتمع أنت وأهل بيتك على الطاعة , وان سمت همتك فكن عوناً لأهل حيك لتعينهم على الطاعة هذا الموسم المبارك .

ومن الأسباب

كثرة الفتن والصوارف :


كم تصرف الفتن المسلمين هذه الأيام عن اغتنام مواسم الخير , ولعلي أن أذكر أشدها سبباً في صرفهم وهي ( وسائل الإعلام )بجميع قنواتها , فلذا يجب على العاقل أن يكون ناصحاً لنفسه وأن يحذر من خطرها وشرها عليه , خصوصاً في هذا الموسم , اترك كثيراً من مباحاتها اليوم للتفرغ للطاعة والقربة , فهي أيام قليلة يُوشك أن تنقضي

كتبه /عادل بن عبد العزيز المحلاوي

أبو عادل 29 / 10 / 2010 18 : 11 AM

رد: مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة.
 
أحكام العشــر من ذي الحجــة ـ والأضحية ـ والعيد
مبدع قطر

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد ،
فقد ثبت في فضل أيام العشر حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَا مِنْ أيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أحَبُّ إلى الله مِنْ هَذهِ الأيَّامِ العَشْرِ) ، فقالُوا يا رسولُ الله: ولا الجِهَادُ في سَبِيلِ الله؟ فقالَ رسولُ الله : ( ولا الجِهَادُ في سَبِيلِ الله، إلاّ رَجُلٌ خَرجَ بِنَفْسِهِ ومَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ من ذَلِكَ بِشَيْءٍ) رواه البخاري والترمذي .
وروى الإمام أحمد رحمه الله عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (ما مِنْ أَيامٍ أَعْظَمُ عند الله، ولا أَحبُّ إِليه من العمل فيهنَّ، من هذه أَلايام العشْر، فأَكْثِروا فيهنَّ من التهليل والتكبير والتحميد) رواه أحمد

بما نستقبل عشر ذي الحجة ؟

1- بالتوبة الصادقة .
2- العزم الجاد على اغتنام هذه الأيام ، من الأجور .
3- البعد عن المعاصي .

فضل عشر ذي الحجة :

1- أن الله تعالى أقسم بها :
وإذا أقسم الله بشيء دل هذا على عظم مكانته وفضله، إذ العظيم لا يقسم إلا بالعظيم، قال تعالى : (وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ) . والليالي العشر هي : عشر ذي الحجة، وهذا ما عليه جمهور المفسرين والخلف، وقال ابن كثير في تفسيره: وهو الصحيح.
2- أنه يوم إكمال الدين وإتمام النعمة: قَالَتْ الْيَهُودُ لِعُمَرَ إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ آيَةً لَوْ نَزَلَتْ فِينَا لَاتَّخَذْنَاهَا عِيدًا فَقَالَ عُمَرُ إِنِّي لأَعْلَمُ حَيْثُ أُنْزِلَتْ وَأَيْنَ أُنْزِلَتْ وَأَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أُنْزِلَتْ يَوْمَ عَرَفَةَ وَإِنَّا وَاللَّهِ بِعَرَفَةَ قَالَ سُفْيَانُ وَأَشُكُّ كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَمْ لا الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) (المائدة: 3) [رواه البخاري ومسلم]
3- الأجور فيها مضاعفة .
4- أنها الأيام المعلومات التي شرع فيها ذكره :

قال تعالى: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ) [الحج:28]
وجمهور العلماء على أن الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة، منهم ابن عمر وابن عباس( تفسير ابن كثير).
5- أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شهد لها بأنها افضل أيام الدنيا:
فَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: (أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا الْعَشْرُ»، يَعْنِي عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ. قِيلَ: وَلاَ مِثْلُهُنَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: (وَلاَ مِثْلُهُنَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إلاَّ رَجُلٌ عُفِّرَ وَجْهُهُ بِالتُّرَابِ) [رواه البزار بإسناد حسن، وأبو يعلى بإسناد صحيح،وابن حبان في صحيحه، وصححه الألباني]
6- أن فيها يوم عرفة : ويوم عرفة يوم الحج الأكبر، ويوم مغفرة الذنوب، وأن صيامه: (يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ) [رواه مسلم وأحمد والترمذي]
وهو يوم العتق من النيران ، ولو لم يكن في عشر ذي الحجة إلا يوم عرفة لكفاها ذلك فضلاً .
وأن دعاء يوم عرفة مجاب في الأغلب، قال النبي ص: (خَيْرُ الدّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أنا والنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاإله إلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كلِّ شَيْءٍ قَديرٌ) [رواه الترمذي وحسنه ورواه مالك وصححه الألباني] .
7- أن فيها يوم النحر :
هو اليوم العاشر من ذي الحجة، وهوأول يوم من أيام عيد الأضحى ، وهو من أفضل الأيام عند الله ، قال ص : إنَّ أَعْظَمَ اْلأيَّامِ عِنْدَ الله تبارك وتعالى يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ) [رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني] ، ويوم القر هو: اليوم الذي يلي يوم النحر ، سمي بذلك لأن الناس يقرون فيه بمنى(أي يوم الاستقرار في منى) وهو اليوم الحادي عشرمن ذي الحجة ، وهوأفـضـــل الأيـام بعــد يـوم النحـر، وهـذه الأيام الأربعة هي أيام نحر الهدي والأضاحـي على الـراجـح من أقوال أهل العلم؛ تعظيماً لله تعالى .
8- اجتماع أمهات العبادة فيها : قال الحافظ ابن حجر في الفتح: (والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره). [فتح الباري، جـ2ص534].

الأعمال المستحبة القيام بها في العشر من ذي الحجة

1- التوبة والإقلاع عن المعاصي وجميع الذنوب : فالمعاصي سبب البعد والطرد ، والطاعات أسباب القرب
والود . وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(إِنَّ اللّهَ يَغَارُ. وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَغَارُ. وَغَيْرَةُ اللّهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ) متفق عليه .

2- الصلاة :
وهي من أجل الأعمال وأعظمها وأكثرها فضلاً، ولهذا يجب على المسلم المحافظة عليها في أوقاتها مع الجماعة، وعليه أن يكثر من النوافل في هذه الأيام، فإنها من أفضل القربات .

3- أداء الحج والعمرة :
وهما افضل ما يعمل في عشر ذي الحجة .

4- الصيام :
صيام هذه الأيام أو ما تيسر منها – وبالأخص صوم يوم عرفة ، لكن من كان في عرفة ( أي كان حاجاً ) فإنه لا يستحب له الصيام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف بعرفة مفطرا. ، روى مسلم عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنةَ الَّتِي قَبْلَهُ. وَالسَّنةَ الَّتِي بَعْدَهُ) .
وعن حفصة قالت: (أَرْبَعٌ لَمْ يَكُنْ يَدَعُهُنَّ النَّبِـــــيُّ صلى الله عليه وسلم صِيَامَ عَاشُورَاءَ وَالْعَشْرَ وَثَلاَثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْغَدَاةِ) [رواه أحمد والنسائي]
والمقصود: صيام التسع أو بعضها؛ لأن العيد لا يصام، وأما ما اشتهر عند العوام ولا سيما النساء من صيام ثلاث الحجة، يقصدون بها اليوم السابع والثامن والتاسع، فهذا التخصيص لا أصل له. وقال الإمام النووي عن صوم أيام العشر أنه مستحب استحبابا شديدا.

5- التكبير والتحميد والتهليل والذكر:
قال تعالى : ( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ )() وقد فسرت بأنها أيام العشر ، فيجهر به الرجال، وتسر به المرأة، وكلام العلماء فيه يدل على أن التكبير نوعان:
1- التكبير المطلق: وهو المشروع في كل وقت من ليل أو نهار، ويبدأ بدخول شهر ذي الحجة، ويستمر إلى آخر أيام التشريق.
2- التكبير المقيد: وهو الذي يكون عقب الصلوات، والمختار: أنه عقب كل صلاة، أيًّا كانت، وأنه يبدأ من صبح عرفة إلى
صلاة العصر آخر أيام التشريق (وهو اليوم الثالث عشرمن ذي الحجة)، واستحب العلماء لذلك كثرة الذكر فيها لحديث ابن عمر رضي الله عنهما عن أحمد رحمه الله وفيه : ( فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) وذكر البخاري رحمه الله عن ابن عمر وعن أبي هريرة رضي الله عنهم انهما كانا يخرجان إلى السوق في العشر ، فيكبرون ويكبر الناس بتكبيرهم. والمراد: يتذكر الناس التكبير، فيكبرون بسبب تكبيرهما، والله أعلم. ويستحب رفع الصوت بالتكبير في الأسواق والدور والطرق والمساجد وغيرها ، لقوله تعالى : ( وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ) ولا يجوز التكبير الجماعي وهو الذي يجتمع فيه جماعة على التلفظ بصوت واحد ، حيث لم ينقل ذلك عن السلف وانما السنة أن يكبر كل واحد بمفرده ، وهذا في جميع الأذكار والأدعية إلا أن يكون جاهلاً فله أن يلقن من غيره حتى يتعلم ، ويجوز الذكر بما تيسر من أنواع التكبير والتحميد والتسبيح ، وسائر الأدعية المشروعة .
وصيغة التكبير:
أ‌) الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر كبيرأ.
ب‌) الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله. والله أكبر. الله أكبر ولله الحمد.
ج‌) الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله. والله أكبر. الله أكبر. الله أكبر ولله الحمد.

6- كثرة الأعمال الصالحة :
من نوافل العبادات كالصلاة والصدقة والجهاد والقراءة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحو ذلك فانها من الأعمال التي تضاعف في هذه الأيام ، فالعمل فيها وان كان مفضولاً فأنه أفضل وأحب إلى الله من العمل في غيرها وان كان فاضلاً ، حتى الجهاد الذي هو من أفضل الأعمال إلا من عقر جواده واهريق دمه .
- وهناك أعمال أخرى يستحب الإكثار منها في هذه الأيام بالإضافة إلى ما ذكر، نذكر منها على وجه التذكير ما يلي:
قراءة القرآن وتعلمه ـ والاستغفار ـ وقيام لياليه - وبر الوالدين ـ وصلة الأرحام والأقارب ـ وإفشاء السلام وإطعام الطعام ـ والإصلاح بين الناس ـ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ وحفظ اللسان والفرج ـ والإحسان إلى الجيران ـ وإكرام الضيف ـ والإنفاق في سبيل الله ـ وإماطة الأذى عن الطريق ـ والنفقة على الزوجة والعيال ـ وكفالة الأيتام ـ وزيارة المرضى ـ وقضاء حوائج الإخوان ـ والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ـ وعدم إيذاء المسلمين ـ والرفق بالرعية ـ وصلة أصدقاء الوالدين ـ والدعاء للإخوان بظهر الغيب ـ وأداء الأمانات والوفاء بالعهد ـ والبر بالخالة والخالـ وإغاثة الملهوف ـ وغض البصر عن محارم الله ـ وإسباغ الوضوء ـ والدعاء بين الآذان والإقامة ـ وقراءة سورة الكهف يوم الجمعة ـ والذهاب إلى المساجد والمحافظة على صلاة الجماعة ـ والمحافظة على السنن الراتبة ـ والحرص على صلاة العيد في المصلى ـ وذكر الله عقب الصلوات ـ والحرص على الكسب الحلال ـ وإدخال السرور على المسلمين ـ والشفقة بالضعفاء ـ واصطناع المعروف والدلالة على الخير ـ وسلامة الصدر وترك الشحناء ـ وتعليم الأولاد والبنات ـ والتعاون مع المسلمين فيما فيه خير.

7- الأضحية :
وتشرع الأضحية في يوم النحر(وهو أول أيام العيد)، وأيام التشريق (ثاني وثالث ورابع أيام العيد)وهو سنة أبينا إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين فدى الله ولده بذبح عظيم ، وقد ثبت عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ : (ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا) متفق عليه .(الصفحة :هي جانب العنق)

- إذاً ماذا يجب على من أراد أن يضحي ؟
1- إذا دخلت العشر حرم على من أراد أن يضحي أخذَ شيء من شعره أو أظفاره أو بشرته (سواء من ظفر يده أو من رجله) (من بشرته أي : من جلده) حتى يذبح أضحيته ؛ لحديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي ص قال : ( إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا ) رواه مسلم ، وفي رواية أخرى لمسلم : ( إِذَا رَأَيْتُمْ هِلالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ ).
2- هذا النهي مختص بصاحب الأضحية ، أما المضحى عنهم من الزوجة و الأولاد فلا يعمهم النهي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر المضحي، ولم يذكر المضحى عنهم .
3- ومن أخذ شيئاً من شعره أو أظفاره في العشر متعمداً من غير عذر و هو يريد أن يضحي فإن ذلك لا يمنعه من الأضحية ، و لا كفارة عليه ، و لكن عليه التوبة إلى الله .
4- وتكون ذبح الأضحية بعد صلاة العيد لقول رسول الله صلى عليه وسلم : (مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُعِدْ مَكَانَهَا أُخْرَى وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ) [متفق عليه] ، ووقت الذبح أربعة أيام، يوم النحر وثلاثة أيام التشريق، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كُلُّ أيامِ التشريقِ ذَبْحٌ) [رواه أكمد والبيهقي والدارقطني]
5- والسنة أن يشهد المضحي أضحيته .
6- وأن ينحرها بنفسه إن استطاع ، وإن لم يستطع فليوكل من ينحرها عنه ويكبر عليها ويقول : (بسم الله والله أكبر) .
7- وأن يأكل منها شيئاً كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، كان لا يطعم حتى يرجع من المصلى فيأكل من أضحيته.
8- وذبح الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها؛ لأن ذلك عمل النبي صلى الله عليه وسلّم والمسلمين معه؛ ولأن الذبح من شعائر الله تعالى، فلو عدل الناس عنه إلى الصدقة لتعطلت تلك الشعيرة. ولو كانت الصدقة بثمن الأضحية أفضل من ذبح الأضحية لبينه النبي صلى الله عليه وسلّم لأمته بقوله أو فعله، لأنه لم يكن يدع بيان الخير للأمة، بل لو كانت الصدقة مساوية للأضحية لبينه أيضاً لأنه أسهل من عناء الأضحية ولم يكن صلى الله عليه وسلّم ليدع بيان الأسهل لأمته مع مساواته للأصعب، ولقد أصاب الناس مجاعة في عهد النبي صلى الله عليه وسلّم فقال: (مَنْ ضَحَّى مِنْكُمْ فَلاَ يُصْبِحَنَّ بَعْدَ ثَالِثَةٍ وفـي بَـيْتِهِ مِنْهُ شَيْءٌ» فلـمّا كان العام الـمُقْبِل قالوا: يا رسول الله، نَفْعَلُ كما فَعَلْنَا فـي العَام الـمَاضِي؟ قال: «كُلُوا وَأَطْعِمُوا وادَّخِرُوا فـإِنَّ ذَلِكَ العَام كَان بِـالنَّاسِ جَهْدٌ فَـأَرَدْتُ أن تُعينُوا فـيهَا) [متفق عليه]
9- و تجزئ الشاة الواحدة عنه وعن أهل بيته ، لقول أبي أيوب رضي الله عنه لما سئل: (كيفَ كانتْ الضَّحَايَا عَلَى عَهْدِ رسولِ الله . فقال: كان الرَّجلُ يُضَحِّي بالشَّاةِ عنهُ وعن أهلِ بَيْتِهِ فيأكلُون ويُطْعِمونَ حتى تَبَاهَى الناسُ فصارت كما ترَى) [ أخرجه مالك والترمذي صححه و ابن ماجة وسنده صحيح ]
10- و تجزئ البدنة أوالبقرة عن سبعةٍ وأهلِ بيوتهم ؛ لحديث جابر رضي الله عنه قال: "حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحرنا البعير عن سبعة والبقرة عن سبعة " أخرجه مسلم .
11- وأقل ما يجزئ من الضأن ما له نصف سنة ، وهو الجذع ؛ لقول عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : ( ضحينا مع رسول الله بجذع من الضأن ) [أخرجه النسائي بسند جيد] .
12- وأقل ما يجزئ من الإبل والبقر والمعز مُسنَّة ؛ ( وهي من المعز ما له سنة، ومن البقر ما له سنتان، ومن الإبل ما له خمس سنوات ) لحديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تذبحوا إلا مُسِنَّة ، إلا أن يَعْسر عليكم ، فتذبحوا جَذَعة من الضأن) [أخرجه مسلم] .
13- الأفضل من الأضاحي جنساً : الإبل ، ثم البقر إن ضحى بها كاملة ، ثم الضان ثم المعز ، ثم سبع البدنة ، ثم سبع البقرة.
والأفضل منها صفة : الأسمن الأكثر لحماً الأكمل خلقة الأحسن منظراً .

- أربع لا تجوز في الأضاحي : كما في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( أربع لا تجوز في الأضاحي :
1- العوراء البيّن عورها .
2- والمريضة البيّن مرضها .
3- والعرجاء البيّن ظَلْعُها ( أي: عرجها ) .
4- والكسير( أي: المنكسرة ) ، وفي لفظ: والعجفاء ( أي: المهزولة) التي لا تنقي ( أي: لا مخ لها لضعفها وهزالها ) .
[ أخرجه أحمد وأصحاب السنن بسند صحيح ]

- والأضحية عن الميت لها أحوال :
الحال الأولى : إذا كانت إنفاذاً للوصية فهي صحيحة ، ويصل أجرها إلى الميت إن شاء الله تعالى .
الحال الثانية : أن يـفــرد الميت بأضحية تبرعاً ، فهذا ليس من السنة ؛ لظاهر قوله تعالى : ( و أن ليس للإنسان إلا ما سعى ) النجم 39 ) وقد مات عم النبي صلى الله عليه وسلم حمزة وزوجته خديجــة، وثلاث بنات متزوجات، وثلاثة أبناء صغار، ولم يرد عنه أنه أفردهم أو أحداً منهم بأضحية، ولم يثبت أيضاً إفراد الميت بأضحية عن أحد الصحابه رضي الله عنهم ، ولو كان فيه فضل لسبقنا إليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه . والخير كل الخير في هدي النبي صلى الله عليه وسلم و أصحابه .
الحال الثالثة : إن ضحى الرجل عنه وعن أهل بيته ونوى بهم الأحياء والأموات فيرجى أن يشملهم الأجر إن شاء الله. ( وانظر التفصيل في الأضحية عن الميت : أحكام الأضحية للعلامة ابن عثيمين رحمه الله ) .

8- صلاة العيد :

1- التكبير : يشرع التكبير من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق ، وقد تم ذكره بشيء من التفصيل فيما سبق .
2- الذهاب إلى مصلى العيد ما شيا أن تيسر .
3- والسنة الصلاة في مصلى العيد إلا إذا كان هناك عذر من مطر مثلا فيصلى في المسجد لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم .
4- الصلاة مع المسلمين واستحباب حضور الخطبة : والذي رجحه المحققون من العلماء مثل شيخ الإسلام ابن تيمية أن صلاة العيد واجبة ، لقوله تعالى : (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) ولا تسقط إلا بعذر، والنساء يشهدن العيد مع المسلمين حتى الحيض والعواتق، ويعتزل الحيض المصلى. وعلى المسلم الحرص على أداء صلاة العيد حيث تصلى ، وحضور الخطبة والاستفادة منها .
5- مخالفة الطريق : يستحب لك أن تذهب إلى مصلى العيد من طريق وترجع من طريق آخر لفعل النبي صلى الله عليه وسلم .
6- التهنئة بالعيد : يجوز التهنئة بالعيد وذلك لثبوته عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم . ونقول: (تقبل الله منا ومنك) .
7- وعلى المسلم معرفة الحكمة من شرعية هذا العيد ، وانه يوم شكر وعمل بر ، فلا يجعله يوم أشر وبطر ولا يجعله موسم معصية وتوسع في المحرمات كالأغاني والملاهي والمسكرات ونحوها مما قد يكون سبباً لحبوط الأعمال الصالحة التي عملها في أيام العشر .

أخطاء يقع فيها كثيراً من الناس :
1- على الرغم من أن هذه الأيام أعظم من أيام رمضان، والعمل فيها أفضل، إلا أنه لا يحصل فيها ولو شيء مما يحصل في رمضان؛ من النشاط في عمل الآخــــرة.
2- من البدع التكبير الجماعي بصوت واحد ، أو تكبير شخص ترد خلفه مجموعة من الناس ، ينبغي على المسلم الحريص اتباع سنة النبي ص واجتماع البدع .
3- اللهو أيام العيد بالمحرمات كسماع الأغاني ، ومشاهدة الأفلام ، واختلاط الرجال بالنساء اللاتي لسن من المحارم ، وغير ذلك من المنكرات .
4- أخذ شي من الشعر ، أو تقليم الأظافر قبل ان يضحي لنهي النبي ص عن ذلك .
5- الإسراف والتبذير بما لا طائل تحته ، ولا مصلحة فيه لقوله تعالى (وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [سورة الأنعام : 141]
6- عدم الاكتراث بالتسبيح والتهليل والتكبير والتحميد فيها ، وهذا الخطأ يقع فيها العامة والخاصة إلا من رحم الله تعالى . فالواجب على المسلم ان يبدأ بالتكبير حال دخول عشر ذي الحجة ، وينتهي بنهاية أيام التشريق لقوله تعالى : (ويذكرو اسم الله في أيام معلومات ) [الحج : 28] ، والأيام المعلومات : العشر ، والمعدودات : أيام التشريق . قاله ابن عباس رضي الله عنه .
7- جهر النساء بالتكبير والتهليل ، لأنه لم يرد عن امهات المؤمنين أنهن كبرن بأصوات ظاهرة ومسموعة للجميع ، فالواجب الحذر من مثل هذا الخطأ وغيره .
8- ومن الخطا صيام ايام التشريق ، وهذا منهي عنه كما ورد عن الرسول ، لأنها أيام الأعياد ، وهي أيام أكل وشرب لقوله ص: (يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام )
9- صيام يوم أو يومين أو ثلاثة أو أكثرمن ذلك في عشر من ذي الحجة وعليه قضاء رمضان ، وهذا خطأ يجب التنبيه إليه ، لأن القضاء فرض ، والصيام في العشر سنة ، ولا يجوز أن تقدم السنة على الفرض . فمن بقي عليه من ايام رمضان وجب عليه صيام
ما عليه ، ثم يشرع بصيام ما أراد من التطوع .

وختامـــاً : لاتنس أخي المسلم أن تحرص على أعمال البر والخير من صلة الرحم ، وزيارة الأقارب ، وترك التباغض والحسد ، والكراهية ، وتطهير القلب منها ، والعطف على المساكين والفقراء والأيتام ومساعدتهم وإدخال السرور عليهم .
نسأل الله أن يوفقنا لما يحبه ويرضى ، وأن يفقهنا في ديننا ، وان يجعلنا ممن عمل في هذه الأيام (أيام عشر ذي الحجة) عملا صالحا خالصا لوجهه الكريم . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .


المراجع والمصادر :

1- أحكام الأضحية والذكاة / للشيخ ابن عثيمين .
2- فضل ايام عشر ذي الحجة والأعمال الواردة فيها / للشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين .
3- فضل أيام عشر ذي الحجة / / للشيخ ابن جبرين - و أحكام الأضحية / للشيخ ابن عثيمين .
4- خير أيام الدنيا - ماذا يشرع فيها؟ / عبدالحكيم بن محمد بلال .
5- من أخطائنا في عشر ذي الحجة / محمد بن راشد الغفيلي . (مجلة البيان - العدد 112 ذو الحجة 1417 هـ)
6- عشر ذي الحجة وأحكام الأضحية / يوسف بن عبدالله بن أحمد الأحمد .
7- وللإستزادة والتوسع ومعرفة المزيد عن الموضوع يمكنكم زيارة المواقع التالية :
موقع صيد الفوائد www.saaid.net موقع الشيخ ابن عثيمين - www.binothaimeen.comwww.islamweb.net -www.islamway.com

جزى الله خيراً من قام بنسخه وتوزيعه .. فهي من الصدقات الجارية .

لا تنسونا من دعائكم الصالح ..

أعدها وجمعها ورتبها ..

مبدع قطر

أبو عادل 29 / 10 / 2010 21 : 11 AM

رد: مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة.
 
الاجتهاد في عشر ذي الحجة
خالد بن سعود البليهد

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد فإن الله عز وجل شرع لعباده مواسما للخيرات وأوقاتا فاضلات لكي يتعرض العبد لنفحات ربه ويرفع درجاته ويحط سيئاته ويكثر من حسناته ويجدد العهد بربه وذلك أن الانسان تصيبه الغفلة في كثير من أوقات السنة فلما كان هذا حال الإنسان شرع له هذه المواسم لتطرد عنه هذه الغفلة وتقوي صلته بربه.

وإن من هذه الأوقات الفاضلة التي شرعها الله وميزها على سائر الأوقات العشر الأوائل من ذي الحجة التي دل الشرع على أنها أفضل أيام السنة. قال الله تعالى: (وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ). قال ابن كثير في تفسيره: (والليالي العشر المراد بها عشر ذي الحجة كما قاله ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف). و قد أقسم الله بها مما يدل على كمال فضلها. وثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام يعني أيام العشر قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء).

فيستحب للمسلم في هذه العشر الإكثار من الأعمال الصالحة بجميع أجناسها وأنواعها لأن العمل الصالح يتفاضل ويكثر ثوابه ويقوى أثره في صلاح العامل في الزمن الذي خصه الله بمزيد من الفضل. قال مجاهد: (العمل في العشر يضاعف). وقال ابن رجب: (وإذا كان العمل في أيام العشر أفضل وأحب إلى الله من العمل في غيره من أيا السنة كلها صار العمل فيه وإن كان مفضولا أفضل من العمل في غيره وإن كان فاضلا). وهذا بيان لتلكم الأعمال:


(1)
فمن ذلك أن يعتني عناية فائقة بأداء الصلوات المفروضات على أكمل وجه من التبكير لها وإتمام ركوعها وسجودها وتحقيق خشوعها وإحسان الوقوف بين يدي الله عز وجل فإن الصلاة من أعظم الأعمال البدنية التي عظم الشارع شأنها ففي الصحيحين: (أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي العمل أحب إلى الله تعالى قال الصلاة على وقتها).

(2)
ومن ذلك الحرص الشديد على فعل النوافل والتطوعات فينبغي للمسلم أن يكثر من الركعات والسجدات وأن يتقرب إلى الله بصلاة الضحى والسنن الرواتب وصلاة الوتر وقيام الليل والتطوع المطلق. وقد كان سعيد بن المسيب يجتهد في هذه العشر اجتهادا حتى ما يكاد يقدر عليه ويقول: (لا تطفئوا سرجكم ليالي العشر).

(3)
ومن ذلك أن يصوم المسلم ما تيسر له من النفل في هذه العشر فإن كان يستطيع صوم أكثر هذه الأيام فحسن وإن كان يشق عليه ذلك أو يفوت عليه مصلحة أو يخل بواجب فإنه يصوم يوما أو أكثر وآكدها صوم يوم عرفة لغير الحاج فقد روي فيه ثواب عظيم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده). رواه مسلم. وقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم هذه العشر كما في حديث حفصة عند أهل السنن ولكن هذا الخبر لا يصح في هذا وقد نفت عائشة رضي الله عنها صومه للعشر ومع أنه لم يرد دليل خاص يدل على فضل الصوم بخصوصه في العشر إلا أن الصوم من أفضل جنس الأعمال لأن الله اصطفاه لنفسه فهو داخل في عموم حديث ابن عباس دخولا ظاهر قال ابن رجب: (وقد دل حديث ابن عباس على مضاعفة جميع الأعمال الصالحة في العشر من غير استثناء شيء منها). فلا شك في فضله والترغيب فيه لكنه ليس في منزلة الصوم الواجب ولا الصوم المتأكد كصوم ست من شوال وغيرها مما نص الشارع على استحبابه فلا ينبغي التشديد فيه. وقد روي عن طائفة من السلف صومها كابن عمر وغيره واستحب صيام العشر أكثر الفقهاء. وأما نفي عائشة صوم النبي للعشر فلا يدل على عدم مشروعيتها لأنه يحمل على اشتغاله عنها بما هو أهم كتركه لصلاة الضحى أو على أن هذا هو غالب هديه أو مقصودها أنه لم يكن يصوم جميع العشر.

(4)
ومن ذلك يشرع للمسلم الإكثار من ذكر الله تعالى من التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير لقوله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) رواه أحمد.

(5)
ومن ذلك يستحب أيضا أن يكثر من التكبير المطلق في هذه العشر لقوله تعالى: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ). وصيغة التكبير الواردة عن التابعين: (الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد). فيكبر سائر الأوقات في بيته وسوقه وعمله وطريقه وكل موضع إلا ما يكره ذكر الله فيه. قال البخاري: (كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما). والسنة الجهر بذلك وينبغي للمسلم إظهار هذه الشعيرة والاعتزاز بدينه ولا يخجل من الناس أو يخشى انتقادهم في إظهار هذه العبادة.

(6)
ومن ذلك يستحب له أن يكثر من تلاوة كتاب الله ما استطاع إلى ذلك سبيلا فإن تيسر له ختمه فهذا فعل حسن. وقد ورد فضل عظيم في تلاوة القرآن وتدبره والوقوف على معانيه.

(7)
ومن ذلك تستحب الصدقة والبذل والإحسان لأنه من المقرر في دلائل الشرع وكلام العلماء أن الصدقة تكون فاضلة في الزمان الفاضل والمكان الفاضل. فينبغي له أن يتعاهد الفقراء والمساكين بالصدقة وبذل المعروف للناس ويسعى في قضاء حوائجهم في هذه العشر الفاضلة وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كثير البر والإحسان في الأزمان الفاضلة وكان السلف الصالح يتحرون البذل في هذه العشر (كان حكيم بن حزام يقف بعرفة ومعه مئة بدنة مقلدة ومئة رقبة فيعتق رقيقه فيضج الناس بالبكاء والدعاء يقولون: ربنا هذا عبدك قد أعتق عبيده ونحن عبيدك فأعتقنا).

(8)
ومن أعظم الأعمال في هذه العشر حج بيت الله الحرام وقصد بيته لأداء المناسك لمن تيسر له. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة). متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه). متفق عليه. فإن لم يتيسر له حج التطوع لشغل أو بر أم أو تمريض قريب أو قيام بمصالح العيال وكان واجدا للمال فيستحب له أن يتكفل بنفقة الحج لمن لم يسبق له أداء الفرض فيتبرع له فإنه يرجى له ثواب الحج كاملا مثل ثواب العامل. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا). متفق عليه.

(9)
ومن أجل الأعمال في هذه العشر التي يظهر فيها التذلل وتعظيم الرب ذبح الأضحية تقربا لله وهو سنة مؤكدة على الصحيح من مذاهب الفقهاء. وقد ثبت في الصحيحين: (أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبّر ووضع رجله على صفاحهما). فينبغي على المسلم القادر في ماله أن لا يفرط في هذه الشعيرة العظيمة متى ما كان الأمر متيسرا له لأنها سنة أبينا إبراهيم عليه الصلاة والسلام وواظب عليها نبينا محمد اتباعا له وحض عليها وشدد في تركها.

(10) ومن أوكد الأعمال في هذه العشر وغيرها التوبة والإنابة إلى الله والإكثار من الاستغفار والتخلص من الذنوب الدائمة والعادات القبيحة. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ). وليحذر من الإصرار على الكبائر قال ابن رجب: (احذروا المعاصي فإنها تحرم المغفرة في مواسم الرحمة).

إن هذه العشر الفاضلة فرصة عظيمة لتغيير حياة المسلم إلى الأفضل ونقله من حالة الغفلة والتقصير والجفاء إلى حالة الذكر والمسابقة والعطاء. فينبغي للمسلم أن يستصلح قلبه ويزكي نفسه بهذه الأعمال وأن يستحضر صدق النية والاحتساب والتذلل والافتقار لله ويحذر العجب والمنة ولا يكون همه سرعة انقضاء العمل وإنما التدبر والاهتمام بصلاح العمل والانتفاع به.

وختاما ينبغي للمسلم أن يجتهد اجتهادا كبيرا في هذه العشر وينقطع للعبادة ويفرغ وقته لأداء الذكر والنسك والتقرب لله بأنواع القرب على حسب استطاعته وأن يعتزل الناس والعلاقات الاجتماعية والزيارات والرحلات التي لا طائل ورائها ولا نفع يرجى منها ما استطاع إلى ذلك سبيلا. أما مجالس العلم والإيمان في بيان كلام الرحمن وشرح السنة ودروس الفقه فهذه من أجل الأعمال فلينشط فيها وليحرص على شهودها ودعوة الناس إلى الخير وتبليغ الدين فإن هذه المناسبات فرصة عظيمة للداعية في تبصير الناس بدينهم وتتويبهم لأن القلوب مقبلة والنفوس مخبتة متشوفة لسماع الحق وواعظ النفوس فيها حاضر.
خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة


أبو عادل 29 / 10 / 2010 23 : 11 AM

رد: مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة.
 
يوم في حياة أمة!
خالد عبداللطيف

الموسم العظيم!
في يوم عظيم في حياة الإسلام؛ تنهمر العبرات، وتعمّ النفحات؛ ويتطلع القاصي والداني إلى رحمة المولى الجليل؛ فجموع الحجيج في المشاعر المقدسة يبسطون أيديهم لمولاهم، في ملابس تشبه الأكفان، متجردين من كل متاع الدنيا، في موكب مهيب يتوجه إلى ملك الملوك رغباً ورهباً، وخوفاً وطمعاً. وفي شتى بقاع الأرض يعيش سائر المسلمين نفحات اليوم المبارك.. يرجون مثل ما يرجو الحجيج؛ فإن فاتتكم الأماكن الفاضلة فالزمان الفاضل بين أيديكم!

يوم غير الأيام!!
شعاره في بيوت الأمة الصيام؛ تقرباً إلى الله تعالى، وطمعا في الأجر العظيم؛ إيماناً واحتساباً لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: "صيام يوم عرفات أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده" (رواه مسلم). وحال أهل البيت فيه الذكر والدعاء؛ رجاء رحمة البر الرحيم {إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ}. فلا تكن فيه وأهل بيتك من المغبونين؛ واجعلوا من يوم عرفة يوماً غير سائر الأيام!

تربية على الهواء مباشرة!

أنعم بها من تربية! اغتنام مواسم الخيرات لبث الهدى ومخاطبة الأفئدة.. فليجعل الوالدان من الصيام واغتنام النفحات، ومشاهد الوحدة والزهد والتضرع على قسمات الحجيج في المشاعر المقدسة، وإقامة ذكر الله تعالى.. ليجعلا من كل ذلك دروساً حية للصغار؛ توصل إليهم كثيرا من المعاني التي تلقوها نظرياً.. فها هي الفرصة لتلقيها حية على الهواء مباشرة!

حروف الختام..

{هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلاّ الْإِحْسَانُ}؟! كما تجتهد في إلحاق ذريتك بركب الإيمان والعمل الصالح؛ يلحقهم أكرم الأكرمين بك في جنات النعيم؛ قال تعالى:
{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} (الطور: 21).

أبو عادل 29 / 10 / 2010 25 : 11 AM

رد: مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة.
 
ترك الأظفار وشعر الرأس في عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي
د.جمال المراكبي

بسم الله الرحمن الرحيم
يتساءل الكثيرون عن حكم ترك الشعر والظفر في عشر ذي الحجة هل هو واجب أم هو سنة أم أن الأمر على الإباحة وهو واسع؟ روى مسلم في الصحيح كتاب الأضاحي باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وهو مريد التضحية أن يأخذ من شعره أو أظفاره شيئًا. عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يُضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئًا». وفي رواية سعيد بن المسيب عن أم سلمة ترفعه قال: «إذا دخل العشر وعنده أضحية يريد أن يضحي فلا يأخذن شعرًا ولا يقلمن ظفرًا». وفي رواية أخرى عن سعيد عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره». وفي رواية رابعة عن سعيد قال: سمعت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «من كان له ذبح يذبحه، فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذن من شعره ولا من أظفاره شيئًا حتى يضحي». وفي رواية خامسة عن عمرو بن مسلم بن عمار الليثي قال: كنا في الحمام قبيل الأضحى فأطَّلى فيه ناس، فقال بعض أهل الحمام: إن سعيد بن المسيب يكره هذا أو ينهى عنه فلقيت سعيد بن المسيب فذكرت ذلك له، فقال: هذا حديث قد نُسي وتُرك، حدثتني أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وذكر الحديث. والحديث في رواياته كلها يدور على سعيد بن المسيب عن أم سلمة رضي الله عنها. وكان سفيان يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما صرح بذلك مسلم رحمه الله عز وجل، وقد نقلت رواياته كلها كما جمعها في هذا الباب، والحديث رواه الترمذي في سننه في كتاب الأضاحي باب ترك أخذ الشعر لمن أراد أن يضحي وهو آخر أبواب الكتاب عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من رأى هلال ذي الحجة، وأراد أن يضحي فلا يأخذن من شعره ولا من أظفاره» [(ح رقم1443). قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث حسن صحيح] وهو قول بعض أهل العلم، وبه كان يقول سعيد بن المسيب، وإلى هذا الحديث ذهب أحمد وإسحاق. ورخص بعض أهل العلم في ذلك فقالوا لا بأس أن يأخذ من شعره وأظفاره، وهو قول الشافعي، واحتج بحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث بالهدي من المدينة فلا يجتنب شيئًا مما يجتنب منه المحرم. اهـ. والحديث رواه أحمد وأصحاب السنن. قال النووي: واختلف العلماء فيمن دخلت عليه عشر ذي الحجة وأراد أن يضحي. فقال سعيد بن المسيب وربيعة وأحمد وإسحاق وداود وبعض أصحاب الشافعي: إنه يحرم عليه أخذ شيء من شعره وأظفاره حتى يضحي في وقت الأضحية. وقال الشافعي وأصحابه: هو مكروه كراهة تنزيه وليس بحرام. وقال أبو حنيفة: ولا يكره، وعن مالك روايتان. واحتج من حرم بهذه الأحاديث. واحتج الشافعي والآخرون بحديث عائشة رضي الله عنها قالت: «كنت أقلد قلائد هدي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثم يقلده ويبعث به ولا يحرم عليه شيء أحله الله حتى ينحر هديه». [متفق عليه] ولا أعلم أحدًا من أهل العلم قد نفى هذه السنة، أو زعم أن فاعل ذلك الأمر مبتدعًا، بل كلهم متفقون على استجابة ترك الشعر والظفر حتى تذبح الأضحية، وغاية ما في الأمر أن بعض أهل العلم رأى هذا واجبًا، وحمل النهي عن حلق الرأس وقص الظفر لمن أراد أن يضحي على ظاهره وهو التحريم لأنه لم تثبت لديه قرينة تصرف النهي عن ظاهره وهو التحريم إلى الكراهية بينما وجد الشافعي في حديث عائشة المذكور في كلام الترمذي والنووي وما تضمنه من فعل النبي صلى الله عليه وسلم صارفًا للنهي عن دلالته الظاهرة وهي التحريم إلى الكراهية. ويؤيد هذا قول ابن عمر: ليس حلاق الشعر بواجب على من ضحى، وإن كان هذا القول ينفي مجرد إيجاب الحلق على من ضحى.... ذبح الأضحية، وحديث أم سلمة في نهي من أراد أن يضحي أن يأخذ من شعره، وظفره قبل ذبح الأضحية، فكلام ابن عمر في عدم إيجاب الحلق على من ضحى لا يعارض حديث أم سلمة في النهي عن الحلق قبل التضحية، لأن هذا النهي لا يعني بالضروة وحديث الحلق بعد ذبح الأضحية. والسنة في ترك حلق شعر الرأس وقص الظفر حتى يذبح الأضحية هذا في حق من أراد أن يضحي، ودخل عليه عشر ذي الحجة فلتحقق هذا الحكم شرطان: الأول: إرادة التضحية، سواء كانت الأضحية عنده أم لا، حتى ولو اشتراها بعد ذلك. الثاني: دخول عشر ذي الحجة، ويتحقق برؤية هلال شهر ذي الحجة، أو العلم به. ويشترط بعض الناس أن يكون قد حصل الأضحية وصارت عنده، ولا دليل على ذلك. وفي حلق الشعر وقص الأظفار بعد ذبح الأضحية معنى عظيم، فقد أبقى عليها ليشملهما ثواب العتق من النار، ولهذا قالوا: يبقى كامل الأجزاء ليُعتق كله من النار، ويميط عن نفسه الذنوب والخطايا وفيه معنى التشبه بالمحرم، لا يتحلل إلا بعد ذبح الهدي. والحمد لله رب العالمين.


أبو عادل 29 / 10 / 2010 26 : 11 AM

رد: مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة.
 
هل تريد النجاح فى افضل أيام العمر؟
تخطيط شامل للأيام العشر(العشر من ذي الحجة)
محمد مصطفى المصراتى

تمضى بنا أيام العمر فى هذه الحياة وكل يوم يذهب لن يعود ويقربنا أكثر إلى القبر (حقيقة لامفر منها)ونحن فى هذه اللحظات نستقبل ايام هى من أفضل أيام العمر أنها العشر من ذي الحجة جئت هذه الأيام المباركات لتفتح لنا صفحة جديدة مع الله ولتعطينا فرصة ثمينة لنسجل فى صحائفنا الحسنات العظام ..
ايام اقسم بها المولى عز وجل فقال " وَالْفَجْرِ *وَلَيَالٍ عَشْرٍ "
ولننظر إلى عظمة ومكانه ورفعة هذه الأيام العشر حتى اقسم بها الخالق البارئ إنها الأيام العشر الأولى من هذا الشهر الفضيل ذي الحجة..
كما قال عنها حبيبنا ومعلمنا وقدوتنا محمد عليه الصلاة والسلام « ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام»، يعني أيام العشر ، قالوا : يارسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال « ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشىء » .
لقد تعجب الصحابة من فرط تعظيمهم للجهاد حتى قالوا: ولا الجهاد ؟!!
هل صدقتنى الان عندما قلت لك إنها فرصة هائلة فيها للعمل لليوم الاخر ..
فرصة لبدء صفحة جديدة مع الله ..
فرصة لكسب حسنات لا حصر لها تعوض ما فات من الذنوب..
فرصة لكسب حسنات تعادل من أنفق كل ماله وحياته وروحه في الجهاد ..
فرصة لتجديد الشحن الإيماني في قلبك..
ماذا أعددت لهذه العشر وماذا ستصنع ؟؟
لاجل ذلك و عملاً بقول حبيبي وحبيبنا المصطفى المحمود محمد صلى الله عليه وسلم "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه " لأجل ذلك كتبت لكم هذه المقالة واجتهدت لكى تصل الى قلوبكم الطيبة وحاولت ان اختار كل كلمة فيها وساعدتنى كثيرا مقالة رائعة جدا (وهى ومن أجمل ما قرأت) مقالة للاستاذ عبدالمنعم حريشة..استفدت منها كثيرا جدا فى مقالتى هذه فله منى كل التقدير والدعاء...
ومن خلال تلك المقالة وما دونته شخصيا خرجت لكم بهذا الجدول وبكيفية الاستفادة من هذه الايام عمليا اخى ****** ...اختى الفاضلة سابقا كنا قد اتفقنا جميعا على انها فرصة لتعويض ما فات ..
اذا الان علينا الاستعانة بالله وتنظيم وقتنا فالتنظيم اليومي في الحياة يؤدي دائما الى النجاح فى كافة الامور.
ويقع بعض الناس في أتعاب ويضيع العمر دون هذا التنظيم ..
الا يجب علينا اذا ان ننظم وقتنا و خصوصا وانا وانت نستعد اخى ****** اختى الفاضلة لايام عظيمة اذا ضيعناها لاندرى هل يمد الله فى عمرنا لنعيشها مرة اخرى..
, فإليكم هذا الجدول والذى نرجو أن يتحول إلى برنامج عمل للايام العشر من ذى الحجة ....

التوقيت نوع النشاط الفترة الزمنية

من 5:00الى5:35 الاستيقاظ والصلاة(قيام الليل)
من 5:40 الى6:30 الذهاب للمسجد لصلاة الصبح ...ثم أذكار الصباح
من 6:45 إلى 7:25 العودة للبيت وقراءة القرآن الكريم
من 7:30الى8:00 الاستعداد للذهاب للعمل أو المدرسة أو الجامعة
من 12:15 إلى 1:00 الذهاب للمسجد لصلاة الظهر وقراءة القرآن الكريم
من 1:15الى 2:00 فترة قيلولة
من 2:00الى 3:00 فترة مفتوحة
من 3:10 الى4:00 الذهاب للمسجد لصلاة العصر وقراءة القرآن الكريم
من4:00الى4:15 أذكار المساء
من 5:40الى 6:00 صلاة المغرب بالمسجد
من 6:05الى 6:30 إذا كنت صائم فلا تنسى أن تفطر معاك صائم أو أكثر
من7:00 الى7:45 الذهاب للمسجد لصلاة العشاء وقراءة القرآن الكريم
من8:00الى9:00 صلة رحم أو زيارة مريض او إطلاع مفيد
من 9:30 الى10:00 تناول وجبة السحور+راحة ثم التوجه للنوم تمام الساعة10:00
ملاحظة ..وضع الجدول حسب التوقيت المحلى للصلوات فى مدينة بنغازى الليبية.

سنجد من خلال هذا الجدول الاتى:

1) يعتمد على تقسيم اليوم مابين العمل والراحة واوقات الصلاة وقراءة القرآن والأذكار وغيرهامن الاعمال الصالحة وهذا التنظيم اليومى متى تم العمل به يعطيك أسباب النجاح بأذن الله تعالى للجميع (طلبة وعمال وموظفين) فبحرصك على طاعة الله وأداء الصلاة فى أوقاتها ومع الجماعة وفى المسجد سيعطيك قوة من المولى للعمل(للموظف) والمذاكرة(للطالب) ..وهذا طبعا مع المثابرة على المذاكرة الجادة والمركزة واخذ وقت للراحة بين الفترة والاخرى.. للفهم فى اوقات اخرى..
2) النوم مبكرا والاستيقاظ مبكرا لها دور كبير فى تنشيط الذاكرة ..والاستفادة من دقائق اليوم اى تساعد على الاستفادة من الوقت بافضل شكل ممكن..ويمكنك تكييف الجدول حسب وضعك الاجتماعى وظروفك.
3)هناك فترات مفتوحة يمكن استغلاله فى المذاكرة للطلبة اولاى نشاط يخدم الغاية من هذا البرنامج الايمانى
4) ستجد انه خلال هذا الجدول هناك فترات تم مراعاة اوقات الصلاة والذكر وغيرها وتلك الساعات لو تم الاستفادة منها بشكل صحيح ستكون النتيجة ممتازة باذن الله تعالى..ويمكنك زيادتها بالتقليل من فترات الراحة..
5)اجعل قائمتك مرنة بحيث يمكن الحذف منها والاضافة اليها كلما استدعى الامر ذلك.. والاحتفاظ بالقائمة عندك وكلما انجزت عملا فاشر عليه بالقلم..
6) يمكنك طلب المساعدة والمشورة من والديك واخوتك واسرتك فى وضع الجدول او تعديله واطلب مساعدتهم فى تنفيذه بما يتوافق مع طموحاتك وظروفك..واجعل منه جدول عام للاسرة كلها ايضا ذلك سيكون مساعد لك حتى تلزم نفسك بتنفيذ ما فيه....وايضا كل بعد يومين سجلوا ما قمتم به وما ستقومون به ..
7) يحتوى هذا الجدول على عدة اهداف تربوية وخطة عمل قمة فى الطاعة والقربة لله وفى صالح الخير للبلاد والعباد ومتى حققتم نسبة من النجاح لماذا لايكون منهاج عمل لكم فى سائر الايام؟..
ورغم بساطة هذا الجدول الا انه يحتوى مشاريع كبرى وهى على النحو التالى:

اولا:_ مشروع وليمة لكل صلاة

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له نُزُلا في الجنة كلما غدا أو راح » ، والنُزُل هو الوليمة التي تعد للضيف ..
تعال معي .. أعطيك مشروع الوليمة( وهو موجود فى الجدول بالصلاة الجامعة فى المسجد ) :
أن تخرج من بيتك قبل الأذان بعشر دقائق فقط بعد أن تتوضأ في بيتك ..
ثم تخرج إلى المسجد..وفى طريقك تواظب على التسبيح والتحميد والتهليل و التكبير...ثم تردد الأذان في المسجد ، ثم تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، والدعاء له صلى الله عليه وسلم بالوسيلة والفضيلة ، ثم صلاة السنة القبلية بسكينة وحضور قلب ثم جلست تدعو الله لأن الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة .
وقمة الاخلاص لو اصطفاك ربك واجتباك ودمعت عيناك ودعوت فى سجودك( لانه من مواضع اجابة الدعاء) ثم صليت في الصف الأول علي يمين الإمام وقرت عينك بتلك الصلاة فجلست قرير العين تستغفر الله وتشكره وتذكره ، ثم صليت السنة البعدية بعد أن قلت أذكار الصلاة ، إذا فعلت ذلك :
فإليك الثمرات :
ثواب تساقط ذنوبك أثناء الوضوء .
كل خطوة للمسجد ترفع درجة وتحط خطيئة .
ثواب(معية الله) وذلك بالذكر اثناء ذهابك للمسجد (اذكرونى اذكركم) ثواب ترديد الأذان مغفرة للذنوب .
ثواب الدعاء للرسول صلى الله عليه وسلم نوال شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم .
ثواب صلاة السنة القبلية .
ثواب انتظار الصلاة فكأنك في صلاة .
ثواب الدعاء بين الأذان والإقامة وفى السجود .
ثواب تكبيرة الإحرام ، صلاة الجماعة ، الصف الأول ، ميمنة الصف .
ثواب أذكار الصلاة ، والسنة البعدية ، وثواب المكث في المسجد ، و..... و...... .
بالله عليكم .. أليست وليمة ؟!!.. بالله عليكم من يضيعها وهو يستطيعها .. ماذا تسمونه ؟!

ثانيا:_مشروع الذكر

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما من أيام أعظم عند الله ، ولا أحب إلى الله العمل فيهن من أيام العشر ، فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير » ..
فأعظم كلمات الذكر عموما في هذه الأيام : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، وهن الباقيات الصالحات ، وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لكل كلمة منها شجرة في الجنة ، وأن ثواب كل كلمة منها عند الله كجبل أحد ..
وإنني أعتقد أيها الأحبة أنه كما أن رمضان دورة تربوية مكثفة في القرآن ، فالعشر الأوائل دورة تربوية مكثفة في الذكر ..
وتقول لي : ومتى أقول هذه الكلمات ؟؟
أقول لك : عود نفسك .. عود نفسك .. عود نفسك ..
أثناء سيرك في الطريق لأي مشوار ...اثناء قيادتك لسيارتك..اثناء وقت فراغك..وفى فترات الانتظار وأنت مستلق على السرير قبل النوم .
أثناء الكلام اقطع كلامك واذكرها ، وأثناء الأكل .
أن تذهب للمسجد مبكرا وتنهمك في هذا الذكر حتى تقام الصلاة ... ..يعنى فى اى وقت . .
إذا التزمت وتعودت ما قلته لك لن تقل يوميا غالبا على حسب ظني ذكرك عن ألف مرة ، مما يعني 4000 شجرة في الجنة يوميا ، هل تعلم أنك لو واظبت على هذا في الأيام العشرة كلها كيف ستكون حديقتك في الجنة ؟؟ هل تتخيل 100 ألف هكتار في الجنة تملكها في عشرة أيام !! أليست هذه فرصة المغبون من يضيعها ؟!!
هل تريد المزيد قال صلى الله عليه وسلم {من قال سبحان الله وبحمده في اليوم مائة مرة حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر} رواه البخاري فلو نظرنا أخي ****** ... أختي الفاضلة ... كما تأخذ منا هذه الأذكار من وقت فمثلاً سبحان الله وبحمده لو قلناها مرة واحده تأخذ منا 3ثوان .. لو كررناها 100 مرة تأخذ (300 ثانية ) أي خمس دقائق تحيل حياتنا من حال لأخر ... تمسح خطايانا ولو كانت مثل زبد البحر ( وهو ما طفى على سطح الماء )...

ثالثا:_مشروع ختم القرآن
{ وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً} [الإسراء :82] ..
وفي الحديث الشريف قال النبي صلى الله عليه وسلم { أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم ،أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين وثلاث خير له من ثلاث ،وأربع خير له من أربع ، ومن أعدادهن من الأبل} رواه مسلم 1/ 553 ... فكم سيكون نصيبك من ذلك ...
وقال صلى الله عليه وسلم : « من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول آلم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف » ..
لابد من ختمة كاملة في هذه العشر على الأقل .. بدون تردد احزم الامر وأنت تتلو القرآن .. أنزل آيات القرآن على قلبك دواء ..
ابحث عن دواء لقلبك في القرآن .. فتأمل كل آية .. وتأمل كل كلمة .. وتأمل كل حرف ..
ولكي تختم القرآن في هذه العشرة أيام عليك أن تقرأ ثلاثة أجزاء يوميًا ..وهذا ما حرصنا ان ندونه جيدا فى الجدول المرفق ولكي تتحفز أبشرك :
أن ثلاثة أجزاء على حساب الحرف بعشرة حسنات تعادل نصف مليون حسنة يوميًا ..
هيا انطلق .. نصف مليون حسنة مكسب يومي صافي من القرآن فقط ..
ثم مفاجأة أخرى أنه في هذه الأيام المباركة تضاعف الحسنات ..
قرآن .. وملايين .. هيا .. هيا ..

رابعا :_مشروع الصيام

عن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر والخميس ) .( صحيح أبي داود 2129) فصم هذه التسعة كلها اياك أن تضيع منها يوما واحدا ..
وإن ثبطك البطالون وقالوا لك : الحديث ضعيف فالحديث العام : « من صام يوما في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا » ، ومع فضيلة هذه الأيام ، على كل حال .. أنت الرابح!!

خامسا:_مشروع الحج والعمرة

وفر4 الاف دينار واكسب 4الاف حسنة..
بل أكثر مما طلعت عليه الشمس ..
من خلال المكث في المسجد بعد صلاة الفجر حتى الشروق ثم صلاة ركعتين ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة » .
وفي هذه الجلسة :
* تلاوة قرآن
* أذكار الصباح
* تجديد التوبة
* الدعاء في خفاء
* العفو عن أصحاب المظالم لديك
* طلب العفو من الله
* عبادات جديدة

سادسا:_مشروع قناطير الفردوس

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين » ..
فإذا قمت الليل بألف آية فلك في كل ليلة قناطير جديدة من الجنة ، وإذا كنت من العاجزين وقمت بمائة آية كتبت من القانتين .

سابعا:_مشروع الأخوة في الله

قال النبي صلى الله عليه وسلم « إن من عباد الله لأناسا ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله تعالى » ، قالوا : يارسول الله تخبرنا من هم ؟ قال « هم قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها فو الله إن وجوههم لنور وإنهم على نور لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس وقرأ هذه الآية { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون } » .
فأقترح عليك على الأقل مرة واحدة في الأيام العشر تدعو فيها أصحابك للإفطار عندك ، وقبل المغرب بنصف ساعة الذكر والدعاء ، وبعد الإفطار نصف ساعة التذكير والاستماع للقرآن أو مشاهدة اسطوانة تذكر بالله ، ثم تهدي إليهم إذا استطعت ما عندك من كتب وشرائط ، واكسب :
ثواب تفطير صائم .
ثواب الدعوة إلى الله .
ثواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
ثواب الإعانة على خير .
ثواب التثبيت للمترددين .

ثامنا:_مشروع صلة الأرحام
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام » ، وقال صلى الله عليه وسلم : « الرحم معلقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله » فاحرص على :
كل يوم نصف ساعة على الأقل أو ما تيسر من الوقت أي عمل تبر به والديك .
زيارة لأحد الأقارب .
أبسط إكرام للجيران .
واليك هذه النصيحة الذهبية..قبل يد وراس والدك ووالدتك كل يوم واطلب منهم الدعاء لك بالتوفيق والسداد ..وحاول ان تعوض تقصيرك فى الايام الخوالى فهذه فرصتك!!! ..

تاسعا: سرور تدخله على مسلم.

ابحث عن المحتاجين الفقراء مد لهم يد العون حث غيرك وتعاون معهم على تجميع الملابس.. الاكل ابذل المعروف..ادخل على قلوبهم السرور ليكن ذلك رفعة لك فى الدنيا واجر لاحدود له فى الاخرة ...تصدق ..تصدق تصدق..فإن الإنسان إذا تصدق لوجه الله تعالى، فإن الله سبحانه يجيب دعوته، ويزيل ما به من البلاء.
فعن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب وصلة الرحم تزيد من العمر)( رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن).
وعن رافع بن مكيث ـ بوزن عظيم ـ رضي الله عنه ـ كان ممكن شهد الحديبية ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(حسن الملكة نماء، وسوء الخلق شؤم، والبر زيادة في العمر، والصدقة تطفيء الخطيئة، وتقي ميتة السوء)(كتاب الترغيب والترهيب).
وعن عمرو بن عوف ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إن صدقة المسلم تزيد في العمر، وتمنع ميتة سوء، ويذهب الله بها الكبر والفخر)(الترغيب والترهيب).
وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إن الصدقة لتطفيء غضب الرب، وتدفع ميتة السوء)(السلسلة الصحيحة المختصرة للألباني).
وفي حديث معاذ ـ رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار)(مشكاة المصابيح للألباني).
فهذه الأحاديث الكريمة وغيرها تبين أن الصدقة تبعد عن الإنسان غضب الله تعالى، فإذا زال الغضب حلت رحمة الله تعالى بالعبد، وإذا كانت الصدقة تطفئ الخطيئة، وتزيلها من صحيفة العبد، فلا يبقى الإ طاعته وعبادته، فيرحمه الله تعالى، ويزيل عنه برحمته وكرمة وفضله ما حل بالإنسان من مرض، أو بلاء، أو مشقة، فالصدقة باب لذلك وسبب له...
وفى هذه الايام المباركة يزداد الاجر ويعظم فلا تنس إدخال البهجة على أسرة فقيرة تذهب إليها قبل العيد : نقود ، لحوم ، ملابس .
حاول تحقيق وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن فعل في اليوم الواحد : صيام ، اتباع جنازة ، عيادة مريض ، صدقة ، تفتح لك أبواب الجنة جميعها .

عاشرا:مشروع الدعاء..

وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ "
مع كل ذلك لاننس الدعاء... نعم الدعاء فهى من اعظم العبادات فاحرص على طلب العون من الله باللجوء اليه والدعاء ان يوفقك فى حياتك ويعينك فى ايامك القادمة ويغفر لك ذنوبك ويعطيك من فضله وكرمه...واعلم ان من افضل الاوقات لاجابة الدعاء كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام عند السجود فى الصلاة ..ومابين الاذان والاقامة .. واخر ساعة من عصريوم الجمعة (ماقبل اذان المغرب )وعند نزول المطر... وفى وقت السحر اى ماقبل اذان الفجر بساعة....فاجتهد فى الدعاء فى كل وقت وفى تلك الاوقات خاصة اخى ****** اختى الفاضلة...مارايك بكل هذه المشاريع العظيمة الا تعتقد اننا مقصرين جدا فى كسب تلك الفوائد ...هل اكتفيت ام تريد المزيد ...يبدو انك تريد المزيد فخذ اذن ...

مشروع عظيم جدا (يوم عرفة)

• مشروع يوم عرفة (التاسع من ذى الحجة)
أولا : أيها الأخ ****** .. هل تدرك خطورة هذا اليوم ؟، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « صيام يوم عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده » .
إذن احسبها معي : صيام 12 ساعة = مغفرة 24 شهر حبيبي .. احسبها معي مرة أخرى : اليوم 24 ساعة ، إذن كل ساعة في اليوم = مغفرة شهر يعني كل 60 دقيقة = 60 يوم إذن : كل دقيقة = يوم فهل هناك عاقل يضيع دقيقة واحدة في هذا اليوم ، ماذا ستفعل ؟؟ الذهاب إلى المسجد قبل الفجر بنصف ساعة والابتهال إلى الله أن يوفقك في هذا اليوم ويعصمك.
نية الصيام .
نية الاعتكاف فلا تخرج من المسجد أبدا إلا عند الغروب .
الاجتهاد في الدعاء والذكر .

لاننسى قول الرسول صلي الله عليه وسلم" إن للصائم عند فطره دعوة لا ترد "
فلندعو لوالدينا و أخواتنا وإخواننا المسلمين بالمغفرة و الخير والصلاح وللمجاهدين بالنصر
و العزة وللمتضررين و المستضعفين بالفرج و لموتانا بالمغفرة ودخول الجنان
ولندعوا لأنفسنا بخير الدعاء ( أللهم أغفر لي ما قدمت وما أخرت ، اللهم أتنا في الدنيا حسنة

وفي الآخرة حسنة و قنا عذاب النار ، اللهم أسألك العفو و العافية في الدنيا و الآخرة) ولاتنس فى دعائك اخوتك فى غزة..فاجعل لهم نصيب فى دعائك ان يرفع الله عنهم الحصار وتذكر انهم انما يدافعون عنى وعنك وعن اختى وامك ووالدى وعمتك انهم سد فى وجوه اخوان القردة والخنازير فاسئلك بالله ان تدعوا لهم بقلب محترق ونفس لحوحة فالدعاء سلاحنا ...ادع وانت موقن بالاجابة..واعلم انك ستقف يوم القيامة ليسائلك الله ماذا فعلت لتنصر اخوتك ؟؟...فالدعاء الدعاء الدعاء...والتمس مواطن الاجابة ..ولاتنسان انا ايضا من دعائك اخى الكريم اختى الفاضلة....

• مشروع يوم العيد

اعلم أن يوم العيد هو أفضل أيام السنة على الإطلاق ، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم : « أفضل الأيام عند الله يوم النحر ويوم القر » ، خطتك :
ابدأ بصلاة العيد وكن بشوشا سعيدا في وجوه المسلمين .
صلة الرحم : الوالدين ، الأفارب ، الأصحاب .
الأضحية ..اذا كانت ظروفك لاتسمح بها لانها غالية الثمن ، اشترك أنت وأصحابك في ذبح شاة حسب الإمكانيات المادية .

اخيرا ...

• لا تنس هذه الفرصة الذهبية
بناء بيت في الجنة كل يوم إن صليت 12 ركعة من النوافل فقط ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا غير فريضة إلا بني الله له بيتا في الجنة » ، وفي 10 أيام = عشرة بيوت في الجنة .
اقرأ سورة الإخلاص 10 مرات كل يوم يبني الله لك قصرا في الجنة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من قرأ قل هو الله أحد عشر مرات بني له بها قصر في الجنة » ، فنكون قد أعددنا لك الحديقة ، وبنينا لك الفيلات ..
اخى ****** اختى الكريمة
فلنجعل من هذه الأيام العشر من ذي الحجة أيام طاعة وعبادة ولنحرص علىالاخلاص فى العمل الصالح بكافة فروعه ..قال تعالى(انا لانضيع اجرمن احسن عملا).. [سورة : الكهف : 30]

واجعل اخى الغالى اختى الفاضلة


من الدقائق ذكر لله واستغفار وتقرب إليه بقراءة كتابه الكريم.
وعليك أن تحرص على تعريف والديك و إخوتك وأخواتك وأصدقائك و أقاربك وأسرتك على
فضل هذه الايام المباركات فالذكرى تنفع المؤمنين ولا تدخر جهداً في ذلك
ولا بأس أن تستعين بما جاء في هذه المقالة بتصويرها أو نشرها عليهم لعل تجد ذلك العمل عظيماً
في ميزان حسناتك في يوم تعز فيه الحسنات وتكون بدعوتك الناس قد اقتديت
بقول الرسول عليه الصلاة والسلام {بلغوا عني ولو آية }
وقوله عليه الصلاة و السلام " نضر الله امرئ سمع مني مقالة فوعاها فأداها كما سمعها فلربما مبلغ أوعى من سامع "
و أنت بذلك تعمل مع الله في نشر الخير.. والداع للخير كفاعله.. و الله لا يضيع اجر العاملين
وهو خير الرازقين .. و ارحم الراحمين من بيده خزائن السماوات و الأرض .

أخيراً لا أجد ما اختم به مقالتي هذه أفضل
من قوله تعالى " مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم

بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ " صدق الله العظيم .
.( وما توفيقى الا بالله عليه توكلت واليه انيب) [سورة : هود:88] والحمد لله ربِّ العالمين...

محمد مصطفى المصراتى
ليبيا- بنغازي


أبو عادل 29 / 10 / 2010 28 : 11 AM

رد: مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة.
 
بيوتنا وعشر ذي الحجة
خالد عبداللطيف

بين يدي السطور:
تعاهد جذوة الحماس الناشئة برعاية يتم بها النفع..!

بشرى للبيوت..!
أقبلت العشر بكل خير.. تحمل البشرى للبيوت بموسم العام الأكبر.. وتنادي: هل من مشمر؟!
هل من مشمر لاستباق الخيرات، واغتنام النفحات؟!
وهل من مشمر للاستثمار التربوي.. ومضاعفة العمر؛ بالبث والحث على هذا الخير؟!
إنها نفحات لا نظير لها لمن وفقه الله.. فتجاوز عبادته في نفسه؛ إلى تزكية أهل بيته وحثهم على مثل اجتهاده، وإعانتهم في ذلك.
بل هي غنيمة باردة لمن ألهمه الله فوق ذلك؛ فكان وأهل بيته جميعا ممن جمع الخيرين: الاجتهاد في العبادة، ودعوة غيرهم إلى مثل ذلك.

اتل واقصص..!
اتل على أهل بيتك من الآيات والحكمة والقصص ما يجعلهم يبتدرون العشر قبل أن تتفلت أيامها، ويتسابقون في دعوة غيرهم؛ لمضاعفة أجورهم:
اتل قوله تعالى على زوجك وصغارك: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ} (الفجر/2،1)، واذكر لهم أن هذه العشر التي يقسم بها الله - جل في علاه - هي في قول أكثر المفسرين "عشر ذي الحجة"؛ لعظيم شرفها؛ فهي أفضل أيام العام؛ لاجتماع أعظم العبادات فيها.
وكذا قوله جل وعلا: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ...} (الحج/28).
قال جمهور العلماء بأن هذه الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة، منهم ابن عمر وابن عباس، رضي الله عنهم.

واتل عليهم من السنة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام ـ يعني أيام العشر ـ "، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء" (رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما).
واقصص من أحوال السلف ما يرفع هممهم، ومنها أن التابعي الجليل سعيد بن جبير – راوي الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما - كان يجتهد – في هذه العشر - اجتهادا حتى ما يكاد يُقدر عليه!!

رعاية يتم بها النفع..!

فإذا تمت الموعظة الطيبة المشوّقة.. تعاهد جذوة الحماس الناشئة برعاية يتم بها النفع، طوال العشر؛ فإن النفوس بعد الموعظة تحتاج إلى تعاهد ومتابعة.
ومن خير ما تذكرهم به عملياً – مع كونه شعيرة مباركة في هذه العشر – التكبير والتهليل، والجهر به؛ ونشر ذلك في البيت؛ فيكون إظهارا للشعيرة وتذكيرا في الوقت نفسه باغتنام الأوقات في سائر أنواع العبادات من صلاة وصيام وصدقة وبر وصلة.
فإذا كان من أهل البيت من تم بلوغه من البنين أو البنات؛ وتيسر لرب البيت السفر به للحج؛ فيا له من خير عظيم وفضل كبير لمن يسره الله له، لا يكاد يعادله فضل في هذه العشر.
فإن لم يكن سفر للحج.. ففي أداء الأضحية وإظهار الشعائر وسائر العبادات متسع للتزكية والتربية؛ بالقدوة والمشاهدة والمشاركة.

أبو عادل 29 / 10 / 2010 30 : 11 AM

رد: مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة.
 
إمساك المضحي عن ظفره وشعره في العشر
خالد بن سعود البليهد

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. وبعد فيشرع لمن أراد أن يضحي إذا دخلت عشر ذي الحجة أن يمسك عن ظفره وشعره وبشرته حتى يضحي لحديث أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئا حتى يضحي). رواه مسلم . وفي رواية: (ولا من بشرته). والنهي عن ذلك يشمل شعر الرأس والعانة والشارب والإبط وغيره من جميع شعور الجسم وكذلك يشمل أظافر اليدين والرجلين وجميع البشرة خلافا لمن خصه بشعر الرأس أوغيره.

والصحيح أن هذا الإمساك سنة ليس بواجب لأنه تابع لأمر مسنون وهو الأضحية فيكون سنة كحكم المتبوع ولأنه من باب التعظيم المسنون بدليل أنه لم يؤمر بالإمساك عن غير الظفر والشعر.قال الخطابي: (وأجمعوا أنه لا يحرم عليه اللباس والطيب كما يحرمان على المحرم فدلَّ ذلك أنه على سبيل الندب والاستحباب, دون الحتم والإيجاب). ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمسك عن شيء في إهدائه والهدي نسك مثل نسك الأضحية في التقرب لله بالذبح بل آكد لتعلقها بالحرم فهما جنس واحد فلو كان واجبا لأمسك في حال تقربه بالهدي فدل على أنه غير لازم كما استدل الشافعي بذلك. قالت عائشة رضي الله عنها: (فتلت قلائد بدن النبي صلى الله عليه وسلم بيدي ثم قلدها وأشعرها وأهداها فما حرم عليه شيء كان أحل له). وفي رواية: (ثم لا يجتنب شيئا مما يجتنبه المحرم). ولأنه لا يمكن إلزام الناس بأمر والتشديد عليهم وتأثيمهم بحديث مختلف في ثبوته ودلالته فالحديث أعله الدارقطني بالوقف وأشار مسلم لعلته واستشكل متنه الأئمة كالليث وابن مهدي وغيرهما. والقول بالكراهة قول وسط بين من يحرمه وهم قلة كأحمد وبين من يبيحه وهم أكثر الفقهاء كمالك وأبي حنيفة. وفيه توسعة على الخلق لا سيما من احتاج لذلك وشق عليه تركه. وهو قول الشافعي ووجه عند الحنابلة وقال في الإنصاف لما حكى الكراهة: (قلت وهو أولى وأطلق أحمد الكراهة). فعلى هذا يكره للمضحي أخذ ظفره وشعره ولا يأثم بذلك لكن لا ينبغي له فعل ذلك إلا عند الحاجة اتباعا للحديث وآثار الصحابة.

وتبتدأ مدة الإمساك عند تحقق دخول العشر وبلوغ ذلك لمن أراد أن يضحي ويتحقق الدخول برؤية هلال ذي الحجة أو إكمال عدة شعبان ثلاثين لقوله صلى الله عليه وسلم: (من كان له ذبح يذبحه فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذن من شعره ولا من أظفاره شيئا حتى يضحي). ولا يلزم الإمساك قبل ذلك من باب الاحتياط لأن ذلك من التكلف المنهي عنه شرعا وتكليف زائد لم يثبت في الشرع فلا يمسك مثلا قبل غروب ليلة الثلاثين ولا في غيرها وإنما يمسك إذا ثبت عنده دخول شهر ذي الحجة في أي وقت ولو كان متأخرا.

وهذا الحكم خاص بالشخص العازم على شراء الأضحية من ماله فقط سواء تولى الذبح بنفسه أو بنائبه ولا يثبت في باقي أهل بيته ممن يضحى عنهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم خصه بالمضحي ولأنه لم ينقل أنه أمر أهله بذلك. ولا يمسك الوكيل الذي وكل بذبح الأضحية ولا يتعلق الحكم به لأنه غير مخاطب به.

ومن كان مترددا عند دخول العشر في ذبح الأضحية لم يثبت له الحكم ولم يشرع له الإمساك لأنه غير عازم على الأضحية. فإن عزم في أثناء العشر أمسك لما بقي ولا شيء عليه فيما مضى من المدة لأنه لم يكن مكلفا حينئذ.

وإذا كان الانسان ناويا للأضحية في أول العشر ثم حلق شيئا من ظفره أو شعره أو جلده كان مخالفا للأولى بفعله على الصحيح وليس عليه كفارة لأنه لم يرد في الشرع تعيين كفارة لذلك. قال ابن قدامة: (ولا فدية فيه إجماعاً سواء فعله عمداً أو نسياناً). أما إذا أخذ شيئا من شعره ناسيا أو جاهلا أو مضطرا فلا كراهة فيه وأضحيته صحيحة لا يتأثر حكمها بذلك.

ولا يشرع للمضحي أن يمسك عن شيء آخر غير ظفره وشعره وجلده ولا ينهى عن الطيب أو مباشرة النساء أو غيره لأنه لم يرد. وما شاع عن بعض العامة تحريم النساء وغيره على المضحي قياسا على المحرم بالحج قول محدث ليس له أصل في الشرع ولا علاقة في الأحكام بين المضحي والمحرم بالحج.

ولم يرد في السنة الصحيحة ذكر للحكمة من النهي عن قص الأظفار والشعور على المضحي. وقد حاول بعض الفقهاء التماس الحكمة فمنهم من قال نهي المضحي عن ذلك تشبيها بالمحرم بالحج فكما شارك المحرم في ذبح القربان ناسب أن يشاركه في شيء من خصائص الإحرام. وقال بعضهم الحكمة توفير الشعر والظفر ليأخذه مع الأضحية فيكون ذلك من تمام الأضحية عند الله. وقيل لتشمل المغفرة والعتق من النار جميع أجزاءه. وأصل الحكمة التعبد لله بالإمساك وتعظيم الله وإظهار التذلل له والله أعلم.

خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة


أبو عادل 29 / 10 / 2010 34 : 11 AM

رد: مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة.
 
قــل للعشـــر المبـــاركــات : لعلــي لا ألقــاكِ بعـــد عـــامي هــذا
الأستاذة : زاد المعاد


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ } الحمد لله مصرف الليل والنهار والأيام والشهور والسنين حتى يزداد العباد من الباقيات الصالحات ,, والصلاة والسلام على نبينا ****** خير من صلى وصام صلوات ربنا وسلامه عليه وعلى آله وأتباعه إلى يوم الدين وبعــد /

بالأمس القريب استقبلنا شهر رمضان المبارك ,,, بكل فرحة وسعادة غامرة واستبشار برصيد عالي من الحسنات

وها نحن اليوم نودع ليالي رمضان الجميلة الروحانية

ها نحن اليوم في صبيحة الثامن والعشرين من عام 1429 هـ من شهر رمضان المبارك

كم ودعنا من أحباب صاموا معنا رمضان الذي مضى وأملوا عمراً مديداً وتطلعوا واشتاقت نفوسهم إلى رمضان ؟؟؟!!!!

بل وكم من أحباب لنا ما أتموا شهر رمضان الذين ما زلنا نعيش أيامه ولياليه ؟؟؟!!!

بل وكم من مقعد طريح الفراش حال المرض بينه وبين لذة الصيام والقيام ؟؟؟!!!!

ونحن
هل نضمن أن يعود علينا رمضان أعواماً أخرى بل عاماً آخر ؟؟؟!!! وإن أدركناه أنضمن الصحة والعافية التي هي كنز المؤمن ؟؟!!!!

بل يا أخي ويا أختي
هل نضمن أن نتم رمضان هذا ؟؟!!!
هل نضمن أن نفرح بالعيد ؟؟!!!

لذلك فلنغتنم ما بقي من سويعات رمضان المباركة

فإن الأعمال بالخواتيم
من قصر في بداية الشهر فليستدرك أخره
من لم يختم فليبادر ويستدرك ما فاته ,,, وليعكف على القرآن
ومن جرح الصيام و قصر في القيام فليستدرك ما بقي
ومن أسرف على نفسه بالذنوب والمعاصي ومشاهدة قنوات الرذيلة

فليعلنها توبة صادقة إلى الله وتكون مسك ختام الشهــر
عن أبي هريرة في حديث له (عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يغفر لأمته في آخر ليلة من رمضان , قيل : يا رسول الله أهي ليلة القدر ؟ قال : لا , ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله } رواه أحمد )

فيـــا إخوتـــي
إن الأعمال بالخواتيم
والتوبة مطلوبة في كل آن وحين
فلنحسن فيما بقي من رمضان
ولنتب إلى الله توبة نصوحاً من كل ذنب سراً وعلانيه
فلعلنا لا نلقى العشر المباركات بعد عامنا هذا
ولعلنا لا ندرك رمضان بعد عامنا هذا
ولعلنا ندركه في حال من البؤس والشقاء والمرض
فلنغتم الصحة قبل المرض , والفراغ قبل الشغل , والشباب قبل الهرم , والحياة قبل الموت ...

والله أسأل أن يجعل عواقب أمورنا إلى خير ويختم لنا شهر رمضان برضوانه والعتق من نيرانه

والصلاة والسلام على رسول الله


أختكم
زاد المعاد

الأحد
28 ـ 9 ـ 1429 هـ
الســــــ11:40 ص ـــــــاعة

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته




أبو عادل 29 / 10 / 2010 36 : 11 AM

رد: مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة.
 
إحـرام قـلـب
يسري صابر فنجر

إن للقلب إحراماً كإحرام الجسد ، وإحرام القلب يشترك فيه الحاج وغيره فيتزيا كل مسلم بالإخلاص لكل عمل ، كذلك إحرام القلب له محظورات منها:
الرياء والسمعة والحسد والضغينة ...الخ.
وهذه نفحات العشر الأول من ذي الحجة قد أهلت وموسم طاعات قد أقبلت عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ "
فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ " .
والعمل الصالح يشترك فيه الحاج وغيره وشرطي قبول العمل يشترك فيهما الحاج وغيره "الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ" (الملك:2) قال الفضيل بن عياض رحمه الله: "أخلصه وأصوبه" قيل يا أبا علي: "ما أخلصه وأصوبه"
؟.فقال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا، لم يقبل ، وإذا كان صوابا ، ولم يكن خالصا لم يقبل، حتى يكون خالصا صوابا.
والخالص: أن يكون لوجه الله، والصواب: أن يكون متبعا فيه الشرع والسنة وينبغي أن يسأل المسلم نفسه سؤالان قبل الفعل : لمَ أفعل ، وكيف أفعل ، فالأول سؤال عن الإخلاص ، والثاني سؤال عن الاتباع ، وقد كثر سؤال الحجيج عن مميزات الحملات من أكل وشرب وراحة وقليل من سأل عن: لمَ أحج ؟ وكيف أحج؟ . ومَن طلب الإخلاص رجا باتباع النبي صلى الله عليه وسلم الخلاص.
كذلك يشترك الحاج وغيره في معنى التلبية لبيك اللهم لبيك إجابة يارب لك بعد إجابة وطاعة لك بعدها طاعة، ويشتركا أيضاً في التكبير والتحميد والتهليل قال تعالى: "وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ
مَعْدُودَاتٍ"(البقرة: من الآية203) وقال سبحانه: "وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ "(الحج: من الآية28) قال ابن عباس رضي الله عنها: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ أَيَّامُ الْعَشْرِ وَالْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا.
ذكر ابن رجب اللطائف : أنه رأى بعض الصالحين الحاج في وقت خروجهم فوقف يبكي ويقول : واضعفاه وينشد على أثر ذلك :
فقلت دعوني واتباعي ركابكم ... أكن طوع أيديكم كما يفعل العبد ثم تنفس وقال : هذه حسرة من انقطع عن الوصول إلى البيت ، فكيف تكون حسرة من انقطع عن الوصول إلى رب البيت !
يا حسرة مَن انقطع عن العمل الصالح في هذه العشر يا حسرة مَن فتحت له الدنيا أسواقها وشهواتها فانغمس وضيع مواسم العبادة فيها.
الغنيمة الغنيمة بانتهاز الفرصة في هذه الأيام العظيمة فما منها عوض ولا لها قيمة المبادرة المبادرة بالعمل والعجل العجل ، قبل هجوم الأجل ، قبل أن يندم المفرط على ما فعل ، قبل أن يسأل الرجعة فيعمل صالحا فلا يجاب إلى ما سأل ، قبل أن يحول الموت بين المؤمل وبلوغ الأمل ، قبل أن يصير المرء مرتهنا في حفرته بما قدم من عمل ليس للميت في قبره ... فطر و لا أضحى و لا عشر ناء عن الأهل على قربه ... كذاك من مسكنه القبر اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أبو عادل 29 / 10 / 2010 37 : 11 AM

رد: مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة.
 
صباح الضامن

تلوح لي
جميلة تبرق بين الثنايا في دنيانا
تقترب بهمس تلقي بنوار الأماني في حقلي
أصافحها بدمع شجي
شتاء نحن وكيف أزرعك !
وتقترب..
أكثر , أرقب أنفاسها توقد من وهج العزم وتقول أنا قادمة بنواري بزهري بثمري من بين الابيضاض الحافل المحفتل من بين زوابع النفوس اضطرابا وقلقا من بين سكب الذهب ورقائق الفضة ورنين الثراء أنا قادمة وتختلج الأضلع حنينا وتشفق من فرار النبضات في ردهات الأفول والوهن

وأخاطبها بإشفاق أن تفر مني
وأداريها عن صخب العمر وهتافات الجوارح
وأسلمها لقلب يحدث برفق ويخطو بوجل ويستمع لمناجاة الحنين .

أنا قادمة
فالتوق للعالم الذي إليه تقودين بشذرات الحب والخلود مهيأ فيا نفس لا توصدي بوابات الأعمار لها فهي قادمة وفي ذراعيها ألف طواف وألف مسعى وألف ألف صلاة وفي جناحيها طيب اللقيا و رفقة الذكريات لمن بنى اليقين في خلف وسلف .

أنا قادمة
بلا خفوت ولا علو
برقة ألتقي مع السبحات والسجدات والتبتلات أنا قامة أيام وآتي فاستعدي .

فافتحي يا دنيا لها مدنك الضاجة
وتزيني برمال صفر وخضر وبيض سرادق الوجود فقد اقتربت .
هي أيام فضل فلا توصدوا أبوابها كل يوم تحمل بين الثواني أثمن الهمسات فاقتربي نهمس سويا نطوف بقلب وإن بعد عن مكان فنبضه فيه .
ونسعى لخير بجارحة وإن نأت عنا الديار فأنامل العطاء بطيب فعلها فيه .
ونصلي سجودا في رحاب حرمك بليل أخاله نهار الساجدين والتسبيح فيه .

فيا أيام شهر فضيل أقبلي
ويا نفسي استعدي فما هي إلا أيام..
قشيب اللفظ لا يسعف
وجميل الفعل تهادى ليخبر
فاستعدي ....

أبو عادل 29 / 10 / 2010 38 : 11 AM

رد: مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة.
 
ابدأ صفحة جديدة مع الله .. في خير أيام الله ..
الشيخ محمد بن حسين بن يعقوب

{وَالْفَجْرِ (1)وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2)وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3)وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (4)هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ (5)}

* انتبه أخي في الله *
إنها أعظم فرصة في حياتك ..
إنها صفحة جديدة مع الله ..
إنها أفضل أيام الله ..
تخيل أنها أفضل من العشر الأواخر من رمضان !!
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام»، يعني أيام العشر ، قالوا : يارسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال « ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشىء » .
انظر كيف يتعجب الصحابة حتى قالوا: ولا الجهاد ؟!!
إنها فرصة هائلة ..
فرصة لبدء صفحة جديدة مع الله ..
فرصة لكسب حسنات لا حصر لها تعوض ما فات من الذنوب..
فرصة لكسب حسنات تعادل من أنفق كل ماله وحياته وروحه في الجهاد ..
فرصة لتجديد الشحن الإيماني في قلبك..
ماذا أعددت لهذه العشر وماذا ستصنع ؟؟
إذا كان الأمر بالخطورة التي ذكرتها لك :-
فلابد من تصور واضح لمشروعات محددة تقوم بها لتكون في نهاية العشر من الفائزين ..
دعك من الارتجال والاتكال وحدد هدفك ..
إليك هذه المشاريع ، لا أعرضها عليك عرضًا .. وإنما أفرضها عليك فرضًا ..

افعلها كلها ولو هذه المرة الواحدة في حياتك :

• مشروع ختم القرآن
{ وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً} [الإسراء :82] ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول آلم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف » ..
لابد من ختمة كاملة في هذه العشر على الأقل .. بدون فصال ..
وأنت تتلو القرآن .. أنزل آيات القرآن على قلبك دواء ..
ابحث عن دواء لقلبك في القرآن .. فتأمل كل آية .. وتأمل كل كلمة .. وتأمل كل حرف ..
ولكي تختم القرآن في هذه العشرة أيام عليك أن تقرأ ثلاثة أجزاء يوميًا ..
ولكي تتحفز أبشرك :
أن ثلاثة أجزاء على حساب الحرف بعشرة حسنات تعادل نصف مليون حسنة يوميًا ..
هيا انطلق .. نصف مليون حسنة مكسب يومي صافي من القرآن فقط ..
ثم مفاجأة أخرى أنه في هذه الأيام المباركة تضاعف الحسنات ..
قرآن .. وملايين .. هيا .. هيا ..

• مشروع وليمة لكل صلاة

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له نُزُلا في الجنة كلما غدا أو راح » ، والنُزُل هو الوليمة التي تعد للضيف ..
تعال معي .. أعطيك مشروع الوليمة :
أن تخرج من بيتك قبل الأذان بخمس دقائق فقط بعد أن تتوضأ في بيتك ..
ثم تخرج إلى المسجد وتردد الأذان في المسجد ، ثم تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، والدعاء له صلى الله عليه وسلم بالوسيلة والفضيلة ، ثم صلاة السنة القبلية بسكينة وحضور قلب ثم جلست تدعو الله لأن الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة .
وما أحلاك لو اصطفاك ربك واجتباك ودمعت عيناك...
ثم صليت في الصف الأول علي يمين الإمام وقرت عينك بتلك الصلاة فجلست قرير العين تستغفر الله وتشكره وتذكره ، ثم صليت السنة البعدية بعد أن قلت أذكار الصلاة ، إذا فعلت ذلك :
فإليك الثمرات :
ثواب تساقط ذنوبك أثناء الوضوء .
كل خطوة للمسجد ترفع درجة وتحط خطيئة .
ثواب ترديد الأذان مغفرة للذنوب .
ثواب الدعاء للرسول صلى الله عليه وسلم نوال شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم .
ثواب صلاة السنة القبلية .
ثواب انتظار الصلاة فكأنك في صلاة .
ثواب الدعاء بين الأذان والإقامة .
ثواب تكبيرة الإحرام ، صلاة الجماعة ، الصف الأول ، ميمنة الصف .
ثواب أذكار الصلاة ، والسنة البعدية ، وثواب المكث في المسجد ، و..... و...... .
بالله عليكم .. أليست وليمة ؟!!.. بالله عليكم من يضيعها وهو يستطيعها .. ماذا تسمونه ؟!

• مشروع الذكر

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما من أيام أعظم عند الله ، ولا أحب إلى الله العمل فيهن من أيام العشر ، فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير » ..
فأعظم كلمات الذكر عموما في هذه الأيام : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، وهن الباقيات الصالحات ، وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لكل كلمة منها شجرة في الجنة ، وأن ثواب كل كلمة منها عند الله كجبل أحد ..
وإنني أعتقد أيها الأحبة أنه كما أن رمضان دورة تربوية مكثفة في القرآن ، فالعشر الأوائل دورة تربوية مكثفة في الذكر ..
وتقول لي : ومتى أقول هذه الكلمات ؟؟
أقول لك : عود نفسك .. عود نفسك .. عود نفسك ..
أثناء سيرك في الطريق لأي مشوار .
وأنت مستلق على السرير قبل النوم .
أثناء الكلام اقطع كلامك واذكرها ، وأثناء الأكل .
أن تذهب للمسجد مبكرا وتنهمك في هذا الذكر حتى تقام الصلاة .
إذا التزمت وتعودت ما قلته لك لن تقل يوميا غالبا على حسب ظني ذكرك عن ألف مرة ، مما يعني 4000 شجرة في الجنة يوميا ، هل تعلم أنك لو واظبت على هذا في الأيام العشرة كلها كيف ستكون حديقتك في الجنة ؟؟
هل تتخيل 100 ألف فدان في الجنة تملكها في عشرة أيام !! أليست هذه فرصة المغبون من يضيعها ؟!!

• مشروع الصيام

عن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر والخميس ) .( صحيح أبي داود 2129)
فصم هذه التسعة كلها اياك أن تضيع منها يوما واحدا ..
وإن ثبطك البطالون وقالوا لك : الحديث ضعيف فالحديث العام : « من صام يوما في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا » ، ومع فضيلة هذه الأيام ، على كل حال .. أنت الكسبان!!

• مشروع الحج والعمرة

وفر 50 ألف جنيه .. وخذ 50 ألف حسنة ..
بل أكثر مما طلعت عليه الشمس ..
من خلال المكث في المسجد بعد صلاة الفجر حتى الشروق ثم صلاة ركعتين ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة » .
وفي هذه الجلسة :
* تلاوة قرآن
* أذكار الصباح
* تجديد التوبة
* الدعاء في خفاء
* العفو عن أصحاب المظالم لديك
* طلب العفو من الله
* عبادات جديدة

• مشروع قناطير الفردوس
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين » ..
فإذا قمت الليل بألف آية فلك في كل ليلة قناطير جديدة من الجنة ، وإذا كنت من العاجزين وقمت بمائة آية كتبت من القانتين .

• مشروع الأخوة في الله
قال النبي صلى الله عليه وسلم « إن من عباد الله لأناسا ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله تعالى » ، قالوا : يارسول الله تخبرنا من هم ؟ قال « هم قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها فو الله إن وجوههم لنور وإنهم على نور لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس وقرأ هذه الآية { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون } » .
فأقترح عليك على الأقل مرة واحدة في الأيام العشر تدعو فيها أصحابك للإفطار عندك ، وقبل المغرب بنصف ساعة الذكر والدعاء ، وبعد الإفطار نصف ساعة التذكير والاستماع للقرآن أو مشاهدة اسطوانة تذكر بالله ، ثم تهدي إليهم إذا استطعت ما عندك من كتب وشرائط ، واكسب :
ثواب تفطير صائم .
ثواب الدعوة إلى الله .
ثواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
ثواب الإعانة على خير .
ثواب التثبيت للمترددين .

• مشروع صلة الأرحام

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام » ، وقال صلى الله عليه وسلم : « الرحم معلقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله »
فاحرص على :
كل يوم نصف ساعة على الأقل أو ما تيسر من الوقت أي عمل تبر به والديك .
زيارة لأحد الأقارب .
أبسط إكرام للجيران .
سرور تدخله على مسلم .

• مشروع يوم عرفة
أولا : أيها الأخ ****** .. هل تدرك خطورة هذا اليوم ؟، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « صيام يوم عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده » .
إذن احسبها معي : صيام 12 ساعة = مغفرة 24 شهر
حبيبي .. احسبها معي مرة أخرى : اليوم 24 ساعة ، إذن كل ساعة في اليوم = مغفرة شهر
يعني كل 60 دقيقة = 60 يوم
إذن : كل دقيقة = يوم
فهل هناك عاقل يضيع دقيقة واحدة في هذا اليوم ، ماذا ستفعل ؟؟
الذهاب إلى المسجد قبل الفجر بنصف ساعة والابتهال إلى الله أن يوفقك في هذا اليوم ويعصمك.
نية الصيام .
نية الاعتكاف فلا تخرج من المسجد أبدا إلا عند الغروب .
الاجتهاد في الدعاء والذكر .

• مشروع يوم العيد

اعلم أن يوم العيد هو أفضل أيام السنة على الإطلاق ، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم : « أفضل الأيام عند الله يوم النحر ويوم القر » ، خطتك :
ابدأ بصلاة العيد وكن بشوشا سعيدا في وجوه المسلمين .
صلة الرحم : الوالدين ، الأفارب ، الأصحاب .
الأضحية ، ستقول : إنها غالية الثمن ، اشترك أنت وأصحابك في ذبح شاة حسب الإمكانيات المادية .

• لا تنس هذه الفرصة الذهبية

بناء بيت في الجنة كل يوم إن صليت 12 ركعة من النوافل فقط ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا غير فريضة إلا بني الله له بيتا في الجنة » ، وفي 10 أيام = عشرة بيوت في الجنة .
اقرأ سورة الإخلاص 10 مرات كل يوم يبني الله لك قصرا في الجنة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من قرأ قل هو الله أحد عشر مرات بني له بها قصر في الجنة » ، فنكون قد أعددنا لك الحديقة ، وبنينا لك الفيلات ..
لا تنس إدخال البهجة على أسرة فقيرة تذهب إليها قبل العيد : نقود ، لحوم ، ملابس .
حاول تحقيق وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن فعل في اليوم الواحد : صيام ، اتباع جنازة ، عيادة مريض ، صدقة ، تفتح لك أبواب الجنة جميعها .

• للمشغولين فقط

بعد كل هذه الفرص التي ذكرتها لك لا أظن أن أحدا سيعتذر لي أنه مشغول جدا ولن يستطيع ، ولكني لن أحرم أمثال هؤلاء من الأجر ، مثل الذين يرتبطون بامتحانات نصف العام ..
لا أطلب منك إلا نصف ساعة في المسجد قبل كل صلاة أو بعدها ، وساعة قبل الفجر لكي تفعل الآتي :
في النصف ساعة التي قبل كل صلاة تلاوة القرآن والذكر .
الصيام يوميا ، ولك دعوة مستجابة عند كل إفطار .
قيام الليل في الساعة التي قبل الفجر .
* لا تحرم نفسك الخير *
لا .. لا .. لا ..
• تذكر كل ساعة في هذه الأيام بل كل دقيقة ، بالحساب فعلا كل دقيقة تساوي مغفرة يوم قضاه الإنسان من أوله لآخره في معصية الله لم يضيع فيه دقيقة واحدة من المعصية ، أي 86400 معصية في يوم تمحى بدقيقة واحدة في هذه الأيام المباركة ، فلا تضيع دقيقة من أغلى كنزفي حياة المؤمن .. في أفضل أيام الله ..


كتبها فضيلة الشيخ محمد بن حسين بن يعقوب
غفر الله له ولوالديه ولمحبيه وللمسلمين أجمعين

أبو عادل 29 / 10 / 2010 40 : 11 AM

رد: مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة.
 
بشرى سارة...جوائز ثمينة مبهرة و غالية ... فشارك لتفوز
محمد مصطفى المصراتى

أخي ****** الغالي ... أختي العزيزة الفاضلة
بعد عظيم التحية و جميل السلام وكامل التقدير وفائق الاعتزاز وأعلى درجات المحبة
و العرفان أهديكم كلماتي هذه نابعة من قلب محب لكم ويتمنى لكم ولنفسه خير الدنيا ونعيم الآخرة...
واسأل المولى المنان أن يجعلها تصل إلى قلوبكم الصافية النقية ووجدانكم الملئ بالمعاني الطيبة الحميدة ...
وعملاً بقول حبيبي وحبيبنا المصطفى المحمود محمد صلى الله عليه وسلم
( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه )
لأجل ذلك كتبت لكم هذه الكلمات في أيام مباركات اقسم بها المولى عز وجل
فقال " وَالْفَجْرِ *وَلَيَالٍ عَشْرٍ "
ولننظر إلى عظمة ومكانه ورفعة هذه الأيام العشر حتى اقسم بها الخالق البارئ
إنها الأيام العشر الأولى من هذا الشهر الفضيل ذي الحجة
التي قال عنها الرسول عليه الصلاة و السلام (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب لله من هذه الأيام
العشر فقالوا :يا رسول الله ، و لا الجهاد في سبيل الله
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "و لا الجهاد في سبيل الله إلا من خرج بنفسه
وماله ولم يرجع من ذلك بشيء "

فهي أيام جليلة عظيمة و دعانا النبي عليه الصلاة و السلام لاستثمارها
في الأعمال الصالحة و الصوم وصلة الأرحام ومساعدة المحتاج وقراءة القرآن الكريم
و الصدقة (ولو بربع دينار تضعه في صندوق المسجد )
و الدعاء وذكر الله بأذكار الصباح والمساء و أداء الصلوات في المساجد جماعة
كل ذلك من الأعمال الصالحة التي علينا الاجتهاد بالعمل بها كلها أو بعضها في هذه الأيام المباركة ...
وعلى قدر مجهودك يكون الأجر والثواب .

أخي الفاضل ... أختي الفاضلة .
كما تحتوي هذه الأيام العشرة الأولى من ذي الحجة على يوم ماذا أقول لكم عنه ..
انه شديد عظيم عصيب على إبليس وذريته الملعونين .. انه يوم عرفة ..
فقد جاء في الأثر ما معناه " إن إبليس الملعون يقول في هذا اليوم في غيظ وحزن وغم :
أضل العباد طول العام ويغفر لهم هذا اليوم "
ويقول ذلك بحسرة وندم ..هل تعلمون ماذا يقصد ؟ ..
أنه يعنى شغل وتعب ومجهود عام كامل من الفتن والفسوق و العصيان وإضلال العباد بعيداً
عن الطريق المستقيم كل ذلك يضيع هباءً منثوراً في يوم واحد وهو يوم عرفة ..
لأن الله المنعم الكريم ينعم على عباده بالمغفرة و التوبة ولكن أي عباد أنهم الذين يصومون
ويستغفرون ويذكرونه تعالى ..

أخي ****** أختي الغالية ...
يوم عرفة (وهو التاسع من ذي الحجة )
تفتح فيه أبواب السماء لاستجابة الدعوات الملحة و الصادقة و يلبي الله فيه الرغبات
و الطلبات و يغفر فيه ذنوب سنتان ...
ولتتأكد من ذلك لنستمع إلى قول الصادق الأمين محمد صلى الله عليه وسلم وهو يقول مبشراً المسلمين
" صيام يوم عرفة أحتسب علي الله أن يكفر السنة التي قبله و السنة التي بعده "
فهذه فرصة ثمينة غالية لي ولكم لنصوم ذلك اليوم و لنؤدي الصلوات مع الجماعة في المسجد
ولتكثر من الذكر و الاستغفار وقراءة القرآن الكريم لنقترب من الرحمن و نغيظ عدونا الشيطان
ونظفر بالجائزة الكبيرة وهي تكفير الذنوب و السيئات ...

أخي ****** .. أختي الفاضلة ...
كلنا نخطئ كل يوم بذنوب لا حصر لها ..
ولكن مع التوبة و الاستغفار و الدعاء تغفر الذنوب ومع المداومة على العمل الصالح تتحول
بفضل الله وكرمه كل السيئات إلى حسنات وتتعاظم الحسنات ونحن نصوم يوم عرفة
لاننسى قول الرسول صلي الله عليه وسلم" إن للصائم عند فطره دعوة لا ترد "
فلندعو لوالدينا و أخواتنا وإخواننا المسلمين بالمغفرة و الخير والصلاح وللمجاهدين بالنصر
و العزة وللمتضررين و المستضعفين بالفرج و لموتانا بالمغفرة ودخول الجنان
ولندعوا لأنفسنا بخير الدعاء ( أللهم أغفر لي ما قدمت وما أخرت ، اللهم أتنا في الدنيا حسنة
وفي الآخرة حسنة و قنا عذاب النار ، اللهم أسألك العفو و العافية في الدنيا و الآخرة )
وأي دعاء تريد أن يجاب فادعوا الله به
كما هناك مواضع كثيرة يجاب فيه الدعاء
وهي ما بين الآذان و الإقامة وعند نزول المطر وعند سجودك في الصلاة وفي السحر
(أي قبل أذان الفجر )
كل تلك من المواضع التي دلنا عليها الرسول فلندعو الله ونحن موقنين بالإجابة
"وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ " .

أخي ****** ... أختي الفاضلة ..
أجعل من هذه الأيام العشر من ذي الحجة أيام طاعة وعبادة وأحرص على صيامها ...
وإن لم نستطيع وضعفت وعجزت فلا أقل من صيام يوم عرفة وأجعلها يوم كله لله في صلاتك واجعل
من دقائقه ذكر لله واستغفار وتقرب إليه بقراءة كتابه الكريم.
وعليك أن تحرص على تعريف والديك و إخوتك وأخواتك وأصدقائك و أقاربك وأسرتك على
فضل صيام يوم عرفة وذكرهم بذلك اليوم العظيم فالذكرى تنفع المؤمنين ولا تدخر جهداً في ذلك
ولا بأس أن تستعين بما جاء في هذه المقالة بتصويرها أو نشرها عليهم لعل تجد ذلك العمل عظيماً
قيلاً في ميزان حسناتك في يوم تعز فيه الحسنات وتكون بدعوتك الناس على صيام ذلك اليوم العظيم قد اقتديت
بقول الرسول عليه الصلاة والسلام (بلغوا عني ولو آية )
وقوله عليه الصلاة و السلام " نضر الله امرئ سمع مني مقالة فوعاها فأداها كما سمعها فلربما مبلغ اوعى من سامع "
و أنت بذلك تعمل مع الله في نشر الخير و الله لا يضيع اجر العاملين ..
وهو خير الرازقين .. و ارحم الراحمين من بيده خزائن السماوات و الأرض .

أخيراً لا أجد ما اختم به مقالتي هذه أفضل
من قوله تعالى " مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم
بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ " صدق الله العظيم .

و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وكل عام و الجميع بخير وصحة وعافية ونجاح وفلاح

أبو عادل 29 / 10 / 2010 42 : 11 AM

رد: مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة.
 
فضل يوم عرفة
د. راشد بن معيض العدواني

إن الليالي والأيام، والشهور والأعوام، تمضي سريعا، وتنقضي سريعا؛ هي محط الآجال؛ ومقادير الأعمال فاضل الله بينها فجعل منها: مواسم للخيرات، وأزمنة للطاعات، تزداد فيها الحسنات، وتكفر فيها السيئات، ومن تلك الأزمنة العظيمة القدر الكثيرة الأجر يوم عرفة تظافرت النصوص من الكتاب والسنة على فضله وسأوردها لك أخي القارئ حتى يسهل حفظها وتذكرها :

1- يوم عرفة أحد أيام الأشهر الحرم قال الله- عز وجل- : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) [سورة التوبة : 39]. والأشهر الحرم هي : ذو القعدة ، وذو الحجة ، ومحرم ، ورجب ويوم عرفه من أيام ذي الحجة.

2- يوم عرفة أحد أيام أشهر الحج قال الله - عز وجل- : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ) [سورة البقرة : 197] وأشهر الحج هي : شوال ، ذو القعدة ، ذو الحجة.

3- يوم عرفة أحد الأيام المعلومات التي أثنى الله عليها في كتابه قال الله - عز وجل- : (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) [سورة الحج:28]. قال ابن عباس –رضي الله عنهما : الأيام المعلومات : عشر ذي الحجة.

4- يوم عرفة أحد الأيام العشر التي أقسم الله بها منبها على عظم فضلها وعلو قدرها قال الله - عز وجل- : (وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) [سورة الفجر:2]. قال ابن عباس – رضي الله عنهما - : إنها عشر ذي الحجة قال ابن كثير: وهو الصحيح.

5- يوم عرفة أحد الأيام العشرة المفضلة في أعمالها على غيرها من أيام السنة: قال النبي صلى الله عليه وسلم : (ما من عمل أزكى عند الله - عز وجل- ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى قيل: ولا الجهاد في سبيل الله - عز وجل- ؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله - عز وجل- إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) رواه الدارمي وحسن إسناده الشيخ محمد الألباني في كتابه إرواء الغليل.

6- يوم عرفة أكمل الله فيه الملة، وأتم به النعمة، قال عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- : إن رجلا من اليهود قال : يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. قال : أي آية؟ قال: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا) [ سورة المائدة:5]. قال عمر – رضي الله عنه- : قد عرفنا ذلك اليوم الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة يوم الجمعة.

7- صيام يوم عرفة : فقد جاء الفضل في صيام هذا اليوم على أنه أحد أيام تسع ذي الحجة التي حث النبي صلى الله عليه وسلم على صيامها فعن هنيدة بن خالد-رضي الله عنه- عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : (كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر : أول اثنين من الشهر وخميسين) صححه الألباني في كتابه صحيح أبي داود.
كما جاء فضل خاص لصيام يوم عرفة دون هذه التسع قال الرسول صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن صيام يوم عرفة : يكفر السنة الماضية والسنة القابلة) رواه مسلم في الصحيح وهذا لغير الحاج وأما الحاج فلا يسن له صيام يوم عرفة لأنه يوم عيد لأهل الموقف.

8- أنه يوم العيد لأهل الموقف قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يوم عرفة ويوم النحر وأيام منى عيدنا أهل الإسلام ) رواه أبو داود وصححه الألباني .

9- عظم الدعاء يوم عرفة قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة ) صححه الألباني في كتابه السلسة الصحيحة. قال ابن عبد البر – رحمه الله - : وفي ذلك دليل على فضل يوم عرفة على غيره.

10- كثرة العتق من النار في يوم عرفة قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة) رواه مسلم في الصحيح.

11- مباهاة الله بأهل عرفة أهل السماء قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء) رواه أحمد وصحح إسناده الألباني .

12- التكبير : فقد ذكر العلماء أن التكبير ينقسم إلى قسمين : التكبير المقيد الذي يكون عقب الصلوات المفروضة ويبدأ من فجر يوم عرفة قال ابن حجر –رحمه الله- : ولم يثبت في شيء من ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث وأصح ما ورد عن الصحابة قول علي وابن مسعود _ رضي الله عنهم_ أنه من صبح يوم عرفة إلى آخر أيام منى) .
وأما التكبير المطلق فهو الذي يكون في عموم الأوقات ويبدأ من أول ذي الحجة حيث كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهم يخرجون إلى السوق يكبرون ويكبر الناس بتكبيرهما) والمقصود تذكير الناس ليكبروا فرادى لا جماعة .

13- فيه ركن الحج العظيم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الحج عرفة) متفق عليه.
هذا ما تيسر جمعه سائلا الله أن يتقبل منا ومن المسلمين أعمالهم وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم.


أبو عادل 29 / 10 / 2010 44 : 11 AM

رد: مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة.
 
جدول مقترح ليوم عرفه


- عن أبي قتادة رضي الله عنه : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يوم عرفه إني احتسب على الله أن يكفر السنة التي بعده والسنة التي قبله " رواه مسلم
وقال عليه الصلاة والسلام : ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام . . . )) متفق عليه
- وكان ابن عمر وابو هريرة رضي الله عنهما إذا دخل العشر الأولى من ذي الحجة خرجا إلى السوق وقالوا: الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد .


أبو عادل 29 / 10 / 2010 49 : 11 AM

رد: مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة.
 
العشر من ذي الحجة
مهران ماهر عثمان

العناصر:
مقدمة، فضل العشر، إشكالان وجوابهما، وظائف المسلم فيها، بماذا نستقبلها؟ ما يحرم على المضحي فيها، دروس تربوية .

مقدمة :
إن من نعم الله تعالى علينا أن مواسم الخير يتبع بعضها بعضاً ، فبعد أن انقضى موسم رمضان جاء موسم الحج، وموسم العشر من ذي الحجة . فينبغي أن نتعرف على نعم الله علينا بهذه المواسم التي هي للمؤمنين مغنَم لاكتساب الخَيرات ورفعِ الدّرجات، وهي لهم فُرصة لتحصيل الحسناتِ والحَطّ من السيِّئات تتكرر علينا كل عام ؛ ليتكرر بها علينا فضل الله، ونجدد النشاط على صالح الأعمال .
ففضائل الله على هذه الأمة كثيرة وله المنة والفضل ، ومن ذلك : شُكْرُ العمل القليل وإحلال البركة فيه :
فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :((مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أُجَرَاءَ ، فَقَالَ : مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ غُدْوَةَ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ ؟ فَعَمِلَتْ الْيَهُودُ . ثُمَّ قَالَ : مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ ؟ فَعَمِلَتْ النَّصَارَى . ثُمَّ قَالَ : مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ عَلَى قِيرَاطَيْنِ؟ فَأَنْتُمْ هُمْ. فَغَضِبَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالُوا : مَا لَنَا أَكْثَرَ عَمَلًا وَأَقَلَّ عَطَاءً ؟ قَالَ : هَلْ نَقَصْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ ؟ قَالُوا : لَا . قَالَ : فَذَلِكَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ)) [1] .

فضائل العشر من ذي الحجة :
من فضائل العشر من ذي الحجة :
1/ أنّ الله تعالى أقسم بها بقوله :{ وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [2] ، قال الإمام الطبري :"والصواب من القول في ذلك عندنا أنها عشر الأضحى لإجماع الحجة من أهل التأويل عليه" [3] ، وقال ابن كثير رحمه الله: "والليالي العشر: المراد بها عشر ذي الحجة كما قاله ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف " [4] ، وقال الشوكاني رحمه الله: "هي عشر ذي الحجة في قول جمهور المفسرين" [5] .
وهذا دليل على فضلها وعظيم أمرها.

2/ وهي الأيام المعلومات التي أُمرنا فيها بذكر الله تعالى ، قال تعالى :} وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ { [6].
قال ابن عباس عن الأيام المعلومات: "أيام العشر" [7] .

3/ وهي العشر المذكورة في قوله تعالى :} وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً{ [8]، والثلاثون شهر ذي القعدة .

4/ وهي أيام يتضاعف فيها ثواب العمل ، لما ثبت عند البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ :((مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ)) . قَالُوا : وَلَا الْجِهَادُ ؟ قَالَ:((وَلَا الْجِهَادُ ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ)) . وللترمذي :((مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ)) . فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :((وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ )) .
قال ابن رجب :" وهذا يدل على أن العمل المفضول في الوقت الفاضل يلتحق بالعمل الفاضل في غيره، ويزيد عليه لمضاعفة ثوابه وأجره" [9].
ومن أراد أن يستشعر فضل هذه الأيام ويتصور ذلك فليتدبر هذا الحديث :
عن أبي هُرَيْرَةَ t قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ :دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الْجِهَادَ ؟ قَالَ : ((لَا أَجِدُهُ)) . قَالَ: ((هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ الْمُجَاهِدُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَكَ فَتَقُومَ وَلَا تَفْتُرَ ، وَتَصُومَ وَلَا تُفْطِرَ ))؟ قَالَ : وَمَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ ؟ [10]. ومع ما للجهاد من هذه المكانة يبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الطاعة في العشر -التي هي دون الجهاد في غير العشر – أفضل منه، أما الجهاد فيها فلا شيء يعدله .

5/ وهي أفضل أيام الدنيا لقول النبي صلى الله عليه وسلم :((أفضل أيام الدنيا العشر)) [11] .

6/ وفيها يوم عرفة .

7/ وفيها أعظم يوم عند الله ، وهو يوم العيد ، وهو يوم الحج الأكبر ، وسُمي بذا لأن معظم أعمال الحج تقع فيه ؛ من الوقوف عند المشعر الحرام ، ورمي جمرة العقبة ، والطواف ، والسعي ، والحلق أو التقصير ، ونحر الهدي للمتمتع والقارن .
قال صلى الله عليه وسلم :(( إِنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ [12] )) [13] .
قال ابن القيم رحمه الله: "فالزمان المتضمن لمثل هذه الأعمال أهل أن يقسم الرب عز وجل به" [14] ، وقال الحافظ ابن حجر :"والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي: الصلاة، والصيام، والصدقة، والحج، ولا يأتي ذلك في غيره" [15] .

إشكالان وجوابهما :
الأول :
قال صلى الله عليه وسلم :(( إِنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ)) ، ألا يتعارض مع الحديث الآخر :((خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة)) .
الجواب : لا؛ فإنّ يوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع ، ويوم النحر أفضل أيام العام .
الثاني : أليست ليالي العشر من رمضان أفضل؛ لأن فيها ليلة القدر ؟
سئل شيخ الإسلام عن عشر ذي الحجة والعشر الأواخر من رمضان أيهما أفضل ؟ فأجاب :" أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان ، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة " [16] .

وظائف المسلم في العشر :
ندب الحديث إلى العمل الصالح مطلقاً في هذه الأيام . وقد كان سعيد بن جبير رحمه الله إذا دخلت العشر اجتهد اجتهادًا حتى ما يكاد يقدر عليه [17] . ومن الوظائف التي ينبغي العناية بها :
1/ الحج ، قال النبي صلى الله عليه وسلم :(( مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ)) [18] .
2/ العمرة . فقد شرع النبي e العمرة في أشهر الحج مخالفاً بذلك المشركين القائلين :" إذا عفا الوبر، وبرأ الدبر، ودخل صفر، فقد حلت العمرة لمن اعتمر" ! فأعمر عائشة في أشهر الحج، وندب أصحابه إلى التمتع الذي يأتي فيه الإنسان بعمرة في أشهر الحج،وقرن في حجه بينه وبين العمرة، واعتمر أربع مرات كلهنّ في أشهر الحج .
3/ الاعتناء بالفرائض ؛ إذ لا أحب إلى الله منها ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :(( إِنَّ اللَّهَ قَالَ : مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ . وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا ، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ)) [19].
4/ ومنها كثرة النوافل للحديث السابق، من تلاوة القرآن، والتنفُّل بالصلاة، وإدامة الذكر، والصلة، والصدقة، وإعانة المحتاج، وهذا باب لا يُحصى أفراده ولله الحمد .
وفي الإكثار من النافلة فوائد جمة، منها :
- تزكية النفس.
- يُجبر خلل الفريضة بها.
- نيل محبة الله تعالى .
5/ كثرة الذكر ؛ لقول الله تعالى :} وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ{ .
قال ابن رجب :" و أما استحباب الإكثار من الذكر فيها – في أيام العشر - فقد دلَّ عليه قول الله عز و جل:}وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ{ ، فإن الأيام المعلومات هي أيام العشر عند جمهور العلماء " [20].
وقال النووي رحمه الله : "واعلم أنه يُستحبُّ الإِكثار من الأذكار في هذا العشر زيادةً على غيره، ويُستحب من ذلك في يوم عرفة أكثر من باقي العشر" [21] .
ومنه التكبير والتهليل والتحميد ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم :(( مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنْ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ)) [22].
قال البخاري رحمه الله :" كان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناسُ بتكبيرهما"[23].
وعن يزيد بن أبي زياد قال: رأيت سعيد بن جبير وعبد الرحمن بن أبي ليلى ومجاهدًا ـ أو اثنين من هؤلاء الثلاثة ـ ومن رأينا من فقهاء الناس يقولون في أيام العشر: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد" [24] .
وعن ميمون بن مهران قال: أدركت الناس وإنهم ليكبرون في العشر حتى كنت أشبهه بالأمواج من كثرتها، ويقول: إن الناس قد نقصوا في تركهم التكبير" [25] .
وينبغي الجهرُ به؛ إحياءً للسنة، وتذكيراً للغافل.
والتكبير فيها قسمان :
مطلق ، ويكون في العشر كلها .
مقيد بدبر الصلاة المكتوبة والنافلة، وأصحُّ ما ورد في وصفِ وقت التكبير المقيّد ما ورَد مِن قولِ عليّ وابن عبّاس رضي الله عنهما أنّه مِن صُبح يومِ عرفة إلى العصرِ من آخر أيّام التشريق [26] . وأمّا للحاجّ فيبدأ التكبيرُ المقيّد عقِب صلاةِ الظهر من يوم النحر.
وأصحُّ ما ورد في صيغِ التكبير ما أخرجَه عبد الرزاق بسندٍ صحيح عن سلمان رضي الله عنه قال: (كبّروا الله: الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيرًا) [27] ، وصحّ عن عمر وابن مسعود رضي الله عنهما صيغة: (الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد) [28] .
6/ : صيام التسع ، فمن غُلب أخذ منها ما يُطيقه ، فعن هُنَيْدَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ امْرَأَتِهِ قَالَتْ : "حَدَّثَتْنِي بَعْضُ نِسَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ ، وَتِسْعًا مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ الشَّهْرِ "[29].
ولا يُشوِّشُ على هذا قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها :" مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَائِمًا فِي الْعَشْرِ قَطُّ" [30]. قال ابنُ القيّم رحمه الله بعد أن أوردَ هذه المسألةَ: "والمثبِت مقدَّمٌ على النّافي إن صحّ" [31] ، ويقول النووي مزيلاً هذا الإشكال :" قول عائشة : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائماً في العشر قط . وفي رواية : لم يصم العشر . قال العلماء : هذا الحديث مما يوهم كراهة صوم العشر ، والمراد بالعشر هنا الأيام التسعة من أول ذي الحجة ، قالوا : وهذا مما يتأول ، فليس في صوم هذه التسعة كراهة، بل هي مستحبة استحباباً شديداً ، لاسيما التاسع منها وهو يوم عرفة ، وقد سبقت الأحاديث في فضله ... فيتأول قولها :"لم يصم العشر " أنه لم يصمه لعارض مرض أو سفر أو غيرهما ، أو أنها لم تره صائماً فيه ، ولا يلزم من ذلك عدم صيامه في نفس الأمر . ويدل على هذا التأويل حديث هُنَيْدَة بنِ خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كلِّ شهر" [32].
وربما صامها النبي e ثم ترك صيامها خشية أن تفرض كما ترك الاجتماع في صلاة الليل في رمضان لذات العلة، فأخبرت كل واحدة بما رأته من حاله e .
وإذا غُلب الإنسان فلا أقل من صوم يوم عرفة لغير الحاج، لقول نبينا e :(( صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسـنة التي بعده)) [33] .
7/ قيام ليلها ، فقد استحبه الشافعي وغيره ، وقال سعيد بن جبير :" لا تطفئوا سرجكم ليالي العشر" [34] .
8/ ومن آكد الأمور في هذه العشر البعد الشديد عن طريق المعصية وسبيل السيئة .
فقد قال بعض أهل العلم بمضاعفة السيئة في الأشهر الحرم، وهي رجب، وذو القعدة وذو الحجة وشهر الله المحرم، قال الله تعالى:}إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ{ [35] .
9/ دعاء يوم عرفة .
فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي e قال: ((خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيُّون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)) [36] .
قال ابن عبد البر: "وفيه من الفقه أن دعاء يوم عرفة أفضل من غيره، وفي ذلك دليل على فضل يوم عرفة على غيره،... وفي الحديث أيضًا دليل على أن دعاء يوم عرفة مجاب كله في الأغلب" [37] .
10/ الأضحية .
والأضحية من خير القربات في يوم العيد، واختلف العلماء في حكمها، والصحيح أنها سنة مؤكدة للقادر، والله أعلم .
11/ صلاة العيد، وهي واجبة في الراجح من قولي العلماء .

بماذا نستقبلها ؟
بأمرين :
الأول : ذكر علماؤنا رحمهم الله أن مواسم الخير تُستقبل بالتوبة والإنابة إلى الله ؛ ولعلَّ ذلك لأن يكون أدعى لتوفيقِ الله للعبد فيها .
الثاني : العزم الأكيد على استغلالها بما يحبه الله ويرضاه ، ومن صدق اللهَ صدقه اللهُ تعالى .

ما يحرم فعله فيها لمن أرد الأضحية .
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :((إِذَا دَخَلَتْ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا)) [38]. وله :((فلا يأخذنَّ شعراً ولا يقلمنَّ ظفراً )) .
وتحته مسائل :
الأولى : الحديث يدل على تحريم أخذ شيء من الأشعار والأبشار والأظفار ؛ لأن الأصل أن النهي للتحريم .
الثانية : في الحكمة من ذلك .
قال النووي رحمه الله :" قال أصحابنا : والحكمة في النهي أن يبقى كامل الأجزاء ليعتق من النار ، وقيل : التشبه بالمحرم، قال أصحابنا : هذا غلط ؛لأنه لا يعتزل النساء ولا يترك الطيب واللباس وغير ذلك مما يتركه المحرم" [39].
الثالثة : من نوى الأضحية قبل العيد بأيام أمسك عن الحلق وإن لم يكن أمسك من قبل .
الرابعة : لا فدية على من تعمد أخذ شيء من ذلك ، وتلزمه التوبة للوقوع في النهي .
الخامسة : من احتاج إلى الأخذ أخذ ، كمن كُسر بعض ظفره وتأذى بباقيه ، أو تدلى جلده .
السادسة : المُضحَّى عنهم لا يتناولهم هذا الحديث ، فلا بأس أن تأخذ الزوجة والأولاد من أظفارهم .
السابعة : إذا وكّل شخص شخصاً ليضحي عنه فالمخاطب بالحديث الموكِّل لا الموكَّل ، فالوكالة لا أثر لها في تحريم أخذ المضحي من شعره وبشره .

بعض الدروس التربوية المستفادة من أحاديث فضل الأيام العشر[40] :
(1) التنبيه النبوي التربوي إلى أن العمل الصالح في هذه الأيام العشرة من شهر ذي الحجة أفضل وأحب إلى الله تعالى منه في غيرها ، وفي ذلك تربيةٌ للنفس الإنسانية المُسلمة على الاهتمام بهذه المناسبة السنوية التي لا تحصل في العام إلا مرةً واحدةً ، وضرورة اغتنامها في عمل الطاعات القولية والفعلية ، لما فيها من فرص التقرب إلى الله تعالى ، وتزويد النفس البشرية بالغذاء الروحي الذي يرفع من الجوانب المعنوية عند الإنسان ، فتُعينه بذلك على مواجهة الحياة .
(2) التوجيه النبوي التربوي إلى أن في حياة الإنسان المسلم بعض المناسبات التي عليه أن يتفاعل معها تفاعلاً إيجابياً يمكن تحقيقه بتُغيير نمط حياته ، وكسر روتينها المعتاد بما صلُح من القول والعمل ، ومن هذه المناسبات السنوية هذه الأيام المُباركات التي تتنوع فيها أنماط العبادة لتشمل مختلف الجوانب والأبعاد الإنسانية .
(3) استمرارية تواصل الإنسان المسلم طيلة حياته مع خالقه العظيم من خلال أنواع العبادة المختلفة لتحقيق معناها الحق من خلال الطاعة الصادقة ، والامتثال الخالص . وفي هذا تأكيدٌ على أن حياة الإنسان المسلم كلها طاعةٌ لله تعالى من المهد إلى اللحد ، وفي هذا الشأن يقول أحد الباحثين : " فالعبادة بمعناها النفسي التربوي في التربية الإسلامية فترة رجوعٍ سريعةٍ من حينٍ لآخر إلى المصدر الروحي ليظل الفرد الإنساني على صلةٍ دائمةٍ بخالقه ، فهي خلوةٌ نفسيةٌ قصيرةٌ يتفقد فيها المرء نفسيته صفاءً وسلامةً " ( عبد الحميد الهاشمي ، 1405هـ ، ص 466 ) .
(4) شمولية العمل الصالح المتقرب به إلى الله عز وجل لكل ما يُقصد به وجه الله تعالى وابتغاء مرضاته ، سواءً أكان ذلك قولاً أم فعلاً ، وهو ما يُشير إليه قوله صلى الله عليه وسلم " العمل الصالح " ؛ ففي التعريف بأل الجنسية عموميةٌ وعدم تخصيص ؛ وفي هذا تربيةٌ على الإكثار من الأعمال الصالحة ، كما أن فيه بُعداً تربوياً لا ينبغي إغفاله يتمثل في أن تعدد العبادات وتنوعها يُغذي جميع جوانب النمو الرئيسة ( الجسمية والروحية والعقلية ) وما يتبعها من جوانب أُخرى عند الإنسان المسلم .
(5) حرص التربية الإسلامية على فتح باب التنافس في الطاعات حتى يُقبِل كل إنسان على ما يستطيعه من عمل الخير كالعبادات المفروضة ، والطاعات المطلوبة من حجٍ وعمرةٍ ، وصلاةٍ وصيامٍ ، وصدقةٍ وذكرٍ ودعاءٍ ...الخ . وفي ذلك توجيهٌ تربويُ لإطلاق استعدادات الفرد وطاقاته لبلوغ غاية ما يصبو إليه من الفوائد والمنافع والغايات الأُخروية المُتمثلة في الفوز بالجنة ، والنجاة من النار .
(6) تكريم الإسلام وتعظيمه لأحد أركان الإسلام العظيمة وهو الحج كنسكٍ عظيمٍ ذي مضامين تربوية عديدة تبرزُ في تجرد الفرد المسلم من أهوائه ودوافعه المادية ، وتخلصه من المظاهر الدنيوية ، وإشباعه للجانب الروحي الذي يتطلب تهيئةً عامةً ، وإعدادًا خاصاً تنهض به الأعمال الصالحات التي أشاد بها المصطفى صلى الله عليه وسلم في أحاديث مختلفة ، لما فيها من حُسن التمهيد لاستقبال أعمال الحج ، والدافع القوي لأدائها بشكلٍ يتلاءم ومنـزلة الحج التي -لا شك –أنها منـزلةٌ ساميةٌ عظيمة القدر .
(7) تربية الإنسان المسلم على أهمية إحياء مختلف السُنن والشعائر الدينية المختلفة طيلة حياته ؛ لاسيما وأن باب العمل الصالح مفتوحٌ لا يُغلق منذ أن يولد الإنسان وحتى يموت انطلاقاً من توجيهات النبوة التي حثت على ذلك ودعت إليه .
وليس هذا فحسب ؛ فهذه الأيام العظيمة زاخرةٌ بكثيرٍ من الدروس والمضامين التربوية ، التي علينا جميعاً أن نُفيد منها في كل جزئيةٍ من جزئيات حياتنا ، وأن نستلهمها في كل شأن من شؤونها .
هذا وليس لي مما سبق إلا الجمع والتهذيب، والله أسأل أن ينفع بها من قرأها أو نشرها أو أعملها أو سعى في شيء منها.
وصلِّ اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

مهران ماهر عثمان
خطيب مسجد خالد بن الوليد بأركويت مربع (63) – الخرطوم .
[email protected]
---------------------------------
[1] / صحيح البخاري .
[2] / الفجر (2) .
[3] / جامع البيان (30/ 169) .
[4] / تفسير القرآن العظيم (4/539) .
[5] / فتح القدير (5/613).
[6] / الحج (27-28) .
[7] / أخرجه البخاري معلقًا بصيغة الجزم في العيدين، باب: فضل العمل في أيام التشريق، وقد وصله عبد بن حميد، وابن مردويه كما في الفتح لابن حجر (2/582).
[8] / الأعراف (142) .
[9] / لطائف المعارف (ص459) .
[10] / البخاري ومسلم .
[11] / البزار وأبو يعلى ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب برقم (50) .
[12] / اليوم الحادي عشر ، وسُمي بذا لقرار الحجاج فيه وعدم نفرهم .
[13] / سنن أبي داود ، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (2/148) .
[14] / التبيان في أقسام القرآن (ص 18).
[15] / فتح الباري (2/460).
[16] / الفتاوى (25/287) .
[17] / أخرجه الدارمي في سننه، والبيهقي في الشعب .
[18] / البخاري ومسلم .
[19] / البخاري .
[20] / اللطائف ، ص (289) .
[21] / الأذكار ، ص (389) .
[22] / المسند ، وصححه الشيخ أحمد محمد شاكر في تخريج المسند (7/224) .
[23] / صحيح البخاري (1/329) ، وصححه الألباني في الإرواء برقم (651) .
[24] / أخرجه الفريابي في أحكام العيدين (ص 119).
[25] / أخرجه أبو بكر المروزي في العيدين، كما في فتح الباري لابن رجب (9/9).
[26] / أخرجه ابن المنذر في الأوسط (2209، 2210)، وأخرجهما أيضا ابن أبي شيبة في المصنف (1/488، 489) .
[27] / وصححه ابن حجر في الفتح (2/462).
[28] / أثر عمر رضي الله عنه أخرجه ابن المنذر في الأوسط (2207). وأما أثر ابن مسعود رضي الله عنه فأخرجه ابن أبي شيبة (1/488، 490)، وابن المنذر في الأوسط (2208)، والطبراني في الكبير (9/307)، وحسن إسناده الزيلعي في نصب الراية (2/224).
[29] / أحمد والنسائي ، وصححه الألباني في صحيح النسائي برقم (2372) .
[30] / مسلم .
[31] / زاد المعاد (2/66).
[32] / شرح مسلم (8/71-72) .
[33] / مسلم .
[34] / انظر اللطائف ، ص (289) .
[35] / التوبة (36)
[36] / الترمذي، وقوَّاه الألباني في الصحيحة (1503) .
[37] / التمهيد (6/41) .
[38] / صحيح مسلم .
[39] / شرح مسلم (13/139) .
[40] / وجدتها لأحد الفضلاء في إحدى المواقع.

أبو عادل 29 / 10 / 2010 51 : 11 AM

رد: مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة.
 
فضل عشر ذي الحجة والعمل الصالح فيها
محمد حسن يوسف

أولا: فضل عشر ذي الحجة:

[1] قال تعالى: { وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍِ } [ الفجر: 1-2 ]. ذكر ابن كثير في تفسيره عن ابن عباس قوله: هي ليالي العشر الأول من ذي الحجة.
[2]
وقال تعالى: { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ } [ الحج: 28 ]. نقل البخاري في صحيحه عن ابن عباس قوله في هذه الأيام أنها: أَيَّامُ الْعَشْرِ.
[3]
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أفضل أيام الدنيا أيام العشر. [ صحيح / صحيح الجامع الصغير، (1133) ].

شرح وتعليق:

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني ( فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 2/534 ): والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه, وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج, ولا يتأتى ذلك في غيره.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية ( مجموع فتاوى ابن تيمية، 25/154 ) عن عشر ذي الحجة والعشر الأواخر من رمضان، أيهما أفضل؟ فأجاب: أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة.
وقال ابن القيم الجوزية ( بدائع الفوائد، 3/660 ): وإذا تأمل الفاضل اللبيب هذا الجواب وجده شافيا كافيا، فإنه ليس من أيام العمل فيها أحب إلى الله من أيام عشر ذي الحجة. وفيها يوم عرفة ويوم النحر ويوم التروية. وأما ليالي عشر رمضان فهي ليالي الأحياء التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحييها كلها، وفيها ليلة خير من ألف شهر. فمن أجاب بغير هذا التفصيل، لم يمكنه أن يدلي بحجة صحيحة.

ثانيا: الترغيب في العمل الصالح في عشر ذي الحجة:
[4] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ. قَالُوا: وََلا الْجِهَادُ، قَالَ: وََلا الْجِهَادُ، إَِلا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ. [ صحيح البخاري، (969) ]. إلا: أي إلا جهاد رجل ...
وفي رواية الترمذي وأبي داود: وعَنه أن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ اْلأيَّامِ الْعَشْرِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وََلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وََلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إَِلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ. [ صحيح / صحيح سنن الترمذي، (757)؛ صحيح سنن أبي داود، (2438)؛ صحيح سنن ابن ماجه (1753). ولتمام الفائدة، انظر جامع الأصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، (6863) ].
[5]
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا مِنْ عَمَلٍ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وََلا أَعْظَمَ أَجْرًا مِنْ خَيْرٍ يَعْمَلُهُ فِي عَشْرِ اْلأضْحَى، قِيلَ: وََلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: وََلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، إَِلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ. قَالَ ( أي: راوي الحديث ): وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ إِذَا دَخَلَ أَيَّامُ الْعَشْرِ اجْتَهَدَ اجْتِهَادًا شَدِيدًا حَتَّى مَا يَكَادُ يَقْدِرُ عَلَيْهِ. [ حسن / صحيح الترغيب والترهيب للألباني، (1148) ].
[6]
وعنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من أيام العمل فيهن أفضل من عشر ذي الحجة. قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا من عقر جواده وأهريق دمه. [ صحيح / صحيح الترغيب والترهيب للألباني، (1149/2) ].
[7]
وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أفضل أيام الدنيا العشر – يعني: عشر ذي الحجة. قيل: ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال: ولا مثلهن في سبيل الله، إلا رجل عفر وجهه بالتراب ... الحديث. [ صحيح / صحيح الترغيب والترهيب للألباني، (1150/3) ].
[8]
وعنه رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من أيام أفضل عند الله من أيام عشر ذي الحجة. قال: فقال رجل: يا رسول الله! هي أفضل أم عدتهن جهادا في سبيل الله؟ فقال: هي أفضل من عدتهن جهادا في سبيل الله، إلا عفيرا يعفر وجهه في التراب ... الحديث. [ صحيح / صحيح الترغيب والترهيب للألباني، (1150/3) ].

شرح الأحاديث:

قال ابن حجر ( فتح الباري، 2/533 ) وفي الحديث تعظيم قدر الجهاد وتفاوت درجاته وأن الغاية القصوى فيه بذل النفس لله، وفيه تفضيل بعض الأزمنة على بعض، كالأمكنة، وفضل أيام عشر ذي الحجة على غيرها من أيام السنة، وتظهر فائدة ذلك فيمن نذر الصيام أو علق عملاً من الأعمال بأفضل الأيام، فلو أفرد يوماً منها تعين يوم عرفة، لأنه على الصحيح أفضل أيام العشر المذكور، فإن أراد أفضل أيام الأسبوع تعين يوم الجمعة، جمعاً بين حديث الباب وبين حديث أبي هريرة مرفوعاً: " خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة " [ صحيح مسلم، (17/854) و(18/854) ]، أشار إلى ذلك كله النووي في شرحه.
وقال ابن رجب الحنبلي ( لطائف المعارف، 520-521 ): وقد دلت هذه الأحاديث على أن العمل في أيام ذي الحجة أحب إلى الله من العمل في أيام الدنيا من غير استثناء شيء منها، وإذا كان أحب إلى الله فهو أفضل عنده ... ولهذا قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: " ولا الجهاد في سبيل الله "، ثم استثنى جهاداً واحداً هو أفضل الجهاد ... ( فعن جابر رضي الله عنه، قال: قال رجل: يا رسول الله أي الجهاد أفضل؟ قال: أن يعقر جوادك ويهراق دمك. [ صحيح / صحيح ابن حبان، 4639 ] ) ... فهذا الجهاد بخصوصه يفضل على العمل في العشر ... و أما بقية أنواع الجهاد فإن العمل في عشر ذي الحجة أفضل وأحب إلى الله عز وجل منها. أ.هـ. ومن الأعمال المستحبة في هذه الأيام:
* الصيام: قال ابن رجب الحنبلي ( لطائف المعارف، 522 ): وممن كان يصوم العشر عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. ويقول أكثر العلماء أو كثير منهم بفضل صيام هذه الأيام. ولا يعترض على هذا بما روته عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَائِمًا فِي الْعَشْرِ قَطُّ. [ صحيح مسلم، (9/1176) ]. وقد قال الإمام النووي في تفسيره لهذا الحديث ( شرح صحيح مسلم، 4/328 ): إن هذا الحديث مما يوهم كراهة صوم العشر، والمراد بالعشر هنا: الأيام التسعة من أول ذي الحجة. قالوا: وهذا مما يتأول، فليس في صوم هذه التسعة كراهة، بل هي مستحبة استحبابا شديدا، لاسيما التاسع منها، وهو يوم عرفة ... ( والأحاديث الصحيحة السابقة تؤكد على اختصاص هذه الأيام بفضل العمل الصالح، فبذلك ) ... يتأول قولها: لم يصم العشر، أنه لم يصمه لعارض مرض أو سفر أو غيرهما، أو أنها لم تره صائما فيه، أ.هـ.، أو لاحتمال أن يكون ذلك لكونه كان يترك العمل وهو يحب أن يعمله خشية أن يفرض على أمته، كما جاء في الصحيحين، من حديث عائشة أيضا، قاله ابن حجر في الفتح ( 2/534 )، ولا يلزم من ذلك عدم صيامه في نفس الأمر. وعقّب ابن رجب الحنبلي في لطائف المعارف ( 523 ) بقوله: وكان ابن سيرين يكره أن يقال: صام العشر لأنه يوهم دخول يوم النحر فيه، وإنما يقال: صام التسع، ولكن الصيام إذا أضيف إلى العشر فالمراد صيام ما يجوز صومه منه.
* قيام الليل:
قال ابن رجب الحنبلي ( لطائف المعارف، 524 ): وأما قيام ليالي العشر فمستحب. وورد إجابة الدعاء فيها. واستحبه الشافعي وغيره من العلماء. وكان سعيد بن جبير، وهو الذي روى الحديث [4] عن ابن عباس رضي الله عنهما، إذا دخل العشر اجتهد اجتهاداً حتى ما يكاد يقدر عليه، وروي عنه أنه قال: " لا تطفئوا سرُجُكم ليالي العشر "، تعجبه العبادة.
* ذكر الله:
قال ابن رجب الحنبلي ( لطائف المعارف، 524 ): وأما استحباب الإكثار من الذكر فيها فقد دل عليه قول الله عز وجل: { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ } [ الحج: 28 ]. فإن الأيام المعلومات هي أيام العشر عند جمهور العلماء. وروى البخاري في صحيحه: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا. وروى أيضا: وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُكَبِّرُ فِي قُبَّتِهِ بِمِنًى، فَيَسْمَعُهُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ، فَيُكَبِّرُونَ وَيُكَبِّرُ أَهْلُ اْلأَسْوَاقِ، حَتَّى تَرْتَجَّ مِنًى تَكْبِيرًا. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُكَبِّرُ بِمِنًى تِلْكَ اْلأَيَّامَ، وَخَلْفَ الصَّلَوَاتِ، وَعَلَى فِرَاشِهِ، وَفِي فُسْطَاطِهِ وَمَجْلِسِهِ وَمَمْشَاهُ تِلْكَ اْلأَيَّامَ جَمِيعًا. وَكَانَتْ مَيْمُونَةُ تُكَبِّرُ يَوْمَ النَّحْرِ، وَكُنَّ النِّسَاءُ يُكَبِّرْنَ خَلْفَ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَيَالِيَ التَّشْرِيقِ مَعَ الرِّجَالِ فِي الْمَسْجِدِ. وحري بنا نحن المسلمين أن نحيي هذه السنة التي قد أضيعت في هذه الأزمان، وتكاد تُنسى حتى من أهل الصلاح والخير.
* التوبة إلى الله:
فعلينا استقبال هذه الأيام بأن نبرأ إلى الله تعالى من كل معصية كنا نعملها، والإقلاع عن كل ما نهى تعالى عنه. فإن الذنوب تحرم الإنسان فضل ربه، وتحجب القلب عن معرفة الله.
* تجديد النية باغتنام هذه الأيام بما يرضي الله:
فحري بالمسلم استقبال مواسم الخير عامة بالعزم الأكيد على اغتنامها بما يرضي الله تعالى. فلنحرص على اغتنام هذه الفرصة السانحة، قبل أن تفوت فلا ينفع الندم حينئذ.
* هذا بالإضافة إلى الأعمال الفاضلة الثابتة الأخرى،
مثل الحرص على الصلاة في جماعة، والحرص على الوقوف في الصف الأول في الجماعة، والحرص على الإكثار من الصدقة، والإكثار من قراءة القرآن، والإكثار من الدعاء في هذه الأيام.

ثالثا: الترغيب في صوم يوم عرفة

[9] عَنْ أَبِي قَتَادَةَ اْلأنْصَارِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ. [ صحيح مسلم، (196/1162)؛ وصحيح سنن الترمذي، (749)؛ وصحيح سنن ابن ماجه (1756). وانظر جامع الأصول، (4463) ].
[10]
وعَنْه رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَقَالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ. [ صحيح مسلم، (197/1162) ].
[11]
وعَنْ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ صَامَ يَوْمَ عَرَفَةَ غُفِرَ لَهُ سَنَةٌ أَمَامَهُ وَسَنَةٌ بَعْدَهُ. [ صحيح سنن ابن ماجه، (1757) ].

شرح الأحاديث:

قال النووي ( شرح صحيح مسلم، 4/308 ): معناه يكفر ذنوب صائمه في السنتين، قالوا: والمراد بها الصغائر، وهذا يشبه تكفير الخطايا بالوضوء، فإن لم تكن هناك صغائر يرجى التخفيف من الكبائر، فإن لم يكن رفعت درجات. وقال الملا علي القاري ( مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، 4/474 ): قال إمام الحرمين: المكفر الصغائر. وقال القاضي عياض: وهو مذهب أهل السنة والجماعة, وأما الكبائر فلا يكفرها إلا التوبة، أو رحمة الله. وقال المباركفوري ( تحفة الأحوذي، 3/171-172 ): فإن قيل: كيف يكون أن يكفر السنة التي بعده مع أنه ليس للرجل ذنب في تلك السنة. قيل: معناه أن يحفظه الله تعالى من الذنوب فيها, وقيل: أن يعطيه من الرحمة والثواب قدرا يكون ككفارة السنة الماضية والسنة القابلة إذا جاءت واتفقت له ذنوب.

رابعا: فضل يوم النحر
[12] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِنَّ أَعْظَمَ اْلأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ. [ صحيح / صحيح سنن أبي داود، (1765)؛ وصحيح الجامع الصغير (1064) ] .
شرح الحديث:
قال الألباني ( صحيح الجامع الصغير، 1/242 ): يوم القر: هو الغد من يوم النحر، وهو حادي عشر ذي الحجة، لأن الناس يقرون فيه بمنى، أي يسكنون ويقيمون.

أخي الكريم ... ساهم في نشر هذه الأفكار يكن لك أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة

أبو عادل 29 / 10 / 2010 53 : 11 AM

رد: مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة.
 
عشر ذو الحجــة أحكـــام ودروس


الحمد الله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد :

فنزولا عند رغبة مجموعة من الإخوة أردنا إصدار موضوع في الملتقى يبين فضائل هذه الأيام العشر وبعض الأحكام المتعلقة بها عسى الله أن ينفع بها القارى والناقل فنقول وبالله التوفيق :

أولا : فضل عشر ذي الحجة :
وردت الإشارة إلى فضل هذه الأيام العشرة في بعض آيات القرآن الكريم ، ومنها قوله تعالى : { وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ } ( سورة الحج : الآيتان 27 -28 ) . حيث أورد ابن كثير في تفسير هذه الآية قوله : " عن ابن عباس رضي الله عنهما : الأيام المعلومات أيام العشر " ( ابن كثير ، 1413هـ ، ج 3 ، ص 239 ) .
كما جاء قول الحق تبارك وتعالى : { وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ } ( سورة الفجر : الآيتان 1 – 2 ) . وقد أورد الإمام الطبري في تفسيره لهذه الآية قوله : " وقوله : " وَلَيَالٍ عَشْرٍ " ، هي ليالي عشر ذي الحجة ، لإجماع الحُجة من أهل التأويل عليه " ( الطبري ، 1415هـ ، ج 7 ، ص 514 ) .
وأكد ذلك ابن كثير في تفسيره لهذه الآية بقوله : " والليالي العشر المراد بها عشر ذي الحجة كما قاله ابن عباسٍ وابن الزبير ومُجاهد وغير واحدٍ من السلف والخلف " ( ابن كثير ، 1414هـ ، ج 4 ، ص 535 ) .
وهنا يُمكن القول : إن فضل الأيام العشر من شهر ذي الحجة قد جاء صريحاً في القرآن الكريم الذي سماها بالأيام المعلومات لعظيم فضلها وشريف منزلتها.

وفي السنة النبوية
:ورد ذكر الأيام العشر من ذي الحجة في بعض أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم التي منها :

- الحديث الأول : عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أنه قال : يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيامِ ( يعني أيامَ العشر ) . قالوا : يا رسول الله ، ولا الجهادُ في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهادُ في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجعْ من ذلك بشيء " ( أبو داود ، الحديث رقم 2438 ، ص 370 ) .

- الحديث الثاني : عن جابرٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" إن العشرَ عشرُ الأضحى ، والوترُ يوم عرفة ، والشفع يوم النحر "( رواه أحمد ، ج 3 ، الحديث رقم 14551 ، ص 327 ).

-الحديث الثالث : عن جابر رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من أيامٍ أفضل عند الله من أيامَ عشر ذي الحجة ". قال : فقال رجلٌ : يا رسول الله هن أفضل أم عِدتهن جهاداً في سبيل الله ؟ قال : " هن أفضل من عدتهن جهاداً في سبيل الله " ( ابن حبان ، ج 9 ، الحديث رقم 3853 ، ص 164 ) .

-الحديث الرابع : عن ابن عباس – رضي الله عنهما – عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما من عملٍ أزكى عند الله ولا أعظم أجراً من خيرٍ يعمله في عشر الأضحى . قيل : ولا الجهادُ في سبيل الله ؟ . قال : " ولا الجهادُ في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجعْ من ذلك بشيء . قال وكان سعيد بن جُبيرٍ إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهاداً شديداً حتى ما يكاد يُقدرُ عليه " ( رواه الدارمي ، ج 2 ، الحديث رقم 1774 ، ص 41 ).

-الحديث الخامس : عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أفضل أيام الدنيا أيام العشر يعني عشر ذي الحجة ". قيل : ولا مثلهن في سبيل الله ؟ . قال " ولا مثلهن في سبيل الله إلا من عفّر وجهه في التُراب " (رواه الهيثمي ، ج 4 ، ص 17 ).

وهنا يمكن القول : إن مجموع هذه الأحاديث يُبيِّن أن المُراد بالأيام العشر تلك الأيام العشرة الأُولى من شهر ذي الحجة المُبارك .

ثانيــا : وقفات مع أيام العشر :
للأيام العشر الأول من شهر ذي الحجة خصائص كثيرة ، نذكرُ منها ما يلي :
1- أن الله تعالى أقسم بها : والإقسام بالشيء دليل على أهميته وعظم نفعه ، قال تعالى : ( والفجر وليال عشر ) قال ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف : إنها عشر ذي الحجة . قال ابن كثير : " وهو الصحيح " تفسير ابن كثير8/413
2- أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد بأنها أفضل أيام الدنيا كما تقدّم في الحديث الصحيح .
3- أنه حث فيها على العمل الصالح : لشرف الزمان بالنسبة لأهل الأمصار ، وشرف المكان - أيضاً - وهذا خاص بحجاج بيت الله الحرام .
4- أنه أمر فيها بكثرة التسبيح والتحميد والتكبير كما جاء عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد " . أخرجه احمد 7/224 وصحّح إسناده أحمد شاكر .
5- أن فيها يوم عرفة وهو اليوم المشهود الذي أكمل الله فيه الدّين وصيامه يكفّر آثام سنتين ، وفي العشر أيضا يوم النحر الذي هو أعظم أيام السنّة على الإطلاق وهو يوم الحجّ الأكبر الذي يجتمع فيه من الطّاعات والعبادات ما لا يجتمع في غيره .
6- أن فيها الأضحية والحج .
7- أن هذه الأيام المباركات تُعد مناسبةً سنويةً مُتكررة تجتمع فيها أُمهات العبادات كما أشار إلى ذلك ابن حجر بقوله : " والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أُمهات العبادة فيه ، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ، ولا يتأتى ذلك في غيره " فتح الباري
.

ثالثا : بعض الأعمال الواردة في هذه الأيام :
الأول : أداء الحج والعمرة ، وهو أفضل ما يعمل ، ويدل على فضله عدة أحاديث منها قوله صلى الله عليه وسلم : ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) وغيره من الأحاديث الصحيحة .

الثاني : صيام هذه الأيام أو ما تيسر منها – وبالأخص يوم عرفة – ولاشك أن جنس الصيام من أفضل الأعمال وهو مما اصطفاه الله لنفسه ، كما في الحديث القدسي : ( الصوم لي وأنا أجزي به ، انه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي ) وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله ، إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً ) متفق عليه . ( أي مسيرة سبعين عاماً ) ، وروى مسلم رحمه الله عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده ) .

الثالث : الإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى ودعائه وتلاوة القرآن الكريم لقوله تبارك و تعالى : { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ } ( سورة الحج : الآية 28).
ولما حث عليه الهدي النبوي من الإكثار من ذكر الله تعالى في هذه الأيام على وجه الخصوص ؛ فقد روي عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من أيام أعظم عند الله ، ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر ، فأكثروا فيهن من التكبير ، والتهليل ، والتحميد " ( أحمد ، مج 2 ، ص 131 ، الحديث رقم 6154 ) .
وهنا تجدر الإشارة إلى أن بعض السلف كانوا يخرجون إلى الأسواق في هذه الأيام العشر ، فيُكبرون ويُكبر الناس بتكبيرهم ، ومما يُستحب أن ترتفع الأصوات به التكبير وذكر الله تعالى سواءً عقب الصلوات ، أو في الأسواق والدور والطرقات ونحوها .
كما يُستحب الإكثار من الدعاء الصالح في هذه الأيام اغتناماً لفضيلتها ، وطمعاً في تحقق الإجابة فيها .

الرابع : التوبة والإقلاع عن المعاصي وجميع الذنوب ، حتى يترتب على الأعمال المغفرة والرحمة ، فالمعاصي سبب البعد والطرد ، والطاعات أسباب القرب والود ، وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ان الله يغار وغيرة الله أن يأتي المرء ما حرم الله عليه ) متفق عليه .

الخامس : كثرة الأعمال الصالحة من نوافل العبادات كالصلاة والصدقة والجهاد والقراءة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحو ذلك فانها من الأعمال التي تضاعف في هذه الأيام ، فالعمل فيها وان كان مفضولاً فأنه أفضل وأحب إلى الله من العمل في غيرها وان كان فاضلاً حتى الجهاد الذي هو من أفضل الأعمال إلا من عقر جواده واهريق دمه .

السادس : ومن الأعمال الصالحة في هذا العشر التقرب إلى الله تعالى بذبح الأضاحي واستسمانها واستحسانها وبذل المال في سبيل الله تعالى .


رابعا : عشر ذو الحجة أحكام ومسائل :
-التكبير : ويسن الجهر به ، أما المرأة فلا تجهر . وهو نوعان :
الأول : التكبير المطلق ( أي غير مقيد بأدبار الصلوات الخمس ) فله أن يكبر في أي وقت وفي أي مكان ، في أيام العشر وأيام التشريق . ومن الأدلة عليه :
حديث ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَ التَّحْمِيدِ " أخرجه أحمد (2/75،131) وأبو عوانة وهو حسن بمجموع طرقه وشواهده . و عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما : " أن رسول الله كان يخرج في العيدين .. رافعاً صوته بالتهليل والتكبير .. " ( صحيح بشواهده ، وانظر الإرواء 3/123) . وعن نافع : " أن ابن عمر كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى ، ثم يكبر حتى يأتي الإمام ، فيكبر بتكبيره " أخرجه الدارقطني بسند صحيح .و عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما : " كان يكبر بمنى تلك الأيام خلف الصلوات ، وعلى فراشه ، وفي فسطاطه ، وفي ممشائه تلك الأيام جميعاً " أخرجه ابن المنذر في الأوسط بسند جيد ، و البخاري تعليقاً بصيغة الجزم.

النوع الثاني : التكبير المقيد ( أي المقيد بأدبار الصلوات الخمس ) ويبدأ من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق ، وهو الثالث عشر من ذي الحجة. فعن شقيق بن سلمة رحمه الله قال : " كان علي رضي الله عنه يكبر بعد صلاة الفجر غداة عرفة ثم لا يقطع حتى يصلي الإمام من آخر أيام التشريق ثم يكبر بعد العصر " أخرجه ابن المنذر والبيهقي .و صححه النووي وابن حجر .وثبت مثله عن ابن عباس رضي الله عنهما.
قال ابن تيمية : " أصح الأقوال في التكبير الذي عليه جمهور السلف والفقهاء من الصحابة والأئمة : أن يكبر من فجر عرفة إلى آخر أيام التشريق عقب كل صلاة .. " ( مجموع الفتاوى 24/20) . وقال ابن حجر : " و أصح ما ورد فيه عن الصحابة قول علي وابن مسعود : إنه من صبح يوم عرفة إلى آخر أيام منى . أخرجه ابن المنذر وغيره والله أعلم " ( الفتح 2/536) .

أما صفة التكبير : فقد قد ثبت عن الصحابة أكثر من صيغة منها أثر ابن مسعود رضي الله عنه : " أنه كان يكبر أيام التشريق : الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، و الله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد " أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح .

-الأضحية :

فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ : " ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا " متفق عليه . ( الصفحة هي جانب العنق ) . والسنة أن يشهد المضحي أضحيته ، وأن يباشرها بنفسه ، وأن يأكل منها شيئاً كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم . وإن وكَّل غيره كالجمعيات والهيئات الخيرية جاز ، ولو كانت خارج البلاد ، فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر بيده ثلاثاً وستين من هديه في الحج ، ووكَّل علياً رضي الله عنه في البقية ، ولأن الأصل هو الجواز و لا دليل على منعه .

• و تجزئ الشاة عن الواحد وأهل بيته ، لقول أبي أيوب رضي الله عنه لما سئل: كيف كانت الضحايا على عهد رسول الله ؟ فقال: " كان الرجل يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته " أخرجه مالك والترمذي و ابن ماجة وسنده صحيح .

• و تجزئ البدنة أوالبقرة عن سبعةٍ وأهلِ بيوتهم ؛ لحديث جابر رضي الله عنه قال: "حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحرنا البعير عن سبعة والبقرة عن سبعة " أخرجه مسلم .
• و أقل ما يجزئ من الضأن ما له نصف سنة ، وهو الجذع ؛ لقول عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : " ضحينا مع رسول الله بجذع من الضأن " أخرجه النسائي بسند جيد .

• وأقل ما يجزئ من الإبل والبقر والمعز مُسنَّة ؛ ( وهي من المعز ما له سنة، ومن البقر ما له سنتان، ومن الإبل ما له خمس سنوات ) لحديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا تذبحوا إلا مُسِنَّة ، إلا أن يَعْسر عليكم ، فتذبحوا جَذَعة من الضأن " أخرجه مسلم .

• أربع لا تجوز في الأضاحي ، كما في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء البيّن عورها، والمريضة البيّن مرضها، والعرجاء البيّن ظَلْعُها ( أي: عرجها ) ، والكسير( أي: المنكسرة ) ، وفي لفظ: والعجفاء ( أي: المهزولة) التي لا تنقي ( أي: لا مخ لها لضعفها وهزالها ) " أخرجه أحمد وأصحاب السنن بسند صحيح.

• و إذا دخلت العشر حرم على من أراد أن يضحي أخذَ شيء من شعره أو أظفاره أو بشرته حتى يذبح أضحيته ؛ لحديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا " أخرجه مسلم ، وفي رواية أخرى لمسلم : " إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ".
وهذا النهي مختص بصاحب الأضحية ، أما المضحى عنهم من الزوجة و الأولاد فلا يعمهم النهي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر المضحي، ولم يذكر المضحى عنهم . ومن أخذ شيئاً من شعره أو أظفاره في العشر متعمداً من غير عذر و هو يريد أن يضحي فإن ذلك لا يمنعه من الأضحية ، و لا كفارة عليه ، و لكن عليه التوبة إلى الله .

• والأضحية عن الميت لها أحوال :
الحال الأولى : إذا كانت إنفاذاً للوصية فهي صحيحة ، ويصل أجرها إلى الميت إن شاء الله تعالى .
الحال الثانية : أن يـفــرد الميت بأضحية تبرعاً ، فهذا ليس من السنة ؛ لظاهر قوله تعالى : " و أن ليس للإنسان إلا ما سعى " ( النجم 39 ) وقد مات عم النبي صلى الله عليه وسلم حمزة وزوجته خديجــة، وثلاث بنات متزوجات، وثلاثة أبناء صغار، ولم يرد عنه أنه أفردهم أو أحداً منهم بأضحية، ولم يثبت أيضاً إفراد الميت بأضحية عن أحد الصحابه رضي الله عنهم ، ولو كان فيه فضل لسبقنا إليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه . والخير كل الخير في هدي النبي صلى الله عليه وسلم و أصحابه .
الحال الثالثة : إن ضحى الرجل عنه وعن أهل بيته ونوى بهم الأحياء والأموات فيرجى أن يشملهم الأجر إن شاء الله. ( وانظر التفصيل في الأضحية عن الميت : أحكام الأضحية للعلامة ابن عثيمين رحمه الله ) .


خامسا : وقفات تربوية مع عشر ذو الحجة :

(1) التنبيه النبوي التربوي إلى أن العمل الصالح في هذه الأيام العشرة من شهر ذي الحجة أفضل وأحب إلى الله تعالى منه في غيرها ، وفي ذلك تربيةٌ للنفس الإنسانية المُسلمة على الاهتمام بهذه المناسبة السنوية التي لا تحصل في العام إلا مرةً واحدةً ، وضرورة اغتنامها في عمل الطاعات القولية والفعلية ، لما فيها من فرص التقرب إلى الله تعالى ، وتزويد النفس البشرية بالغذاء الروحي الذي يرفع من الجوانب المعنوية عند الإنسان ، فتُعينه بذلك على مواجهة الحياة .

(2) التوجيه النبوي التربوي إلى أن في حياة الإنسان المسلم بعض المناسبات التي عليه أن يتفاعل معها تفاعلاً إيجابياً يمكن تحقيقه بتُغيير نمط حياته ، وكسر روتينها المعتاد بما صلُح من القول والعمل ، ومن هذه المناسبات السنوية هذه الأيام المُباركات التي تتنوع فيها أنماط العبادة لتشمل مختلف الجوانب والأبعاد الإنسانية .

(3) استمرارية تواصل الإنسان المسلم طيلة حياته مع خالقه العظيم من خلال أنواع العبادة المختلفة لتحقيق معناها الحق من خلال الطاعة الصادقة ، والامتثال الخالص . وفي هذا تأكيدٌ على أن حياة الإنسان المسلم كلها طاعةٌ لله تعالى من المهد إلى اللحد ، وفي هذا الشأن يقول أحد الباحثين : " فالعبادة بمعناها النفسي التربوي في التربية الإسلامية فترة رجوعٍ سريعةٍ من حينٍ لآخر إلى المصدر الروحي ليظل الفرد الإنساني على صلةٍ دائمةٍ بخالقه ، فهي خلوةٌ نفسيةٌ قصيرةٌ يتفقد فيها المرء نفسيته صفاءً وسلامةً " ( عبد الحميد الهاشمي ، 1405هـ ، ص 466 ) .

(4) شمولية العمل الصالح المتقرب به إلى الله عز وجل لكل ما يُقصد به وجه الله تعالى وابتغاء مرضاته ، سواءً أكان ذلك قولاً أم فعلاً ، وهو ما يُشير إليه قوله صلى الله عليه وسلم " العمل الصالح " ؛ ففي التعريف بأل الجنسية عموميةٌ وعدم تخصيص ؛ وفي هذا تربيةٌ على الإكثار من الأعمال الصالحة ، كما أن فيه بُعداً تربوياً لا ينبغي إغفاله يتمثل في أن تعدد العبادات وتنوعها يُغذي جميع جوانب النمو الرئيسة ( الجسمية والروحية والعقلية ) وما يتبعها من جوانب أُخرى عند الإنسان المسلم .

(5) حرص التربية الإسلامية على فتح باب التنافس في الطاعات حتى يُقبِل كل إنسان على ما يستطيعه من عمل الخير كالعبادات المفروضة ، والطاعات المطلوبة من حجٍ وعمرةٍ ، وصلاةٍ وصيامٍ ، وصدقةٍ وذكرٍ ودعاءٍ ...الخ . وفي ذلك توجيهٌ تربويُ لإطلاق استعدادات الفرد وطاقاته لبلوغ غاية ما يصبو إليه من الفوائد والمنافع والغايات الأُخروية المُتمثلة في الفوز بالجنة ، والنجاة من النار .

(6) تكريم الإسلام وتعظيمه لأحد أركان الإسلام العظيمة وهو الحج كنسكٍ عظيمٍ ذي مضامين تربوية عديدة تبرزُ في تجرد الفرد المسلم من أهوائه ودوافعه المادية ، وتخلصه من المظاهر الدنيوية ، وإشباعه للجانب الروحي الذي يتطلب تهيئةً عامةً ، وإعدادًا خاصاً تنهض به الأعمال الصالحات التي أشاد بها المصطفى صلى الله عليه وسلم في أحاديث مختلفة ، لما فيها من حُسن التمهيد لاستقبال أعمال الحج ، والدافع القوي لأدائها بشكلٍ يتلاءم ومنـزلة الحج التي -لا شك –أنها منـزلةٌ ساميةٌ عظيمة القدر .

(7) تربية الإنسان المسلم على أهمية إحياء مختلف السُنن والشعائر الدينية المختلفة طيلة حياته ؛ لاسيما وأن باب العمل الصالح مفتوحٌ لا يُغلق منذ أن يولد الإنسان وحتى يموت انطلاقاً من توجيهات النبوة التي حثت على ذلك ودعت إليه .


ختاما :
بعد ما مر بنا ينبغي لكل مسلم ومسلمة أن يستغل هذه الأيام بطاعة الله وذكره وشكره والقيام بالواجبات والابتعاد عن المنهيات واستغلال هذه المواسم والتعرض لنفحات الله ليحوز على رضا مولاه والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم

جمع وترتيب وإعداد : فريق الملتقى الاستشاري
منتديات الطلائع الإسلامية


- شكر خاص لموقعي :
- الإسلام سؤال وجواب .

- صيد الفوائد

أبو عادل 29 / 10 / 2010 54 : 11 AM

رد: مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة.
 
تجديد الحياة.. في عشر ذي الحجة
محمد سعد الشعيرة

تحتاج حياتنا بين الحين والحين إلى تجديد يعيد لها قوة الإيمان، ويحيي فيها نبض العقيدة، ويُنمّي فيها إحساس العبودية لله -تعالى-، ويدفع بها نحو ربها -عز وجل- وهي نادمة على معصيته, مجتهدة في طاعته.

تجديد يعيد إلى القلب رقته، فيخشع لآيات القرآن الكريم، ويتدبر في معانيها، وينقاد لحديث رسول الله -عليه الصلاة والسلام-، ويهتدي بسنّته. تجديد ينتقل بالنفس من رتابة الأداء في العبادة إلى حضور القلب فيها، والإحساس بجمالها ومبانيها، ويقف بها عن المعاصي والمحرمات، ويبعث فيها الأمل بسعة الرحمة، وقبول التوبة، وغفران الذنوب ومحو السيئات. تجديد يتحول بحياتنا لتكون أكثر قرباً من الله -تعالى-، في فكرنا وأعمالنا ومعاملاتنا وعلاقاتنا.

وأعظم فرصة لتجديد الحياة، وزيادة الإيمان، هي أفضل الأزمنة وأشرف الأوقات، حين يدنو الله -تعالى- من عباده، ويفتح لهم أبواب المغفرة، ويجزل لهم العطاء، ويكون العمل أرجى للقبول، والدعاء أقرب للإجابة. والنفس بحاجة في كثير من الأحيان إلى ما يحفز فيها النشاط، ويشوّقها إلى التغيير، وهاهي ذي أيام العشر الأول من ذي الحجة، وما يتبعها من أيام التشريق، جاءت بما أودع الله -تعالى- فيها من فضائل، لتوقظ الهمم، وتُنشط النفوس، فليس هناك أيام جمعت من خصائص الفضل، وأسباب السعادة، كهذه الأيام، وتأمّل كم جمعت من ميزات، وحازت من فضائل:

فهي أيام عظيمة الحرمة لكونها في ذي الحجة، وهو من الأشهر الحرم، التي جعل الله -تعالى- تحريمها من الدين المستقيم، حيث قال -سبحانه-: "إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ" [التوبة: 36]، وتذكير النفس بذلك يكبح جماح شهواتها، ويذكرها بأن الذنب يعْظم كلما كانت حرمة الزمن أعظم، ولهذا حذّر الله -تعالى- عباده من تعدي الحدود فيها، فقال بعد بيان حرمتها: "فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ"، وذكّر الرسول -عليه الصلاة والسلام- الناس بذلك في شهر ذي الحجة، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما-: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطب الناس يوم النحر فقال: "يا أيها الناس أي يوم هذا". قالوا: يوم حرام. قال: "فأي بلد هذا". قالوا: بلد حرام، قال: "فأي شهر هذا". قالوا: شهر حرام. قال: "فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام؛ كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا". فأعادها مراراً، ثم رفع رأسه، فقال: "اللهم هل بلغت، اللهم هل بلغت". قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: فوالذي نفسي بيده، إنها لوصيته إلى أمته: "فليبلغ الشاهد الغائب، لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض"(1).

وهي أيام عظيمة؛ لأنها نالت شرف قيام ركن الإسلام الخامس في زمانها، حين يأتي الناس أفواجاً من كل فج عميق، ليبدؤوا فيها مناسكهم وشعائر حجهم، والتي تمضي بنا، لو تأمّلت، في ذكريات زمان عميق، لتحكي لنا مواقف مهيبة، وعبراً عديدة، من تاريخ بيت الله العتيق، سطّرها لنا بإيمانهم وصبرهم إبراهيم وآله -عليهم السلام-، فكان انقيادهم لأمر الله -تعالى- معالم هداية، ومواطن قدوة، في الإيمان بالله -تعالى- وتوحيده، والتوكل عليه وعبادته، يستن بها الموحِّدون في حجهم في كل زمان.

ويا لها من عبرةٍ تُحيي القلوب، وتشرح الصدور، وتشوّقها للإقبال على الله -عز وجل-، حين ترى خير الناس من الأنبياء والمرسلين عليهم السلام، يأتون الحج وهم يلبون، يجأرون إلى الله ويستغيثون، مع ما في زمنهم من صعوبة في السفر، ووعورة في الطريق، قال -عليه الصلاة والسلام-: "صلى في مسجد الخيف سبعون نبياً، منهم موسى صلى الله عليه وسلم، كأني أنظر إليه وعليه عباءتان قطوانيتان وهو مُحْرم، على بعير من إبل شنوءة مخطوم بخطام ليف, له ضفيرتان"(2), وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "كنّا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- بين مكة والمدينة فمررنا بواد، فقال: أي واد هذا؟ قالوا: وادي الأزرق. قال: كأني أنظر إلى موسى -صلى الله عليه وسلم-... واضعاً إصبعه في أذنه له جؤار إلى الله بالتلبية [الجؤار: رَفْع الصَّوت والاسْتِغاثة]، مارّاً بهذا الوادي. قال: ثم سرنا حتى أتينا على ثنية فقال: أي ثنية هذه؟ قالوا: ثنية هَرْشى أو لَِفت. قال: كأني أنظر إلى يونس -صلى الله عليه وسلم- على ناقة حمراء عليه جبة صوف، وخطام [حبل] ناقته خُلبة [ليف]، مارّاً بهذا الوادي ملبياً"(3).

حازت هذه الأيام العشر خير يومين في العام، وهما يوم عرفة ويوم النحر، ففي يوم عرفة يدنو الله -عز وجل- ثم يباهي ملائكة السماء بأهل الموقف، فما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيداً من النار من يوم عرفة(4)، وجعل الله -تعالى- لغير الحجيج فيه نصيباً، فمنحهم على صومه تكفير الذنوب لسنتين، سنة ماضية وسنة قابلة(5)، وهو اليوم الذي أكمل الله -تعالى- فيه الدين، فأتم النعمة على المسلمين، ونزل فيه قول الله -تعالى-: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً" [المائدة: 3].
وهو يوم الميثاق، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم -عليه السلام- بنعمان يوم عرفة، فخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنشرها بين يديه، ثم كلمهم قبلاً، قال: "أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا" [الأعراف: 172] إلى قوله: "أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ" [الأعراف: 173]")(6).

وهو اليوم المشهود الذي أقسم الله -تعالى- به في سورة البروج، "وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ" [البروج: 3]، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اليوم الموعود يوم القيامة، واليوم المشهود يوم عرفة، والشاهد يوم الجمعة"(7). وهو خير أوقات الدعاء، لقوله -عليه الصلاة والسلام-: "خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير"(8).

ويوم النحر من أيام العشر، وهو يوم الحج الأكبر، كما قال فريق من العلماء، قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: "والصوابُ أن يومَ الحج الأكبر هو يومُ النَّحر؛ لقوله -تعالى-: "وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ" [التوبة: 3]، وثبت في الصحيحين أن أبا بكر وعلياً -رضي اللّه عنهما- أَذَّنَا بِذَلِكَ يَوْمَ النَّحْرِ لاَ يَومَ عَرَفَةَ. وفي سنن أبي داود بأصح إسناد أن رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: "يوم الْحَجِّ الأكْبَرِ يَوْمُ النَّحْرِ"... ويومُ عرفة مقدِّمة ليوم النَّحر بين يديه، فإن فيه يكونُ الوقوفُ، والتضرعُ، والتوبةُ، والابتهالُ، والاستقالةُ، ثم يومَ النَّحر تكون الوفادةُ والزيارة، ولهذا سُمّي طوافُه طوافَ الزيارة؛ لأنهم قد طهروا من ذنوبهم يوم عرفة، ثم أذن لهم ربُّهم يوم النَّحر في زيارته، والدخولِ عليه إلى بيته، ولهذا كان فيه ذبحُ القرابين، وحلقُ الرؤوس، ورميُ الجمار، ومعظمُ أفعال الحج. وعملُ يوم عرفة كالطهور والاغتسال بين يدي هذا اليوم"(9).

وهو يوم التقرب إلى الله -تعالى- وتوحيده بالنسك العظيم، في أكبر مشهد لتوحيد الله -تعالى- بهذه العبادة، التي ضل فيها كثير من الناس فقدموها لغيره -سبحانه- من الأصنام والأوثان والقبور، ومن ثم جاء التنبيه على توحيد الله -تعالى- فيها في آيات عديدة، كما في قوله -تعالى-: "فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ" [الكوثر: 2]، أي: وانحر لربك ذبيحتك له وعلى اسمه وحده، وأمر عز وجل بذكر اسم الله -تعالى- وحده لا شريك له على الهدايا والأضاحي، فقال: "لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ" [الحج: 28]، "وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ" [الحج: 34]، "وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ..." [الحج: 36].

عشر ذي الحجة "هي الأيامُ العشر التي أقسم اللّه بها في كتابه بقوله: "وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ" [الفجر: 1-2] "(10)، بل ورد أنها هي العشر التي أتمها الله -تعالى- لموسى -عليه السلام-، والتي جاء ذكرها في قوله -تعالى-: "وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ" [الأعراف: 142]، قال في تفسير الجلالين: ("وواعدنا" بألِف ودونها "موسى ثلاثين ليلةً" نكلّمه عند انتهائها بأن يصومها، وهي ذو القعدة، فصامها، فلما تمت أنكر خلوف فمه [رائحة فمه من الصوم] فاستاك، فأمره الله بعشرة أخرى ليكلّمه بخلوف فمه، كما قال -تعالى-: "وأتممناها بعشر" من ذي الحجة)(11)، وقال ابن كثير: (وقد اختلف المفسرون في هذه العشر ما هي؟ فالأكثرون على أن الثلاثين هي ذو القعدة والعشر عشر ذي الحجة... فعلى هذا يكون قد كمل الميقات يوم النحر، وحصل فيه التكليم لموسى -عليه السلام-, وفيه أكمل الله الدين لمحمد -صلى الله عليه وسلم- كما قال -تعالى-: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً")(12).

ولكثرة ما في هذه الأيام وفي غيرها من فضائل، تنوعت أقوال العلماء، واختلفت آراؤهم في الموازنة بينها، أيّ الأيام أفضل عند الله: أيام عشر ذي الحجة لقوله -عليه الصلاة والسلام-: "ما من أيام أفضل عند الله من أيام عشر ذي الحجة"(13)، أم الليالي العشر الأخيرة من رمضان؟ يوم عرفة أم يوم النحر؟ قال في (تحفة الأحوذي): "اختلف العلماء في هذه العشر، والعشر الأخير من رمضان، فقال بعضهم: هذه العشر أفضل لهذا الحديث، وقال بعضهم: عشر رمضان أفضل للصوم والقدر، والمختار أن أيام هذه العشر أفضل ليوم عرفة وليالي عشر رمضان أفضل لليلة القدر؛ لأن يوم عرفة أفضل أيام السنة، وليلة القدر أفضل ليالي السنة، ولذا قال: "ما من أيام" ولم يقل من ليال)(14)، وفي الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية: "وعشر ذي الحجة أفضل من غيره لياليه وأيامه، وقد يقال ليالي العشر الأخير من رمضان أفضل وأيام تلك أفضل. قال أبو العباس: والأول أظهر"(15).

أما يوم عرفة ويوم النحر، فقد ذهب كثير من العلماء إلى أن يوم النحر أفضل أيام السنة على الإطلاق، حتى من يوم عرفة، قال ابن القيم: "خير الأيام عند اللّه يومُ النحر، وهو يومُ الحج الأكبر، كما في السنن عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "أَفْضَلُ الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر"(16), وقيل: يومُ عرفة أفضلُ منه... والصواب القول الأول"(17).

لقد لاحت للمحبين في هذه الأيام الفاضلة من الله -تعالى- آية، وأقيمت لهم علامة، ليثبت من أراد حقيقة محبته لله -عز وجل-، فهذه الأيام العشر هي أحب أوقات العمل عند الله -سبحانه-، والمحب الصادق هو الذي يبحث عن أوقات رضا من يحب ليسرع إليه بما يدل على صدق محبته, ويقبل عليه بما يرضيه، قال -عليه الصلاة والسلام-: "ما العمل الصالح في أيام أفضل من هذه العشر"، قالوا: ولا الجهاد؟ قال: "ولا الجهاد، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء"(18)، جاء في اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية: (واستيعاب عشر ذي الحجة بالعبادة ليلاً ونهاراً أفضل من جهاد لم يذهب فيه نفسه وماله، والعبادة في غيره تعدل الجهاد؛ للأخبار الصحيحة المشهورة، وقد رواها أحمد وغيره)(19).

ومن رحمة الله -تعالى- بعباده أنه لم يحرم أحداً من فضل هذه الأيام، فلم يقصر ثوابها وأجرها على عبادة معينة واحدة، قد لا يستطيع القيام بها إلا بعض الناس، بل فضلها وثوابها شامل لكل بر وخير، ما دام مصحوباً بنية وإخلاص، من صلاة وقيام وصوم(20) وحج وتضحية وذكر، ولا سيما التهليل والتكبير والتحميد، حتى تبسمك في وجه أخيك، وإماطة الأذى عن الطريق، والإصلاح بين المتخاصمين، والتفريج عن المكروبين، ومساعدة المحتاجين، قال -عليه الصلاة والسلام-: "الإيمان بضع وسبعون شعبة، أدناها إماطة الأذى عن الطريق، وأعلاها قول: لا إله إلا الله، والحياء شعبة من الإيمان". وجاء في رواية لحديث عشر ذي الحجة، لفظ "خير" بدلاً من "العمل الصالح"، ففي رواية القاسم بن أبي أيوب: "ما من عمل أزكى عند الله ولا أعظم أجراً من خير يعمله في عشر الأضحى"(21). مما يدل على سعة معنى العمل الصالح، قال أبو شامة: "ومن الأزمان ما جعله الشرع مفضّلاً فيه جميع أعمال البر؛ كعشر ذي الحجة... فمثل ذلك يكون أي عمل من أعمال البر حصل فيها كان له الفضل على نظيره في زمن آخر"(22).

فأسرع بتوبة صادقة، تراجع فيها ماضيك، وتصلح حاضرك، وتخطط لمستقبلك، وذكّر نفسك بهذا الفضل العظيم، والأجر كبير، ليكون معيناً لك لتنطلق نحو تجديد الحياة، وزيادة الإيمان، والإقبال على الله -تعالى- بالعبادة والطاعة والعمل، "كان سعيد بن جبير -رحمه الله- إذا دخلت العشر اجتهد اجتهاداً حتى ما يكاد يقدر عليه"(23).


----------------------------------------------
(1) صحيح البخاري، رقم 1652.
(2) رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن. صحيح الترغيب والترهيب, ج 2, 1127 (حسن لغيره). القَطَوانِيَّة: عَباءةٌ بيضاءُ قصيرة الخَمْل"، خِطَام البعير: حَبْل من ليف أو شَعر أو كَتَّان. انظر: النهاية في غريب الحديث، لابن الاثير، (قطا)، (خطم).
(3) صحيح سنن ابن ماجه، رقم 2891. الخُلْب: اللِّيف، انظر: النهاية في غريب الحديث، لابن الاثير، (خلب).
(4) رواه مسلم، رقم 1348.
(5) في الحديث: "صيام يوم عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده" صحيح سنن ابن ماجه، رقم 1730.
(6) رواه أحمد والنسائي وغيرهما، انظر صحيح الجامع، ج 1, رقم 1701, وشرح العقيدة الطحاوية.
(7) صحيح سنن الترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة البروج، (حسن).
(8) صحيح سنن الترمذي، كتاب الدعوات، باب في دعاء يوم عرفة. قال الألباني: (حسن).
(9) زاد المعاد، لابن القيم، ج 1، المقدمة.
(10) زاد المعاد، لابن القيم، ج 1، المقدمة.
(11) تفسير الجلالين، سورة الأعراف، آية 142.
(12) تفسير ابن كثير، سورة الأعراف، آية 142.
(13) فتح الباري، كتاب العيدين، باب العمل في أيام التشريق.
(14) تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي، أبواب الصوم، باب في العمل في أيام العشر، ح 506.
(15) الأخبار العلمية في اختيارات الشيخ تقي الدين ابن تيمية، لأبي الحسن البعلي، ص 112.
(16) صحيح سنن أبي داود، كتاب المناسك، قال الألباني: (صحيح)، رقم 1765.
(17) زاد المعاد، لابن القيم، ج 1، المقدمة. ويوم القر هو يوم الاستقرار بمنى وهو اليوم الحادي عشر من ذي الحجة.
(18) رواه البخاري وغيره، ((يخاطر) أي يقصد قهر عدوه ولو أدى ذلك إلى قتل نفسه)... (فلم يرجع بشيء) أي فيكون أفضل من العامل في أيام العشر أو مساوياً له) انظر فتح الباري، كتاب العيدين، باب العمل في أيام التشريق.
(19) الأخبار العلمية في اختيارات الشيخ تقي الدين ابن تيمية، لأبي الحسن البعلي، ص 62.
(20) الصوم في الأيام التسعة الأولى من عشر ذي الحجة مستحب، لا سيما يوم عرفة لخصوص ما ورد فيه، كما قرره كثير من العلماء، قال الحافظ ابن حجر في الفتح: "واستُدل به [أي حديث ما من أيام...] على فضل صيام عشر ذي الحجة لاندراج الصوم في العمل" فتح الباري، كتاب العيدين، باب العمل أيام التشريق.
(21) فتح الباري، كتاب العيدين، باب العمل في أيام التشريق.
(22) الباعث على إنكار البدع والحوادث، ص 34.
(23) رواه الدارمي، رقم 1774.

أبو عادل 29 / 10 / 2010 56 : 11 AM

رد: مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة.
 
الأيام الفاضلة - عشر ذي الحجة
الشيخ/ محمد بن إبراهيم السبر*

تقديم سماحة الشيخ العلامة الدكتور/ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين حفظه الله
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد، فقد قرأت هذه الصفحات التي كتبها أخونا الشيخ/ محمد بن إبراهيم السبر في فضل عشر ذي الحجة والعمل فيها ، فوجدته - وفقه الله تعالى- قد أجاد وأفاد واستوفى ما يتعلق بفضل العشر وما يندب فيها من الأعمال الصالحة ، فنوصي المسلمين بقراءتها ونشرها والحرص على العمل بها ليحصلوا على الأجر الكبير المرتب على العمل الصالح فيها، ونسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين ويوفقهم لما يحبه ويرضاه ، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم،25/10/1425هـ، عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين.

الحمد لله الذي مَنَّ على عباده بمواسم الخيرات ، ليغفرَ لهم الذنوب ويجزل لهم الهبات ، أحمده سبحانه وأشكره وفق من شاء من عباده لاغتنامها فأطاعه وأتقاه، وخذل من شاء فأضاع أمره وعصاه . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة ورضي لنا الإسلام ديناً. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد : فإنَّ من فضل الله تعالى ونعمه الجليلة على عباده أن هيأ لهم المواسمَ العظيمة والأيامَ الفاضلة لتكون مغنماً للطائعين ، وميداناً لتنافس المتنافسين ، ومن أعظم هذه المواسمِ وأجلِها ما شهد النبيُ صلى الله عليه وسلم بأنها أفضلُ أيام الدنيا على الإطلاق ألا وهي أيامُ عشر ذي الحجة.


***
فضل أيام العشر
عن ابن عباس – رضي الله عنهما – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
{ ما مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّه؟!ِ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ !!إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ }
أخرجه البخاري وأحمد وأبوداود واللفظ له والترمذي وابن ماجة.

حقاً إنها أيام مباركة أقسم الله جل وعلا بها، والإقسام بالشيء دليل على أهميته وجلالة قدره قال الله تعالى : { والفجر وليالٍ عشر } ، قال ابنُ عباس رضي الله عنهما وغيرُ واحد من السلف والخلف : إنها عشرُ ذي الحجة قال ابنُ كثير وهو الصحيح .
والنبي صلى الله عليه وسلم إنما حث فيها على العمل الصالح لفضلها وعظيم نفعها، و لشرف الزمان بالنسبة لأهل الأمصار ، وشرف المكان – أيضاً – وهذا خاص بحجاج بيت الله الحرام . ولأن فيها: يوم عرفة ويوم النحر، وفيها الأضحية والحج قال الحافظ في فتح الباري : " والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه ، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ولا يتأتى ذلك في غيره " أهـ .

وسُئل شيخُ الإسلام ابنُ تيمية – رحمه الله – عن عشر ذي الحجة ، والعشر الأواخر من رمضان ، أيُهُما أفضلُ ؟ .
فأجاب : " أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر في رمضان ، وليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة " أهـ.
لذا لاغرو ولا جرم أن يحرص السلف الصالح على اغتنامها والعمل فيها فقد كان سعيدُ بن جبير- رحمه الله – وهو الذي روى حديث ابن عباس السابق :
{ إذا دخلت العشرُ اجتهدَ اجتهاداً حتى ما يكاد يُقدر عليه } رواه الدارمي بإسناد حسن.

أخي المسلم : إن إدراك عشر ذي الحجة نعمة عظيمة من نعم الله تعالى على العبد ، يَقْدُرُها حقَّ قدرها الصالحون المشَمِّرون ، وإن واجب المسلم استشعارُ هذه النعمة ، واغتنام هذه الفرصة ، وذلك بأن يخص هذا العشرَ بمزيد عناية ، وأن يجاهد نفسه بالطاعة ، قال أبو عثمانَ النهديُ – رحمه الله – عن السلف: " كانوا يعظمون ثلاثَ عشراتٍ : العشرَ الأخيرَ من رمضان ، والعشرَ الأول من ذي الحجة ، والعشرَ الأول من المحرم "، وإن من فضل الله على عباده كثرة طرق الخير ، وتنوع سبل الطاعات ليدوم نشاط المسلم ويبقى ملازماً لطاعة ربه وعبادته.
***
من الأعمال المسنونة في أيام العشر
معاشر المسلمين : عشر ذي الحجة التي أقسم الله بها وعظم قدرها وحث رسوله صلى الله عليه وسلم على العمل فيها لها وظائف وأعمال ومن تلكم الأعمال والوظائف:


1- الصيام:

فيسنُ للمسلم أن يصومَ تسعَ ذي الحجة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حث على العمل الصالح فيها، والصيامُ من أفضل الأعمال الصالحة، وقد ورد ما يدل على صيامها من حديث هُنَيدَة بنِ خالدٍ عن امرأته قالت حدثتني بعضُ أزواج النبي صلى الله عليه وسلم : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصومُ عاشوراءَ وتسعاً من ذي الحجة وثلاثةَ أيام من كل شهر ..." رواه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه الألباني .
وكان عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – يصومها ، وكذلك مجاهد وغيرهما من العلماء, وأكثر العلماء على القول بصيامها . ولذا قال النووي رحمه الله: صيامها مستحبٌ استحباباً شديداً أهـ.
وأما ما اشتهر عند العوام من صيام ثلاث ذي الحجة يعنون بها اليوم السابع والثامن والتاسع فهذا التخصيص لا أصل له ولا دليل عليه.


2- ومن الأعمال المسنونة في هذه العشر: التكبيرُ والتهليلُ

يَجهرُ به الرجال والمرأةُ تخفضُ به صوتها فعن ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَل فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَ التَّحْمِيدِ " أخرجه أحمد والطبراني وأبوعوانة وهو حسنٌ بمجموع طرقه وشواهده .
قال البخاري – رحمه الله - :" وكان عمرُ يكبرُ في قبته بمنى فيسمعه أهلُ المسجد فيكبرونَ ويكبرُ أهلُ الأسواقِ حتى ترتج منى تكبيراً , وكان ابنُ عمرَ يكبرُ بمنى تلك الأيام وخلفَ الصلواتِ وعلى فراشه وفي فسطَاطِه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعها " ، وقال: " وكان ابنُ عمرَ وأبو هريرةَ – رضي الله عنهما – يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما ". أهـ كتاب العيدين .
والتكبيرُ نوعان : مطلق ومقيد فالمطلق في سائر الوقت من أول العشر إلى آخر أيام التشريق , والمقيد ( أي المقيد بأدبار الصلوات ) ويبدأ من فجر يوم عرفة لغير الحاج إلى أخر أيام التشريق مقيداً بأدبار الصلوات, أما الحاجُ فيبدأ من حين يرمي جمرةَ العقبة يوم العيد . وقد دل على مشروعية ذلك الإجماع ، وفعلُ الصحابة – رضي الله عنهم - ، وصيغ التكبير :
1- الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر كبيراً .
2- الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد .
3- الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد.
قال في سبل السلام : وفي الشرع صفات كثيرة واستحسانات عن عدة من الأئمة ، وهو يدل على التوسعة في الأمر ، وإطلاق الآية يقتضي ذلك .
فحريٌ بنا نحن المسلمين أن نحيي هذه السنة التي هجرت في هذه الأيام ، وتكاد تنسى حتى من أهل الصلاح والخير بخلاف ما كان عليه السلف الصالح ، تكبر في المسجد وفي بيتك وفي السوق وفي طريقك ، وذكر به أهلك وعود أولادك على ذلك .


3- أيها المسلمون: ومن أعمال هذه العشر التقربُ إلى الله تعالى بذبح لأضاحي:

وهي سنه مؤكدة في أصح قولي العلماء، وتتأكدُ في حق القادر عليها ومَنْ عنده سعة من المال وليست واجبة, ولا بأس من الاقتراض إن كان قادراً على الوفاء ، فينبغي للمسلم المستطيع القادر ألا يفرط فيها ، لقول أَنَسٍ رضي الله عنه : " ضَحَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا " متفق عليه .
( الصفحة هي جانب العنق ) ، وقال ابنُ عمرَ – رضي الله عنه -: " أقام النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة عشرَ سنين يضحي " رواه أحمد والترمذي بإسناد حسن .

وقال ابنُ القيم رحمه الله : ولم يكن صلى الله عليه وسلم يدعُ الأضحية أهـ.
فليحرص المسلم عليها لأن فيها امتثال أمر الله جل وعلا بذبح القربان على اسمه وحده لا شريك له ، وإحياء سنة أبينا إبراهيم عليه السلام واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وفيها التوسعة على الأهل والعيال والفقراء والمساكين يوم العيد وفيها من الحكم العظيمة ما لا يحفى على ذي بصيرة.

أيها المسلمون : وهناك تنبيه مهم وهو أنه: إذا دخلَ عشرُ ذي الحجة فيحرمُ على من أرادَ أن يضحي أن يأخذَ من شعره أو أظفاره أو بشرته شيئاً حتى يضحي يوم العيد ، وإذا نوى الأضحية أثناء العشر أمسك عن ذلك من حين نيته ولا إثم عليه فيما أخذ قبل النية .
وذلك لما روى مسلم في صحيحه عن أم سلمة – رضي الله عنها - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره ) رواه مسلم . وفي رواية له: ( فلا يأخذنَّ شعراً ولا يقلمنَّ ظفراً ) ، والحكمةُ في النهي : أن يبقى كاملَ الأجزاءِ ليعتق من النار ، وقيل : التشبه بالمحرم قاله النووي في شرح مسلم .

فائــدة :
هذا النهي خاصٌ بصاحب الأضحية لا المُضحى عنه من زوجةٍ وأولادٍ فلا يعمهم النهي, لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي عن أهل بيته ولم يُنقل عنه أنه أمرهم بالإمساك عن ذلك ، وكذا من توكلَ عن شخص فإنه لا يَحرُمُ عليه الأخذ بل هو خاص بالموكِل لا الوكيل، وكذا القائم على الوصايا فإنه لا يمسك ، ومن أخذَ شيئاً من أظفاره أو أبشاره أو شعره معذوراً فلا شيء عليه كالناسي ، والذي به أذى في شعره أو ظفره ، أما العامد فهو آثمٌ ولا كفارةَ عليه بل عليه التوبة والاستغفار.
ومن كان عند الميقات يريد الإحرام وهو سيضحي فإنه لا يأخذُ شيئاً من شعره وأظفاره، وأما عند تحلله من العمرة والحج فإنه يأخذ من شعره فقط لأنه نسك من أنساك العمرة .


4- ومما يشرع في هذه العشر الإكثار من الأعمال الصالحة عموماً:

لأن العمل الصالح محبب إلى لله تعالى في كل زمان ومكان، ويتأكد في هذه الأيام المباركة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :
{ ما مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ ..}، وهذا يعني فضل العمل فيها، وعظيم ثوابه، فعلى المسلم أن يعمر وقته في هذه العشر بالإكثار من الطاعات: قراءة القرآن، والذكر، والدعاء، والصدقة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وغير ذلك من طرق الخير وسبل الطاعة.
ومن الأعمال الصالحة الصلاة: فيستحب التبكير إلى الفرائض والمسارعة إلى الصف الأول، والإكثار من النوافل، فإنها من أفضل القربات. عن ابنِ مسعود رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله،أي الأعمال أفضل ؟ قال:
" الصلاة على وقتها " قلت: ثم أي ؟ قال: " بر الوالدين ؟ " قلت: ثم أي ؟ قال:" الجهاد في سبيل الله "
متفق عليه.
وعن ثوبان- رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "عليك بكثرة السجود لله فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحط عنك بها خطيئة" [رواه مسلم]

5- أيها الأحبة في الله: ومن أيام العشر يوم عرفة:

وهو من الأيام الفاضلة والعظيمة لأنه يوم مغفرة الذنوب والتجاوز عنها ، وهو يوم عيد لأهل الموقف ، ويستحب صيامه لأهل الأمصار.
وهو يوم إكمال الدين وإتمام النعمة على هذه الأمة فلا يحتاجون إلى دين غيره ، ولهذا جعله الله تعالى خاتمة الأديان، لا يقبل من أحد ديناً سواه .
عن عمرَ – رضي الله عنه – أن رجلاً من اليهود قال : يا أميرَ المؤمنين آيةٌ في كتابكم تقرؤونها لو علينا معشر اليهود نزلت لا تخذنا ذلك اليوم عيداً . قال : أي آيةٍ ؟ قال :
( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً )(المائدة: من الآية 3) . قال عمرُ : عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة يوم الجمعة . رواه البخاري ومسلم .
وهذا الرجلُ الذي سأل عمر رضي الله عنه هو كعبُ الأحبار كما جاء في رواية الطبري وفيها أيضاً : نزلت في يوم الجمعة ويوم عرفة ، وكلاهما بحمد الله لنا عيد.
وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة ، وإنه ليدنوا ثم يباهي الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟ )
رواه مسلم.
قال ابنُ عبدُ البر : وهذا يدلُ على أنهم مغفورٌ لهم لأنه لا يباهي بأهل الخطايا إلا بعد التوبة والغفران والله أعلم أهـ .
وفي الحديث الذي رواه أحمدُ وابنُ خزيمة بسند صحيح صححه الألباني عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء ، فيقول لهم : انظروا إلى عبادي جاءوني شعثاً غبراً ) .

فهذه الأحاديث تدلُ على فضل يوم عرفة وأنه من الأيام الفاضلة التي تجاب فيها الدعوات ، وتقال العثرات ، فعلى المسلم أن يحرصَ على العمل الصالح لا سيما في هذا اليوم العظيم من ذكرٍ ودعاءٍ وقراءةٍ وصلاةٍ وصدقةٍ لعله أن يحظى من الله تعالى بالمغفرة والعتق من النار ، فقد ذكر ابنُ رجب - رحمه الله – في اللطائف : أن العتقَ من النار عام لجميع المسلمين .
وعلى المسلم أن يحرصَ على صيام يوم عرفة فقد خصه النبي صلى الله عليه وسلم بمزيد عناية ، حيث خصه من بين أيام العشر ، وبين ما رُتب على صيامه من الفضل العظيم ، فقد ورد عن أبي قتادةَ الأنصاري – رضي الله عنه – أنَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم سُئلَ عن صوم يوم عرفة فقال : ( يكفر السنة الماضية والسنة القابلة ) . رواه مسلم .
وهذا إنما يستحب لغير الحاج ، وأما الحاج فلا يسن له صيام هذا اليوم ، وفطره أفضل تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم فقد وقف بعرفة مفطراً
فعن أم الفضل بنت الحارث رضي الله عنها:
( أن ناساً اختلفوا عندها يوم عرفة في رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم : هو صائم . وقال بعضهم : ليس بصائم . فأرسلت إليه بقدح من لبن وهو واقف على بعيره بعرفة فشربه )
رواه البخاري ومسلم .
ولأن المفطر أقوى على الدعاء من الصائم لا سيما في شدة الحر.

وللدعاء يوم عرفة مزية على غيره ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خيرُ الدعاءِ دعاءُ يومِ عرفة ، وخيرُ ما قلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ) رواه مالك والترمذي وانظر الصحيحة للألباني (4/39).
قال ابنُ عبد البر : وفيه من الفقه أن دعاء يوم عرفة أفضل من غيره ، وفي ذلك دليل على فضل يوم عرفة على غيره ، ... وفي الحديث أيضاً دليل على أن دعاء يوم عرفة مجاب في الأغلب ، وفيه أيضاً أن
( أفضل الذكر لا إله إلا الله .. )
أهـ.
فليحرص المسلم المقيم على الدعاء في هذا اليوم العظيم اغتناماً لفضله ورجاء للإجابة والقبول، وليدع لنفسه ووالديه وأهله وللإسلام والمسلمين ، وإذا صام هذا اليوم ودعا عند الإفطار فما أقرب الإجابة ، وما أحرى القبول ! فإن دعاء الصائم مستجاب ، وعلى المسلم أن يكثرَ من شهادة التوحيد بإخلاص وصدق ، فإنها أصل دين الإسلام الذي اختاره الله لهذه الأمة وأكمله في هذا اليوم العظيم .

6- ومن أعمال هذه العشر أداءُ الحج والعمرة:

إن من أفضل ما يعمل في هذه العشر المباركة حج بيت الله الحرام فمن وفقه الله تعالى لحج بيته وقام بأداء نسكه على الوجه المطلوب فله نصيب - إن شاء الله - من قول النبي صلى الله عليه وسلم : " العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " أخرجه البخاري و مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه .
فدونكم – عباد الله - هذه الفضائل والأعمال فاغتنموها وإياكم والتواني والكسل ولنعلم أن لله جل وعلا نفحات في أيامه فلنهتبل الفرصة ولنستكثر من الحسنات عل الله جل وعلا أن يعفو عن زلاتنا وسيئاتنا.
فبادر– أخي المسلم – إلى اغتنام هذه الأيام الفاضلة المباركة بالأعمال الصالحة وكثرة الاجتهاد ، فإنه ليس لما بقي من عمرك ثمن ، وتب إلى الله من تضيع الأوقات ، وأعلم أن الحرص على العمل الصالح في هذه الأيام المباركة هو في الحقيقة مسارعةٌ إلى الخير ودليل على التقوى قال تعالى:
( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) (الحج:32)

قال الشاعر:

قطعت شهور العام سهواً وغفلة *** ولم تحترم فيما أتيت المحرما
فلا رجباً وافيت فيه بحقه *** ولا صمت شهر الصوم شهراً متمماً
ولا في ليالي عشر ذي الحجة الذي *** مضى كنت قواماً ولا كنت محرماً
فهل لك أن تمحو الذنوب بعبرة *** وتبكي عليها حسرةً وتندما
وتستقبل العام الجديد بتوبة *** لعلك أن تمحو بها ما تقدما
نسأل الله عز وجل أن يهيئ لنا من أمرنا رشداً ، وأن يوفقنا لعمل الصالحات وأن يجعلنا من عباده المخلصين ، وبالله التوفيق, وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
------------------------------------------

* إمام وخطيب جامع الأميرة موضي السديري بالعريجاء بالرياض

أبو عادل 29 / 10 / 2010 58 : 11 AM

رد: مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة.
 
الأيام العشر من شهر ذي الحجة
فضلها ، خصائصها ،
الدروس التربوية المستفادة منها
الدكتور صالح بن علي أبو عرَّاد
أستاذ التربية الإسلامية بكلية المعلمين في أبها
ومدير مركز البحوث التربوية بالكلية


* مقدمة :
الحمد لله الذي أنعم علينا بنعمة الإسلام ، والصلاة والسلام على من بعثه الله تعالى بشيراً ونذيراً ، وسراجاً مُنيراً للناس كافةً ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، والتابعين وتابع التابعين إلى يوم الدين ، أما بعد ؛

فتمتاز حياة الإنسان المسلم بأنها زاخرةٌ بالأعمال الصالحة ، والعبادات المشروعة التي تجعل المسلم في عبادةٍ مُستمرةٍ ، وتحوِّل حياته كلَّها إلى قولٍ حسنٍ ، وعملٍ صالحٍ ، وسعيٍ دؤوبٍ إلى الله جل في عُلاه ، دونما كللٍ أو مللٍ أو فتورٍ أو انقطاع . والمعنى أن حياة الإنسان المسلم يجب أن تكون كلَّها عبادةٌ وطاعةٌ وعملٌ صالحٌ يُقربه من الله تعالى ، ويصِلُه بخالقه العظيم جل في عُلاه في كل جزئيةٍ من جزئيات حياته ، وفي كل شأنٍ من شؤونها .

من هنا فإن حياة الإنسان المسلم لا تكاد تنقطع من أداء نوعٍ من أنواع العبادة التي تُمثل له منهج حياةٍ شاملٍ مُتكامل؛ فهو على سبيل المثال مكلفٌ بخمس صلواتٍ تتوزع أوقاتها على ساعات اليوم والليلة ، وصلاة الجمعة في الأسبوع مرةً واحدة ، وصيام شهر رمضان المبارك في كل عام ، وما أن يفرغ من ذلك حتى يُستحب له صيام ستةِ أيامٍ من شهر شوال ، وهناك صيام يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع ، وصيام ثلاثة أيامٍ من كل شهر ، ثم تأتي الأيام العشرة الأولى من شهر ذي الحجة فيكون للعمل الصالح فيها قبولٌ عظيمٌ عند الله تعالى .

وليس هذا فحسب ؛ فهناك عبادة الحج وأداء المناسك ، وأداء العُمرة ، وصيام يوم عرفة لغير الحاج ، ثم صيام يوم عاشوراء ويومٍ قبله أو بعده ، إضافةً إلى إخراج الزكاة على من وجبت عليه ، والحثُّ على الصدقة والإحسان ، والإكثار من التطوع في العبادات ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقول أو العمل أو النية ، إلى غير ذلك من أنواع العبادات والطاعات والقُربات القولية والفعلية التي تجعل من حياة المسلم حياةً طيبةً ، زاخرةً بالعبادات المستمرة ، ومُرتبطةً بها بشكلٍ مُتجددٍ دائمٍ يؤكده قول الحق سبحانه : } فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ { ( سورة الشرح : الآية رقم 7 ) .

من هنا فإن في حياة المسلم مواسماً سنويةً يجب عليه أن يحرص على اغتنامها والاستزادة فيها من الخير عن طريق أداء بعض العبادات المشروعة ، والمحافظة على الأعمال والأقوال الصالحة التي تُقربه من الله تعالى ، وتُعينه على مواجهة ظروف الحياة بنفس طيبةٍ وعزيمةٍ صادقة .

وفيما يلي حديثٌ عن فضل أحد مواسم الخير المُتجدد في حياة الإنسان المسلم ، والمُتمثل في الأيام العشرة الأولى من شهر ذي الحجة وما لها من الفضل والخصائص ، وبيان أنواع العبادات والطاعات المشروعة فيها؛ إضافةً إلى بعض الدروس التربوية المستفادة منها .

* فضل الأيام العشر :

= أولاً / في القرآن الكريم :
وردت الإشارة إلى فضل هذه الأيام العشرة في بعض آيات القرآن الكريم ، ومنها قوله تعالى : { وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ } ( سورة الحج : الآيتان 27 -28 ) . حيث أورد ابن كثير في تفسير هذه الآية قوله : " عن ابن عباس رضي الله عنهما : الأيام المعلومات أيام العشر " ( ابن كثير ، 1413هـ ، ج 3 ، ص 239 ) .
كما جاء قول الحق تبارك وتعالى : { وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ } ( سورة الفجر : الآيتان 1 – 2 ) . وقد أورد الإمام الطبري في تفسيره لهذه الآية قوله : " وقوله : " وَلَيَالٍ عَشْرٍ " ، هي ليالي عشر ذي الحجة ، لإجماع الحُجة من أهل التأويل عليه " ( الطبري ، 1415هـ ، ج 7 ، ص 514 ) .
وأكد ذلك ابن كثير في تفسيره لهذه الآية بقوله : " والليالي العشر المراد بها عشر ذي الحجة كما قاله ابن عباسٍ وابن الزبير ومُجاهد وغير واحدٍ من السلف والخلف " ( ابن كثير ، 1414هـ ، ج 4 ، ص 535 ) .
وهنا يُمكن القول : إن فضل الأيام العشر من شهر ذي الحجة قد جاء صريحاً في القرآن الكريم الذي سماها بالأيام المعلومات لعظيم فضلها وشريف منزلتها.

= ثانياً / في السنة النبوية :
ورد ذكر الأيام العشر من ذي الحجة في بعض أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم التي منها :
الحديث الأول : عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أنه قال : يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيامِ ( يعني أيامَ العشر ) . قالوا : يا رسول الله ، ولا الجهادُ في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهادُ في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجعْ من ذلك بشيء " ( أبو داود ، الحديث رقم 2438 ، ص 370 ) .


الحديث الثاني : عن جابرٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" إن العشرَ عشرُ الأضحى ، والوترُ يوم عرفة ، والشفع يوم النحر "( رواه أحمد ، ج 3 ، الحديث رقم 14551 ، ص 327 ).

الحديث الثالث : عن جابر رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من أيامٍ أفضل عند الله من أيامَ عشر ذي الحجة ". قال : فقال رجلٌ : يا رسول الله هن أفضل أم عِدتهن جهاداً في سبيل الله ؟ قال : " هن أفضل من عدتهن جهاداً في سبيل الله " ( ابن حبان ، ج 9 ، الحديث رقم 3853 ، ص 164 ) .

الحديث الرابع : عن ابن عباس – رضي الله عنهما – عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما من عملٍ أزكى عند الله ولا أعظم أجراً من خيرٍ يعمله في عشر الأضحى . قيل : ولا الجهادُ في سبيل الله ؟ . قال : " ولا الجهادُ في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجعْ من ذلك بشيء . قال وكان سعيد بن جُبيرٍ إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهاداً شديداً حتى ما يكاد يُقدرُ عليه " ( رواه الدارمي ، ج 2 ، الحديث رقم 1774 ، ص 41 ).

الحديث الخامس : عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أفضل أيام الدنيا أيام العشر يعني عشر ذي الحجة ". قيل : ولا مثلهن في سبيل الله ؟ . قال " ولا مثلهن في سبيل الله إلا من عفّر وجهه في التُراب " (رواه الهيثمي ، ج 4 ، ص 17 ).

وهنا يمكن القول : إن مجموع هذه الأحاديث يُبيِّن أن المُراد بالأيام العشر تلك الأيام العشرة الأُولى من شهر ذي الحجة المُبارك .

* خصائص الأيام العشر :
للأيام العشر الأول من شهر ذي الحجة خصائص كثيرة ، نذكرُ منها ما يلي :
(1) أن الله سبحانه وتعالى أقسم بها في كتابه الكريم فقال عز وجل : { وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ } ( سورة الفجر : الآيتان 1 -2 ). ولاشك أن قسمُ الله تعالى بها يُنبئُ عن شرفها وفضلها .
(2)
أن الله تعالى سماها في كتابه " الأيام المعلومات " ، وشَرَعَ فيها ذكرهُ على الخصوص فقال سبحانه : { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ } ( سورة الحج : الآية 28 ) ، وقد جاء في بعض التفاسير أن الأيام المعلومات هي الأيام العشر الأول من شهر ذي الحجة .
(3)
أن الأعمال الصالحة في هذه الأيام أحب إلى الله تعالى منها في غيرها؛ فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من أيام أعظم عند الله ، ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التكبير والتهليل والتحميد " ( رواه أحمد ، مج 2 ، ص 131 ، الحديث رقم 6154 ).
(4)
أن فيها ( يوم التروية ) ، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة الذي تبدأ فيه أعمال الحج .
(5)
أن فيها ( يوم عرفة ) ، وهو يومٌ عظيم يُعد من مفاخر الإسلام ، وله فضائل عظيمة ، لأنه يوم مغفرة الذنوب والتجاوز عنها ، ويوم العتق من النار ، ويوم المُباهاة فعن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-أنها قالت : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما من يومٍ أكثر من أن يُعتق الله عز وجل فيع عبداً من النار ، من يوم عرفة ، وإنه ليدنو ثم يُباهي بهم الملائكة ، فيقول : ما أراد هؤلاء ؟ " ( رواه مسلم ، الحديث رقم 3288 ، ص 568 ).
(6)
أن فيها ( ليلة جَمع ) ، وهي ليلة المُزدلفة التي يبيت فيها الحُجاج ليلة العاشر من شهر ذي الحجة بعد دفعهم من عرفة .
(7)
أن فيها فريضة الحج الذي هو الركن الخامس من أركان الإسلام .
(8)
أن فيها ( يوم النحر ) وهو يوم العاشر من ذي الحجة ، الذي يُعد أعظم أيام الدُنيا كما روي عن عبد الله بن قُرْط عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يومُ النحر ، ثم يوم القَرِّ " ( رواه أبو داود ، الحديث رقم 1765 ، ص 271 ) .
(9)
أن الله تعالى جعلها ميقاتاً للتقرُب إليه سبحانه بذبح القرابين كسوق الهدي الخاص بالحاج ، وكالأضاحي التي يشترك فيها الحاج مع غيره من المسلمين .
(10)
أنها أفضل من الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان ؛ لما أورده شيخ الإسلام ابن تيمية وقد سئل عن عشر ذي الحجة والعشر الأواخر من رمضان أيهما أفضل ؟ فأجاب : " أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان ، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة " ( ابن تيمية ، ................... ) .
(11)
أن هذه الأيام المباركات تُعد مناسبةً سنويةً مُتكررة تجتمع فيها أُمهات العبادات كما أشار إلى ذلك ابن حجر بقوله : " والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أُمهات العبادة فيه ، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ، ولا يتأتى ذلك في غيره " ( فتح الباري ، .......................) .
(12)
أنها أيام يشترك في خيرها وفضلها الحُجاج إلى بيت الله الحرام ، والمُقيمون في أوطانهم لأن فضلها غير مرتبطٍ بمكانٍ مُعينٍ إلا للحاج .

* بعض العبادات و الطاعات المشروعة في الأيام العشر :

مما لاشك فيه أن عبادة الله تعالى والتقرب إليه بالطاعات القولية أو الفعلية من الأمور الواجبة والمطلوبة من الإنسان المسلم في كل وقتٍ وحين ؛ إلا أنها تتأكد في بعض الأوقات والمناسبات التي منها هذه الأيام العشرة من شهر ذي الحجة ، حيث أشارت بعض آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية إلى بعض تلك العبادات على سبيل الاستحباب ، ومن ذلك ما يلي :

= الإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى ودعائه وتلاوة القرآن الكريم لقوله تبارك و تعالى : { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ } ( سورة الحج : الآية 28).
ولما حث عليه الهدي النبوي من الإكثار من ذكر الله تعالى في هذه الأيام على وجه الخصوص ؛ فقد روي عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من أيام أعظم عند الله ، ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر ، فأكثروا فيهن من التكبير ، والتهليل ، والتحميد " ( أحمد ، مج 2 ، ص 131 ، الحديث رقم 6154 ) .
وهنا تجدر الإشارة إلى أن بعض السلف كانوا يخرجون إلى الأسواق في هذه الأيام العشر ، فيُكبرون ويُكبر الناس بتكبيرهم ، ومما يُستحب أن ترتفع الأصوات به التكبير وذكر الله تعالى سواءً عقب الصلوات ، أو في الأسواق والدور والطرقات ونحوها .
كما يُستحب الإكثار من الدعاء الصالح في هذه الأيام اغتناماً لفضيلتها ، وطمعاً في تحقق الإجابة فيها .

= الإكثار من صلاة النوافل لكونها من أفضل القُربات إلى الله تعالى
إذ إن " النوافل تجبر ما نقص من الفرائض ، وهي من أسباب محبة الله لعبده وإجابة دعائه ، ومن أسباب رفع الدرجات ومحو السيئات وزيادة الحسنات " ( عبد الله بن جار الله ، 1410هـ ، ص 181 ) .
وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على الإكثار منها قولاً وعملاً ، وهو ما يؤكده الحديث الذي روي عن ثوبان رضي الله عنه أنه قال : سألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " عليك بكثرة السجود لله ؛ فإنّك لا تسجد لله سجدةً إلا رفعك الله بها درجةً ، وحطَّ عنك بها خطيئةً " ( رواه مسلم ، الحديث رقم 1093 ، ص 202).

= ذبح الأضاحي لأنها من العبادات المشروعة التي يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى في يوم النحر أو خلال أيام التشريق ،
عندما يذبح القُربان من الغنم أو البقر أو الإبل ، ثم يأكل من أُضحيته ويُهدي ويتصدق ، وفي ذلك كثيرٌ من معاني البذل والتضحية والفداء ، والاقتداء بهدي النبوة المُبارك .

= الإكثار من الصدقات المادية والمعنوية :
لما فيها من التقرب إلى الله تعالى وابتغاء الأجر والثواب منه سبحانه عن طريق البذل والعطاء والإحسان للآخرين ، قال تعالى : { مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ } ( سورة الحديد :الآية 11) . ولما يترتب على ذلك من تأكيد الروابط الاجتماعية في المجتمع المسلم من خلال تفقد أحوال الفقراء والمساكين واليتامى والمُحتاجين وسد حاجتهم . ثم لأن في الصدقة أجرٌ عظيم وإن كانت معنويةً وغير مادية فقد ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " على كل مُسلمٍ صدقة " . فقالوا : يا نبي الله ! فمن لم يجد ؟ قال : " يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق " . قالوا : فإن لم يجد ؟ قال : " يُعين ذا الحاجة الملهوف " . قالوا : فإن لم يجد ؟ قال : " فليعمل بالمعروف وليُمسك عن الشر فإنها له صدقةٌ " ( رواه البخاري ، الحديث رقم 1445 ، ص 233 ) .

= الصيام لكونه من أفضل العبادات الصالحة التي على المسلم أن يحرص عليها لعظيم أجرها وجزيل ثوابها
، ولما روي عن صيام النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأيام المُباركة ؛ فقد روي عن هُنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسعَ ذي الحجة ، ويوم عاشوراء ، وثلاثة أيامٍ من كُلِ شهر ، أول اثنين من الشهر والخميس " ( رواه أبو داود ، الحديث رقم 2437 ، ص 370 ) .
وليس هذا فحسب فالصيام من العبادات التي يُتقرب بها العباد إلى الله تعالى والتي لها أجرٌ عظيم فقد روي عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال : " يُكفِّر السنة الماضية والباقية " ( رواه مسلم ، الحديث رقم 2747 ، ص 477 ) .

= قيام الليل لكونه من العبادات التي حث النبي صلى الله عليه وسلم على المُحافظة عليها من غير إيجاب
، ولأنها من العبادات التي تُستثمر في المناسبات على وجه الخصوص كليالي شهر رمضان المُبارك ، وليالي الأيام العشر ونحوها. ثم لأن قيام الليل من صفات عباد الرحمن الذين قال فيهم الحق سبحانه : { وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً } ( سورة الفرقان :الآية 64) . لأنهم يستثمرون ليلهم في التفرغ لعبادة الله تعالى مُصلين مُتهجدين ذاكرين مُستغفرين يسألون الله تعالى من فضله ، ويستعيذونه من عذابه .

= أداء العمرة لما لها من الأجر العظيم ولاسيما في أشهر الحج
حيث إن عُمرة النبي صلى الله عليه وسلم كانت في أشهر الحج ، ولما ورد في الحث على الإكثار منها والمُتابعة بينها فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " العُمرةُ إلى العُمرةِ كفارةٌ لما بينهما " ( رواه البُخاري ، الحديث رقم 1773 ، ص 285 ) .

= زيارة المسجد النبوي في المدينة المنورة وهي من الأعمال الصالحة المُستحبة للمسلم
لعظيم أجر الصلاة في المسجد النبوي الذي ورد أن الصلاة فيه خيرٌ من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ، لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صلاةٌ في مسجدي هذا ، خيرُ من ألف صلاةٍ في غيره من المساجد ؛ إلا المسجد الحرام " ( رواه مسلم ، الحديث رقم 3375 ، ص 583 ) . ولما يترتب على زيارة المسلم للمسجد النبوي من فرصة زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما والسلام عليهم وما في ذلك من الأجر والثواب .

= التوبة والإنابة إلى الله تعالى إذ إن مما يُشرع في هذه الأيام المباركة أن يُسارع الإنسان إلى التوبة الصادقة وطلب المغفرة من الله تعالى
، وأن يُقلع عن الذنوب والمعاصي والآثام ، ويتوب إلى الله تعالى منها طمعاً فيما عند الله سبحانه وتحقيقاً لقوله تعالى : { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } ( سورة النور : من الآية 31 ) .
ولأن التوبة الصادقة تعمل على تكفير السيئات ودخول الجنة بإذن الله تعالى لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له .

* بعض الدروس التربوية المستفادة من أحاديث فضل الأيام العشر :

(1) التنبيه النبوي التربوي إلى أن العمل الصالح في هذه الأيام العشرة من شهر ذي الحجة أفضل وأحب إلى الله تعالى منه في غيرها ، وفي ذلك تربيةٌ للنفس الإنسانية المُسلمة على الاهتمام بهذه المناسبة السنوية التي لا تحصل في العام إلا مرةً واحدةً ، وضرورة اغتنامها في عمل الطاعات القولية والفعلية ، لما فيها من فرص التقرب إلى الله تعالى ، وتزويد النفس البشرية بالغذاء الروحي الذي يرفع من الجوانب المعنوية عند الإنسان ، فتُعينه بذلك على مواجهة الحياة .
(2)
التوجيه النبوي التربوي إلى أن في حياة الإنسان المسلم بعض المناسبات التي عليه أن يتفاعل معها تفاعلاً إيجابياً يمكن تحقيقه بتُغيير نمط حياته ، وكسر روتينها المعتاد بما صلُح من القول والعمل ، ومن هذه المناسبات السنوية هذه الأيام المُباركات التي تتنوع فيها أنماط العبادة لتشمل مختلف الجوانب والأبعاد الإنسانية .
(3)
استمرارية تواصل الإنسان المسلم طيلة حياته مع خالقه العظيم من خلال أنواع العبادة المختلفة لتحقيق معناها الحق من خلال الطاعة الصادقة ، والامتثال الخالص . وفي هذا تأكيدٌ على أن حياة الإنسان المسلم كلها طاعةٌ لله تعالى من المهد إلى اللحد ، وفي هذا الشأن يقول أحد الباحثين : " فالعبادة بمعناها النفسي التربوي في التربية الإسلامية فترة رجوعٍ سريعةٍ من حينٍ لآخر إلى المصدر الروحي ليظل الفرد الإنساني على صلةٍ دائمةٍ بخالقه ، فهي خلوةٌ نفسيةٌ قصيرةٌ يتفقد فيها المرء نفسيته صفاءً وسلامةً " ( عبد الحميد الهاشمي ، 1405هـ ، ص 466 ) .
(4)
شمولية العمل الصالح المتقرب به إلى الله عز وجل لكل ما يُقصد به وجه الله تعالى وابتغاء مرضاته ، سواءً أكان ذلك قولاً أم فعلاً ، وهو ما يُشير إليه قوله صلى الله عليه وسلم " العمل الصالح " ؛ ففي التعريف بأل الجنسية عموميةٌ وعدم تخصيص ؛ وفي هذا تربيةٌ على الإكثار من الأعمال الصالحة ، كما أن فيه بُعداً تربوياً لا ينبغي إغفاله يتمثل في أن تعدد العبادات وتنوعها يُغذي جميع جوانب النمو الرئيسة ( الجسمية والروحية والعقلية ) وما يتبعها من جوانب أُخرى عند الإنسان المسلم .
(5)
حرص التربية الإسلامية على فتح باب التنافس في الطاعات حتى يُقبِل كل إنسان على ما يستطيعه من عمل الخير كالعبادات المفروضة ، والطاعات المطلوبة من حجٍ وعمرةٍ ، وصلاةٍ وصيامٍ ، وصدقةٍ وذكرٍ ودعاءٍ ...الخ . وفي ذلك توجيهٌ تربويُ لإطلاق استعدادات الفرد وطاقاته لبلوغ غاية ما يصبو إليه من الفوائد والمنافع والغايات الأُخروية المُتمثلة في الفوز بالجنة ، والنجاة من النار .
(6)
تكريم الإسلام وتعظيمه لأحد أركان الإسلام العظيمة وهو الحج كنسكٍ عظيمٍ ذي مضامين تربوية عديدة تبرزُ في تجرد الفرد المسلم من أهوائه ودوافعه المادية ، وتخلصه من المظاهر الدنيوية ، وإشباعه للجانب الروحي الذي يتطلب تهيئةً عامةً ، وإعدادًا خاصاً تنهض به الأعمال الصالحات التي أشاد بها المصطفى صلى الله عليه وسلم في أحاديث مختلفة ، لما فيها من حُسن التمهيد لاستقبال أعمال الحج ، والدافع القوي لأدائها بشكلٍ يتلاءم ومنـزلة الحج التي -لا شك –أنها منـزلةٌ ساميةٌ عظيمة القدر .
(7)
تربية الإنسان المسلم على أهمية إحياء مختلف السُنن والشعائر الدينية المختلفة طيلة حياته ؛ لاسيما وأن باب العمل الصالح مفتوحٌ لا يُغلق منذ أن يولد الإنسان وحتى يموت انطلاقاً من توجيهات النبوة التي حثت على ذلك ودعت إليه .
وليس هذا فحسب ؛ فهذه الأيام العظيمة زاخرةٌ بكثيرٍ من الدروس والمضامين التربوية ، التي علينا جميعاً أن نُفيد منها في كل جزئيةٍ من جزئيات حياتنا ، وأن نستلهمها في كل شأن من شؤونها ، والله نسأل التوفيق والسدّاد ، والهداية والرشاد ، والحمد لله رب العباد .

@ @ @


المراجع :
- القرآن الكريم .
- أبو الفداء إسماعيل بن كثير . ( 1414هـ / 1993م ) . تفسير القرآن العظيم . ط ( 2 ) . دمشق : دار الخير .
- أحمد بن حنبل الشيباني . ( د . ت ) . مُسند الإمام أحمد . مصر : مؤسسة قرطبة .
- أحمد بن نافع المورعي الحربي . ( د . ت ) . فضل الأيام العشر الأول من ذي الحجة ويليها نظرات في خطبة حجة الوداع وصفة الحج والعُمرة . مكة المكرمة : رابطة العالم الإسلامي : هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية ، مكتب مكة المكرمة .
- سليمان بن الأشعث السجستاني . ( د . ت ) . سُنن أبي داود . حكم على أحاديثه وعلق عليه / محمد ناصر الدين الألباني . الرياض : مكتبة المعارف للنشر والتوزيع .
- عبد الحميد الهاشمي . ( 1405هـ / 1985م ) . الرسول العربي المربي . ط ( 2 ) . الرياض : دار الهدى للنشر والتوزيع .
- عبد الله بن جار الله بن إبراهيم آل جار الله . ( 1410هـ / 1990م ) . بهجة الناظرين فيما يُصلح الدنيا والدين . ط ( 4 ) . جدة : مكتبة السوادي للتوزيع .
- عبد الله بن عبد الرحمن أبو محمد الدارمي . ( 1407هـ ) . سُنن الدارمي . تحقيق / فواز أحمد زمرلي و خالد السبع العلمي . بيروت : دار الكتاب العربي .
- علي بن أبي بكر الهيثمي . ( 1407هـ ) . مجمع الزوائد ومنبع الفوائد . القاهرة ، بيروت : دار الريان للتراث و دار الكتاب العربي .
-محمد بن إسماعيل البخاري . ( 1417هـ / 1997م ) . صحيح البخاري . الرياض : دار السلام .
- محمد بن جرير الطبري . ( 1415هـ / 1994م ) . تفسير الطبري من كتابه جامع البيان عن تأويل آي القرآن . هذبه وحققه بشار عواد معروف و عصام فارس الحرشاني . بيروت : مؤسسة الرسالة .
- محمد بن حبان بن أحمد التميمي البُستي . ( 1414هـ / 1993م ) . صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان . تحقيق / شعيب الأرناؤوط . ط ( 2 ) . بيروت : مؤسسة الرسالة .
-محمد بن عيسى بن سورة الترمذي . ( د . ت ) . سُنن الترمذي . تعليق العلامة المُحدِّث / محمد ناصر الدين الألباني . الرياض : مكتبة المعارف للنشر والتوزيع .
- مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري . ( 1419هـ / 1998م ) . صحيح مُسلم . الرياض : دار السلام للنشر والتوزيع .


أبو عادل 29 / 10 / 2010 00 : 12 PM

رد: مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة.
 
أبواب الأجر .. في الأيام العشر
الشيخ عبيدالله بن أحمد القحطاني

الحمد لله الذي خلق الزمان وفضل بعضه على بعض وربك يخلق ما يشاء ويختار والصلاة على المصطفى المختار وعلى آله وصحبه الأخيار ... أما بعد
فالناس في الدنيا ... كالتجار في السوق
فماداموا في هذه الدنيا فالسوق قائمة وميدان المتاجرة مفتوح والثمن موجود والسلعة غالية ، وأعظم الناس عقلاً من استغل وجوده في هذا السوق قبل أن ينفض وينتهي .
والمتاجرة في السوق مع من؟
إنها مع الغني الكريم ، مع الواسع العليم الذي لا تنقص خزائنه ولا ينفد ما عنده .
مع الذي المتاجرة معه لا تبور[لا تخسر أبداً] {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ}
أعظم التجارة كسبا التجارة مع الله
كم هي مكاسب المتاجرين في الدنيا ؟ ما هي نسبة الربح إلى رأس المال ؟
نسبٌ ضئيلة جداً ولكن في المتاجرة مع الله الأضعاف المضاعفة الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ويضاعف تعالى لمن يشاء .
وسيأتي يوم ينفض فيه السوق ولا ينفع الندم على انقضاءه عندها لا ينفع نفساً أيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً .
وربما قبل ذلك تأتي اللحظات التي يسحب العبد فيها من السوق بغض النظر عن كونه تاجر أم لم يتاجر استفاد أم لم يستفد .
تأتي بعض الناس منيتة وهو في غفلته ، كان ينظر إلى المتاجرين ، ويتأمل أحوال المتنافسين والمتسابقين إلى سلعة رب العالمين .
وقد خدعه عدوه فمدَّ له بساط الرجاء مرة وسوَّف وخدع نفسه مرة .
فيا حسرته وهو يؤخذ منه وتنزع روحه .
يا الله يخرج من السوق لم يتاجر بصلاة – ولا بذكر ومناجاة .... ولا بصدقة وزكاة ....
يا الله يخرج من السوق يخرج من السوق خالي اليدين من الحسنات بعيداً عن القربات مضيعاً للفرائض والواجبات
يا الله أحقاً جاء الموت...
يا الله أحقاً فات الفوت...
يا الله أحقاً جاءت النهاية ....
يا الله أحقاً بلغت الغاية ....
فعندها .............
رب ارجعون – رب ارجعون- لعلي أعمل صالحاً فيما تركت
فما أشقاه وأبعده .... وجوابه كلا أنها كلمة هو قائلها ومن وراءهم برزخ إلى يوم يبعثون ..
ألم يبتعد عن القرآن ؟ ألم يعرض عن كلام الرحمن ؟
ولو كان من أهله لقرأ وفهم وتدبر وعلم { وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }
ويوم تجيء الزلزلة يوم النشور وبعثرة ما في القبور يومئذ يتذكر وأنى له الذكرى يقول يا ليتني قدمت لحياتي
هل أتاكم نبأ وقوفه ذليلاً حيراناً منكس الرأس مهاناً ؟!
{ وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ} [ السجدة:12] .
ولكن هيهات هيهات ....

ستندم أن رحلت بغير زاد *** وتشقى إذ يناديك المنادي
فما لك ليس يعمل فيك وعظ *** ولا زجر كأنك من جمادي
فتب عما جنيت وأنت حي *** وكن متيقظا قبل الرقاد
أترضى أن تكون رفيق قوم *** لهم زاد وأنت بغير زاد
ما أتعس من لقي الله مفلسا من الحسنات
{ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} [فاطر:37]
إنها النهاية الأليمه والجواب المقذع لمن عاشوا حياة الغفلة واللهو والعبث .....
لكل من لم يحسب حسابا للقاء الله تعالى
لكل من أصم أذنه عن وعظ الواعظين ونصيحة الناصحين لكل من لم يعتبر بالعبر وغرته الأماني وغره بالله الغرور .
فاعتبروا يا أولي الألباب واعدوا للقاء رب الأرباب
فليس للعمر ثمرة أعظم من العمل الصالح
فيا الله ما أسعد العاملين برضوان ارحم الراحمين يوم يناديهم المنادي { تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[ لأعراف: من الآية43] يوم يقال { كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [ الحاقة:24]
يوم يسعدهم الرحمن بنعيم الجنات ويسمعون { إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً} [ الإنسان:22] .
فتنطلق الألسنة بحمد الرحمن المنان بهذا الرضوان { وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [الزمر:74] { وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ}[ فاطر:35] إنها الخيرات التي سارعوا إليها ، والطاعات التي شمروا إليها ، والقربات التي سعوا إليها ثقلت الموازين فكان العبد من المفلحين .....
فما الذي يقعد بنا ؟ وما الذي يؤخرنا ؟
الحياة كلها مجال للعمل الصالح {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [ الحجر:99]
فلا انقطاع لعمل المؤمن إلا بلقاء ربه وخروج روحه من جسده ....
ومن رحمة ربنا أن جعل لعباده مواسم تضاعف فيها الحسنات ويستدرك العبد بها ما فات لها مزيه ليست لغيرها من الأوقات ويتجدد نشاط العبد فيسارع في الخيرات...
ومن ذلك ما نحن بانتظاره من موسم عظيم وأيام مباركة كريمة هي أيام عشر ذي الحجة هذه الأيام التي هي أفضل أيام خلقها الله على الإطلاق أفضل أيام العام ودلائل فضلها كثيرة منها
1- إن الله أقسم بها ولا يقسم ربنا إلا بعظيم من المخلوقات أو الأوقات .
{ وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ} وهي عشر ذي الحجة كما قال أهل التفسير
2- صح فيها حديث ابن عباس عن نبينا صلى الله عليه وسلم (( مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْء )) .
وفي حديث أخر (( ما من عمل أزكي عند الله عز وجل ولا أعظم أجراً من خير يعمله في عشر الأضحى قيل يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله .. إلخ
3- كذلك يجتمع فيها من أمهات العبادة ما لا يجتمع في غيرها كالحج ، والعمرة ، والصيام ، والصدقة ، والصلاة .
أيها الأخوة أن أدراك هذه العشر نعمة عظيمة من نعم الله تعالى على العبد فيجب علينا استشعار هذه النعمة واغتنام الفرصة فنخصها بمزيد عناية وتجاهد نفسنا بالطاعة
وقد كان هذا هو حال السلف ....
فقد روى الدارمي أن سعيد بن جبير وهو راوي حديث ابن عباس المتقدم كان إذا دخل العشر اجتهد اجتهاداً حتى ما يكاد يقدر عليه وكان يقول لا تطفئوا سرجكم فيها

مضى امسك الماضي عليك معدلاً *** وأعقبه يوم عليك جديد
فإن كنت بالأمس اقترفت إساءة *** فبادر بإحسان وأنت حميد
ولا تبق فعل الصالحات إلى غد *** لعل غداً يأتي وأنت فقيد
أيها الأخوة على سبيل التذكير هذه بعض الأعمال الصالحة التي يشرع التقرب بها إلى الله تعالى وليعلم أنه من الفطنة والفقه أن يختار المسلم من الأعمال أحبها إلى الله تعالى فيتقرب بها فالعمل في العشر محبوب أيا كان نوعه .
فكيف إذا اجتمع مع كونه محبوباً للزمان كونه محبوباً لذاته وأصله فذلك خير على خير.
فأول أمر وأهمه أن نعلم ان لفعل الصالحات ..
- لابد من ترك السيئات وذلك بالتوبة والإقلاع والله يحب التوابين ويحب المتطهرين .
- غير برنامجك – غير مجالسك – السهرات أتركها آلة معصية أبعدها
- رفقه سوء تخل عنهم مجلس تضييع وقت أبعد عنه .
- طاعة تفرط فيها أفعلها وألزم نفسك بها
ومن ذلك أداء فرائض الله افترضها ففي الحديث (( وما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه .. ))
- التوحيد الإخلاص لله تعالى – المحافظة على الصلاة وأداءها على وقتها مما يحبه الله تعالى
- الحج والعمرة
- بر بوالديك يا عبد الله فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أحب العمل إلى الله تعالى (( الصلاة على وقتها قيل : ثم أي قال بر الوالدين قيل: ثم أي قال : الجهاد في سبيل الله .. ))
ومن برهما صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما تذكر أعمامك وعماتك وأخوالك وخالاتك وأبناءهم تذكر قراباتك فصلهم فالله يحب ذلك ففي الحديث (( إنه سئل عن أي الأعمال أحب إلى الله فقال : الإيمان بالله قلت : ثم مه يا رسول الله قال : صلة الرحم قلت : ثم مه قال الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر .. ))
- القرآن التجارة التي لن تبور اختمه في هذه العشر وهو عمل مبارك محبوب عند الله ففي حديث عقبة بن عامر ان رسول الله قرأ قوله تعالى { وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } فقال : وأنكم لن ترجعوا إلى الله بشيء أحب إليه من شيء خرج منه – يعني القرآن )
مع القراءة تدبر ما تقرأ وحرك به قلبك فإن لين القلب صفة يحبها الله والقرآن يلين القلوب ففي الحديث (( أن لله آنية في الأرض وآنية ربكم قلوب عباده الصالحين وأحبها إليه ألينها وأرقها )) .
ومن آثار هذا اللين يكون التأثر والبكاء من خشية الرحمن وانها لقطرات يحبها الله ففي حديث أبي إمامة الباهلي (( ليس شيء أحب إلى الله من قطرتين وأثرين قال في القطرتين ، قطرة دموع من خشية الله .. الحديث
ومن ذلك نافلة الصلاة مطلقاً ففي حديث ثوبان عند مسلم أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرني بعمل أعمله يدخلني الجنة أو بأحب الأعمال إلى الله فقال : (( عليك بكثرة السجود فإنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك بها درجة وخط عنك بها خطيئة ..
وخاصة قيام الليل ففي الحديث ( ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم ويستبشر بهم ذكر منهم الذي له امرأة حسنة وفراش لين حسن يقوم من الليل فيقول الله يذر شهوته ويذكرني ولو شاء رقد )) ..
وفي الحديث (( إن الله وتر يحب الوتر ))
عباد الله ، أذكروا الله ، ذكراً كثيراً .. أفضل الذكر لا إله إلا الله وأحب الكلام إلى الله أربع : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله والله أكبر
وكلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم .
والتكبير والتحميد والتهليل مما شرع في هذه العشرة .
أيها المسلمون أحب عباد الله إلى الله هو سيد الأولين والآخرين محمد صلى الله عليه وسلم لما حباه الله من الكمالات البشرية خاصة فيما يتعلق بجانب الأخلاق حتى أثنى عليه ربه { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} .
فلنا فيه أسوة ها هو يُسأل عن أحب عباد الله إلى الله فيقول : (( أحسنهم خلقاً )) .
فالله عز وجل كريم يحب الكرم ومعالي الأخلاق ويبغض سفسافها .
يحب الحلم والأناة ، لحديث أشج عبدالقيس
يحب الرفق لحديث عائشة ( الله رفيق يحب الرفق )
يحب الحياء ( وأن الله حيي ستير يحب الحياء والستر )
عباد الله الصدقة، وإغاثة الملهوف ، وإطعام الجائع ، وتفريح المؤمن وإدخال السرور على نفسه وطرد الهم عنه مما يحبه الله تعالى ...
فدونك هذا الحديث العظيم فعن ابن عمر أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس أحب إلى الله أى الأعمال أحب إلى الله فقال : (( أحب الناس إلى الله أنفعهم وأحب العمل إلى الله سرور تدخله على مسلم أو تكشف عن كربه أو تقضى عنه ديناً أو أتطرد عنه جوعاً )) .
أيها الأحبة ما ذكرته هنا ليس المقصود منه الحصر فكل الأعمال الصالحة في هذه الأيام يحبها الله ولكنى خصصت ما ورد فيه النص بأنه محبوب عند الله وهو مشروع في كل وقت ...
والمقصود تحصيل أكبر ثمرة مرجوة من الأعمال الصالحة في هذه العشر ..
وإلا فهناك الدعاء وهو عبادة عظيمة وهناك الصيام خاصة يوم عرفه ..
وهناك الحج والعمرة – وهناك المشي إلى المسجد والمكث فيه وانتظار الصلاة بعد الصلاة ،إلى غير ذلك من الأعمال الصالحة ..
جعلنا الله من المسارعين في الخيرات والذين هم لها سابقون ...
والحمد لله رب العالمين ..

أبو عادل 29 / 10 / 2010 03 : 12 PM

رد: مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة.
 
عشر ذي الحجة وأحكام الأضحية
يوسف بن عبدالله بن أحمد الأحمد

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد فقد ثبت في فضل أيام العشر حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ " أخرجه البخاري و أبوداود واللفظ له . فحري بالمؤمن أن يغتنم هذا الفضل العظيم بالإكثار من الأعمال الصالحة بأنواعها ، و مما ورد من أنواع العبادة مختصاً بهذه الأيام :

1. الحج : فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما . والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " أخرجه البخاري و مسلم .


2. صوم يوم عرفة لغير الحاج :
فعَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ " أخرجه مسلم . فكيف يفرط المؤمن بهذا الأجر العظيم .

3. التكبير
، ويسن الجهر به ، أما المرأة فلا تجهر . وهو نوعان :
الأول :
التكبير المطلق ( أي غير مقيد بأدبار الصلوات الخمس ) فله أن يكبر في أي وقت وفي أي مكان ، في أيام العشر وأيام التشريق . ومن الأدلة عليه :
حديث ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَ التَّحْمِيدِ " أخرجه أحمد (2/75،131) وأبو عوانة وهو حسن بمجموع طرقه وشواهده . و عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما : " أن رسول الله كان يخرج في العيدين .. رافعاً صوته بالتهليل والتكبير .. " ( صحيح بشواهده ، وانظر الإرواء 3/123) . وعن نافع : " أن ابن عمر كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى ، ثم يكبر حتى يأتي الإمام ، فيكبر بتكبيره " أخرجه الدارقطني بسند صحيح .
و عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما : " كان يكبر بمنى تلك الأيام خلف الصلوات ، وعلى فراشه ، وفي فسطاطه ، وفي ممشائه تلك الأيام جميعاً " أخرجه ابن المنذر في الأوسط بسند جيد ، و البخاري تعليقاً بصيغة الجزم.

النوع الثاني :
التكبير المقيد ( أي المقيد بأدبار الصلوات الخمس ) ويبدأ من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق ، وهو الثالث عشر من ذي الحجة. فعن شقيق بن سلمة رحمه الله قال : " كان علي رضي الله عنه يكبر بعد صلاة الفجر غداة عرفة ثم لا يقطع حتى يصلي الإمام من آخر أيام التشريق ثم يكبر بعد العصر " أخرجه ابن المنذر والبيهقي .و صححه النووي وابن حجر .وثبت مثله عن ابن عباس رضي الله عنهما.
قال ابن تيمية : " أصح الأقوال في التكبير الذي عليه جمهور السلف والفقهاء من الصحابة والأئمة : أن يكبر من فجر عرفة إلى آخر أيام التشريق عقب كل صلاة .. " ( مجموع الفتاوى 24/20) . وقال ابن حجر : " و أصح ما ورد فيه عن الصحابة قول علي وابن مسعود : إنه من صبح يوم عرفة إلى آخر أيام منى . أخرجه ابن المنذر وغيره والله أعلم " ( الفتح 2/536) .

أما صفة التكبير :
فقد قد ثبت عن الصحابة أكثر من صيغة منها أثر ابن مسعود رضي الله عنه : " أنه كان يكبر أيام التشريق : الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، و الله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد " أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح .

4. الأضحية يوم العيد : فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ : " ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا " متفق عليه . ( الصفحة هي جانب العنق ) . والسنة أن يشهد المضحي أضحيته ، وأن يباشرها بنفسه ، وأن يأكل منها شيئاً كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم . وإن وكَّل غيره كالجمعيات والهيئات الخيرية جاز ، ولو كانت خارج البلاد ، فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر بيده ثلاثاً وستين من هديه في الحج ، ووكَّل علياً رضي الله عنه في البقية ، ولأن الأصل هو الجواز و لا دليل على منعه .

و تجزئ الشاة عن الواحد وأهل بيته ، لقول أبي أيوب رضي الله عنه لما سئل: كيف كانت الضحايا على عهد رسول الله ؟ فقال: " كان الرجل يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته " أخرجه مالك والترمذي و ابن ماجة وسنده صحيح .

و تجزئ البدنة أوالبقرة عن سبعةٍ وأهلِ بيوتهم ؛ لحديث جابر رضي الله عنه قال: "حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحرنا البعير عن سبعة والبقرة عن سبعة " أخرجه مسلم .
و أقل ما يجزئ من الضأن ما له نصف سنة ، وهو الجذع ؛ لقول عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : " ضحينا مع رسول الله بجذع من الضأن " أخرجه النسائي بسند جيد .

وأقل ما يجزئ من الإبل والبقر والمعز مُسنَّة ؛ ( وهي من المعز ما له سنة، ومن البقر ما له سنتان، ومن الإبل ما له خمس سنوات ) لحديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا تذبحوا إلا مُسِنَّة ، إلا أن يَعْسر عليكم ، فتذبحوا جَذَعة من الضأن " أخرجه مسلم .

أربع لا تجوز في الأضاحي ، كما في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء البيّن عورها، والمريضة البيّن مرضها، والعرجاء البيّن ظَلْعُها ( أي: عرجها ) ، والكسير( أي: المنكسرة ) ، وفي لفظ: والعجفاء ( أي: المهزولة) التي لا تنقي ( أي: لا مخ لها لضعفها وهزالها ) " أخرجه أحمد وأصحاب السنن بسند صحيح.

و إذا دخلت العشر حرم على من أراد أن يضحي أخذَ شيء من شعره أو أظفاره أو بشرته حتى يذبح أضحيته ؛ لحديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا " أخرجه مسلم ، وفي رواية أخرى لمسلم : " إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ".
وهذا النهي مختص بصاحب الأضحية ، أما المضحى عنهم من الزوجة و الأولاد فلا يعمهم النهي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر المضحي، ولم يذكر المضحى عنهم . ومن أخذ شيئاً من شعره أو أظفاره في العشر متعمداً من غير عذر و هو يريد أن يضحي فإن ذلك لا يمنعه من الأضحية ، و لا كفارة عليه ، و لكن عليه التوبة إلى الله .

والأضحية عن الميت لها أحوال :

الحال الأولى : إذا كانت إنفاذاً للوصية فهي صحيحة ، ويصل أجرها إلى الميت إن شاء الله تعالى .
الحال الثانية :
أن يـفــرد الميت بأضحية تبرعاً ، فهذا ليس من السنة ؛ لظاهر قوله تعالى : " و أن ليس للإنسان إلا ما سعى " ( النجم 39 ) وقد مات عم النبي صلى الله عليه وسلم حمزة وزوجته خديجــة، وثلاث بنات متزوجات، وثلاثة أبناء صغار، ولم يرد عنه أنه أفردهم أو أحداً منهم بأضحية، ولم يثبت أيضاً إفراد الميت بأضحية عن أحد الصحابه رضي الله عنهم ، ولو كان فيه فضل لسبقنا إليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه . والخير كل الخير في هدي النبي صلى الله عليه وسلم و أصحابه .
الحال الثالثة :
إن ضحى الرجل عنه وعن أهل بيته ونوى بهم الأحياء والأموات فيرجى أن يشملهم الأجر إن شاء الله. ( وانظر التفصيل في الأضحية عن الميت : أحكام الأضحية للعلامة ابن عثيمين رحمه الله ) .
والحمد لله و صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .


أبو عادل 29 / 10 / 2010 05 : 12 PM

رد: مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة.
 
فضل أيام عشر ذي الحجة والأعمال الواردة فيها
عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. وبعد …
فضل عشر ذي الحجة :
روى البخاري رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام – يعني أيام العشر - قالوا : يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء ) وروى الإمام أحمد رحمه الله عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من أيام أعظم ولا احب إلى الله العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد ) وروى ابن حبان رحمه الله في صحيحه عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( أفضل الأيام يوم عرفة).

أنواع العمل في هذه العشر :
الأول :
أداء الحج والعمرة ، وهو أفضل ما يعمل ، ويدل على فضله عدة أحاديث منها قوله صلى الله عليه وسلم : ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) وغيره من الأحاديث الصحيحة .
الثاني :
صيام هذه الأيام أو ما تيسر منها – وبالأخص يوم عرفة – ولاشك أن جنس الصيام من أفضل الأعمال وهو مما اصطفاه الله لنفسه ، كما في الحديث القدسي : ( الصوم لي وأنا أجزي به ، انه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي ) وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله ، إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً ) متفق عليه . ( أي مسيرة سبعين عاماً ) ، وروى مسلم رحمه الله عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده ) .
الثالث :
التكبير والذكر في هذه الأيام . لقوله تعالى : ( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ) وقد فسرت بأنها أيام العشر ، واستحب العلماء لذلك كثرة الذكر فيها لحديث ابن عمر رضي الله عنهما عن أحمد رحمه الله وفيه : ( فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد ) وذكر البخاري رحمه الله عن ابن عمر وعن أبي هريرة رضي الله عنهم انهما كانا يخرجان إلى السوق في العشر ، فيكبرون ويكبر الناس بتكبيرهم . وروى إسحاق رحمه الله عن فقهاء التابعين رحمة الله عليهم انهم كانوا يقولون في أيام العشر : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد . ويستحب رفع الصوت بالتكبير في الأسواق والدور والطرق والمساجد وغيرها ، لقوله تعالى : ( وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ) ولا يجوز التكبير الجماعي وهو الذي يجتمع فيه جماعة على التلفظ بصوت واحد ، حيث لم ينقل ذلك عن السلف وانما السنة أن يكبر كل واحد بمفرده ، وهذا في جميع الأذكار والأدعية إلا أن يكون جاهلاً فله أن يلقن من غيره حتى يتعلم ، ويجوز الذكر بما تيسر من أنواع التكبير والتحميد والتسبيح ، وسائر الأدعية المشروعة .
الرابع :
التوبة والإقلاع عن المعاصي وجميع الذنوب ، حتى يترتب على الأعمال المغفرة والرحمة ، فالمعاصي سبب البعد والطرد ، والطاعات أسباب القرب والود ، وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ان الله يغار وغيرة الله أن يأتي المرء ما حرم الله عليه ) متفق عليه .
الخامس :
كثرة الأعمال الصالحة من نوافل العبادات كالصلاة والصدقة والجهاد والقراءة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحو ذلك فانها من الأعمال التي تضاعف في هذه الأيام ، فالعمل فيها وان كان مفضولاً فأنه أفضل وأحب إلى الله من العمل في غيرها وان كان فاضلاً حتى الجهاد الذي هو من أفضل الأعمال إلا من عقر جواده واهريق دمه .
السادس :
يشرع في هذه الأيام التكبير المطلق في جميع الوقت من ليل أو نهار إلى صلاة العيد ويشرع التكبير المقيد وهو الذي يعد الصلوات المكتوبة التي تصلى في جماعة ، ويبدأ لغير الحاج من فجر يوم عرفة ، وللحجاج من ظهر يوم النحر ، ويستمر إلى صلاة العصر آخر أيام التشريق .
السابع :
تشرع الأضحية في يوم النحر وأيام التشريق ، وهو سنة أبينا إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين فدى الله ولده بذبح عظيم ، ( وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبّر ووضع رجله على صفاحهما ) متفق عليه .
الثامن :
روى مسلم رحمه الله وغيره عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضّحي فليمسك عن شعره وأظفاره ) وفي رواية ( فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره حتى يضحي ) ولعل ذلك تشبهاً بمن يسوق الهدي ، فقد قال الله تعالى : ( وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) وهذا النهي ظاهره انه يخص صاحب الأضحية ولا يعم الزوجة ولا الأولاد إلا إذا كان لأحدهم أضحية تخصه ، ولا بأس بغسل الرأس ودلكه ولو سقط منه شيء من الشعر .
التاسع :
على المسلم الحرص على أداء صلاة العيد حيث تصلى ، وحضور الخطبة والاستفادة . وعليه معرفة الحكمة من شرعية هذا العيد ، وانه يوم شكر وعمل بر ، فلا يجعله يوم أشر وبطر ولا يجعله موسم معصية وتوسع في المحرمات كالأغاني والملاهي والمسكرات ونحوها مما قد يكون سبباً لحبوط الأعمال الصالحة التي عملها في أيام العشر .
العاشر : بعد ما مر بنا ينبغي لكل مسلم ومسلمة أن يستغل هذه الأيام بطاعة الله وذكره وشكره والقيام بالواجبات والابتعاد عن المنهيات واستغلال هذه المواسم والتعرض لنفحات الله ليحوز على رضا مولاه والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم .

صدرت بأذن طبع رقم 1218/ 5 وتاريخ 1/ 11/ 1409 هـ
صادر عن إدارة المطبوعات بالرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
كتبها : الفقير إلى عفو ربه
عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين
عضو الإفتاء

أبو عادل 29 / 10 / 2010 07 : 12 PM

رد: مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة.
 
فضائل العشر من ذي الحجة
يحيى بن موسى الزهراني

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين اتقوا الله عباد الله وعظموا شعائر الله ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب أيها المسلم اعمل لدنياك بقدر بقائك فيها واعمل لآخرتك بقدر بقائك فيها وإياك والتسويف فالموت أمامك والمرض يطرقك والأشغال تتابعك وحوادث الزمان ستفاجئك والخلاص بأمان من ذلك كله أن تستعين بالله وتبادر إلى عمل الصالحات وتثمن الأيام الفاضلات وليس يخفاك فضل عشر ذي الحجة التي أنصرم شطرها وشطرها الآخر يسير على عجل لا ينتظر الغافلين حتى يتذكروا ولا الغارقين في سبات نوم عميق حتى يستيقظوا أيها المتردد في الذهاب للحج وليس ثمة ما يمنعك من مرض أو حاجة استعن بالله واعقد العزم فلا يزال في الأمر فرصة والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ألا أيها المتقاعس عن المسارعة للخيرات في هذه الأيام الفاضلة استدرك ما فاتك والحق من سبقك واعمل صالحا لنفسك فلا يزال في الأيام فرصة لمن تحركت فيه همم الشوق إلى الجنان .

أيها المسلمون : إن أحب الأشهر إلى الله تعالى الأشهر الحرم ، وأحب أشهرها إليه شهر ذي الحجة ، وأفضل أيام ذي الحجة العشر الأول ، التي أقسم الله بها في كتابه تبارك وتعالى ، فقال : " والفجر * وليال عشر " قال ابن عباس ومجاهد ومقاتل وغيرهم هي عشر ذي الحجة . وهي أفضل أيام الدنيا كما جاء ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال : " أفضل أيام الدنيا أيام العشر " [ رواه البزار وابن حبان وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 1144 ] ، وقال صلى الله عليه وسلم : " ما من أيام أعظم عند الله ، ولا أحب إلى الله العمل فيهن من أيام العشر ، فأكثروا فيهن من التسبيح ، والتحميد ، والتهليل ، والتكبير " [ رواه أحمد والطبراني ] .

ومن فضائل العشر من ذي الحجة :
1- أن الله أقسم بها في كتابه العزيز حيث قال سبحانه : " والفجر وليال عشر " .
2-
ومن فضائلها أن الله أمر فيها بكثرة التسبيح التهليل والتكبير والتحميد فيها .
3-
ومن فضائل العشر أن فيها يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة ، فإذا قدم الحاج إلى مكة يوم الثامن فإنه يتجه إلى منى ليبقى بها إلى اليوم التاسع فيصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء قصراً بلا جمع ، ويبقى بها حتى يصلي صلاة الفجر يوم التاسع من ذي الحجة ، والمبيت بمنى يوم الثامن سنة من سنن الحج ينبغي على المسلم فعلها وعدم تركها .
4-
ومن فضائل العشر أن فيها يوم عرفة وهو الركن الأعظم من أر كان الحج ، الذي لا يتم الحج إلا به ، فالحج عرفة كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فعلى الحاج أن يدفع من منى بعد طلوع شمس اليوم التاسع من ذي الحجة متجهاً إلى عرفة فيصلي بها الظهر والعصر جمعاً وقصراً ، جمع تقديم ، بأذان واحد وإقامتين ، ثم يتفرغ للدعاء والتضرع إلى الله تعالى في ذلك اليوم العظيم المشهود ، ويلح على ربه في الدعاء بخشوع وحضور قلب ، ويسأل ربه من خيري الدنيا والآخرة ، فيقف منكسراً بين يدي ربه يرجو رحمته ومغفرته ، ويخاف عقابه وعذابه ، ويحاسب نفسه ويجدد التوبة النصوح ، فهو في أعظم موقف بين يدي الله عز وجل ، ويبقى الحجاج بعرفات إلى غروب الشمس والتحقق من غياب قرصها ، والوقوف بعرفة إلى غروب الشمس واجب من واجبات الحج من تركه ودفع قبل الغروب وجب عليه أن يرجع ، فإن لم يرجع وجب عليه دم ، ومن أتى عرفة بعد غروب الشمس بسبب الزحام وتعسر حركة المرور أو لأي طارئ كان فيكفيه أقل وقوف يقفه ، وفي أي مكان وقف الحاج أجزأه الوقوف ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف " لكن عليه أن يرفع عن بطن عرنة لأنه ليس من عرفة .
5-
ومن فضائل العشر من ذي الحجة أن فيها صيام يوم عرفة فقد سن النبي صلى الله عليه وسلم صيامه لغير الحاج ، أما الحاج فعليه أن لا يصوم ذلك اليوم ليتفرغ للدعاء ويتقوى على العبادة هناك ، وأما غير الحاج فالمستحب له ألا يترك صيام ذلك اليوم العظيم ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " صوم يوم عرفة يكفر سنتين ، ماضية ومستقبلة . . . " [ رواه مسلم وأحمد والترمذي ] .
6-
ومن فضائل العشر أن فيها ليلة مزدلفة ، والمبيت بها واجب من واجبات الحج ، وتسمى جَمْع والمشعر الحرام ، فإذا وصل الحاج إليها بدأ بالصلاة قبل أن يضع رحله فيصلي المغرب والعشاء جمعاً وقصراً بأذان واحد وإقامتين ، ويجب على الحاج أن يبيت بالمزدلفة إلى طلوع الفجر ، ثم يؤدي صلاة الفجر فيها وينتظر حتى يسفر جداً ثم يدفع من مزدلفة قبل طلوع الشمس مخالفة للمشركين ، الذين كانوا ينتظرون طلوع الشمس ثم يدفعون من المزدلفة ، فإذا وصل وادي محسر أسرع السير لأنه واد تعسر فيه الفيل الذي أتي به لهدم الكعبة ، وقيل هو مكان من أمكنة العذاب ، وهذه عادة النبي صلى الله عليه وسلم الإسراع في المواضع التي نزل بها عذاب الله بأعدائه كمدائن صالح وديار مدين وثمود ، ومن ترك المبيت بمزدلفة وجب عليه دم ، جبراناً لنسكه ولا يأكل منه شيء بل يقدمه لفقراء الحرم ومساكينه ، ويسن الوقوف في أي مكان منها ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " وقفت هاهنا وجمع كلها موقف " [ رواه مسلم ] ، أما الضعفاء والمرضى والأطباء ومن يُحتاج إليهم فلهم الدفع من مزدلفة بعد منتصف الليل ، وكذلك من كان مرافقاً لهم .
7-
ومن فضائل العشر أن فيها رمي جمرة العقبة وهي القريبة من مكة ، فإذا وصل الحاج منى بدأ برمي جمرة العقبة ، وقطع التلبية ، فيرميها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ، ويجوز أن يلتقط الحصى من أي مكان تيسر له ، ويستحب أن يرمي الجمرة من بطن الوادي فيجعل الكعبة عن يساره ومنى عن يمينه ، وإن رماها من أي مكان أجزأه ذلك ، المهم أن يقع الحصى داخل الحوض ، فإن وقع داخل الحوض ثم خرج فالرمي صحيح ، أما إذا وقع الحصى في الشاخص وهو العمود الذي في وسط الحوض ثم خرجت الحصاة وجب عليه أن يعيدها ، ثم بعد ذلك ينحر هديه إن كان متمتعاً أو قارناً ، أما المفرد فلا هدي عليه ، ثم يحلق أو يقصر والحلق أفضل ، وعليه أن يعمم جميع رأسه بالحلق أو التقصير ، والمرأة تقص من شعرها قدر أنملة وهو ما يعادل رأس الإصبع ، ثم يحل إحرامه بعد ذلك فيحل له كل شئ حرم عليه بسبب الإحرام إلا النساء ، فإذا طاف طواف الإفاضة حل له كل شئ حتى النساء ، ألا فاعلموا أيها الناس أن طواف الإفاضة ركن من أركان الحج ، لا يتم الحج إلا به ، وبعد الطواف يصلي ركعتين خلف المقام إن تيسر وإلا ففي أي مكان ، وعلى المتمتع سعي الحج ، وكذلك القارن والمفرد إذا لم يكونا قد سعيا مع طواف القدوم ، فإذا رمى جمرة العقبة وحلق أو قصر وطاف بالبيت فقد تحلل التحلل الأكبر أو التحلل الثاني ، وإذا فعل اثنين من ثلاثة فقد تحلل التحلل الأصغر ، ومن حصل منه جماع قبل التحلل الأصغر فقد فسد حجه وعليه أن يكمله ويمضي فيه ، ويجب عليه أن يقضيه من العام المقبل ، وتلزمه فدية وهي ذبح بدنه ، وإن حصل الجماع بعد التحلل الأول فيلزمه ذبح شاة وحجه صحيح .
وبعد تلك الأعمال التي يعملها الحجاج يوم النحر ، يرجعون إلى منى فيبيتون بها يوم الحادي عشر والثاني عشر لمن تعجل ، والثالث عشر لمن تأخر ، فيرمون الجمرات الثلاث كل يوم بدءاً بالصغرى ثم الوسطى فالكبرى ، يرميها الحاج بسبع حصيات ، ثم يقف ويدعو بعد رمي الأولى والثانية ، ولا يقف بعد رمي الكبرى وهي الثالثة ، ويبدأ الرمي بعد الزوال من كل يوم ولا يجزئ قبله ويمتد إلى طلوع الفجر للضرورة ، نتيجة للزحام وكثرة الحجاج ، والمبيت بمنى أيام التشريق ورمي الجمار واجب من واجبات الحج من تركه فعليه دم يجبره لقول ابن عباس رضي الله عنهما : " من ترك نسكه أو نسيه فليهرق دماً " ، وبعد الرمي يتجه الحاج إلى مكة لأداء طواف الوداع ومن ثم الرجوع إلى بلده ، إلا أن طواف الوداع يسقط عن الحائض والنفساء ، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : " أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض " ويدخل في حكم الحائض النفساء . وطواف الوداع واجب من واجبات الحج من تركه لزمه دم يوزعه على فقراء الحرم .
8-
ومن فضائل العشر من ذي الحجة أنها أفضل من الجهاد في سبيل الله ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله عز وجل من هذه الأيام ، يعني العشر ، قالوا يا رسول الله : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء " [ رواه البخاري وغيره ] .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم .

الحمد لله وكفى ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له هو أهل المغفرة وأهل التقوى ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خير الورى ، صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً . . . أما بعد :
9-
فمن فضائل العشر أن فيها يوم النحر وفيه ذبح الهدي والأضاحي ، والأضحية سنة مؤكدة فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحث على فعلها لما فيها من التقرب إلى الله عز وجل بإراقة الدماء ، ولما فيها من سد لحاجة الفقراء والمساكين ، وفيها إحياء لسنة أبينا إبراهيم عليه السلام ، وقد قال بعض العلماء بوجوبها مستندين لقوله صلى الله عليه وسلم : " من كان له سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا " [ رواه ابن ماجة وحسن الألباني ] ، فهي سنة مؤكدة على كل مسلم حاجاً أو غير حاج ذكراً أو أنثى ، ينبغي لكل قادر موسر ألا يدعها ، لأنها شعيرة عظيمة من شعائر الدين الإسلامي الحنيف قال الله تعالى : " لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم " ، وقال تعالى : " فصل لربك وانحر " ، وعن أنس رضي الله عنه قال : " ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ، ذبحهما بيده وسمى وكبر ، ووضع رجله على صفاحهما " [ رواه مسلم ] ، وعن عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحر يوم الأضحى بالمدينة ، قال : وكان إذا لم ينحر يذبح بالمصلى " [ رواه النسائي وهو حديث صحيح ] ، وقال بن الملقن : لا خلاف أنها من شعائر الدين ، ويبدأ وقت ذبحها بعد صلاة العيد ، قال صلى الله عليه وسلم : " من كان قد ذبح قبل الصلاة فليعد " [ متفق عليه ] ، وينتهي وقت الذبح بغروب شمس اليوم الثالث عشر من أيام التشريق ، أي أن وقت الأضحية يوم العيد وثلاثة أيام بعده على الراجح من أقوال العلماء . والمجزئ من الأضاحي ما كان من بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والضأن والمعز ذكراً كانت أم أنثى ، والسن المعتبرة في ذلك بالنسبة للإبل ما بلغ خمس سنين ودخل في السادسة ، وفي البقر ما بلغ سنتين ودخل في الثالثة ، وفي المعز ما بلغ سنة ودخل في الثانية ، وفي الضأن ما بلغ ستة أشهر فما فوق ، ولا يجزئ ما كان أقل من ذلك ، أما العيوب التي تمنع الإجزاء فهي المذكورة في حديث البراء بن عازب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أربع لا تجوز في الأضاحي : العوراء البين عورها ، والمريضة البين مرضها ، والعرجاء البين ضلعها ، والعجفاء التي لا تنقي " [ رواه الخمسة ] والعجفاء هي الهزيلة التي لا مخ فيها . وهناك عيوب أقبح من التي ذكرت في الحديث وهي أولى بعدم الإجزاء : كالعمياء ، ومقطوعة اللسان ، ومقطوعة الأنف ، والجرباء ، والكسيرة ، ومقطوعة الإلية أو أكثرها ، والجلالة وهي التي تأكل النجاسة ، فلا يضحى بها حتى تحبس ويطيب لحمها ، وهناك عيوب أخرى تكره في الأضاحي وتجزئ الأضحية بها لكن غيرها أولى منها ، وتجزئ الأضحية الواحدة أو سبع البدنة أو سبع البقرة عن الرجل وأهل بيته الأحياء منهم والأموات حتى الجنين في بطن أمه ، فيجوز للمضحي أن يشرك معه في أضحيته من شاء من الناس الأحياء والأموات ، لكن لا يجوز أن يشترك في ثمن الأضحية من الغنم أو سبع البدنة والبقرة أكثر من شخص واحد ، فالاشتراك في الثواب جائز ، أما الاشتراك في التمليك فلا يجوز ، ويجوز ذبح الأضحية ليلاً أو نهاراً لعدم الدليل على المنع والنهار أفضل ، وتوزع الأضحية ثلاثة أثلاث : ثلث يأكله المضحي ، وثلث يهديه ، وثلث يتصدق به على الفقراء والمساكين ، هذه هي سنة محمد صلى الله عليه وسلم ، ومن رغب عنها فلا خير فيه .

عباد الله : يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي ، فلا يمس من شعره ، ولا من بشره شيئاً " [ رواه مسلم وغيره ] ، وقال صلى الله عليه وسلم : " من رأى منكم هلال ذي الحجة ، وأراد أن يضحي ، فلا يأخذ من شعره ولا من أظافره حتى يضحي " [ رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة وصححه الألباني ] ، فمن أراد أن يضحي ودخل عليه العشر من ذي الحجة فلا يأخذ شيئاً من شعره ولا من أظافره ولا من بشرته ، وهذا الحكم منوط بالمضحي دون المضحى عنه ، ومن أخذ من ذلك شيئاً متعمداً فهو آثم وعليه التوبة والاستغفار وأضحيته صحيحة بإذن الله . ومن المستحب للمسلم أن يقوم بصيام هذه الأيام المباركات لفضلها وعظيم أجرها . فاغتنموا عباد الله هذه الأيام بالأعمال الصالحة من بر وصلة رحم ، وصدقة وذكر لله تعالى ، وكثرة للنوافل وقراءة القرآن بتدبر وخشوع ، وكثرة الدعاء إلى الله عز وجل ، وأكثروا من الصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين نبيكم وقدوتكم محمد صلى الله عليه وسلم فقد أمركم الله بذلك فقال قولاً كريماً : " إن الله وملائكته يصلون على النبي * يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً " ، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان ، اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم يا ذا الجلال والإكرام ، اللهم انصر إخواننا المسلمين المستضعفين في كل مكان ، اللهم اجعل الدائرة على أعدائك يا قوي يا عزيز ، يا جبار السموات والأرض ، اللهم من أراد المسلمين بسوء فأشغله بنفسه ، واجعل كيده في نحره ، اللهم أبرم لهذه الأمة أمراً رشداً يعز فيه أهل الطاعة ، ويذل فيه أهل المعصية ، ويؤمر فيه بالمعروف ، وينهى فيه عن المنكر ، اللهم وفق إمامنا لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى ، اللهم أصلح له بطانته ، اللهم وفقه لكل خير وبر ، واجعله معيناً لأوليائك ، حرباً على أعدائك يا ذا الجلال والإكرام ، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، اللهم إنا نسألك الجنة ونعوذ بك من النار ، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي في معاشنا ، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر ، اللهم طهر مجتمعات المسلمين من جميع المنكرات ، اللهم سلم الحجاج والمعتمرين ، وتقبل منهم طاعتهم يارب العالمين ، اللهم أعدهم إلى أهليهم سالمين غانمين ، مأجورين غير مأزورين يا أرحم الراحمين ، اللهم تقبل من الصائمين صيامهم ، ومن المضحين ضحاياهم ، واجعل ذلك ذخراً لهم ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار برحمتك يا عزيز يا غفار ، عباد الله : إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكرك ، واشكروه على نعمه يزدكم ، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .


أبو عادل 29 / 10 / 2010 11 : 12 PM

رد: مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة.
 
عشر ذي الحجة فضائلها والأعمال المستحبة فيها


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده … وبعد:
فمن فضل الله تعالى على عباده أن جعل لهم مواسم للطاعات، يستكثرون فيها من العمل الصالح، ويتنافسون فيها فيما يقربهم إلى ربهم، والسعيد من اغتنم تلك المواسم، ولم يجعلها تمر عليه مروراً عابراً. ومن هذه المواسم الفاضلة عشر ذي الحجة، وهي أيام شهد لها الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها أفضل أيام الدنيا، وحث على العمل الصالح فيها؛ بل إن لله تعالى أقسم بها، وهذا وحده يكفيها شرقاً وفضلاً، إذ العظيم لا يقسم إلا بعظيم
وهذا يستدعي من العبد أن يجتهد فيها، ويكثر من الأعمال الصالحة، وأن يحسن استقبالها واغتنامها. وفي هذه الرسالة بيان لفضل عشر ذي الحجة وفضل العمل فيها، والأعمال المستحبة فيها.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا حسن الاستفادة من هذه الأيام، وأن يعيننا على اغتنامها على الوجه الذي يرضيه

بأي شيء نستقبل عشر ذي الحجة؟
حري بالسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة، ومنها عشر ذي الحجة بأمور:
1- التوبة الصادقة :
فعلى المسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة بالتوبة الصادقة والعزم الأكيد على الرجوع إلى الله، ففي التوبة فلاح للعبد في الدنيا والآخرة، يقول تعالى: (وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون( [النور:31].
2- العزم الجاد على اغتنام هذه الأيام :
فينبغي على المسلم أن يحرص حرصاً شديداً على عمارة هذه الأيام بالأعمال والأقوال الصالحة، ومن عزم على شيء أعانه الله وهيأ له الأسباب التي تعينه على إكمال العمل، ومن صدق الله صدقه الله، قال تعالى:( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) العنكبوت
3- البعد عن المعاصي:
فكما أن الطاعات أسباب للقرب من الله تعالى، فالمعاصي أسباب للبعد عن الله والطرد من رحمته، وقد يحرم الإنسان رحمة الله بسبب ذنب يرتكبه÷ فإن كنت تطمع في مغفرة الذنوب والعتق من النار فأحذر الوقوع في المعاصي في هذه الأيام وفي غيرها؟ ومن عرف ما يطلب هان عليه كل ما يبذل.
فاحرص أخي المسلم على اغتنام هذه الأيام، وأحسن استقبالها قبل أن تفوتك فتندم، ولات ساعة مندم.

فضل عشر ذي الحجة
1- أن الله تعالى أقسم بها:
وإذا أقسم الله بشيء دل هذا على عظم مكانته وفضله، إذ العظيم لا يقسم إلا بالعظيم، قال تعالى ( وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) . والليالي العشر هي عشر ذي الحجة، وهذا ما عليه جمهور المفسرين والخلف، وقال ابن كثير في تفسيره: وهو الصحيح.
2- أنها الأيام المعلومات التي شرع فيها ذكره:
قال تعالى: (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) [الحج:28] وجمهور العلماء على أن الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة، منهم ابن عمر وابن عباس.
3- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد لها بأنها افضل أيام الدنيا:
فعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(فضل أيام الدنيا أيام العشر ـ يعني عشر ذي الحجة ـ قيل: ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال : ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عفر وجهه بالتراب( [ رواه البزار وابن حبان وصححه الألباني]
4- أن فيها يوم عرفة :
ويوم عرفة يوم الحج الأكبر، ويوم مغفرة الذنوب، ويوم العتق من النيران، ولو لم يكن في عشر ذي الحجة إلا يوم عرفة لكفاها ذلك فضلاً، وقد تكلمنا عن فضل يوم عرفة وهدي النبي صلى الله عليه وسلم فيه في رسالة (الحج عرفة(0
5- أن فيها يوم النحر :
وهو أفضل أيام السنة عند بعض العلماء، قال صلى الله عليه وسلم (أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر)[رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني].
6- اجتماع أمهات العبادة فيها :
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: (والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره).

فضل العمل في عشر ذي الحجة
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام ـ يعني أيام العشر ـ قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء) [رواه البخاري].
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكرت له الأعمال فقال: ما من أيام العلم فيهن أفضل من هذه العشرـ قالوا: يا رسول الله، الجهاد في سبيل الله؟ فأكبره. فقال: ولا الجهاد إلا أن يخرج رجل بنفسه وماله في سبيل الله، ثم تكون مهجة نفسه فيه) [رواه أحمد وحسن إسناده الألباني].
فدل هذان الحديثان وغيرهما على أن كل عمل صالح يقع في أيام عشر ذي الحجة أحب إلى الله تعالى من نفسه إذا وقع في غيرها، وإذا كان العمل فيهن أحب إلى الله فهو أفضل عنده. ودل الحديثان أيضاً على أن العامل في هذه العشر أفضل من المجاهد في سبيل الله الذي رجع بنفسه وماله، وأن الأعمال الصالحة في عشر ذي الحجة تضاعف من غير استثناء شيء منها.
من الأعمال المستحبة في عشر ذي الحجة
إذا تبين لك أخي المسل
م فضل العمل في عشر ذي الحجة على غيره من الأيام، وأن هذه المواسم نعمة وفضل من الله على عباده، وفرصة عظيمة يجب اغتنامها، إذ تبين لك كل هذا، فحري بك أن تخص هذه العشر بمزيد عناية واهتمام، وأن تحرص على مجاهدة نفسك بالطاعة فيها، وأن تكثر من أوجه الخير وأنواع الطاعات، فقد كان هذا هو حال السلف الصالح في مثل هذه المواسم، يقول أبو ثمان النهدي: كانوا ـ أي السلف ـ يعظمون ثلاث عشرات: العشر الأخير من رمضان، والعشر الأول من ذي الحجة، والعشر الأول من محرم.

ومن الأعمال التي يستحب للمسلم أن يحرص عليها ويكثر منها في هذه الأيام ما يلي:
1- أداء مناسك الحج والعمرة.
وهما افضل ما يعمل في عشر ذي الحجة، ومن يسر الله له حج بيته أو أداء العمرة على الوجه المطلوب فجزاؤه الجنة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) [متفق عليه].
والحج المبرور هو الحج الموافق لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، الذي لم يخالطه إثم من رياء أو سمعة أو رفث أو فسوق، المحفوف بالصالحات والخيرات.
2- الصيام :
وهو يدخل في جنس الأعمال الصالحة، بل هو من أفضلها، وقد أضافه الله إلى نفسه لعظم شأنه وعلو قدره، فقال سبحانه في الحديث القدسي: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) [متفق عليه].
وقد خص النبي صلى الله عليه وسلم صيام يوم عرفة من بين أيام عشر ذي الحجة بمزيد عناية، وبين فضل صيامه فقال: (صيام يوم عرفة احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده) [رواه مسلم].
وعليه فيسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حث على العمل الصالح فيها. وقد ذهب إلى استحباب صيام العشر الإمام النووي وقال: صيامها مستحب استحباباً شديداً.
3- الصلاة :
وهي من أجل الأعمال وأعظمها وأكثرها فضلاً، ولهذا يجب على المسلم المحافظة عليها في أوقاتها مع الجماعة، وعليه أن يكثر من النوافل في هذه الأيام، فإنها من أفضل القربات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: (وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه) [رواه البخاري].
4- التكبير والتحميد والتهليل والذكر:
فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) [رواه أحمد]. وقال البخاري ك كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرها. وقال: وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً. وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه، وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعاً.
ويستحب للمسلم أن يجهر بالتكبير في هذه الأيام ويرفع صوته به، وعليه أن يحذر من التكبير الجماعي حيث لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من السلف، والسنة أن يكبر كل واحد بمفرده.
5- الصدقة :
وهي من جملة الأعمال الصالحة التي يستحب للمسلم الإكثار منها في هذه الأيام، وقد حث الله عليها فقال: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون) [البقرة:254]، وقال صلى الله عليه وسلم (ما نقصت صدقة من مال) [رواه مسلم].

وهناك أعمال أخرى يستحب الإكثار منها في هذه الأيام بالإضافة إلى ما ذكر، نذكر منها على وجه التذكير ما يلي:
قراءة القرآن وتعلمه ـ والاستغفار ـ وبر الوالدين ـ وصلة الأرحام والأقارب ـ وإفشاء السلام وإطعام الطعام ـ والإصلاح بين الناس ـ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ وحفظ اللسان والفرج ـ والإحسان إلى الجيران ـ وإكرام الضيف ـ والإنفاق في سبيل الله ـ وإماطة الأذى عن الطريق ـ والنفقة على الزوجة والعيال ـ وكفالة الأيتام ـ وزيارة المرضى ـ وقضاء حوائج الإخوان ـ والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ـ وعدم إيذاء المسلمين ـ والرفق بالرعية ـ وصلة أصدقاء الوالدين ـ والدعاء للإخوان بظهر الغيب ـ وأداء الأمانات والوفاء بالعهد ـ والبر بالخالة والخالـ وإغاثة الملهوف ـ وغض البصر عن محارم الله ـ وإسباغ الوضوء ـ والدعاء بين الآذان والإقامة ـ وقراءة سورة الكهف يوم الجمعة ـ والذهاب إلى المساجد والمحافظة على صلاة الجماعة ـ والمحافظة على السنن الراتبة ـ والحرص على صلاة العيد في المصلى ـ وذكر الله عقب الصلوات ـ والحرص على الكسب الحلال ـ وإدخال السرور على المسلمين ـ والشفقة بالضعفاء ـ واصطناع المعروف والدلالة على الخير ـ وسلامة الصدر وترك الشحناء ـ وتعليم الأولاد والبنات ـ والتعاون مع المسلمين فيما فيه خير.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
المصدر

أبو عادل 29 / 10 / 2010 13 : 12 PM

رد: مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة.
 
خير أيام الدنيا ... ماذا يشرع فيها؟
عبد الحكيم بن محمد بلال

تمهيد:
من رحمة الله (تبارك وتعالى) أن فاضل بـيـن الأزمـنــة، فـاصـطـفـى واجتبى منها ما شاء بحـكـمـتــه، قــــال (عـــز وجل): ((وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الخِيَرَةُ..)) [القصص: 68] وذلك التفـضـيــل مــن فـضـلـه وإحسانه؛ ليكون عوناً للمسلم على تجديد النشاط، وزيادة الأجر، والقرب من الله (تعالـى). ونـظــرة في واقع الكثير تنبئك عن جهل كبير بفضائل الأوقات، ومن أكبر الأدلة على ذلك: الغـفـلــة عن اغتنامها، مما يؤدي إلى الحرمان من الأجر.
والأمر الذي يحتاج إلى وقفة تأمل: التباين الكبير بين كـــون عشر ذي الحجة أفضل أيام الدنيا، والعمل الصالح فيها أحب إلى الله من العمل فيما سواها، وبين واقع الناس وحالهم في تلك العشر، فالكثير لا يحرك ساكناً، والأكثر لم يقم الأمــر عنده ولم يقعد، ومن مظاهر ذلك مثلاً هجر سُنّة التكبير المطلق وهي من شعائر تلك الأيام.
وعلى الرغم من أن هذه الأيام أعظم من أيام رمضان، والعمل فيها أفضل، إلا أنه لا يحصل فيها ولو شيء مما يحصل في رمضان؛ من النشاط في عمل الآخــــرة، ولا غرو، فالفارق بين الزمنين واضح، فقد اختص رمضان بما لم تختص به العشر، ومن ذلك:
وقوع فريضة الصوم فيه، وهي (فريضة العام) على كل مسلم، مع ما يكون فيها من تربية للمسلم، وزيادة لإيمانه، بخلاف الحج فهو فريضة العمر.
ارتباط رمضان بنزول القرآن فيه مما جعله شهر القرآن، وذلك له أثر كبير في إقبال الناس فيه على كتاب الله الكريم.
الترغيب الخاص بقيام لياليه، وهدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في قيام الـعـشـــــر، وتحري ليلة القدر.
وهذه الأمور الثلاثة جعلت لرمضان جوّاً خاصًّا متميزاً تنقلب حياة النّاس فيه، وتتغير أيًّا كان نوع ذلك التغير.
ما يحصل في رمضان من تصفيد الشياطين، وفتح أبواب الجنة، وإغلاق أبواب النيران، مما يكون له أعظم الأثر في انبعاث الناس للعبادة وحماسهم لها. فيكون ذلك حافزاً للعلماء والدعاة والأئمة والخطباء ليخاطبوا قلوب الناس، ما دامت مقبلة على الخير.
كل ذلك وغيره يجعل هذه العشر ابتلاءً وامتحاناً للناس، فلا يحصل فيها من المعونة على الخير كما يحصل في رمضان، والموفق من وفقه الله، فشمر وجد واجتهد.

فضل عشر ذي الحجة:
قد دل على فضلها أمور (1):
الأول: قال (تعالى): ((وَالْفَجْر وَلَيَالٍ عَشْرٍ)) [الفجر: 1، 2] قال غير واحد: إنها عشر ذي الحجة، وهو الصحيح(2). ولم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- شيء في تعيينها.
الثاني: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- شهد أنها أعظم أيام الدنيا، وجاء ذلك في أحاديث كثيرة منها: قوله (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، فقالوا: يارسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء)(3).
وقوله : (ما من أيام أعظم عند الله، ولا أحب إليه من العمل فيهن، من هذه العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد)
(4)، والمراد في الحديثين: (أن كل يوم من أيام العشر أفضل من غيره من أيام السنة، سواء أكان يوم الجمعة أم لا، ويوم الجمعة فيه أفضل من الجمعة في غيره؛ لاجتماع الفضلين فيه)(5).
الثالث: أنه حث على العمل الصالح فيها، وأمر بكثرة التهليل والتكبير.
الرابع:
أن فيها يوم عرفة ويوم النحر.
الخامس:
أنها مكان لاجتماع أمهات العبادة فيها، وهي: الصلاة، والصيام، والصدقة، والحج، ولا يتأتى ذلك في غيرها(6).

أنواع العمل الصالح في أيام العشر:
وحيث ثبتت فضيلة الزمان ثبتت فضيلة العمل فيه، وأيضاً فقد جاء النص على محبة الله للعمل في العشر، فيكون أفضل، فتثبت فضيلة العمل من وجهين.
وأنواع العمل فيها ما يلي:
الأول:
التوبة النصوح:
وهي الرجوع إلى الله (تعالى)، مما يكرهه ظاهراً وباطناً إلى ما يحبه ظاهراً وباطناً، ندماً على ما مضى، وتركاً في الحال، وعزماً على ألا يعود. وما يتاب منه يشمل: ترك الواجبات، وفعل المحرمات. وهي واجبة على المسلم حين يقع في معصية، في أي وقت كان؛ لأنه لا يدري في أي لحظة يموت، ثم إن السيئات يجر بعضها بعضاً، والمعاصي تكون غليظة ويزداد عقابها بقدر فضيلة الزمان والمكان؛ قال (تعالى): ((يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً)) [التحريم: 8]، وقد ذكر ابن القيم (رحمه الله تعالـى): أن النّصْـح فـي التوبـة يتضمن ثلاثة أشياء:
استغراق جميع الذنوب، و إجماع العـزم والصدق، و تخليصها من الشوائب والعلل، وهي أكمل ما يكون من التوبة
(7).

الثاني: أداء الحج والعمرة:
وهما واقعان في العشر، باعتبار وقوع معظم مناسك الحج فيها، ولقد رغب النبي -صلى الله عليه وسلم- في هاتين العبادتين العظيمتين، وحث عليهما؛ لأن في ذلك تطهيراً للنفس من آثار الذنوب ودنس المعاصي، ليصبح أهلاً لكرامة الله (تعالى) في الآخرة.

الثالث:
المحافظة على الواجبات:
والمقصود: أداؤها في أوقاتها وإحسانها بإتمامها على الصفة الشرعية الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، ومراعاة سننها وآدابها. وهي أول ما ينشغل به العبد في حياته كلها؛ روى البخاري عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله قال: من عادى لي وليّاً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت، وأنا أكره مساءته)
(8).
قال الحافظ: (وفي الإتيان بالفرائض على الوجه المأمور به: امتثال الأمر، واحترام الآمر، وتعظيمه بالانقياد إليه، وإظهار عظمة الربوبية، وذل العبودية، فكان التقرب بذلك أعظم العمل)
(9). والمحافظة على الواجبات صفة من الصفات التي امتدح الله بها عبـاده المؤمنين، قال (عز وجل): ((وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ)) [المعارج: 34]، وتتأكد هذه المحافظة في هذه الأيام، لمحبة الله للعمل فيها، ومضاعفة الأجر.

الرابع: الإكثار من الأعمال الصالحة:
إن العمل الصالح محبوب لله (تعالى) في كل زمان ومكان، ويتأكد في هذه الأيام المباركة، وهذا يعني فضل العمل فيها، وعظم ثوابه، فمن لم يمكنه الحج فعليه أن يعمر وقته في هذه العشر بطاعة الله (تعالى)، من: الصلاة، وقراءة القرآن، والذكر، والدعاء، والصدقة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. وغير ذلك من طرق الخير، وهذا من أعظم الأسباب ل*** محبة الله (تعالى).

الخامس:
الذكر:
وله مزية على غيره من الأعمال؛ للنص عليه في قوله (تعالى): ((وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ)) [الحج: 28] قال ابن عباس: أيام العشر
(10)، أي: يحمدونه ويشكرونه على ما رزقهم من بهيمة الأنعام، ويدخل فيه: التكبير والتسمية على الأضحية والهدي(11)، ولقوله: (فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد).

السادس: التكبير:
يسن إظهار التكبير في المساجد والمنازل والطرقات والأسواق، وغيرها، يجهر به الرجال، وتسر به المرأة، إعلاناً بتعظيم الله (تعالى).
وأما صيغة التكبير فلم يثبت فيها شيء مرفوع، وأصح ما ورد فيه: قول سلمان: (كبروا الله: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيراً). وهناك صيغ وصفات أخرى واردة عن الصحابة والتابعين
(12).
والتكبير صار عند بعض الناس من السنن المهجورة، وهي فرصة لكسب الأجر بإحياء هذه السنة، قال : (من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي، فإن له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً)
(13). وقد ثبت أن ابن عمر وأبا هريـرة كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما(14). والمراد: يتذكر الناس التكبير، فيكبرون بسبب تكبيرهما، والله أعلم.
والتكبير الجماعي بصوت واحد متوافق، أو تكبير شخص ترد خلفه مجموعة: من البدع التي ينبغي على المسلم الحريص على اتباع سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- اجتنابها والبعد عنها، أما الجاهل بصفة التكبير فيجوز تلقينه حتى يتعلم، فإن قيل: إن التكبير الجماعي سبب لإحياء هذه السنة، فإنه يجاب عليه: بأن الجهر بالتكبير إحياء للسنة، دون أن يكون جماعيًّا، ومن أراد فعل السنة، فإنه لا ينتظر فعل الناس لها، بل يكون أول الناس مبادرة إليها، ليقتدي به غيره.

السابع: الصيام:
عن حفصة (رضي الله عنها) قالت: (أربع لم يكن يدعهن النبي -صلى الله عليه وسلم-: صيام عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، والركعتين قبل الغداة)
(15). والمقصود: صيام التسع أو بعضها؛ لأن العيد لا يصام، وأما ما اشتهر عند العوام ولا سيما النساء من صيام ثلاث الحجة، يقصدون بها اليوم السابع والثامن والتاسع، فهذا التخصيص لا أصل له.

الثامن: الأضحية:
وهي سنة مؤكدة في حق الموسر، وقال بعضهم كابن تيمية بوجوبها
(16)، وقد أمر الله بها نبيه -صلى الله عليه وسلم-، فقال: ((فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)) [الكوثر: 2] فيدخل في الآية صلاة العيد، ونحر الأضاحي، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحافظ عليها، قال ابن عمر (رضي الله عنهما): أقام النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة عشر سنين يضحي(17).

التاسع: صلاة العيد:
وهي متأكدة جدًّا، والقول بوجوبها قوي
(18) فينبغي حضورها، وسماع الخطبة، وتدبر الحكمة من شرعية هذا العيد، وأنه يوم شكر وعمل صالح.

يوم عرفة:
وقد زاد هذا اليوم فضلاً ومزية على غيره، فاستحق أن يخص بحديث مستقل يكشف عن أوجه تفضيله وتشريفه، ومن تلك الأوجه ما يلي:

أولاً:
أنه يوم إكمال الدين وإتمام النعمة:
روى البخاري
(19): قالت اليهود لعمر: إنكم تقرؤون آية، لو نزلت فينا لاتخذناها عيداً، فقال عمر: إني لأعلم حيث أنزلت، وأين أنزلت، وأين كان رسول الله حين أنزلت: يوم عرفة، إنا والله بعرفة، قال سفيان: وأشك كان يوم الجمعة أم لا: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً)) [المائدة: 3]. وإكمال الدين في ذلك اليوم حصل؛ لأن المسلمين لم يكونوا حجوا حجة الإسلام من قبل، فكمل بذلك دينهم لاستكمالهم عمل أركان الإسلام كلها، ولأن الله أعاد الحج على قواعد إبراهيم (عليه السلام)، ونفى الشرك وأهله، فلم يختلط بالمسلمين في ذلك الموقف منهم أحد. وأما إتمام النعمة فإنما حصل بالمغفرة، فلا تتم النعمة بدونها، كما قال الله لنبيه: ((لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ))[الفتح: 2](20).

ثانياً: أنه يوم عيد:
عن أبي أمامة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب)
(21).

ثالثاً: أن صيامه يكفر سنتين:
قال عن صيامه: (يكفر السنة الماضية والباقية)
(22).

رابعاً: أنه يوم مغفرة الذنوب، والعتق من النار:
عن عائشة (رضي الله عنها) أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟)
(23) قال ابن عبد البر: (وهو يدل على أنهم مغفور لهم؛ لأنه لا يباهي بأهل الخطايا والذنوب، إلا بعد التوبـة والغفـران، والله أعلم)(24).

الأعمال المشروعة فيه:
أولاً:
صيام ذلك اليوم:
ففي صحيح مسلم قال: (...صيام يوم عرفة أَحْتَسِبُ على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده...)
(25). وصومه إنما شرع لغير الحاج، أما الحاج فلا يجوز له ذلك. ويتأكد حفظ الجوارح عن المحرمات في ذلك اليوم، كما في حديث ابن عباس، وفيه: (إن هذا اليوم من مَلَك فيه سمعه وبصره ولسانه: غُفر له)(26). ولا يخفى أن حفظ الجوارح فيه حفظ لصيام الصائم، وحج الحاج، فاجتمعت عدة أسباب معينة على الطاعة وترك المعصية.

ثانياً: الإكثار من الذكر والدعاء:
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:(خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)
(27)، قال ابن عبد البر: (وفي الحديث دليل على أن دعاء يوم عرفة مجاب في الأغلب، وأن أفضل الذكـر: لا إله إلا الله)(28). قال الخطابي: (معناه: أكثر ما أفتتح به دعائي وأقدمه أمامه من ثنائي على الله (عز وجل)، وذلك أن الداعي يفتتح دعاءه بالثناء على الله (سبحانه وتعالى)، ويقدمه أمام مسألته، فسمي الثناء دعاء...)(29).

ثالثاً: التكبير:
سبق في بيان وظائـف العشر أن التكبير فيها مستحب كل وقت، في كل مكان يجوز فيه ذكر الله (تعالى).
وكلام العلماء فيه يدل على أن التكبير نوعان:

الأول: التكبير المطلق: وهو المشروع في كل وقت من ليل أو نهار، ويبدأ بدخول شهر ذي الحجة، ويستمر إلى آخر أيام التشريق.
الثاني:
التكبير المقيد: وهو الذي يكون عقب الصلوات، والمختار: أنه عقب كل صلاة، أيًّا كانت، وأنه يبدأ من صبح عرفة إلى آخر أيام التشريق(30).
وخلاصة القول: أن التكبير يوم عرفة والعيد، وأيام التشريق يشرع في كل وقت وهو المطلق، ويشرع عقب كل صلاة وهو المقيد.

يوم النحر:
لهذا اليوم فضائل عديدة: فهو يوم الحج الأكبر(31). وهو أفضل أيام العام؛ لحديث: (إن أعظم الأيام عند الله (تبارك وتعالى): يوم النحر، ثم يوم القرّ)(32) وهو بذلك أفضل من عيد الفطر، ولكونه يجتمع فيه الصلاة والنحر، وهما أفضل من الصلاة والصدقة(33).
وقد اعتبرت الأعياد في الشعوب والأمم أيام لذة وانطلاق، وتحلل وإسراف، ولكن الإسلام صبغ العيدين بصبغة العبادة والخشوع إلى جانب الفسحة واللهو المباح
(34). وقد شرع في يوم النحر من الأعمال العظيمة كالصلاة، والتكبير، ونحر الهدي، والأضاحي، وبعض من مناسك الحج ما يجعله موسماً مباركاً للتقرب إلى الله (تعالى)، وطلب مرضاته، لا كما هو حال الكثير ممن جعله يوم لهو ولعب فحسب، إن لم يجعله يوم أشر وبطر، والعياذ بالله.
أيام التشريق:
وهي الأيام الثلاثة التالية ليوم النحر(35)، وهي التي عناها الله (تعالى) بقوله: ((وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ))[البقرة: 203]، كما جاء عن ابن عباس(36)، وذكر القرطبي أنه لا خلاف في كـونـهـــا أيام التشريق(37). وهي أيام عيد للمسلمين؛ لحديث: (يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام منى: عيدنا أهل الإسلام)(38). وقد نهي عن صيامها، وهي واقعة بعد العشر الفاضلة، فـتـشــرف بالمجاورة أيضاً، وتشترك معها بوقوع بعض أعمال الحج فيها، ويدخل فيها يوم النحـــــر، فيعظم شرفها وفضلها بذلك كله(39). كما أن ثانيها وهو يوم القر، وهو الحادي عشر أفـضـــل الأيـام بعــد يـوم النحـر، وهـذه الأيام الأربعة هي أيام نحر الهدي والأضاحـي على الـراجـح من أقوال أهل العلم؛ تعظيماً لله (تعالى)، وهذا مما يزيدها فضلاً، وهذه الأيام من أيام العبادة والذكر والفرح، قال فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- : (أيام التشريق أيام أكل وشرب، وذكر لله)(40)، فهي أيام إظهار الفرح والسرور بنعم الله العظيمة، وفي الحديث إشارة إلى الاستعانة بالأكل والشرب على ذكر الله، وهذا من شكر النعم(41). وذكر الله المأمور به في الحديث أنواع متعددة منها:

1- التكبير فيها: عقب الصلوات، وفي كل وقت، مطلقاً ومقيداً، كما هو ظاهر الآية، وبه يتحقق كونها أيام ذكر لله(42).
2- ذكر الله (تعالى) بالتسمية والتكبير عند نحر الهدي والأضاحي.
3-
ذكره عند الأكل والشرب، وكذا أذكار الأحوال الأخرى.
4-
التكبير عند رمي الجمار.
5-
ذكر الله (تعالى) المطلق(43).
هذه ذكرى، أسأل الله أن ينفع بها، وأعوذ بالله من أن يكون أهل البدع أجلد في بدعهم، وأنشط في باطلهم، من أهل الحق في فعل الخير والاستقامة على السنة.


============
الهوامش :
1) انظر: (مجالس عشر ذي الحجة) للشيخ / عبد الله بن صالح الفوزان.
2) تفسير ابن كثير، جـ4 ص505.
3) أخرجه البخاري، ح/969، و الترمذي، ح/757، واللفظ له.
4) أخرجه أحمد، جـ2ص75، 132، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح.
5) فتح الباري، جـ2ص534.
6) انظر: المصدر السابق.
7) انظر: مدارج السالكين، جـ1 ص316، 317.
8) أخرجه البخاري، ح/6502.
9) فتح الباري، جـ11 ص351.
10) صحيح البخاري، كتاب العيدين، باب فضل العمل في أيام التشريق.
11) انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية، جـ24 ص225.
12) فتح الباري، جـ2 ص536، وقال الحافظ: (وقد أحدث في هذا الزمان زيادة لا أصل لها).
13) أخرجه ابن ماجة، ح/209، وانظر: صحيح سنن ابن ماجة، ح/173.
14) البخاري، كتاب العيدين، باب العمل في أيام التشريق.
15) انظر: المسند، جـ6 ص287.
16) انظر: مجموع الفتاوى، جـ23 ص162، 164.
17) المسند، جـ2 ص38، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح، والترمذي، ح/1559، وضعفه الألباني في ضعيف سنن الترمذي، ح/261.
18) انظر: الفتاوى، جـ23 ص161.
19) ح/4606.
20) انظر: لطائف المعارف، ص486،487.
21) رواه أبو داود، ح/2419، وانظر صحيح سنن أبي داود، ح/2144.
22) أخرجه مسلم، ح/1163.
23) أخرجه مسلم، ح/1348.
24) انظر: التمهيد لابن عبد البر، ج1ص120.
25) مسلم، ح/1162.
26) المسند، ج1ص329، وصحح أحمد شاكر إسناده، ح/3042.
27) الترمذي، ح/2837، ومالك، ج1ص422، ح/246، وصححه الألباني.
28) التمهيد،ج6ص41.
29) مجالس عشر ذي الحجة، لعبد الله الفوزان، ص970.
30) انظر: الفتح، ج2ص535، والفتاوى ج24ص220.
31) سن أبي داود، ح/1945، وانظر: صحيح سنن أبي داود، ح/1714، والبخاري، ح/4657 تعليقا.
32) سنن أبي داود، ح/1765، وانظر: صحيح سنن أبي داود، ح/1552، ويوم القر هو: اليوم الذي يلي يوم النحر ، سمي بذلك لأن الناس يقرون فيه بمنى.
33) لطائف المعارف، ص482، 483.
34) انظر: الأركان الأربعة، ص60.
35) وسميت أيام التشريق؛ لأن الناس يشرقون فيها لحوم الهدي والأضاحي، أي: يقددونها وينشرونها في الشمس.
36) البخاري تعليقا، وله إسناد صحيح ، الفتح ج2ص530.
37) تفسير القرطبي، ج3ص3.
38) أخرجه أبو داود، ح/2419، وانظر صحيح سنن أبي داود، ح/2114.
39) انظر: فتح الباري، ج2ص532، 533.
40) أخرجه مسلم، ح/1141.
41) انظر: لطائف المعارف، ص504.
42) انظر: نيل الأوطار، ج3ص389.
43) انظر: لطائف المعارف، ص501، 502.


مجلة البيان - العدد 99 ذو القعدة 1416 هـ

شريف حمدان 29 / 10 / 2010 19 : 04 PM

رد: مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة.
 
جزاك الله خيرا
اخي ******

أبو عادل 30 / 10 / 2010 22 : 10 AM

رد: مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة.
 

جزاك الله تعالى كل الخير وزادك من فضله أخي الكريم شريف حمدان على مرورك الطيب.

دينى عصمة أمرى 05 / 11 / 2010 24 : 05 PM

رد: مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة.
 
درر قيمة نسأل اللله ان يجعلها
فى موازين حسناتكم اخى الكريم

أبو عادل 05 / 11 / 2010 12 : 08 PM

رد: مواضيع و فتاوى شرعية كل ما جيئ في العشر من ذي الحجة.
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك أختي الكريمة دينى عصمة أمرى على مرورك الطيب
.


For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة ملتقى أهل العلم الاسلامي

اختصار الروابط