ملتقى أهل العلم

ملتقى أهل العلم (https://www.ahlalalm.org/vb/index.php)
-   ملتقى السيرة النبويه (https://www.ahlalalm.org/vb/forumdisplay.php?f=50)
-   -   أسماء الله الحسنى للتثبيت. (https://www.ahlalalm.org/vb/showthread.php?t=25888)

أبو عادل 23 / 01 / 2010 19 : 08 PM

رد: أسماء الله الحسنى للتثبيت.
 
الواسع.

قال تعالى:
{ربنا وسعت كل شيءٍ رحمة وعلماً .. "7"} (سورة غافر)
هو الواسع الرحمة، قال تعالى:
{ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون "156"} (سورة الأعراف)
وهو الواسع العلم، المحيط علمه بكل شيء. وقد ذكر الواسع العليم سبع مرات في الكتاب العظيم:
{فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم "115" } (سورة البقرة)
{والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم "247"} (سورة البقرة)
{والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم "261"} (سورة البقرة)
{والله يعدكم مغفرة منه وفضلاً والله واسع عليم "268"} (سورة البقرة)
{قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم "73"} (سورة آل عمران)
{ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم "54"} (سورة المائدة)
{إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم "32"} (سورة النور)
وسبحان الواسع المغفرة، قال تعالى:
{الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى "32"} (سورة النجم)
وسبحان الواسع الحكيم، قال تعالى:
{وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعاً حكيماً "130"} (سورة النساء)
وقد ذكر الواسع، سبحانه وتعالى، تسع مرات في الكتاب الحكيم. هذا الاسم: هو الفرج والإفراج، له ظلال على كل الحياة، لأن رحمته وسعت كل شيء، ومادامت الرحمة وسعت كل شيء فلا نجد مظلوماً ولا محروماً ولا مغبوناً، وإنما نجد أملاً وباباً مفتوحاً وتفريجاً وانشراحاً للصدر، واستقراراً للفؤاد وسكينة للنفس.
فالمذنب يجد عنده المغفرة. والكافر يجد في رحابه الرزق. والمؤمن يرى من العطاءات والإشراقات ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. والمريض يجد من رحمته الشفاء. والفقير يجد من كرمه الأرزاق. والكل على الباب والباب مفتوح لا يغلق، لأنه القائل:
{وسعت كل شيءٍ رحمة وعلماً .. "7"} (سورة غافر).

أبو عادل 23 / 01 / 2010 20 : 08 PM

رد: أسماء الله الحسنى للتثبيت.
 
الحكيم.



قال تعالى:
{يؤتي الحكمة من يشاء .. "269" } (سورة البقرة)
هو ذو الحكمة البالغة، وكمال العلم، وإحسان العمل، وقيل: إن الحكمة هي العلم مع العمل والعدل، وقيل: إن الحكمة مجموعة معانٍ من العدل والتنظيم والتقويم والعلم. "والحكيم" صيغة تعظيم لذي الحكمة، فيكون معنى الحكيم العظيم في حكمته، وأن الحكمة تطلق في الأصل على قطعة الحديد التي توضع في فم الحصان لتلجمه حتى يتحكم فيه راكبه، ذلك أن الحصان حيوان مدلل شارد، يحتاج إلي ترويض وقطعة الحديد التي توضع في فمه تعلمه كيف يكون محكوماً من صاحبه.
وكان الحصان معروفاً من الجزيرة العربية، وكان رمزاً للسرعة والخفة، وكأن إطلاق صفة "الحكيم" على الخالق إنما ليحكم المخلوقات، ويلجمها من السفه، والسفه كما نعرف هو أن نضع الشيء دون دراية، وهكذا تكون الحكمة أن يوضح مجالاً لكل حركة لتنسجم مع غيرها، فيصير الكون محكوماً بالحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وهكذا يكون الحق تبارك وتعالى هو الحكيم العليم الذي يضع لكل كائن إطاره وحدوده، ومن ذلك ولدت الحكمة في عموم حركة الحياة، فالحكمة في النمو أن نضع الكلمة في مكانها وبإعرابها، والحكمة في الفقه أن نستنبط الحكم الصحيح، والحكمة في الشعر أن نزن الكلمات على التفاعيل، والحكمة في الطب أن نعرف تشخيص المرض والدواء المناسب له.
والحكمة في الهندسة أن نصمم المستشفى لاحتياج المريض والطبيب وأجهزة العلاج، وأماكن إجراء الجراحة، و توزيع الإضاءة، وضبط درجات الحرارة، ومعرفة وضع المصعد ومخازن الأدوية، وأماكن إعداد الطعام، ثم أماكن النقاهة، ثم أماكن العلاج الخارجي، وهذا التصميم للمستشفى يختلف بحكمة عن تصميم منزل للسكنى وتنظيم بناء عمارة للسكنى يستوجب حكمة في توزيع الشقق وراحة السكان جميعاً. وحكمة بناء منزل يختلف عن حكمة بناء قصر أو مكان عمل، والحكمة ضد التلفيق، فإعداد مكان لعمل ولوظيفة محددة يختلف عن أخذ مكان للسكن على سبيل المثال، وتلحق فيه ديواناً حكومياً، هنا يفتقد المبنى حكمته، ويصبح تلفيقاً ممسوخاً.
هكذا نعرف أن الكون كله مخلوق من قبل عليم حكيم، ووصف الخالق بأنه "حكيم" يدلنا أيضاً على أنه علم آدم الأسماء ولم يعلم الملائكة، أن الخالق أعطى لكل خلق من العلم على قدر حاجة الخالق، فليس من طبيعة الملائكة أن يعرفوا، فهم لم يستخلفهم الله في الأرض، ولكنهم موجودون من أجل مهمة أخرى، أما الإنسان فقد علمه الله الأسماء، ومنح الإنسان الطاقة ليعمل بالعقل والجهد ليستكشف في آيات الكون على قدر حاجته، ولكنا نسمع قول الرحمن في سورة الأعلى:
{سبح اسم ربك الأعلى "1" الذي خلق فسوى "2" والذي قدر فهدى "3"} (سورة الأعلى)
وقال تعالى:
{والله عليم حكيم "15"} (سورة التوبة)
وعليم أي: يعلم كل متطلبات الأحكام، وحكيم أي: لكل أمر عنده حكمة، فحكم القتال له حكمة، وحكم التوبة له حكمة، القتال حتى لا يتجبر الكفار على المؤمنين، والتوبة لمنع طغيان الكفار في الشر، لأن مشروعية التوبة هي رحمة من الحق سبحانه وتعالى بخلقه. ولو أن الله لم يشرع التوبة لكان الذي يرتكب المعصية يقول: إنه مادامت لا توجد توبة، ومادام مصيري إلي النار فلآخذ من الدنيا ما أستطيع، وبذلك ينطلق في الظلم والفساد والإفساد، لأن مصيره واحد، عمل صالحاً أو أفسد، مادامت لا توجد توبة.
ولكن تشريع التوبة يجعل الظالم لا يمضي في الظلم، بل يضع في نفسه الأمل في أن الله يتوب عليه، ويغفر له، فيتجه إلي العمل الصالح عله يكفر عما ارتكبه من المعاصي، وفي هذا حماية للمؤمنين من شره. وحماية للناس من انتشار الظلم والفساد. والحق سبحانه وتعالى حين يعاقب يعاقب عن حكمة، وحين يقبل التوبة يقبل عن حكمة.
قال تعالى:
{هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم "6"} (سورة آل عمران)
والتصوير في الرحم هو إيجاد للمادة التي سيوجد منها الإنسان على هيئة خاصة، هذه الهيئة تختلف من إنسان لإنسان آخر، إنها تختلف في النوعية ذكورة أو أنوثة، وتختلف في كل من الذكورة والأنوثة، وتختلف في الألوان من الأبيض إلي الأسمر، من الطول إلي القصر، إن الأشكال التي يوجد عليها الخلق تختلف.
قال تعالى:
{ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعاملين "22" } (سورة الروم)
إن الاختلاف في الألسنة والألوان وفي كل هذه الأشكال المتعددة تدل على أن المسألة ليست مصنعاً يصنع قالباً، ويقوم المصنع بصب القوالب، إلا أن لكل مخلوق قدرة ذاتية، إن المصمم من البشر قد يصنع نموذجاً لكوب، ويصنع له قالباً، وينتج المصنع نماذج متكررة من هذا الكوب، وهذا دليل عجز في إيجاد قالب لكل كوب. أما الحق سبحانه وتعالى فهو يخلق كل إنسان بقالبه، وكل إنسان بشكل ولون، وهذه هي آيات الله التي تدل على طلاقة قدرته. إن قدرة الله لا تحتاج إلي علاج، أي: أنها لا تحتاج إلي صناعة قالب أولى ليصب فيه مادته؛ لأنه الحق الذي يقول:
{بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون "117"} (سورة البقرة)
إن الأب والأم قد يتحدان في اللون، ولكن الابن ينشأ بلون مختلف، ويخلق الله معظم الناس خلقاً سوياً، ويخلق قلة من الناس خلقاً غير سوي، فقد يولد طفل أعمى أو مصاب بعاهة ما، أو بإصبع زائدة أو إصبعين. وهذا الشذوذ أراده الله في الخلق ليلفتنا الحق إلي حسن وجمال خلقه، لأن من يرى ـ وهو الإنسان السليم ـ إنساناً آخر معوقاً عن الحركة فإنه يحمد الله على كمال خلقه، وحينما يرى إنسان له في كل يد خمس أصابع إنساناً آخر له إصبع زائد تعوق حركة يده، فهذا الإنسان يعرف حكمة وجود الأصابع الخمس، فعندما جاءت إصبع زائدة لم تنفع، بل إنها أضرب بحركة باقي أصابعه.
فلا يثبت الجمال إلا وجود القبح، فالإنسان الذي له سبع أصابع في يد واحدة يضع الطب أمام مهمة يجند لها نفسه، حتى يستطيع الطب أن يستأصل الزائدة عن حاجة الإنسان الطبيعي. ولو خلق الله الإنسان بثلاث أصابع لما استطاع ذلك الإنسان أن يتحكم في استعمال الأشياء الدقيقة. إن الإنسان العادي في حركته اليومية لا يدرك جمال استواء خلقه إلا إذا رأى فرداً من أفراد الشذوذ، وكما قلنا سابقاً: إن الحق سبحانه يلفت الناس الساهين عن نعم الله عليهم لرتابتها فيهم بفقدها في غيرهم، فساعة أن يرى مبصر مكفوفاً يسير بعكاز فيفطن إلي نعمة البصر، التي وهبها الله له، وقد يلمس الإنسان عيوبه تحدثاً بنعمة الله.
إن الشذوذ في الخلق هو نماذج إيضاحية تلفت الناس إلي نعم الله التي أنعم الله عليهم بها. والحق جل وعلا لا يغفل عن صاحب العاهة أو العجز فيعوضه سواء بالعبقرية أو غيرها، فإن كان أعمى جعل الله له من العبقرية ما يهزم الإنسان السليم، فتيمورلنك الأعرج صار قائداً يهزم البلاد الكثيرة، لقد أعطاه الله من الموهبة، ما يعوض به العرج، وحين نجد العبقريات فإننا نجد بعضها من الشواذ، لماذا؟ لأن الله يهب صاحب العاهة همه يحاول بها أن يعوض شيئاً فقده في مجال آخر.
إذن: فالحق سبحانه حين يبلغنا:
{هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء .. "6"} (سورة آل عمران)
وكل تصوير له حكمة؛ لذلك فلا تأخذ كل خلق مفصولاً عن حكمته، ولكن خذ كل خلق الله مع حكمته؛ لأن الذي يجعلك تحكم بقبح أمر ما، هو أنك تفصل الخلق عن حكمته، فالتلميذ الذي يرسب لا يجب أن يظن أن هذا الرسوب مفصول عن حكمة الرسوب. إن الرسوب معناه لفت الانتباه إلي ضرورة احترام الدرس، لأن التلميذ إن نجح مع اللعب، فكل تلميذ سوف يلعب وسيقال فلان لعب ونجح، ولن يلتفت أحد إلي قيمة تحصيل العلم.
إذن: فنحن يجب أن نأخذ كل أمر ومعه حكمة الله فيه، وكذلك لا نأخذ أمر عقوبة ما وهي منفصلة عن الجريمة، إن كل عقوبة إنما ترتبط بجريمتها. فساعة أن نرى إنساناً محكوماً عليه بالإعدام فلا تأخذك الرأفة به؛ لأن العقوبة إنما جاءت على جريمة قتل سابقة. إن استحضار الجريمة في الذهن هو الذي يجعل العقوبة تساوي الجريمة. فالمقتول قد قتل ظلماً والمجرم يتم إعدامه قصاصاً وعدالة. ويقول الحق سبحانه بعد الحديث عن التصوير في الأرحام كيف يشاء:
{لا إله إلا هو .. "6"} (سورة آل عمران)
ومعناها هنا أنه الحق الذي سيصور وهو ضامن أن ما يصوره يكون على الصورة التي يريدها، وهو الخالق الأكرم فلا إله قادر على أن يستدرك على ما خلق، ويعيد تصوير المخلوق في الرحم، إنه الحق سبحانه وتعالى:
{العزيز الحكيم "6"} (سورة آل عمران)
أنه إله واحد لا يغلبه أحد على أمره، وما يريده يكون، وما يريده الله يكون دائما بحكمة أنه عزيز لا يغلب على أمره، وكل أمره إنما يكون لحكمة ما، إنه تنبيه للخلق، ألا يفصلوا الحدث عن حكمته، فإذا أخذ العبد الحدث بحكمته فهذا عين الجمال. إن الله الذي يصور في الأرحام كيف يشاء لا يترك المادة المخلوقة وحدها، إنما يخلق لها القيم، وذلك حتى تنسجم حركة الوجود مع بعضها.

أبو عادل 23 / 01 / 2010 21 : 08 PM

رد: أسماء الله الحسنى للتثبيت.
 
الودود.


قال تعالى:
{إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا "96"} (سورة مريم)
الودود هو الود وهو الحب، وسبحان المحب للمؤمنين، وهو المحبوب لهم ومحبة الله لعباده، ورحمته إياهم، ومحبة المؤمنين لله تعالى: طاعته، وطاعة الله رحمة من الله، والله نور السماوات والأرض، فمن أصابه من ذلك النور فقد سبق له من الله الهدى، وما أحب المؤمن لله، وما أحبه لله!! وقيل في معنى "الودود": إن عباده الصالحين يودونه ويحبونه، لما عرفوا من كماله في ذاته وصفاته وغفرانه تعالى.
وكلتا الصفتين مدح، لأنه جل ذكره، إذا أحب عباده المطيعين فهو فضل منه، وإذا أحبه عباده العارفون فلما تقرر عندهم من كريم إحسانه. وهنا مكان هذا الدعاء الجميل:
"يا ودود، يا ذا العرش المجيد، يا مبدئ يا معيد، يا فعال لما يريد، أسألك بنور وجهك الذي ملأ أركان عرشك، وبقدرتك التي قدرت بها على جميع خلقك، وبرحمتك التي وسعت كل شيء، لا إله إلا أنت، يا مغيث أغثني". وقد ذكر الودود سبحانه، مرتين في القرآن الكريم:
{واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود "90"} (سورة هود)
{وهو الغفور الودود "14"} (سورة البروج).

أبو عادل 23 / 01 / 2010 22 : 08 PM

رد: أسماء الله الحسنى للتثبيت.
 
المجيد.

قال تعالى:
{إنه حميد مجيد "73" } (سورة هود)
المجيد هو ذو الشرف التام الكامل، المفيض على العباد بالمجد والعطايا، والمجد هو الشرف العظيم الرفيع القدر، والمجيد في اللغة هو الذي عظم كرمه. وقيل في معنى "المجيد" سبحانه: هو الشريف ذاته، الجميل أفعاله، الجزيل عطاؤه. وقيل: البالغ المنتهي في الكرم. وقد ذكر "المجيد" تعالى مرة واحدة في القرآن المجيد في قوله تعالى:
{رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد "73"} (سورة هود)
فهو المجيد في إيجاده، والمجيد في امتداده، والمجيد على الصالحين من عباده، فمجد الإيجاد أنه أوجد الكون واستخلفك فيه، ومجد الإمداد، أنه أمد الكل لعطاء الكل، فأعطى للكافر من مدده كما أعطى المؤمن من فضله.


أبو عادل 23 / 01 / 2010 23 : 08 PM

رد: أسماء الله الحسنى للتثبيت.
 
الواسع.



قال تعالى:
{ربنا وسعت كل شيءٍ رحمة وعلماً .. "7"} (سورة غافر)
هو الواسع الرحمة، قال تعالى:
{ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون "156"} (سورة الأعراف)
وهو الواسع العلم، المحيط علمه بكل شيء. وقد ذكر الواسع العليم سبع مرات في الكتاب العظيم:
{فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم "115" } (سورة البقرة)
{والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم "247"} (سورة البقرة)
{والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم "261"} (سورة البقرة)
{والله يعدكم مغفرة منه وفضلاً والله واسع عليم "268"} (سورة البقرة)
{قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم "73"} (سورة آل عمران)
{ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم "54"} (سورة المائدة)
{إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم "32"} (سورة النور)
وسبحان الواسع المغفرة، قال تعالى:
{الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى "32"} (سورة النجم)
وسبحان الواسع الحكيم، قال تعالى:
{وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعاً حكيماً "130"} (سورة النساء)
وقد ذكر الواسع، سبحانه وتعالى، تسع مرات في الكتاب الحكيم. هذا الاسم: هو الفرج والإفراج، له ظلال على كل الحياة، لأن رحمته وسعت كل شيء، ومادامت الرحمة وسعت كل شيء فلا نجد مظلوماً ولا محروماً ولا مغبوناً، وإنما نجد أملاً وباباً مفتوحاً وتفريجاً وانشراحاً للصدر، واستقراراً للفؤاد وسكينة للنفس.
فالمذنب يجد عنده المغفرة. والكافر يجد في رحابه الرزق. والمؤمن يرى من العطاءات والإشراقات ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. والمريض يجد من رحمته الشفاء. والفقير يجد من كرمه الأرزاق. والكل على الباب والباب مفتوح لا يغلق، لأنه القائل:
{وسعت كل شيءٍ رحمة وعلماً .. "7"} (سورة غافر).

أبو عادل 23 / 01 / 2010 23 : 08 PM

رد: أسماء الله الحسنى للتثبيت.
 
الحكيم.


قال تعالى:
{يؤتي الحكمة من يشاء .. "269" } (سورة البقرة)
هو ذو الحكمة البالغة، وكمال العلم، وإحسان العمل، وقيل: إن الحكمة هي العلم مع العمل والعدل، وقيل: إن الحكمة مجموعة معانٍ من العدل والتنظيم والتقويم والعلم. "والحكيم" صيغة تعظيم لذي الحكمة، فيكون معنى الحكيم العظيم في حكمته، وأن الحكمة تطلق في الأصل على قطعة الحديد التي توضع في فم الحصان لتلجمه حتى يتحكم فيه راكبه، ذلك أن الحصان حيوان مدلل شارد، يحتاج إلي ترويض وقطعة الحديد التي توضع في فمه تعلمه كيف يكون محكوماً من صاحبه.
وكان الحصان معروفاً من الجزيرة العربية، وكان رمزاً للسرعة والخفة، وكأن إطلاق صفة "الحكيم" على الخالق إنما ليحكم المخلوقات، ويلجمها من السفه، والسفه كما نعرف هو أن نضع الشيء دون دراية، وهكذا تكون الحكمة أن يوضح مجالاً لكل حركة لتنسجم مع غيرها، فيصير الكون محكوماً بالحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وهكذا يكون الحق تبارك وتعالى هو الحكيم العليم الذي يضع لكل كائن إطاره وحدوده، ومن ذلك ولدت الحكمة في عموم حركة الحياة، فالحكمة في النمو أن نضع الكلمة في مكانها وبإعرابها، والحكمة في الفقه أن نستنبط الحكم الصحيح، والحكمة في الشعر أن نزن الكلمات على التفاعيل، والحكمة في الطب أن نعرف تشخيص المرض والدواء المناسب له.
والحكمة في الهندسة أن نصمم المستشفى لاحتياج المريض والطبيب وأجهزة العلاج، وأماكن إجراء الجراحة، و توزيع الإضاءة، وضبط درجات الحرارة، ومعرفة وضع المصعد ومخازن الأدوية، وأماكن إعداد الطعام، ثم أماكن النقاهة، ثم أماكن العلاج الخارجي، وهذا التصميم للمستشفى يختلف بحكمة عن تصميم منزل للسكنى وتنظيم بناء عمارة للسكنى يستوجب حكمة في توزيع الشقق وراحة السكان جميعاً. وحكمة بناء منزل يختلف عن حكمة بناء قصر أو مكان عمل، والحكمة ضد التلفيق، فإعداد مكان لعمل ولوظيفة محددة يختلف عن أخذ مكان للسكن على سبيل المثال، وتلحق فيه ديواناً حكومياً، هنا يفتقد المبنى حكمته، ويصبح تلفيقاً ممسوخاً.
هكذا نعرف أن الكون كله مخلوق من قبل عليم حكيم، ووصف الخالق بأنه "حكيم" يدلنا أيضاً على أنه علم آدم الأسماء ولم يعلم الملائكة، أن الخالق أعطى لكل خلق من العلم على قدر حاجة الخالق، فليس من طبيعة الملائكة أن يعرفوا، فهم لم يستخلفهم الله في الأرض، ولكنهم موجودون من أجل مهمة أخرى، أما الإنسان فقد علمه الله الأسماء، ومنح الإنسان الطاقة ليعمل بالعقل والجهد ليستكشف في آيات الكون على قدر حاجته، ولكنا نسمع قول الرحمن في سورة الأعلى:
{سبح اسم ربك الأعلى "1" الذي خلق فسوى "2" والذي قدر فهدى "3"} (سورة الأعلى)
وقال تعالى:
{والله عليم حكيم "15"} (سورة التوبة)
وعليم أي: يعلم كل متطلبات الأحكام، وحكيم أي: لكل أمر عنده حكمة، فحكم القتال له حكمة، وحكم التوبة له حكمة، القتال حتى لا يتجبر الكفار على المؤمنين، والتوبة لمنع طغيان الكفار في الشر، لأن مشروعية التوبة هي رحمة من الحق سبحانه وتعالى بخلقه. ولو أن الله لم يشرع التوبة لكان الذي يرتكب المعصية يقول: إنه مادامت لا توجد توبة، ومادام مصيري إلي النار فلآخذ من الدنيا ما أستطيع، وبذلك ينطلق في الظلم والفساد والإفساد، لأن مصيره واحد، عمل صالحاً أو أفسد، مادامت لا توجد توبة.
ولكن تشريع التوبة يجعل الظالم لا يمضي في الظلم، بل يضع في نفسه الأمل في أن الله يتوب عليه، ويغفر له، فيتجه إلي العمل الصالح عله يكفر عما ارتكبه من المعاصي، وفي هذا حماية للمؤمنين من شره. وحماية للناس من انتشار الظلم والفساد. والحق سبحانه وتعالى حين يعاقب يعاقب عن حكمة، وحين يقبل التوبة يقبل عن حكمة.
قال تعالى:
{هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم "6"} (سورة آل عمران)
والتصوير في الرحم هو إيجاد للمادة التي سيوجد منها الإنسان على هيئة خاصة، هذه الهيئة تختلف من إنسان لإنسان آخر، إنها تختلف في النوعية ذكورة أو أنوثة، وتختلف في كل من الذكورة والأنوثة، وتختلف في الألوان من الأبيض إلي الأسمر، من الطول إلي القصر، إن الأشكال التي يوجد عليها الخلق تختلف.
قال تعالى:
{ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعاملين "22" } (سورة الروم)
إن الاختلاف في الألسنة والألوان وفي كل هذه الأشكال المتعددة تدل على أن المسألة ليست مصنعاً يصنع قالباً، ويقوم المصنع بصب القوالب، إلا أن لكل مخلوق قدرة ذاتية، إن المصمم من البشر قد يصنع نموذجاً لكوب، ويصنع له قالباً، وينتج المصنع نماذج متكررة من هذا الكوب، وهذا دليل عجز في إيجاد قالب لكل كوب. أما الحق سبحانه وتعالى فهو يخلق كل إنسان بقالبه، وكل إنسان بشكل ولون، وهذه هي آيات الله التي تدل على طلاقة قدرته. إن قدرة الله لا تحتاج إلي علاج، أي: أنها لا تحتاج إلي صناعة قالب أولى ليصب فيه مادته؛ لأنه الحق الذي يقول:
{بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون "117"} (سورة البقرة)
إن الأب والأم قد يتحدان في اللون، ولكن الابن ينشأ بلون مختلف، ويخلق الله معظم الناس خلقاً سوياً، ويخلق قلة من الناس خلقاً غير سوي، فقد يولد طفل أعمى أو مصاب بعاهة ما، أو بإصبع زائدة أو إصبعين. وهذا الشذوذ أراده الله في الخلق ليلفتنا الحق إلي حسن وجمال خلقه، لأن من يرى ـ وهو الإنسان السليم ـ إنساناً آخر معوقاً عن الحركة فإنه يحمد الله على كمال خلقه، وحينما يرى إنسان له في كل يد خمس أصابع إنساناً آخر له إصبع زائد تعوق حركة يده، فهذا الإنسان يعرف حكمة وجود الأصابع الخمس، فعندما جاءت إصبع زائدة لم تنفع، بل إنها أضرب بحركة باقي أصابعه.
فلا يثبت الجمال إلا وجود القبح، فالإنسان الذي له سبع أصابع في يد واحدة يضع الطب أمام مهمة يجند لها نفسه، حتى يستطيع الطب أن يستأصل الزائدة عن حاجة الإنسان الطبيعي. ولو خلق الله الإنسان بثلاث أصابع لما استطاع ذلك الإنسان أن يتحكم في استعمال الأشياء الدقيقة. إن الإنسان العادي في حركته اليومية لا يدرك جمال استواء خلقه إلا إذا رأى فرداً من أفراد الشذوذ، وكما قلنا سابقاً: إن الحق سبحانه يلفت الناس الساهين عن نعم الله عليهم لرتابتها فيهم بفقدها في غيرهم، فساعة أن يرى مبصر مكفوفاً يسير بعكاز فيفطن إلي نعمة البصر، التي وهبها الله له، وقد يلمس الإنسان عيوبه تحدثاً بنعمة الله.
إن الشذوذ في الخلق هو نماذج إيضاحية تلفت الناس إلي نعم الله التي أنعم الله عليهم بها. والحق جل وعلا لا يغفل عن صاحب العاهة أو العجز فيعوضه سواء بالعبقرية أو غيرها، فإن كان أعمى جعل الله له من العبقرية ما يهزم الإنسان السليم، فتيمورلنك الأعرج صار قائداً يهزم البلاد الكثيرة، لقد أعطاه الله من الموهبة، ما يعوض به العرج، وحين نجد العبقريات فإننا نجد بعضها من الشواذ، لماذا؟ لأن الله يهب صاحب العاهة همه يحاول بها أن يعوض شيئاً فقده في مجال آخر.
إذن: فالحق سبحانه حين يبلغنا:
{هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء .. "6"} (سورة آل عمران)
وكل تصوير له حكمة؛ لذلك فلا تأخذ كل خلق مفصولاً عن حكمته، ولكن خذ كل خلق الله مع حكمته؛ لأن الذي يجعلك تحكم بقبح أمر ما، هو أنك تفصل الخلق عن حكمته، فالتلميذ الذي يرسب لا يجب أن يظن أن هذا الرسوب مفصول عن حكمة الرسوب. إن الرسوب معناه لفت الانتباه إلي ضرورة احترام الدرس، لأن التلميذ إن نجح مع اللعب، فكل تلميذ سوف يلعب وسيقال فلان لعب ونجح، ولن يلتفت أحد إلي قيمة تحصيل العلم.
إذن: فنحن يجب أن نأخذ كل أمر ومعه حكمة الله فيه، وكذلك لا نأخذ أمر عقوبة ما وهي منفصلة عن الجريمة، إن كل عقوبة إنما ترتبط بجريمتها. فساعة أن نرى إنساناً محكوماً عليه بالإعدام فلا تأخذك الرأفة به؛ لأن العقوبة إنما جاءت على جريمة قتل سابقة. إن استحضار الجريمة في الذهن هو الذي يجعل العقوبة تساوي الجريمة. فالمقتول قد قتل ظلماً والمجرم يتم إعدامه قصاصاً وعدالة. ويقول الحق سبحانه بعد الحديث عن التصوير في الأرحام كيف يشاء:
{لا إله إلا هو .. "6"} (سورة آل عمران)
ومعناها هنا أنه الحق الذي سيصور وهو ضامن أن ما يصوره يكون على الصورة التي يريدها، وهو الخالق الأكرم فلا إله قادر على أن يستدرك على ما خلق، ويعيد تصوير المخلوق في الرحم، إنه الحق سبحانه وتعالى:
{العزيز الحكيم "6"} (سورة آل عمران)
أنه إله واحد لا يغلبه أحد على أمره، وما يريده يكون، وما يريده الله يكون دائما بحكمة أنه عزيز لا يغلب على أمره، وكل أمره إنما يكون لحكمة ما، إنه تنبيه للخلق، ألا يفصلوا الحدث عن حكمته، فإذا أخذ العبد الحدث بحكمته فهذا عين الجمال. إن الله الذي يصور في الأرحام كيف يشاء لا يترك المادة المخلوقة وحدها، إنما يخلق لها القيم، وذلك حتى تنسجم حركة الوجود مع بعضها.

شريف حمدان 28 / 01 / 2010 31 : 12 AM

رد: أسماء الله الحسنى للتثبيت.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا أخي الفاضل على المجهود الرائع
جعله الله في ميزان حسناتكم إن شاء الله
بارك الله فيكم...وجعل الجنة مثواكم....

أبو عادل 30 / 01 / 2010 46 : 08 PM

رد: أسماء الله الحسنى للتثبيت.
 
الودود.


قال تعالى:
{إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا "96"} (سورة مريم)
الودود هو الود وهو الحب، وسبحان المحب للمؤمنين، وهو المحبوب لهم ومحبة الله لعباده، ورحمته إياهم، ومحبة المؤمنين لله تعالى: طاعته، وطاعة الله رحمة من الله، والله نور السماوات والأرض، فمن أصابه من ذلك النور فقد سبق له من الله الهدى، وما أحب المؤمن لله، وما أحبه لله!! وقيل في معنى "الودود": إن عباده الصالحين يودونه ويحبونه، لما عرفوا من كماله في ذاته وصفاته وغفرانه تعالى.
وكلتا الصفتين مدح، لأنه جل ذكره، إذا أحب عباده المطيعين فهو فضل منه، وإذا أحبه عباده العارفون فلما تقرر عندهم من كريم إحسانه. وهنا مكان هذا الدعاء الجميل:
"يا ودود، يا ذا العرش المجيد، يا مبدئ يا معيد، يا فعال لما يريد، أسألك بنور وجهك الذي ملأ أركان عرشك، وبقدرتك التي قدرت بها على جميع خلقك، وبرحمتك التي وسعت كل شيء، لا إله إلا أنت، يا مغيث أغثني". وقد ذكر الودود سبحانه، مرتين في القرآن الكريم:
{واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود "90"} (سورة هود)
{وهو الغفور الودود "14"} (سورة البروج).


أبو عادل 30 / 01 / 2010 46 : 08 PM

رد: أسماء الله الحسنى للتثبيت.
 
المجيد.


قال تعالى:
{إنه حميد مجيد "73" } (سورة هود)
المجيد هو ذو الشرف التام الكامل، المفيض على العباد بالمجد والعطايا، والمجد هو الشرف العظيم الرفيع القدر، والمجيد في اللغة هو الذي عظم كرمه. وقيل في معنى "المجيد" سبحانه: هو الشريف ذاته، الجميل أفعاله، الجزيل عطاؤه. وقيل: البالغ المنتهي في الكرم. وقد ذكر "المجيد" تعالى مرة واحدة في القرآن المجيد في قوله تعالى:
{رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد "73"} (سورة هود)
فهو المجيد في إيجاده، والمجيد في امتداده، والمجيد على الصالحين من عباده، فمجد الإيجاد أنه أوجد الكون واستخلفك فيه، ومجد الإمداد، أنه أمد الكل لعطاء الكل، فأعطى للكافر من مدده كما أعطى المؤمن من فضله.


أبو عادل 30 / 01 / 2010 47 : 08 PM

رد: أسماء الله الحسنى للتثبيت.
 
الباعث.


قال تعالى:
{لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم "164"} (سورة آل عمران)
هو الله باعث النبيين مبشرين ومنذرين، والحمد لله الذي بعث في الأميين رسولاً منهم، يتلو عليهم آياته، محمد رسول الله خير مبعوث. وهو باعث الموتى، قال تعالى:
{وإن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور "7" } (سورة الحج)
ومن معاني الباعث: مثير الساكن، باعث الهمم، وباعث ما في عالم الغيب.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلي فراشه، وضع يده اليمنى تحت خده الأيمن ثم قال: "اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك"
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عند الاستيقاظ: "الحمد لله الذي أحيانا بعد أن أماتنا وإليه النشور"
وهذا الاسم العظيم "الباعث" غير وارد بصيغة الاسم في القرآن الكريم، ثم لنقرأ هذه الآية الكريمة:
{ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً "79"} (سورة الإسراء)
وقال تعالى:
{كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون "28" } (سورة البقرة)
تجئ تلك الآية الكريمة بعد أن أوضح الحق سبحانه لنا أن أي خروج عن المهمة التي أرادها الله للإنسان هو خسران للحياة، وعندما نتأمل قول الحق:
{كيف تكفرون بالله .. "28"} (سورة البقرة)
فإننا نرى أن "كيف" تستعمل لمعرفة الحال، كأن يقول واحد "كيف حال محمد؟" فيقول آخر: إنه مسافر، وهكذا تعرف أن "كيف" تستخدم هنا للاستفهام عن حال الإنسان بعد أن يعرف أن الله هو خالق الكون، وأن العهد موثق بين العبد والرب على الإيمان، وأن الله ضرب لنا الأمثال ليزيد إيمان المؤمنين، ويضل من امتلأ قلبه بالضلال، وكأن الحق سبحانه حين يطرح على العباد هذا التساؤل فإنها تحمل التعجب واللوم لمن يكفر بالله.
لقد طرح لنا الحق سبحانه من قبل كيف أخذ العهد الموثق من ذرية آدم على الإيمان به، وأن الحياة صفقة يربحها المؤمن ويخسرها الكافر أو المنافق، هذه الآية تتضمن أدلة على وجود الله السابقة لذلك، فإن الخالق الأكرم يأتي بهذه الآية ليوضح الدليل القاطع الحاسم على وجوده، فيقول الحق سبحانه دليلاً على عظمته وبديع صنعه:
{كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون "28"} (سورة البقرة)
وكأن الله بذلك يصعد الجدل في القرآن بين الآيات الحقة، والبراهين القاطعة، وبين بهت إدعاء الكافرين والمنافقين. إن أحداً لا يستطيع أن يجادل في أنه مخلوق من تراب، إن أحداً لا يستطيع أن يجادل في أن هناك خالقاً، ذلك أن أحداً لم يدع أنه الخالق. وعندما يخبرنا الله البراهين أنه "الخالق"، فلنا أن نتأمل تلك البراهين، فإننا نعرف أن الدليل المؤكد أن إخبار الرسول لنا بأن الله هو الخالق، وهو الذي خلق الإنسان من تراب، وكان قبل ذلك مجرد عدم، وأن الخالق الأكرم وهبنا الحياة.
لكن الكافرين قد يثيرون الجدل، لذلك جاء الأمر المشهدي وهو "الموت" الذي لا يعرف الإنسان ميعاداً له، ولا أين يحدث ذلك، فإن أي ملحد أو مدع أن لتفكيره قدرة مطلقة على إدارة حركة الحياة. أي إنسان من هذا النوع عليه أن يستمع لهذه الآية، ويرى تطبيقها في الوجود قضية الموت، وقبل أن يدخل أي إنسان في حركة الحياة والإفساد فيها، عليه أن يرقب قضية الموت. فإذا كان الميلاد قوساً تبدأ بعدها حركة الوجود في الحياة، فإن القوس الأخيرة في حياة الإنسان هو الموت.
فما بال بعضنا يريد أن يتدخل في حركة الحياة، فينسبها إلي ضلال الإنكار، ولذلك فإن للإنسان أن يتعجب من فعل الإنسان، عندما توصل الإنسان إلي التدخل لإسعاد بعض البشر الذين لا ينجبون، بأن وضعوا العلم في خدمة إنجاب الأطفال عن طريق الأنابيب. فلنا أن نعرف أن عملية التلقيح عن طريق الأنابيب لم تكن لتصلح، لولا أن خضع الإنسان لإرادة الله، فوضع البويضة المأخوذة من المرأة بواسطة الحيوان المنوي للرجل، فإن الخضوع للإنسان هو بإعادة البويضة خلال عدد محدود من الساعات في رحم المرأة المأخوذ منها البويضة. وذلك لأن الإنسان لا يستطيع أن يخلق رحماً أو "وسطاً" صالحاً لحماية الجنين أثناء مراحل نموه كالرحم، قد يكون في ذلك انتصار علمي في حدود إلغاء فشل المرأة في الإنجاب لانسداد قناة التوصيل للبويضة أو للحيوان المنوي.
لكن هذا الانتصار ظل معلقاً على ضرورة أن يكون الرحم واحداً؛ لأن الانسجام والوظيفة التي خلقها الله للرحم تظل فوق طاقة البشر. وعندما يجئ القرآن الكريم ليؤكد أن الإنسان مخلوق من تراب، فقد ثبت في العصر الحديث أن مكونات الجسم البشري هي نفس عناصر الأرض. ويقول الحق تبارك وتعالى ليذكر البشرية والعقل البشري الذي قد تنتابه الشكوك في البعث مرة أخرى بعد الموت:
{يا أيها الناس إن كنتم في ريبٍ من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلي أجل مسمى ثم نخرجكم طفلاً ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلي أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علمٍ شيئاً وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيجٍ "5"} (سورة الحج)
إن الحق تبارك وتعالى بالآية الكريمة ما ينفي الشك عن العقل الإنساني، هذا الشك الذي قد يصيب بعض العقول من أن البعث آت لا ريب فيه، فيقول الحق إن الإنسان مخلوق من تراب وهذا أصله، ثم جعل الله للإنسان قدرة على التزاوج فيأتي من صلب الرجل حيوان منوي يتزاوج مع بويضة، ثم تصير البويضة والحيوان المنوي مضغة من دم متجمدة، ثم تتحول إلي قطعة من اللحم التي تحمل ملامح الإنسان. وقد تنزف المرأة الجنين قبل تمام نموه، وقد يتم الجنين ويخرج إلي الحياة، هذا أمر معلق بإرادة الله، وبعد ذلك يصل الإنسان إلي الحياة طفلاً، ويبلغ برعاية الأم ولبنها إلي درجة من النضج، وينتج له الترابط الأسري درجة من النمو في المجتمع ويبلغ الطفل الرشد.
وخلال رحلة العمر قد يموت الإنسان طفلاً أو شاباً أو يبلغ الكبر حتى ينسى كل ما فعله في الحياة، ولنا أن نعرف أن العلم قد أثبت أن الذاكرة لا تضمحل إلا في قليل نادر من حالات المرض العقلي، أو في الشيخوخة الشديدة، فإن الإنسان ينسى في هذه الشيخوخة الشديدة كل ما عرف. وهذه قدرة الحق تبارك وتعالى، تلك القدرة التي تتجلى في أن البعث أمر في مشيئة الله، تلك المشيئة التي تتجلى في نزول الماء على الأرض القاحلة فتدب فيها الحياة، وينتفع طينها بالماء، وتخرج أصناف النباتات، تلك النباتات التي تمتلك أيضاً قدرة التزاوج لتعطي الثمار التي يبتهج بها الإنسان. وعن مرحلة الإنسان كسلالة من طين نجد الآيات الواضحة التي تصف لنا هذا الغيب الذي لم نشهده، ولكنا نحس بصدقه في حياتنا، ويتأكد لنا عند رؤيتنا للموت.
ويقول الحق تبارك وتعالى:
{ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين "12" ثم جعلناه نطفة في قرارٍ مكين "13" ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين "14" ثم إنكم بعد ذلك لميتون "15" ثم إنكم يوم القيامة تبعثون "16"} (سورة المؤمنون)
إن الدعوة موجهة من قبل الحق تبارك وتعالى لعباده ليتأملوا كيفية الخلق أن عناصر الإنسان هي نفس عناصر الطين الذي خلق منه آدم، ومن سلالته كان البشر، كل إنسان أصله نطفة من حيوان منوي، وبويضة يتحدان معاً في الرحم، هذا المكان الحصين الأمين الذي خلقه من عظام حوض المرأة، ليكون مكاناً صالحاً لحمل الإنسان تسعة أشهر. ويحدث هذا الخلق على مراحل، فمن نطفة إلي علقة أي بويضة مخصبة بالحيوان المنوي إلي مضغة من دم، ومن هذه المضغة يتم خلق العظام، ومن ذلك يتم خلق اللحم البشري بالنمو داخل الرحم، ثم ينفخ فيه الله الروح، ثم يخرج إلي الحياة إنساناً جميل الطلعة حسن الاستقبال، وبعد الحياة هناك الموت، ثم البعث للحساب في يوم القيامة.

أبو عادل 30 / 01 / 2010 48 : 08 PM

رد: أسماء الله الحسنى للتثبيت.
 
الشهيد.


قال تعالى:
{قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم .. "43"} (سورة الرعد)
هو الشهيد العليم بظواهر الأشياء، وهو الخبير العليم ببواطن الأشياء، وقيل: الشهيد مبالغة في الشاهد، والشهادة ترجع إلي العلم مع الحضور. وهو الذي كرم الإنسان بنعمة المشاهدة، فرأي من آيات الله ما أفعم القلوب بالشهادة، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى:
{قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحى إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى قل لا أشهد قل إنما هو إله واحد وإنني برئ مما تشركون "19"} (سورة الأنعام)
وقد ذكر "الشهيد" سبحانه تسع عشرة مرة في القرآن العظيم. والله شهيد على ما تعملون، والله على كل شيء شهيد، ثم الله شهيد على ما يفعلون، وأن الله على كل شيء شهيد، وأنه على كل شيء شهيد، وكفى بالله شهيداً.
قال تعالى:
{لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيداً "166" } (سورة النساء)
فإذا كان أهل الكتاب لا يشهدون بما أنزل الله إلي رسوله صلى الله عليه وسلم ويذكرون ما في كتبهم من البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم كرسول خاتم، فإن الله يشهد وكفى بالله شهيداً. إن الحق سبحانه وتعالى قد أنزل القرآن بعلمه، وهو الذي لا تخفي عليه خافية، وهو سبحانه الذي خلق كل الخلق، وهو الذي يعلم جيداً ما يصلح للبشر من قوانين. وقد قلنا: إننا في أعرافنا البشرية أن الذي يصنع الصنعة، هو الذي يضع قانون صيانتها لتؤدي مهمتها كما ينبغي، كذلك الله هو الذي خلق ذلك الإنسان، وهو الذي يضع قانون صيانة بـ"افعل" ولا "تفعل".
ولذلك يقول الحق سبحانه:
{ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير "14"} (سورة الملك)
إن الواحد منا يذهب بساعته إلي عامل إصلاح الساعات فيكشف عليها، ويقرر ما فيها من فساد، فما بالنا بخالق الإنسان؟ إن العبث الذي يوجد في هذا العالم أن الناس قد استقبلوا خلق الله لهم، ولم يدع أحد أنه خلق نفسه أو خلق غيره، ومع ذلك يحاول البشر أن يقننوا قوانين صيانة للإنسان خارجة عن منهج الله. نقول لهؤلاء: دعوا خالق الإنسان يضع لكم قانون صيانة الإنسان بـ"افعل" و"لا تفعل"، وإن أردتم أن تشرعوا فلتشرعوا في ضوء منهج الله، وإن حدث أي عطب في الإنسان فترده إلي قانون صيانة الصانع الأول، وهو القرآن.
إن الذي يسبب المتاعب للبشرية إنما ينبع من أن الإنسان يتناسى في بعض الأحيان أنه من صنعة الله، ويحاول أن يضع لنفسه قانون صيانة، بعيداً عن منهج الله، والذي يزيل متاعب الإنسانية هو أن تعود إلي قانون صيانتها، الذي وضعه لها الحق تبارك وتعالى، فذكر في كتابه الكريم:
{لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيداً "166"} (سورة النساء)
إن الملائكة تشهد لأنها نالت شرف أن يكون المبلغ لرسول الله منهم وهو جبريل عليه السلام، وهم أيضاً الذين يحسبون حسابات العمل الصالح أو الفاسد للإنسان، وهم ثالثاً الذين حملوا اللوح المحفوظ، وهم يعرفون الكثير:
{وكفى بالله شهيداً "166"} (سورة النساء)
لماذا لم يقل الله هنا: وكفى بالله وبالملائكة شهوداً؟ إن الحق سبحانه وتعالى لا يأخذ شهادة الملائكة تعزيزاً لشهادة الناس، صحيح أن الملائكة تشهد، ولكن الله لا يأخذ شهادة الملائكة تعزيزاً للشهادة. ونحن لا نأخذ شهادة الملائكة تعزيزاً لشهادة الله، وإلا لكانت الملائكة أوثق عندنا من الله، إن الحق يؤرخ شهادة الناس وشهادة الملائكة لكنك يا رسول الله نكفيك بشهادة الله.
ويقول الحق سبحانه وتعالى:
{شهد الله أنه لا إله إلا هو .. "18"} (سورة آل عمران)
هذه قضية أطلقها الحق سبحانه، وهي شهادة من الحق سبحانه وتعالى لنفسه شهد الله أنه لا إله إلا هو، وكفى بالله شهيداً. لماذا؟ لأنها شهادة الذات العلية للذات العلية.
{شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم "18"} (سورة آل عمران)
لقد شاهدت الملائكة المشهد، وشهد أولو العلم بأنه لا إله إلا هو، لأنهم يأخذون من الأدلة ما يثبت صدق الملائكة، ويؤكد صدق الله، فإذا ما نظرنا نظرة أخرى نجد أنها كلمة أطلقها الله على نفسه،وقال "لا إله إلا الله"، وجعلها كلمة التوحيد. والأمر غاية في اليسر والسهولة والبساطة، إن الله لم يشأ أن يجعل دليل الإيمان بالقوة العليا دليلاً فلسفياً لا يستطيع أن يصل إليه إلا أهل الثقافات العالية، لأن الإيمان مطلوب من الجميع، ويراعي في ذلك راعي الشاة. كالفيلسوف يتساوى فيه كناس الشارع مع الطبيب مع الأستاذ الكبير.
لذلك جعل الله قضية الإيمان في مستوى العقول البشرية جميعها. إن الأدلة في منتهى البساطة. قال الله: أنا شهدت أنه لا إله إلا أنا. وهو ما نقوله نحن المؤمنون. فإما والعياذ بالله غير صدق. فلو كان الأمر غير صادق، فإن هو الإله الذي سمع ذلك التحدي، وأخذ الله منه ذلك الكون، وقال: "أنا وحدي خالق الكون"؟ إننا لم نسمع رداً على الله ولا معارضاً له إن كان هناك من درى بذلك أو لم يجرؤ على الرد فهو لا يصلح أن يكون إلهاً.
إذن: فالقضية لله؛ لأن أحداً لا يجرؤ على أن يدعي على غير ذلك، فلم يظهر مدع ينشر دعوى أخرى، إذن: فلا إله إلا الله هو قضية حق. وعندما ينظر إلي هذه القضية بالعقل والمنطق فإننا لا نجد إلهاً إلا هو؛ لأنه لو كان هناك إله آخر لأبلغنا عن نفسه، فإن لم يكن فأين هو الذي يدعي ذلك؟ وقد قلنا من قبل: إن الدعوى حين تدعي، ولا يوجد معارض فإنها تثبت لصاحبها إلي أن يوجد المعارض، وأضرب هذا المثل، ولله المثل الأعلى وننزهه سبحانه وتعالى عن المثل.
أقول: لنفترض أننا عشرة من الناس قد اجتمعنا في غرفة ثم انصرفنا، ووجد صاحب البيت حافظة نقود، وجاء واحد من الذين كانوا حضوراً وبه لهفة التساؤل عن حافظة نقوده التي ضاعت منه، وجئ ببقية العشرة الذين كانوا حضوراً، ولم يدع أحد أن حافظة النقود التي عثر عليها صاحب البيت تخصه، وهنا يثبت للجميع أن حافظة النقود هي لصاحبها الذي قال فقدها.


أبو عادل 30 / 01 / 2010 49 : 08 PM

رد: أسماء الله الحسنى للتثبيت.
 
العلي.



قال تعالى:
{فالحكم لله العلي الكبير "12"} (سورة غافر)
{وهو العلي العظيم "4"} (سورة الشورى)
{وهو العلي الكبير "23"} (سورة سبأ)
{إنه علي حكيم "51"} (سورة الشورى)
هو العالي علو الجلال والكمال، قال الحليمي من العارفين بالله في معنى العلى:
"إنه الذي ليس فوقه فيما يجب له من معالي الجلال أحد، ولا معه من يكون العلو مشتركاً بينه وبينه، ولكنه العلي بإطلاق". عن إياس بن سلمة عن أبيه قال: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح دعاء قط إلا استفتح "بسبحان الأعلى الوهاب". يتجلى الله في علاه في مرئيات الإدراك، وفي خواطر الوجدان، وفي إبداع الصفة، وفي أسرار الغيب، فالأرض تضم أجناساً متعددة، وهي كالآتي:
الجماد: هو الساكن ظاهراً كتربة الأرض، أو المعادن، هذا هو الجنس الأول.
والجنس الثاني: هو النبات الذي يختلف عن الجماد، بأن الله وضع فيه خاصية النمو والحس.
والجنس الثالث: هو الحيوان الذي يتميز عن النبات بالحس والحركة.
والجنس الرابع: هو الإنسان الذي يتميز عن الحيوان بخاصية جديدة مضافة للنمو والحس والحركة، وهي الاختيار.
وكل الأجناس التي نراها في الكون لا تخرج عن هذه الأجناس: جماد ـ نبات ـ حيوان ـ إنسان، وكل الأجناس منضبطة انضباطاً قسرياً قهرياً، لا رأي لأحد فيه إلا الإنسان، ففيه جزء من السلوك قسري قهري كسير الدورة الدموية والتنفس وحركة الهضم وغير ذلك من الأمور التي لا دخل لإرادة الإنسان بها، كل الأجناس لها نظام قسري مضبوط على مهمة كل جنس، والسيادة في كل الأجناس للإنسان. يأتي الإنسان بعناصر الجماد فتتفاعل ولا تعصي، ويضع الإنسان البذور في الأرض، فتتحرك البذرة بالخواص التي خلقها الله لتمتص الغذاء المناسب لها من الأرض سواء كان أملاحاً أو عناصر غذائية مع الماء وينمو النبات حسب نوعه، ويتغذى حسب نوعه واحتياجه، وينمو ليصبح ثماراً للإنسان.
ولنا أن نندهش من قدرة الخالق الأعظم الذي خلق في النبات خاصة امتصاص الغذاء الصالح له من الأرض بواسطة الجذور التي يسميها العلماء "خاصية الأنابيب الشعرية". إذا قارنا النبات وهو يمتص غذاءه بهذه الخاصية وبين التطبيق التجريبي في معامل العلماء عن "خاصية الأنابيب الشعرية" فلسوف نجد اختلافاً واضحاً بين تنفيذ النبات لخاصية امتصاص الغذاء بالأنابيب الشعرية وبين خاصية امتصاص الأنابيب الشعرية في المعامل العلمية.
إن الخالق الأكرم خص النبات بجذور تملك قدرة امتصاص الغذاء المناسب لكل نبات على حدة، بينما أنابيب المعامل العلمية تمتص ما يوضع لها من سوائل أي سوائل. إن الأنابيب الشعرية في المعامل لا تملك ما يسميه العلماء "خاصية الانتخاب الغذائي" التي يملكها النبات، وخاصية الانتخاب الغذائي موجودة في كل نبات، يختار منها المواد الغذائية المناسبة له من التربة. وهكذا نتعرف على أن خاصية الانتخاب الغذائي في النبات تقتضي وعياً أن كل نبات يعرف تمييز الغذاء المناسب له تماماً من عناصر تربة الأرض. ولنا أن نسأل: من الذي هدى النبات إلي أن يختار المواد الغذائية التي تناسبه؟ إنه الله الأعز الأكرم، هو الذي "قدر فهدى"، والحق سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم:
{سبح اسم ربك الأعلى "1" الذي خلق فسوى "2" والذي قدر فهدى "3" والذي أخرج المرعى "4" فجعله غثاء أحوى "5"} (سورة الأعلى)
إن الإنسان عندما يتدبر أمر النبات تتجلى له آيات الله الباهرة التي جعلت لكل نبات غريزة غذائية يمتص بها الصالح له من مواد الأرض. فالقصب يختار ما يناسبه من مواد، والفلفل يختار له ما يناسبه من مواد الأرض، والمانجو تختار ما يناسبها، وكذلك التين والتمر. كل نبات يمتلك غريزة خاصة به يحقق بها خاصية "الانتخاب الغذائي" وكل نبات كما هو حال كل كائن قدر له الله السبب الذي يوجد من أجله، ومنحه هداية إمكانات النمو المناسبة له، وهذه أحد أسرار عظمة الخالق الأعز الأكرم.


يتبع...


أبو عادل 09 / 02 / 2010 42 : 04 PM

رد: أسماء الله الحسنى للتثبيت.
 
الوكيل.

قال تعالى:
{وتوكل على الله وكفى بالله وكيلاً "81"} (سورة النساء)
هو الوكيل الكافي لمن توكل عليه، القائم بأمور العباد، وهو الذي من استغنى به أغناه عما سواه، وهو المتصرف في الأمور حسب إرادته، وهو سبحانه الموكول إليه تدبير أمر كل شيء. وقد ذكر "الوكيل" ثلاث عشرة مرة في الكتاب الحكيم:
وهو على كل شيء وكيل ـ والله على ما نقول وكيل ـ وكفى بالله وكيلاً ـ وكفى بربك وكيلاً ـ وتوكل على الله ـ وكفى بالله وكيلاً ـ رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلاً ـ وعلى الله فليتوكل المتوكلون ـ فإذا عزمت فتوكل على الله، إن الله يحب المتوكلين. قال تعالى:
{وهو على كل شيء وكيل "102"} (سورة الأنعام)
ما معنى وكيل؟ معناها أنه يقوم بأمور نيابة عنه، هذا معنى وكيل، ولكن الله لم يقل: وكيل لك، ولكنه قال: وكيل عليك. فالوكيل لك ينفذ أوامرك، والوكيل عليك هو الوصي عليك يقول: لك ما تفعل. ولذلك يدعو الإنسان أحياناً بالشر فلا يجيب الله، لماذا؟ لأنه وكيل عليك يبعد عنك الشر، ولذلك إذا دعوت دعوة فلم تستجب فاعلم أن الله قد وقاك بعد الاستجابة شراً، أما إذا كانت الدعوة فيها خير فيستجب لها الله.
وقوله تعالى:
{وهو على كل شيء .. "102"} (سورة الأنعام)
معناها أنه على كل شيء يحدث أي ما يدخل في اختيارك، وما لا يدخل الشيء المختار. قد يكون فيه شر، فماذا عن الشيء الذي لا اختيار فيه، يعطي هذا الشيء قانون صيانته الذي يجعله يؤدي عمله على الوجه الأكمل، بحيث إن كل شيء مقهور يؤدي عمله بكفاءة وكمال دون تدخل منك لأن الله وكيل عليه. ولذلك فهو يؤدي مهمته في الكون على الوجه الأكمل، فالشمس مثلاً لا تستطيع أن تقترب من الأرض فتحرقها أو تبتعد عنها فتحولها إلي جبال من الثلج، ولكن لها قانون يجعلها تؤدي مهمتها على الوجه الأكمل، دون أن يتدخل الإنسان، والله وكيل على ذلك كله. فإذا شاء أن يجعلها لا تؤدي مهمتها فعل، كما قال للنار:
{كوني برداً وسلاماً على إبراهيم "69"} (سورة الأنبياء)
فلم تحرق، وذلك حتى لا يقال: إن الأشياء تعمل بالأسباب وحدها، بل الله وكيل عليها حين يريدها أن تفعل فعلت، وحين يريد ألا تفعل يقول لها: لا تفعل، فتتوقف عن الفعل. والوكيل هو الذي يتولى أمرك، وأنت إذا جعلت واحداً يتولى أمرك فأنت تشهد أنك عاجز عن هذا الأمر، وأن الذي توكله أحكم منك وأقوى، فإذا كانت الأغيار تستولى على الناس، فالغني يصبح فقيراً، والفقير يصبح غنياً، والقوي يصير ضعيفاً، والصحيح يصير مريضاً. وهكذا فالإنسان ابن أغيار، فأنت حين توكل الإنسان فهو غير مضمون، لأنه ابن أغيار. فضلاً عن أنه قد يموت في أي لحظة، فإن كنت حصيفاً فوكل الذي لا تناله الأغيار، ولا يأتيه الموت أبداً. ولذلك ربنا سبحانه حين يعلم خلقه أن يكونوا على وعي وإدراك يقول لهم:
{وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده .. "58"} (سورة الفرقان)
ومادام الأمر كذلك، فإياك أن تتخذ من دون الله وكيلاً، ولو كان هذا الوكيل هو الواسطة بينك وبين ربك، كالأنبياء لأن الأنبياء لا يأتونك بشيء من عندهم، ولكن من عند الله، لأن الله لو أمسك عنهم الوحي لما وجدوا ما يبلغونه للناس.

أبو عادل 09 / 02 / 2010 43 : 04 PM

رد: أسماء الله الحسنى للتثبيت.
 
القوي.

قال تعالى:
{إن ربك هو القوي العزيز "66"} (سورة هود)
هو الخلاق العليم، ذو القوة المتين، والقوة لله جميعاً، ولا قوة إلا بالله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. قال تعالى:
{فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون "15"} (سورة فصلت)
وقد ذكر "القوى" سبحانه تسع مرات في القرآن الكريم، فهو تعالى قوي شديد العقاب. ومادام الإنسان قد آمن بأن العبادة لله وحده والاستعانة بقوة الله جل شأنه، مادام هذا الإيمان قد استقر في القلب وظهر في السلوك، فلابد أن تقف قوة الخالق بجانب العبد المؤمن لينتصر على خصوم الإيمان يقول الحق:
{إياك نعبد وإياك نستعين "5"} (سورة الفاتحة)
وهنا يجب أن نضيف حقيقة، يجب ألا تغيب عن الأذهان. إن على المؤمن ألا يعتقد أن هناك مخلوقاً من مخلوقات الله قادراً على أن يقف معانداً بالفطرة لقوة الله، إنما يقف الخلق المعاندون بعضهم لبعض في صراع لا دخل للإيمان فيه، لذلك فإننا نجد قوياً يهزم ضعيفاً، لكن إذا التحم الضعيف المؤمن بالله وبمنهج الله مع خصم معاند فإن خصمه لن يكون على نفس درجة إيمانه، وحتى ولو كان الخصم قوياً، ولسوف يكون الانتصار للضعيف المؤمن الملتحم بالله وبقوة الله على الذي تخيلنا أنه قوي، لكن قوته مجردة من الإيمان.
ولنأخذ من هجرة الرسول الكريم درساً، لقد غادر الرسول الكريم مكة ومعه صديقه أبو بكر في رحلة إلي المدينة ليوفر على المؤمنين هذا العذاب الذي كانوا يتعرضون له من قبل الكفار في قريش، ودخل الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر إلي غار يحتميان فيه من الكفار الذين خرجوا للبحث عن محمد رسول الله، وكلنا نعرف قول أبي بكر الصديق لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في هذه اللحظة "لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا".
ولذلك كان رد الرسول الكريم على صديقه أبي بكر واضحاً مانعاً يبعث على الاطمئنان، لقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "فما بالك باثنين الله ثالثهما"
والقرآن الكريم يؤكد هذا القول الواضح بتلك الآية الكريمة:
{إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم "40"} (سورة التوبة)
إن هذا القول الفصل يوضح لنا أن الإيمان المطلق بالله وبأنه مالك كل الأسباب قادر بقوته أن يبعث الطمأنينة والسكينة في قلب الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبي بكر، والله القوي القادر، وقد خطف من الكفار القدرة على إبصار محمد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم والصديق أبي بكر الصديق لحظة تواجدهما في الغار، لوجدنا أن المتغير الأساسي هو أن كليهما في معية الحق سبحانه وتعالى. ومادامت معية الحق هي المسيطرة، فلابد أن يتحقق قوله تبارك وتعالى:
{لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير "103"} (سورة الأنعام)
لذلك لم يكن بإمكان أحد من كفار قريش أن يرى محمداً الرسول الكريم وصاحبه أبا بكر الصديق أثناء تواجدهما بالغار. ومن هذه الحكاية نستفيد ما يلي:
إن أي صراع يحدث بين إنسان وآخر قد يكون أحدهما قوياً أو يكونان متساويين في القوة، فإن الغلبة والانتصار سيكونان للأقوى. أما إذا قام صراع بين إنسان وآخر، أحدهما ملتحم بالإيمان بالله، فالغلبة للإنسان المؤمن مادام قد آمن بالله. ولن ينتصر عليه أحد إلا إذا شرد بعيداً عن جانب الله. ولقد ضربت مثلاً على ذلك لتقريب المسألة من الذهن العادي ولأوضح بشكل قاطع تلك المسألة العقدية، ولله من قبل ومن بعد المثل الأعلى. قلت: لنفترض أن رجلاً له غلام صغير، ووقف الرجل ليتحدث إلي صديق له فشرد الغلام الصغير بعيداً عن أبيه ليلعب في الشارع، وتصدى لهذا الغلام الصغير أطفال اكبر منه في القوة والعمر، فلمن يلجأ الغلام؟
لابد أنه سيلجأ إلي أبيه، وفي اللحظة التي يلجأ الغلام لأبيه، يصاب الأولاد الأكبر منه بالخوف؛ لأن للطفل أباً قوياً، وأن الوالد قادر على حماية ابنه، يحدث ذلك من أب وابن كليهما مخلوق من مخلوقات الله، فما بالنا بالخلق الكامل المطلق لكل الوجود؟ ماذا يحدث عندما يحتمي صاحب حق ضعيف بالخالق الأعلى؟ ما بالنا بإنسان بذل كل ما في طاقته لتحقيق هدف في حدود منهج الله. فتكاثر عليه أهل الكذب بالله، فاستنجد هذا الإنسان المؤمن بالحي القيوم الذي لا تغفل له عين، ولا تحد قدراته قدرة أو قوة. إن الحماية هنا لن تكون حماية أب لابنه، ولكنها حماية خالق أعظم لمخلوق مؤمن، لذلك فعندما يقف عبد مؤمن ملتحم بقوة وربوبية الله، فلابد أن يهزم العبد الفارغ من ربوبية الله، ولابد أن ينطبق قوله تعالى:
{أليس الله بكافٍ عبده ويخوفونك بالذين من دونه ومن يضلل الله فما له من هادٍ "36"} (سورة الزمر)
بهذا المنطلق الإيماني بأن الله حق وغيب، وأنه حاضر لا تدركه الأبصار، وأنه قوي بلا نهاية، بهذا المنطق الإيماني كان محمد الرسول الكريم يواجه قريشاً بكفارها وجهلها وجاهليتها، لقد اختاروا الضلال، واختار الرسول الكريم أن يهديهم إلي التقوى، ولذلك انتصر النبي الملتحم بقوة الحق الأعلى.


أبو عادل 09 / 02 / 2010 43 : 04 PM

رد: أسماء الله الحسنى للتثبيت.
 
المتين.


قال تعالى:
{إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين "58"} (سورة الذاريات)
هو الله الرزاق ذو القوة المتين، وهو الذي لا تتناقص قوته. عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في قوله تعالى "المتين" يقول "الشديد". وفي اللغة يقال: هو متين القوي، ومن المجاز يقال: رأي متين. واسمه تعالى "المتين" يدل على القوة والقدرة والله سبحانه متم قدره، وبالغ أمره. وقد ذكر "المتين" سبحانه، مرة واحدة في الكتاب المبين في قوله تعالى:
{إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين "58"} (سورة الذاريات)
وعندما تتجمع القوة مع القدرة ومع التقدير يكون التوازن العادل بإحسان، فكونه هو الخالق لكل شيء بقدر. وهو القادر على تنفيذ القدر مع تقدير للأمور فتكون القوة من شديد القوى المحكمة. التي لا تعرف التناقض، فقد تكون القوة وتنقصها حكمة التقدير، فيكون الإخلال في المسير، ولكن الله سبحانه وتعالى صاحب القوة ـ وهو شديد القوى حتى تعتدل الموازين في دنيا الأغيار، ويوم يقوم الأشهاد.

أبو عادل 09 / 02 / 2010 44 : 04 PM

رد: أسماء الله الحسنى للتثبيت.
 
الولي.


قال تعالى:
{إلا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون "62"} (سورة يونس)
كلمة ولي أي من يليك، أي: من هو قريب منك، ومادام قريباً منك فهو أول من تفزع إليه حين تصادفك عقبة أو مصيبة، ومادمت قريباً منه فهو ينصرني ويفيض علي. فإذا قربت من عالم يعطيني علماً، وإذا قربت من قوي يرفع عني ما لا أستطيع حمله، وإذا قربت من غني يعطني إذا احتجت، فالولي يعني القريب والناصر، والله سبحانه وتعالى هو الولي، تقترب منه فيقترب منك، وتبتعد عنه فيبتعد عنك. وهو الولي للناس كل الناس، لأنه قد يواليك أحد ولا يوالي الآخرين، وهو الولي الذي قربه من خلق لا يبعده عن خلق، لأن الولي قد يكون قريباً من إنسان بعيداً عن الآخر، ولكن الله جل جلاله لا يشغله شيء، فهو قريب منك، وقريب من كل خلقه.
والله هو الولي الحق لأنه قد يواليك من يطمع في مالك، ويواليك من يطمع في قوتك، ويواليك من يريد أن يستغل نفوذك، ولكن الله سبحانه وتعالى غني عنا جميعاً، وعما في أيدينا، ولذلك فهو ولي لا يأخذ منا ولكن يعطينا الحق جل جلاله يقول:
{إلا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون "62"} (سورة يونس)
وهكذا بين لنا أن هؤلاء أولياء لمن؟ لله جل جلاله أي: المقربين من الله، فهذه ولاية من الخلق لله، وهناك ولاية من الله للخلق، وذلك في قوله تبارك وتعالى:
{والله ولي الذين آمنوا .. "257"} (سورة البقرة)
أي: الله قريب من المؤمنين، فمرة يقترب الخلق من الله، ومرة الله سبحانه وتعالى هو الذي يقترب منهم. أي: مرة تكون الولاية من المؤمنين لله، ومرة تكون الولاية من الله للمؤمنين، أيهما تأتي أولاً؟ نقول: إن لله سبحانه وتعالى طلاقة القدرة في كونه، يرى خصلة من خير في عبد من عباده، فيكرمه أولاً، فيصبح طائعاً مخلصاً ثانياً. لذلك فإن كل عاص تاب، وكل إنسان كان بعيداً عن المنهج ودخل فيه لابد أن فيه خصلة خير أحبها الله فهداه بها، مثل الرجل الذي نزل إلي البئر في يوم شديد الحر ليسقي كلباً يعاني من شدة العطش. لماذا فعل هذا؟ طمعاً في ثواب الله؛ لأنه لا يمكن أن ينافق كلباً، ولكنه أراد أن يفعل خيراً لوجه الله فأحبه الله فغفر له.
الإنسان المؤمن إذا أقبل على عمل فإنه يبدؤه مستعيناً بالله سبحانه وتعالى، ثم يأخذ بالأسباب. هب أن إنساناً مؤمناً ذاهباً لشراء صفقة أو لبيع شيء، أول الأشياء أنه يعد الإعداد المادي الدنيوي أخذاً بالأسباب، فإذا كان مشترياً أعد المال، وإذا كان بائعاً أعد السلعة. المهم أنه يعد كل ما هو لازم للصفقة من سلعة وعقود وما شابه ذلك، ثم يبدأ متوكلاً على الله، إن أصاب فهو خير، وإن أخفق فهو خير، إن أصاب فإنه يعلم أن الله سبحانه وتعالى قد وفقه، وكيف لا وقد استعان بسم الله ورعاه في كل شيء، فإذا جاء التوفيق من الله وهو خير أمده الله به، وإن لم يأت التوفيق من الله ولم تتم الصفقة فلابد أن الله رأى فيها شراً فأبعدها عنه. وهناك أشياء كثيرة ظاهرها الخير وحقيقتها غير ذلك.
كذلك الله سبحانه وتعالى ـ ولله المثل الأعلى ـ مع عبده المؤمن، هناك إنسان الرزق الكبير يفسده، ويدفعه إلي طريق المعصية والهلاك، فإذا منع الله سبحانه وتعالى عنه فيض الرزق، كان ذلك رحمة به لا ضرر له. وهناك إنسان قلة الرزق تجعله يتجه إلي الجريمة والمعصية والهلاك، فإذا فتح الله عليه في الرزق كان ذلك منجاة له من النار، كلا الشخصين يريد الرزق، وكلا الشخصين مؤمن، لكن الله سبحانه وتعالى وهو يحب عباده المؤمنين يعطي أحدهما ويمنع عن الآخر، وفي العطاء رحمة، وفي المنع رحمة، والإنسان المؤمن يمضي في الحياة وفي قلبه هذا الشعور.
وهو يعلم يقيناً أن الله يحب عباده المؤمنين، وهو يعلم يقيناً أن الله ينصر الذين آمنوا، وهو يعلم يقينا أن الله ولي الذين آمنوا في الحياة الدنيا والآخرة، وهو يعلم مالا نعم، فإذا كان لم يوفقه في شيء فمعنى ذلك أنه دفع عنها شراً. ولذلك فإن الإنسان المؤمن يقول: الحمد لله دائماً إذا أعطى، وإذا منع، ويكون راضياً إذا أعطى، وإذا لم يعط، لأنه يحس أن الخير في الاثنين وينطبق عليه قول الله تعالى:
{لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم .. "23"} (سورة الحديد)
فتنشأ النفس المؤمنة بعيدة عن القلق، عن الإحباط عن كل ما يمزق النفس البشرية ويهدمها، ويدفعها إلي الجنون والانتحار. أما الكافر فيمضي في الحياة، والله ليس في باله، فهو يعبد الأسباب وحدها، ويعتقد أن الأسباب تعطي بلا مسبب، وأنه هو بذاته يستطيع أن يحقق ما يريد أو كما يحلو لبعض الناس أن يقول يستطيع أن يصنع قدره، ومقاييس الخير والشر عنده هي مقاييسه هو تماماً.
كذلك الطفل أو الشاب الذي يعتقد أن المطواة أو المسدس هو خير له، لأنه يحميه من أذى الناس، ليمضي غير المؤمن وليس في قلبه الله، فيأخذ بالأسباب، ويضع نفسه حكماً أعلى على أمور الحياة. وعندما يصطدم بأن شيئاً مما أراده لم يتحقق أو بأنه فشل في تحقيق شيء يحس أنه ضاع، وأنه انتهى، وأنه سيواجه مصيراً أسود، وتضطرب نفسه وتتمزق، فإما أن يهرب من واقع أليم بالانتحار، وإما أن يعجز عقله عن التفكير فيصاب بالجنون. وهكذا رغم رغد الحياة المادية وما تقدمه له مما لا يحصل عليه إنسان آخر في دولة متخلفة، فإنه يحس بعدم الاستقرار، يحس بأن غيره غير آمن، وقد يبقى طوال الليل في فراشه لا ينام، لأن شيئاً قد حدث أراد الله له به خيراً، وهو لا يعلم.
وهكذا تختلف الحياة بين المؤمن والكافر، فالمؤمن مطمئن إلي قضاء الله، وأن فيه الخير أعطى أو منع، ولذلك فهو يعيش حياة طيبة لا انفعال فيها، ولا جنون، ولا انتحار، والكافر ينسب الفعل لذاته، ولذلك فهو يعيش حياة تعسة فقدرات الكون التي هي اكبر من قدراته تخيفه، إحساس رهيب بعدم الأمن والأمان. ولو أنه دخل على العمل باسم من سخر له الكون لا بذات قوته لكان ذلك طريقاً إلي سكينة النفس وطيب العيش والحياة الطيبة المطمئنة، ذلك أن الله سبحانه وتعالى يطلق أشياء في الكون حتى لا تؤمن أنت. إن امتلكته هو ملك لك ويستطيع الله سبحانه وتعالى أن يذهبه عنك، فالله سبحانه وتعالى يستطيع أن يعطي وأن يأخذ، وأن يجعل الكون ينفعل أو لا ينفعل، ولكنك أنت لا تستطيع، هذا هو الفرق بين الحق وبين الخلق.
قال تعالى:
{إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين "196"} (سورة الأعراف)
فهو المتكفل بأمور العباد كلها، وهو الذي يتولى الصالحين من عباده، الناصر لمن أطاعه، وذلك بأن الله هو الذي نصر أولياءه، وقهر أعداءه، وقيل: الولي هو الذي أحب أولياءه، ونصرهم على أنفسهم باجتناب المعاصي، وقيل: هو المتولي لأمر عباده المختصين بإحسانه. وقد ذكر "الولي" تعالى ثلاث عشرة مرة في الكتاب المبين.

أبو عادل 09 / 02 / 2010 45 : 04 PM

رد: أسماء الله الحسنى للتثبيت.
 
المتعال.


قال تعالى:
{عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال "9"} (سورة الرعد)
هو البالغ في العلو، المتعالي بوجوب وجوده، رفيع الدرجات ذو العرش، وقيل المتعال: معناه المرتفع في كبريائه وعظمته، وعلا مجده عن كل ما يدرك، أو يفهم من أوصاف خلقه. فكل من أسمائه المجيد والعلي والعظيم والكبير والمتعالي، يدخل في الذي يليه بمعناه طردا أو عكساً، فهو العظيم في مجده، والمجيد في عظمته، والعظيم المجيد العلي في كبريائه، وهو تعالى المتعالي في ذلك كله.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بئس العبد عبد تخيل واختال، ونسى الكبير المتعالي"
وقد ذكر "المتعال" سبحانه مرة واحدة في الكتاب العظيم في الآية التاسعة من سورة الرعد:
{عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال "9"} (سورة الرعد)
والمتعالي هو فوق كل فوق، وفوق كل إبداع، وفوق كل خلق، والمتعالي في أمره، فأمره فيه مصلحة العباد، والمتعالي في أمره، فأمره فيه مصلحة العباد، والمتعالي في نهيه لمنع الفساد، والمتعالي في خلقه تبارك الله احسن الخالقين. المتعالي في رزقه، يقول الحق سبحانه وتعالى:
{وقدر فيها أقواتها .. "10"} (سورة فصلت)
وقال تعالى:
{ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثيرٍ ممن خلقنا تفضيلاً "70"} (سورة الإسراء)
والمتعالي هو الرفيع في ذاته، الرفيع في صفاته، الرفيع في عطائه، الرفيع في كبريائه وعظمته. والمتعالي يسقط أمامه كل كبير، ويتلاشى أمامه كل عظيم، ويتناهى عنده كل ملك؛ لأنه ملك الملوك ومالك الملكوت، وهي الحي الذي لا يموت، فهو الكبير لا كبير سواه، وهو العظيم لا عظيم معه، والمتعالي هو المقام الذي لا يليق إلا بذاته، فليس هناك متعال يوصف بهذا الاسم؛ لأنه لا وجود له على الحقيقة سواه.
إذن: المرجع إليه في حركات الكون السارية في الوجود، وحياة الحياة المتحركة في الكون المكنون. ولم نسمع في تراثنا القديم أن إنساناً سمى المتعالي، فهو اسم محفوظ باسم الله؛ لأنه يعلم المنظور والمخفي من عالم الشهادة وعالم الغيب، ولا يظهر الغيب إلا بتوقيت.

أبو عادل 19 / 02 / 2010 08 : 12 PM

رد: أسماء الله الحسنى للتثبيت.
 
البر


قال تعالى:
{إنه هو البر الرحيم "28"} (سورة الطور)
هو العطوف على عباده بلطفه. الذي من على السائلين بحسن عطائه، وعلى العابدين بجميل جزائه، وهو الذي منه كل مبرة وإحسان. والبر بفتح الباء معناه: فاعل البر، أي: الإحسان، وهي كلمة جامعة لكل صفات الخير، وهو من أسماء الله تعالى. وفي اللغة "البر" هو الاتساع كما يرى المفسرون واللغويون أن البر هو الصلة والخير والاتساع في الإحسان والصدقة، ويجوز أن يكون معنى البر الكثير الطاعة، وجمعه أبرار، ومن المجاز (فلان يبر ربه) أي: يطيعه.
وفي هذا يكون البر اسماً جامعاً للطاعات وأعمال الخير المقربة إلي الله، أو اسماً جامعاً لرضي الخصال، ولكل فعل مرضي. وطاعة الله سبحانه هي عبادته تعالى، وبر الوالدين، والتوسع في الإحسان إليهما، فالجنة تحت أقدام الأمهات. والبار من يصدر عنه البر والطاعة، وجمعه بررة، قال تعالى:
{بأيدي سفرةٍ "15" كرامٍ بررةٍ "16"} (سورة عبس)
وأولى بالإنسان أن يكون مشتغلاً بأعمال البر، واستباق الخيرات، وأن لا يضمر الشر، ولا يؤذي أحداً، فإن البر، هو الذي لا يؤذي. ولذا قيل: "البر شيء هين، وجه طلق، وكلام لين".
وعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "البر لا يبلي، والذنب لا ينسى، والديان لا ينام ـ كما تزرع تحصد ـ وكما تدين تدان"
ورضاء الرب في رضاء الوالدين، فلا أقل من البر بهما، وشدة الإحسان إليهما، وبالقول الكريم، والدعاء لهما.
وسبحان ربي الحنان المنان الذي من على المؤمنين:
{إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة .. "164"}(سورة آل عمران)
وهو الذي من على المؤمنين، بأن جعلهم من أهل اليمين. وهو الذي ألهمهم القيام بصالح الأعمال، وهو الذي رزقهم القبول؛ وقبول احسن ما عملوا، وهو الذي يتجاوز عن سيئاتهم:
{ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون "35"} (سورة الزمر)
فيا له من بر من ذي المن والكرم .. البر الرحيم. وقد ذكر "البر الرحيم" مرة واحدة في سورة الطور من القرآن الكريم في الآية "28":
{إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم "28"} (سورة الطور)
قال تعالى:
{ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً حملته أمه كرها ووضعته كرهاً وحمله وفصاله ثلاثون شهراً حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن اعمل صالحاً ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين "15"} (سورة الأحقاف)
وقال تعالى:
{أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون "16"} (سورة الأحقاف)
وقال تعالى:
{قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين "26" فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم "27" إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم "28"} (سورة .

أبو عادل 28 / 02 / 2010 32 : 08 PM

رد: أسماء الله الحسنى للتثبيت.
 

الغني.


قال الله تعالى:
{وأنه هو أغنى وأقنى "48"} (سورة النجم)
وقال تعالى:
{يا أيها الناس أنتم الفقراء إلي الله والله هو الغني الحميد "15"} (سورة فاطر)
فهو تعالى (الغني) الذي له الغنى التام المطلق من كل الوجوه لكماله وكمال صفاته، ولا يتطرق إليها نقص بوجه من الوجوه، ولا يمكن أن يكون إلا غنياً، فإن غناه من لوازم ذاته، كما لا يكون إلا محسناً جواداً براً رحيماً كريماً، والمخلوقات بأسرها لا تستغني عنه في حال من أحوالها، فهي مفتقرة إليه في إيجادها، وفي بقائها، وفي كل ما تحتاجه أو تضطر إليه. ومن سعة غناه أن خزائن السماوات والأرض، والرحمة بيده، وأن جوده على خلقه متواصل في جميع اللحظات والأوقات، وأن بيده سحاء الليل والنهار وخيره على الخلق مدرار.
ومن كمال غناه وكرمه أنه يأمر عباده بدعائه، ويعدهم بإجابة دعواتهم وإسعافهم بجميع مراداتهم ويؤتيهم من فضله ما سألوه، وما لم يسألوه. ومن كمال غناه أنه لو اجتمع أول الخلق وأخرهم في صعيد واحد فسألوه، فأعطى كلاً منهم ما سأله. وما بلغت أمانيه، ما نقص من ملكه ذرة. ومن كمال غناه وسعة عطاياه ما يبسطه على أهل دار كرامته من النعيم، واللذات المتتابعات والخيرات المتواصلات، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. ومن كمال غناه أنه لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، ولا شريكاً في الملك، ولا ولياً من الذل، فهو الغني في ذاته وأوصافه وأفعاله، المغني لجميع مخلوقاته.
والخلاصة أن الله الغني الذي له الغنى التام المطلق من كل الوجوه، وهو المغني جميع خلقه غني عاماً، والمغني لخواص خلقه، بما أفاض على قلوبهم من المعارف الربانية، والحقائق الإيمانية، والإشراقات النورانية. والحق سبحانه حين يقول:
{والله غني حليم "263"} (سورة البقرة)
ففي ذلك بيان للقادر بأن الباب الذي حرم به الفقير إنما حرمت أنت نفسك أيها القادر من أجر الله. إنك أيها القادر حين تحرم فقيراً، فأنت المحروم لأن الله غني عنك. إن الحق سبحانه يقول:
{هاأنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم "38"} (سورة محمد)
إن الله غني بقدرته المطلقة، غني وقادر أن يستبدل بالقوم البخلاء، قوماً يسخون بما أفاء الله عليهم من رزق في سبيل الله، إن الذي يمسك عن العطاء، إنما منع عن نفسه باب رحمة، وهناك أناس مهيئون لأن يفتح الله لهم باب هذه الرحمة.
يقول الحق سبحانه:
{رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار "37" ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب "38"} (سورة النور).

أبو عادل 09 / 03 / 2010 38 : 05 PM

رد: أسماء الله الحسنى للتثبيت.
 
المغني

قال الله تعالى:
{ وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ "48"} (سورة يونس)
هو يعطي الغني والكفاية لمن شاء من عباده على ما اقتضته حكمته سبحانه، وسبقت به مشيئته، فهو الذي يعطي السائلين سؤالهم. قال تعالى:
{وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ "34"} (سورة إبراهيم)
والمغني الحق هو الذي لا حاجة له إلي أحد من الخلق أصلاً. ومن عرف أن الله تعالى هو الغني .. استغنى بالاعتماد عليه، قال تعالى:
{وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى "8"} (سورة الضحى){يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ"28"} (سورة التوبة){يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ"15"} (سورة فاطر)
هو المستغني عن كل ما سواه، والمفتقر إليه كل ما عداه، فلا يحتاج إلي شيء: لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله.

أبو عادل 12 / 03 / 2010 33 : 07 PM

رد: أسماء الله الحسنى للتثبيت.
 
المانع.


قال صلى الله عليه وسلم: "اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لم منعت"
هو الذي يمنع البلاء حفظاً وعناية، ويمنع العطاء عمن يشاء ابتلاء وحماية، وهو الذي يعطي الدنيا لمن يحب ولمن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا لمن يحب. وهذا الاسم لم يرد في القرآن الكريم، لكنه مجمع عليه، فقد ذكر في كل منن رواية الوليد، ورواية زهير في الحديث النبوي الشريف،
وجاء في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول دبر كل صلاة مكتوبة: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد"
وسبحان الذي يرد أسباب الهلاك والنقصان في الأديان والأبدان بما يخالفه من أسباب الحفظ، ومن فهم معنى (الحفيظ) فهم معنى (المانع). والمنع إرادة الحفظ، وقد يكون الحفظ إرادة المنع. وكل حافظ مانع، وليس كل مانع حافظاً، إلا إذا كان مانعاً مطلقاً لجميع الأسباب المهلكة. يقول الحق سبحانه وتعالى:
{وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"107"} (سورة يونس)
ويقول الإمام العارف في حكمة له: ذل البلاء خير من عزة النعماء: لأنك في ذلك البلوى تذكره وتلجأ إليه وعند عز النعمة قد تطغى، فإن ذكرته عند البلوى رفعها عنك، وإن شكرته عند النعمة زادك، بدليل قول تعالى:
{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ "7"} (سورة إبراهيم).

أبو عادل 20 / 03 / 2010 56 : 07 PM

رد: أسماء الله الحسنى للتثبيت.
 

الضار ـ النافع


قال تعالى:
{قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ.."49"} (سورة يونس){قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ.."188"} (سورة الأعراف)
هو الذي يصيب من يشاء من عباده برحمته، وهو الذي يملك الضر والنفع وهو على كل شيء قدير، وقد يكون من الضر نفع، أو نوع من أنواع العلاج للذين هم بربهم لا يشركون. يقول الله سبحانه وتعالى:
{وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ "53"} (سورة النحل){ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ "54"} (سورة النحل) .
{وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ "33"} (سورة الروم)
وهو الذي يبده أسباب كل شيء مسخرات بأمره، وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله، واكبر دليل على ذلك قصة إبراهيم عليه السلام.
أولاً: بأن السكين لا تقطع بنفسها في ولده إسماعيل.
ثانياً: بأن النار لا تحرق بنفسها، بل كانت برداً وسلاماً على إبراهيم بأمر الله، اللهم إنا لا نسألك رد القضاء، بل نسألك اللطف فيه، في الدنيا ويوم القيامة.
{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ "185"} (سورة آل عمران){قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ "188"} (سورة الأعراف){قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ "49"} (سورة يونس)
الحمد لله الذي لا يضر مع أسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم. تحصنت بذي العزة والجبروت، واعتصمت برب الملكوت، وتوكلت على الحي الذي لا يموت، اصرف عنا الأذى، إنك على كل شيء قدير.

أبو عادل 25 / 03 / 2010 41 : 05 PM

رد: أسماء الله الحسنى للتثبيت.
 

النور


قال تعالى:
{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.. "35"} (سورة النور)
هو الذي نور قلوب الصادقين بتوحيده، وهو الذي نور السماوات والأرض بما خلق فيهما من الأنوار. قال ابن عباس: (النور) الهادي الرشيد، الذي يرشده بهدايته ن يشاء فيبين له الحق ويلهمه اتباعه. وقال الحليمي: هو الهادي لا يعلم العابد إلا ما علمهم، ولا يدركون إلا ما يسرهم إدراكه، فالحواس والعقل فطرته، وخلقه وعطيته. وقيل "النور" الظاهر الذي ظهر كل الظهور، فإن الظاهر في ذاته المظهر لغيره سمى نوراً، فهو مظهر لكل شيء، ولكل موجود بإخراجه من العدم إلي الوجود.
وقيل: هو الذي منه النور، والعرب تسمي من منه الشيء باسم ذلك الشيء.
وقيل: هو خالق الأنوار.
سأل ابن عباس النبي صلى الله عليه وسلم: "هل رأيت ربك ليلة أسرى بك؟ قال: "نور أني أراه". وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بهذا الدعاء بالغدو، عند ظهور أول النهار، وهو صلاة الفجر:
"اللهم اجعل لي نوراً في قلبي، ونوراً في قبري نوراً في سمعي، ونوراً في بصري، ونوراً في شعري، ونوراً في بشري، ونوراً في لحمي، ونوراً في دمي، ونوراً في عظامي، ونوراً من بين يدي، ونوراً من خلفي، ونوراً من يميني، ونوراً من شمالي، ونوراً من فوقي، ونوراً من تحتي، اللهم زدني نوراً واعطني نوراً، واجل لي نوراً"
ولنتدبر آية النور من سورة النور. قال تعالى:
{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ "35"} (سورة النور)
وقد قال ابن عباس رضي الله عنه قوله:
{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ .. "35"} (سورة النور)
يقول سبحانه وتعالى: هادي أهل السماوات والأرض مثل نوره: مثل هداه في قلب المؤمن، كما يكاد الزيت الصافي "كذلك" يضيء قبل أن تمسه النار، فإذا مسته النار، ازداد ضوء، كذلك يكون قلب المؤمن يعمل الهدى قبل أن يأتيه العلم، فإذا أتاه العلم، ازداد هدى على هدى، ونوراً على نور، وما يعلم تأويله إلا الله .. ومن يجعل الله له نوراً فما له من نور.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من عباد الله أناساً، ما هم بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله. قالوا: أخبرنا بهم يا رسول الله. قال: هم قوم تحابوا بروح الله، على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها، فوالله إن وجوههم لنور، وإنهم لعلى نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس
وقرأ هذه الآية:
{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ "62"} (سورة يونس).

المصدر.

أبو عادل 27 / 03 / 2010 26 : 05 PM

رد: أسماء الله الحسنى للتثبيت.
 

الهادي.


قال تعالى:
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا "31"} (سورة الفرقان)
هو الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، وهو الذي هدى ما خلق لما أراد منه في دينه ودنياه، وجميع أمره. وهو المرشد لعباده، وهو الذي دل المؤمنين إلي الدين الحق، وهو الذي يهدي القلوب إلي معرفته، والنفوس إلي طاعته، ومن يؤمن بالله يهد قلبه، وإن الهادي هو الله. وقد
ورد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: سألت "عائشة" رضي الله عنها: بأي شيء كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة إذا قام من الليل؟ قالت:
"كان إذا قام من الليل افتتح الصلاة بـ"اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلفوا فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من يشاء إلي صراط مستقيم"
وقد ذكر "الهادي" سبحانه بلفظ الاسم مرتين في القرآن الكريم:
{وإن الله لهاد الذين آمنوا إلي صراط مستقيم "54"} (سورة الحج)
"اللهم إنا نسألك أن تهدينا إلي الصراط المستقيم"
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا "31"} (سورة الفرقان)
يقول الحق سبحانه:
{وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ .. "43"} (سورة الأعراف)
لأن الله لو لم ينزل منهجاً لما استقامت حركة حياتنا، ولما وصلنا إلي الجنة، ولذلك فنحن نحمد الله على أنه شرع لن ما جعلنا نصل إلي هذا النعيم، ويقول الحق جل جلاله:
{وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ .. "43"} (سورة الأعراف)
تحدثنا عنها فقلنا: إن الهداية هي أقصر الطرق الموصلة إلي الغاية، وأن لله هداية ودلالة ومعونة، وهو أن يدلنا على الطريق المستقيم، أي دلنا على أقصر الطرق التي توصلنا للنعيم، وهناك هداية معونة، وهي أن يعين الله من أمن به على طريق الإيمان. والهداية من الله وحده، لأن البشر أنفسهم لا يعرفون الغاية التي خلقوا من أجلها، والذي يدلهم على هذا الطريق هو الله سبحانه وتعالى، وكل شيء في هذا الكون مصنوع لغاية.
إذن: فالذين يشرعون لأنفسهم أو لغيرهم ضالون، بدليل أن التشريعات البشرية تتغير وتتبدل كل يوم، لماذا؟ لأن الإنسان علمه محدود، فساعة شرع عرف أشياء وغابت عنه أشياء، ولكن إذا شرع الله فلا يغيب عنه شيء. إذن: فقول الحق سبحانه وتعالى:
{وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ .. "43"} (سورة الأعراف)
معناها أننا ما كنا نعرف الطريق إلي الجنة لولا أن هدانا الله إليه وبينه لنا، كيف؟
{لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ .. "43"} (سورة الأعراف)
لأن الله لا يخاطب أحداً مباشرة. إذن: فلابد من رسل ليبينوا لنا الطريق. وأنت إذا كنت ذاهباً إلي طريق تسأل عنه، فيقول لك إنسان: تأخذ الاتجاه الفلاني، وتستريح في المكان الفلاني إلي آخره، فإذا وجدت الطريق كما قال لك نقول: صدق الرجل وقال حقاً والرسل الذين أرسلهم الله لنا بالمنهج دلونا على الطريق، وعندما مشينا فيه قادنا إلي الجنة، وهم قد قالوا لنا حقاً ولم يكذبوا علينا.
يقول الحق سبحانه:
{ كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ "86"} (سورة آل عمران)
إننا نرى هذا التعجب الجميل، فالحق سبحانه يقول (قولوا لنا كيف نهدي قوماً كفروا بعد الإيمان) ولو لم يكونوا قد أعلنوا الإيمان من قبل لقلنا: إنهم لم يذوقوا حلاوة الإيمان، لكن الذي آمن وذاق حلاوة الإيمان، ما الذي جعله يذهب إلي الكفر ثانية بعد أن أدرك حلاوة الإيمان؟ إنه التمرد المركب، فلو لم يكن قد آمن من قبل لقلنا: إنه لم يذق من قبل حلاوة الإيمان.
وقد يقول قائل: مادام الله لم يهدهم فما ذنبهم؟ نقول لمثل هذا القائل: إنك يجب أن تتذكر ما نكرره دائما لتتضح القضية في الذهن؛ لأنها قضية شائكة خاصة عند غير الملتزمين، الذين يقول الواحد منهم "إن الله لم يرد هدايتي، فماذا افعل أنا؟".

المصدر.

أبو عادل 02 / 04 / 2010 39 : 05 PM

رد: أسماء الله الحسنى للتثبيت.
 
الهادي.

قال تعالى:
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا "31"} (سورة الفرقان)
هو الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، وهو الذي هدى ما خلق لما أراد منه في دينه ودنياه، وجميع أمره. وهو المرشد لعباده، وهو الذي دل المؤمنين إلي الدين الحق، وهو الذي يهدي القلوب إلي معرفته، والنفوس إلي طاعته، ومن يؤمن بالله يهد قلبه، وإن الهادي هو الله. وقد
ورد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: سألت "عائشة" رضي الله عنها: بأي شيء كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة إذا قام من الليل؟ قالت:
"كان إذا قام من الليل افتتح الصلاة بـ"اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلفوا فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من يشاء إلي صراط مستقيم"
وقد ذكر "الهادي" سبحانه بلفظ الاسم مرتين في القرآن الكريم:
{وإن الله لهاد الذين آمنوا إلي صراط مستقيم "54"} (سورة الحج)
"اللهم إنا نسألك أن تهدينا إلي الصراط المستقيم"
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا "31"} (سورة الفرقان)
يقول الحق سبحانه:
{وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ .. "43"} (سورة الأعراف)
لأن الله لو لم ينزل منهجاً لما استقامت حركة حياتنا، ولما وصلنا إلي الجنة، ولذلك فنحن نحمد الله على أنه شرع لن ما جعلنا نصل إلي هذا النعيم، ويقول الحق جل جلاله:
{وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ .. "43"} (سورة الأعراف)
تحدثنا عنها فقلنا: إن الهداية هي أقصر الطرق الموصلة إلي الغاية، وأن لله هداية ودلالة ومعونة، وهو أن يدلنا على الطريق المستقيم، أي دلنا على أقصر الطرق التي توصلنا للنعيم، وهناك هداية معونة، وهي أن يعين الله من أمن به على طريق الإيمان. والهداية من الله وحده، لأن البشر أنفسهم لا يعرفون الغاية التي خلقوا من أجلها، والذي يدلهم على هذا الطريق هو الله سبحانه وتعالى، وكل شيء في هذا الكون مصنوع لغاية.
إذن: فالذين يشرعون لأنفسهم أو لغيرهم ضالون، بدليل أن التشريعات البشرية تتغير وتتبدل كل يوم، لماذا؟ لأن الإنسان علمه محدود، فساعة شرع عرف أشياء وغابت عنه أشياء، ولكن إذا شرع الله فلا يغيب عنه شيء. إذن: فقول الحق سبحانه وتعالى:
{وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ .. "43"} (سورة الأعراف)
معناها أننا ما كنا نعرف الطريق إلي الجنة لولا أن هدانا الله إليه وبينه لنا، كيف؟
{لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ .. "43"} (سورة الأعراف)
لأن الله لا يخاطب أحداً مباشرة. إذن: فلابد من رسل ليبينوا لنا الطريق. وأنت إذا كنت ذاهباً إلي طريق تسأل عنه، فيقول لك إنسان: تأخذ الاتجاه الفلاني، وتستريح في المكان الفلاني إلي آخره، فإذا وجدت الطريق كما قال لك نقول: صدق الرجل وقال حقاً والرسل الذين أرسلهم الله لنا بالمنهج دلونا على الطريق، وعندما مشينا فيه قادنا إلي الجنة، وهم قد قالوا لنا حقاً ولم يكذبوا علينا.
يقول الحق سبحانه:
{ كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ "86"} (سورة آل عمران)
إننا نرى هذا التعجب الجميل، فالحق سبحانه يقول (قولوا لنا كيف نهدي قوماً كفروا بعد الإيمان) ولو لم يكونوا قد أعلنوا الإيمان من قبل لقلنا: إنهم لم يذوقوا حلاوة الإيمان، لكن الذي آمن وذاق حلاوة الإيمان، ما الذي جعله يذهب إلي الكفر ثانية بعد أن أدرك حلاوة الإيمان؟ إنه التمرد المركب، فلو لم يكن قد آمن من قبل لقلنا: إنه لم يذق من قبل حلاوة الإيمان.
وقد يقول قائل: مادام الله لم يهدهم فما ذنبهم؟ نقول لمثل هذا القائل: إنك يجب أن تتذكر ما نكرره دائما لتتضح القضية في الذهن؛ لأنها قضية شائكة خاصة عند غير الملتزمين، الذين يقول الواحد منهم "إن الله لم يرد هدايتي، فماذا افعل أنا؟".

المصدر.

أبو عادل 10 / 04 / 2010 48 : 12 PM

رد: أسماء الله الحسنى للتثبيت.
 

البديع.

قال تعالى:
{بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ "101"} (سورة الأنعام)
هو الخالق البديع في ذاته، ولا يماثله أحد في صفاته، ولا في حكم من أحكامه، أو أمر من أوامره. فهو البديع المطلق الذي أبدع الخلق من غير مثال سبق، وهو الذي أظهر عجائب صنعته وغرائب حكمته، يقال: هذا شيء بديع إذا كان عديم المثل، وفي اللغة "بادع" أي: أبدع الشيء، والله بديع السماوات والأرض أي "مبتدعها"، وشيء "بدع" بكسر أي مبتدع، ومنه قوله تعالى:
{قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ "9" } (سورة الأحقاف)
أي: ما أنا بأول رسول جاء بالتوحيد، وذلك بأن البدع والبديع هو الذي لم يسبق له مثيل. عندما نتأمل عظمة الحق سبحانه نجد أنه يخلق كل خلقه بلا تماثل، فمنذ أن خلق الله آدم وحواء وإلي أن تقوم الساعة لن نجد إنساناً يشبه إنساناً آخر، لا في الشكل ولا في المضمون، وذلك دليل على طلاقة القدرة وسعة القوالب عند الحق. إن الله يجمعنا في المعنى العام بأن يكون كل منا إنساناً، لكن هل رأى أحد إنساناً يتشابه مع إنسان آخر، ولو في بصمة اليد؟
إذن: فعندما يعلمنا الحق سبحانه أنه بديع السماوات والأرض، وأن كل شيء له خاضع، فلنا أن نقول بخشوع الإيمان: سبحان الله مالك الملك الخالق الأكرم. ويبرز لنا الحق سبحانه طلاقة قدرته في قوله الكريم:
{ فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19) وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20) وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (22)"} (سورة الروم)
إن الحق سبحانه منزه عن أن يكون له مثيل، ذلك أنه وحده له الحمد من كل الوجود، هو الذي يخرج من الكائن الحي أشياء لا حياة فيها، ويحيى الأرض بالنبات بعد جفافها، وخلق الإنسان من تراب، وجعل من التراب بشراً متفرقين في الأرض يعملون في الكون الموهوب لهم من الله. ومن دلائل عظمته أنه خلق للإنسان أزواجاً من نوع الإنسان، وإن اختلف الذكر عن الأنثى، يتزوج الذكر الأنثى، وتتزوج الأنثى الذكر، على أساس من المودة والتراحم.
وفي ذلك دلائل لقوم يتأملون بالفكر بديع صنع الله في خلق السماوات والأرض، واختلاف ألوان البشر، وتباين ألسنتهم، وفي ذلك من الدلائل ما ينتفع به أهل العلم والفهم، إن من طلاقة قدرة الحق في إيجاد البشر أنهم مختلفون على كثرتهم التي لا تعد ولا تحصى، منذ خلق الله آدم إلي قيام الساعة، فلو جمعنا الناس جميعاً فلن نجد واحداً يطابق الآخر في أصله أو صورته، إنها دقة الحكمة في الإبراز في صور متعددة، تعطي القدرة. وبعد أن يموت الإنسان، وتتفرق العناصر في التراب يذهب كل عنصر إلي نظيره، ثم يأتي البعث ليجمعنا إنها دقة الحكمة والإبراز والإيجاد بهذا القدر من الاختلاف.
يقول الحق:
{بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ "117"} (سورة البقرة)
إنها دقة حكمته في بديع صنعه لهذا الكون: يقول الحق:
{بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ"101"} (سورة الأنعام)
وقال في آياته:
{لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ "57"} (سورة غافر)
أي: إذا كنت ترى في نفسك عجائب كثيرة من خلق الله، وإذا كان العلم التشريحي، أو علم وظائف الأعضاء يعطينا كل يوم سراً في جسد الإنسان نتعجب له، فخلق السماوات والأرض أعجب من ذلك؛ لأنه أول إيجاد من عدم، وإيجاد بديع.
أي: أنه من غير مثال سبقه، أي: أنه في معظم الأشياء يجب أن يوضع ماكيت أولاً، وتكون هناك مقاسات وقياسات وتعديلات إلي آخره، ولكن الخلق تم بكلمة (كن) في عملية غاية في الدقة، خلقت كلها في وقت واحد، والأرض كما نعرف كوكب من كواكب الشمس. وكانوا قديماً يقولون: إن توابع الشمس سبعة، وخدع في ذلك كثير من المفكرين، فقالوا: إنها السماوات السبع، ثم بعد ذلك اكتشفت كواكب جديدة، حتى أصبح عددها الآن عشرة، وهذه كلها زينة السماء الدنيا، وفي السماء ملايين المجموعات الشمسية، وكلما تقدم العلم رأينا أشياء لم نكن نراها، خلق بديع في مسافات هائلة. لذلك قال الحق:
{وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ "47"} (سورة الذاريات)
وهذا الكون المعجز خلقه الله بقدرته الذاتية الفائقة.

أبو عادل 25 / 04 / 2010 52 : 06 PM

رد: أسماء الله الحسنى للتثبيت.
 
الرشيد

قال تعالى:
{إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا "10"} (سورة الكهف)

هو ربي الرشيد المرشد، ملهم الرشد لأهل طاعته، وهو الذي أرشد الخلائق إلي هدايته، ذو الحبل الشديد والأمر الرشيد. قال الحليمي رحمه الله: "الرشيد" هو المرشد سبحانه ومعناه: الدال على المصالح والصالح والداعي إليهما، وهذا من قوله تعالى:
{وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا "10"} (سورة الكهف)

وقال عز وجل:
{وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا "17"} (سورة الكهف)

فإن مهيء الرشد مرشدا أي هاد، والرشد هو الصلاح، وهو الاستقامة، وهو خلاف الغي والضلال.
ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أسألك رحمة من عندك، تهدي بها قلبي، وتجمع بها شملي، وتلم بها شعثي وترد بها الفتن عني، وتصلح بها ديني، وتحفظ بها غايتي، وترفع بها شاهدي، وتزكي بها عملي، وتبيض بها وجهي، وتلهمني بها رشدي، وتعصمني بها من كل سوء"
إلي أن يقول صلى الله عليه وسلم في هذا الدعاء:
"اللهم هذا الدعاء، وعليك الإجابة، وهذا الجهد عليك. وعليك التكلان. إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ذي الحبل الشديد، والأمر الرشيد.

أبو عادل 25 / 04 / 2010 54 : 06 PM

رد: أسماء الله الحسنى للتثبيت.
 

الصبـور

قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ "200"} (سورة آل عمران)
هو الصبور الذي يملي ويمهل، وينظر ولا يعجل ولا يعاجل، ولا يسارع إلي الفعل قبل أوانه، وينزل الأمر بقدر معلوم، ولا يؤخره عن أجله. وربما كان معنى الصبور هو الذي يسقط العقوبة بعد وجوبها .. وقد يطلق على من يؤخرها، فيكون كالحليم الذي لا يعجل بالعقوبة على من عصاه. وقد يكون معناه: ملهم الصبر لجميع خلقه. وفي اللغة: الصبر حبس النفس عن الجزع، وبابه ضرب، قال تعالى:
{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا .. "28"} (سورة الكهف)
"واصبر نفسك" أي: احبسها: يقال: صبره أي حبسه،
وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم في رجل أمسك رجلاً وقلته آخر قال: "اقتلوا القاتل، واصبروا الصابر"
أي: احبسوا الذي حبسه للموت حتى يموت. ويقال: هو صبير القوم. للذي يصبر لهم، ومعهم في أمورهم، وهو صبور ومصطبر ومتصبر. ويقال: استصبر الشيء إذا اشتد، ويقال: اصطبرت منه أي: اقتصصت وفي حديث عثمان: "هذه يدي لعمار فليصطبر" وأصبرني القاضي: أقصني.
والحديث "سدرة المنتهى صبر الجنة" أي: أعلاها. ولنتدبر القرآن الكريم في آياته:
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآَخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ "103" وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ "104" ) يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ "105"} (سورة هود).


For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة ملتقى أهل العلم الاسلامي

اختصار الروابط