ملتقى أهل العلم

ملتقى أهل العلم (https://www.ahlalalm.org/vb/index.php)
-   ملتقى علوم القراءات والتجويد (https://www.ahlalalm.org/vb/forumdisplay.php?f=128)
-   -   أدب الخطاب عند الأنبياء من منظور قرآني (موسى -عليه السلام- نموذجا) . (https://www.ahlalalm.org/vb/showthread.php?t=26878)

أبو عادل 14 / 02 / 2010 15 : 12 PM

أدب الخطاب عند الأنبياء من منظور قرآني (موسى -عليه السلام- نموذجا) .
 



مقدمـة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد ...
الأنبياء والرسل هم أكمل الناس أدباً في الخطاب، ذلك أنّ الكلمة الطيبة تمثّل أساساً متيناً قامت عليه الرسالات السماوية. وقد جاء التوجيه الإلهي للأنبياء منذ اللحظة الأولى، بضرورة مراعاة الأدب في خطاب الناس، ومواجهتهم بالقول الليّن البعيد عن العنف والعصبية، لعلّ ذلك يكون سبيلاً لامتلاك زمام قلوبهم، وتليين مواقفهم، وجذبهم نحو الصف المؤمن.
ويحاول هذا البحث تسليط الضوء على المنهج القرآني في الحديث عن أدب الخطاب عند الأنبياء، للوقوف على الملامح الأدبية في هذا الخطاب، بغرض الحصول على نموذج يُقتدَى به في حياتنا اليومية.

وقد عالج البحث هذا الموضوع في اتجاهين:
الأول: تحليل التوجيهات القرآنية التي تحث على الالتزام بأدب الخطاب بوجه عام، وأدب الخطاب عند الأنبياء بوجهٍ خاص.
الثاني: الوقوف مع نموذج تطبيقي، هو أدب موسى -عليه السلام- في خطابه مع قومه، بغرض استلهام الدروس والعبر.



د. عودة عبد عودة عبد الله[1]


_____
[1] د. عودة عبد عودة عبد الله (قسم أصول الدين – كلية الشريعة – جامعة النجاح الوطنية – فلسطين).


أبو عادل 14 / 02 / 2010 18 : 12 PM

رد: أدب الخطاب عند الأنبياء من منظور قرآني (موسى -عليه السلام- نموذجا) .
 
أولاً: أهمية أدب الخطاب وفضله


الأدب هو "الظَرْفُ وحُسْن التناول"[1]. وقيل: هو حُسْنُ الخُلُق بحسب قواعد الظرف والملاحظة في الكلام أو السلوك. يُقال: تأدّب الغلام في كلامه مع أبيه؛ أي تحاشى الكلامَ الخارج عن حدود الأدب[2].
وإذا كان الأدب خُلُقاً عاماً يتناول كثيراً من التصرفات والسلوكيات، إلا أنه أفضل ما يكون في الخطاب. رُوي في ذلك عن عبد الملك بن مروان أنه قال: "ما الناسُ إلى شيءٍ مِنَ الأدب أحوجُ منهم إلى إقامة ألسنـتهم التي بها يتعاودون الكلام، ويتعاطَوْن البيان، ويتهادَوْن الحكمة، ويستخرجون غوامض العلم من مخابئها، ويجمعون ما تفرّق منها، فإنّ الكلام قاضٍ يحكم بين الخصوم، وضياءٌ يجلو الظُلَم. حاجةُ الناسِ إلى موادّه حاجُتُهم إلى موادّ الأغذية"[3].
ونُقل في هذا المعنى أنّ أحد الحكماء قال موصياً ابنه: يا بنيّ إنما الإنسان حديث، فإن استطعت أنْ تكون حديثاً حسناً فافعل[4].

والخطاب هو واسطة التفاهم والتعارف بين الناس، والإنسان مدنيٌّ بطبعه، لا يمكن أن يعيش منعزلاً عن الآخرين، ولا يستغني عن إقامة العلاقات معهم ومحادثتهم في شؤون الحياة. والخطاب هو الذي يحدد معالم شخصية الإنسان، ويكشف عن مكنوناتها، والساكت مجهول الهوية، فإذا تكلّم عبَّر عن نفسه، وأبان عن شخصيته.

وكائن ترى من صامتٍ لك مُعْجِبِ
زيادتُهُ أَوْ نقـصُهُ فـي التـكَلُّمِ
لسـانُ الفتى نِصْفٌ ونِصْفٌ فؤادُهُ
فَلَمْ يبقَ إلا صورةُ اللحم والدَّمِ[5]

لذا فإن الكلمات التي ينطق بها العبد تسطّر وتكتب عليه، ويراها في صحائفه يوم القيامة. قال تعالى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾[6]. فالقرآن الكريم يُقرّر مبدأ محاسبة الإنسان على كلّ قولٍ ينطق به.
يقول الجاحظ: "لا شيء أعجب مِنْ أنّ المنطق أحد مواهب الله العظام، ونعمه الجسام، وأنّ صاحبها مسؤول عنها، ومحاسب على ما خُوِّل منها. أوجب الله عليه استعمالها في ذكره وطاعته، والقيام بقسطه وحجته، ووضعها مواضع النفع في الدين والدنيا، والإنفاق منها بالمعروف لفظة لفظة، وصرفها عن أضدادها"[7].

ويبين لنا القرآن الكريم في موضع آخر، أنّ الكلام الطيب يقع أجره وثوابه على الله، فكما أنّ الإنسان يُعاقَب عل سوء كلامه، فإنه يُثاب على أدبه فيه.قال تعالى: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ﴾[8].

ولا شكّ أنّ استشعار هذا المعنى في النفس له أثر في تقويم السلوك، مما ينعكس على الطريقة التي نُخاطب بها الآخرين، وبالتالي على علاقتنا معهم، الأمر الذي يُسهم في بناء علاقاتٍ إنسانية على أسسٍ من التفاهم والتضامن.
_____
[1] ابن منظور: لسان العرب، (بيروت:دار صادر)، ج1، ص206. الفيرززآبادي، محمد بن يعقوب: القاموس المحيط، (بيروت: دار الفكر، 1403هـ/ 1983م)، ج1، ص36.
[2] انظر: الكرمي، حسن سعيد: الهادي إلى لغة العرب، (بيروت: دار لبنان للطباعة والنشر، ط1، 1411هـ/1991م)، ج1، ص48.
[3] ابن منقذ، الأمير أسامة: لباب الآداب، تحقيق: أحمد محمد شاكر، (بيروت: دار الجيل، ط1، 1411هـ/1991م)، ص ص (228_ 229).
[4] انظر: الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن بحر: رسائل الجاحظ، تحقيق وشرح: عبد السلام محمد هارون، (بيروت: دار الجيل، ط1، 1411هـ/1991م)، ج1، ص160.
[5] ابن أبي سلمى، زهير: ديوان زهير بن أبي سلمى، (بيروت: دار صادر)، ص ص (88- 89).
[6] سورة ق: الآية 18 .
[7] الجاحظ: رسائل الجاحظ، ج1، ص160.
[8]
سورة فاطر: الآية 10 .

شريف حمدان 26 / 02 / 2010 24 : 05 PM

رد: أدب الخطاب عند الأنبياء من منظور قرآني (موسى -عليه السلام- نموذجا) .
 
اتاك الله حسن الثواب فى الدنيا والاخرة
وبارك الله فيك
وجزاك الله خير

أبو عادل 26 / 02 / 2010 57 : 07 PM

رد: أدب الخطاب عند الأنبياء من منظور قرآني (موسى -عليه السلام- نموذجا) .
 
بارك الله فيك و جزاك خير الجزاء و أوفاك أخي الكريم شريف حمدان على مرورك الكريم.

محمد نصر 19 / 03 / 2010 08 : 12 PM

رد: أدب الخطاب عند الأنبياء من منظور قرآني (موسى -عليه السلام- نموذجا) .
 
وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته

بارك الله فيكم اخي ****** ابو عادل

اكرمكم الله وجزاكم الله خيرا

أبو عادل 19 / 03 / 2010 42 : 01 PM

رد: أدب الخطاب عند الأنبياء من منظور قرآني (موسى -عليه السلام- نموذجا) .
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شـكــرا لك وبارك الله فيك أخي الكريم محمد نصرعلى مرورك الكريم. لك مني أجمل تحية.


For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة ملتقى أهل العلم الاسلامي

اختصار الروابط