ملتقى أهل العلم

ملتقى أهل العلم (https://www.ahlalalm.org/vb/index.php)
-   الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح (https://www.ahlalalm.org/vb/forumdisplay.php?f=51)
-   -   ﴿« ... إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ... »﴾ (https://www.ahlalalm.org/vb/showthread.php?t=138334)

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 25 / 03 / 2019 03 : 07 PM

﴿« ... إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ... »﴾
 
﴿«„ ... إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ...»﴾....

شريف حمدان 25 / 03 / 2019 16 : 07 PM

رد: ﴿« ... إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ... »﴾
 
http://up.ahlalalm.info/photo2/KRv01523.gif

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 26 / 03 / 2019 45 : 07 PM

آيات الاستدلال...
 
﴿«شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ “ وَ الْمَلاَئِكَةُ وَ أُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم »﴿«إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ »﴾ ﴿«وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَاب »﴿«فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ “ „ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَاد »﴾.
[سورة : (آل عمران): الآيات الكريمات: (١٨) و (١٩) و (٢٠) ]

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 26 / 03 / 2019 13 : 08 PM

محاور البحث الثلاث
 
http://www.ahlalalm.org/vb/images/smilies/bb17.gif
﴿« ١ »﴾ " ﴿«إِنَّالدِّينَعِندَاللّهِ “ „ الإِسْلاَمُ»﴾ ".


الحمد لله -تعالى ذكره وتقدست اسمه- أنعم علينا بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى ؛ فالحمد لله الذي خلقنا من نسل أبينا آدم -عليه السلام؛ وعلى رسولنا الصلاة والسلام والتكريم والإنعام- ... آدم الذي سجدت له الملآئكة تكريماً لعقله وتفضيلاً لعلمه ؛ فالحمد لله على نعمة الخلق والإيجاد ؛ فالحمد لله الذي صورنا -سبحانه- فأحسن صورنا وابدع خلقتنا في أحسن تقويم ؛ فالحمد لله على نعمة التصوير والإبداع ؛ ثم الحمد لله على نعمة الخلق الإيجاد ؛ ثم الحمد لله على نعمة العقل والفهم والإدراك ؛ ثم الحمد لله على نعمة الإسلام والإيمان ؛ ثم الحمد لله الذي جعلنا من المسلمين وأكرمنا فجعلنا من المؤمنين ثم زاد التكريم إنعاما فجعلنا من الموحدين الطائعين العاملين بكتابه والمتسنين بسنه نبيه ورسوله ؛ وأشهد أنه الرب وحده؛ إله الأولين ورب الآخرين ومالك يوم الدين ؛ لا تصح أن تكون له صاحبة ؛ ولا يجوز أن يكون له ولد ؛ أحد أحد فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد ؛ وأشهد أن أرسل فينا رسوله المطاع ونبيه صاحب التبليغ والبلاغ ؛ فنشهد انه عبده ونبيه ورسوله وصفية وحبيبه وخليله ؛ بلغ الرسالة وآدى الأمانة وبلغ الأمة ورفع عنا الغمة ؛ فاللهم صلَّ وسلم وبارك وأنعم عليه وآله وأصحابه ومَن اتبع هديه وسار على هداه والتزم طريقته وهداه.


آية الإستدلال: " ﴿«إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ “ „ الإِسْلاَمُ »".


من قراءة الآية الكريمة نجد أننا أمام ثلاثة محاور رئيسة اساسية...


الأول: ﴿«١»﴾ "محور الدين"


الثاني ﴿«٢»﴾ " الإله الرب الخالق الرازق المحيي الميت الذي بيده الخير وهو على كل شئ قدير"...


والثالث: ﴿«٣»﴾ " الإسلام ".

شريف حمدان 26 / 03 / 2019 24 : 09 PM

رد: ﴿« ... إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ... »﴾
 
http://up.ahlalalm.info/photo2/wDo49167.gif

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 26 / 03 / 2019 35 : 11 PM

رد: ﴿« ... إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ... »﴾
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شريف حمدان (المشاركة 546094)

.... حمدا لله ...... الحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا طيبا مباركا يليق بوجهه الكريم وفضله العميم ... لم اتمالك نفسي من فرحتي ... -سيدي استاذي الكريم :"شريف حمدان" ... اثنا ء قراءتي في مراجعة سريعة لما بدأته اليوم في كتابة بحث جديد ..- فبكيت فرحاً وتملكني الخوف والرهبة أن لا أحسن القراءة ثم من بعدها لا أجيد الكتابة .... شكراً لشخصكم الكريم والسادة الإخوة والأخوات الكرام لهذا الكرم الوفير الكثير... وهذا يكلفني حسن العرض وإجادة التنسيق.ودقة الكتابة .. شكراً لتفضلكم عليَّ والحمد لله الذي جعل لي إخواناً يحسنون إليَّ.. ..... وشكرا لله.....


محدثكم :
محمدفخرالدين بن إبراهيم الرمادي


الثلاثاء - 19 رجب 1440 هـ - 26 مارس 2019 مـ

شريف حمدان 27 / 03 / 2019 32 : 04 AM

رد: ﴿« ... إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ... »﴾
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دكتور محمد فخر الدين الرمادي (المشاركة 546101)
.... حمدا لله ...... الحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا طيبا مباركا يليق بوجهه الكريم وفضله العميم ... لم اتمالك نفسي من فرحتي ... -سيدي استاذي الكريم :"شريف حمدان" ... اثنا ء قراءتي في مراجعة سريعة لما بدأته اليوم في كتابة بحث جديد ..- فبكيت فرحاً وتملكني الخوف والرهبة أن لا أحسن القراءة ثم من بعدها لا أجيد الكتابة .... شكراً لشخصكم الكريم والسادة الإخوة والأخوات الكرام لهذا الكرم الوفير الكثير... وهذا يكلفني حسن العرض وإجادة التنسيق.ودقة الكتابة .. شكراً لتفضلكم عليَّ والحمد لله الذي جعل لي إخواناً يحسنون إليَّ.. ..... وشكرا لله.....


محدثكم :
محمدفخرالدين بن إبراهيم الرمادي


الثلاثاء - 19 رجب 1440 هـ - 26 مارس 2019 مـ

http://up.ahlalalm.info/photo2/rsP01523.gif



[motr]واصل ولا تحرمنـا [/motr]

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 27 / 03 / 2019 49 : 07 PM

الدين لغةً
 
الدين لغةً







مقدمات البحث:





﴿«٢» (دَيَنَ ) الدَّالُ ؛ وَالْيَاءُ ؛ وَالنُّونُ : أَصْلٌ وَاحِدٌ . وَهُوَ جِنْسٌ مِنَ:
﴿«أ » الِانْقِيَادِ ، وَ
﴿«ب»الذُّلِّ.﴿«١/أ»﴾.
فَـ الدِّينُ : الطَّاعَةُ ،

يُقَالُ دَانَ لَهُ يَدِينُ دِينًا ، إِذَا أَصْحَبَ وَانْقَادَ وَطَاعَ ﴿«١/أ» وَ
دَانَ نَفْسَهُ أَيْ أَذَلَّهَا وَاسْتَعْبَدَهَا ﴿«١/ب» وَ
قِيلَ : حَاسَبَهَا .
يُقَالُ : دِنْتُ الْقَوْمَ أَدِينُهُمْ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ بِهِمْ ؛

قَوْمٌ دِينٌ ، أَيْ مُطِيعُونَ مُنْقَادُونَ .
قَالَ الشَّاعِرُ :
وَكَانَ النَّاسُ إِلَّا نَحْنُ دِينَا ﴿«١/أ»﴾.
وَالْمَدِينَةُ كَأَنَّهَا مَفْعَلَةٌ ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُقَامُ فِيهَا طَاعَةُ ذَوِي الْأَمْرِ . وَ

(دَانَهُ ) مَلَكَهُ ؛ وَقِيلَ مِنْهُ سُمِّي الْمِصْرُ(مَدِينَةً ) .﴿«١/د»وَ
الْمَدِينَةُ : الْأَمَةُ (الْمَمْلُوكَةُ)
وَ
الْعَبْدُ مَدِينٌ ، كَأَنَّهُمَا أَذَلَّهُمَا الْعَمَلُ ﴿« (١/أ) انظر (1/د»
وَ

قَالَ :
رَبَتْ وَرَبَا فِي حِجْرِهَا ابْنُ مَدِينَةٍ * يَظَلُّ عَلَى مِسْحَاتِهِ يَتَرَكَّلُ﴿«١/أ».
فَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ :
يَا دِينَ قَلْبُكَ مِنْ سَلْمَى وَقَدْ دِينَا ﴿«١/أ».
فَمَعْنَاهُ : يَا هَذَا دِينَ قَلْبُكَ ، أَيْ أُذِلَّ .
فَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعَادَةَ يُقَالُ لَهَا دِينٌ ، فَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فَلِأَنَّ النَّفْسَ إِذَا اعْتَادَتْ شَيْئًا مَرَّتْ مَعَهُ وَانْقَادَتْ لَهُ . وَيُنْشِدُونَ فِي هَذَا :
كَدِينِكَ مِنْ أُمِّ الْحُوَيْرِثِ قَبْلَهَا * وَجَارَتِهَا أُمِّ الرَّبَابِ بمَأْسَلِ
وَالرِّوَايَةُ " كَدَأْبِكَ " ، وَالْمَعْنَى قَرِيبٌ﴿«١/أ» .
وَدِنْتُ الرَّجُلَ : حَمَلْتُهُ عَلَى مَا يَكْرَهُ . ودَيَّنْتُ الرَّجُلَ تَدْيِينًا إِذَا وَكَلْتَهُ إِلَى دِينِهِ ﴿«١/ب».
دَانَ الرَّجُلُ إِذَا عَزَّ ، وَ

دَانَ إِذَا ذَلَّ ، وَ
دَانَ إِذَا أَطَاعَ ، وَ
دَانَ إِذَا عَصَى ، وَ
دَانَ إِذَا اعْتَادَ خَيْرًا أَوْ شَرًّا ، وَ
دَانَ إِذَا أَصَابَهُ الدِّينُ ، وَهُوَ دَاءٌ ؛ وَ
دِنْتُ الرَّجُلَ : خَدَمْتُهُ وَأَحْسَنْتُ إِلَيْهِ .
إذاً الدِّينُ : هُو الذُّلُّ . وَ
دِنْتُهُ أَدِينُهُ دَيْنًا : سُسْتُهُ . وَ
دِنْتُهُ : مَلَكْتُهُ . وَدُيِّنْتُهُ أَيْ مُلِّكْتُهُ . وَدَيَّنْتُهُ الْقَوْمَ : وَلَّيْتُهُ سِيَاسَتَهُمْ ؛
قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
لَقَدْ دُيِّنْتِ أَمْرَ بَنِيكِ ، حَتَّى * تَرَكْتِهِمْ أَدَقَّ مِنَ الطَّحِينِ يَعْنِي مُلِّكْتِ
وَيُرْوَى : سُوِّسْتِ ، يُخَاطِبُ أُمَّهُ ، وَ

نَاسٌ يَقُولُونَ : وَمِنْهُ سُمِّيَ الْمِصْرُ مَدِينَةً .
وَ
الدَّيَّانُ : السَّائِسُ﴿«١/ب». وهو الذي يرعى الشؤون!.
فـــ
الدَّيَّانُ : مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - مَعْنَاهُ الْحَكَمُ الْقَاضِي﴿«١/أ»

وَ
سُئِلَ بَعْضُ السَّلَفِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَالَ :

" كَانَ دَيَّانَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا " ؛
أَيْ قَاضِيهَا وَحَاكِمَهَا ﴿«١/أ»
وَ
الدَّيَّانُ : الْقَهَّارُ ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الْإِصْبَعِ الْعُدْوَانِيِّ:
لَاهِ ابْنُ عَمِّكَ ، لَا أَفَضَلْتَ فِي حَسَبٍ فِينَا ، وَلَا أَنْتَ دَيَّانِي فَتَخْزُونِي !
أَيْ لَسْتَ بِقَاهِرٍ لِي فَتَسُوسُ أَمْرِي ﴿«١/أ»
وَعليه فَـــ
الدَّيَّانُ : هو اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ . وَهو الْقَهَّارُ ﴿«١/أ» وَ
قِيلَ : الْحَاكِمُ وَالْقَاضِي ، وَ

هُوَ فَعَّالٌ مِنْ دَانَ النَّاسَ أَيْ قَهَرَهُمْ عَلَى الطَّاعَةِ﴿«١/د)».
يُقَالُ : دِنْتُهُمْ فَدَانُوا أَيْ قَهَرْتُهُمْ فَأَطَاعُوا ؛

وَ
مِنْهُ شِعْرُ الْأَعْشَى الْحِرْمَازِيِّ يُخَاطِبُ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

يَا سَيِّدَ النَّاسِ وَدَيَّانَ العَرَبْ ﴿«١/ب+د)
وجاء.:"عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : مَرِضَ أَبُوطَالِبٍ فَجَاءَتْ قُرَيْشٌ فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَ رَأْسِ أَبِي طَالِبٍ مَجْلِسُ رَجُلٍ ، فَقَامَ أَبُو جَهْلٍ كَيْ يَمْنَعَهُ ذَاكَ وَشَكَوْهُ إِلَى أَبِي طَالِبٍ فَــ

قَالَ : يَا ابْنَ أَخِي مَا تُرِيدُ مِنْ قَوْمِكَ ؟ ؛
قَالَ : " يَا عَمِّ ، إِنَّمَا أُرِيدُ مِنْهُمْ كَلِمَةً تَذِلُّ لَهُمْ بِهَا الْعَرَبُ وَتُؤَدَّى إِلَيْهِمْ بِهَا جِزْيَةُ الْعَجَمِ " .
قَالَ : كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ ؟ ؛
قَالَ : " كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ " ؛
قَالَ : مَا هِيَ ؟ ؛
قَالَ : " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " .
قَالَ : فَقَالُوا :
" أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ؟ "...
قَالَ : وَنَزَلَ فِيهِمْ :" ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ "... حَتَّى بَلَغَ :" إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ"
[هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخْرِجَاه(اي البخاري ومسلم)] ُ﴿« 3».
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي طَالِبٍ [﴿«وهو الشاهد »] قَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

﴿« أُرِيدُ مِنْ قُرَيْشٍ كَلِمَةً تَدِينُ لَهُمْ بِهَا الْعَرَبُ »﴾...
أَيْ تُطِيعُهُمْ وَتَخْضَعُ لَهُمْ﴿«١/د».
وَ
الدِّينُ : الْإِسْلَامُ ، وَقَدْ دِنْتُ بِهِ﴿«١/ب»، وَالدِّينُ لِلَّهِ مِنْ هَذَا إِنَّمَا هُوَ طَاعَتُهُ وَالتَّعَبُّدُ لَهُ وَدَانَهُ دَيْنًا أَيْ أَذَلَّهُ وَاسْتَعْبَدَهُ .﴿«١/ب+د».
فَأَمَّا قَوْلُهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : ﴿«مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ »، فَــ

يُقَالُ : فِي طَاعَتِهِ ، وَ
يُقَالُ فِي حُكْمِهِ . وَ
مِنْهُ : ﴿«مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ »، أَيْ يَوْمِ الْحُكْمِ . وَقَالَ قَوْمٌ : الْحِسَابُ وَالْجَزَاءُ . وَأَيُّ ذَلِكَ كَانَ فَهُوَ أَمْرٌ يُنْقَادُ لَهُ . وَقَالَ : دِينَ الرَّجُلُ يُدَانُ ، إِذَا حُمِلَ عَلَيْهِ مَا يَكْرَهُ .﴿«١/أ»﴾.



والمحصلة من البحث لُغةً:"


أن العرب الأقحاح وضعوا لمعنى الدين ما يفهم منه أنه التذلل.. والانقياد.. والطاعة.. والسياسة وفق ما يراه السيد ؛ ويعلو عليه وفق ما أمر به "رب" الإنسان و"مالكه" و"خالقه" و"رازقه" ، وهو الله- تعالى في سماه وسما في علاه وتقدست اسماه-... ومن فهم لما اعتبر التكليف (سواء بالقيام بالفعل أو الامتناع عنه) مشقة... لذا وجب تقوية الإيمان ؛ فهو يقوى ويضعف ليرتقي المسلم بإيمانه ليصل إلى درجة المؤمن ثم يرتقي فيصل إلى درجة المحسن....

وللحديث بقية...


دكتور محمد فخر الدين الرمادي 02 / 04 / 2019 48 : 08 PM

رد: ﴿« ... إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ... »﴾
 
الدين متأصل في النفوس مستقر في ذات الإنسان وملازم له في كل زمان ومكان لا يستطيع أن يعيش بدونه بدليل قوله تعالى :
« وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِين » .
[الأعراف:172]
وحديث الفطرة : " كل مولود يولد ...."
[ آخرجه البخاري في كتاب الجنائز؛ ( باب ما قيل في أولاد المشركين ) جـ2؛ ص 290؛ ط. دار الريان، و
أخرجه مسلم بشرح النووي في كتاب القدر ( باب كل مولود يولد على الفطرة ) جـ 16 ص 209 ، المطبعة المصرية . ]
[ المصدر :عجيبة ؛ د. أحمد علي : دراسات في الأديان الوثنية القديمة ، موسوعة العقيدة والأديان ترقيم (9) ، دار الأفاق العربية ، القاهرة ؛ مصر ، ط1 ؛ 2004م .]

Dr.

MUHAMMAD


ELRAMADY

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 02 / 04 / 2019 57 : 08 PM

رد: ﴿« ... إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ... »﴾
 
موضوع هذه الأبحاث
" الدين "
وما ينضوي تحته من أمهات القضايا والمسائل وما ينبثق من هذه المسائل من فرعيات وثيقة الصلة بأصل المسألة .


وأمهات مسائل موضوع الدين قسمتها إلى معالجات بحثية :


1 . ] المعالجة البحثية الأولى : الإنسان ،


2 . ] المعالجة البحثيةالثانية : الإله ،


3. ] المعالجة البحثية الثالثة : الأنبياء والرسل ،


4 . ] المعالجة البحثية الرابعة : الكتب السماوية.... والوضعية .


ما سأكتبه سيكون على حلقات مع حرصي أن أعالج الموضوع والقضية من جهات متعددة ... وإذا قصرتُ فسأشاطر"تاى تنج " وجه نظره حيث أنه نشر في القرن الثالث عشر كتابه عن "تاريخ الكتابة الصينية " فكتب يقول :
" لو كنت لأنتظر الكمال لما فرغت من كتابي إلى الأبد "(1).


وإذا أقبل زوار المنتدىٰ علىٰ قراءة المقال .. ووجد النقاد والإخصائيون والقراء أمورا تحتاج لتصحيحات فسأكون من السعداء :
أولا : لقراءة ما كُتب والتجاوب معه ، و
ثانية : للتواصل كي نبلور فكرة المقالة معاً .
ــــــــــــــــــــــ
(1) ت. ف. كارتر، اختراع الطباعة في الصين وانتشارها صوب الغرب ، ص 18 من المقدمة ، 1925م
ــــــــــــــــــــــ

شريف حمدان 02 / 04 / 2019 07 : 09 PM

رد: ﴿« ... إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ... »﴾
 
http://up.ahlalalm.info/photo1/yvo59466.gif



واصل ولا تحرمنـا من جديـدك المميـز

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 02 / 04 / 2019 09 : 09 PM

الإنسان ... الغائب المعلوم ... المشاهد المحسوس
 
الإنسان ... ذلك الغائب المعلوم وهذا المشاهد المحسوس





توطئة :
لا أدعي أنني جئتُ بمستحدث جديد ، بقدر ما أظنُ أنني رتبتُ القديم(1) وقمت بتنسيق الأفكار وفق فهمي للموضوع ـ والتواصل يثري الفهم ويعلي الإدراك ـ ، وإن كان في مثل هذه الدراسات يطلب من الطالب بل ينبغي علىٰ الباحث تجرده من ارآه السابقة وقناعاته ـ فهي علىٰ كل حال جزء جوهري من كيانه ووجوده ـ دون إلغاءها ، وهذا ما سأسعى إليه، وقد نَبَّهَ السادة العلماء علىٰ هذه البديهة ، وسألتزم الحياد ـ ما استطعت ـ إذ مَن يخالفني في الرآي عنده وجاهة ما ذهبَ إليه وإن لم اوافقه في المذهب.
وهذا التقديم ارتآيته ضروريا حتىٰ لا أظلم مخالفا ـ في الرؤية ـ وقد يوافقني فيما بعد إلىٰ ما ذهبتُ إليه بعد التدليل علىٰ صحة دعوتي ، أو يملك أدوات الإقناع فاؤمن بما هداه عقله إليه ، فالحق واحد والحقيقة واحدة ونحن جميعا نبحث عنها ونريدها ، فحوارنا لا يثبت معدوما ولا يلغي موجودا ولا يُفرض التسليم بما لا يقبله العقل ، والنوايا والمقاصد في الأبحاث لا تعتبر بقدر صحة المقدمة ومتانة الموضوع والقدرة علىٰ الإثبات وقوة الدليل ووضوح البرهان والإستطاعة علىٰ إقناع الآخر بالمحصلة والخاتمة وما تُوصل إليه من نتائج البحث .
ما يوقف البحث ويعطل الوصول لنتيجة عقلية تطمئن القلب وتقنع العاقل فتهدأ النفس : أطروحة " الافتراضات / الملاحظات /المشاهدات " ومن خلال ما لُوحظ نخرج بنتيجة ذهنية نطلق عليها " علمية" أو أطروحة " أرث الأباء " و " إيمان العجائز " ، وهذا الطرح بتلك الكيفيتين هو أس الفساد في النظرية وإن أطلق عليها علمية .
فالملاحظة اسلوب في البحث العلمي لا ننكره ولكن الملاحظة بمفردها لا تؤدي إلىٰ حقيقة علمية ، إذا غاب الدليل عليها ، فتؤدي لإفترضية مقبولة لأن وجود فرد من افراد الملحوظات معارض لما تم جمعه من ملاحظات يسقطها من حساب الحقيقة العلمية ويبقيها في حدود الإفتراضية أو النظرية ، فالتشابه ليس دليل مُظهر يقرب المتشابهان لأنه لا يؤكد على التماثل فتسقط النظرية وتبقى مجهود ذهني محمود لصاحبه لم يصل لدرجة التأكيد الذي يرفعها من فضاء نظريتها ورحابة إفتراضيتها إلىٰ حقيقة ، وتبقى معلقة في فضاء خيال الملاَحِظ وقد يتعسف في أخراجها ، فالكثير منا لا يقبل المأثور الشائع :" خذوا الحكمة من افواه المجانين " فما بالك بالحقائق العلمية أو الحقائق الكونية وبالتالي فكيف يُقبل قول من عالم يبني صحه ما قاله علىٰ فروض وملاحظات ومشاهدات .
ــــــــــــــــــ
(1) يؤكد هذا التوجه د. عبدالدائم حين يقول :" إن الحاضر والمستقبل يتصلان اتصالاً عضوياً بالماضي، وإن أي بناءٍ جديدٍ ـ في أي ميدان من ميادين الحياة الإنسانية ـ جهدٌ يربط الماضي بالحاضر والمستقبل. وكل محاولة لبناء نظرة مستقبلية تظل تائهة غير مستقرة إذا لم تدرك موقعها بالقياس إلى الماضي . ومثل هذا الموقف يزداد أهمية في مجتمعنا العربي ، إذا أدركنا أننا في أمسِّ الحاجة إلى أن نعقد الصلة بين سعينا المحدث لبناء مجتمع عصري وبين الإرث التاريخي الذي ما يزال يعيش بين ظهرانينا، والذي لابد أن نجلوه ونعيد فهمه ، إذا أردنا أن نتجه به نحو الغد" .

هذا النص ورد في تصدير كتاب د.عبدالله عبدالدائم ، التربية عبر التاريخ ، من العصور القديمة حتى أوائل القرن العشرين ، ص 11، الطبعة الخامسة، 1984م، دار العلم للملايين ، بيروت لبنان .
[غالبية المصادر من مكتبة الجد رحمه الله أو مكتبة الوالد تغمدهما خالقنا بواسع الرحمات وعظيم المغفرة]
ـــــــــــــــــ


دكتور محمد فخر الدين الرمادي 02 / 04 / 2019 15 : 09 PM

الأنسان أوالحيوان العاقل
 
الأنسان
أو
الحيوان العاقل


( 1. ) يخبرنا وِلْ ديورانت أن "من واجبات الوالدين أن ينقلوا إلىٰ الأبناء تشريع الأخلاق "، ويعلل هذا الواجب بقوله " لأن الطفل أقرب إلىٰ الحيوان منه إلىٰ الإنسان " ، ثم يضيف جزئية محورية فكتب " وإنه ـ أي الطفل ـ ليتلقىٰ إنسانيته شيئاً فشيئاً كلما تلقىٰ جانباً من التراث الخُلقي والعقلي الذي خلّفَه له الأسلاف " ، ثم أخذ يوضح رؤيته بقوله " الطفل من الوجهة البيولوجية سَيِّئُ الإعداد للمدنية" ويعلل ذلك "لأن غرائزه تهيئه للمواقف الرئيسية والتقليدية ولا تشمل إلا علىٰ الاستجابة للمثيرات التي توافق الغابة أكثر من موافقتها للمدنية "(1).


ما بينه الكاتب يؤكد علىٰ دور التعليم والتعلم ، وهذه العملية ـ عملية التعليم ـ تؤكد علىٰ : " أن الاجتماع الإنسانيَّ ضروريٌّ ، ويعبر الحكماء عن هذا بقولهم : الإنسان مدني بالطبع أي لا بد له من الإجتماع "(2) ، فمن خلال هذا الإجتماع الإنساني تحدث العملية التربوية فــ:"ــصحيح أن التربية وجدت منذ وجد آباء وأمهات رعوا أبناءهم " (3)


ونطرح سؤال : مِنْ مَن تلقىٰ الإنسان الأول التعلم والتعليم !!؟


ــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(1) وِلْ ديورانت ، قِصة الحضارة ، ترجمة الدكتور زكي نجيب محمود ، نشأة الحضارة ـ الشرق الأدنى ، الجزء الأول من المجلد الأول ، الباب الرابع ، الفصل الثالث ، ص 90، ، دار الفكر .


(2) عبدالرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي ، مقدمته، ص 41، الطبعة الأولى ، 1978م ؛ دار القلم ، بيروت لبنان .

(3) د. عبدالله عبدالدائم ، التربية عبر التاريخ ، من العصور القديمة حتى أوائل القرن العشرين ، ص 11، الطبعة الخامسة ، 1984م، دار العلم للملايين ، بيروت لبنان .
ـــــــــــــــــــــــــــــــ

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 02 / 04 / 2019 28 : 09 PM

رد: ﴿« ... إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ... »﴾
 
(2. ) نتجول بين الأقوال التي تحت أيدينا فنقرأ بأن الإنسان " هو الكائن الحي الذي يعتبر الأكثر تطورا من الناحية العقلية والعاطفية . ظهر منذ 120.000 سنة ، ويعتبر علم الإنسان ذاك العلم الذي يهتم بكل أصناف وأعراق البشر " .
كما نقرأ " عند توضيح التصنيف العلمي للإنسان فيصنف على أنه من الثدييات ، و
عند رتبته نقرأ أنه من الرئيسيات (الإنسان والقردة ) ، ويعتبر أنه من عائلة "قردة عليا" (أشباه الإنسان) ،
أما عند توضيح جنسه فهو : إنسان ، كفصيلة فريدة من نوعها ، و نوعه الفرعي: إنسان عاقل ".
دراسة التطور البشري يحوي العديد من المجالات المهمة مثل :
علم الإنسان و
علم اللغات و
علم الجينات (العلمان الأولان بالنسبة لهذا البحث هما المهمان ، وإذا تيسر الأمر سنتعرض إليهما قريباً )


( 3. ) من الناحية البيولوجية يوضع الإنسان على أعلى سلم الثدييات ونظرية التطور (داروين ـ والاس) تلح علينا أن نتعرض لها بإيجاز كما كُتب عنها ، فــ
نقرأ أن :


" فكرة التطور البيولوجي“Evolution“ تعود إلى عهود قديمة ، فبعض الفلاسفة الإغريق كانوا يؤمنون بهذه الفكرة مثل أناكسيماندر „Anaximander -Anaximandros“ (547 ـ 610 ق.م. )، و أبيقور ، إضافة لبعض فلاسفة الهند مثل باتانجالي ، ونظرية تطور الإنسان هي جزء من نظرية التطور التي وضع اساسها تشارلز روبرت داروين Charles Robert Darwin (إنجليزي الجنسية، ولد في إنجلترا في 12 فبراير 1809م وتوفي في 19أبريل 1882م)، فقد بدأ تطور نظرية النشوء الحديثة بإدخال مصطلح " الأصطفاء الطبيعي" أو ما يسمى بالألمانية„Natürliche Selektion“ في مقالة مشتركة لتشارلز داروين و ألفريد روسل والاس (Alfred Russel Wallace، ولد في الثامن من يناير 1823 في Usk, Monmouthshire، ومات في السابع من نوفمبر 1913م في Broadstone, Dorset ، نشرت عام 1858م ، ومن ثم حققت النظرية شعبية واسعة بعد الإقبال على قراءة كتاب داروين :" أصل الأنواع " „The Origin of Species“ الذي كان بمثابة نقطة البداية في دخول فكرة الأصل المشترك للكائنات ـ الخلية الأولى ـ لتفسير التنوع في الطبيعة في المجتمع العلمي " .


وحدث رفض وقبول للنظرية ونقاش علمي واسع ، وقد كانت فرضية داروين و والاس الأساسية أن التطور يحدث وفق ميزة قابلة للتوريث وتؤدي إلى زيادة فرصة بعض الأفراد الحاملين لهذه الميزة بالتكاثر أكثر من الأفراد الذين لا يحملونها ، بمعنى أن التطور يحدث نتيجة تغير في ميزات قابلة للتوريث ضمن مجموعة حيوية على امتداد أجيال متعاقبة كما يحدده التغيرات في التكرارات الأليلية للجينات ومع الوقت يمكن أن تنتج هذه العملية ما نسميه "انتواعاً" أي تطور نوع جديد من الأحياء بدءً من نوع موجود أساساً ، والآلية الأساسية التي ينتج بها التغير التطوري هي ما تدعوه النظرية „Natürliche Selektion“ أو ما ترجمته : "الاصطفاء الطبيعي" .


هذه الفرضية كانت جديدة تماما لمعظم أسس النظريات التطورية القديمة خصوصا النظرية المطورة من قبل جان بابيست لامارك .


(3. ـ 1.) معارضة النظرية من علماء في عصر داروين :


حمل لواء معارضة نظرية التطور عالمين مشهورين في بداية ظهور النظرية الأوَّل منهما : "أغَزيز" „ Jean Louis Rodolphe Agassiz مولده: 28 مايو 1807م ، وفاته: 12 ديسمبر 1973م، في الولايات المتحدة الأمريكية ، والعالِم الثاني سير ريتشارد أوين في بريطانيا : Sir Richard Owen ولد في 20 يوليو 1804م وتوفي في 18 ديسمبر 1892م . وعارض نظرية تشارلز داروين في التطور بواسطة الانتقاء الطبيعي معارضة صريحة وشديدة ، وقد قام أيضا كثير من علماء الطبيعة برد النظرية ومنهم دلاس حيث قال ما خلاصته: "إن الارتقاء بالانتخاب الطبيعي لا يصدق على الإنسان، ولابد من القول بخلقه رأسا " ومنهم الأستاذ فرخو قال: "إنه يتبين لنا من الواقع أن بين الإنسان والقرد فرقاً بعيداً فلا يمكننا أن نحكم بأن الإنسان سلالة قرد أو غيره من البهائم، ولا يحسن أن نتفوه بذلك"، ومنهم ميغرت قال بعد أن نظر في حقائق كثيرة من الأحياء : " إن مذهب دارون لا يمكن تأييده وإنه من آراء الصبيان". ومنهم هكسلي وهو صديق لـ دارون قال :"إنه بموجب ما لنا من البينات لم يثبت قط أن نوعاً من النبات أو الحيوان نشأ بالانتخاب الطبيعي، أو الانتخاب الصناعي".

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 02 / 04 / 2019 31 : 09 PM

جانب الدين ونظرية التطور
 
هذا الجانب العلمي ، أما جانب الدين ونظرية التطور فقد " نفى المتدينون (!) صحة هذه النظرية حيث أنها تطرح فكرة بديلة لقصة الخلق على عكس ما جاءت به التوراة والقرآن ، و وصل الخلاف حول نظرية التطور إلى القضاء في قضية عرفت بمحاكمة القرد عام 1925م فيرى مؤيدو النظرية أنه تحرش قضائي ويرى المعارضون أن أنصار النظرية جاؤوا بدليل مزور اتضح لاحقا أنه لخنزير وليس لمستحاثة بشرية ومنذ ذلك الحين استمر النزاع بين نظرية التطورومعارضيها والذين صاغوا بدورهم نظريات مثل نظرية الخلق أو ما نجده تحت تسمية معجزة الخلق في كتابات الباحثين المسلمين كالسيد هارون يحيى ونظرية التصميم الرشيد ودعاة التطور يرفضون مثل هذه النظريات ولا يعتبرونها نظريات علمية بالنظر لانتفاء وجود فرضيات يمكن إثبات صحتها أو رفضها باستخدام أدلة علمية ولم يعدوها سوى محاولة لإدخال الدين (!)في العملية التعليمية للعديد من الدول التي تدرس نظرية التطور في مناهجها الدراسية" . (1)


ـــــــــــــــــــ


(1) انظر : موسوعة ويكيبيديا الموسوعة الحرة ، لمزيد اطلاع : أصل الأنواع : نشأة الأنواع الحية عن طريق الانتقاء الطبيعي أو الأحتفاظ بالأعراق المفضلة في اثناء الكفاح من أجل الحياة ، تأليف تشارلز داروين ، ترجمة مجدي محمود المليجي ، تقديم سمير حنا صادق ، القاهرة ، المجلس الأعلى للثقافة ، 2004م. و
انظر أيضا : نظرية التطور عند مفكري الإسلام ، دراسة مقارنة ، محفوظ علي عزام ، دار الهداية ، 1986. و
أيضا : مجلة كلية الآداب لجامعة القاهرة ، مجلد 68، سنة 2008م، الجزء الثاني ص: 148ـ 181. بالإضافة إلى المراجع بلغات أجنبية .


ـــــــــــــــــ

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 02 / 04 / 2019 35 : 09 PM

رد: ﴿« ... إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ... »﴾
 
(3. 2. ) " لغاية عام 1980م من القرن الفائت جرى تقسيم الأورانج أُتان والغوريلا والشمبانزي وفق عائلة الإنسان القرد („Menschenaffen“ (Pongidae)) وفي المقابل وجد الإنسان الحقيقي وفق تقسيم مستقل (Familieder Echten Menschen (Hominidae)) " ، غير أنه على أساس "جيني" جاء تقسيم الشمبانزي و الغوريلا والإنسان واستبعد الأورانج أوتان من التقسيم القديم .


( 4. ) من الناحية التشريحية : يتراوح طول الإنسان ـ المعتاد ـ ما بين 150 و 200سم ، كبقية الحيوانات الفقَّارية ، قبل الحمل يقذف الرجل ما يقارب 150 مليون حيوانا منويا جاهزا لتلقيح بويضة زوجه ،ويحتوي دم الإنسان على ما يقارب 93 % من الماء ، فترة الحمل عند المرأة تقريبا تسعة شهور وهي الفترة الزمنية التي يحتاجها الجنين ليكتمل نموه ويكون لديه القدرة على الحياة خارج الرحم ، يزيد وزن المرأة الحامل تقريبا 12 كيلوجرام خلال فترة الحمل ، قبل الوضع بقليل تتمكن رئة الجنين من أداء وظيفتها لاستقبال الهواء ، متوسط طول الطفل 50 ـ 52 سم، وزنه يترواح من 3000 ـ 4000 جرام ، ويتركب الجسد (الجسم ) من :


الجهاز الواقي و الحركي : عظام وغضاريف: فوجد أن طفل الإنسان يملك أكثر من 300 عظمة ، أما الإنسان الكامل فلديه 206 عظمة.


العضلات : البناء العضلي عند الرجل يشكل من وزنه 40% أما المرأة فتملك من وزنها فقط 23% كما يوجد تقريبا 600 عضلة متصلة بشكل مباشر أو غير مباشر بالعظام ، وفق هذا التقسيم : القلب وعضلاته اللأرادية فتعمل إثناء النوم واليقظة دون إرادة من صاحبه . الإنسان يملك حواس خمس. الأعضاء الداخلية . الأعضاء التناسلية : آلة الرجل يترواح طولها من 6 ـ 12 سم ما يقابل عند المرأة يبلغ طول قناتها 7 ـ 9 سم ، والجهاز الهضمي والجهاز العصبي ،وجهاز الهرمونات ، و الغدد الصماء . (1)


ـــــــــــــــــــــــــــ


(1) مَن يرد من السادة القراء مزيد إطلاع فليراجع الكتب العلمية المتخصصة فقد كتبنا بإيجاز .


ـــــــــــــــــــــــــ

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 02 / 04 / 2019 40 : 09 PM

رد: ﴿« ... إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ... »﴾
 
(5. ) حقيقة الأمر أن العلماء لم يستطيعوا الوصول إلى قول فصل في مسألة وجود الإنسان الأول (!!؟)، وكيف وجد (!!؟)، بل هي نظريات وملاحظات ، ولأننا نعتمد طريقة استحضار ما كتبه العلماء أولا وما لدينا من مراجع وما نملك من قدرات عقلية في فهم الواقع مع حوار بناءٍ مع مَن يخالفنا الرأي ، وجدال عقلي رزين ، مع إفتعال الجدية في البحث والنقاش ، ننقل أقوالهم ثم نبين ما عندنا ، بيّدَ أننا سنعتمد أيضا وعلى سُلم المراجع الكتاب المقدس (1) .


الإنسان هو ما نراه أمامنا الآن ، فهوالمُعْتَقِد في شئ ما ـ سنغض الطرف ماذا نسميه الآن ـ والعابد له والذي يتعامل بثقافة ويمارس ويحتفل بطقوس معينة في حياته سواء تعلمها أو أحدثها .


وهو عمود أساسي في بنيان هذا البحث ،بل قل بلا حرج هو العمود الأول في موضوع الدين ، فلولا الإنسان ماجاء دين ـ سماوي أو وضعي ـ فالثابت لدينا أن الإنسان جاء أوّلا ثم جاء الدين من بعده ، والإنسان الأول الغائب المعلوم يشبه تماما الإنسان الحالي المنظور المشاهد المحسوس ، بل هو هو ، الفارق قد يكون درجة الرقي أو الوسائل المتاحة والأدوات المستخدمة في الحياة اليومية وسبل العيش وعوامل عدة آخرى متعلقة بالبيئة/المحيط أو المناخ .... لا تؤثر تأثيرا سلبيا أو إيجابيا في تركيبته البشرية وكينونته الآدمية ، نعم العوامل السابقة تؤثر بشكل ملحوظ في إدراكه ووعيه وفهمه وسلوكه وكيف يتعامل مع الآخر ، وهذه مسألة غير التركيبة البشرية والكينونة الآدمية ...


ــــــــــــــــــــــــ


(1) قصدنا بهذا الإصطلاح : الكتب السماوية والوضعية فنحن سنتوسع كثيراً في إستخدام بعض الأسماء والمصطلحات والتعبيرات ، فالحديث مازال في بدايته والباب مفتوح والدعوة للنقاش والحوار والجدال بالتي هي أحسن للجميع بشريطة من يملك الدليل ولديه القدرة على إثبات صحة دعواه ، وبالطبع الكاتب ـ ومن يوافقه ـ على يقين بصحة دعواه ويملك القدرة على أثبات صحتها، كما لا ندعي لأنفسنا العصمة بل ندعي صحة ما نحن عليه ، ومن يخالفنا فليثبت صحة ما يدعيه
ــــــــــــــــــــــ.

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 02 / 04 / 2019 43 : 09 PM

رد: ﴿« ... إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ... »﴾
 
(5. 1. ) فلا يتبقى أمامنا غير " قياس الغائب على الشاهد " ، فنصف الغائب بنفس صفات الإنسان الحاضر فإذا كان هذا هو المشاهد المحسوس : الإنسان الحالي ، فيكون إنسان "اليوم" شبيه بل مثيل بإنسان "الأمس" ولا يوجد أصل يختلف عن الفرع ويكفي القول بأنها ـ نظرية التطور ـ ملاحظات وتأملات ومشاهدات بنص الأقوال التي أوردها السيد الفاضل العالِم " داروين " ، فلا تقدم دليلا ماديا على ما ادعاه فتبقى نظرية كما اطلق عليها Theorie“ (1)، وإن اقترن بها لفظ "علمية" فهي ستظل نظرية ليس أكثر .


ــــــــــــــــــ


(1) ولتعريف "النظرية " نقول أنها نوعاً من التفسير لشرح كيفية حدوث ظاهرة طبيعية بشرط تحقق حدوث هذه الظاهرة وعدم وجود نزاع في حدوثها وتكون بشكل عام عرضة للصواب والخطأ . والتماسك المنطقي و الرياضي ثم شرحها لأكبر عدد ممكن من النتائج التجريبية يدعم النظرية ويعطيها تأكيداً أكثر فأكثر ، وهي في المجال العلمي تشير إلى نموذج مقترح وتنطلق من مسلمات أو مبادئ متفق عليها وتكون أساساً لبناء النظرية وما يترتب عليها من نتائج " .
والسؤال هل ينطبق هذا كله على نظرية التطور الدارونية !!؟ .


ــــــــــــــــــــ

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 02 / 04 / 2019 47 : 09 PM

رد: ﴿« ... إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ... »﴾
 
وكما أسلفنا فقد عرضنا سؤال:
كيف ، ومَن علم الإنسان الأول !!؟


غير أن المهم لك ـ عزيز(تـ)ـي القارئـ(ـة) أن البحث يدور حول إنسان اليوم :


( 6. ) المشاهد المحسوس أن الإنسان ينمو إلى حد ما لا يتجاوزه ، فهو محدود ، له بداية معلومة كما وله نهاية محتومة ، والإنسان جسد وروح ، بدن وعقل ، أحاسيس ومشاعر ، إدراك ووجدان ، حاجات عضوية وغرائز ونزعات وميول وأهواء ، فهو محدود في إطار هذه الفطرة التي وُجد بها وركبت فيه ويصاحبها كلها جوعات تحتاج لإشباعات ، وهذه الإشباعات تحتاج لكيفية في إشباعها، وهذه الكيفية تحتاج لنظام ، وهذا النظام إما يضعه الإنسان بنفسه وفق تفكيره وعقله ومداركه والقوى العاقلة التي يملكها وإما يضعها غيره ! .


( 6. 1. ) المشاهد المحسوس أن الإنسان ـ امرأة / رجل ـ بخواصهما وقدراتهما ، يقومان معا بعملية الإنجاب ، فالحمل بجنين لا يتم إلا منهما وبهما ، وإذا ولد طفل الإنسان فلابد من فترة حضانة ورعاية وهذه الفترة الزمنية طويلة نسبياً بالنسبة لبقية المخلوقات ، وطفل الإنسان كما بيَّنا في بداية المقال يحتاج بالضرورة للتعليم من الوالدين سواء لغة الخطاب مع الآخر أو الأخلاق أو العادات والتقاليد ، وأيضا الدين والعقائد ....


وهذا يكفي على أن الإنسان يحتاج إلى غيره أكثر من بقية المخلوقات والموجودات ، وهذا الإحتياج مركب فيه ، ومن كان محتاجاً فهو عاجز أن يقوم بمفرده بإشباع غرائزه وحاجاته العضوية ، ومن كان عاجزاً فهو ناقص ـ أي ليس بكامل ـ ومَن أتصف بالعجز والنقص فهو محتاج إلى غيره .


" إن ماهية الانسان تتمثل في افراده تمثلا كلياً دون فرق بين فردٍ وآخر... فالإنسان من جنس الحيوان ولكن ماهيته تبين أنه كائن حي بشري يتصف بصفات نوعية ترفعه على الحيوان مكاناً مرموقاً " (1)


ـــــــــــــــــــــــ


(1) هشام عبد الكريم صالح ، رؤية مستنيرة في مفهوم العقل ، ص41 ، مطبعة التعليم العالي ، الموصل ، 1990م
ــــــــــــــــــــــ

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 02 / 04 / 2019 52 : 09 PM

رد: ﴿« ... إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ... »﴾
 
( 6. 2. ) الثابت أن الإنسان يريد بعض الأشياء ويرغب فيها (لا أبحث الآن الحلال والحرام ، وإن كنا نتبنى القاعدةالتي تقوم :" أن الأشياء مباحة ما لم يرد دليل التحريم ، ولأن هذا بحث شرعي مستمد أصوله من الإسلام فلا اضعه الآن موضع بحث ) وهذه الرغبة قد تتعارض مع المجتمع أو العرف السائد أو العادة المتبعة أو التقليد الموروث ، لذا فقد وجد الكثير من الأمور السرية وتبقى سراً خشية إطلاع الغير عليها ومعرفتها ومَن يفعلها يعاقب ـ وفق العرف/التقليد ـ على مزاولتها ، لذلك تبقى طي الكتمان وسر تحت السرداب، ومن هنا جاءت فكرة القانون والنظام ، فــ" ـ لما كان المجتمع يستحيل قيامه بغير نظام ، والنظام لا يكون بغير قانون "(1) كانت فكرة القانون فكرة إلزامية سواء عند الإنسان الهمجي ـ حين يصفه المتحضر ـ أو عند الإنسان المتمدن، وهذا القانون والنظام إما أن يضعه الإنسان بنفسه أو يضعه غيره ، ولما كان الإنسان هو الحيوان العاقل الناطق الوحيد لن يصلح أن يضع له قانونا إلا من هو فوق قواه العقلية ولديه قدرة تنظيمية أعلى من قدرته ، فيكون أمامنا إما كائن أعلى درجة ومرتبة عنه ، ويكون له إتصال مباشر به ، وهذا الكائن غير موجود فبقية المخلوقات أقل منه رتبة ، وهو يسيَّرها ويزللها ، والآخر هذا إما الطبيعة(2) ـ وهي تعبير غير محدد المعالم ـ و إما الملائكة والجن ، حيث يرد في بعض المصادر أن الملآئكة تملك قدراً من العقل وأن الجن مستتر والإنسان ظاهر(3)، بيد أن لا يوجد وسيلة إتصال مكشوفة بين كائنين مختلفين (الملآئكة والإنس أو الجن والإنس ) غير ما يدعيه البعض كمسألة المس ، وهذه ليست -هنا- مسألة بحث في هذه الجزئية فنتركها !!. ، وأما " آخر (!) " غير السابق كله أي غير الإنسان وبقية المخلوقات والموجودات .
ــــــــــــــــــــــ
(1) وِلْ ديورانت ، قِصة الحضارة ، ترجمة الدكتور زكي نجيب محمود ، نشأة الحضارة ـ الشرق الأدنى ، الجزء الأول من المجلد الأول ، الباب الرابع ، ص 65، ، دار الفكر .
(2) يطلق هذا التعبير " الطبيعة " عند مَن لا يؤمن بآله .
(3) ابن منظور ، لسان العرب حرف "الألف" ، دار احياء التراث العربي ، الطبعة الأولى 1408هـ 1988م، بيروت ؛ لبنان .
ـــــــــــــــــ


دكتور محمد فخر الدين الرمادي 02 / 04 / 2019 53 : 09 PM

رد: ﴿« ... إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ... »﴾
 
فلنطرح تساؤلات :


إذا قلنا أن الإنسان كائن ، فيأتي سؤال من الذي كوَّنه !!؟


وإذا قيل بأن الإنسان موجود ، فيأتي سؤال من الذي أوجده!!؟ ،


وإن سلمنا جدلاً بوجود سلالة تميزت بخواص عالية نشأ منها الإنسان الحالي ، فالسؤال سيعاد مرة آخرى بصياغة مغايرة عن الأولى ، مَن الذي أوجد الخلية الأصلية الأولى !!؟



أما إذا قلنا أن الإنسان مخلوق ، إنتهت المسألة ، إذن فهناك واجد أو خالق .

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 02 / 04 / 2019 55 : 09 PM

رد: ﴿« ... إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ... »﴾
 
( 7. ) تعرضنا بشكل وجيز إلى الناحية التشريحية و البيولوجية للإنسان وبعض خواصه ، لنصل بأن هذا هو الإنسان المخلوق ، وبالتالي يكون " الآخر أي الخالق " مخالفا تماما لهذه التركيبة التشريحية والبيولوجية والفسيولوجية والمزاجية والنفسية والعقلية للإنسان ، إذ أن الخالق يجب ـ بل يتحتم ـ أن يكون مغايِّراً تماما للمخلوق ، كمخترع جهاز الكمبيوتر والجهاز نفسه .





ـــــــــــــــــــــ





هذا الجزء مقدمة من مقدمات موضوع مقاربــ(ـنــ)ــة الأديان


وللحديث بقية بإذنه تعالى ....

شريف حمدان 07 / 11 / 2020 45 : 11 AM

رد: ﴿« ... إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ... »﴾
 
جزاك الله خيرا

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 24 / 01 / 2021 47 : 09 PM

رد: ﴿« ... إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ... »﴾
 
[ 8 . ]
القضية الهامة الجوهرية الأساسية عند الإنسان منذ بدء الخليقة وحتى لحظة كتابة هذه السطور هي قضية وجود إله(*) وكيفية التعامل معه.. سواءأكان مجرد إعتراف بوجوده فقط.. دون الاعتراف بخواصه ومسمياته وصفاته.. أو الإيمان الكامل به إيماناً مطلقاً بصفاته واسمائه الحسنى وخواصه وأن هذا الإله يختلف تماماً عن الإنسان بصفات الإنسان وخواصه وغرائزه وحاجاته العضوية.. فهناك فارق كالفارق بين الثرى والثريا بين الإله والإنسان.. وهنا نبدء في استخدام ألفاظ أو مصطلحات أدق ..
فأقول(الرمادي) هنا كفارق بين الخالق وبين المخلوق.. وبين المعبود وبين العابد.. وبين الآمر الناهي وبين الذي يتلقىظ° هذا الأمر ويطبقه ويدعو إليه؛ ويبتعد عن هذا النهي وينكره ويزجر فاعله..
إذاً الحديث سيبدء عن قضية الإيمان.. وتأثيره في العقلية البشرية والنفسية الإنسانية؛ وما يترتب علىظ° ذلك من سلوك وأعمال وتصرفات وأقوال..


فالحديث عن العقيدة!







**


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) بغض الطرف عن وصف هذا الإله أو مسمياته أو خواصه.. وسواء تحدث البعض عن تعدد الآلهه.. أو سواء الإخبار عن إله أرسل أبنه الوحيد ليخلص البشرية مِن الخطيئة الكبرى -الأزلية--الموروثة- منذ خروج آدم -أول البشر- مع زوجته مِن الجنة نتيجة خطيئة أكل مِن شجرة في الجنة وأطعم منها.. أو سواء نتحدث عن إله واحد أحد صمد لم يلد ولم يولد.. فليس هو والد ولا ولد وليس له أم والده.. إله واحد بصفاته الأصلية واسمائه العلا.. فهو ليس له مثيل ولا شبيه ولا ند ولا وزير ولا مشير.. وهذه القضية تراجعت في السنوات الأخيرة.. صارت مسألة وليست قضية..
وصارت فردية داخلية نفسية خصوصية .. وليست عقلية ذهنية فهمية استيعابية إدراكية.. إذ ستبنى عليها -العقيدة..الإيمان- أحكام شرعية عملية يومية في كافة مناح الحياة.. وهذه تحتاج لإعادة نظر وبحث!!..
والله تعالى المستعان. .



(يُتْبَع ُبِإِذْنِهِ تَعَالَى)


‏الأحد‏، 24‏ كانون الثاني/ يناير‏، 2021*‏24‏/01‏/2021‏ 05:37:58 م ~ ‏الأحد‏، 11‏ جمادى الثانية‏، 1442 هــ

(د.مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِنْ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ)

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 29 / 01 / 2021 15 : 08 PM

يغلب على الظن أنهم يسيرون خلف الأمم!
 
:" يغلب على الظن - والأمر من قبل ومن بعد له (سبحانه وتعالى) ؛ فهو القاهر فوق عباده جميعا ؛ خلقهم جميعاً ولم يعيّه ذلك ؛ فأحياهم جميعاً بقوله للشئ كن فيكون ؛ فرزقهم جميعاً ولم ينقص ذلك من خزائنه شيئاً يذكر ؛ فهداهم إلى الصراط المستقيم ؛ ومن اتبع خطى الشيطان صار معه في نار الجحيم ؛ فرحمهم ببعثة خاتم الأنبياء وآخر المرسلين ومتمم المبتعثين رسول الهدى ونبي الرحمة محمد بن عبدالله (صلى الله عليه وآله وسلم) ... :"
ومع ذلك :" يغلب على الظن أن الغالبية الغالبة من المسلمين تراجعت عن دورها المنوط بها باعتبارها أمة تدعو إلى التوحيد وإفراد العبودية لله فهو (سبحانه) الرب الخالق المالك القادر الرازق المحيي المميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير.. وتبليغ رسالة الحق المبين بين الأنام أجمعين.. فهي أمة العلم .. أمة الحضارة .. أمة التقدم العلمي في كافة المجالات .. أمة أقرأ .. وتدعو -هذه الأمة- إلى الصراط المستقيم ؛ صراط الذين أنعم الله (تعالى) عليهم ، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وفق الكتاب والسنة وتتقيد بخطوات الرسول الأعظم وتسير على هديه فتحول القرآن الكريم والذكر الحكيم والفرقان المبين العظيم إلى سلوك يومي حضاري بغض النظر عن موضع المسلم ومكانته وقدراته العقلية والجسمانية والبدنية؛ ودرجته العلمية ووظيفته..


هذا التراجع الشديد عن هذا الدور..لا يوجد ما يبرره سوى أنهم يسيرون خلف بقية الأمم !.."..

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 20 / 06 / 2021 01 : 08 PM

تكملة : المشاركة الثامنة وفق ترتيب موقع " ملتقى أهل العلم ":
 
-*-
المشاركة الثامنة وفق ترتيب موقع " ملتقى أهل العلم ":
" 8 .1 . ]

عود علىٰ بدء :" الدين لغةً "
مقدمات البحث:
﴿«٣»( دَيَنَ )".].
عودٌ على بدءٍ - وهذا يعود للتركيبة الأصلية للإنسان: من نسيان أو خطأ(*)- فلم أكمل الحديث في المشاركة رقم (8) ؛ والتي سبق وإن نشرت على الموقع ؛ لذا فلي عودة:
﴿«٣»﴾﴿«١»﴾ تمهيد :
ينطلق كل مِن المفكر الغربي والفيلسوف في الغرب -عموماً- مِن قاعدة البناء الفكري لمجتمعه والبيئة الثقافية التي تربى عليها شطرا من الزمان؛ أو ما تسمى بــ الليبرالية/التفكير الحر يجاور هذا آحدى دعائم الديموقراطية : حرية التعبير وحرية الرأي..

كما وينطلق الراهب الذي تخصص في علم الاستشراق مِن التربية الكنائيسية منذ نعومة أظافره؛ وطريقة فهم الدين مِن النظرة النصرانية -المسيحية- عن الاله-الوالد/الآب- وإرساله ابنه الوحيد -الُمخَلص- ليخلص الناس مِن الخطيئة الأصلية[الأزلية؛ وستبحث بإذنه تعالى في قابل البحوث]- اي ما فعله آدم في الجنة وبجواره امرأته- والثالث : الروح القدس؛ أو ما أطلق عليه بـ قانون الإيمان وفق المعتقد النصراني (المسيحي) ..
كما وينطلق المجتهد/المفتي/الفقيه -سواء سني أو شيعي- مِن المبادئ الأساسية والقواعد الأصلية الفقهية أو الفكر المذهبي لما درسه وتربىٰ عليه؛ وشكل عنده الفهمية الفكرية لكيفية بحث المسائل واستنباط الحكم عليها..
وهؤلاء جميعاً قد يقتربون في التعريفات من بعضهم البعض؛ أو يختلفون ويتناقضون!؛ فإذا ظل كل منهم في مجاله ونطاقه دون احتكاك أو تفاعل أو محاولة سيطرة وهيمنة فلا يوجد إشكال؛ أما إذا حدث نقل فكر أو تقارب ومقارنة وسيطرة أو هيمنة أو فرض واقع بعينه يتم الإشكال ويتطور!
الواقع أن الأفكار لا تظل حبيسة في عقول مفكريها بل تتقارب مع غيرها من أفكار أو يتم مقارنتها أو نقلها؛ أو التأثر بها فيحدث تصادم حين يُنقل فكر بعينه مِن بيئته الخاصة به إلىٰ بيئة آخرىٰ مغايرة له ومخالفة. لاسيما في هذا العصر مع هذا الانفتاح الهائل، والتواصل الدائم الذي يعيشه العالم الآن، سواء كان عبر شبكة الإنترنت[العنكبوتية]، أو غيرها من وسائل الإعلام.
ومسألة الدين؛ ومنذ وجود الإنسان الأول؛ وآحدهما يعاني من الآخر؛ كما حدث لقابيل وهابيل؛ وهما الثالث والرابع من عداد البشر في الزمن السحيق.. ثم مَن أمن بنبي وعقيدته وشريعته ضد من جحد وكفر وأنكر؛ وهي مسألة لم ولن تحل؛ وإن كانت هناك العديد من المحاولات لما سمي تقارب الأديان أو بتعبير آخر حوار الحضارات!.
﴿«٣»﴾﴿«٢»
الدين في الاصطلاح العام:
ما يعتنقه الإنسان ويعتقده ويدين به مِن أمورالغيب والشهادة (1).
وفي الاصطلاح الإسلامي:
التسليم لله تعالىٰ والانقياد له.
والدين هو ملة الإسلام وعقيدة التوحيد التي هي دين جميع المرسلين مِن لدن آدم ونوح إلىٰ خاتم النبيين محمد -صلى الله عليه وسلم-.
قال الله تعالى: { إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ }[آل عمران: 19] وبعدأن جاء الإسلام فلا يقبل الله مِن الناس ديناً غيره، قال الله تعالىٰ:{ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[ آل عمران: 85].
وقال تعالىٰ: { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ..﴾ ﴿ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ..﴾ ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾ ﴿ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ﴾﴿ وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًافَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}[ المائدة: 3]. (2)
ولإراك المعنى الحقيقي لكلمة الدين ؛ خاصة ونحن نتحدث عن لغة القرآن الكريم ولغة الذكر الحكيم ولغة الفرقان المبين فـــ

لنتجول في لغة العرب.. فنقرأ :
1. ] :" وَيُقَالُ : رَأَيْتُ بِفُلَانٍ دِينَةً إِذَا رَأَى بِهِ سَبَبَ الْمَوْتِ . وَيُقَالُ : رَمَاهُ اللَّهُ بِدَيْنِهِ أَيْ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ .
وَ2.] :" الدِّينُ : الْجَزَاءُ وَالْمُكَافَأَةُ . وَدِنْتُهُ بِفِعْلِهِ دَيْنًا : جَزَيْتُهُ ،

وَقِيلَ الدَّيْنُ الْمَصْدَرُ ، وَالدِّينُ الِاسْمُ ؛ قَالَ :

دِينَ هَذَا الْقَلْبُ مِنْ نُعْمٍ * بِسَقَامٍ لَيْسَ كالسُّقْمِ
وَيَوْمُ الدِّينِ : يَوْمُ الْجَزَاءِ .
وَفِي الْمَثَلِ: كَمَا تَدِينُ تُدَانُ ، أَيْ كَمَا تُجَازِي تُجَازَى أَيْ تُجَازَى بِفِعْلِكَ وَبِحَسْبِ مَا عَمِلْتَ ،

وَقِيلَ : كَمَا تَفْعَلُ يُفْعَلُ بِكَ ؛
قَالَ خُوَيْلِدُ بْنُ نَوْفَلٍ الْكِلَابِيُّ لِلْحَرْثِ بْنِ أَبِي شِمْرٍ الْغَسَّانِيِّ ، وَكَانَ اغْتَصَبَهُ ابْنَتَهُ :

يَا أَيُّهَا الْمَلِكُ الْمَخُوفُ ، أَمَّا تَرَى * لَيْلًا وَصُبْحًا كَيْفَ يَخْتَلِفَانِ ؟

هَلْ تَسْتَطِيعُ الشَّمْسَ أَنْ تَأْتِيَ بِهَا لَيْلًا * وَهَلْ لَك بِالْمَلِيكِ يَدَانِ ؟

يَا حارِ ، أَيْقِنْ أَنَّ مُلْكَكَ زَائِلٌ * وَاعْلَمْ بِأَنَّ كَمَا تَدِينُ تُدَانُ
أَيْ تُجْزَى بِمَا تَفْعَلُ .
وَدَانَهُ دَيْنًا أَيْ جَازَاهُ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى :{ أَئِنَّا لَمَدِينُونَ } ؛أَيْ مَجْزِيُّونَ مُحَاسَبُونَ ؛ وَ
مِنْهُ
2. 1. ] :" الدَّيَّانُ فِي صِفَةِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ .

وَفِي حَدِيثِ سَلْمَانَ:" إِنَّ اللَّهَ لَيَدِينُ لِلْجَمَّاءِ مِنْ ذَاتِ الْقَرْنِ:" ،
أَيْ يَقْتَصُّ وَيَجْزِي .
وَالدِّينُ : الْجَزَاءُ .

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَمْرٍو : لَا تَسُبُّوا السُّلْطَانَ فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَقُولُوا اللَّهُمَّ دِنْهُمْ كَمَا يَدِينُونَا ؛
أَي ِاجْزِهُمْ بِمَا يُعَامِلُونَا بِهِ .
وَ3.] :" الدِّينُ : الْحِسَابُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
{ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ
وَقِيلَ : مَعْنَاهُ مَالِكِ يَوْمِ الْجَزَاءِ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : { ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ }؛أَيْ ذَلِكَ الْحِسَابُ الصَّحِيحُ وَالْعَدَدُ الْمُسْتَوِي .
وَ4.] :" الدِّينُ : الطَّاعَةُ . وَقَدْ دِنْتُهُ وَدِنْتُ لَهُ أَيْ أَطَعْتُهُ ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ :

وَأَيَّامًا لَنَا غُرًّا كِرَامًا * عَصَيْنَا الْمَلْكَ فِيهَا أَنْ نَدِيَنَا
وَيُرْوَى :
وَأَيَّامٍ لَنَا وَلَهُمْ طِوَالٍ
وَالْجَمْعُ :" الْأَدْيَانُ" .
يُقَالُ : دَانَ بِكَذَا دِيَانَةً ، وَتَدَيَّنَ بِهِ فَهُوَ دَيِّنٌ وَمُتَدَيِّنٌ .
ودَيَّنْتُ الرَّجُلَ تَدْيِينًا إِذَا وَكَلْتَهُ إِلَى دِينِهِ .
وَالدِّينُ : الْإِسْلَامُ ،

وَقَدْ دِنْتُ بِهِ .
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَحَبَّةُ الْعُلَمَاءِ دِينٌ يُدَانُ بِهِ .
وَ5.] :" الدِّينُ : الْعَادَةُ وَالشَّأْنُ ،

تَقُولُ الْعَرَبُ: مَا زَالَ ذَلِكَ دِينِي وَدَيْدَنِي أَيْ عَادَتِي ؛
قَالَ الْمُثَقِّبُ الْعَبْدِيُّ يَذْكُرُ نَاقَتَهُ :

تَقُولُ إِذَا دَرَأْتُ لَهَا وَضِينِي : أَهَذَا دِينُهُ أَبَدًا وَدِينِي ؟
وَرُوِيَ قَوْلُهُ :
دِينَ هَذَا الْقَلْبُ مِنْ نُعْمٍ
يُرِيدُ يَا دِينَهُ أَيْ يَا عَادَتَهُ ، وَالْجَمْعُ أَدْيَانٌ .
وَالدِّينَةُ : كَالدِّينِ ؛قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ :

أَلَا يَا عَنَاءَ الْقَلْبِ مِنْ أُمِّ عَامِرٍ * وَدِينَتَهُ مِنْ حُبِّ مَنْ لَا يُجَاوِرُ
وَ6.] :" دِينَ : عُوِّدَ ، وَقِيلَ : لَا فِعْلَ لَهُ .
وَفِي الْحَدِيثِ:" الْكَيِّس مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَالْأَحْمَقُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ " ،
قَالَ أَبُوعُبَيْدٍ : قَوْلُهُ دَانَ نَفْسَهُ أَيْ أَذَلَّهَا وَاسْتَعْبَدَهَا ،
وَقِيلَ :حَاسَبَهَا .
يُقَالُ : دِنْتُ الْقَوْمَ أَدِينُهُمْ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ بِهِمْ ؛

قَالَ الْأَعْشَى يَمْدَحُ رَجُلًا :

هُوَ دَانَ الرَّبَابَ ، إِذْ كَرِهُوا الدَّيْـ * ـنَ ، دِرَاكًا بِغَزْوَةٍ وَصِيَالٍ

ثُمَّ دَانَتْ بَعْدُ الرَّبَابُ ، وَكَانَتْ * كَعَذَابٍ عُقُوبَةُ الْأَقْوَالِ
قَالَ : هُوَ دَانَ الرَّبَابَ يَعْنِي أَذَلَّهَا ،
ثُمَّ قَالَ : ثُمَّ دَانَتْ بَعْدُالرَّبَابُ أَيْ ذَلَّتْ لَهُ وَأَطَاعَتْهُ ،
وَ7.] :" الدِّينُ لِلَّهِ مِنْ هَذَا إِنَّمَا هُوَ طَاعَتُهُ وَالتَّعَبُّدُ لَهُ وَدَانَهُ دَيْنًا أَيْ أَذَلَّهُ وَاسْتَعْبَدَهُ .

يُقَالُ: دِنْتُهُ فَدَانَ .
وَقَوْمٌ دِينٌ أَيْ دَائِنُونَ ؛ وَقَالَ :

وَكَانَ النَّاسُ ، إِلَّا نَحْنُ ، دِينًا
وَفِيالتَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ :{ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ }؛
قَالَ قَتَادَةُ : فِي قَضَاءِ الْمَلِكِ .
ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ :

- دَانَ الرَّجُلُ إِذَا عَزَّ ، وَ
- دَانَ إِذَا ذَلَّ ، وَ
- دَانَ إِذَا أَطَاعَ ، وَ
- دَانَ إِذَا عَصَى ، وَ
- دَانَ إِذَا اعْتَادَ خَيْرًا أَوْ شَرًّا ، وَ
- دَانَ إِذَا أَصَابَهُ الدِّينُ ، وَهُوَ دَاءٌ ؛ وَأَنْشَدَ :

يَا دِينَ قَلْبِكَ مِنْ سَلْمَى وَقَدْ دِينَا
قَالَ : وَقَالَ الْمُفَضَّلُ مَعْنَاهُ يَا دَاءَ قَلْبِكَ الْقَدِيمِ .
وَدِنْتُ الرَّجُلَ : خَدَمْتُهُ وَأَحْسَنْتُ إِلَيْهِ .
وَ8.] :" الدِّينُ : الذُّلُّ .
وَالْمَدِينُ : الْعَبْدُ .
وَالْمَدِينَةُ : الْأَمَةُ الْمَمْلُوكَةُ ... كَأَنَّهُمَا أَذَلَّهُمَا الْعَمَلُ ؛ قَالَ الْأَخْطَلُ :

رَبَتْ ، وَرَبَا فِي حَجْرِهَا ابْنُ مَدِينَةٍ * يَظَلُّ عَلَى مِسْحَاتِهِ يَتَرَكَّلُ
وَيُرْوَى : فِيكَرْمِهَا ابْنُ مَدِينَةٍ ؛ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ : أَيِ ابْنُ أَمَةٍ ؛
وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ : مَعْنَى ابْنِ مَدِينَةٍ عَالِمٌ بِهَا كَقَوْلِهِمْ هَذَا ابْنُ بَجْدَتِهَا .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : { أَئِنَّا لَمَدِينُونَ } ؛أَيْ مَمْلُوكُونَ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : { فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ } { تَرْجِعُونَهَا } ؛
قَالَ الْفَرَّاءُ : غَيْرَ مَدِينِينَ أَيْ غَيْرَ مَمْلُوكِينَ ،
قَالَ : وَسَمِعْتُ غَيْرَ مَجْزِيِّينَ ،
وَقَالَ أَبُو إِسْحَقَ : مَعْنَاهُ هَلَّا تَرْجِعُونَ الرُّوحَ إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَمْلُوكِينَ مُدَبَّرِينَ .
وَقَوْلُهُ : إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ أَنَّ لَكُمْ فِي الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ قُدْرَةً ؛

وَهَذَا كَقَوْلِهِ : { قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } .
وَ9.] :" دِنْتُهُ أَدِينُهُ دَيْنًا : سُسْتُهُ .
وَ10.] :" دِنْتُهُ : مَلَكْتُهُ . وَدُيِّنْتُهُ أَيْ مُلِّكْتُهُ. وَدَيَّنْتُهُ الْقَوْمَ : وَلَّيْتُهُ سِيَاسَتَهُمْ ؛

قَالَ الْحُطَيْئَةُ :

لَقَدْ دُيِّنْتِ أَمْرَ بَنِيكِ ، حَتَّى * تَرَكْتِهِمْ أَدَقَّ مِنَ الطَّحِينِ يَعْنِي مُلِّكْتِ
وَيُرْوَى : سُوِّسْتِ ، يُخَاطِبُ أُمَّهُ ، وَنَاسٌ يَقُولُونَ : وَمِنْهُ سُمِّيَ الْمِصْرُ مَدِينَةً .
وَالدَّيَّانُ :السَّائِسُ ؛ وَأَنْشَدَ بَيْتَ ذِي الْإِصْبَعِ الْعَدْوَانِيِّ :
لَاهِ ابْنُ عَمِّكَ ، لَا أَفْضَلْتَ فِي حَسَبٍ * يَوْمًا ، وَلَا أَنْتَ دَيَّانِي فَتَخْزُونِي !
قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ : أَيْ وَلَا أَنْتَ مَالِكُ أَمْرِي فَتَسُوسُنِي .
وَدِنْتُ الرَّجُلَ : حَمَلْتُهُ عَلَى مَا يَكْرَهُ . ودَيَّنْتُ الرَّجُلَ تَدْيِينًا إِذَا وَكَلْتَهُ إِلَى دِينِهِ .
وَ11.] :" الدِّينُ : الْحَالُ .

قَالَ النَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ : سَأَلْتُ أَعْرَابِيًّا عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ : لَوْ لَقِيتَنِي عَلَى دِينٍ غَيْرِ هَذِهِ لَأَخْبَرَتْكُ .
وَالدِّينُ : مَا يَتَدَيَّنُ بِهِ الرَّجُلُ .

وَالدِّينُ : السُّلْطَانُ .
وَالدِّينُ : الْوَرَعُ.
وَالدِّينُ : الْقَهْرُ .
وَالدِّينُ : الْمَعْصِيَةُ .
وَالدِّينُ : الطَّاعَةُ.


وَفِي حَدِيثِ الْخَوَارِجِ :" يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ " ،
يُرِيدُ أَنَّ دُخُولَهُمْ فِي الْإِسْلَامِ ثُمَّ خُرُوجُهُمْ مِنْهُ لَمْ يَتَمَسَّكُوامِنْهُ بِشَيْءٍ كَالسَّهْمِ الَّذِي دَخَلَ فِي الرَّمِيَّةِ ثُمَّ نَفَذَ فِيهَا وَخَرَجَ مِنْهَا وَلَمْ يَعْلَقْ بِهِ مِنْهَا شَيْءٌ ؛
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : قَدْ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ الْخَوَارِجَ عَلَى ضَلَالَتِهِمْ فِرْقَةٌ مِنْ فِرَقِ الْمُسْلِمِينَ وَأَجَازُوا مُنَاكَحَتَهُمْ وَأَكْلَ ذَبَائِحِهِمْ وَقَبُولَ شَهَادَتِهِمْ ، وَ
سُئِلَ عَنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقِيلَ:" أَكُفَّارٌ هُمْ ؟ " ،
قَالَ:" مِنَ الِكُفْرِ فَرُّوا " ،
قِيلَ :" أَفَمُنَافِقُونَ هُمْ ؟ " ؛
قَالَ:" إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّاقَلِيلًا ، وَهَؤُلَاءِ يَذْكُرُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا " ،
فَقِيلَ:" مَا هُمْ ؟ "
قَالَ:" قَوْمٌ أَصَابَتْهُمْ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا" .
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : يَعْنِي قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ " ؛

أَرَادَ بِالدِّينِ الطَّاعَةَ أَيْ أَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ الْمُفْتَرَضِ الطَّاعَةِ وَيَنْسَلِخُونَ مِنْهَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَ12.] :" دَيَّنَ الرَّجُلَ فِي الْقَضَاءِ وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ : صَدَّقَهُ .
ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ : دَيَّنْتُ الْحَالِفَ أَيْ نَوَّيْتُهُ فِيمَا حَلَفَ ، وَهُوَ التَّدْيِينُ .



وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:" أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ " ،
قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ : لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الشِّرْكَ الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُ كَانَ عَلَى مَا بَقِيَ فِيهِمْ مِنْ إِرْثِ إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنَ الْحَجِّ وَالنِّكَاحِ وَالْمِيرَاثِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ الْإِيمَانِ ،
وَقِيلَ : هُوَ مِنَ الدِّينِ الْعَادَةُ يُرِيدُ بِهِ أَخْلَاقَهُمْ مِنَ الْكَرَمِ وَالشَّجَاعَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ .
وَفِي حَدِيثِ الْحَجِّ:" كَانَتْ قُرَيْشٌ وَمَنْ دَانَ بِدِينِهِمْ " ؛ أَيِ اتَّبَعَهُمْ فِي دِينِهِمْ وَوَافَقَهُمْ عَلَيْهِ وَاتَّخَذَ دِينَهُمْ لَهُ دِيْنًا وَعِبَادَةً .
وَفِي حَدِيثِ دُعَاءِ السَّفَرِ:" أَستَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ " ، جَعَلَ دِينَهُ وَأَمَانَتَهُ مِنَ الْوَدَائِعِ ؛ لِأَنَّ السَّفَرَ يُصِيبُ الْإِنْسَانَ فِيهِ الْمَشَقَّةُ وَالْخَوْفُ فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِإِهْمَالِ بَعْضِ أُمُورِ الدِّينِ فَدَعَا لَهُ بِالْمَعُونَةِ وَالتَّوْفِيقِ ، وَأَمَّا الْأَمَانَةُ هَا هُنَا فَيُرِيدُ بِهَا أَهْلَ الرَّجُلِ وَمَالَهُ وَمَنْ يُخْلِفُهُ عَنْ سَفَرِهِ .
وَ13.] :" الدِّينُ : الدَّاءُ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ ؛ وَأَنْشَدَ:

يَا دِينَ قَلْبِكَ مِنْ سَلْمَى وَقَدْ دِينَا
قَالَ : يَا دِينَ قَلْبِكَ يَا عَادَةَ قَلْبِكَ ، وَقَدْ دِينَ أَيْ حُمِلَ عَلَى مَا يَكْرَهُ ،
وَقَالَ اللَّيْثُ : مَعْنَاهُ وَقَدْ عُوِّدَ . (3) ".
ويتبين من القراءة بتمعن أن لفظة:" دين:" من الألفاظ ذات المعاني المتعددة!

*
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)
~ ‏الأحد‏، 11‏ ذو القعدة‏، 1442هــ

(د.مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِنْ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
(*) مصداقا لقوله تعالى : { رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا } [البقرة:286]

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 25 / 09 / 2021 52 : 03 PM

الإطلاعُ علىٰ اللُغةِ العربيةِ الفصحىٰ؛ لُغةِ العرب الأقحاح؛!
 
تبحرتُ مع حضراتكم في المعنىٰ اللُغوي!
وليَّ قصدٌ..
وهذا هو البيان :
الإطلاعُ علىٰ اللُغةِ العربيةِ الفُصْحىٰ؛ لُغةِ العرب الأقحاح؛ ثم تعلمها فالتحدث بها والتفاهم فيما بيننا من خلالها .. يعتبر واجب شرعي لمن يريد قراءة القرآن الكريم قراءة صحيحة؛ بأحكامها ومخارج حروفه .. ومِن ثم فهمه أو تفسيره أو تأويله أو تطبيقه .. ويلاصق ذلك جميعه أحاديث صاحب الهدي -عليه الصلاة والسلام- القولية والفعلية والتقريرية؛ وإدراك ما قالته السادة والسيدات الأصحاب -رضوان الله تعالى عليهم أجمعين-؛ ومَن تلاهم مِن التابعين؛ وتابعي التابعين.. لحسن فهم الإسلام بمصدريه - القرآن الكريم والسنة الشريفة العطرة- مِن خلال مَن نقل إلينا الرسالة الإسلامية وأوصل إلينا البعثة المحمدية لنحسن لنحسن فهم الإسلام ولنحسن تطبيق المنهاج ولنحسن السير علىٰ الشريعة الغراء.. تطبيقاً شرعياً كاملاً باعتبار أن الإسلام طريقة معينة من الحياة وطراز خاص من العيش وكيفيه معينة في التطبيق!

تلك اللُغة والتي تعلمها ثم تكلم بها نبي الإسلام محمد بن عبدالله -صلى الله عليه وآله وسلم- قبل الرسالة الخالدة وقبل البعثة الإسلامية؛ وتعلمتها ثم تكلمت بها قريش بمكة المكرمة -حرسها الله تعالى- وبقية سكان المنطقة..

اللُغة العربية[*] .. اللُغة التي نزل بها القرآن الكريم والذكر الحكيم والفرقان المبين.. (كلام رب العالمين = غير مخلوق).. وبيَّن بها المصطفىٰ الأحكام العملية الشرعية المتعلقة بأفعال العباد وأقوالهم وتصرفاتهم..
هذه اللُغة إذا أُهملت وحَلت مكانها لغة أجنبية فــ رويداً رويداً ستتم عُجمة في اللسان.. وهذا ما يلاحظه علماء التربية والتعليم ومنذ سنوات.. أو يتم التحدث والتخاطب باللهجة العامية والكتابة بها...
فــــــــــــــــــــــــ سوف يُهجر القرآن المجيد.. وهجرانه يعني هجران أحكامه وهجران منهاجه وهجران تشريعاته..
وهذا لا يعني عدم تعلم لُغة الآخرين[**] خاصة في زمن جل العلوم تأتي من بلاد الغرب وليس مصدرها بلاد العرب أو المسلمين!



تأصيل مسألة البحث :
ينتبه قارئ القرآن الكريم بتمعن ألفاظه وإدراك معانيه أن كتاب رب العالمين يثبت فيقرر :
{وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَانًا عَرَبِيًّا} [الأحقاف:12]
ثم يأتي التأكيد باسم الكتاب: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُون}[يوسف:2]
ويزيد الوضوح مرة ثانية بقوله :{إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُون}[الزُّخرُف:3]
ويوضح بقوله :{قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُون}[الزُّمَر:28]
ويزيد وضوحاً بقوله : {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُون}[الزُّمَر:27]
ثم تأتي صياغة عجيبة غريبة ملزمة: {وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاق}[الرعد:37]
ثم يعيد التأكيد علىٰ مسألة عربية القرآن : {وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا}[طه:113]
ويزيد الأمر وضوحاً فوق الإيضاح :{كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُون}[فُصِّلَت:3]
ولكي يزيل كل لَبْس أو إبهام : {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ.. لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِين}[النحل:103]
ويربط صاحب الأمر والنهي -سبحانه- بين كتابه وبين رسوله -عليه الصلاة والسلام : {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِير}[الشورى:7]
"وبين رِفعة شأنه بقوله :{وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِين}[الشعراء:192] {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِين}[الشعراء:193] {عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِين}[الشعراء:194] {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِين}[الشعراء:195] {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِين}[الشعراء:196]
ثم يعطي حكما واضحاً لهذا التنزيل بقوله . {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيد}[فُصِّلَت:44]



هذا هو القسم الأول من هذه المسألة .. وبإذنه تعالى وبحسن توفيقه وكمال كرمه سيأتي القسم الثاني !
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
[*] اللُغةُ العربيةُ تحوي [50,000] مفردة؛ وقد تزيد؛ وهذا -فقط- يتأتى مِن خلال تحفيظ القرآن الكريم؛ يرافق ذلك تعلم الأبجدية؛ ومبادئ الحساب؛ يتعلمها طفل/طفلة؛ بدءً من عمر [3] سنوات أو أكثر فتتسع مداركهـ(ـــا) وترتفع قدراتهـ(ـا) اللُغوية؛ فيسهل تعلم اللُغات الأجنبية؛ ويلاحظ هذا في المدارس الإبتدائية في بلاد الغرب حيث أن الطفل العربي والبوسنوي والكرواتي يتحدث اللغة الأجنبية بسرعة أكثر من الطفل التركي(مثلاً)؛ وهذا يعود لقوة أو ضعف لُغة الأم.. في حين أن أفضل لُغات المعمورة اليوم لا تزيد مفرداتها عن [3,000] .
[**] مسألة تحتاج لتخريج شرعي وفق الكتاب والسنة!.. ولم اتمكن من الحصول على المراجع اللازمة!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)
‏السبت‏، 18‏ صفر‏، 1443هــ ~ 25‏ سبتمبر‏، 2021 م

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 26 / 09 / 2021 07 : 01 AM

القسم الثاني : " جَوَامِعَ الكَلِم "!
 
" جَوَامِعَ الكَلِم "

القسم الثاني :
أُوتي النبي الرسول محمد-صلى الله عليه وآله وسلم-جوامعَ الكَلِم، واختُصِر له الكلامُ اختصارًا، فكان يُعبِّر عن المعاني العظيمة، بالألفاظ القليلة، مما يدل علىٰ إعجازٍ فريدٍ لم تعرفه البشرية في تاريخها، من قبل ولا من بعد، هو معجزة ما ينطق به لسانه-صلى الله عليه وآله وسلم-الذي لم يكن ينطق عن الهوىٰ، بل كان ينطق بالكلمات النيرة المحكمة. [(1)]
فــ من مظاهر عظمة النبيـصلى الله عليه وسلم ـ ودلائل نبوته أنه صاحب الحكمة البالغة، والكلمة الصادقة، واللسان المبين، وقد فضله الله ـ عز وجل ـ على غيره من الأنبياء ـ عليهم السلام ـ بأن أعطاه جوامع الكلم، فكانـ صلى الله عليه وسلم ـ يتكلم بالكلام الموجز، القليل اللفظ الكثير المعاني، وهو ما يَسره الله له من البلاغة والفصاحة، وبدائع الحكم ومحاسن العبارات .. ".
إذاً..

جوامع الكلام هو ما يكون لفظه قليلاً ومعناه جزيلاً،
أو
ما يعني الكلام الموجز الذي ألفاظه قليلة ومعانيه كثيرة[(2)]
و لقد أشار -صلوات الله وسلامه عليه-إلىٰ ذلك..
فــ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يَقُولُ : « بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الكَلِمِ...».[(3)].

رواه الشيخان من حديث أَبِي هرَيْرَة؛ وفي رواية للبخاري : « أعْطِيت مَفَاتِيحَ الْكَلمِ »؛ و
عند مسلم : « أُعطيت جوامعَ الكلم ».[(4)]
فــ جوامع الكلم أحاديث نبوية قليلة الألفاظ كثيرة المعاني، يتجلىٰ فيها الإيجاز والإعجاز في أروع صوره، وهي مِن مفاخر نبينا المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم-.[(5)]



فــ من خصائصه صلى الله عليه وسلمأنه بعث بجوامع الكلم.
وإن "الكَلِم المعجِز" صفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ". إذ خُصَّ بها دون سواه من الأنبياء والمرسلين، بل من البشر أجمعين[(6)] .

لذا قَالَ أَبوعبدالله: الإمام البخاري (256هـ) -رحمه الله-: و " بَلَغَنِي أَنَّ جَوامِعَ الْكَلِم : أَنَّ اللهَ يَجْمَع الأمورَ الْكَثِيرَةَ الَّتِي كَانَتْ تُكْتَب فِي الْكتبِ قَبْلَه فِي الأَمْرِ الْوَاحِدِ، وَالأَمْرَيْنِ، أو نَحْوَ ذَلِكَ
و
قال ابن بطال (449هـ) -رحمه الله-: " قال أبوالزناد: " هذا من جوامع الكلم الذي أُوتيه صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّه قد جمع في هذه الألفاظ اليسيرة معاني كثيرة"[(7)].



وهذه المسألة تحتاج إلى توضيح !

فما معنىٰ (جوامع الكلم):



وللعلماء فيها قولان[(8)]:
:" ذكر ابن حجر أن جوامع الكلم المراد بها القرآن، فإنه تقع فيه المعاني الكثيرة بالألفاظ القليلة،
و
كذلك يقع في الأحاديث النبوية الكثير من ذلك[(9)]



فـــ
يفهم من ذلك أن في تفسير " جَوَامِعِ الكَلِمِ" قولان:
قال الزهري: معناه: " أنه كان صلى الله عليه وسلم يتكلم بالقول الموجز، القليل اللفظ، الكثير المعاني[(10)] ".
وفي قول آخر للعلماء :

المراد بها: القرآن، بقرينة قوله صلى الله عليه وسلم (بعثت) والقرآن هو الغاية في إيجاز اللفظ واتساع المعاني[(11)] ، .وقد ذكرتُ آنفا قول: ابن حجر أن جوامع الكلم المراد بها القرآن، فإنه تقع فيه المعاني الكثيرة بالألفاظ القليلة.
فقد فَضَّلَ(**) الله سبحانه نَبيَّه مُحمَّدًا -صلَّىٰ الله عليه وسلَّم- علىٰ سائرِ الأنبياءِ والرُّسُل، وخَصَّه بخصائصَ كثيرةٍ، ومِنها ما في هذا الحَديثِ، حيثُ يُخبِرُ أبوهُريرَةَ -رَضيَ اللهُ عنه- أنَّ رَسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- قالَ: بُعِثتُ، أيْ:
﴿ أ . : كانَ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- يَتكلَّمُ بجَوامعِ الكَلمِ قَليلةِ الْألْفاظِ كَثيرَةِ المَعاني. [وهو قول للزهري]
أو :
﴿ ب . : أُرسِلتُ بجَوامعِ الكَلِمِ، أيْ: بــ القُرآنِ؛ جَمَعَ اللهُ تَعالىٰ في الْألْفاظِ اليَسيرةِ مِنهُ المَعانيَ الكَثيرَةَ "
وَ في حَديثِ أبي هريرة: عَلَمٌ مِن أعلامِ نُبوَّتِه -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-[(12)] .



لهذا يمكن أن أقول:
يرجح القول الأول أمران:
الأول: أن للحديث روايات أخرىٰ، ففي رواية للبخاري: "أعطيت مفاتيح الكلم"[(13)]، وفي رواية لمسلم: "أعطيت جوامع الكلم".
الثاني: جاء في حديث أبي موسىٰ الأشعري عند مسلم قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعاذاً إلى اليمن فقال: "وادعوَا الناس، وبشرا ولا تنفرا، ويسرا ولا تعسرا " قال: فقلت: يا رسول الله أفتنا في شرابين كنا نصنعهما باليمن: البتع، وهو من العسل ينبذ حتى يشتد، والمِزْر، وهو من الذرة والشعير ينبذ حتى يشتد، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعطي جوامع الكلم بخواتمه[(14)]
[بخواتمه: أي كأنه يختم علىٰ المعاني الكثيرة التي تضمنها اللفظ اليسير.] فقال: " أنهى عن كل مسكر أسكر عن الصلاة"[(15)].
والواضح من الحديث أنَّ أباموسى جعل "جوامع الكلم" وصفاً لكلام رسول اللهصلى الله عليه وسلم، فهو بيان في موضع الخلاف.



وبهذا يكون قول الزهري هو الصواب في هذه المسألة ...والله أعلم[(16)].



بقية اقوال العلماء:
وقال المناوي في فيض القدير: أعطيت جوامع الكلم أي ملكة أقتدر بها علىٰ إيجاز اللفظ مع سعة المعنىٰ بنظم لطيف لا تعقيد فيه يعثر الفكر في طلبه ولا التواء يحار الذهن في فهمه،

و
قيل: أراد القرآن.
و
قيل: أراد أن الأمور الكثيرة التي كانت تكتب في الأمور المتقدمة جمعت له في الأمر الواحد والأمرين. ".[(17)] انتهى النقل من عند المناوي.

وقد أولاها علماء البلاغة والبيان الكثير من العناية، فقال في وصفها أمير البيان أبوعثمان عمرو بن بحر الجاحظ: "وهو الكلام الذي قلَّ عدد حروفه وكثر عدد معانيه، وجَلَّ عن الصَّنعة، ونُزِّه عن التكلف، وكان كما قال الله تبارك وتعالى: قل يا محمد: {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِين}[ص:86].[(18)]
وقال يونس بن حبيب: "ما جاءنا عن أحد من روائع الكلام ما جاءنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم".[(19)]
قال العز بن عبدالسلام : " ومن خصائصه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه بعث بجوامع الكلم، واختصر له الحديث اختصاراً، وفاق العرب في فصاحته وبلاغته" .. .[(20)]
وقال ابن شهاب فيما نقله البخاري في صحيحه : " بلغني في جوامع الكلم أن الله يجمع له الأمور الكثيرة التي كانت تكتب في الكتب قبله .." . [(21)].. قلت(الرمادي) :" وقد نقلته في بداية كتابة هذا البحث...
وقال سليمان النوفلي : " كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ يتكلم بالكلام القليل يجمع به المعاني الكثيرة " .. [(22)]



و
هذه الخاصية للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ جعلت الكثير من فقهاء الإسلام يختارون من أحاديثه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعض الأحاديث القليلة التي لو أضيفت بعضها إلى بعض فإنها تعبر عن الإسلام بكامله.
ومن أمثلة ذلك ما فعله الإمام أحمد بن حنبل حين قال : " أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث:

- حديث عمر ـ رضي الله عنه ـ : (إنما الأعمال بالنيات )( البخاري )،و
- حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ : (من أحْدَثَ في أمرنا هذا ما ليس فيه، فَهُوَ رَد )(البخاري )، و
- حديث النعمان بن بشيرـ رضي الله عنه ـ : ( الحلال بَيِّنٌ والحرام بين )( البخاري )" .
وقال الإمام أبوداود : "نظرت في الحديث المسند فإذا هو أربعة آلاف حديث ، ثم نظرت فإذا مدار أربعة آلاف الحديث على أربعة أحاديث ،

- حديثِ النعمان بن بشير : ( الحلالُ بيِّنٌ والحرامُ بيِّن )، و
- حديث عمر : ( إنما الأعمال بالنيات )، و
- حديث أبي هريرة : ( إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ......... الحديث )، و
- حديث : ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ) ، قال : فكل حديث من هذه الأربعة ربع العلم".
وأنشد بعضهم :



عمدة الدين عندنا كلمات * أربع من كلام خير البرية
اتق الشبهات وازهد ودع ما * ليس يعنيك واعملن بنية
ويعني بقوله " ازهد " حديث : (ازهد في الدنيا يحبك الله ....الحديث ) .
وقد اجتهد أهل العلم في جمع تلك الأحاديث الجوامع، وصنفوا في ذلك المصنفات ، حتى جاء الإمام النووي - رحمه الله -، فجمع اثنين وأربعين حديثاً جامعاً عليها مدار الدين ، وهي التي عرفت فيما بعد "بــــ الأربعين النووية" ؛ واشتهرت هذه الأربعين وأقبل الناس على حفظها ونفع الله بها ، ببركة نية صاحبها وحسن قصده ، وقد شرحها الحافظ ابن رجب الحنبلي شرحا نفيساً في كتابه جامع العلوم والحكم ؛ وزاد عليها ثمانية أحاديث تمام الخمسين .
وجوامع الكلم التي خُص بها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على نوعين كما ذكر ذلك ابن رجب الحنبلي فقال:"



- أحدهما : ما هو في القرآن كقوله تعالى : {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }(النحل:90)، قال الحسن البصري : " لم تترك هذه الآية خيراً إلا أمرت به ، ولا شراً إلا نهت عنه " ..
- الثاني : ما هو في كلامه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو منتشر موجود في السنن المأثورة عنه ، ومن ذلك قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرء ما نوى )(البخاري)، قال الشافعي : " هذا الحديث ثلث العلم ، ويدخل في سبعين بابا من الفقه " .
و

عن فصاحته وبلاغته ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول القاضي عياض : " وأما فصاحة اللسان وبلاغة القول ، فقد كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ من ذلك بالمحل الأفضل ، والموضع الذي لا يجهل ، سلاسة طبع ، وبراعة منزع ، وإيجاز مقطع ، ونصاعة لفظ ، وجزالة قول ، وصحة معان ، وقلة تكلف ... أوتى جوامع الكلم، وخُصَّ ببدائع الحكم ، وعلم ألسنة العرب ، فكان يخاطب كل أمة منها بلسانها ، ويحاورها بلغتها ، ويباريها في منزع بلاغتها ،حتى كان كثير من أصحابه يسألونه في غير موطن عن شرح كلامه وتفسير قوله .." .
وعن كلامه المعتاد يقول : " وأما كلامه المعتاد، وفصاحته المعلومة ، وجامع كلمه وحكمه المأثورة ، فقد ألف الناس فيها الدواوين ، وجمعت في ألفاظها ومعانيها الكتب ، ومنها ما لا يوازى فصاحة ، ولا يبارى بلاغة "..
ثم ذكر رحمه الله أمثلة كثيرة من أقواله ـ صلى الله عليه وسلم ـ التي تؤيد ذلك،

منها :
قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن )(الترمذي ) ، و
قوله : ( الدين النصيحة ، قلنا : لمن يا رسول الله ؟ ، قال : لله عز وجل ، ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم )( البخاري )، و
قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك )( أحمد
( المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد واحدة على من سواهم )( أبو داود
( الناس معادن )( البخاري
( المستشار مؤتمن )(أبو داود ) ،
( ورحم الله عبدا قال خيرا فغنم ، أو سكت عن شر فسلم )( أبو داود ) ،
(أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين )(البخاري ) ،
( الظلم ظلمات )(مسلم ) ..
إلى غير ذلك مما روته الكافة عن الكافة ، من مقاماته ومحاضراته ، وخطبه وأدعيته ، ومخاطباته وعهوده ، مما لا خلاف أنه نزل من ذلك مرتبة لا يقاس بها غيره ، وحاز فيها سبقا لا يُقدر قدره .." ..
ومن بلاغته وفصاحته وجوامع كلمه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما قاله من الكلم الذي لم يُسْبق إليه ، ولا قاله أحد قبله ، كقوله:

( لا يلدغ المؤمن من جُحْر مرتين )(البخاري ) ،
( حمي الوطيس )( أحمد ) .. قال جابرـ رضي الله عنه ـ: " والله إنها كلمة ما سمعتها من أحد من العرب قبله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " . وحمي الوطيس أي اشتدت الحرب ..
إن بلاغة وفصاحة الحــبــيــب ـ صلى الله عليه وسلم ـ وجوامع كلامه ، لا عجب فيها ولا غرابة إذ خصه الله ـ عز وجل ـ بالعناية ، وفضله على سائر خلقه ، وهيأه للوحي ، وحمله البلاغ والبيان ، ففصاحة لسانه ـ صلى الله عليه وسلم ـ غاية لا يُدْرك مداها ، ومنزلة لا يدانى منتهاها ، فهو أفصح خلق الله إذا تكلم ، كلامه كله يثمر علما ، ويمتثل شرعا وحكما ، ولا يتكلم بَشَر بكلام أحكم منه في مقالته ، وحري بمن عبر عن مراد الله بلسانه ، وأقام الحجة على عباده ببيانه، وبين مواضع فروضه ، وأوامره ونواهيه ، أن يكون أحكم الخلق بيانا ، وأفصحهم لسانا.. ومن ثم كانت أحاديثه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في ذاتها

قواعد كلية جاهزة
أو
قابلة لأن تصاغ منها القواعد والأصول الفقهيّة ..
وبالجملة فلا يحتاج العلم بفصاحته وبلاغته ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى شاهد، ولا ينكرها موافق ولا معاند، وكيف لا يكون كذلك وهو خاتم النبيين، وسيد المرسلين، ومتمم المبتعثين وسيد الأولين والآخرين وعلى قلبه نزل القرآن العظيم، وقد زكَّى الله تعالى قوله ونطقه فقال : { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى }(النجم 4:3) وقال سبحانه : {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ *بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ } (الشعراء 193: 195) ..فأوتي ـ صلى الله عليه وسلم ـ جوامع الكلم، واختصر له الكلام اختصارا ، وجمع الله له المعاني الكثيرة في ألفاظ قليلة يسيرة ، ليسهل حفظها وتبليغها ، وجعل ذلك من أدلة نبوته ، وأعلام رسالته ، وكل هذا من الحفظ الذي تكفل الله به لهذا الدين ... ".



التخريج :
جاء في صحيح مسلم من رواية أبي هريرة قوله -عليه الصلاة والسلام-: « وأُوتِيتُجَوَامِعَ الكَلِمِ(*) ». رواه: أبوهريرة انظر : صحيح مسلم : (523) ؛ الحديث:[صحيح] .[(23)].
وإنَّ محمَّدًا أوتيَ فواتحَ الكلِمِوجَوامِعَهُ أو قالَ: وخواتِمَهُ؛ رواه : عبدالله بن مسعود؛ أنظر : العيني؛ في : نخب الافكار: ج: (4)؛ ص: ( 280)؛ الحديث : طريقه صحيح. ...
يقولُ: " خرج علينا رسولُ الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- يومًا كالمُودِّعِ فقال أنا محمدٌ النبيُّ الأُمِّيُّ -قالهُ ثلاثَ مراتٍ- ولا نبيَّ بعدي أُوتيتُ فواتحَ الكَلِمِ وخواتمَهُ وجوامعَهُ وعلمتُ كم خزنةُ النارِ وحملةُ العرشِ وتُجُوِّزَ بي وعُوفيتُ وعُوفيَتْ أُمَّتي فاسمعوا وأطيعوا ما دمتُ فيكم فإذا ذُهِبَ بي فعليكم بكتابِ اللهِ أَحِلُّوا حلالَهُ وحَرِّمُوا حرامَهُ ". رواه : عبدالله بن عمرو؛ انظر : الألباني؛ في : إرواء الغليل: [ج: (8)؛ص: (128)]؛ والحديث : إسناده ضعيف ". وانظر: شعيب الأرناؤوط؛ في : تخريج المسند : (6606)؛ والحديث : إسناده ضعيف ".
بيد أنه جاءت لفظة زائدة بعد قوله : « وأُعطيتُ جوامعَالكَلِمِ » : و فواتحِه ؛ واختُصِرَ لي الحديثُ اختِصارًا ، رواه: أبوقلابة عبدالله بن زيد؛ انظر الألباني في: السلسلة الضعيفة: (2864)؛ الحديث: ضعيف
وفي موضع آخر مِن الاستدلال: « أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ قال: يا رسولَ اللهِ، إنَّ أهلَ الكِتابِ يُحدِّثونَنا بأحاديثَ قد أخَذَتْ بقُلوبِنا، وقد هَمَمْنا أنْ نَكتُبَها ، فقال : « يا ابنَ الخطَّابِ، أمُتَهَوِّكون أنتُم كما تَهَوَّكَتِ اليهودُ والنَّصارى؟ » . ، « أمَا والذي نَفْسُ مُحمَّدٍ بِيَدِه لقد جِئتُكُم بها بَيضاءَ نَقيَّةً، ولكنِّي أُعطيتُ جَوامِعَ الكَلِمِ، واخْتُصِرَ لي الحَديثُ اختِصارًا » . » . رواه: الحسن البصري انظر: شعيب الأرناؤوط ؛ في: تخريج المسند: [ج: (23) ؛ ص: (350)] والحديث: رجاله ثقات إلا أنه مِن مراسيل الحسن البصري " ... توضيح حكم المحدث: إسناده لا يصح ".
وجاءت لفظة في حديث صحيح تبين المعنىٰ المقصود : « بَعَثَنِي [أي: أبوموسى الأشعري] رَسولُ الله -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-؛ وَمُعَاذًا إلىٰ اليَمَنِ، فَقالَ: « ادْعُوَا النَّاسَ، وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا، وَيَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا » ، قالَ: فَقُلتُ : يا رَسولَ اللهِ، أَفْتِنَا في شَرَابَيْنِ كُنَّا نَصْنَعُهُما باليَمَنِ البِتْعُ وَهو مِنَ العَسَلِ، يُنْبَذُ حتَّى يَشْتَدَّ، وَالْمِزْرُ وَهو مِنَ الذُّرَةِ وَالشَّعِيرِ، يُنْبَذُ حتَّى يَشْتَدَّ ، قالَ : وَكانَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- قدْ أُعْطِيَ جَوَامِعَ الكَلِمِ بــ : « خَوَاتِمِهِ » . ؛ فَقالَ: « أَنْهَى عن كُلِّ مُسْكِرٍ أَسْكَرَ عَنِ الصَّلَاةِ » . » . رواه: أبوموسى الأشعري انظر: صحيح مسلم: (1733) ؛ الحديث : صحيح "..
وأنهي(الرمادي) هذا القسم بحديث صحيح إذ قال -عليه الصلاة والسلام-: « أعطيتُ فواتحَ الكلمِ وجوامعَهُ وخواتمَهُ ». انظر : الألباني؛ في : بداية السول؛ (74)؛ الحديث: صحيح "
...
أهم ما يستفاد من الحديث:
يستفاد من الحديث ما يأتي:
الحرص على تدبر أحاديث النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وكشف معانيها؛ لأنَّه صلى الله عليه وسلم كان يجمع المعاني الكثير في الألفاظ اليسيرة، ويختم عليها باللفظ اليسير، فلا يخرج منها شيء عن طالبه ومستنبطه، لعذوبة لفظه وجزالته[(24)]
؛
لذا قال العلامة ابن رجب الحنبلي في مقدمة كتابه جامع العلوم والحكم 56:
( قد جمع العلماء جموعًا من كلماته صلى الله عليه وسلم الجامعة، فصنَّف:
- الحافظ أبوبكر بن السني كتابا سماه: الإيجاز وجوامع الكلم من السنن المأثورة، و
- جمع القاضي أبوعبدالله القضاعي من جوامع الكلم الوجيزة كتابًا سماه: الشهاب في الحكم والآداب، و
- صنف على منواله قوم آخرون، فزادوا على ما ذكره زيادة كثيرة، وأشار الخطابي في أول كتابه غريب الحديث إلى يسير من الأحاديث الجامعة). انتهى النقل من جامع العلوم لــ ابن رجب.،



قال العلامة ابن الجوزي (597هـ): (وفي هذا حث على التفهم والاستنباط)[(25)]
أولى حديثه بالتدبر ما جاء في الصحيحين، لا سيما في هذا الزمان الذي تطاول به الأقزام، والله تعالى المستعان.[(26)]
ورحم الله الحافظ الذهبي (748هـ) إذْ قال في ذاك الزمان: (تدري ما العلم النافع؟ هو ما نزل به القرآن، وفسره الرسول صلى الله عليه وسلم قولًا وفعلًا، ولم يأت نهي عنه؛ قال عليه الصلاة والسلام: "مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي، فَلَيْسَ مِنِّي

فعليك يا أخي بتدبر كتاب الله، وبإدمان النَّظر في الصحيحين، وسنن النسائي، ورياض النواوي وأذكاره، تفلح وتنجح، وإيَّاك وآراء عباد الفلاسفة، ووظائف أهل الرياضات، وجوع الرهبان، وخطاب طيش رؤوس أصحاب الخلوات، فكل الخير في متابعة الحنيفية السمحة، فوا غوثاه بالله،
اللهم اهدنا إلى صراطك المستقيم) [(27)]
ثناء النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم على سنته، وأنَّها بعيدة عن التضارب والتعارض، فكيف يتضارب كلام من ملك من البلاغة أعلاها، ومن البيان أبدعه وأكمله؟

لذلك لا تجد حديثين صحيحين متعارضين أبدًا ولا يكون ذلك ولله الحمد.[(28)]
وقوله: " بعثت بجوامع الكلم" فيه دليلٌ على أنَّ السنة وحيٌ من الله؛ لأنَّ الله هو الذي بعث نبيه صلى الله عليه وسلم بها. [(29)]
ينبغي على المسلم أن يعتني بهذه الأحاديث حفظا وفهما ودراسة ، وأن يجعلها من أوائل الأحاديث التي يُربَّى عليها الأطفال والناشئة .
وقول الإمام ابن رجب الحنبلي :" والأصح أن الحديث إن كان مشتركاً، أو مجملاً، أو متشابهاً، أو من جوامع الكلم، لم يجز نقله بالمعنى ".[(30)].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
(*) : «بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بالرُّعْبِ، وبيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأرْضِ فَوُضِعَتْ في يَدِي » ،
قالَ أَبُوهُرَيْرَةَ : « فقَدْ ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّىٰ اللهُ عليه وَسَلَّمَ- وَأَنْتُمْ تَلْغَثُونَهَا، أَوْ تَرْغَثُونَهَا، أَوْ كَلِمَةً تُشْبِهُهَا.
رواه : أبوهريرة؛ أنظر : صحيح البخاري: (7273)؛ والحديث خرّجه : مسلم (523) باختلاف يسير.
(**) يوضح هذا التفضيل قوله -عليه الصلاة والسلام-: « فُضِّلْتُ علَى الأنْبِياءِ بسِتٍّ:

- أُعْطِيتُ جَوامِعَ الكَلِمِ،
- ونُصِرْتُ بالرُّعْبِ،
- وأُحِلَّتْ لِيَ الغَنائِمُ،
- وجُعِلَتْ لِيَ الأرْضُ طَهُورًا ومَسْجِدًا،
- وأُرْسِلْتُ إلى الخَلْقِ كافَّةً،
- وخُتِمَ بيَ النَّبِيُّونَ ».
رواه: أبوهريرة؛ انظر: صحيح مسلم: (523)؛ الحديث: صحيح.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
*(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)*
‏السبت‏، 18‏ صفر‏، 1443هــ ~ ‏25 سبتمبر‏، 2021م
-*-*
أعد هذا الملف :
د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ؛ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِن ثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِــالدِّيَارِ المِصْرَية الْمَحْمِيَّةِ - حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى-

شريف حمدان 27 / 09 / 2021 27 : 05 PM

رد: ﴿« ... إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ... »﴾
 
جزاك الله خيرا

حياة العرب 30 / 09 / 2021 35 : 07 PM

رد: ﴿« ... إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ... »﴾
 


For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة ملتقى أهل العلم الاسلامي

اختصار الروابط